القــــــــــــــــلب الشجااااع

بسم الله الرحمن الرحيم

القلب الشجاع

لقد منَّ الله سبحانه وتعالى على البشر بمنةٍ تستوجب شكرا,وبنعمة من نعمهِ التي لا تحصى.
وتلك النعمة هي نعمة العقل والتفكر.
فبالعقل والحكمة رفعهم وكرمهم , ويسر لهم طرق المعاش والكسب , وسخَّرَ لهم مافي الكون جميعاً ,وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً .

قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً(70) }.

قال ابن كثير في تفسير لآية ((وَيُخْبِر تَعَالَى عَنْ تَشْرِيفه لِبَنِي آدَم وَتَكْرِيمه إِيَّاهُمْ فِي خَلْقه لَهُمْ عَلَى أَحْسَن الْهَيْئَات وَأَكْمَلهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان فِي أَحْسَن تَقْوِيم " أَنْ يَمْشِي قَائِمًا مُنْتَصِبًا عَلَى رِجْلَيْهِ وَيَأْكُل بِيَدَيْهِ وَغَيْره مِنْ الْحَيَوَانَات يَمْشِي عَلَى أَرْبَع وَيَأْكُل بِفَمِهِ وَجَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَفُؤَادًا يَفْقَه بِذَلِكَ كُلّه وَيَنْتَفِع بِهِ وَيُفَرِّق بَيْن الْأَشْيَاء وَيَعْرِف مَنَافِعهَا وَخَوَاصّهَا وَمَضَارّهَا فِي الْأُمُور الدِّينِيَّة وَالدُّنْيَوِيَّة " وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ " أَيْ عَلَى الدَّوَابّ مِنْ الْأَنْعَام وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَفِي الْبَحْر أَيْضًا عَلَى السُّفُن الْكِبَار وَالصِّغَار " وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات " أَيْ مِنْ زُرُوع وَثِمَار وَلُحُوم وَأَلْبَان مِنْ سَائِر أَنْوَاع الطُّعُوم وَالْأَلْوَان الْمُشْتَهَاة اللَّذِيذَة وَالْمَنَاظِر الْحَسَنَة وَالْمَلَابِس الرَّفِيعَة مِنْ سَائِر الْأَنْوَاع عَلَى اِخْتِلَاف أَصْنَافهَا وَأَلْوَانهَا وَأَشْكَالهَا مِمَّا يَصْنَعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَجْلِبهُ إِلَيْهِمْ غَيْرهمْ مِنْ أَقْطَار الْأَقَالِيم وَالنَّوَاحِي " وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا " أَيْ مِنْ سَائِر الْحَيَوَانَات وَأَصْنَاف الْمَخْلُوقَات...))

ونعمة العقل موفورة لبني آدم ومخصوصة بهم , دون سائر الخلق غير الجن والملائكة, والعقل هو مأخوذ من قوله : عقل الدابة أي ربطها , وعقل الإنسان يمنعه من فعل ما يليق وترك ما لايليق من الأشياء . وهذه الصفة لا تقال إلأ لمن اتصف بها قولا وعملا , ويسمى العقل حجرا, لأنّه يَمْنَع الْإِنْسَان مِنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيق بِهِ مِنْ الْأَفْعَال وَالْأَقْوَال وَمِنْهُ حِجْر الْبَيْت لِأَنَّهُ يَمْنَع الطَّائِف مِنْ اللُّصُوق بِجِدَارِهِ الشَّامِيّ وَمِنْهُ حِجْر الْيَمَامَة وَحَجَرَ الْحَاكِم عَلَى فُلَان إِذَا مَنَعَهُ التَّصَرُّف .هذا مايتعلق بنعمة العقل , وهنا سؤال عارضٌ مهم يحمل بين طياته استفهامات عدة !! وهو :س/ما هي العلا قة بين العقل والقلب ؟ وهل للشجاعة معنى يتعلق بهما أو بأحدهما؟؟
الجــــــواب :
قد اختلف علماء الشريعة قديماً وحديثاً في العقل والقلب هل بينهما ترابط واتصال أم كل واحدٍ منهما له مهام ,وهل يمّيز الانسان بين الحسن والقبيح بالقلب أم بالعقل ؟
ومن أعجب مذاهب العلماء في ذلك هو قول الشافعية " بأن هناك حبل إتصال بين العقل والقلب " وبما أن القلب هو ملك الأعضاء فالذي يظهر_ والله أعلم _ بأن هناك أتصال بين القلب وجميع أعضاء الجسم بما فيها العقل لكن أتصاله بالعقل أقوى وأشدّ من غيره من الأعضاء.
و القلب هو ملك الأعضاء جميعا, وهومقر النور,الإيمان ,ومستودع الضمائر.
والعقل هو مجال التفكر والتدبر في معاني الأشياء وحوادث الأمور وهو محل الفطنة والذكاء ومع هذا كله فالعقل له حد لا يمكن تجاوزه وتخطيه ,فمن تخطى حده غرق في مستنقعات الخيالات .واغتمرته الشبهات.

