غزلان
10-05-2015, 02:58 AM
,
الى اسامة الصغير عندما عانقني
يحمل على كتفه البض شيئاً يفجر في داخله سؤالاً لا يجرؤ على البوح به
يقطع أزقة المخيم الموحلة و برك الماء ، يصاحب الريح ، يتلطى جداراً يحميه
من مطر غزير ، و في الصيف بواجه غباراً و رملاً و أكياس قمامة .
يرفع يده باتجاه الشمس يحمي بها عينين طالما اشتاقتا للبكاء
لم يكن أسامة الوحيد بين أقرانه
إنما كان الوحيد الذي يسأل أسئلة كبيرة تفجّر في العقل الصغير شوقاً وحنيناً .
يملك القدرة على القراءة و الحساب و التفوق ، يحسد أمه المرأة
التي تملك كماً من الدموع يخالها أحياناً قادمة من نبع يتفجّر في جمجمتها
لها قدرة على النزف من عينين يحملان لون الغياب .
( أه يا امي لو استطيع البكاء ) .
حدث نفسه كم من الألعاب اشترى لي والدي ، هذه الألعاب المتكدسة
كيف لي أن أركب الدرّاجة أريد أن يكون لي أصدقاء
لماذا يحرمونني من الأًصدقاء ؟
لا أخ يزاحمني على الألعاب ، و لا صديق يفرح معي
تلك الطائرة الصغيرة ، أحس أن تلك الألعاب لا قيمة لها .
في الصف حدثت رفاقي عنها
إتهمني ( أحمد ) بالكذب و ( محمود ) بالمبالغة
كيف يمكن أن تعطي صدق دموع أمي و صدقاً لرفاقي .
بيته في آخر المخيم ، في الطرف الشمالي الغربي ، يفصله عن المخيم حاجز فسيح
مملوء بالماء الآسن و القمامة ، تجول فيه قطط تموء بحرقة المنشرد
و بعض من كلاب أرهقتها حجارة أطفال المخيم و قضّ مضاجعها جوع مزمن
تحتمي خلف جدار البيت ، تعوي أنيناً و وجعاً .
والده معلم في مدرسة يذهب باكراً و يعود ظهراً ، يتناول طعامه و يغادر
و لم يخطئ والده مرة و يصاحبه في الذهاب أو العودة .
كم تمنى ألاّ يذنبه ، و ألا يقسو عليه ، و ألا تكون لغة الحوار مرهونة بيده و خدّه !
في الليل و بين تردد عواء الكلاب و مواء مجروح لقط هرم
يهرع إلى حضن أمه متوسلاً بقبلات ناعمة حارّة ، أن يصعد الى سطح البيت
يصعد سلماً خشبياً ، تنظر وفاء الى الغرب ، ليس هناك ما يدعو للشك أن مطراً سينهمر .
تأخذه أشعة قمر ، يتابع القمر في سيره و حركة غلالات الغيم و هي تمسح وجه القمر المتعب
و يتساءل هل في طريق القمر و في رحلته حفر و ماء ؟!
كان يجيب ليس في السماء الا الجميل و هكذا تعلّم من أمه
و أن يقدس السماء بوجل و خوف و احترام .
أما ( وفاء ) فتشاغل نفسها في ملاحقة الكلاب في خصامها و اقتتالها
تتعاطف مع جراء لا تستطيع اللحاق بأمها فتعوي عواء ناعماً
أو في حب و إلفة كلاب تتجمع تحت جدار البيت .
الكلب الاسود يملك سطوة و قوّة ، و تدرك هذا الامر من حركة الكلاب
أما ذاك الكلب المرقط ، عندما يعدو تخاله سهماً ، أنفلت من قوس توتر من زمن
تعاود مراقبة من بقي في المكان ، تحدّق ملياً في تعداداها تتابع سير كلبين يبدو ودّ ألف بينهما
لا عراك ولا نباح ، و اهتزازات ذيل كل منهما تتم عن جذل .
أنهما متفقان في كل حلات الافتراض ، و بكل احترام يتابعان الطريق
تتنهد بحسرة صحراء تتوق لـِ قطرة مطر أو ماء
تغص .. لا تتابع حوارها ، لا يجرؤ على رسم الصورة أو إكمالها
ترفع رأسها الى البعيد ... صوت ( أسامة ) يوقظها من شرودها
- أمي : انظري الى ذاك الجرو الذي يسير قرب أمه ، كم عمره ؟ أليس جميلاً ؟
هل أبوه في البيت و هم ذاهبون إليه ؟ لماذا ينظرون الى السماء ؟
أيطلب من الله شيئاً ؟
بدأت أسئلة ( أسامة ) تطوق ( وفاء )
فـ تحتضنه و تجيب : جرو جميل ، عمره شهوراً ، ليس لهم بيت، كل الأزقة بيوتاً لهم
و بهدوء تضيف : ليس لهم زنزانة مثلنا ، أنهم أحراراً .
يتسمّر نظرها على الجرو و أمه ، يسيران بكبرياء في أرض الله الواسعة
و حدثت نفسها : ليتني يا بني مثل تلك الكلبة تسير معي حيث نريد
نختال بين الأزقة ، الكل يفزع من نباحنا ، نحيا ، لا نخاف صراخ أحد
لا يجرؤ على صفعنا إنسان ... ربما انحنى بهامته الطويلة قاصداً حجراً ما
نتحفز ... نعوي فيهرب منّا
آه تلك الكلبة تحيا أمومتها ، و القانون لا يسلب الأم أمومتها
رفع أسامة يده : أمي لماذا تبكين ؟ بلني الدمع
تصحو ، تبتسم تقبّله و تضيف ، أبكي حرمان الأم ابنها
عانقها دون أن يفهم
و قال : إذا أخذت عشرة في الامتحان هل تشترين لي جرواً صغيراً ؟
+ لـِ أروآحكم هذهِ الحَفلةً الأدبيـهhttp://www.7ophamsa.com/vb/images/icons/047.gif
الى اسامة الصغير عندما عانقني
يحمل على كتفه البض شيئاً يفجر في داخله سؤالاً لا يجرؤ على البوح به
يقطع أزقة المخيم الموحلة و برك الماء ، يصاحب الريح ، يتلطى جداراً يحميه
من مطر غزير ، و في الصيف بواجه غباراً و رملاً و أكياس قمامة .
يرفع يده باتجاه الشمس يحمي بها عينين طالما اشتاقتا للبكاء
لم يكن أسامة الوحيد بين أقرانه
إنما كان الوحيد الذي يسأل أسئلة كبيرة تفجّر في العقل الصغير شوقاً وحنيناً .
يملك القدرة على القراءة و الحساب و التفوق ، يحسد أمه المرأة
التي تملك كماً من الدموع يخالها أحياناً قادمة من نبع يتفجّر في جمجمتها
لها قدرة على النزف من عينين يحملان لون الغياب .
( أه يا امي لو استطيع البكاء ) .
حدث نفسه كم من الألعاب اشترى لي والدي ، هذه الألعاب المتكدسة
كيف لي أن أركب الدرّاجة أريد أن يكون لي أصدقاء
لماذا يحرمونني من الأًصدقاء ؟
لا أخ يزاحمني على الألعاب ، و لا صديق يفرح معي
تلك الطائرة الصغيرة ، أحس أن تلك الألعاب لا قيمة لها .
في الصف حدثت رفاقي عنها
إتهمني ( أحمد ) بالكذب و ( محمود ) بالمبالغة
كيف يمكن أن تعطي صدق دموع أمي و صدقاً لرفاقي .
بيته في آخر المخيم ، في الطرف الشمالي الغربي ، يفصله عن المخيم حاجز فسيح
مملوء بالماء الآسن و القمامة ، تجول فيه قطط تموء بحرقة المنشرد
و بعض من كلاب أرهقتها حجارة أطفال المخيم و قضّ مضاجعها جوع مزمن
تحتمي خلف جدار البيت ، تعوي أنيناً و وجعاً .
