![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
تَوكلتُ على الله الجزء السادس و الثلاثون ماضٍ يَقبَعُ الألمُ بين حَواسه و ما بين هِتافات نَبضٌ يُطالب بالحُريَّة من قَلَقٍ أَشَابَ دَمَهُ..شَيبٌ أسوَد تَلوَّن بنتانة الأفعال..أو الإجبار ؟!ظاهر كَفُّه اليُمنى اصطبغ من محاولاتٍ يائسة للظفر بعِرقٍ لا زالت الحياة تُبَث من بطنانه..و بَعد جُهدٍ تَمَّ العُثور على أحَدَهُم..و الذي يَبدو أنًّ المَوت قد أُغشيت عَيناه حينما اجتَثَّ أرواح رُفقائه..،جَسده مُستَسلماً لنومٍ نصفه هُروب فوق سَرير المُستشفى المُرتدي ثَوب نَقَاءٍ يُفتَرَض أن يبعث دِفئاً و استرخاء بين خلجات أهل المَريض..إلا أنَّهُ أسَفاً كان كَحَدّ السيف الناشر أَذرُعه قُرب أعناقِهم..فَهو بلونه البـارد..الجَليدي المُختَزلة منه مَعاني الأمل يَهمس لهم بالنهاية..و من خلفه زَعيق دَقَّات قَلبٍ تُستَفرغ من جهاز خُطُوطُه المُتَخَبّطة تَسرد قِصَّة ذاك المُلقى..فَهو كان مُتَخَبّطاً بلا دَليل..يَنهَق مثل حِمار لا يعرف كيف يُتَرجِم تعبه إلا بصوتٍ مُزْعِج يَخالهُ المُعَذّب نِداءً بالمَزيد..مَزيدٌ من زَهْق الأرواح ! كانت تَجْلُس على كُرْسِي القَلَق..تَعتَلي ذراعها ذاك السَرير مُمْتَدَّةً بجانب جسده تُناظِر جَبينه المَوسوم بتقطيباتٍ سُطِرت فَوقها مآسٍ مُتْعِبة..حَدَّ ارتفاع الفَّقْد مُتْعِبة..باطن يدها تَمَنَّى لو استكان فوقها يَمْتص انشدادها عَلَّ ارتخاء راحة يُضَمّدها..كان لسانها يَلْهَجُ بذكرِ من لم يَنم طرفهُ عنها و عن صغيريها..يُوسف و ملاك..،عيناها تنهلان من ملامحه المُعَرَّاة..ففضائح التعذيب جَليَّة عليها..و مع اجتراعها لكُل جُرحٍ تَسْمَع دَوي نبضاتها الناحِبة..هُوَ انْتَبَذَ من اسمي صغيريهما أحواله..فكان يُوسُفَهم المُبْيَضَّة عينا سَعادتهم لفراقه..و كان المَلاك المَبْتور الجناحين المُعَلَّق بين سماءٍ و أرض فوق مقصلة اللاحياة..،اصطفاقة نالت من أهدابه..مثل رَفْرَفة جِنحي طَيرٌ هَزيِل..ببطئ شَديد حَرَّكَ عُنُقِه للحظات فقط قبل أن يَستكين من جَديد بعد أنا أصبح وجهه مُقابلاً لوجهها القَريب..مُتقابِلان بلا التقاء يُطفِئ ما اشتعل من شوق وسط صدريهما..هَمَست و نبرتها تعزف حَناناً تُحاول به أن تخترق عُمْقَ جِراحه ليغفو هُناك مُخَلَّداً،:صــالح،بو يُوسف تسمعني ؟ غَديرها العَذب تَخَلخل مسامعه حتى نَثَرَ غَيثه على سُفوح فُؤاده المَشروخ..يُعيد إنعاش ما ذَبُل من نَبضات..،استجابت عيناه لندائِها المُتَدَثّر بأنّة اشتياق..بدايةً واجههُ ضَبابٌ جَعَلَ الرُؤية مُبهَمَة كإبهام مُسْتَقبَله..حَرَّك عدستيه يَبحث عن وجهها لتصطدمان بملامح مُشَوَّشة..أغمض واحتا البؤس للحظات قَبْلَ أن يُشَرّعهما من جَديد و هو بهذا الفِعل يُجاهِد صَبره للفوز بلُقيا..،إلتماعة مالِحة تَعَلَّقت عند زاوية عينها اليُمنى..هُناك فوق رمشيها المُرتَعشَين بوَهْن..عيناه..قَصيدة العَذاب و أبياتٍ من ألم مَكسورة القافية..أبصَرت و قلبُها يعتصر وَجَعاً ولادة الدمع وسطهما..رأت بأمّ روحها كيف احتوى البُكاء مُقَلتيه و غَصّت به حَنجرة رُجولته..يَدُ الضُعف رأتها تُكَبّل ملامحه المَضنيَّة..ثَغْرةُ بَقاء تَوسَّطت شفتيه ليَعبر من خلالها صوتٌ أبْكم قَرأت اسمها بين مَوجاته..أجابتهُ بوَجْس العاشق المُعتَلّ غيابا ،: الحمد لله على سلامتك "حاولت جاهِدة أن تُفصِح عن ضحكة و لكنَّها خَرجَت رُغماً عنها مُتَهَدّجة" صار لك يومين نايم،ما شبعت ؟ لا زال صوته يَقع رَهْن الحَشْرَجَة..غائبٌ كَغَيْبَته المُوحِشة..جالت عينيها على وجهه المُرتدي أعواماً و أعوام..و كأنَّ سنوات عُمره الإحدى و الثلاثون تضاعفت حتى باتَ كَهلاً يجلس فوق عَتَبة الدُنيا مَتعَكّزاً ببقايا أنفاسه مُنتظراً الموت..هَمَسَت و الشَجن لحنها،:أي كثر تَحمَّلت ؟! احتراق أشعل مَوْسِم الدموع مَرْق مُقلتيها من بَحَّة صوته المَؤهولة باللوعات،:الحمد لله على كل حال زَمَّت شفتيها وهي تضغط بقوَّة تُكبِح شهقة ألم تَهَشَّمت بين أضلاعها..شَدَّت بكفَّها على كتف يُوسف و هي تستمع لصوته الذي عاد يُحادثه،:تعال بابا يُوسف اقترب يُوسف و عدستاه تعبران وجه والده بخوف و الذي التوى عِرق أبوّته قَهَراً..فهو بات مَصْدر فَزَعٍ و خَوف لطفليه..احتضن كفّه الصغيرة و هو مُستَلقٍ ليُقَرّبها من فَمِه طابعاً قُبلة عَميقة بعَفوية رَسَمت ابتسامة على شفتي الصَغير..فَرُبما دِفئاً أوزعتهُ هذه القُبلة بين روحه البريئة حتى بَدَّدت ظُلمَة الخَوف..،رفع عينيه لمريم مُتسائلاً،:وين ملاك ؟ أجابت بعد أن ازدردت ريقها مرتان،:في بيت سلطان اخذتها زوجته مع حُور "هَزَّ رأسه مُتَفَهمَّاً و هي أكملت برجاء" بو يُوسف ليش ما تروح الشرطة ؟ ما يصير كل مـ قاطعها بحدَّة اكتست صوته المُغَيَّب،:لا..شرطة لا "اهتزَّ صوته بحَرقة و هو يُواصِل" ما تحَمَّلت كل هذا عشان في النهاية الجأ للشرطة و اخسر كل شي "الاهتزاز تَمَكَّن من جسده ليَنطُق بسؤال لَطَمَ روحها حتى لُسِعَت"تبيني اخسركم يا مريم ؟ تبيني ادفنكم بيديني ؟ تناثرَ الدَمعُ يُسقي وجنتيها القحطتان من قَبلته،:بس صـ أعاد باتِراً كلماتها ليَقول و هو يقتلع الفِكرة من عقلها،:خـلاص يا مريم..انسي الشرطة و اعرفي انه أي تَدَخل منهم بيقضي علينا كلنا "أرْدفَ و عيناه تعقدان وعداً بين عينيها و بكلماته يَرسم طَريق المُستَقبل الدامي" اذا فقدتوني اوعديني تنسين اللي صار و اللي بيصير..انسي يا مريم، عشان عيالنا انسي ,، حاضر فَغَرت فاهها و استدارتها سَمَحَت لبصرها باستقبال وجهه البادية عليه ملامح حـادَّة أسْهُمها تجاوزتها لتَطال فَهْد و الذي يبدو من صَمْته و عدم إجابته حَجْمَ استغرابه من هذا الشخص و صلته بها..و هي بدورها وَضَّحت لهُ الأمر بنُطقِها المُتَكالب التَعَجُّب على نبرته،:بــابـا ! تَقَدَّم الخطوتان الفاصلة بينهما ليقف بجانبها..ظهرها لفَهْد و وجهها لهُ تُقَلّب عدستيها على وجهه الغريب تواجده هُنا ! لماذا هو هُنا ؟ أيُّ الأسباب تلك التي جعلته يلحقها في رحلة يتضح أنَّها أتبعت رحلتها ؟ بل السُؤال الأكبر..لماذا لم يُخبِرها ؟!هُو أكمَلَ تَوبيخه البارد،اللَّاذع بُؤرة حَرَج فَهْد،:تدري يا دكتور لو اللحين تجيني تخطبها مني اردّك..و هذا أقل من اللي تستاهله كَتيبة احْمِرار بدأت بالسَّيطرة على أطراف ملامحه الواقعة بين يدي تَشَنُّج مَنعه من الاستعانة بابتسامة تُلَطّف الأجواء..عَقَّب يُبَرّر تَصَرُّفه،:مو القَصد يا عَمّي بَس أنـ قاطَعهُ و سَيف كلماته يرفض العَودة لغمد صَمته،:ما فيها بس و لا تحاول تبرر "حَشَر كَفّه في جيب ثوبه الذي لم يستبدله بَعْد مُرْدِفاً" لا تظن إن بنتي ما وراها والي تحاول تجيها بدون علم أهلها رفع كفّيه يُشير إليه بالهدوء و بين عينيه ارتفع رَجاء،:صدقني يا عمي ما قصدت اقلل من قمية بنتك ارتفع حاجبه يُعلِن رَفضه لتبريراته،:و انا هذا اللي فهمته..اللي يتخذ هالأساليب عشان يوصل لمراده اعتبره استغلالي و غير مُحتَرَم "أشار للطريق بيده مُنهِياً النقاش السَقيم بالنسبة له" تفضل يا دكتور توَكّل نَطَقَ بمحاولة أخيرة و العَين قد أغشاها نَدَمٌ تأخَّرَ عن المَوْعِد،:عَمي بس عطني فرصة افهمك و كأنَّ طَير عِناد يقف فوق رأسه يَرفض تحليقاً إلا بعد أن يُحَقَّق مُراده،و ببرود لهُ شذرات قاسية قَطَعت آخر خَيط أمل وسط روح فَهْد،:ما يحتاج تتعب نَفسك يا دكتور لأني ما بتقبل أي تَبرير،تفضل توَكَّل اجتَرَع فُتات كلماته البَخس و الذي رَفَضَ والدها أن يبيعه رِضاه..حَرَّك عدستيه لنُور الصامتة و بنظراته كان يُحاول أن يَشْرَح مَوقفه..لكنَّها واجهته بعدم اهتمام تَجَلَّى على ملامحها الجامدة و بصرها الذي أزاحتهُ عن وجهه المُتَصَدّع قَهَراً..تَراجع خطوتان للخلف قَبْلَ أن يستدير مُبتَعِداً عن فَوضى الحَرب التي كانت سَتُشَن لو لم يرفع راية الإستسلام..،هِي فَور ابتعاده نَطَقت مُفصِحة عن استغرابها المَحشو باستنكار،:بـابا انتَ ليش اهني ؟! و ليـش ما قلت لي ؟ اصلا ليـش مــا جيــ قاطع استرسال أسئلتها قَبضته المُلتَقِطة ذراعها قبل أن يَخرج صوته تَحشوه بضع حِدَّة مُؤَنّبة،:ليش ما قلتين إنه يضايقش من قبل ؟ ليش كنتِ ساكتة ؟ أجابت بصراحة و الصِدق بان لهُ وسط مُقلتيها و بين طَيَّات كلماتها،:لأنّي ما كنت ابي اسوي لي مشاكل في المُستشفى..اصلاً ما كنت متأكدة إن فعلاً هالشي في باله "عُقَدة تفاوتت بين شكٍ و تَوَجّس بانت بين حاجبيها و هي تُكمِل بتساؤل" يُبه شدراك إنه كان يضايقني من قبل ؟ عبد الله قالك شي ؟ العُقْدة انتقلت إليه ليُجيبها بتساؤل مُسْتَنكِر،:و عبدالله يدري عنه و ساكت ؟ تَشَتَّتت خُطوط العُقْدة مُجيبةً،:لا مو ساكت..أكثر من مرة بغت تصير مُشكلة بينهم "أطلقت سؤال آخر لهُ لحن استغراب" اذا مو عبدالله اللي قال لك شلون عرفت ؟! ،:شلونك عمي التفتا لصوت سارة المُقبِلة و في يدها يقبع كيس كبير نسبياً،هو أجابها بابتسامة وَقورة تَكَلَّلت بحنان فِطري،:هلا يُبه سارة الحمد لله بخير انتِ شخبارش و شخبار ابوش و الأهل ؟ بادلتهُ الابتسامة بخَجل..فهي لا طالما كانت تَهاب حُضوره القَوي و رجاحة عَقله التي استطاع بها أن يتفاهم بكُل أريحية مع عُقول أبنائه المُختِلفة المَسار..،:الحمد لله كلهم بخير نَطَقَ بنبرة مازِحة و هو يَرنو بعينيه لابنته،:عاد اسمحي لي باخذ من عندش النُور جم ساعة ضِحكة خفيفة داعبت حنجرتها و هي تقول بتَسليم على الرغم من قرقعة الفضول في صدرها،:على راحتك عمي لو تبيها اليوم كله أشار أمامه لتتقدما،:تعالي بنتي بنوصلش قبل و بعدين بنروح خَطى معهما بصمت إلى الفُندق المُقيم فيه وَفدهم الطبّي..نُور لا زالت الأسئلة تَحوم بضيق وسط صدرها الداق ناقور شكّه..فوجود والدها هُنا رَسم ألف علامات استفهام فوق رأسها..و كذلك طريقته في اللحاق بها..هل يُعْقَل أنَّ أحداً من أهلها يُعاني من شيء ؟ نَطقت و القلق يتدثر صوتها بعد أن فارقتهما سارة ليُواصلان مَسيرهما،:بابا أحد فيه شي ؟ ماما أو أخواني ؟ أفرج عن ضِحكة جَمعت ضِدَّين في نفسها..فهي نَشَرت الراحَّة بين خلجاتها،فهذا دليل أنَّ الجَميع بخير..و في الوقت نفسه أوقَدَت شُعاع حَرَج بان احمراره على وجنتيها الحَليبيتين..،أجاب مُوَضّحاً،:ما في شي يا بنتي لا تحاتين..بس الشركة واضعة خطَّة للاستثمار اهني فجيت اشوف الأوضاع هَزَّت رأسها بتفَهُم قبل أن تتساءل،:في أي فندق ساكن ؟ أجاب و عيناه تَتَجولان على المَجال المُرْتَدي حُلَّة طبيعية مُبْهِجة،:تدرين فيني يُبه ما احب اسكن في فنادق مُدَّة طويلة.."أشار لأحد المباني البعيدة مسافة الدقيقتان" استأجرت لي شقَّة في هالبناية واصلا طريقهما المَحفوف بأسئلة نور و أجوبته البسيطة حتى وصلا للمبنى..استقلا السلالم القليلة للطابق الثاني حيثُ تقبع شقته ذات الباب الخَشبي البَيجي..فتحه ثُمَّ دلفا ليقول مُباشرة بعد أن أقفل الباب،:بابا نور أنا بروح اسبح لأني سيـده من المطار جيت لش الفندق هَزَّت رأسها بالإيجاب و يدها ارتفعت بتلقائية لرأسها تُريد أن تَخلع حجابها لكنَّه نَطَقَ مُعارضاً،:لا يُبه خليه اللحين بيجي اللي معاي هَمَست و حاجباها اعتلا قمَّة تَعَجَّبهما،:اوكــي "واصلت همسها بعد أن اختفى خلف باب الغُرفة" ما دام وياه صديقه ليش جايبني..فَشْـــلة ! أعادت ترتيب الحِجاب قبل أن تَتَحَرَّك قدماها مُبتَدِئة استطلاعها حتى يَنتهي والدها..كانت الشِقَّة مُتَوسّطة الحَجم..غُرفتان إحداهما احتضنت جسد والدها و الأخرى تُجزِم أنَّها لرفيقه بالإضافة لدورة مياه تتوسطَهما..المَطبخ بتصميم عَصري مَفتوح على غُرفة الجُلوس المُصْطَبِغة جُدرانها بلون بيجي تناسق مع نُقوش ورق الحائط المُتداخل معها لون كحلي لامع..و فوقه عُلّقت شاشة التلفاز العَريضة نسبياً..اتجهت إليه لتتناول جهاز التَحَكّم تُشغِل نفسها به مع ارتفاع صوت القُفل..انقباضات و انبساطات زارت عضلات بطنها نتاج الحَرج الذي بدأ يتفاقم مُسَيْطراً على حواسها..تخجل من هذه المواقف،ليتها أخبرت أبيها أن يبقى معها..بل كان يجب أن يبقى معها دون أن تطلب ! كيف يتركهــ آآآه..،ارتعاشة ساحـقة لها أسواط إعصارٍ مُدَمّر باغتت جسدها حتى استحكمت عليه..جهاز التَحَكّم فَرَّ من يدها التي تنافرت أصابعها من هَول الصَّدمة المُتَجَسّدة على هيئة رَجُل..رَجُل لم يَخطُر على بالها أنَّها ستلقاه هُنا ! صوت ارتطام جهاز التَحَكُّم بالأرضية الخَشبية لم يخترق مَسمعه فوعيه كان مُنتبه لزحمة الأكياس بين يديه..اقترب من منضدة المَطبخ بعد أن أغلق الباب بقدمه..وضع الأكياس هُناك ثُمَّ بدأ باستخراج ما انحشر في جوفها..مُعَلَّبات..أجبان و عصائر حَسَب طَلب ناصر..فهو أعلمهُ أنَّهما سيبقيان هُنا إلى حين انتهاء وَرشة عَمل ابنته..نُــور..،أفْرَجَ عن تنهيدة سـاخنة عندما اصطدمت حُروف اسمها بعضلات صدره تُعيد إحياء أوجاع كَسْره..ضلعٌ مُهتَرئ تَعاونا عليه عزيزا قَلبه..عَبدالله و صغيرته..و هَشَّماه..كما تطحن الرحى حُبوب القَمح هَشَّماه..،تُرى متى سيلقاها ؟ رفع عينيه يُريد أن يبحث عن أثر لناصر ليسأله و لكنَّ الحَياة كانت كَريمة معه..رُبما للمرَّة الأولى طوال سنوات عُمره الأربعون..اصطفاقة أهدابه تَصَلَّبت خِشية إغماضٍ لَحظي يَسرق منهُ وَجهها المُغتَرب عن باب مُقلتيه لعامين..فتلك الدقائق التي كان يتصيد فيها ملامحها عند المُستشفى لا تُحسَب..فَهي كما النار دافئة و لكنَّها حارِقة..بابتعادها عنه هُو يحترق..بل أصبح عَجوزاً مُرمْداً..لا عُكّاز لديه سوى الذِكرى..،هِي و آآه منها هِي..أُنثى تُزَفُّ أنفاسها على نَعيـق كابوس أسْوَد يَرفض الانحلال عنها..مُضَيّقاً حَجمَ قَيْده حَول روحها قاصِداً المَوت و لا غيره..،صدرها يتَخَبَّط بين ارتفاعِ و انخفاض حتى باتت لا تعرف أيُّ الطُرق تسلك لشهيقها و في أيُّ الأزقّة تحشر زفيرها المَعلول..نَعم مَعلول..فهو قد أرخى فوق كاهله عُلَل روحها قبل أن يُغادر جسدها الواقف على أعتاب الإنهيار..،لمَ هُوَ هُنا ؟ أم أنَّ الكابوس عاد ليتجسَّد لها واقعاً ؟ بقذارته و شيطانيته..، ،:شفيـكم ! كلاهما لم يستفق لصوته..فروحها تَغرق و روحه تَتبع آثار مَوجها عَلَّهُ يلتقي معها عند ماضٍ فيه هي صغيرته..يُحَل لهُ التَمَعُّن بنعومة ملامحها..و إن غَدرتهُ الحياة ألفاً و نثرت مِلحاً فوق جراحه احتضن جسدها الضَئيل..يستنشق من رَبيعه عُمراً جديداً..،عــاد الصْوت و هذه المَرَّة تداخل مع هواجس طَلال لتتحرَّك عيناه إليه،:شفيكم،ليش كل واحد جامد في مكانه ؟! سلموا على بعض صار لكم سنتين مو ملتقين "تَقَدَّم حتى توقف بجانب نُور المُصْمَتة الحَواس..أحاط كتفيها بذراعه لتصطدم بجلده رَجفة أجَّجَت القَلق وسط جوى أُبُوَّته..لكنَّه حاول أن يتحرر منه ليُردِف بضحكة" إنت سلم طلال يمكن البنت قامت تستحي منك ازدرد رُعبه قبل أن يفتح فمه مُفرِجاً عن هَمس اقتُلعَ عُلُوّه بيد الحَشْرَجَة..،:ســـلام لا..لا ليس سَلاماً..بل حَربٌ مُخَلَّدة هي ضَحيتها الوحيدة و المُتَكرر زَهق روحها..اخترقت صدرها شَهْقة لم يَكن لهما مَجال للتَفاجُئ من حِدّتها..فاستفراغ مُسْهَب أتبعها جارَّاً مَعهُ طاقتها المُتلاشية ببطئ مُوجِع..أحنى الإعياء كتفيها و جسدها بوَهْن مال على جسد والدها الذي تَلَقَّفَ ضعفها بفَزَع غادر لسانه،:يُبه نُــور اسم الله عليش شنو فيش "احتضنها دافناً وجهها المُحتَقِن من فَرط ضَغط عروقها و اكتساح الدمع له وسط صدره يُريد أن يُكبِح هذا الاستفراغ المُقتات على يَنَعِها" حبيبي بابا يا عُمري انتِ اهدي و قولي بشنو تحسين ؟ "أمسك رأسها يُبعده قليلاً لينظر لعينيها الغائرتين من سَرمد دمع ليقول و الخَوف يُحَلّق بين عينيه" قومي يُبه نروح المُستشفى حَرَّكت رأسها رافضةً ببطئ مُتعَب بالتطارد مع ارتفاع كفّها لتمسح بظاهرها فمها قبل أن تُعاودها رَجفة هَلِعة نتاج إنغلاق الباب المُدوي..أغمضت عينيها تَهرب من نظرات والدها المُتَفَحّصة و في داخلها ارتفعت كلمات بها هي تُهَدّئ رَوعها..غــادر..اهدئي فلقد غــادر..و لكن أسَفاً أنَّهُ غادر واقعكِ و لم يُغادِر روحَكِ الهَشَّة ! ,، يتبع ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]() ماضٍ خصلات الكستناء التي استعادت عُمرها بعد تَقصيرٍ من يَدي بَسَّام الصغيرتان تَتَطاير ببعثرة يَرتفع على إثرها ضحكتها المَحْشُوَّة بالسعادة..قدماها الحافيتان تَعبُران الأرضية العُشبية بحُريَّة و انطلاق لا تُقَيّدها مآسي الحياة الخَجْلى من زيارة أرض طُفولتها،مَلْمَس العُشب الطَري المُبَلل بماءٍ نَشَر رائحته المُنعِشة يُداعِب باطنهما..،كانت فَرِحة مع الأطفال يَرسمون البَهجة بابتساماتهم العَليلة و ضحكاتهم النَقِيَّة من خَبَث..،زادت من سُرعة قدميها و هي تَرى كيف تَوَقَّفَ أمامها والدها شارِعاً ذراعيه يُهديها احتضاناً لم تتَرَدّد لقُبوله..تَلَقَّفها و هو يَرفعها ليدور بسرعة بَسيطة لطالما أشعرتها بأنَّها تَطير في الهواء..يَرميها للسماء لتتسارع نبضاتها بنصف خَوف و نصف حَماس طُفولي يُرَغِبْها بالمزيد..يَعود و يتلقَّفها مُودِعاً قُبْلات لها وَقعٌ خاص على حواسها المَشدوهة لتصرفاته..،صوتٌ قَريب ارتفع بضحكة،:شــوووف عيون الولد شوي و تاكلها التفتت مع والدها للذي يقصده زوج خالتها..كان راشد ينظر لهما بانتباه ينبعث من عَينين بَرئتين..ارتفعت ضحكة والدها الجَهورة قبل أن يَنطق مُوَجّهاً السؤال له،:هــا يا راشد شكله ضحكة بنتي رَدَّت روحك مثل ما ترد روحي ؟ أجاب راشد بعدم فهم وهو الذي كان يكبرها بأشهر فقط،:ايــــه تعالت ضحكتهما من جَديد و أنظارهما تتوزعان عليها هي و راشد اللذان نَمَت علامات تَعَجُّب فوق عقليهما الصَغير ! ، مَضَت نصف ساعة و هي واقفة أمام المرآة تُمارِس عَمَلها كأُنثى اكتشفت مَدائنها حَديثاً بعد أن زارها عُمر المُراهَقة..هي الآن ابنة الرابعة عَشِر..ملامح جَسدها بدأت بارتداء الفِتنة بعد أن خَلَعَت ثَوبَ الطُفولة..رفعت يديها بعد أن تناولت مشْبك شعر صَغير تُثَبّت به خصلاتها على الجانبين حتى تتضح لوحتاها المُغْرَقتين بعَسَلٍ مُصَفَّى أحاطتهُ بكُحْلٍ كان كسوادِ ليلٍ يحتضن القَمَر..ارتدت مجوهراتها البسيطة قَبلَ أن تتوجه لغُرفة والداها القَريبة،طَرَقت الباب ثُمَّ دَلفَت بعد أن أُذِن لها بالدخول..وقفت أمام والدتها التي كانت هي الاُخرى تَتَزَيَّن لتتساءل و هي تَمس أطراف خصلاتها التي بالكاد تصل لكتفيها،:حـلوو شكلي ماما ؟ تَرَكَت أحمر الشفاه لتلتفت مُحتَضِنة كَفَّها مُجيبةً بابتسامة تَكَلَّلت بحُب عَميق،:يا عُمري انتِ تجننين "ارتفعت كَفُّها لوجنتها القُطنية تَمسَّها بحنان مُردِفة" عين الله تحميش حبيبتي اتسعت ابتسامتها و إمارات رِضا بانت بين طَيَّات ملامحها الناعمة..رفعت عينيها لوالدها الذي نَطَقَ و هو ينحني إليها،:قَمَر قَمَر أحلى البنات "طَبَع قُبلة فوق بتلة الجُوري ثُمَّ تساءل بمُشاكَسة" كل هالكشخة عشان العزيمة في بيت راشد ؟ أرفَعَ الاستنكار حاجبيها الخَفيفين بالتَطارُد مع اشتعال بتلات الجُوري باحمرار اعتَلَت لهُ ضحكته..أخرَجَت كلماتها من بين تَراكُمات الحَرَج لتُدحِض فكرته البعيدة كُليَّاً عن عقلها،:بـــابا ما له دخل ! طَبَعَ قُبلة أُخرى قَبلَ أن يَنطق بحُب بان وسط عينيه،:يا عُمري هالخدود الجميلين تَراجعت للخلف تهرب من كلمات مَديحه و غَزله الخاصَّة بها و التي تُأجّج الخَجَل وسط نبضاتها رُغماً عنها..و لتُبَرر هذا الهَرَب،:بروح البس عبايتي فَور خُروجها استدار ليخطو نحو ثَوبه الغافي بعناية فوق السَرير و من خلفه وَصَلهُ صوت زَوجته المُتَقَلّد بحِدَّة اعتادها،:جم مرة قايلة لك لا تجيب طاري راشد قدامها بهالطريقة ؟ تساءَل و هو يَرتدي الثَوب و كأنَّهُ لا يعرف الجواب،:و وين المُشكلة في هالطريقة ؟ أجابت و الحَنَقَ صَفَّ جُيوشه فوق سُفوح ملامحها،:يا رجال لا تعلق البنت و تخليها تحلم..ما تدري شنو بيصير بعد سنين ، جنان بمُشاكسة قالت و هي تغمز بعينها لغيداء،:خــلاص بعد جم يوم بتصيرين مرأة و بتتكبرين علينا ضَرَبت كتفها بخفَّة بقبضتها و هي تُعَقّب بابتسامة،:جنانــو بس عاد..تمللت من هالجملة من شهر و انتِ تقولينها نُور المُستَلقِية فوق سَرير غيداء الواسع أكَّدت و هي تُداعب خصلاتها بأناملها تُحيك أُمْنِية بين عينيها الحالمتين،:ايـــه خلها تتكبر خلاص صارت مُلك لرَجُل حياتها ارتفع حاجِب جنان يُعَبّر عن سُخريتها،:حسستيني إنها تعرفه من سنين "اهتَزَّ صوتها من وقع ضجيج قَهقهة داعبت حنجرتها و هي تُكمِل" الفضل من بعد الله لطلال..سَيَّل دم الآدمي أكمَلت حَنين تُشاركِها الضَحِك،:و هو وَسَط دمه عيونه على غيداء المَسكين اعتلت ضِحكة غيداء و ذاكرتها تُحَلّق لماضٍ حَوَّرَهُ الزَمن من رُعبٍ مُفزِع إلى ذِكرى تَنبت الابتسامات من سُقياها..نَطَقت و هي تحتضن وجنتيها بكفَّيها،:والله اني حَزَّتها سبيت روحي لأني قلت لطلال يشوف وضع سياقتي "مال رأسها بخفَّة و الضِحكة تَقَلَّصت لابتسامة رِقيقة و هي تُردِف" على قولة عَمَّار وقتها تشَهَدَّت قلت هذا بيذبحني اتسعت حَدقتا حَنين و عَدَم التَصديق يطفو وسط عدستيها،:والله إنه مجنون بس لأنه دعم سيارتش شوي و يذبحه ! أضافت غيداء،:و يا ليت السيَّارة تعَوَّرت بعد ! انقلبت نُور لتستلقي فوق بطنها و هي تتكئ بمرفقيها على السرير ناطِقة بتوضيح اكتستهُ نبرة دفاع واضحة،:اصلاً قال لي طلال هو ضربه لأنه خوفش و نَزَّل دموعش يوم دعمش قَلَّبت عينيها حَنين مُعَقّبة بصوت مُنخفِض وصل لمسامع نُور،:اشتغلت المُحامية أرفَعَ القَهَر صوتها مُهَدّدة،:حَنينو جَــب و لا بتشوفين جُود و التي كانت أصغرهن تساءلت عائدة للُب المَوضوع،:تتوقعون كل وحدة من بيكون رَجُل حياتها على قولة أختي المُحامية ؟ امتَدَّت كَفّ نُور تقرص زندها و كلماتها تخرج من بين أسنانها،:انتِ بعد جب..بعدش صغيرة على هالسوالف جنان أجابت على السؤال و عيناها تتعلَّقان بعَيْني حَنين بشقاوة،:طبعاً حَنين مَعروفة..راشــد أُمنية ابوها ، من خَلْفِ الغِشاء الشفاف المُتَدَثّرة بهِ مُقلتاها المُبتلعتهما صَدْمة كانت تُبصِر تَلَصُّص فُستانها المُصْطَبِغ بدم الغَزال من بين سَواد عباءتها..و كأنَّهُ كان يَعلم بأنَّ مأساة سَوْفَ تَحِل عليها فأَغْرَقَ خُيوطه بالذي تُوَزّعه المآسي هَدايا بعد إنقضائها..هدايا نَتِنة تختنق منها الأنفاس حتى و إن أكل الدَهُر على الذِكرى و شَرِب..،كَفَّاها بانقباض ترتعشان فوق فَخذيها..كانت مُتَقَدّمة في جُلوسها..دَفعة خَفيفة من أحدٍ و ستجتذبها الأرض..كتفاها يعيشان مَوْسِم هَزَلهما و من أسفَلِها تساقطت أغْصان أُنوثَتِها..أو لنَكون مُنْصفين فَالحديث هُنا عن حَنين..حَتماً سَيكون الخَريف قد التَهَمَ غُرورها حتى تَهاوى مَذْلولاً..،لا زالت أعْيُن الشَفَقة تَسترق النَظر على انكسارها..تَتَقَلَّب على ملامحها المُصْمَتة من ألَمَ كان زائرها غير المُتَوَقَّع في ليلة ظَنَّت فيها أنَّها ستُتَوَّج بإكليل الحُب بيدي رَجُل اقتَرَن اسمه باسمها مُذ كان العُمر طِفلاً لا يَفْقه الحُب..و هل فِعْلاً كان هُنالك حُب ؟! كانت الساعة تقترب من السابعة صباحاً و مَنزِلَهُم مُنذُ نصف ساعة أصْبَحَ مَقَرَّاً لجَدَّيْها..خالتها زوجها و راشــد..الهارب..،أصْواتهم تَتَداخل بإزعاج لهُ بداية مُشَوَّشة و نهاية تخترق مسامعها مُحْدِثة ضَجيج يُرْعِب النَبضات فيزداد اصطدامها بجُدارن القَلْب و تَطارًداً يَزداد الوَجَع و كأنَّ يَدٌ سَوداء تعتصره..حَديثهم كان غَوغاء لم يَستطع عَقلها أن يُتَرجم معانيها و روحها أشْبَهُ بكائنٍ هُلامي لا يستَقِر وَسط راحة يَد الفَرح..فهو يَحدو ببطئ نحو فراغاتِها مُسْتَسْلِماً لنداء الأسـى..،هي لم تُعَرّي جَسَدَها من فُستانها الدَموي..و ما أبْرَزَ ملامحها من مَساحيق تَشَرَّبَتها دُمُوعُها المُنْسَكِبة بحَسْرة غَصَّت بأنَّاتِها..، ،:حَنيـــن جيت مَرَّة و قلت إني احبش ؟ أو بَيَّنت من تصرفاتي إني أحبش أو أبيش ؟ قولي لهم زادت من إخفاضِها لرأسها و هي التي تَمَنَّت لو تَجرُف الأرض بيديها لتُدفِن جسدها وسطها هَرباً من هذا الكابوس المُهَدّد مشاعِرها..حَرَّكت رأسها ببطئ نافِيةً و بهذا النَفي تُؤَكّد حَديثه..فهي فيما مَضى من سَنوات كانت تُناقِش تناقض تَصرفاته بوعود و اُمنيات والدها و زوج خالتها..فَكيف الآن تَنكر بعد أن أفْصَحَ هُو عن مَكنونه الجارِح أحاسيسها..،أكمل حَديثه لهم مُواصِلاً زَرْعَ شُعور الذُل بين خلجاتها المُرهَقة من نَوْح،:انا رَجَّال اذا ابي اتزوج ما انتظر من أحد يختار لي شريكة حياتي على كيفه..ابي انا اختارها ابي وحده تستاهلني وحده فعلاً تستحق تكون زوجتي جَدّته نَطَقت و حُمم الغَضَب تَحمِل كلماتها،:و الله أن بنت خالتك تسوى هاللي تبيها..شنو ناقصها حَنين عشان تقول هالحجي يا قليل الأدب ؟ السُخْرِية لم تكتفِ من الانعقاد مع ابتسامته بل أنَّها أغْرَقَت صَوْتَهُ،:آسف يُمَّه بس أنا ما اتحمل اعيش مع وحده الغرور راكبها من ساسها لكرياسها..وحده ما تشوف أبعد من خشمها تظن إنها فوق النــ قاطَعَهُ والده و إعصار غَضَب استحكم من حواسه لينقض على ذراعه بقبضته الراجفة قَهَراً،:جـــاب ياللي ما تستحي..شلون تقول عن البنت هالكلام ؟ شكلك ما تربيت ياللي ينادوني باسمك والدها وَقَفَ مُقتَرِباً من مكان وُقوفهما والذي قد يتحول لساحة مَعركة قَريباً..أمسَكَ عضد رَفيق دربه و هو يَقتلع صوته من أرض قَهره،:بو راشد خذ ولدك و اطلعوا خلاص ماله داعي يكثر الحجي نَطَقَ مُعارِضاً الأمر و حَرَجٌ سَقيم تكالب عَليه من فعل ابنه،:يا بو حَنين ما يصير لـ قاطعهُ بنفاذ صَبْر بانت تَصَدّعاته على ملامحه،:خـــلاص انتهت السالفة ما يحتاج نطولها زَفْرة قَليلة الحيلة عَبَرَت صدره قبل أن يَهز رأسه مُتَفَهّماً..أحلَّ عُقدة قبضته عن ذراع ابنه و عيناه تنحرفان للتي انطوت على نَفْسها وَرَقة مَسْلُوبة اليَنع..و ما أقسى من أن تُسْلَب ثِقة الأُنثى منها ؟ تَقَدَّم زوجته و ابنهما تاركين المنزل و الحَرَج كان عباءةً أحنَت من ثقلها كَتفيه و كَتفي زَوجته..،أما والد حَنين..فبعد خُروجهم تَقَدَّم لابنته يَجُرُّ قَدميه المُتَحَوّرة الأرض من أسفلها إلى وَحلٍ كان نَتاج أفعاله العَوجاء التي حَذَّرتهُ منها زَوجته ألفا..لكنّه لم يَستجب..و أصْبَحَ اليَوم شَريكاً في ذَبح ابنته..وَحيدته و أميرة عُمْره..اقتلع تاج الثِقّة المُمَيزها عن بنات أترابها..أحنى كاهِلها حتى باتت العَنْقاء تُهامس الأرض تُوشوش لها بصوتها المُتَحَشْرِج بَحَّةً أنَّ والدي اقتلعني من تُربة رَبيعك و خَلَّعني من ثَوبٍ أحاكهُ لي بأصابع حَنانه مُذ كُان حضنه يتَسّع لجسدي..ثَوب الغُرور باتَ خِرقة أخفيت رُقَعها بفُتات ثقتي..،ناداها عندما أصبْحَ مُقابِلاً لها..هي على جُلوسها و هو واقفٌ يُناظرها من عُلو لا يَعرف كيف ينحني ليُواجِهها،:بــابا حَنين صَوْتُهُ المَتَشَبّع بلحن اعتذار أرْفَعَ رأسها مُفسِحةً المَجال لقلبه بأن يَحتَرق من فَيض الدُموع التي نالت من بياض مُقلتيها حتى صَيَّرتهُ قطعة حَمْراء تَحكي وَجعاً مَرَقَ فُؤاده..تَقَوَّس فَمها ترسِم لَوْحَة بُؤسٍ اتخذت من أوردته و شرايينه إطاراً لها لتُعَلَّق فوق جدار روحه حتى لا يَتَحَرَّر من قَيْد ما حَصَل..شَهْقة تَكَوَّم وسطها الحُزن القابع في ذات صغيرته عَبَرت صدرها حتى شعرَ بها صَخرةً تَهوي على أنفاسه..اللَّوم الذي أرسلتهُ طُيور عينيها النائحة اسْتوى خناجر تَتَصيد بُؤرة نَدَمه..،جَسَدها مال بوَهْن ليجتذبه حُضن والدتها المُنتَحِب معها،دَفَنَت وَجْهَها المُتَهَدّل الملامح وسطه تُذرِف دَمعاً يستفرغ طَعم الإهانة..هي التي لم تعتقد و لو للحظة أنَّها ستَتَذوق مَرارتها..بَكَت و رائحة الحِنَّاء الغافية نُقوشه بين خطوط يديها تُثير غَصَّاتها..تَمنَّت لو أنَّها تَسلخ جلدها منه و هي التي أصبحت أكبر أمانيها سَلخَ ذكرياتها من رَمادية كان والدها مُسَبّبها الأوَّل..،جَدَّتها و التي كانت تَجلس على يمينها حَطَّت بكفَّها على ظهرها مُرَبّتة علَّها تُزيح غُبار الهَمّ عن كاهلها الشاب..والدتها نَطَقَت بحَرْقة استحوذت على نبرتها،:حَذّرتك ألف مرَّة،حَذّرتك لأني كنت خايفة من هاللحظة..شنو اللي بينسي بنتك اللحين،قولي شنو ؟! ، حاضِر كانت والدتها صادِقة..فلم يَكُن النسيان حَليفها حتى بعد مَضي أكثر من عام..لا زالت تستطيع أن تسترجع مشاعرها في تلك اللحظة..حَجم القَهَر تعرف قياسه جَيّداً..و تعرف أنَّها حينها بَكَت دَمعاً يُسقي شَعباً بأكمله حتى إقْفَرَّ جواها ليُكَنَّى يَباباً لم تَزُره سُحُب البُكاء لفَترة ظَنَّت فيها أنَّها قد تَحَرَّرت من قفص الضُعف..إلى أن أتاها والدها مُحَمَّلاً بخَبَر خطبة بَسَّام..فعاد البُكاء ينتثر فوق أوتارِ كمانٍ لا يقصد سوى أزِقَّة تنحشر فيها ألحان أسـى..،جَسَدها مَشدوهاً للموسيقى الكلاسيكية المُنبَعثِة من جهاز الـ"جرامافون" المُستَقِر في زاوية غُرفة الباليه خاصَّتها..تَدور مُكَوّنة حَلقات حَوْل نفسها و كأنها أذْرُع حِماية لها من رياح ماضٍ كَئيب..ماضٍ هَمُّهُ الأكبر نَكْأ جراحها الغافية..هي بالرَّقص تستفرغ ما تُكَوّنه الأيَّام و الأحداث من سلبيات تُثقِل روحها وتُتخمها حتى لا يبقى حَيّزاً للسعادات..،صوت الموسيقى تَوَقَّف فَجأة لتتكون بين حاجبيها عُقدة استنكار لم تُطل البقاء بعد أن اصطَدَمَ بَصَرها بانعكاس صورته في المرآة..قدماها الحافيتان خَلَعت خطوات الرَقص لتقف باتزان و هي تُلقيه ظَهرها المَكشوف نصفه..شعرها استَقَرَّت خصلاته بارتخاء بالقُرب من قمَّة رأسها تاركِاً المَجال لصفاء عُنُقِها و نحرها بالتباهي..اقتربت على أطراف أصابعها من العَمود الخشبي المُلتَصِق بالمرآة..مَسَّتهُ أناملها ببعثرة بَيَّنت مَدى ارتباكها..شَدَّت عليه و هي تَراه يقترب منها..عيناها على جَسده الرُجولي فقط، فلم تَتَجَرآن أن ترتفعان لعينيه خِشية استقبال مَوْسِمٌ جَديد من النظرات و هي فعلاً لا تقدر على ذلك..باغتتها ارتعاشة إثر مُلامسة كَفّيه الباردتين بغرابة بكتفيها..شَدَّ عليهما ليُديرها إليه و يُصبِح القُرب إلتصاق مُميت هُو جِهادٌ للأنفاس..هَمْسُه ارتفع بلا مُقَدّمات مُجَلُجِلاً نبضاتها،:للحين قلبش يحمل له مشاعر ؟ "مال رأسه بخفَّة يُتابِع من خلف أجفانه الضائقة رَفيف أهدابها مُردِفاً" للحين فيه حُب ؟ نادتَهُ برجاء فلا تُريده أن يَسلك هذا الطَريق المُعَذّب حواسها،:بَسَّـــام تَجاهِل نَبرة التَرَجّي و التي استشَّفَّها من أول حَرف نطقتهُ مُواصِلاً،:دموعش يوم العرس كانت عشانه..صرتين حلال لغيره و هو بتحل له ثانية "أفلتت حنجرته ضِحكة ساخِرة قَصيرة المدى و لكنَّها طَويلة الأثَر"مستغرب شلون عمي يوم خطبتش منه ما كلمني في الموضوع..من حَقّي أعرف..حتى عمتي صدمتني ! وَضَّحت لهُ حتى لا يُلقي اللوم على والديها،:أنا اللي قلت لهم ما يقولون انَقَبَضَ صدره من مَوت نَبضة وسط قلبه..ببرود تعترف و ببرود تُعَمّق جراحه..هَمَسَ بلحن حَسْرة أنَّبها،:عشان تثبتين إنه بَسَّام ولا شي في حياتش ؟ كان ولا شي و بيظل و لا شي ! عيناها تسلقتا الهواء المُضطرب بينهما لتلتقي بانكسارات عينيه ناطِقةً باستنكار،:لا بَسَّام لا تقول هالكلام تَراجع عنها و يداه تتركان كتفيها ناطِقاً بنبرة هُجومية،:لا تقولين نسيتين حُبه..لا تقولين لأني ما بصدق لم يَكُن حُبَّاً بَسَّام لم يَكُن..كان مَحلولاً مُغَيَّب العناصِر السامَّة أرغموني على اجتراعه..لم ينبض قَلبي لرؤيته يَوماً و لم أشعر بانقباضات و انبساطات في معدتي لطَلَّته..أنا حتى لم أنَم و هو وسادة أحلامي..كُل الذي كان ينمو بين حُجرات جَواي عِشقاً لكلماتٍ لا أدرِ كيف عَبَرت روحه القاسِية لتغفو فوق الوَرق ؟ كان ربيع قَلبي يتَغَذى على ضوء حُروفه و سُقياه خاطِرة رَقيقة كَتبها لأجلي فقط..أنا حَنينه ! أهذا الحَنين في نظره ؟ حَنينه الإهانة و النُكران ؟..،بَسَّام أكمَل و هو بحديثه يقرع جَرَس باب ذكرياتها ذو القفل الصَدِئ،:ما بصدق لأني اعرف شلون الواحد ما يقدر ينسى شخص اتعلَّق فيه من صغره..ادري إن النسيان صَعب..ادري إنه المَوت أسهل من إنه ينسى أفرَغ آخر جَمرة حارِقة و خَرَج و بخروجه رأت نفسها تُلبسه خِلَعَ الخُذلان ببجاحة..لم تستطع أن تلحقه و تنفي فِكرته و التي تَبدو سهاماً لا تَكُف عن اختراق روحه..بقيت في مكانها تنتظر هُطولها المالح لتغرق معه تندب ذَّاتها التي كان الكِبرياء مَقْصَلَتَها..، ,، مَساءً أوْقَفَت مَركبتها مُطفِئة المُحَرّك لتهدأ جَلَبته و تبدأ بالانخراط مع جَلَبة دواخلها..استَقَرَّت بذراعيها على المقْوَد و من فوقهما انحنى رأسها مُتَخِذةً وَضعَ البُكاء..لَكنَّها و بغرابة لم تبكِ..غَيرُ أنفاسٍ مُتَقَطّعة لم تُفرِغ..عدسَتاها اختبأتا خلف جفنيها تبتعد عن الواقع تبحث عن طَرف خيط تلتقطه للعودة لماضٍ كانت فيه سَعيدة و الحُزن قد رفع رايته البيضاء لتستقل أرض أُنوثتها منه..لكنًّ أحداث الساعات الماضية لم تسمح لها بامتطاء فَرَسَ السعادة..فهي عَقَدت سلال أمام طريقها و دَفَنَت ألغاماً تمنعها من المواصَلة..، ، تَوَقَّفت أمام باب سَيَّارتها مُستجيبة لندائه..هُو الذي كان يبتعد عنها بخطوات أكمل،:عندي لش نَصيحة من أخو لأخته احتَضَنت المقبض تشد عليه بقوَّة و آخر كلماته زَرَعت دمعاً حَجَب عنها الرؤية..بعد أن كانا زوجان باتا الآن أخان في الإسلام..واصَل بنبرة لم تعرف سوى الحُب الصادِق لها،:لا تربطين سعادتش بأحد..كوني سعيدة لنفسش و لبنتش..الله خلقش و خلق السعادة في روحش..لا تبحثين عنها عند البَشَر "شَعَرت بخطواته تتراجع و هو يُردِف بلحن وداع مُوحِش" في حفظ الله فَور ابتعاده فتحت الباب لتنحشر و سط المَقعد تُفرغ وسط قماشه ارتجافتها الهيستيرية..اذاً اتى الفِراق..أتى فوق جِنحي حَمامة كانت ذات زَمن غير قادرة على الطيران..احتواها غُصْنٌ تَجَرَّد عن شَجَرته ليُنقِذها..ضَمَّدَ جراحها..ليس مَرَّة بل مَرَّات..شَذَب ريشها المُهتَرئ و أعاد البياض لها بعد أن تَرَمَّدت بدُخان الإهمال..كانت هي الحَمامة..و أحمد هو الغُصْن الوَفي..، ، عُقدة استغراب استقرت بين حاجبيه و هو ينطق،:بنية ؟! أكَّدَ،:ايــه بنية و شكلها تعبانة لأنها منزلة راسها للسكان هَمَسَ يُحادث نفسه،:معقولــة ! تساءل،:تبيني اروح اشوف شنو وضعها ؟ حَرَّك رأسه نافياً،:لاا لا انت روح بيتك توكل انا بروح اشوفها ،:تمام..في امان الله و هو يتوجه لغسل يديه،:الله يسلمك نَظَّفَهما جَيَّداً من الزيوت قبل أن يتَحَرَّك مُباشرة لخارج المرأب و هو مُتَصَور أنَّهُ سيرى ملاك في السيارة..لكن ما أن بانت لهُ اللوحة حتى سَرَّع خطواته و من بين شَفتيه خَرج وَجْسٌ قَلِق،:جنــان هي غادرت السيَّارة لتستقبله..استندت على الباب و هو تَوَقَّف أمامها يَجول ببصره على حالِها المُهتَرئ..العَينان غائرتان بوضوح و عدستاهما تَتَخَبَّطان بتَيه..ثَغرة بين شفتيها يَبدو أنَّ الروح تُسْتَل عن طريقها..و رجفتها الشَديدة تَكاد تنتقل إليه..تَلَقَّف ذراعها بيده القَويَّة و بسهولة استطاع أن يَجُرَّها لصدره..،فَورَ شُعورها بحصار دفئه الغَريب عنها لجسدها المَكسور ارتفعت منها شَهقات مُتتالية أفزعته..كانت تَتَنَشَّق بصعوبة تُنَذّر بالاختناق..احتضن جانب وجهها يُبعده ليتسنى لهُ النَظَر لغيهبات عينيها مُتسائلاً بخوف،:حبيبتي جنان شنو فيش ؟ كان جَوابها شَهقة أخيرة أتبعها سَيلٌ غارق أرغمهُ على دفن وجهها وسط صدره..هذا الصَّدر المُتَكَتل فوقه شتاءً لا يعرف سوى سُحب الجَليد و لا غير..احتضنها و هو يَعلم أنَّ هَمَّاً لا تَحمله الجبال الراسيات أتى بها إليه..هُو مُحَمَّد..الأقرب لقلبها قبل أن تغتال أُخُوَّتهما الدُنيا..،مَشى معها و هو كان قريباً من حملها إلى الداخل مُتَوجّهان للطابق العلوي من المبنى حيثُ شِقته..هُناك على أريكة غُرفة الجلوس استقرَّا..هي تُفرِغ أسـاها و هو يستقبل بصمت حتى انقضت سبعُ دقائق انخفض من بعدها مُستوى نَهرها العَكِر مع بقاء الشهقات سيفاً تقتطع الأنفاس بين الدقيقة و الأخرى..، ،:جيـ ـت لك انـ ـت أخفَضَ بصره ينظر لقمَّة رأسها مُوَجّهاً حواسه لنُطقِها..هي ابتعدت تاركة حُضنه لتُكمِل و عيناها تُراقبان انعقاد أصابعها،:دورت في عقلي عن أحد غيـ ـرك اروح له ما حصلت احتضن بكفّه الكبيرة يداها يُهَدّأ رَعشتهما ناطِقاً بابتسامة حَنونة هُو نفسه اشتاق لها،:يا عُمري انتِ انا موجود عشانش في أي وقت أوْمَأت برأسها له..فهُناك عند أعمق نُقطة في روحها يَقين بأنَّهُ حاضر لها مهما طال غيابه عنها..و تعي جَيَّداً انَّ صدَّها الذي واجهت بهِ شوقه سينساه حين تأتيه تَطلُب احتوائه..استنشقت بخفَّة ثُمَّ واصلت بصوت على مشارف الانهيار،:قبل جم ساعة كنـ ـت "مَسَّت شفتيها بباطن كفَّها قبل أن تَجُر صَوتها من قعر غَصَّاتها" كنت في المحكمة..تطلقت "رفعت مدينتا البؤس مُواصلة" كنت متزوجة و تطلقت شَعَرت بارتخاء كَفّه الذي أتبعها صوته المُستَنكِر،:جنــان ! "أغمض عينيه للحظات قبل أن يُكمِل" طبعاً أمي و أبوي ما يدرون ؟ هَزَّت رأسها بالنفي ليترك هُو يديها مُخَلّلاً أصابعه وسط خصلاته شادَّاً عليها بقوَّة يُفرِغ غضبه..زَفَر بحرارة و هو يلتفت عنها مُستَغفِراً بهمس..ارتفع صوته يُؤنبها،:شلون جذي تسوين يا جنان ؟! انتِ العاقلة تتصرفين هالتصرف ! أجابت مُبَرّرة بحُجَجِها الواهية،:كنت ابي أي شي ينسيني فيصل عَقَّب بثقة و هو يَفهم المُعادلة،:و تطلقتين لأنش ما قدرتين تنسينه صح ؟ هَرَبت ببصرها عن عينيه كارِهة أن تُؤكّد على ظنّه..