الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«…
 

…»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… { .. لنصره حبيبنا محمد عليه أفضل الصلاه وأتم التسليم .. }

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-31-2024   #1
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (1)

لا شك في أن دروس السيرة النبوية أعظم دروس؛ وذلك لأن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم سيرة عرفتها البشرية، أتدرون لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان محلًّا للرعاية والعناية الإلهية المذكورة في قوله عن موسى: ﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾ [طه: 41]، وقوله: ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه: 39].

وتظهر هذه العناية في الحديث عن نسبه، وزواج أبيه وأُمِّه، وموت أبيه وهو حمل في بطن أُمِّه لشهرين، وولادته، وما رأته أُمُّه من الآيات في حمله وولادته، واسترضاعه في بني سعد، وشقِّ صدره الشريف، وله أربع سنوات، وودِّه لأُمِّه، وموت أُمِّه وكفالة جده عبد المطلب له، وموت جده وكفالة عمه أبي طالب له، وزواجه بخديجة... إلخ.

كل هذا جرى بشيء من العناية الإلهية لتهيئة النبي صلى الله عليه وسلم وإعداده النفسي والروحي لاستقبال الرسالة.

إن الحديث عن السيرة النبوية يأتي من باب قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21][1]، وهذه الآية تُبيِّن أن الأسوة الحسنة إنما يبحث عنها ويختص بها المؤمن بالله واليوم الآخر إيمانًا حقيقيًّا، وهذا له سبب وله عِلَّة قوية جدًّا، وهو يشبه قوله تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى ﴾ [الممتحنة: 4]... إلى أن قال: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [الممتحنة: 6]، فانظر كيف ربط سبحانه وتعالى بين متتبع ومقتفي الأسوة الحسنة وبين الإيمان بالله واليوم الآخر.

والإنسان مجبول على التأسي في مختلف مراحل حياته؛ بدءًا من الطفولة، إذ يقوم الطفل الصغير بالاقتداء بالكبار باعتبارهم مثله الأعلى، ويبدأ باكتساب العادات والتقاليد والملكات من خلال ما يسمعه ويلاحظه من أقوال وحركات وانفعالات، والتلميذ يتدرَّب على الصنعة بالتأسي بالأستاذ والمعلم.

ويرجع البعض السر في نجاح اليابانيين والصينيين إلى أنهم أكبر المقلدين في العالم، فالسِّرُّ الذي يكمن وراء النجاح الباهر لاقتصادهم ليس هو الاختراعات الفريدة، بل إنهم يبدؤون من العمل بأخذ المنتجات والأفكار من شتى الجهات وعلى نطاق واسع، ويحافظون على العناصر المهمة في تلك الأفكار والمنتجات ويطوِّرون الجوانب الأخرى.

ونحن في علاقاتنا مع أولادنا وأبوينا وأزواجنا، وفي مأكلنا ومشربنا وعباداتنا ودعواتنا وسائر أعمالنا إذا رأينا أننا أحرار ونستطيع أن نتصرف كما نشاء تكون هذه دعوة للعلمانية والانسلاخ من الوحي والشريعة السماوية والتخلي عن الأسوة الحسنة والقرآن والسنة من كل وجه[2]، ولكن علينا ألا ننسى أن الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم لم يتركه سُدًى، ولم يدَعْه بدون أسوة، سائبًا يسرح ويمرح في الحياة من دون هادٍ أمين، بل هداه بالقرآن إلى الأسوة الحسنة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21] و﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].

