‏ما بين الحزن والاكتئاب

مؤخرًا أصبح سريعًا ما يُترجم المرء حزنه بأنه مُصاب باكتئاب! فتزايد عدد المقبلين على الأطباء النفسيين، فأصبح هناك خلط واضح بين الحزن والاكتئاب، فالحزن هو تفاعل طبيعي جدًّا يحدث لكل البشر، وبالتأكيد ليس كل حزن اكتئابًا، ‏وهذا الخلط الحادث لا يؤثر فقط في الشخص الحزين، لكن أيضًا في من يتعامل معه، ويحاول مساعدته.

- أعراض الاكتئاب

المزاج الحزين الغالب على حياته، ويظهر ذلك على ملامح الشخص، أو من خلال ما يذكره عن نفسه، وقلة الاستمتاع واللذة بالأشياء اليومية التي كان يستمتع بها قبل ذلك، ‏وضعف الشهية للأكل ونقص الوزن أو زيادته، وقلة النوم أو زيادته بشكل واضح ومتكرر، مع أحلام مزعجة، وضعف النشاط في أغلب أمور حياته، والشعور الشديد بالذنب وإحساس بعدم القيمة، والتفكير في الموت أو تمنيه أو التخطيط له، واستمرار خمسة أعراض على الأقل على مدار أسبوعين يدل على معاناة الشخص ‏من الاكتئاب، ويمكن تحديد شدَّته من عدد الأعراض الموجودة لدى الشخص، فالاكتئاب البسيط إذا كان الشخص لديه من خمسة إلى ستة أعراض، والاكتئاب المتوسط من سبعة إلى ثمانية أعراض، والاكتئاب الشديد إذا كان عنده كل الأعراض.

‏هذا هو الاكتئاب الذي يجعل الشخص يفكر في الشيء وعكسه ويقتنع بالاثنين في نفس الوقت، إنه المرض الذي يجعل الإنسان يرى الموت أفضل من الحياة، على الرغم من أن طبيعة الإنسان الهرب من أي شيء يعرِّض حياته للخطر، ‏ولا يحترم هذا المرض سنًّا، فيمكن أن يُصاب الشخص بهذا المرض في طفولته أو مراهقته أو عندما تكبر سنه.

- تفاعل الإنسان مع الاكتئاب

لا يُدرك البعض تأثير الحالة النفسية في الجسم نفسه، اعتبارًا منهم أن الحالات النفسية هي حالات غير مادية ويصعب أن تؤثر في الجسم، ‏لكن وُجِد أن الأمراض النفسية بشكل عام، والاكتئاب والقلق بشكل خاص يصاحبهما ما يُعرف بالأعراض النفسجسدية؛ وهي الأعراض والآلام الجسدية التي تكون ناتجة لأسباب نفسية، وأشهر مثال على ذلك هو القولون العصبي، فهناك الكثير من الحالات يكون لديها سبب نفسي لحدوث اضطرابات الهضم، ‏وبهذا عُرِف سبب تسمية القولون بأنه "عصبي"، وهناك أعراض جسدية كثيرة يسبِّبها أيضًا الاكتئاب، مثل تساقط الشعر، والصداع المستمر، وصعوبة التركيز، وجفاف الحلق، وآلام في المفاصل والعضلات، وضعف الرغبة والقدرة الجنسية، وتغيُّر الدورة الشهرية لدى المرأة.

‏- اضطرابات سوء المزاج

*وكما ذكرنا من قبل أن ليس كل حزن اكتئابًا، وأن هناك العديد من الاضطرابات النفسية التي تشترك جميعها في إحداث تغيير مزاجي للشخص غير الاكتئاب، وأول هذه الاضطرابات هي الاضطراب الوجداني الثنائي القطب؛ ‏وهو نقيض الاكتئاب حيث تظهر على الإنسان علامات الفرح الشديد والنشاط، وقلة الحاجة إلى النوم، والكلام الكثير، ومن هنا جاءت التسمية بثنائي القطب، ويأتي هذا المرض في صورة نوبات من الاكتئاب أو الهوس، وتنتهي النوبة عادةً خلال أيام أو أسابيع، ويعود الشخص طبيعيًّا تمامًا، ‏وهناك أيضًا الاكتئاب الموسمي؛ ويحدث في مواسم معينة من السنة كالصيف والشتاء، وكما أن هناك أسبابًا بيولوجية تتسبَّب في حدوث هذا المرض، فهناك عوامل أخرى تتسبَّب في حدوثه مثل التفضيل الشخصي لموسم عن غيره، وارتباط موسم ما بذكرى معينة مؤلمة.

‏- أسباب الاكتئاب*

يعتقد الناس أن المشاكل اليومية التي يتعرَّض لها المرء سبب رئيس في إصابته بالاكتئاب، وهذا المنطلق ليس صحيحًا، فلا شك أن المشاكل والحوادث والصدمات تؤثِّر نفسيًّا على الشخص، وقد تسبِّب له الاكتئاب، ‏لكن ليس معنى ذلك أن من ليست لديه مشاكل كبرى* في حياته في مأمن من الاكتئاب، ذلك لأن الاكتئاب كباقي الأمراض قد يأتي دون سبب مباشر أو محدَّد، وإذا تم تقسيم أنواع الاكتئاب من جهة معرفة السبب، سيقسم إلى ثلاثة أنواع، منها اكتئاب جاء بعد حادث شديد محدد، ‏واكتئاب حدث بسبب تراكم أسباب صغيرة كثيرة، واكتئاب دون أسباب ظاهرة لمن يُعاني.
..

ضامية الشوق معجب بهذا