أرهقني السير الطويل

.. تجردت من مشاعري أرهقني السير الطويل بدأت أفقد توازني في خطواتي هل مايحدث أمر طبيعي .؟ لا أعتقد ذلك..! أرى حشود من الأشخاص يسيروا معي في نفس الاتجاه.. رأيت بعضهم سقط في المنتصف والآخر سار باتجاه منحدر وآخر استظل تحت شجر.. هكذا كانوا , أجل.. كلٌ منهم له حق القرار لكني بينهم أشعر بـ"التيه".! سأتعظ بمن.؟ سأسير خلف أحد.؟ أم سأنجح برسم دربي.؟ أنا مليء بالحيرة .. سأجلس تحت ظل شجرة .. أستمد ظلاً وأرسم ماتبقى من دربي .. وما إن سندت ظهري بجذعها إذ بي ألمح ظلاً لشخص يقف أمامي.. وبحذر .. رفعت عيناي ورُفع رأسي تجاه ملامحه .. كان شيخاً عجوزاً .. ورغم مابي .. وقفت له إجلالاً.. مد يده لـيديّ قائلاً : هل تسمحين لي بالجلوس بجوارك ي ابنتي .؟ أجبته وكأن حيررتي منذ لحظات تبخرت وتلاشت من سماعي لكلمة "ابنتي": بكل سرور يا .. همس :نادني بـ/جدي أرجوكِ رددت بنفس همسه : حسناً يا ج جدي.. ساندته حتى استطاع الجلوس وعُدت للجلوس جواره بترّقب قال لي وهو ينظر لوجوه العابرين : هل تسمعين حكايتي ي ابنتي.؟ أجبت وكلي شغف لسماعه : أجل أسمعك وبدأ يروي لي : كُنت الأوسط بين إخوتي .. أخي الأكبر ذهب خارجا من البلاد تمرداً توليت مكانه , وما أصعب المسؤولية هنا بدأت معاناتي توفي والدي وانا في الخامسة عشر من عمري إخوتي اثنان منهم فتيات أحداهن تبلغ أربعة أعوام والأخرى خمسة أعوام وأما أخي الأصغر فكان في عامه السابع حيث يدرس اول عام له .. والدتي كانت تحاول جهدها في رعايتنا وحدها كنا نقطن في منطقة يكاد يخلوا منها البشر.. في نفس العام الذي توفي به ولدي لحقت به والدتي .. وحملت الأمانه من بعدهما .. بذلت كل جهدي حتى أسد مكانهما كبر إخوتي الثلاثة وانتقلنا لقررية صغيرة تبعد عنا مسافة طويلة كونت صداقات رغم أنشغالي أحببت أهل القرية وأحبونا مدوا لي يد العون عملت مزارعاً ..ونجاراً وانا في العشرون من عمري بدأت التجارة أيضاً لم ألتفت لتعليمي لكن كان لي صديق شاب في نفس عمري يأتيني بعد العصر إلى الغروب ويعلمني طريقة القراءة والكتابه ع الرمل سكت جدي فجأة التفت إليه لأرى مابه سمعت تنهيدة صدرت من أعماق روحه سألته : أأنت بخير يا جدي.؟ نظر في عيني وليتني لم أرَ م رأيت كانت عيناه تفضيان بالدمع ... قلت له وقد بدأت عيناي تعلنان عن تمرد لؤلؤها : أرجوك لا تُرهق نفسك بالكلام إن كان سيتسبب لك بالألم هكذا.. سكت هنية واستمر يحكي إليّ: كان بمثابة أخٍ لي .. لكن .. لحق أيضاً بوالدي بعد ان استمرت صداقتنا سبعة أعووام... سألته لأجعل موجة الحزن تعبر : ماذا كان حال إخوتك ياجدي.؟ لم أسمع له صوتاً .. نظرت له وإذا بالدمع لم يتوقف .. جلست أمامه وضعت يدي ع يده أخبرته أني بجواره .. نظر لي نظرة مليئة بالدفء .. قال لي : إخوتي كبروا وكل ذهب لطريقه جميعهم تخرجوا من الجامعه بنو أعشاشهم واستنكروا وجودي بينهم كُنت أرى ذاك من نظراتهم وكأني ضيف ثقيل عليهم ابنائهم فقط من يعتبروني جداً لهم سألته مقاطعة له : جدي هل أنت نادم على ماقمت به تجاههم.؟ أجابني : كلا ي ابنتي وإن عاد بي الزمن سأفعل نفس مافعلته لهم وأكثر من ذلك .. نظرت إليه بدوري هذه المرة والدمع انهمر من عيني مد يده تجاهي وكفكف دمعي ابتسم وعيناه تحمل نفس الدفء قال لي هامساً : ها أنا أمام عينيك ي صغيرتي اقتربت من كتفه وقبّلتها وهمست : لستَ وحدك بعد الآن .. هل تسمح لي بالبقاء معك.؟ فتح لي يديه وضمني لصدره الحاني وفهمت الجواب وافق لي على ذلك قلت في نفسي "لن أتوه في دربي وحدي" شددنا على أيدي بعضنا البعض وأكملنا سيرنا في ذلك الطريق .. أخبرني ببقية القصة ونحن نسير ف الطريق لكن سأحتفظ بآلامه لي