هذا استهلالٌ يتعقل بالقلب والعقل ,وأما ما يتعلق بالشجاعة ,ومحلها.

قد تنوع الناس في مفهوم الشجاعة وبيان حدِّها,فقال قوم : الشجاع هو الشخص الذي لا يهاب الموت بل يقدم عليه بصلابة وعدم تهيب وينازل اعدائه بغير تردد او خوف من بطشهم به.
وقال قوم : الشجاعة تعني عدم الخوف .
وقال آخرون : المراد بالشجاعة هي تحدي الخوف وعدم الخضوع له.
وقالوا إن وصف الشجاع بعدم الخوف ظلم كبير وخطأ فادح ,لأن الشجاع بشر والخوف أمر طارىء يعرض جميع البشر .

والقول الحق هو أن الشجاعة هي ((( ثــــــــبـــاتُ القلب ))) كما قرر ذلك ابن القيم .
وأنَّ من محترزات هذا التعريف إذا قلنا ثباث القلب يخرج منه تردد القلب, وانهزازه وعدم ثباته,وسبب تردد القلب إنما يكون بالخوف .
فإذا وغل الخوف القلب تردد وانثنى عزمه , واهتز ثباته. وسمي صاحب ذلك " بالجـــبان"
والجبن صفة مقابلة معكوسة لصفة الشجاعة ,وإذا كان الرجل ثابتُ القلب, سمي شجاعاً, وإذا كان خائفا خائرا سمي جباناً .

والشجاعة صفة يُمدحُ صاحبها , ويكون مستقرها القلب .

فكم رأينا كثيرا ممن قد من الله عليهم بقوة الجسم وبسطته وهو لا يملك في قلبه ,مثقال ذرة من ثبات القلب وقوته , وعكس ذلك كم رأينا من شخصٍ نحيل الجسم ضعيف البدن , يملك من الثبات والقوة الكثير حتى إنه يقف متماسك البدن ثابت القلب قوي الجنان ليجابه أقوى الناس جسما وأعظمهم هامة .

وإذا اجتمعتِ الشجاعة , وعظمة الجسم وبسطته في إنسان كان ذلك فضلاً ومزية من الله له أن هباه ثبات القلب وشدته , وقوة الجسم وعظمته عن سائر خلقه .ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

هذا ما تيسر عرضه والله الموفق والمسدد وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه اجمعين.

يسلمووووووووووووووووووو على المروررررررر العطر

جزاك الله الجنة ..!!
وبارك الله فيك ..!!
وجعلها الخالق في ميزان أعمالك ..!!
لك الشكر على الطرح ..!!
أخوك ..
نادر الوجود

الله يعطيك االعافيه
طرح موفق وراقي

ساكون دوما على متصفحك

لك مني الاهتمام والتقدير والاحترام