![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ![]()
الفصل التاسع
___ تنهدت يُمنى بتوتر وهي تقف أمام حجرة المديرة . لترفع يدها وتطرق الباب بخفة . أتاها الرد / ادخلي . فتحت الباب , وطلت برأسها بإبتسامة . لتهديها المديرة إبتسامة أجمل / يا هلا يا يُمنى , تعالي يا بنتي ادخلي . اقتربت منها يُمنى وصافحتها , ثم جلست على المقعد أمامها , تقول بتردد / بخصوص موضوع دراستي , إذا بكمل منتظمة أو أنتسب . أومأت المديرة برأسها بأن اكملي . يُمنى بجدية / صراحة أنا فكرت كثير خلال الأيام الماضية , ولقيت إنه كل الظروف ضدي وما تسمح إني أكمل بانتظام , من ناحية إني مو قادرة أتأقلم مع البنات , ومن ناحية المعلمات اللي مو متقبليني .. ومن ناحية المواصلات بعد , بنت أخوي كل يوم تضطر تجيبني الصباح من بدري , ثم تضطر تخرج من شغلها في الظهر عشان ترجعني , يعني باختصار قاعدة أتعب كل اللي حواليني , مع ذلك ما قدرت أتقبل فكرة إني أدرس وأنا قاعدة في البيت .. أنا تعبت كثير لين وصلت لهالمرحلة , صارت لي أشياء كثيرة في العشر سنوات الماضية , وأنا متأكدة وواثقة اني لو رجعت وحبست نفسي في البيت من جديد , راح أرجع أصير أضعف من قبل .. أنا أبي أصير قوية صراحة , أتأقلم مع كل الناس صغار وكبار , والمدرسة هي الوسيلة الوحيدة , حتى لو في مليون مشكلة , ودي أتجاوزها عشان أصير أقوى . ابتسمت المديرة بإعجاب من كلامها , لترد بهدوء / يا يُمنى حبيبتي , ما تدرين كلامك كيف أثر فيني , أنا ما أدري بالضبط إيش اللي صار لك , بس أنا معك وبساعدك عشان تكونين أقوى مثل ما تبين , حتى لو كل المعلمات رفضوا يتقبلوك أنا بخليك هنا غصبا عنهم كلهم . نظرت إليها يُمنى بذهول , قبل أن تضحك بصوتها وهي تضع كفها على فمها بتلقائية . ضحكت معها المديرة وهي تتأملها . يُمنى بإمتنان / والله ما أدري إيش أقول لك أستاذة أمل , بس أنا ممتنة لك جدا , الله يسعدك يارب ويحفظ لك أولادك . اتسعت إبتسامة المديرة / آمين يارب , تدرين هذي أحب دعوة لقلبي , عندي اثنين بس طراد ولمياء , وأنا والله أخاف عليهم من نسمة الهواء , أي أحد يدعي لهم أحبهم على طول . ضحكت يُمنى مرة أخرى وهي تشعر بالراحة / أجل بدعي لهم على طول على شانك . سألت المديرة / إيش كنتي تقولين بشأن المواصلات ؟ بنت أخوك تجيك من نص الدوام ؟ عبست ملامحها فجأة / إيه , أسكن معاها بشقتها , عشان كذا مافي أحد غيرها . أمل / وش تشتغل هي ؟ يُمنى / طبيبة أسنان . أمل / ما شاء الله تبارك الرحمن , وين تعيشين يُمنى ؟ بأي حي ؟ يُمنى / حي الــ …. أمل بدهشة / قولي سكن الأطباء جنب متجر الــ …. هزت يُمنى رأسها . أمل / أجل وشو له تتعبين بنت أخوك , خلاص من اليوم ورايح أنا بجيبك وأرجعك , أنا ساكنة جنب المتجر نفسه . يُمنى باعتراض / لا يا أستاذة ما في داعي , والله مافي داعي ما أبي أتعبك معي . أمل بابتسامة / أي تعب يا بنتي , السيارة هي اللي بتشيلك مو أنا , بس تطلعين عند باب العمارة ونجيك هناك . يُمنى بارتباك / بس أحس يعني .. ما يصير كذا , مبالغة . ضحكت أمل / لا يا يُمنى مو مبالغة , انتي صديقة بنتي , وبنت عم صديق ولدي , وبحسبة بنتي .. أبد لا تستحين ولا تتردين , كلمي بنت أخوك اليوم وقولي لها , تمام ؟ زمت شفتيها بعد رضى لما سمعت / بفكر قبل وأستخير . ابتسمت أمل / تمام , خذي راحتك . وقفت يُمنى تبتسم لها وتصافحها بإمتنان . ثم تغادر المكتبة وهي محرجة بشدة . لتقابل لمياء بالقرب من الباب , نظرت إليها الأخرى متسائلة / وش كنتي تسوين عند المديرة . ضربتها يُمنى على كتفها بخفة / المديرة ولا أمك يا قليلة الحيا ؟ ليش ما تعلميني ؟ لمياء بصدمة / يعني هي قالت لك ؟ ضربتها مرة أخرى بمرح / أسمها أمي مو هي , وإيه .. هي اللي قالت لي , من عرفت قبل الأسبوع الماضي وأنا أنتظرك تعلميني . ابتسمت لمياء / يلا عرفتي وخلاص . سارتا بجانب بعضهما حتى جلستا في الساحة الخارجية , لتسأل يُمنى / لمياء انتوا مين يجيبكم ويرجعكم ؟ السايق ؟ هزت لمياء راسها نفيا / لا .. أخوي يوصلنا , لا أمي ولا اخوي ولا حتى أبوي يحبون يجبيون سايق . تنهدت يُمنى بضيق , هذا لن يفلح . كيف سترضى بذلك وشقيقها هو من يوصلهما . لا تلومهم على عدم ثقتهم بالسائقين . صحيح أنه ليس الجميع سيئون . وليسوا جمعيهم مثل من حاول أن يعتدي عليها ذات يوم حين كانت في الصف الخامس . إلا أنه أيضا من الأفضل أن لا يتم الإستعانة بواحد من الخارج . هذا ما تظنه على الأرجح . تنهدت براحة حين رن الجرس معلنا إنتهاء اليوم الدراسي . وقفت لترتدي عباءتها , تولي ظهرها شطر الباب . تأوهت فجأة وهي تشعر بإحداهن تقفز عليها وتتعلق بعنقها , حتى جعلتها تميل إلى الخلف قليلا . تعرفت عليها على الفور من ضحكتها . التفتت وهي تضحك متفاجئة / ضحى وش جابك ؟ عانقتها يضحى / جاية آخذك . عقدت يُمنى أحد حاجبيها / وين ؟ وليش ؟ تخصرت ضحى / وين يعني بنوديك بيت حسناء , وليش ؟ يُمنى / قصدي ليش انتوا ؟ وين حسناء ؟ هزت الأخرى كتفيها بلا مبالاة / ما قدرت تطلع وكلمت نجد , نجد كلمت السايق , السايق راح ياخذ لينا , فجاني عايض .. وجيتك . فغرت فاهها بذهول , واتسعت عيناها بدهشة .. لتمسك بذارع ضحى برجاء / تكفين قولي انك تمزحين , وانك جاية مع السايق مو مع عايض . ابتسمت ضحى / للأسف يعني , مع عايض والله . تأوهت يُمنى من شعورها بالإحراج , لتضرب برجلها الأرض / ياخي والله ما كان في داعي . ضحى / إيش اللي ما كان في داعي , كنتي بترجعين مشي يعني ؟ عضت شفتها بقلة صبر . ثم ارتدت عباءتها وسارت خلف ضحى . وهي تتأفف وتتذمر من الوضع الذي وُضِعت به دون أن تعرف ذلك . وقفت قليلا بجانب الباب , قبل أن تمد يدها بتردد وتفتح الباب , لتجلس خلف ضحى بصمت . وتنظر إلى ناحية النافذة . تحركت السيارة ببطء , حتى خرجت إلى الشارع العام . وقلب يُمنى يخفق بسرعة . في نفس الوقت , تشعر أنها تشتاق إليه .. وتريد أن ترفع عيناها لتراه , أو تلمح جانب وجهه على الأٌقل . فزعت من صوت عايض حين تحدث فجأة , وأخرجها من شرودها / وش تبون تتغدون يا بنات ؟ ضحى بسعادة / أبي آكل برجر من مطعم ……. تكفى . ابتسم عايض لحماسها , ليسأل يُمنى : وانتي يا يُمنى ؟ أجابت بعد صمت قصير / بتغدى في البيت . عايض / لا اليوم راح تتغدين على حسابي , الرفض غير مقبول .. وأنا مُصِرّ , هيا . يُمنى بهدوء / لا عايض صدق ما أبي شيء , ما أبي أخرب نظامي . عايض / والله يا زين إسمي على لسانك , بالله قوليه مرة ثانية . ابتسمت يُمنى بإحراج , بينما نظرت إليه ضحى بحدة / احترم نفسك . ضحك عايض / نسيت إنه معانا بزر . ضحى / وإذا ماني معكم يعني بتأخذ راحتك مرة وتقعد تتغزل انت ووجهك . عايض / خلاص يا بنتي امزح وش فيك انفجرتي فجأة . ضحكت يُمنى / كفو ضحى . شعر عايض بعد أن سمع أن ضحكتها أنه هام تمام ولم يعد يسير على الأرض , بل يطير في السماء .. ليقول بهيام / يا زين حسناء والله إن شاء الله دايم تنشغل وما تقدر تخرج . غضبت يُمنى التي توترت بحق / مو على كيفك , حتى لو هي ما جات ما برجع معك . تفاجأ عايض من غضبها , إلا أنه ضحك ليسأل / مع مين طيب ؟ سمعت إنه بشرى رجعت لمدرستها القديمة بعد ما هاوشتيهم .. بترجعين مع مين ؟ تنهدت يُمنى بضيق / مع مديرتي , هي قالت إنها تقدر ترجعني . رفع عايض حاجبه بإستغراب / صدق ؟ لم تجبه يُمنى وهي تتكتف وتشعر بضيق شديد . هل حقا ستُجبر على العودة مع المديرة ؟ وتصبح ثقيلة على أناس غريبون عنها ! هل هذه الحياة التي أراد الآخرون أن يخرجوها إليها بعد أن حبست نفسها 10 سنوات ! تفاجأت حين أوقف عايض سيارته أمام مطعم مختص بالأكلات الصحية . التفتت تنظر إليه متفاجئة , احمرّ وجهها حين سقطت عيناه بعينيها وأخفضتهما خجلا . أما هو .. فكان سعيدا حقا , ليضحك بصوته ويسأل / أجيب لك المنيو ولا تنزلين ؟ هزت رأسها نفيا / لا . عايض / إيش اللي لا ؟ يُمنى / ما بنزل . عايض / تمام , وانتي ضحى ؟ ضحى / قلت أبي من ……….. ما أتبع نظام غذائي يا اخوي . ضحك عايض وهو يلمس الغيرة في صوتها / تمام نمرّ …… ونأخذ لك ولا تزعلين . مرت ساعة إلا ربع , حين وصلت السيارة أمام العمارة أخيرا .. بعد أن اشترى عايض الطعام لها ولضحى ولنفسه , من نفس النوع الذي طلبت منه . حين مدت يدها لتفتح الباب , تفاجأت به يقول / لحظة يُمنى انتظري شوي , ضحى لو سمحتي ممكن تنتظري برة ؟ بس دقيقتين ؟ ضحى لم تسمع ما قاله , كانت نائمة بل غارقة في النوم . مد يده ولوح بها أمام عيناها فلم تتحرك / نامت البنت . التفت إليها بوجهها , ليلمح نظرات التساؤل بعينيها .. ويتنهد / ممكن أسألك سؤال وتجاوبيني بصراحة ؟ ابتلعت ريقها بتوتر , وهي تقول بصوت منخفض / إذا عن شيء صار بالماضي .. أرجوك يا عايض لا تسأل . كسى ملامحه شيء من الحزن والضيق . نظر إلى ضحى مرة أخرى , ثم قال / خلينا نتكلم برة . أغمضت عيناها وضاقت بها الأرض . وهي تفهم من ملامحه أنه بالفعل يريد السؤال عن شيء حدث في الماضي . وإلا لم يفضل الحديث بالخارج . وضعت الحقيبة على كتفها , وخرجت .. تنظر إلى الأرض , تضم كفيها بقوة . مرتبكة بشدة . حين ترجل هو الآخر , ووقف على بعد خطوات منها , سأل بصراحة / علميني يا يُمنى , عن السبب الحقيقي اللي خلاك تطلبين الطلاق وتصرين عليه ؟ بالرغم من إني قلت لك ألف مرة إني راضي , بما إنه الموضوع ما كان بيدك ولا صار برضاك . شعرت بالدموع تتجمع داخل محاجرها فورا وتحرقها . وهي تشد على يدها أكثر .. وتعض شفتها بقوة . ردت بصوت مبحوح / أرجوك عايض لا تذكر هالموضوع مرة ثانية لأنه منتهي , ولا أبي أسمع شيء عنه لأنه يضايقني حيل إلا يقتلني . اقترب خطوة أخرى يسأل بقهر / في شيء يا يُمنى إنتي خبيتيه عن الكل صحيح ؟ في شيء ماحد يعرفه غيرك .. إنتي , وأمك . رفعت عيناها متفاجئة .. لتختنق أنفاسها .. وصدرها يعلو ويهبط من الإنفعال / كيف تخمن هالشيء عايض ؟ إيش اللي بخيبه مثلا ؟ واللي ظهر ما كان هين عشان يكون في شيء أعظم منه وأخبيه عنكم . نظر عايض إلى عينيها , ليشعر بهما ترتجفان بشدة . ويفهم منها أنها تكذب . قال بقسوة , علّها تخبره / سلمان وش سوى فيك بالضبط ؟ احمرّت عيناها على نحو مفاجيء , لترفع قبضتها وتوجهها إلى صدره دون أن تشعر بنفسها / ما سوى شيء يا عايض , وأنا هذي المرة الأخيرة اللي أحذرك فيها , ما أبي أسمع مثل هالأسئلة مرة ثانية مفهوم ؟ أمسك بقبضتها بغضب / لو ما سوى شيء مثل ما تقولين , ما عصبتي لهالدرجة , علميني يا يُمنى . سحبت يدها بقوة وعيناها تدمعان أخيرا , لتشهق ببكاء مفاجيء / يكفي عايض حرام عليك , قايلة لك هالموضوع يتعبني حيل , ما صدقت قدرت أوقف على رجولي من جديد , لا تسوي فيني كذا . لانت ملامحه أخيرا , ليعض شفته ويتنهد / مو قصدي يا يُمنى , بس ما يصير نعلق الموضوع على نقطة معينة وأنا أجهل إيش اللي صار بالضبط , يُمنى .. أنا أبيك , أبيك ترجعين لي , عطيني فرصة أبين لك قد إيش أنا أحبك . هزت رأسها وأغمضت عيناها بألم .. تقول وهي على وشك الاختناق / فات الأوان يا عايض , للأسف .. أظن , وبعد هالكلام , إنك لازم تتزوج غيري وتسمع كلام أبوك , وتتركني أنا أبني حياتي بعيد عنك . ولته ظهرها وابتعدت مسرعة , حتى اختفت من أمام عينيه . تركته يقف في مكانه حائرا . يشعر بالأرض تضيق به وتخنقه , بعد أن شعر أنه محمل على أجنحة السعادة قبل قليل . ما الذي فعلته يا عايض بهذه المسكينة ؟ لقد استهنت بمشاعرها وهي طفلة . هل تعتقد أنها ستعود إليك , وتصبح مثلما تريد وهي شابة ! ________ نسائم الشتاء على الأبواب , والأجواء تصبح أجمل .. شيئا فشيئا . منذ زمن طويل , لم تصنع الأجواء الخاصة بها في هذا الوقت من النهار . قبيل المغرب بنصف ساعة . نزلت إلى المطبخ , والمنزل هاديء جدا . لتحضر لنفسها كوب القهوة المفضلة لديها , والمرّة جدا . ورتبت شيء من الحلويات الموجودة في الثلاجة على صحن صغير . وضعتهم على الصينية وصعدت إلى حجرتها مرة أخرى . فتحت أبواب الشرفة البسيطة , والتي جعلت منها منظرا رائعا بلمساتها الخاصة . وضعت الصينية على الطاولة البيضاء الصغيرة . لتجلب هاتفها من الحجرة , وتلتقط بعض الصور بطريقة احترافية للغاية . ثم تجلس وتشرب قهوتها قبل أن تبرد . تنظر إلى الحي الميت والهاديء جدا في هذا الوقت , بل في كل الأوقات . قبل أن تطرق هيفاء الباب , وتقطع تأملاتها وهدوءها . سمحت لها بالدخول . لتقترب هيفاء وتجلس على الكرسي الآخر , تأملتها قليلا .. ثم قالت / أهل العريس موافقين يا نوف , يبون يحددون موعد عشان يخطبونك رسمي . وضعت نوف الكوب على الطاولة بصدمة , ونظرت إليها بذهول لعدة ثوان / كيف ؟ كيف وافقوا يا هيفا ؟ كان باين من نظراتهم إني مو عاجبتهم . حركت هيفاء حاجبيها / وش دراني يا نوف , مو شرط تكون نظراتهم معبرة عن اللي فيهم . تضايقت نوف بشدة وهي تتذكر كلام أم الشاب , ونظرات أخته . وبكل صدق قالت / بس هم ما عجبوني يا هيفاء , وأنا مو موافقة . ضربت هيفاء بيدها على الطاولة بغضب حتى سقطت بعض القطرات من القهوة على الطاولة / ما أسمح لك يا نوف , كفاية إني بساعدك , وجايب لك العريس لين عندك . نوف / ما اختلفنا يا هيفا , وأنا موافقة أتزوج .. إلا مستعدة اليوم قبل بكرة , لكن مو على شاب أهله شايفين نفسهم كذا . ضحكت هيفاء بسخرية / آسفة نوف صدق آسفة , لكن مين راح يرضى يتزوجك وانتي كذا ؟ ارتجفت حدقتيها بشيء من الألم , أخفته بأعجوبة خلف إبتسامة مزيفة / اللي راح يتقدم لي وهو عارف عن كل شيء , ورغم معرفته راح يكون راضي , مو واحد أهله يتعالون عليّ لأنهم أجمل مني أو أغنى مني , ويسخرون من عيوب أنا ما كان لي يد فيها . وقفت هيفاء ووضعت كفيها على الطاولة , لتقرب وجهها من الأخرى بعينين محمرتين / عندك يوم واحد يا نوف , فكري كويس .. إذا صدق رفضتي , بكرة راح يكون آخر يوم لي مع أخوك . أنهت عبارتها وغادرت بخطوات غاضبة . بقيت عينا نوف معلقتان حيث كانت نوف . حتى نبهها آذان المغرب , وشعرت بنفسها . لتستوعب ما قالته هيفاء أخيرا . وترتجف أطرافها , وهي تقف مغمضة عيناها من الضيق . اجتاحها شعور قوي . للهروب والإبتعاد عن المنزل وعن الجميع . توضأت , وصلت فرضها .. وتجهزت على وجه السرعة . تعلم أن لينا مشغولة بدراستها , ولا ترغب بإزعاجها على الإطلاق . ولكنها تحتاجها بشدة . الجلوس بجانبها سيكون أكثر من كافِ . نزلت إلى الأسفل وهي تتصل بعمر . الذي أخبرها أنه في طريقه إلى المنزل , وسيصل في غضون عدة ثوان . دخلت إلى حجرة أمها التي لم تنتهي من صلاتها بعد . انتظرتها حتى سلمت . جلست أمامها بعد قبلت يدها وجبينها / تقبل الله يا أمي . والدتها / منا ومنك صالح الأعمال يا بنتي , وين رايحة ؟ نوف / بروح أقعد مع لينا شوي , تسمحين ؟ يعني كم مرة خليتها تجيني والبنت مضغوطة بدراستها , خليني أنا أروح لها هالمرة . أومأت والدتها برأسها موافقة / تمام حبيبتي روحي وانبسطي . قبلت جبينها مرة أخرى / مشكورة حبيبتي ما انحرم منك . نظرت إلى شاشة هاتفها / يلا عمر وصل , مع السلامة . خرجت إليه بعد أن ارتدت نقابها , وجلست بجانبه . والرجفة تعود إليها فور ركوبها السيارة . ربطت حزام الأمان سريعا وهي تبتلع ريقها . فهم عمر حركتها على الفور , ومد يده نحو المسجل .. ليشغل شيئا من القرآن , علّها تهدأ ويخفّ توترها . حتى وصلا إلى منزل خالتهما هنادي , التزما الصمت . ليتحدث عمر أخيرا / اتصلي لما تقرري ترجعي , بس لا تقعدي كثير .. عندهم شباب يا نوف لا تضيقي عليهم . نوف / أبشر , مشكور يا اخوي . قالتها