وقفت ستاسي لتقابل تحدي المرأة الأكبر سنا وأجابت :
" هل تخافين من بعض المنافسة , أم أن تأثيرك على كورد ضعيف حتى أنك لا تستطيعين المغامرة ؟"
صاحت ليديا :
" لا تجعلي من نفسك أضحوكة ! إن المرأة الأكثر نضجا تعرف الفرق بين الحب والشفقة . كنت مكتئبة طوال أمسية الأحد ثم توهجت مثل شجرة عيد الميلاد بمجرد أن رقص معك كورد. ألا تفهمين أنه يشفق عليك ؟ وأن شعوره المبالغ فيه بالمسؤولية يجبره على مثل هذه التصرفات ؟ لا أعلم أين كبرياؤك أو إذا كنت قد تجاوزت مرحلة المراهقة أم لا ؟ ولكن في الحالتين لقد أثر وجودك على خططي أنا وكورد . وعلى الرغم من أن الموضوع يثير السخرية فقد رفض أن يعلن حقيقة مشاعره خوفا من أن يجرحك".
ردت ستاسي :
" سأقول لك ما قلته لكورد . سأرحل بمجرد انتهاء المزاد . سأعود مع كارتر وأضع حدا لقلقك . وسأخرج من حياتكما إلي الأبد بعد بضعة أيام , وتستطيعين أن تفعلي أنت وكورد ما تريدان . وحتى ذلك الحين أفضل أن تتركي هذا المنزل الآن وتبتعدي عن طريقي مستقبلا".
كان صوت ستاسي يرتعش من الغضب المكبوت ولكن صدق كلمات ليديا جرحها عميقا .
تركت ليديا الغرفة وهي تدق بكعب حذائها في انتصار , وسمعت ستاسي وهي كالمخدرة لهجة ليديا الراضية وهي تحيي كارتر عند دخوله إلي المنزل , ودخل كارتر ورمق ستاسي ولاحظ أنها قابضة يديها في شدة فقال :
" ماذا حدث ؟"
كانت تبدو مثل سندريلا عندما وضعت قدمها في الحذاء الزجاجي ووجدت أنه مقاسها تماما . فردت ستاسي بمرارة غير معهودة :
" حقا ؟ إن لدي اجتماعا الآن وعلى مكتبي بريد كثير هل يمكنك أن ترسله اليوم؟"
وأخذت كراستها وأسرعت خارج الباب .
وفي المساء التالي ذهبت ستاسي مع كارتر في نزهة على الجياد . وعند عودتهما تحدثت ستاسي مع كارتر في سعادة , وقد تجدد نشاطها بعد نزهة الغروب .
قال كارتر عند وصولهما :
" سأذهب لأغسل قذارة تكساس الغالية إذا سمحت . وسألقاك في الشرفة بعد نصف ساعة ".
سبقته ستاسي صاعدة إلي غرفتها وهي تبتسم قائلة :
" اتفقنا ".
وبعد فترة قصيرة التقت به في الشرفة . كان جالسا يداعب كلبها في شرود وهو ينظر في ظلمة الليل . وقفز كاجون في سعادة عندما رأي سيدته بينما وقف كارتر ليلقاها . وأخذت ستاسي يده الممدودة وجلست إلي جانبه . وابتسم قائلا :
"لم تستغرقي وقتا طويلا . ظننت أنني أستطيع أن أشرب شيئا آخر قبل حضورك".
وأشار إلي صينية تحمل كؤوسا.
وداعبت قائلة :
"على الأقل تركت لي كأسا. إنها ليلة رائعة . تري أين توجد بقية النجوم؟"
" لو كنت عاشقا مثاليا لقلت إنها في عينيك ".
ضحكت ستاسي معترضة :
" أوه ... كارتر !"
وضع يده على ذقنها في حنان, وكان وجهه جادا وهو يرمقها .
" ليتني أستطيع أن أقولها وأنا أعلم صدقها ".
ثم تركها ووقف فجأة . ووضع يديه في جيبه ومشي إلي العامود وحملق في الفضاء . واضطربت ستاسي وهي تعبث بجيوبها , فقد أعادت كلماته الصادقة شعورها باليأس .