والده معلم في مدرسة يذهب باكراً و يعود ظهراً ، يتناول طعامه و يغادر
و لم يخطئ والده مرة و يصاحبه في الذهاب أو العودة .
كم تمنى ألاّ يذنبه ، و ألا يقسو عليه ، و ألا تكون لغة الحوار مرهونة بيده و خدّه !
في الليل و بين تردد عواء الكلاب و مواء مجروح لقط هرم
يهرع إلى حضن أمه متوسلاً بقبلات ناعمة حارّة ، أن يصعد الى سطح البيت
يصعد سلماً خشبياً ، تنظر وفاء الى الغرب ، ليس هناك ما يدعو للشك أن مطراً سينهمر .
تأخذه أشعة قمر ، يتابع القمر في سيره و حركة غلالات الغيم و هي تمسح وجه القمر المتعب
و يتساءل هل في طريق القمر و في رحلته حفر و ماء ؟!
كان يجيب ليس في السماء الا الجميل و هكذا تعلّم من أمه
و أن يقدس السماء بوجل و خوف و احترام .
أما ( وفاء ) فتشاغل نفسها في ملاحقة الكلاب في خصامها و اقتتالها
تتعاطف مع جراء لا تستطيع اللحاق بأمها فتعوي عواء ناعماً
أو في حب و إلفة كلاب تتجمع تحت جدار البيت .
الكلب الاسود يملك سطوة و قوّة ، و تدرك هذا الامر من حركة الكلاب
أما ذاك الكلب المرقط ، عندما يعدو تخاله سهماً ، أنفلت من قوس توتر من زمن
تعاود مراقبة من بقي في المكان ، تحدّق ملياً في تعداداها تتابع سير كلبين يبدو ودّ ألف بينهما
لا عراك ولا نباح ، و اهتزازات ذيل كل منهما تتم عن جذل .
أنهما متفقان في كل حلات الافتراض ، و بكل احترام يتابعان الطريق
تتنهد بحسرة صحراء تتوق لـِ قطرة مطر أو ماء
تغص .. لا تتابع حوارها ، لا يجرؤ على رسم الصورة أو إكمالها
ترفع رأسها الى البعيد ... صوت ( أسامة ) يوقظها من شرودها
- أمي : انظري الى ذاك الجرو الذي يسير قرب أمه ، كم عمره ؟ أليس جميلاً ؟
هل أبوه في البيت و هم ذاهبون إليه ؟ لماذا ينظرون الى السماء ؟
أيطلب من الله شيئاً ؟
بدأت أسئلة ( أسامة ) تطوق ( وفاء )
فـ تحتضنه و تجيب : جرو جميل ، عمره شهوراً ، ليس لهم بيت، كل الأزقة بيوتاً لهم
و بهدوء تضيف : ليس لهم زنزانة مثلنا ، أنهم أحراراً .
يتسمّر نظرها على الجرو و أمه ، يسيران بكبرياء في أرض الله الواسعة
و حدثت نفسها : ليتني يا بني مثل تلك الكلبة تسير معي حيث نريد
نختال بين الأزقة ، الكل يفزع من نباحنا ، نحيا ، لا نخاف صراخ أحد
لا يجرؤ على صفعنا إنسان ... ربما انحنى بهامته الطويلة قاصداً حجراً ما
نتحفز ... نعوي فيهرب منّا
آه تلك الكلبة تحيا أمومتها ، و القانون لا يسلب الأم أمومتها
رفع أسامة يده : أمي لماذا تبكين ؟ بلني الدمع
تصحو ، تبتسم تقبّله و تضيف ، أبكي حرمان الأم ابنها
عانقها دون أن يفهم
و قال : إذا أخذت عشرة في الامتحان هل تشترين لي جرواً صغيراً ؟
+ لـِ أروآحكم هذهِ الحَفلةً الأدبيـهhttp://www.7ophamsa.com/vb/images/icons/047.gif