وخرجت مسرعة , وهي تعلم أنه غضب من شكرها . لا يحب سماع كلمة الشكر من أي أحد , خاصة عائلته . هو لا يقدم لهم سوى ما يستحقونه . ابتعد عن المنزل , وفكره مشغول تماما بخطبة نوف المفاجئة . توجه قبل قليل , وقبل أن يأتي لإيصال نوف إلى الحي الذي تسكن به عائلة الشاب . سأل عنه , لم يسمع أي شيء غريب أو مريب بشأنه . سمعته جيدة , ولكن عائلته ليست كذلك . الجميع بلا استثناء , وصف تلك العائلة بالغنية والمتعالية على الجميع . لا أحد من ذلك المنزل , يتعامل مع الآخرين وكأنهم بشرا مثلهم! بل لا يرون الناس أساسا . احتار جدا وهو يسمع ذلك الحديث . ليتجه أخيرا إلى جامع الحيّ الكبير , والذي كان قريبا من منزل الشاب . صلّى بها فرض المغرب , ثم جلس بجانب الإمام وسلّم عليه . وسأل عن الشاب . انصدم تماما , وأصابته الدهشة .. حين أخبره الإمام , أنه هو من يسأل عنه ! ضحك عمر محرجا , ولم يدرِ ماذا يقول / اعذرني يا اخوي , أهلك جو أمس يشوفون أختي , كان ضروري أمرّ على الحارة أسأل عنك , يعني ما ينفع أزوجها واحد ما أعرفه ولا أعرف عنه شيء , سألت الناس برة .. في الأخير قررت أسأل الإمام , إذا كان يصلي كويس , فأكيد إنه شاب طيب , ما توقعت تكون انت المقصود . ابتسم الشاب واعتدل بجلسته , وانحرج هو الآخر / وإيش سمعت عني . عمر / كل خير والله كل خير . الشاب / لكن وجهك يقول العكس يا أخ ….. عمر / عمر . الشاب / أنا حاس إنك سامع العكس . هز عمر رأسه نفيا / لا والله مدحوك كثير وسمعتك طيبة , بس ماحد علمني إنك إمام الجامع . ضحك الشاب / أجل أكيد ضايقتك سمعة أهلي ؟ تنهد عمر بضيق / صراحة إيه . سكت الشاب قليلا , ليصدم عمر / ماهم أهلي يا عمر , أبوي وأمي ميتين من كنت صغير وعمري 10 سنين , هذا بيت عمي .. هم ربوني وكبروني لين صرت بهالعمر , لكن ما أسكن معهم من سنين طويلة , ومالي غيرهم يدورون لي عروس . تفاجأ عمر بشدة / صدق , وماحد قال لي هالكلام بعد , وأنا أحسبك تقرب لزوجتي . اكتفى الشاب بإبتسامة هادئة . بينما عمر شعر بشيء من الحيرة . هيفاء لم تخبره هو أو نوف أن الشاب ليس ابن عمة والدها , بل ابن أخ زوج عمة والدها ! غير أنه لم يذكر أحد ذلك الشيء . يقصد ممن سأل منهم . ولكنه بالمقابل , شعوره ناحية الشاب كان طيبا . ماذا يريد لأخته أكثر من ارتباطها بشاب طيب , إمام جامع ! ابتسم له وهو ينهض , وينهض الشاب معه / الله يكتب اللي فيه الخير أخ ليث , إذا فعلا تبي تتقدم لأختي بشكل رسمي .. فكر زين واستخير , وهي بعد بخليها تستخير قبل , لكن … إنت أكيد عارف وضعها ؟ أومأ ليث برأسه بإيجاب / إيه عارف عمتي قالت لي . غادر بعد أن صافحه وودعه . يشعر أن هناك أمر غريب . أو بالأصح , غير قادر على تحديد شعوره بالضبط ..! _______ عند نوف .. كان الباب مفتوحا حين اقتربت منه . دفعته بخفة , ودخلت . لتقف بجانب الباب وتتصل بلينا . تخاف أن تدخل إلى الداخل وتصادف أحد الأخوين . بالرغم من تمنيها الشديد أن ترى عايض . إلا أنها لم تعد تفكر به . لم تعد تهتم بمشاعرها نحوه . لأنها بالتأكيد لا تريد أن تتزوجه وتستغله من أجل أن ترضي هيفاء . فزعت وسقط الهاتف من يدها حين سمعت صوت صراخ وركض آت من المجلس الخارجي . لتتفاجأ بعاطف يخرج مهرولا , ثم عايض خلفه وبيده عصا . ضحكت على هذا المنظر . هذان الأخوان بقدر حبهما لبعضهما يختلفان . صرخت فجأة حين اندفع عاطف نحوها دون أن يلحظ وجودها أصلا . لتسقط , ويسقط هو بجانبها . اتسعت عينا عاطف بصدمة , وهو يحاول إستيعاب ما حصل للتو ! هل حقا نوف هنا ؟ في منزلهم ؟ بجانبه ! اعتدل بجلسته سريعا حين سمعها تتأوه بألم . كانت تجلس وتوليهم ظهرها المنحني . ابتلع ريقه ورفع عيناه إلى عايض الذي ينظر إليهما بدهشة , ثم ضحك بصمت وغادر . أما هو فلم يدرِ ماذا عليه أن يفعل , توتر وارتبك بشدة . تحدث أخيرا بهدوء / نوف انتي بخير ؟ صار لك شيء ؟ صمتت لعدة دقائق , قبل أن تلتفت إليه بغضب وهي تبكي / لا ما صار لي شيء , وانت طبعا أعمى ما تشوف . استغرب غضبها وانفجارها بهذا الشكل / طيب اهدأي ليش عصبتي كذا ؟ رفعت كفها اليسرى , لتريه باطنها المخدوش .. والذي نزف القليل من الدم / أنا ناقصتني ندوب وجروح ثانية طبعا. شعر عاطف بالذنب مع أنه لم يفعل شيئا , نظر إلى عينيها المليئتين بالدموع , ليقول بكل أسف / أنا آسف نوف , أنا صدق آسف .. ما شفتك والله , سامحيني . هدأت نوف قليلا وهي تسمع هذه النبرة الصادقة منه , ورقت عيناها بشيء من التأثر . نوف / حصل خير عاطف , بس مرة ثانية فتح عيونك كويس . تنهد عاطف , يتألم من أجلها ومن حبها وهي لا تدري / يعورك شيء ؟ هزت رأسها نفيا . وحاولت أن تقف . ألمتها رجلها المركبة بها الطرف الصناعي , وأغمضت عيناها وهي تجد صعوبة في ذلك . نهض عاطف بسرعة , ومدّ يده إليها دون أن يشعر . هي أيضا من فرط الألم , أمسكت بكفه ووقفت . ليستوعبان ما حصل للتو , ويسحبان كفيهما بنفس السرعة . وينطقان في آن واحد / آسف – آسفة . ارتبكت نوف بشدة واحمرّ وجهها , وعاطف أيضا . لذا لم يجد شيئا لفعله سوى الخروج من الباب بسرعة . أما هي فوقفت في مكانها للحظة , قبل أن تغمض عيناها وتسحب إلى رئتيها بعض الهواء . دخلت إلى الداخل أخيرا . واستقبلتها هنادي التي كانت تجلس في الصالة تتابع التلفاز . وأخبرتها أن لينا في حجرتها , لتصعد إليها الأخرى . وتتجه إلى دورة المياه على الفور بعد أن سلمت عليها . غسلت يدها ووجهها . ثم عادت إلى لينا التي كانت منشغلة بدراستها بالفعل . لذا لم ترغب بإزعاجها وإشغالها بهمومها . بالكاد تمكنت من إمساك نفسها عن التحدث . فهي لا تعتبر لينا ابنة خالة , بل تعتبرها نفسها . لشدة تعلقهما ببعضهما . لا تتذكر أنها أخفت عن لينا شيئا ما , ولينا أيضا .. تخبرها بكل شيء . إلا ما تنوي فعله الآن . لم تخبرها بنية هيفاء , ولا عن تلك الخطة الخبيثة .. والتي ربما ستجعلها تتزوج رجلا من عائلة سيئة للغاية ! ________ في الحجرة القريبة منها .. استقبلت نجد بشرى التي أتت إليها دون أن تخبرها . رفعت بشرى يدها على الفور ووضعتها على جبين حسناء بقلق / بسم الله عليك نجد , والله خفت من سمعت انك تعبانة . ابتسمت نجد / يعني قاطعة كل المشوار عشان تتطمنين عليّ يا أم الكل . ضحكت بشرى وهي تضع الأكياس التي كانت بيدها على السرير وتخلع عباءتها / صحيح , غير طبعا مساعد اللي ما خلاني أرتاح بمكان واحد , كل شوي يتصل يقول اسألي نجد ليش انصدمت وليش صديقتها ما علمتها وإيش كانت تبي تقول لك يوم اتصلت . انصدمت نجد وارتبكت , لتجلس على السرير وتقول / يعني واضح السبب , انصدمت لأن طيف ما علمتني , عن طيف والله ما أدري يا بشرى , بس خليها براحتها . تأملتها بشرى لعدة ثوان قبل أن تهز رأسها نفيا / لا يا نجد في شيء ثاني أنا متأكدة , حتى مساعد قال إنه حاس إلا متأكد إنه في شيء غلط . ليت إحساسه الذي أصاب هذه المرة , حسّ بي يا بشرى . عدم شعوره , وعدم إحساسه .. أوصل الحال إلى ما هو عليه الآن . هزت كتفيها , لتتنهد بقلة حيلة . ثم تفاجيء بشرى ببكاءها الغير متوقع . وهي تغطي وجهها بكفيها . ظلت بشرى تنظر إليها بذهول , قبل أن تقترب منها تماما وتضمها إلى صدرها . وتمسح على ظهرها بحنان / بسم الله عليك نجد , اهدأي إيش فيك تبكين كذا , اهدأي إن شاء الله كل شيء تمام . تحدثت نجد من بين شهقاتها / ساعديني بشرى , قولي لي إيش أسوي ؟ أحس إني بموت والله مو عارفة إيش أسوي . حاوطت بشرى وجه نجد بكفيها ومسحت دموعها بسبابتيها / أهدأي أول وعلميني بهدوء عشان أقدر أساعدك . كفكفت نجد دموعها بصعوبة , ثم ضمت كفيها وأخفضت بصرها وهي تقول / أنا غلطت بحق مساعد يا بشرى . عقدت بشرى حاجبيها بإستغراب / كيف يعني ؟ إيش تقصدين نجد ؟ نجد بارتباك / طيف يا بشرى , ما تناسب مساعد . سكتت بشرى بصدمة لبعض الوقت , قبل أن تضحك بغير تصديق / كيف يعني ما تناسبه يا نجد ؟ مو انتي اللي كلمتيه وكلمتيني عنها ؟ ومدحتيها قلتي لو مساعد لف الدنيا ودار مستحيل يلقى وحدة زيها . هزت رأسها إيجابا ودموعها تنزل مرة أخرى / إيه قلت , قلت يا بشرى .. عشان كذا من أمس حاسة إني بموت من تأنيب الضمير . بشرى / نجد تكفين اشرحي الموضوع زين , مو قادرة أفهم عليك . عضت نجد شفتها بضيق , قبل أن تسرد عليها وتخبرها بما سمعت ورأت عن طيف . هزت بشرى رأسها بغير تصديق / يا الله يا نجد , قولي انك تمزحين تكفين . حركت نجد ذراعيها بقلة حيلة وصوتها بحّ من الإنفعال والعبرة / يا ليتني أمزح ولا أكذب يا بشرى , بس .. هذي الحقيقة للأسف . تنهدت بشرى , وهي لا تعرف بماذا عليها أن ترد . أمسكت نجد كفها برجاء / تكفين بشرى صدقيني , أنا ما كان قصدي والله ولا كنت لا أعرف إنها كذا , ثم يوم عرفت احترت صدق وما عرفت إيش لازم أسوي , خفت إذا علمت مساعد وكان اللي سمعته غلط أظلم طيف بغير حق , وإذا سكتت وكان الكلام اللي سمعته صحيح , بظلم مساعد .. وبخليه يكمل مع وحدة أساسا ما تناسبه , بشرى .. علميني إيش أسوي . نظرت إليها بشرى بحزن . فعلا .. نجد لا تُحسد على الوضع الذي هي به الآن . شدت على كفها / خلي الموضوع عليّ نجد ولا تشيلين هم , أنا بكلم مساعد . نجد بلهفة / إيش بتقولين له بالضبط ؟ احتارت بشرى حقا / ما أدري يا نجد , بس … خلي الموضوع عليّ , يعني بقوله الصراحة , وهو يتصرف بكيفه , مساعد شخص عقلاني وما يتصرف إلا بالطريقة المناسبة . أومأت نجد برأسها , وقد أزيح عنها بعض الهم . كونها شاركت المشكلة مع إنسانة عاقلة وجيدة مثل بشرى . وكون الأخرى قررت أن تساعدها . رفعت رأسها حين قالت بشرى / أصلا الموضوع من بدايته كان غريب , يعني أبو البنت كان قايل لسعود إنه ما يبي يزوجها بسرعة لأنها بنته الصغيرة , وإنه لازم نصبر سنة على الأقل , والعقد ماراح يتم إلا قبل الزواج بشهرين كأكثر حد , لكن فجأة أمس في الصباح اتصل وقال انه تعبان , ويبي يتطمن على بنته , ويبي بس حمود ومساعد وكم واحد معاهم يروحون عشان يعقدون , كلنا استغربنا .. بس مساعد كان طاير من الفرح وما صدق , وحمود صدق الرجال .. الحين فهمت الموضوع زين , أكيد طيف سمعت إنك قاعدة تسألين عنها , عشان كذا استعجلت ؟ يمكن الموضوع يكون كذا ؟ هزت نجد كتفيها بحيرة , وقلبها يؤلمها على مساعد بشدة . سينصدم بالتأكيد . وسنيجرح , كونه أقدم على الخطوة بعد تردد كبير . غير أن عبارة ( مساعد كان طاير من الفرح ) جرحتها كثيرا . إلا أنها لم تهتم . تجاهلت ألمها , واعتبرته لا شيء أمام ما سيشعر به مساعد إن علم أنه خُدِع ..! والسبب هي . زمت بشرى شفتيها بعدم رضى على كل ما يحصل . وآلمها قلبها على أبناء زوجها , وزوجها الذي لم يهنأ ولم يرتح باله أبدا . في السابق زوجته التي ماتت على حين غرة . ثم ترك حسناء للبيت , وزواجها من أخ صديقتها الذي خذلها فيما بعد وطلقها بعد أن أنجبت منه إبنا . كان مرتاح البال تجاه هديل . التي لم تشتكِ من زوجها حمود قط . ولكنها بالأمس وحين كانت في بيت حسناء , بدت وكأنها تخبيء أمرا يخص زوجها , ولكن بما أنها لم تأتِ إليها , ولم تبوح لها بنفسها .. لم ترغب بسؤالها . تتمنى من قلبها أن يكون إحساسها خاطئا , وأن هديل مرتاحة تماما . الآن مساعد ومشكلة طيف التي خرجت من تحت الآرض ! حين ظنت أن مساعد نال الثريا , انصدمت بها حقا . قبل هذا كله , ما حدث مع يُمنى المسكينة . فليكن الله بعون الجميع ! _________ قبل العصر بساعة .. كانت هديل تجلس في صالة شقة حسناء بملل قاتل . بعد أن تناولت غداءها , تنتظر عودة يُمنى . التي تأخرت كثيرا حتى قلقت عليها . ظلت تنتظرها حتى دخلت الأخرى بإندفاع استغربت منه . لتقف وهي تسأل / يُمنى وش فيك تأخرتي ؟ تجاهلتها يُمنى وهي تسرع نحو حجرتها وتدخل حتى دون أن تخلع نقابها / لاحد يكلمني . وقفت هديل في مكانها مذهولة . خاصة بعد أن أقفلت يُمنى الباب بقوة . اقتربت من الباب بتردد , رفعت يدها وطرقت بخفة / عمتي انتي بخير ؟ لم يأتيها أي رد . عادت لتسأل مرة أخرى بقلق / عمتي , فيك شيء ؟ صار لك شيء ؟ ردت يُمنى بغضب / هديل أرجوك روحي وفكيني , ما فيني شيء بس اتركيني . قطبت هديل جبينها بحيرة , ثم ابتعدت بعد أن قالت بهدوء / تمام عمتي , بس قولي لي تغديتي ؟ يُمنى / إيه أكلت سم هاري . اتسعت عينا هديل بغرابة , لتبتعد وهي محتارة جدا . وتخاف أن يكون قد أصاب يُمنى شيئا ما حقا . جلست على الأريكة , وأخذت هاتفها من الطاولة .. تتأمل الشاشة مجددا . تنتظر إتصالا أو رسالة إعتذار من حمود . فهذه المرة الأولى التي تبتعد فيها عنه ولا تسمع صوته أكثر من يوم . منذ أن تزوجته وحتى قبل الأمس , لم يضايقها حمود على الإطلاق . حتى وإن تخاصما واختلفا , يبادر هو بالإعتذار . ولكن هذه المرة .. يبدوا وأنه غاضب بحق , ويريد منها هي أن تبادر هذه المرة . هي أيضا .. يبدوا وأنها سأمت , وصارت تفكر بالإتصال به علّ قلبها يهدأ قليلا , ويخف قلقها عليه . بيدّ أن كلام حسناء , صار يتردد في ذهنها آلاف المرات . لكي لا يتكرر ما حدث معها مجددا , فتعاني ! نعم تحب حمود بجنون , ولكن كما قالت حسناء .. الحب وحده غير كافي . إن تجرأ الرجل وضربها مرة واحدة , فقد يتجرأ ويفعلها مرة ثانية وثالثة إن سكتت عنه . استلقت تضع يدها على بطنها بتعب . الحمل جعلها كسولة طوال الوقت , إلا أنه أجمل ما حدث في حياتها بالتأكيد . ابتسمت وهي تمسح عليه بحنان وكأنها تمسح على رأس طفلها . تتذكر ما حصل قبل سنة . حين تخرجت من الثانوية , أتاها والدها يسأل .. بل يخيرها ممازحا / بتكملين دراستك وتكملين جامعة ولا تتزوجين . لتجيب هي بكل صراحة / طبعا بتزوج يا ابوي , انت عارف إني حتى الثانوية كملتها بالقوة . ضحك سعود / مين بتتزوجين إذا ماحد تقدم لك . هديل / مو شرط أتزوج الحين الحين , بنتظر لين يجي العريس , بس إني ما أبي أكمل دراسة خلاص . ضربها مساعد على رأسها بخفة / وانتي ليش طايرة تبين تتزوجين بهالسرعة , توك صغيرة يا هديل , أحسن لك تكملين دراستك .. الزواج ما راح يجيب لك شهادة . هديل بملل / يا مساعد مو كل الناس مثل بعض , أنا ما عندي أي هدف بهالحياة .. ما أبي أصير موظفة مستقبلا , يعني ما راح أستفيد من هالشهادة , أهم شيء إني أعرف أكتب وأقرأ وماني جاهلة . اتسعت عينا مساعد بذهول / لهالدرجة ما عندك أي هدف تبين تحققينه ؟ هزت رأسه بالنفي / لا , بس أبي أًصير ربة بيت ناجحة . ضحك مساعد بغير تصديق , ثم قال / حتى لو كذا يا هديل , أنا ما راح أسمح لك تتزوجين وانتي بهالعمر .. تعدي العشرين على الأقل , ما أبي اللي صار مع حسناء يتكرر معك , لا أحد يستغلك يا بنت . قاطع سعود جدالهما / تقدم لها واحد معروف وما راح يستغلها يا مساعد . اندهشا معا , ليسأل مساعد / مين يبه ؟ سعود / حمود ولد عمي . لم تشعر هي بشيء , سوى الخجل الذي يراود كل فتاة حين يتحدث أحدهم عن شخص تقدم لها . فهي لا تعرف شيئا عن حمود , غير أنه ابن عم أبيها . ولكن مساعد غضب / لا يبه مستحيل , كيف تفكر حتى مجرد تفكير إنك تزوجه بنتك ؟ بعد اللي سواه أخوه في عمتي ؟ سعود بحدة / حمود ما هو سلمان ولا مثله . مساعد بإعتراض / حتى لو مو مثله يبه , كيف تفكر تدخل بنتك في هذيك العايلة ؟ وتتقرب منهم لهالدرجة ؟ سعود / هديل بتتزوج حمود , ما راح تتزوج أهله .. وأنا بتشرط عليه قبل , إنه يسكنها في شقة مستقلة بعيدة عن أهله . ونظر إلى هديل / إذا وافقت عليه هديل طبعا . رفعت هديل عيناها إليه , ونظرت إليه بحيرة . لم تعرف بماذا عليها أن تجيب , وهي ترى والدها وشقيقها مختلفين بسبب هذا الخاطب , والذي لم يكن سوى شقيق من آذى عمتها وجعلها تصل إلى هذا الحال . هزت كتفيها بحيرة , وتجمعت الدموع في محاجرها فجأة وهي تقف / ما أدري يبه , خلني أفكر . قالتها والتفتت تنظر إلى مساعد الذي شد بقبضتيه طرف الأريكة بقوة , حتى ابيضت مفاصل يده . واحمرّ وجهه بشدة . أسرعت نحو حجرتها وبكت بلا سبب . يومها تمنت أن تكون والدتها بجانبها , حتى تفرق لها بين الصواب والخطأ . وبشرى بالطبع , لم يكن قدرها عاديا . إذ لجأت إليها على الفور , وطلبت منها أن تساعدها في اتخاذ القرار الصحيح التي لن تندم عليه مستقبلا . أمرتها بشرى بأن تستخير أولا , إن شعرت بالراحة .. عليها المضي في الأمر . مساعد ربما لم يعجبه الأمر , ولكنه سيرضى فيما بعد . وحمود حقا ليس سلمان , ولا يشبهه .. وكونه أخيه ليس ذنبه . وافقت فعلا .. ولكن حسناء أيضا عارضت الأمر , إلا أنها لم تتدخل . فقط اكتفت بتقديم النصيحة . هديل ليست طفلة , وهي عاقلة أيضا . لتتخذ قرارتها بنفسها . عادت إلى الواقع وهي تتحدث إلى طفلها بإبتسامة / ما ندمت والله , لأنك صدق أجمل شيء راح يصير في حياتي , لكن خلّ أبوك يعتذر قبل . نامت في مكانها دون أن تشعر . حتى عادت حسناء من العمل , قبل المغرب بساعة . واستغربت حين وجدتها تنام على الأريكة بصعوبة , أمسكت بكتفها وهزتها بخفة / هيي بنت , هديل وش منومك هنا ؟ فتحت عيناها وتأوهت من ألم ظهرها / أف كم الساعة الحين ؟ حسناء وهي تخلع عباءتها / خمسة , ليش من متى نايمة إنتي ؟ هديل / الساعة ثلاثة , المجنونة عمتك هذي رجعت متأخرة لا ومعصبة بعد , قفلت عليها الباب ونمت أنا هنا من دون ما أحس , أفف يا ظهري بينكسر . اقتربت حسناء من غرفة يُمنى بقلق / لا يكون عصبت لأني ما رحت أرجعها . قبل أن تطرق الباب أوقفتها هديل / لا تدقين ما راح تفتح لك , خليها جاتها الحالة . قطبت حسناء جبينها بإنزعاج . مما تكون قد انزعجت أو غضبت يُمنى ؟ حسنا ستسألها فيما بعد . لأن يُمنى حقا , وكما قالت هديل .. إن ( جاتها الحالة ) لن تتحدث حتى ولو وضعوا السكين على عنقها . تنهدت بصوت مسموع / تمام بروح أتروش وأصلي المغرب ثم أنام , هلكانة والله بموت من الصباح قاعدة أشتغل من دون ما أوقف , صحيح اطلبي العشا على الساعة تسعة وصحيني وقتها . دخلت إلى حجرتها , لتستحم ثم تجفف شعرها .. انتهت على صوت الآذان . لتصلي وتستلقِ بتعب . متعبة بشدة , تشعر بأن مفاصلها تؤلمها بشدة . فهي منذ الأمس , وبعد أن تحدث إليها بدر وقال ما قال . تحاول نسيان كل شيء , بالعمل الكثير .. وبالنوم . ورغم التعب الذي يكاد يقتلها , إلا أنها لم تتمكن من النوم فورا . بعد ربع ساعة , فتحت عيناها وهي تتنهد بضيق العالمين . وتجلس بملل . كانت تبحث عن فراشها منذ أن انتهت ساعات عملها . لمَ لا تتمكن من النوم الآن . عضت شفتها حين سقطت عيناها على الصندوق الأسود فوق دولاب الملابس . لا تتذكر حتى متى وضعته هناك , ربما منذ أن استقرت بهذه الشقة . نسيت أمره , بل تناست . يؤلمها قلبها كلما سقطت عيناها عليه . وتقتل رغبتها يوميا , في فتحه ورؤية ما بداخله . استندت بظهرها على المخدة بعد أن عدلتها خلفها , ورفعت ركبتيها إلى صدرها تضمهما .. وعيناها لا تتحركان من على الصندوق . حين عادت بها ذاكرتها إلى الوراء , قبل سنوات .. وحين تزوج والدها بشرى . حاولت جاهدا أن تتقبل الأمر , وأن تقبل بشرى كزوجة أب .. بعد أن كانت صديقة . إلا أنها لم تتمكن أبدا . كلما رأتها برفقة والدها شعرت بغيرة شديدة , وبقهر لسبب مجهول . ربما لو كانت تلك الزوجة إمرأة أخرى غير بشرى , أو أخرى أصغر منها لربما تمكنت من تقبل الأمر . انتقلت على الفور لتسكن في سكن الجامعة . رغم محاولات والدها الكثيرة في جعلها تعود عن ذلك الأمر , وتفكر أكثر فهو ليس لديه الكثير من الأبناء , ليكون مرتاحا وبكره بعيدة عنه . أقنعته بعد محاولات كثيرة , تعدت الألف ربما . ليوافق على مضض .. ورغما عنه . لم يتركها طوال تلك المدة , يأتيها كل يوم تقريبا . منذ صغرها , كانت حسناء تلفت النظر .. بجمالها وقوة شخصيتها . وأخلاقها الطيبة , وروحها المرحة بالتأكيد . لذا كان الكثير من أهل الديرة , يريدونها لأبناءهم . وكانت هي ترفض الزواج مبكرا , خشية أن يعيقها عن تحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة أسنان . خطتها لم تفلح بالتأكيد . حين رأت والدها وكيف يتعب من أجلها يوميا , قررت أن تريحه من ذلك المشوار اليومي , لتوافق على قريب لوالدتها الراحلة . ويا ليتها لم تقرر . ليتها لم تفكر أن تخوض تلك التجربة , في بدايات مرحلة الماجستير . كان ( فيصل ) شيطان من شياطين البشر . منافق من الدرجة الأولى . كان لطيفا للغاية في بداية ارتباطهما , أشعرها أنه أطيب إنسان على وجه الأرض , وأنها هي الأنثى الوحيدة في الكون كله . لم تكن تدري أنه كان يخدعها فقط , ويوهمها بكل تلك الأشياء .. حتى يتمكن من قلبها . صدمها تماما بعد زواجهما بخمسة أشهر تقريبا , وفي أول شهر لها في حملها . وكأنه كان ينتظر تلك اللحظة , لكي يتأكد أنه فعلا .. تمكن منها تماما من كل النواحي . حين طلب منها , مبلغا كبيرا .. مما ورثته من والدتها . حين رفضت مستنكرة , قال أن ذلك المال من حقه , بما أنه أصبح زوجها ! ومالها ماله . من نبرته وأسلوبه في الطلب , وكلامه السخيف .. عرفت على الفور أنه تزوجها طامعا بمالها . لأنها بالفعل , لم ترث مبلغا عاديا .. بل كبيرا . فهو بالتأكيد عرف ذلك , بما أنه يقرب عائلة والدتها الغنية . ظلّ يطلب منها ويزعجها بذلك الطلب يوميا تقريبا . حتى سأمت منه فعلا . ولكنها رغم ذلك لم تخبر أحدا , سكتت .. من أجل الطفل الذي في داخلها . لا تريد أن تخلق أي مشكلة وهو في طريقه للخروج إلى الدنيا . كانت مثل هديل تماما , تحب فيصل .. ولم تتمكن من الغضب عليه . قررت أن تعطيه فرصة , ربما يعود إلى صوابه , ويكف عن طلب ذلك المال . لأنه حتى وإن هددها بحياتها لن تعطيه شيئا . إن أعطته مرة , سيعتاد على ذلك .. سيطلب مرة ثانية , وثالثة . حتى يعتاد على أن تعطيه هي المال , ويتقاعس هو عن العمل . وهو أساسا إنسان كسول من الدرجة الأولى . وعلمت أيضا من تشجيعه لها على إكمال الدراسة , أنه يريدها أن تتوظف سريعا , لكي يرتاح هو في المنزل , ويستلقِ طوال اليوم , فتصرف هي على المنزل وعليه وعلى الأطفال . لم تكن حمقاء لكي تنطلي عليها خدعته أبدا . وهو لم يملّ أبدا .. حتى أتى ذلك اليوم , حين غضب عليها بشدة , بسبب رفضها . لرفع يده ويضربها , ضربا غير عاديا .. وهي حامل ! وكانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير بالفعل . فهي صبرت على إزعاجه لها طوال فترة حملها , ثمانية أشهر . ليأتي ويكملها في التاسع ..! تركته فورا , وعادت إلى منزل والدها . حتى أنجبت الطفل , وقضت فترة النفاس . ترجاها فيصل أن تعود إلى منزلها . حسناء لم تكن تلك الفتاة التي ترضى بمعاملة مثل تلك , ولا بزوج مثله . عيناه على مالها , وضربها من أجل ذلك المال .. الذي ادخرته من أجل دراستها . بالطبع لم يكن ذلك السبب الذي منعها من إعطائه البعض .. ولكنه أحد الأسباب . هددها بأن يطلقها ويأخذ منها الطفل , لترد بكل ثقة ( انت ما راح تطلقني , أنا اللي بخلعك بنفسي ) . حسناء أيضا ليست من النوع الذي تؤثر عليهم العواطف وتجعلهم يعودون عن قرارتهم حتى وان اتخذوها وقت الغضب . لم تصبر يوما واحد بعد انتهاء فترة النفاس , حتى اتجهت للمحكمة . وتمكنت من خلعه بطريقة أو أخرى . حتى هذا اليوم , وقد مرت 8 سنوات كاملات على ما حصل . لم تندم على ما فعلت . على تركها لذلك الطامع بمالها , وعلى من تجرأ ومدّ يده عليها . ولكنها تندم كل يوم , تتألم كل يوم .. تعض أصابع الندم . على تركها لوليدها , الذي لا ذنب له أبدا فيما حصل . كان عمره 3 أشهر , حين تركته مع والده . بقلب قاسٍ للغاية . لم تذرف دمعة واحدة ذلك اليوم . قائلة أنها ستتحمل فراقه , إن كان ذلك سيجعلها تسترد كرامتها المهدورة , وكبريائها أمام فيصل . ولكنها بعد ذلك , قضت أغلب لياليها تبكي وتنوح شوقا وألما على ذلك الطفل . لم تتحمل الأمر أبدا , لجأت إلى المحكمة .. لكي تكون الحضانة من نصيبها هي , بما أنه لا زال طفلا رضيعا . ولكن الشيطان كما تراه حتى الآن ( فيصل ) لديه بعض الصلات مع القضاء من تلك المحكمة , والذي وقفوا بصفه .. ورفضوا أن تحتضن هي الطفل .. بما أنها من خلعت زوجها بنفسها , وتركت الطفل بكامل إراداتها ! بالتأكيد ( معاذ ) الصغير .. كبر الآن , كبر وهو يكرهها . لأنها تركته وهو طفل لا يفقه شيئا . نعم كانت آخر مرة رأته بها , في المحكمة وعمره سنة واحد فقط . تتوق لرؤيته بشدة , تشتاق إليه في كل لحظة . تود أن تراه ولو للحظة واحد , حتى ولو من بعيد . ولكن فيصل حرمها حتى من تحقيق ذلك الحلم , حين أخذ إبنه وزوجته الجديدة واستقر في أبعد مدينة عنها . يقصد بذلك إيلامها بالتأكيد . وبين الفترة والأخرى يرسل إحدى شقيقاته , اللاتي يسألنها إن كانت ترغب بالعودة ! بعد كل ما حصل ؟ بعد أن فعل بها ما فعل ؟ بعد أن حرمها من إبنها بسبب رغبته الحيوانية في الإستيلاء على أموالها ! لن تفعل بالتأكيد . والأمر غير جائز أساسا , بما أنها لم تتزوج بعده _____ انتهى الفصل ![]() ![]() |
![]() |
#5 |
http://www.tra-sh.com/up/uploads/1648853127783.gif
|
![]()
سلم ذوقك واختيارك
ربي يعطيك العافيه وما ننحرم من جمال طرحك لروحك الجوري |
![]() ![]() |
![]() |
#6 |
![]() |
![]()
سلمت أناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك |
![]() ![]() ![]() اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥ اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره ![]() ![]() |
![]() |
#7 |
![]() |
![]()
جمال الاختيار
خلفه ذآئقة جميله جدا تعرف ماذا تقدم محتوى الطرح اكثر من راقي من الاعماق اقدم لك شكري واحترامي ليل المواجع محمد الحريري |
![]() ![]() مهم جدآ قرار بخصوص احتساب المشاركات وتوضيح مفصل بالاضافة لشروط استخدام الخاص وصندوق المحادثات تفضلوا بالدخول طريقة احتساب المشاركات وكيف تحصل على مشاركات اضافيه بنجاح - منتديات قصايد ليل قوانين استخدام الشات والرسائل الخاصة - منتديات قصايد ليل ![]() |
![]() |
#10 |
![]() |
![]()
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |