الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… > الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
 

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-30-2018   #1
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي تفسير قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين

تفسير قوله تعالى:

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله منزل القرآن، على رسوله سيدِ الرسل الكرام، عليه الصلاة والسلام، وعلى آلِه وأصحابه الأعلام، بحُور التُّقى والعلم وأهل الصلاة والصيام.
وبعد:
فهذه الآية الكريمة مكِّية، رقمها (199) من سورة الأعراف، وتعدُّ من جوامع وأصول الأَخْلاق في القرآن الكريم، التي جاء الدِّين ليتمِّمها؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، قال أكثرُ أهل التفسير: على دينٍ عظيم، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّم مكارِمَ الأخلاق).

قال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف: 199] خذ: فِعل أمر مبنِي على السكون، يفيد وجوب الاتِّصاف بالعفو، وتربية النفس عليه، والفاعلُ ضميرٌ مستتر تقديره: أنتَ، يفيد الخطاب والحضور؛ أي: الخطاب موجَّه لك أيُّها المؤمن، فأحضِر بالك وقلبَك؛ حتى تستوعب ما فيه نفعك وفلاحك، فهذا الأسلوب اللغوي البديع يفيد وجوبَ أن يربِّي المؤمن نفسَه على خلُق العفو؛ وذلك يتطلَّب جهادَ النفس، وكفَّ شهوتها وشرها، فهذا يدل عليه قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف: 199]، كأنك تأخذه بيديك، ففيه شَبَهٌ بالمجهود الذي يبذله المؤمن حتى يتَّصف بهذا الخلُق العزيز، وهذا أبلغ من قوله: اعفُ؛ لأنَّ الإنسانَ قد يعفو مرَّة أو أكثر، ولا يعفو في كثيرٍ من المرات، عكس الذي يتَّصف بالعفو؛ فإنَّه يعفو عن الناس كلَّما سنحَت له الفرصة؛ لأنَّه لا يجد تكلُّفًا فيه.

وقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم مليئةً بالعفو والصَّفح، ومن أكبر أمثلة ذلك: أنَّه عفا عن كفارِ قريش يومَ فتح مكَّة رغم أنَّهم بالَغوا في إذايته، حتى إنهم أخرجوه من بلده، وقَتلوا خيرةَ أصحابه، وقد ضرب لنا سيدنا أبو بكر أروعَ الأمثال في ذلك؛ إذ إن مِسْطَحًا - وهو من قرابته، وكان الصِّدِّيق ينفق عليه - خاض في قصَّة الإفك، فغضب أبو بكر وأمسك عليه النفقة، وبعد تبرِئة الله تعالى لعائشة رضي الله عنها نزل قولُ الله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، فلمَّا سمع بهذه الآية رضي الله عنه وأرضاه، قال: واللهِ أحبُّ أن يغفر الله لي، فرجع.


وينبغي الإشارة إلى أنَّ ضابط العفو: المقدِرة على الانتقام، فمثلاً إذا ادَّعى رجل العفوَ عن إنسان لا يَقدر عليه، لا يسمَّى عفوًا.
﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199] العُرف: قال البخاري: العُرْف: المعروف، ونصَّ عليه عروة والسدي وقتادة وابن جرير)؛ مختصر تفسير ابن كثير (2/ 77)، فمثلاً عندنا في مراكش، تعارَف الناس على أخذ الحناء والتمر والسكر في الخطبة، فهذا العُرْف مستحبٌّ، ولا ينبغي الإخلال به لأهل البلد؛ لأنَّه تعالى أمَر بالعُرْف، وضابط العرف المعتبَر ألاَّ يخالف الشرع؛ فإن خالفه فهو باطل، لا يجوز العمل به، والأمر بالعرف يفيد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإخلاص لله، والعلم بالمأمور به والمنهِي عنه، والحكمة البالغة، قال ابن القيم: الحكمة هي فِعلُ ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي؛ قال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، وقال أيضًا: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].

﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]؛ أي: لا تردَّ أذى وشر الجاهلين الظالمين بأذًى وشرٍّ مثله من غير مذلَّة؛ لأنَّ مقابلة الشرِّ بالخير فيها دعوة بالغة للظالم، وأجرٌ مضاعَف للكاظم؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35]، وقال أيضًا: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134]، وقال: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

وتفيد الآيةُ وجوب هَجْر مجالس المعصية، ويسمى بهجر الوقاية؛ قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].


نسأل الله تعالى أن يجعلنا في خدمة كتابه الكريم، وأن يستُر عيوبَنا، ويغفِر ذنوبنا، إنَّه هو السِّتِّير الغفور الحليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



الموضوع الأصلي : تفسير قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين || الكاتب : ضامية الشوق || المصدر : منتديات قصايد ليل

 

التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 10-31-2018   #2
https://www.arabsharing.com/do.php?img=332637
 
الصورة الرمزية دلع
 

افتراضي

تألق وتميز
جمال في الطرح وروعة في الاختيار
اشكرك واشكر قلمك المميز
يسعدني التواجد هنا
وانتظر جديدك الشيق
تسلم يمينك


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 10-31-2018   #3
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
دلع


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 10-31-2018   #4
 
الصورة الرمزية روح الندى
 

افتراضي

تسلم الأيادي الذهبيه على الطرح الرآئع
تحية عطرة لِ روحكَ النقيه
شكراً لكَ من القلب على هذآ العطاء
لكَ ارقى الود و أجزلْ الشكرْ
دمت بِحفظ الله ورعآيتـه


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 10-31-2018   #5
 
الصورة الرمزية ضامية الشوق
 

افتراضي

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
روح الندى


التوقيع:



مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب

  رد مع اقتباس
قديم 10-31-2018   #6
 
الصورة الرمزية ملكة الجوري
 

افتراضي



التوقيع:



  رد مع اقتباس
قديم 11-01-2018   #7
 
الصورة الرمزية طهر الغيم
 

افتراضي

سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنه
مودتي


التوقيع:
  رد مع اقتباس
قديم 11-01-2018   #8
 
الصورة الرمزية نجم أبو أحمد
 

افتراضي

الله على اختيارك للموضوع الروووعه
شكرآ على المجهووود

بالتووفيق ان شاء الله

نجمكم


التوقيع:


  رد مع اقتباس
قديم 11-01-2018   #9
 
الصورة الرمزية أبو إبتهال
 

افتراضي

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد


التوقيع:




  رد مع اقتباس
قديم 11-01-2018   #10
 

افتراضي

جزاك الله خيراً
و جعلهُ في ميزان
حسناتك
و أثابك الفردوس ..


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
﴿, الْجَاهِلِين, الْعَفْوَ, تعالى:, تفسير, بِالْعُرْفِ, خُذِ, عَنِ, وَأَعْرِضْ, وَأْمُرْ, قوله


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ااسماء الله الحسنى ضحكة خجوله …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 8 01-22-2009 08:13 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية