11-10-2011
|
#231
|
{1} الم سُورَة لُقْمَان [ مَكِّيَّة إلَّا الْآيَات 27 و28 و29 فَمَدَنِيَّة وَآيَاتهَا 34 نَزَلَتْ بَعْد الصَّافَّات ]
"الم" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ
{2} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ "تِلْكَ" أَيْ هَذِهِ الْآيَات "آيَات الْكِتَاب" الْقُرْآن "الْحَكِيم" ذِي الْحِكْمَة وَالْإِضَافَة بِمَعْنَى مِنْ
{3} هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ "هُدًى وَرَحْمَة" بِالرَّفْعِ وَفِي قِرَاءَة الْعَامَّة بِالنَّصْبِ حَالًا مِنْ الْآيَات الْعَامِل فِيهَا مَا فِي "تِلْكَ" مِنْ مَعْنَى الْإِشَارَة
{4} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ "الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة" بَيَان لِلْمُحْسِنِينَ "وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" هُمْ الثَّانِي تَأْكِيد
{5} أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبّهمْ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الْفَائِزُونَ
{6} وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ "وَمِنْ النَّاس مَنْ يَشْتَرِي لَهْو الْحَدِيث" أَيْ مَا يُلْهِي مِنْهُ عَمَّا يَعْنِي "لِيُضِلّ" بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّهَا "عَنْ سَبِيل اللَّه" طَرِيق الْإِسْلَام "بِغَيْرِ عِلْم وَيَتَّخِذهَا" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى يَضِلّ وَبِالرَّفْعِ عَلَى يَشْتَرِي "هُزُوًا" مَهْزُوءًا بِهَا "أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب مُهِين" ذُو إهَانَة
{7} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتنَا" أَيْ الْقُرْآن "وَلَّى مُسْتَكْبِرًا" مُتَكَبِّرًا "كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا" صَمَمًا وَجُمْلَتَا التَّشْبِيه حَالَانِ مِنْ ضَمِير وَلَّى أَوْ الثَّانِيَة بَيَان لِلْأُولَى "فَبَشِّرْهُ" أَعْلِمْهُ "بِعَذَابٍ أَلِيم" مُؤْلِم وَذِكْر الْبِشَارَة تَهَكُّم بِهِ وَهُوَ النَّضْر بْن الْحَارِث كَانَ يَأْتِي الْحِيرَة يَتَّجِر فَيَشْتَرِي كُتُب أَخْبَار الْأَعَاجِم وَيُحَدِّث بِهَا أَهْل مَكَّة وَيَقُول : إنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثكُمْ أَحَادِيث عَادٍ وَثَمُود وَأَنَا أُحَدِّثكُمْ أَحَادِيث فَارِس وَالرُّوم فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثه وَيَتْرُكُونَ اسْتِمَاع الْقُرْآن
{9} خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "خَالِدِينَ فِيهَا" حَال مُقَدَّرَة أَيْ : مُقَدَّرًا خُلُودهمْ فِيهَا إذَا دَخَلُوهَا "وَعْد اللَّه حَقًّا" أَيْ وَعَدَهُمْ اللَّه ذَلِكَ وَحَقّه حَقًّا "وَهُوَ الْعَزِيز" الَّذِي لَا يَغْلِبهُ شَيْء فَيَمْنَعهُ مِنْ إنْجَاز وَعْده وَوَعِيده "الْحَكِيم" الَّذِي لَا يَضَع شَيْئًا إلَّا فِي مَحِلّه
{10} خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ "خَلَقَ السَّمَوَات بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا" أَيْ الْعُمُد جَمْع عِمَاد وَهُوَ الْأُسْطُوَانَة وَهُوَ صَادِق بِأَنْ لَا عُمُد أَصْلًا "وَأَلْقَى فِي الْأَرْض رَوَاسِي" جِبَالًا مُرْتَفِعَة "أَنْ" لَا "تَمِيد" تَتَحَرَّك "بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلّ دَابَّة وَأَنْزَلْنَا" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة "مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم" صِنْف حَسَن
{11} هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "هَذَا خَلْق اللَّه" أَيْ مَخْلُوقه "فَأَرُونِي" أَخْبِرُونِي يَا أَهْل مَكَّة "مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونه" غَيْره : أَيْ آلِهَتكُمْ حَتَّى أَشْرَكْتُمُوهَا بِهِ تَعَالَى وَمَا اسْتِفْهَام إنْكَار مُبْتَدَأ وَذَا بِمَعْنَى الَّذِي بِصِلَتِهِ خَبَره وَأَرُونِي مُعَلَّق عَنْ الْعَمَل وَمَا بَعْده سَدَّ مَسَدّ الْمَفْعُولَيْنِ "بَلْ" لِلِانْتِقَالِ "الظَّالِمُونَ فِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن بِإِشْرَاكِهِمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُمْ00
{12} وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة" مِنْهَا الْعِلْم وَالدِّيَانَة وَالْإِصَابَة فِي الْقَوْل وَحِكَمه كَثِيرَة مَأْثُورَة كَانَ يُفْتِي قَبْل بَعْثَة دَاوُد وَأَدْرَكَ بَعْثَته وَأَخَذَ عَنْهُ الْعِلْم وَتَرَك الْفُتْيَا وَقَالَ فِي ذَلِكَ : أَلَا أَكْتَفِي إذَا كَفَيْت وَقِيلَ لَهُ أَيْ النَّاس شَرّ ؟ قَالَ : الَّذِي لَا يُبَالِي إنْ رَآهُ النَّاس مُسِيئًا "أَنْ" أَيْ وَقُلْنَا لَهُ أَنْ "اُشْكُرْ لِلَّهِ" عَلَى مَا أَعْطَاك مِنْ الْحِكْمَة "وَمَنْ يَشْكُر فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ" لِأَنَّ ثَوَاب شُكْره لَهُ "وَمَنْ كَفَرَ" النِّعْمَة "فَإِنَّ اللَّه غَنِيّ" عَنْ خَلْقه "حَمِيد" مَحْمُود فِي صُنْعه
{13} وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ "وَ" اُذْكُرْ "إِذْ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظهُ يَا بُنَيّ" تَصْغِير إشْفَاق "لَا تُشْرِك بِاَللَّهِ إنَّ الشِّرْك" بِاَللَّهِ "لَظُلْم عَظِيم" فَرَجَعَ إلَيْهِ وَأَسْلَمَ
{14} وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ" أَمَرْنَاهُ أَنْ يَبَرّهُمَا "حَمَلَتْهُ أُمّه" فَوَهَنَتْ "وَهْنًا عَلَى وَهْن" أَيْ ضَعُفَتْ لِلْحَمْلِ وَضَعُفَتْ لِلطَّلْقِ وَضَعُفَتْ لِلْوِلَادَةِ "وَفِصَاله" أَيْ فِطَامه "فِي عَامَيْنِ" وَقُلْنَا لَهُ "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك إلَيَّ الْمَصِير" أَيْ الْمَرْجِع
