العواطف هي شواغر القلوب المتعطشة لما يملأ كيانها ،
وإن كانت بذاك تعيش السعادة والشقاء وتلامس ما بينهما ، ويكون الحال كحال المركب المشرع شراعه ،
تلاعبه وتداعبه رياح الشمال والجنوب ، وكم هو عظيم من كان قلبه فارغ من تلك العواطف ،
والذي بذاك قد يعيش رحلة البحث كي يسكن ذلك النهم والشغف ، غير أن المتاعب تتمخض وتظهر
إذا ما كانت الحياة موقوفة على ذلك البحث ، وسبب ذلك هو التسول والتذلل من أجل إغداق المشفقين على حال ذلك الباحث عن ترياق الحياة ،
والعاطفة ما هي غير النفس الذي به تتراحم الخلائق ، وفي ذات الوقت هو الداعي لمجانبة الصواب اذا ما طغى على صوت الحق
مما يؤدي إلى الإخفاقات في اتخاذ القرارات ، فميل القلوب وحبها لشخوص أشخاص ، وبغضها لأشخاص يجعل من الصواب خطأ ،
ومن الخطأ صوابا ، حينها يستدعي الأمر لتدخل طرف محايد ينظر إلى الأمور نظرة مجردة من العاطفة ، وما من شأنه يقوض إظهار العدالة
وبسطها ليكون القاضي والحكم ، وما جعل العقل مناطا للتكليف إلا لكونه الموجه ، والمرشد ، والدال للصواب ،
ومنه أسقط التكليف على فاقد العقل ، لكونه يسير في الحياة ذلك الإنسان وليس لديه ما يلجم جماح
تصرفاته ويضبط سلوكياته .
|