وفي شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته يجد المرء الأسوة الحسنة في حياته كلها؛ فهو إنسان أكرمه الله سبحانه وتعالى برسالته، وسيرته شاملة لكل النواحي الإنسانية في الإنسان، فهو الشاب الأمين قبل البعثة، والتاجر الصدوق، وهو الباذل لكل طاقته في تبليغ دعوة ربِّه، وهو الأب الرحيم، والزوج المحبوب، والقائد المحنك، والصديق المخلص، والمربي المرشد، والحاكم العادل، كما أنه صلى الله عليه وسلم ضرب المثل الأعلى في تربية الذات من جميع النواحي؛ سواء في عبادته، أو زهده، أو خلقه الكريم، أو غير ذلك، فالذين أحبوه واتَّبعوا مبادئه، واقتدوا به واتخذوه أسوة في ذلك العصر، بنوا حضارة إنسانية كبيرة وعظيمة بقيت آثارها حتى اليوم، ومن بعد ذلك قامت الدول الإسلامية الكبيرة على خُطى النظام الذي جاء به مثل الدولة الأموية والعباسية والسلجوقية والنورية والصلاحية والمملوكية وأخيرًا العثمانية، وكم نشأ وترعرع في ظل تلك الدول علماء دعاة اهتدوا بهديه صلى الله عليه وسلم، وسبقوا عصورهم، وألقوا بضيائهم إلى أيامنا هذه، فها هم سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وبقية العشرة، ثم الكثير والكثير من المهاجرين والأنصار، ثم التابعون وتابعوهم وهكذا.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

[1] الأسوة الحسنة: تعني القدوة والنموذج والمثل الأعلى، وهناك فرق بين القدوة والأسوة؛ فالقدوة تكون في المعنى، والأسوة تكون في الشخص.. أنت تقتدي بالمعنى الذي يفعله فلان بعمله أو بخيره أو بهديه؛ يعني في شيء معين هو صالح ومصلح فيه، وليس بشخصه ولا ذاته ولا في كل ما يصدر عنه من أقوال وأفعال؛ إذ هذا ليس إلا للنبي؛ وهذا هو الأسوة، فنحن نتأسَّى به في كل شيء صدر عنه صلى الله عليه وسلم، وقد أمره الله تعالى بالاقتداء بهدي من سبقه وليس بمَنْ سبقه، فقال: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، ولم يقل: "فبهم اقتده"، فالنبي هو الوحيد الذي أمره الله بالاقتداء بهدي من سبقه من النبيين وليس بأشخاصهم؛ لأنه أفضل منهم؛ ولذلك لم نؤمر بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مرتبة الاقتداء أقل من مرتبة التأسِّي.
[2] وهذه حقيقة الدعوة للتحرر والحريات.



الموضوع الأصلي : دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (1) || الكاتب : ضامية الشوق || المصدر : منتديات قصايد ليل

 

التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 12-31-2024   #2
 
الصورة الرمزية مديونه
 

افتراضي

لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح




التوقيع:



  رد مع اقتباس
قديم 12-31-2024   #3
 
الصورة الرمزية شموخ
 

افتراضي

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك


التوقيع:




اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥

اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره

  رد مع اقتباس
قديم 12-31-2024   #4
 
الصورة الرمزية أبو إبتهال
 

افتراضي

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد


التوقيع:




  رد مع اقتباس
قديم 12-31-2024   #5
 
الصورة الرمزية نظرة الحب
 

افتراضي

يعطيك العافيه على الاختيار
ويعطيك العافيه على مجهودك
.
.
احترامي..


التوقيع:
  رد مع اقتباس
قديم 12-31-2024   #6
 
الصورة الرمزية نجم أبو أحمد
 

افتراضي

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 12-31-2024   #7
 
الصورة الرمزية روح الندى
 

افتراضي

جزاك الله خير


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 01-01-2025   #8
 
الصورة الرمزية فزولهآ
 

افتراضي

طرح جميل


التوقيع:



احُب كل شي كان رحمه لي من الله


  رد مع اقتباس
قديم 01-01-2025   #9
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مديونه مشاهدة المشاركة
لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


يسلمو على المرور


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 01-01-2025   #10
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شموخ مشاهدة المشاركة
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك
يسلمو على المرور


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبو هريرة رضي الله عنه وقصة إسلام أمِّه دروس وعبر وفوائد أبو إبتهال …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 11 06-19-2023 10:08 PM
دروس وعبر من السيرة النبوية | مع فضيلة الشيخ د. محمد العريفي | المجلس الأول طهر الغيم …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 17 08-10-2021 07:08 AM
دروس من الحرم | مجالس في السيرة النبوية ( باب ماجاء في خف رسول الله ﷺ) |مع الشيخ د.حسن بخاري ᴴᴰ طهر الغيم …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 12 05-19-2021 11:11 AM
الثبات : من دروس السيرة النبوية صمت القمر …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 24 03-23-2015 02:10 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية