تـأملات في ملكوت الخالق

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله صباحكم جميعا إخواني وأخواتي اطرح بين يديكم كتاباتي عن اعجازات الخالق والتي ستكون حلقات في صبيحة يومي الجمعه أو السبت اتكلم عن ما كنت اشاهده بصغري ولم أعيه الا عندما أصبحت يافعاً شاباً متأملا ومتعجبا بالإعجاز الإلهي وأيضا عن تجاربي سواءاً بأبحاثي أو عن طريق ما مارست من هوايات اثناء دراستي الجامعيه. أعمدة الخلق فيما مضى من زمن .. وفي نهاية كل سنة دراسية في بدايات الصيف .. كثيراً ما كنا نسافر من مكة المكرمة .. باتجاه الجنوب .. إلى جازان .. ومع أن الوالد - رحمه الله – يفضّل السفر باكراً .. إلا أننا أحياناً ما نصادف السفر شطراً من الليل .. وكانت أمتع اللحظات لدي حينما نسير ليلاً على الطريق الطويل الممتد .. وبالذات في النطاقات المظلمة الخالية فيما بين القرى والهجر على امتداد "طريق الساحل" .. في "تلك اللحظات" تكون السماء صافية .. واضحة المعالم .. وكنت أجلس أو أستلقي في الجزء الخلفي من السيارة .. وأرقب نجوم مجرّتنا .. بعين فضولية .. وإدراك صغير .. لا يعي ما تنطوي عليه تلك النقاط المتلألئة في السماء.. في ذلك الوقت من كل عام (بدايات الصيف) .. وقريباً من الأفق الجنوبي .. ليس عالياً في السماء .. توجد مجموعة باهتة من النجوم في كوكبة تُدعى بكوكبة الحية .. ضمن هذه الكوكبة يوجد عنقود نجمي مفتوح .. يُدعى بسديم النسر Eagle nebula .. (أفضل وقت لرؤيته في أواخر يونيو) .. في قلب ذلك السديم .. وبمنظار(تلسكوب) قطر عدسته لا يتعدى 10سم .. يمكن للهواة (في الليالي الصافية .. في المناطق الخارجية بعيداً عن أضواء المدن) مشاهدة لطخات ضبابية باهتة تتوسطها ظلال من الأعمدة .. هذه الأعمدة حينما قُرّبت بالتلسكوبات الضخمة على الأرض .. وبتلسكوب هابل الفضائي .. وجد العلماء نطاق محموم ونشط من الغبار والغاز بين النجمي .. هنا موقع من مواقع ولادة النجوم .. حيث تولد النجوم في سحب سديمية من الغبار والغاز .. أطلق العلماء على تلك الأعمدة في سديم النسر إسم "أعمدة الخلق Pillars of creation" .. وكانت صورها التي التقطها تلسكوب هابل من أكثر صور الكون إثارة .. يبعد سديم النسر عن الأرض بنحو 6500 سنة ضوئية .. في "أعمدة الخلق" ضمن ذلك السديم السحيق مكاناً .. وزماناً .. تولد النجوم من أشلاء نجوم تلاشت وانتهت حياتها منذ أزمان سحيقة .. وانتشرت مادتها بشكل أعمدة من الغاز .. كل عمود من تلك الأعمدة يتسع لتكوين العديد من النجوم .. كشمسنا .. العمود الأطول من تلك الأعمدة يبلغ في الطول نحو 4 سنوات ضوئية .. بمعنى آخر يستغرق الضوء (الذي يسير بسرعة 300000 كيلومتر/ ث ، ويلف الأرض بكاملها 7 مرات ونصف في الثانية) 4 سنوات لكي يقطع المسافة ضمن طرفي العمود المنظور !!.. تأمل في السماء ليلاً .. هناك العديد من كيانات الخلق الهائلة تلك .. التي لا يدرك كنه عظمتها .. وما تضمه من عنفوان الخلق .. والفناء .. إلا الخالق عز وجل .. وحده .. تلك الكيانات هي محاضن النجوم .. حيث تولد .. وحيث تحتضر وتفنى أيضاً .. وحيث تولد النجوم .. تتكثّف المادة .. وتنشأ العناصر .. وكل شئ مادي .. أعمدة الخلق هي مثال عابر "للرحم" الذي تولد منه النجوم في مجرتنا.. ومع ذلك فقد خلب لب الفلكيين .. لأنهم لا يعلمون .. ولم يشاهدوا .. سوى القليل من "كيانات" الخلق تلك .. كم يا ترى عددها في الكون المنظور .. الذي يضم زهاء 200 مليار مجرة ؟؟!!.. بل كم عددها في الكون الفعلي .. الذي أبدعه وحدّد معالمه "وحدوده" الخالق عز وجل .. ؟؟!!.. سبحان ربّ أعمدة الخلق .. سبحان رب ما لا ندرك من عظمة الوجود .. سبحانه كما ينبغي لجلاله .. وعظمته .. وقدرته .. وكبريائه .. .. في أمان العظيم نواف