![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[دواويــن الشعــراء والشاعرات المقرؤهـ المسموعهــ]●«… { .. كل ماهو جديد للشعراء والشاعرات من مقروء و مسموع وتمنع الردود .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#14 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
|
![]() نازكالملائكة ![]() صلاة الأشباح - لنازك الملائكة تَململت الساعةُ الباردةْ على البرج , في الظلمة الخامدةْومدّتْ يداً من نُحاسْ يداً كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ يدَ الرَّجل المنتصبْ على ساعة البرج , في صمته السرمديّ يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ على القلعة الراقدةْ على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت تظَلّ تُحدَّقُ , ينطقُ فيها السكوتْ وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب: "صلاةٌ , صلاهْ !" * * * ودبّتْ حياهْ هناكَ على البُرْج , في الحَرَس المُتْعَبينْ فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ تُشير: "صلاةٌ , صلاهْ !" فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ , صدَى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ هزيلٌ شَحِبْ , يَجُرّ رَمَادَ السنينْ , يكاد الدُّجى ينتحبْ على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ * * * وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ , لا يُدْركونْ لماذا يسيرونَ ? ماذا عسى أن يكونْ ? تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ , نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ , نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ على البرج كالعنكبوتْ يدٌ من نحاسْ يحرّكها في احتراسْ فترسل صيحَتها في الدياجي "صلاةٌ , صلاهْ " * * * وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ رأى حارس شَبَحَيْن يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن ? تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ ولكنّ عينيهما في انطفاءْ ولفظُ "صلاة صلاهْ" يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ * * * " ألستَ ترى " " خُذْهما ! " ثم ساد السكون العميق ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق * * * وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير وحيثُ الغموضُ المُثيرْ وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ على البرج مستغْرَقاً في سكوتْ , فيرتفعُ الصوت ضخْماً , عميق الصدى , كالزمان ويرتجفُ الشَّبَحانْ * * * " من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ " ومن ظُلُمات البيوت " من الشُرَف الماردهْ " من البرجِ , حيثُ يدُ العنبكوتْ " تُشيرُ لنا في سكوتْ " من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ " أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ " أتيناكَ , نحن عبيدَ الزمانْ " وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ " أتينا نَجُرّ الهوانْ " " ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ " ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ " وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ " أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ " أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ " على أعينِ المُذْنبينْ " على أعينِ الهاربينْ " إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ " من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ . يا من نراهْ " صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ " يُحدّق , عيناه لا تغفوان " وكفَّاه مَطْويّتانْ " على ألفِ سرٍّ . أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ " على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ " نُناديهِ, دونَ دموعْ , " ونصرخ: آهْ ! " تعِبْنا فدعْنا ننامْ "فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا : "صلاهْ ! " إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ , " ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ " على كل باب بأيديهم الباليه " وقد أكلتْها القُرونْ " ولم تُبْق منها سوى كومةٍ من عظامْ " تعبنا... فدعنا ننامْ .. " ننامُ , وننسى يد الرجل العنكبوتْ " على ساحة البرج . تنثُرُ فوق البيوتْ " تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ " حنانك بوذا , على الأعينِ الساهدهْ " ودعها أخيرًا تموتْ * * * وفي المعبد البرهمي الكبيرْ تحرّكَ بوذا المثيرْ ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ وبالرَّجُلِ المنتصبْ على البرْج في كبرياءْ , " أعيدوهما! " ثم لفَّ السكونُ المكانْ ولم يبقَ إلا المساءْ , وبوذا , ووجه الزمانْ المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 389 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .
|
|
![]()
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
Loading...
|