هُو تساءل،:و من هذا اللي تزوجتيه ؟ شَدَّت شفتيها ابتسامة مُتَصدّعة و هي تهمس،:أحمــد..الإنسان اللي احتواني من بعد غيابك "عُقدة عَدم فهم بانت بين حاجبيه لها لتُكمِل مُفصِحة لهُ عما مضى تُعيد أيَّام صراحتهما" محمد أُمي من بعد غيبتك انقلب حالها..ابتعدت عنا أنا و علي بطريقة كأنها تَحمّلنا سبب غيابك "مال رأسها و خَطُّ الدَّمع يَميل فوق سُفوحها قاصِداً الذِكرى البائِسة" كنا بلا أم و لا أبو..أبوي من سفرة لسفرة "انعقدت كلماتها الأخرى بضحكة ساخرة" أو بالأحرى من زوجة لزوجة..بسهولة قدر يحصل له اللي تغنيه عن أُمي "ارتفع كتفها" عادي مو مهم يحبهم أهم شي يشبع رغباته و مُتطلباته..ياما ظلينا أنا و علي بروحنا في البيت هو مسافر و أمي منومة في المستشفى..خالي ناصر ما قصَّر يخلينا في بيتهم بس عقبها قمنا نستحي..قمنا ما نقول له اذا ظلينا بروحنا "مَسَحت صَبيبها بظاهر كفَّها" تدري محمد..مَرَّات أحس أمي كانت تتحجج بمرضها عشان بس ما تقابلنا و تهتم فينا..يمكن لان نذكرها فيك و بخسارتها لك "حَرَّكت يدها بعدم اهتمام" مو مهم هذا اللحين تساءل و هو يُحاول أن يتجرد مما كَشفتهُ إليه،:ليش لجأتين لأحمد ؟ أجابتهُ و العَين تسبح بين أمواجٍ احتوتها بمحَبَّة صادقة،:كان يكتب..و كنت اقرا كُتبه..كان نصير للمرأة و يوقف في صفها،عقلي المُراهق قال لي هذا اللي بتحصلين عنده الاهتمام و الحُب..هذا اللي بيكون أم و أبو.."انكمشت ملامحها و نبرتها خالطها تَقَزّز" لاحقته محمد..بكل قواية عيون لاحقته..ما اهتميت إنه كان متزوج همي أريح نفسي..و هو على الرغم من سذاجتي و غبائي و وحدتي ما استغلني..بالعكس كان لي المُوجّه و علّمني الخطأ من الصح..ظليت اكلمه و يكلمني لمدَّة سنة و شهرين بالضبط و من بعدها صارت علاقتنا تقتصر على الأُمسيات الشعرية اللي يحضرها أو حفل إصدار كتاب له و توقيعه و بعدها انقطعت العلاقة نهائياً..بعد ما أغرقني نصايح و حِكم للأسف ما استغليتها صح..و عقبها "عند هذه الكلمة رأى جَيشاً بملامح أُخرى يغزو مُقلتيها..أكملت و الصَوت ارتدى مَرارة" عقبها تزوجت فيصل اللي صار لي مثل البلسم..رفعني فـــوق فــ ـوق نَسَّاني الدنيا كلها ما صرت اشوف غيره "ضَمَّت شفتيها للداخل و كأنَّها تمنع كلماتها من الفرار لكنَّها كانت أقوى منها" حبيتــ ـه بجنون و للأسف وثقت فيه بجنون "أسْبَلت ذراعيها هامِسةً بروح نال منها الإرهاق" و آخرتها رماني"تَهَدَّل صوتها بضُعف" نسى الوعـ ـد و رمانـ ـي غادرت صدر أُخوَّته المُتعَب تنهيدة ثَقيلة تَوَزَّعت جُزيئاتها بين ذرات الهواء المِشدوهة لمنظرهما..عاد ليتحضنها مُتراجعاً عن لَومه..فحالها ذا لا يُقابل باللوم و التقريع،تحتاج حُضن فَسيح تُسكِب وسطه أنَّاتها و تتعرى من تَرَحها و الذي يَبدو أنَّه عَمَّر في روحها حتى نَضُب إسكيرها من اقتياته الوَحشي..لم تَستطع أن تُكمِل و النَحيب قد استحوذ على كُل حواسها..غاب الصَوت و ارتفع عَلَمُ الإنهيار..و هو بحنكته استطاع أن يعقد أطراف الخُيوط التي ألقتها عليه..فبعد خُذلان فيصل لها عادت و لجأت لأحمد،و كان اللجوء زواج ها هي تَبكي دَماً عليه..ففيصل لم يعبر قلبها و لو بمقدار حَبَّة خَردَل..حُبُّه تَكَلَّس في روحها رافضاً الانحلال عنها..و الحُرية منه سُهوب ربيعية وَهْنها لا يُعينها على الوصول إليها..،مَسَحَ على رأسها هامِساً بنبرة تَشَبَّعت قوَّة تَمنَّى لو تمتزج مع حواسها،:بتتخلصين منه حبيبتي..صدقيني بتتخلصين ,، ماضٍ أَلَمٌ حــاد يَسكن جانب عُنُقِه..أَلمٌ نابض أعادَ لهُ وَعيه..فَتَحَ عيناه ببطئ و ملامحه يكتسيها انكماش نصفه وَجَع و نصفه عدم فهم..حَرَّكَ عدستاه على المكان يُحاول أن يلتقط جواب..بَسَطَ كفَّه فوق الأرضية الخَشبية ليرفع جَسده المُتنَمل جانبه الأيسر لاستلقائه الخاطئ..مَدَّ ساقه أمامه و هو يُمَسّدها بخفَّة يُعيد تنشيط دورته الدَموية..أراد أن يُشارك يُمناه في التَمسيد لكنَّ شيئاً ما شَدَّها مانعها من الاستجابة إليه..التفت مُتَعَجّباً ليصطدم بصره بالقيد المُكَبّله..هَمَسَ بحَنَق و يُساره انقَضَّت على رسغه يُحاول أن يتحرر منه،:بنت اللذيــن ! اصطدام القَيد بالعَمود الحَديدي أحدثَ فوضى لم ينتبه لها من فرط غَضبه و تصميمه على تَحرير نفسه..هو حتى لم ينتبه لدُخولها لولا صوتها المُتَرنم بهدوء صَلَّب حَركته،:لا تحاول..مابتقدر تتحرر إلا اذا بترت يدك نَظَرَ لها و عيناه تتقلدان بحدَّة ضَعَّفت من حِدَّة ملامحها..نَطَق باستنكار جِدّي،:انا ماني فاهم ليش سويتين هالشي ؟! ما اعتقد اني ضريتش أو بضرش في شي ! انحنت إليه و ذراعها مَعقودتان فوق صدرها لتَقول و السُخرية لحنها،:و اللي يجي من طرف سلطان ما يقصد المَضَرَّة ؟ خَرَجَ سؤاله مُغَرَّقاً بالفضول،:انتِ شنو علاقتش بسلطان ؟ رفعت نفسها مُبتَعِدة عنه لتقول ببرود،:لا تسوي روحك ما تعرف نَطَق بصدق استشفته من نبرته،:والله ما اعرف..و بعدين أنا مو جاي من طرف سلطان..اصلاً لو يدري اني جاي عشان اقابل آستور بيذبحني تَجَمَّدت أطرافها و نُطقِه لإسمه أجَّجَ نبضاتها..أفصحت عن سؤال فحيحي أرفَعَ حاجبه تَعَجُّباً،:شنو علاقتك بآستور ؟ تَدَثَّرت شفتاه بابتسامة خَبَث ليَقول و هو يرمي حَبلَ الاتفاق في ملعبها،:مو قبل ما تقولين لي شنو علاقتش بسلطان ,، يتبع
|
|
![]()
|