{15} وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم" مُوَافَقَة لِلْوَاقِعِ "فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا" أَيْ بِالْمَعْرُوفِ : الْبِرّ وَالصِّلَة "وَاتَّبِعْ سَبِيل" طَرِيق "مَنْ أَنَابَ" رَجَعَ "إلَيَّ" بِالطَّاعَةِ "ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" فَأُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ وَجُمْلَة الْوَصِيَّة وَمَا بَعْدهَا اعْتِرَاض
{16} يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ "يَا بُنَيّ إنَّهَا" أَيْ الْخَصْلَة السَّيِّئَة "إنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل فَتَكُنْ فِي صَخْرَة أَوْ فِي السَّمَاوَات أَوْ فِي الْأَرْض" أَيْ فِي أَخْفَى مَكَان مِنْ ذَلِكَ "يَأْتِ بِهَا اللَّه" فَيُحَاسِب عَلَيْهَا "إنَّ اللَّه لَطِيف" بِاسْتِخْرَاجِهَا "خَبِير" بِمَكَانِهَا
{17} يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "يَا بُنَيّ أَقِمْ الصَّلَاة وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنْكَر وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك" بِسَبَبِ الْأَمْر وَالنَّهْي "إنَّ ذَلِكَ" الْمَذْكُور "مِنْ عَزْم الْأُمُور" أَيْ مَعْزُومَاتهَا الَّتِي يَعْزِم عَلَيْهَا لِوُجُوبِهَا
{18} وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ "وَلَا تُصَعِّر" وَفِي قِرَاءَة تُصَاعِر "خَدّك لِلنَّاسِ" لَا تَمِلْ وَجْهك عَنْهُمْ تَكَبُّرًا "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا" أَيْ خُيَلَاء "إنَّ اللَّه يُحِبّ كُلّ مُخْتَال" مُتَبَخْتِر فِي مَشْيه "فَخُور" عَلَى النَّاس
{19} وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ "وَاقْصِدْ فِي مَشْيك" تَوَسَّطْ فِيهِ بَيْن الدَّبِيب وَالْإِسْرَاع وَعَلَيْك السَّكِينَة وَالْوَقَار "وَاغْضُضْ" اخْفِضْ "مِنْ صَوْتك إنَّ أَنْكَر الْأَصْوَات" أَقْبَحهَا "لَصَوْت الْحَمِير" أَوَّله زَفِير وَآخِره شَهِيق00
{20} أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ "أَلَمْ تَرَوْا" تَعْلَمُوا يَا مُخَاطَبِينَ "أَنَّ اللَّه سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات" مِنْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم لِتَنْتَفِعُوا بِهَا "وَمَا فِي الْأَرْض" مِنْ الثِّمَار وَالْأَنْهَار وَالدَّوَابّ "وَأَسْبَغَ" أَوْسَعَ وَأَتَمَّ "عَلَيْكُمْ نِعَمه ظَاهِرَة" وَهِيَ حُسْن الصُّورَة وَتَسْوِيَة الْأَعْضَاء وَغَيْر ذَلِكَ "وَبَاطِنَة" هِيَ الْمَعْرِفَة وَغَيْرهَا "وَمِنْ النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "مَنْ يُجَادِل فِي اللَّه بِغَيْرِ عِلْم وَلَا هُدَى" مِنْ رَسُول "وَلَا كِتَاب مُنِير" أَنْزَلَهُ اللَّه بَلْ بِالتَّقْلِيدِ
{21} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ "وَلَوْ كَانَ الشَّيْطَان يَدْعُوهُمْ إلَى عَذَاب السَّعِير" أَيْ مُوجِبَاته ؟ لَا
{22} وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ "وَمَنْ يُسْلِم وَجْهه إلَى اللَّه" أَيْ يُقْبِل عَلَى طَاعَته "وَهُوَ مُحْسِن" مُوَحِّد "فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى" بِالطَّرَفِ الْأَوْثَق الَّذِي لَا يَخَاف انْقِطَاعه "وَإِلَى اللَّه عَاقِبَة الْأُمُور" مَرْجِعهَا
{23} وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ "وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنك" يَا مُحَمَّد "كُفْره" لَا تَهْتَمّ بِكُفْرِهِ "إلَيْنَا مَرْجِعهمْ فَنُنَبِّئهُمْ بِمَا عَمِلُوا إنَّ اللَّه عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" أَيْ بِمَا فِيهَا كَغَيْرِهِ فَمَجَاز عَلَيْهِ
{24} نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ "نُمَتِّعهُمْ" فِي الدُّنْيَا "قَلِيلًا" أَيَّام حَيَاتهمْ "ثُمَّ نَضْطَرّهُمْ" فِي الْآخِرَة "إلَى عَذَاب غَلِيظ" وَهُوَ عَذَاب النَّار لَا يَجِدُونَ عَنْهُ مَحِيصًا
{25} وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "وَلَئِنْ" لَام قَسَم "سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ اللَّه" حُذِفَ مِنْهُ نُون الرَّفْع لِتَوَالِي الْأَمْثَال وَوَاو الضَّمِير لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ "قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ" عَلَى ظُهُور الْحُجَّة عَلَيْهِمْ بِالتَّوْحِيدِ "بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ" وُجُوبه عَلَيْهِمْ
{26} لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مُلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا فَلَا يَسْتَحِقّ الْعِبَادَة فِيهِمَا غَيْره "إنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ" عَنْ خَلْقه "الْحَمِيد" الْمَحْمُود فِي صُنْعه
{27} وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر" عَطْف عَلَى اسْم أَنَّ "يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر" مِدَادًا "مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه" الْمُعَبَّر بِهَا عَنْ مَعْلُومَاته بِكَتْبِهَا بِتِلْكَ الْأَقْلَام بِذَلِكَ الْمِدَاد وَلَا بِأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْلُومَاته تَعَالَى غَيْر مُتَنَاهِيَة "إنَّ اللَّه عَزِيز" لَا يُعْجِزهُ شَيْء "حَكِيم" لَا يَخْرُج شَيْء عَنْ عِلْمه وَحِكْمَته
{28} مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ "مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة" خَلْقًا وَبَعْثًا لِأَنَّهُ بِكَلِمَةِ كُنْ فَيَكُون "إنَّ اللَّه سَمِيع" يَسْمَع كُلّ مَسْمُوع "بَصِير" يُبْصِر كُلّ مُبْصِر لَا يَشْغَلهُ شَيْء عَنْ شَيْء00
{29} أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "أَلَمْ تَرَ" تَعْلَم يَا مُخَاطَب "أَنَّ اللَّه يُولِج" يُدْخِل "اللَّيْل فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَار" يُدْخِلهُ "فِي اللَّيْل" فَيَزِيد كُلّ مِنْهُمَا بِمَا نَقَصَ مِنْ الْآخَر "وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر كُلّ" مِنْهُمَا "يَجْرِي" فِي فُلْكه "إلَى أَجَل مُسَمَّى" هُوَ يَوْم الْقِيَامَة
{30} ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ "ذَلِكَ" الْمَذْكُور "بِأَنَّ اللَّه هُوَ الْحَقّ" الثَّابِت "وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء يَعْبُدُونَ "مِنْ دُونه الْبَاطِل" الزَّائِل "وَأَنَّ اللَّه هُوَ الْعَلِيّ" عَلَى خَلْقه بِالْقَهْرِ "الْكَبِير" الْعَظِيم
{31} أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ "أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْك" السُّفُن "تَجْرِي فِي الْبَحْر بِنِعْمَةِ اللَّه لِيُرِيَكُمْ" يَا مُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ "مِنْ آيَاته فِي ذَلِكَ لَآيَات" عِبَرًا "لِكُلِّ صَبَّار" عَنْ مَعَاصِي اللَّه "شَكُور" لِنِعْمَتِهِ
{32} وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ "وَإِذَا غَشِيَهُمْ" أَيْ عَلَا الْكُفَّار "مَوْج كَالظُّلَلِ" كَالْجِبَالِ الَّتِي تُظِلّ مَنْ تَحْتهَا "دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين" أَيْ الدُّعَاء بِأَنْ يُنْجِيهِمْ أَيْ لَا يَدْعُونَ مَعَهُ غَيْره "فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلَى الْبَرّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد" مُتَوَسِّط بَيْن الْكُفْر وَالْإِيمَان وَمِنْهُمْ بَاقٍ عَلَى كُفْره "وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا" وَمِنْهَا الْإِنْجَاء عَنْ الْمَوْج "إلَّا كُلّ خَتَّار" غَدَّار "كَفُور" لِنِعَمِ اللَّه تَعَالَى
{33} يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ "يَا أَيّهَا النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "اتَّقُوا رَبّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي" يُغْنِي "وَالِد عَنْ وَلَده" فِيهِ شَيْئًا "وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِده" فِيهِ "شَيْئًا إنَّ وَعْد اللَّه حَقّ" بِالْبَعْثِ "فَلَا تَغُرَّنكُمْ الْحَيَاة الدُّنْيَا" عَنْ الْإِسْلَام "وَلَا يَغُرَّنكُمْ بِاَللَّهِ" فِي حِلْمه وَإِمْهَاله "الْغَرُور" الشَّيْطَان
{34} إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "إنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة" مَتَى تَقُوم "وَيُنْزِل" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "الْغَيْث" يُنْزِل الْمَطَر بِوَقْتٍ يَعْلَمهُ "وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام" أَذَكَر أَمْ أُنْثَى وَلَا يَعْلَم وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَة غَيْر اللَّه تَعَالَى "وَمَا تَدْرِي نَفْس مَاذَا تَكْسِب غَدًا" مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ وَيَعْلَمهُ اللَّه تَعَالَى "وَمَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت" وَيَعْلَمهُ اللَّه تَعَالَى "إنَّ اللَّه عَلِيم" بِكُلِّ شَيْء "خَبِير" بِبَاطِنِهِ كَظَاهِرِهِ رَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ ابْن عُمَر حَدِيث "مَفَاتِيح الْغَيْب خَمْسَة إنَّ اللَّه عِنْده عِلْم السَّاعَة إلَى آخِر السُّورَة"
|
|
|
11-10-2011
|
#232
|
ســـورة الســجدة عدد أياتها 30
{1} الم :
"الم" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ
{2} تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ "تَنْزِيل الْكِتَاب" الْقُرْآن مُبْتَدَأ "لَا رَيْب" شَكّ "فِيهِ" خَبَر أَوَّل "مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ" خَبَر ثَانٍ
{3} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ "أَمْ" بَلْ "يَقُولُونَ افْتَرَاهُ" مُحَمَّد ؟ لَا "بَلْ هُوَ الْحَقّ مِنْ رَبّك لِتُنْذِر" بِهِ "قَوْمًا مَا" نَافِيَة "أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ" بِإِنْذَارِك
{4} اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ "اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام" أَوَّلهَا الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة "ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش" هُوَ فِي اللُّغَة سَرِير الْمُلْك اسْتِوَاء يَلِيق بِهِ "مَا لَكُمْ" يَا كُفَّار مَكَّة "مِنْ دُونه" أَيْ : غَيْره "مِنْ وَلِيّ" اسْم مَا بِزِيَادَةِ مِنْ أَيْ : نَاصِر "وَلَا شَفِيع" يَدْفَع عَذَابه عَنْكُمْ "أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ" هَذَا فَتُؤْمِنُونَ
{5} يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ "يُدَبِّر الْأَمْر مِنْ السَّمَاء إلَى الْأَرْض" مُدَّة الدُّنْيَا "ثُمَّ يَعْرُج" يَرْجِع الْأَمْر وَالتَّدْبِير "إلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ" فِي الدُّنْيَا وَفِي سُورَة "سَأَلَ" خَمْسِينَ أَلْف سَنَة وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة لِشِدَّةِ أَهْوَاله بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَافِر وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيَكُون أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة مَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث
{6} ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ "ذَلِكَ" الْخَالِق الْمُدَبِّر "عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة" أَيْ مَا غَابَ عَنْ الْخَلْق وَمَا حَضَرَ "الْعَزِيز" الْمَنِيع فِي مُلْكه "الرَّحِيم" بِأَهْلِ طَاعَته
{7} الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ "الَّذِي أَحْسَنَ كُلّ شَيْء خَلَقَهُ" بِفَتْحِ اللَّام فِعْلًا مَاضِيًا صِفَة وَبِسُكُونِهَا بَدَل اشْتِمَال "وَبَدَأَ خَلْق الْإِنْسَان" آدَم
{8} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ "ثُمَّ جَعَلَ نَسْله" ذُرِّيَّته "مِنْ سُلَالَة" عَلَقَة "مِنْ مَاء مَهِين" ضَعِيف هُوَ النُّطْفَة
{9} ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ "ثُمَّ سَوَّاهُ" أَيْ خَلْق آدَم "وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه" أَيْ جَعَلَهُ حَيًّا حَسَّاسًا بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا "وَجَعَلَ لَكُمْ" أَيْ لِذُرِّيَّتِهِ "السَّمْع" بِمَعْنَى الْأَسْمَاع "وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة" الْقُلُوب "قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" مَا زَائِدَة مُؤَكِّدَة لِلْقِلَّةِ
{10} وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ "وَقَالُوا" أَيْ مُنْكِرُو الْبَعْث "أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض" غِبْنَا فِيهَا بِأَنْ صِرْنَا تُرَابًا مُخْتَلِطًا بِتُرَابِهَا "أَإِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد" اسْتِفْهَام إنْكَار بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ "بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبّهمْ" بِالْبَعْثِ
{11} قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ "قُلْ" لَهُمْ "يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ" أَيْ يَقْبِض أَرْوَاحكُمْ "ثُمَّ إلَى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ" أَحْيَاء فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ
|
|
|
11-10-2011
|
#233
|
مثلي قليل ≈
{12} وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ"وَلَوْ تَرَى إذْ الْمُجْرِمُونَ" الْكَافِرُونَ "نَاكِسُوا رُءُوسهمْ عِنْد رَبّهمْ" مُطَأْطِئُوهَا حَيَاء يَقُولُونَ "رَبّنَا أَبْصَرْنَا" مَا أَنْكَرْنَا مِنْ الْبَعْث"وَسَمِعْنَا" مِنْك تَصْدِيق الرُّسُل فِيمَا كَذَّبْنَاهُمْ فِيهِ "فَارْجِعْنَا" إلَى الدُّنْيَا "نَعْمَل صَالِحًا" فِيهَا "إنَّا مُوقِنُونَ" الْآن فَمَا يَنْفَعهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَرْجِعُونَ وَجَوَاب لَوْ : لَرَأَيْت أَمْرًا فَظِيعًا
{13} وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلّ نَفْس هُدَاهَا" فَتَهْتَدِي بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَة بِاخْتِيَارٍ مِنْهَا "وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْل مِنِّي" وَهُوَ "لَأَمْلَأَنّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة" الْجِنّ "وَالنَّاس أَجْمَعِينَ" وَتَقُول لَهُمْ الْخَزَّانَة إذَا دَخَلُوهَا :
{14} فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"فَذُوقُوا" الْعَذَاب "بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا" أَيْ بِتَرْكِكُمْ الْإِيمَان بِهِ "إنَّا نَسِينَاكُمْ" تَرَكْنَاكُمْ فِي الْعَذَاب "وَذُوقُوا عَذَاب الْخُلْد" الدَّائِم "بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" مِنْ الْكُفْر وَالتَّكْذِيب
{15} إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"إنَّمَا يُؤْمِن بِآيَاتِنَا" الْقُرْآن "الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا" وُعِظُوا "بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا" مُتَلَبِّسِينَ "بِحَمْدِ رَبّهمْ" أَيْ قَالُوا : سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ "وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" عَنْ الْإِيمَان وَالطَّاعَة
{16} تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ"تَتَجَافَى جُنُوبهمْ" تَرْتَفِع "عَنْ الْمَضَاجِع" مَوَاضِع الِاضْطِجَاع بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا "يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا" مِنْ عِقَابه"وَطَمَعًا" فِي رَحْمَته "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" يَتَصَدَّقُونَ
{17} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ" خُبِئَ وَفِي قِرَاءَة بِسُكُونِ الْيَاء مُضَارِع "لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن" مَا تُقِرّ بِهِ أَعْيُنهمْ
{18} أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ"أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ" أَيْ الْمُؤْمِنُونَ وَالْفَاسِقُونَ
{19} أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَلَهُمْ جَنَّات الْمَأْوَى نُزُلًا" هُوَ مَا يُعَدّ لِلضَّيْفِ
{20} وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ"وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا" بِالْكُفْرِ وَالتَّكْذِيب