كانت في صوته رنة غريبة اتسمت بمرارة لم تعهدها ستاسي وهو يقول :
" هل تعلمين كم خططت لهذه الأمسية منذ وصولي ؟ ها نحن بمفردنا بدون أن يضايقنا أحد في إطار مثالي , والليل الحالك يعزلنا عن العالم , ونجمتان تنظران لنا في تشجيع , , وفتاة جميلة تمتلئ عيناها توقعا للكلمات التي ستقال . ولكن عينيك لا تمتلئان توقعا . أليس كذلك ؟"
تساقطت الدموع علي وجنتيها وهي تخفض رأسها أمام اتهام عينيه . قال كارتر بصوت رتيب :
"كنت انوي أن أقوم بمهمتي كما يليق , أركع وأقول : ستاسي إنني أحبك وأريدك أن تصبحي زوجتي . سخيف ... أليس كذلك ؟ إنني أحبك ولكن لي كبريائي . لا أريد أن أمتلك ما لا يخصني . أعتقد أن هناك من كان سيطلبك للزواج على أمل ألا ترفضي , ولكني لا أطلب ذلك لسبب مختلف تماما , إنني أخشي أن تقبلي ولا أستطيع العيش معك وأنا أعلم أنك تحبين أحد مزارعي تكساس "
اهتز كتفا ستاسي خجلا مما سببته لكارتر من ألم ومرارة . وأفاق كارتر من إشفاقه على نفسه , ونظر للفتاة الصامتة الباكية , ومشي إليها واضعا يده على رأسها .
اختنق صوته وهو يضمها :
" أوه . ستاسي ... لماذا كتب علينا هذا ؟"
بكت علي صدره قائلة :
"كارتر ... كنت أريد أن أصارحك ولكني لم أستطع . أن أجرحك وأنا أعلم كيف يكون هذا الألم".
ابتسم وقد شعر بالارتياح لأنه يخفف من ألمها :
" سيكون كل شيء على ما يرام . تعلمين ما يقال إن ألم الجرح يستمر فترة وجيزة ".
" ما كنت لأقول نعم ... ما كنت لأفعل هذا بك ..."
أبعدها ومسح وجنتيها بيده قائلا :
" لا . أعتقد أنني كنت أعلم ذلك , إن معدنك أفضل من هذا ".
سألته ستاسي :
" سوف تبقي وتعود بي بعد نهاية الأسبوع؟"
ابتسم كارتر:
" بالطبع . ألا تعلمين يا صغيرتي أنني في خدمتك في أي وقت؟"
اعترفت له وهما يمران خلال الباب الزجاجي :
" لا أعلم ماذا كنت افعل لولا قدومك في هذا الوقت ".
سمعت تنهيدة قلقة بينما خطا كارتر ليفتح الباب. استدارت ستاسي لتنتظره فوجدته وانتباهه مركزا علي ما بعد أمامها , تطلعت إلى حيث ينظر فوجدت كورد واقفا عند يمينها وفي يده كتاب والاخري سيكارة . كانت عيناه ضيقتين وهو ينظر من ستاسي إلى كارتر. ثم أدار رأٍسه فجأة وأطفأ سيكارته بعصبية.
قال معاكسا :
" إنكما تأويان إلى فراشكما مبكرا ياشباب . أليس كذلك؟"
تمتمت ستاسي وهي تتجه للدرج :
"كان يوما مفعما بالأحداث "
" هل تسير ترتيبات مزاد السبت في سلاسة"
بدأت ستاسي تتكلم وقد ضايقها تلميحه بإهمالها للعمل:
"بالطبع . إذا أردت أن تراجعها ألان"
قاطعها كورد وهو يراقب خطوط وجهها:
"لا. لن يكون هذا ضروري سيكون هناك متسع من الوقت في الصباح"
كانت لهجته مقتضبة وتؤذن بالانصراف وقال كارتر بشيء من السخرية:
"تصبح على خير يا سيد هاريس".
وأسرعت ستاسي أمام عيني المزارع وهما ترمقانها بحدة وقالت:
" نعم تصبح على خير يا كورد"
تبعهما صوته وهما يخرجان من الغرفة قائلا:
"تصبحان على خير"
|