{21} وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَاب الْأَدْنَى" عَذَاب الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالْأَسْر وَالْجَدْب سِنِينَ وَالْأَمْرَاض "دُون" قَبْل "الْعَذَاب الْأَكْبَر" عَذَاب الْآخِرَة "لَعَلَّهُمْ" أَيْ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ "يَرْجِعُونَ" إلَى الْإِيمَان
{22} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ"وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبّه" الْقُرْآن "ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا" أَيْ لَا أَحَد أَظْلَم مِنْهُ "إنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ" الْمُشْرِكِينَ
{23} وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ"وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب" التَّوْرَاة "فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَة" شَكّ "مِنْ لِقَائِهِ" وَقَدْ الْتَقَيَا لَيْلَة الْإِسْرَاء "وَجَعَلْنَاهُ" أَيْ مُوسَى أَوْ الْكِتَاب "هُدًى" هَادِيًا
{24} وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة يَاء : قَادَة "يَهْدُونَ" النَّاس "بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا" عَلَى دِينهمْ وَعَلَى الْبَلَاء مِنْ عَدُوّهُمْ وَفِي قِرَاءَة بِكَسْرِ اللَّام وَتَخْفِيف الْمِيم "وَكَانُوا بِآيَاتِنَا" الدَّالَّة عَلَى قُدْرَتنَا وَوَحْدَانِيّتنَا
{25} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ"إنَّ رَبّك هُوَ يَفْصِل بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين
{26} أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ"أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلهمْ" أَيْ يَتَبَيَّن لِكُفَّارِ مَكَّة إهْلَاكنَا كَثِيرًا "مِنْ الْقُرُون" الْأُمَم بِكُفْرِهِمْ "يَمْشُونَ" حَال مِنْ ضَمِير لَهُمْ "فِي مَسَاكِنهمْ" فِي أَسْفَارهمْ إلَى الشَّام وَغَيْرهَا فَيَعْتَبِرُوا "إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات" دَلَالَات عَلَى قُدْرَتنَا "أَفَلَا يَسْمَعُونَ" سَمَاع تَدَبُّر وَاتِّعَاظ
{27} أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوق الْمَاء إلَى الْأَرْض الْجُرُز" الْيَابِسَة الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا "فَنُخْرِج بِهِ زَرْعًا تَأْكُل مِنْهُ أَنْعَامهمْ وَأَنْفُسهمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ" هَذَا فَيَعْلَمُونَ أَنَّا نَقْدِر عَلَى إعَادَتهمْ
{28} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"وَيَقُولُونَ" لِلْمُؤْمِنِينَ "مَتَى هَذَا الْفَتْح" بَيْننَا وَبَيْنكُمْ
{29} قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ"قُلْ يَوْم الْفَتْح" بِإِنْزَالِ الْعَذَاب بِهِمْ "لَا يَنْفَع الَّذِينَ كَفَرُوا إيمَانهمْ وَلَا هُمْ يَنْظُرُونَ" يُمْهِلُونَ لِتَوْبَةٍ أَوْ مَعْذِرَة
{30} فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ"فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ" إنْزَال الْعَذَاب بِهِمْ "إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ" بِك حَادِث مَوْت أَوْ قَتْل فَيَسْتَرِيحُونَ مِنْك وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِقِتَالِهِمْ
|
|
|
11-10-2011
|
#234
|
مثلي قليل ≈
سُورَة الْأَحْزَاب [ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا 73 نَزَلَتْ بَعْد آل عِمْرَان ]
{1} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
"يَا أَيّهَا النَّبِيّ اتَّقِ اللَّه" دُمْ عَلَى تَقْوَاهُ "وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ" فِيمَا يُخَالِف شَرِيعَتك "إنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا" بِمَا يَكُون قَبْل كَوْنه "حَكِيمًا" فِيمَا يَخْلُقهُ
{2} وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إلَيْك مِنْ رَبّك" أَيْ الْقُرْآن "إنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" وَفِي قِرَاءَة بِالتَّحْتَانِيَّة
{3} وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا"وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه" فِي أَمْرك "وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا" حَافِظًا لَك وَأُمَّته تَبَع لَهُ فِي ذَلِكَ كُلّه
{4} مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ"مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه" رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ الْكُفَّار إنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ يَعْقِل بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَفَضْل مِنْ عَقْل مُحَمَّد"وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجكُمْ اللَّائِي" بِهَمْزَةٍ وَيَاء وَبِلَا يَاء "تُظَاهِرُونَ" بِلَا أَلِف قَبْل الْهَاء وَبِهَا وَالتَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل مُدْغَمَة فِي الظَّاء"مِنْهُنَّ" يَقُول الْوَاحِد مَثَلًا لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي "أُمَّهَاتكُمْ" أَيْ كَالْأُمَّهَاتِ فِي تَحْرِيمهَا بِذَلِكَ الْمُعَدّ فِي الْجَاهِلِيَّة طَلَاقًا وَإِنَّمَا تَجِب بِهِ الْكَفَّارَة بِشَرْطِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي سُورَة الْمُجَادَلَة "وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ" جَمْع دَعِيّ وَهُوَ مَنْ يَدَّعِي لِغَيْرِ أَبِيهِ ابْنًا لَهُ "أَبْنَاءَكُمْ" حَقِيقَة "ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ" أَيْ الْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ قَالُوا لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَب بِنْت جَحْش الَّتِي كَانَتْ امْرَأَة زَيْد بْن حَارِثَة الَّذِي تَبَنَّاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : تَزَوَّجَ مُحَمَّد امْرَأَة ابْنه فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ "وَاَللَّه يَقُول الْحَقّ" فِي ذَلِكَ "وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل" سَبِيل الْحَقّ
{5} ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَط" أَعْدَل "عِنْد اللَّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ" بَنُو عَمّكُمْ "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ" فِي ذَلِكَ "وَلَكِنْ" فِي "مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبكُمْ" فِيهِ أَيْ بَعْد النَّهْي "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِمَا كَانَ مِنْ قَوْلكُمْ قَبْل النَّهْي "رَحِيمًا" بِكُمْ فِي ذَلِكَ
{6} النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا"النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ" فِيمَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ وَدَعَتْهُمْ أَنْفُسهمْ إلَى خِلَافه "وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ" فِي حُرْمَة نِكَاحهنَّ عَلَيْهِمْ "وَأُولُو الْأَرْحَام" ذَوُو الْقَرَابَات "بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ" فِي الْإِرْث "فِي كِتَاب اللَّه مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ"أَيْ مِنْ الْإِرْث بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَة الَّذِي كَانَ أَوَّل الْإِسْلَام فَنُسِخَ "إلَّا" لَكِنْ "أَنْ تَفْعَلُوا إلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا" بِوَصِيَّةٍ فَجَائِز "كَانَ ذَلِكَ" أَيْ نُسِخَ الْإِرْث بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَة بِإِرْثِ ذَوِي الْأَرْحَام "فِي الْكِتَاب مَسْطُورًا" وَأُرِيدَ بِالْكِتَابِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّوْح الْمَحْفُوظ
{7} وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا"وَ" اُذْكُرْ "إِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقهمْ" حِين أُخْرِجُوا مِنْ صُلْب آدَم كَالذَّرِّ جَمْع ذَرَّة وَهِيَ أَصْغَر النَّمْل "وَمِنْك وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم" بِأَنْ يَعْبُدُوا اللَّه وَيَدْعُوا إلَى عِبَادَته وَذِكْر الْخَمْسَة مِنْ عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ"وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا" شَدِيدًا بِالْوَفَاءِ بِمَا حَمَلُوهُ وَهُوَ الْيَمِين بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ أَخَذَ الْمِيثَاق
{8} لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا"لِيَسْأَل" اللَّه "الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقهمْ" فِي تَبْلِيغ الرِّسَالَة تَبْكِيتًا لِلْكَافِرِينَ بِهِمْ "وَأَعَدَّ" تَعَالَى "لِلْكَافِرِينَ" بِهِمْ "عَذَابًا أَلِيمًا"مُؤْلِمًا هُوَ عَطْف عَلَى أَخَذْنَا
{9} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود" مِنْ الْكُفَّار مُتَحَزِّبُونَ أَيَّام حَفْر الْخَنْدَق "فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا" مِنْ الْمَلَائِكَة "وَكَانَ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ" بِالتَّاءِ مِنْ حَفْر الْخَنْدَق وَبِالْيَاءِ مِنْ تَحْزِيب الْمُشْرِكِينَ
{10} إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ"إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقكُمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنْكُمْ" مِنْ أَعْلَى الْوَادِي وَأَسْفَله مِنْ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب "وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَار" مَالَتْ عَنْ كُلّ شَيْء إلَى عَدُوّهَا مِنْ كُلّ جَانِب "وَبَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِر" جَمْع حَنْجَرَة وَهِيَ مُنْتَهَى الْحُلْقُوم مِنْ شِدَّة الْخَوْف"وَتَظُنُّونَ بِاَللَّهِ الظُّنُونَا" الْمُخْتَلِفَة بِالنَّصْرِ وَالْيَأْس
{11} هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا"هُنَالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ" اُخْتُبِرُوا لِيَتَبَيَّن الْمُخْلِص مِنْ غَيْره "وَزُلْزِلُوا" حُرِّكُوا "زِلْزَالًا شَدِيدًا" مِنْ شِدَّة الْفَزَع
{12} وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا"وَ" اُذْكُرْ "إِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض" ضَعْف اعْتِقَاد "مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله" بِالنَّصْرِ "إلَّا غُرُورًا" بَاطِلًا
{13} وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا"وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ" أَيْ الْمُنَافِقُونَ "يَا أَهْل يَثْرِب" هِيَ أَرْض الْمَدِينَة وَلَمْ تُصْرَف لِلْعَلَمِيَّةِ وَوَزْن الْفِعْل "لَا مُقَام لَكُمْ"بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْحهَا : أَيْ لَا إقَامَة وَلَا مَكَانَة "فَارْجِعُوا" إلَى مَنَازِلكُمْ مِنْ الْمَدِينَة وَكَانُوا خَرَجُوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى سَلْع جَبَل خَارِج الْمَدِينَة لِلْقِتَالِ "وَيَسْتَأْذِن فَرِيق مِنْهُمْ النَّبِيّ" فِي الرُّجُوع "يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتنَا عَوْرَة" غَيْر حَصِينَة يُخْشَى عَلَيْهَا "وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إنْ" مَا "يُرِيدُونَ إلَّا فِرَارًا" مِنْ الْقِتَال
{14} وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا"وَلَوْ دُخِلَتْ" أَيْ الْمَدِينَة "عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارهَا" نَوَاحِيهَا "ثُمَّ سُئِلُوا" أَيْ سَأَلَهُمْ الدَّاخِلُونَ "الْفِتْنَة" الشِّرْك "لَآتَوْهَا" بِالْمَدِّ وَالْقَصْر أَيْ أَعْطَوْهَا وَفَعَلُوهَا
{15} وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا"وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّه مِنْ قَبْل لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَار وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا" عَنْ الْوَفَاء بِهِ
{16} قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا"قُلْ لَنْ يَنْفَعكُمْ الْفِرَار إنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْت أَوْ الْقَتْل وَإِذَا" إنْ فَرَرْتهمْ "لَا تُمَتَّعُونَ" فِي الدُّنْيَا بَعْد فِرَاركُمْ "إلَّا قَلِيلًا" بَقِيَّة آجَالكُمْ
{17} قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا"قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمكُمْ" يُجِيركُمْ "مِنْ اللَّه إنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا" هَلَاكًا وَهَزِيمَة "أَوْ" يُصِيبكُمْ بِسُوءٍ إنْ "أَرَادَ" اللَّه "بِكُمْ"خَيْرًا "وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "وَلِيًّا" يَنْفَعهُمْ "وَلَا نَصِيرًا" يَدْفَع الضُّرّ عَنْهُمْ
{18} قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا"قَدْ يَعْلَم اللَّه الْمُعَوِّقِينَ" الْمُثَبِّطِينَ "مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ" تَعَالَوْا "إلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْس" الْقِتَال "إلَّا قَلِيلًا" رِيَاء وَسُمْعَة
{19} أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا"أَشِحَّة عَلَيْكُمْ" بِالْمُعَاوَنَةِ جَمْع شَحِيح وَهُوَ حَال مِنْ ضَمِير يَأْتُونَ "فَإِذَا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ يَنْظُرُونَ إلَيْك تَدُور أَعْيُنهمْ كَاَلَّذِي" كَنَظَرِ أَوْ كَدَوَرَانِ الَّذِي "يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْت" أَيْ سَكَرَاته "فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْف" وَحِيزَتْ الْغَنَائِم "سَلَقُوكُمْ" آذَوْكُمْ أَوْ ضَرَبُوكُمْ "بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد أَشِحَّة عَلَى الْخَيْر" أَيْ الْغَنِيمَة يَطْلُبُونَهَا "أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا" حَقِيقَة "فَأَحْبَطَ اللَّه أَعْمَالهمْ وَكَانَ ذَلِكَ" الْإِحْبَاط "عَلَى اللَّه يَسِيرًا" بِإِرَادَتِهِ
{20} يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا"يَحْسَبُونَ الْأَحْزَاب" مِنْ الْكُفَّار "لَمْ يَذْهَبُوا" إلَى مَكَّة لِخَوْفِهِمْ مِنْهُمْ "وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَاب" كَرَّة أُخْرَى "يَوَدُّوا" يَتَمَنَّوْا "لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب" أَيْ كَائِنُونَ فِي الْبَادِيَة "يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ" أَخْبَاركُمْ مَعَ الْكُفَّار "وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ" هَذِهِ الْكَرَّة "مَا قَاتَلُوا إلَّا قَلِيلًا" رِيَاء وَخَوْفًا مِنْ التَّعْيِير
{21} لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه إِسْوَة" بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَضَمّهَا "حَسَنَة" اقْتِدَاء بِهِ فِي الْقِتَال وَالثَّبَات فِي مَوَاطِنه "لِمَنْ" بَدَل مِنْ لَكُمْ "كَانَ يَرْجُو اللَّه" يَخَافهُ "وَالْيَوْم الْآخِر وَذَكَرَ اللَّه كَثِيرًا" بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ
{22} وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا"وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب" مِنْ الْكُفَّار "قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا . اللَّه وَرَسُوله" مِنْ الِابْتِلَاء وَالنَّصْر "وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله" فِي الْوَعْد "وَمَا زَادَهُمْ" ذَلِكَ "إلَّا إيمَانًا" تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللَّه "وَتَسْلِيمًا" لِأَمْرِهِ
{23} مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ" مِنْ الثَّبَات مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبه"مَاتَ أَوْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللَّه "وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر" ذَلِكَ "وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" فِي الْعَهْد وَهُمْ بِخِلَافِ حَال الْمُنَافِقِينَ
{24} لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا"لِيَجْزِيَ اللَّه الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّب الْمُنَافِقِينَ إنْ شَاءَ" بِأَنْ يُمِيتهُمْ عَلَى نِفَاقهمْ "أَوْ يَتُوب عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا"لِمَنْ تَابَ "رَحِيمًا" بِهِ
{25} وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا"وَرَدَّ اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا" أَيْ الْأَحْزَاب "بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا" مُرَادهمْ مِنْ الظَّفَر بِالْمُؤْمِنِينَ "وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال"بِالرِّيحِ وَالْمَلَائِكَة "وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا" عَلَى إيجَاد مَا يُرِيدهُ "عَزِيزًا" غَالِبًا عَلَى أَمْره
{26} وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا"وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب" أَيْ قُرَيْظَة "مِنْ صَيَاصِيهمْ" حُصُونهمْ جَمْع صِيصَة وَهُوَ مَا يُتَحَصَّن بِهِ "وَقَذَفَ فِي قُلُوبهمْ الرُّعْب" الْخَوْف "فَرِيقًا تَقْتُلُونَ" مِنْهُمْ وَهُمْ الْمُقَاتِلَة "وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا" مِنْهُمْ أَيْ الذَّرَارِيّ
{27} وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا"وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضهمْ وَدِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا" بَعْد وَهِيَ خَيْبَر أُخِذَتْ بَعْد قُرَيْظَة
{28} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا"يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك" وَهُنَّ تِسْع وَطَلَبْنَ مِنْهُ مِنْ زِينَة الدُّنْيَا مَا لَيْسَ عِنْده "إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ" أَيْ مُتْعَة الطَّلَاق "وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا" أُطَلِّقكُنَّ مِنْ غَيْر ضِرَار
{29} وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا"وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّه وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة" أَيْ الْجَنَّة "فَإِنَّ اللَّه أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ" بِإِرَادَةِ الْآخِرَة "أَجْرًا عَظِيمًا" أَيْ الْجَنَّة فَاخْتَرْنَ الْآخِرَة عَلَى الدُّنْيَا
{30} يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا"يَا نِسَاء النَّبِيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيَّنَة" بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرهَا أَيْ بُيِّنَتْ أَوْ هِيَ بَيِّنَة "يُضَاعِف" وَفِي قِرَاءَة يُضَعَّف بِالتَّشْدِيدِ وَفِي أُخْرَى نُضَعِّف بِالنُّونِ مَعَهُ وَنُصِبَ الْعَذَاب "لَهَا الْعَذَاب ضِعْفَيْنِ" ضِعْفَيْ عَذَاب غَيْرهنَّ أَيْ مِثْلَيْهِ
{31} وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا"وَمَنْ يَقْنُت" يُطِعْ "مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُوله وَتَعْمَل صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرهَا مَرَّتَيْنِ" أَيْ مِثْلَيْ ثَوَاب غَيْرهنَّ مِنْ النِّسَاء وَفِي قِرَاءَة بِالتَّحْتَانِيَّة فِي تَعْمَل وَنُؤْتِهَا "وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا" فِي الْجَنَّة زِيَادَة
{32} يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا"يَا نِسَاء النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ" كَجَمَاعَةٍ "مِنْ النِّسَاء إنْ اتَّقَيْتُنَّ" اللَّه فَإِنَّكُنَّ أَعْظَم "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ" لِلرِّجَالِ "فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض" نِفَاق "وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا" مِنْ غَيْر خُضُوع
{33} وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"وَقَرْنَ" بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْحهَا "فِي بُيُوتكُنَّ" مِنْ الْقَرَار وَأَصْله : أَقْرِرْنَ بِكَسْرِ الرَّاء وَفَتْحهَا مِنْ قَرَرْت بِفَتْحِ الرَّاء وَكَسْرهَا نُقِلَتْ حَرَكَة الرَّاء إلَى الْقَاف وَحُذِفَتْ مَعَ هَمْزَة الْوَصْل "وَلَا تَبَرَّجْنَ" بِتَرْكِ إحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ أَصْله "تَبَرُّج الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى" أَيْ مَا قَبْل الْإِسْلَام مِنْ إظْهَار النِّسَاء مَحَاسِنهنَّ لِلرِّجَالِ وَالْإِظْهَار بَعْد الْإِسْلَام مَذْكُور فِي آيَة "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا""وَأَقِمْنَ الصَّلَاة وَآتِينَ الزَّكَاة وَأَطِعْنَ اللَّه وَرَسُوله إنَّمَا يُرِيد اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُمْ الرِّجْس" الْإِثْم يَا "أَهْل الْبَيْت" أَيْ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَيُطَهِّركُمْ" مِنْهُ
{34} وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُنَّ مِنْ آيَات اللَّه" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" السُّنَّة "إنَّ اللَّه كَانَ لَطِيفًا" بِأَوْلِيَائِهِ "خَبِيرًا" بِجَمِيعِ خَلْقه
{35} إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات" الْمُطِيعَات "وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات" فِي الْإِيمَان"وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَات" عَلَى الطَّاعَات "وَالْخَاشِعِينَ" الْمُتَوَاضِعِينَ "وَالْخَاشِعَات وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَات وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَات وَالْحَافِظِينَ فُرُوجهمْ وَالْحَافِظَات" عَنْ الْحَرَام "وَالذَّاكِرِينَ اللَّه كَثِيرًا وَالذَّاكِرَات أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة" لِلْمَعَاصِي"وَأَجْرًا عَظِيمًا" عَلَى الطَّاعَات
{36} وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُون" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "لَهُمْ الْخِيرَة" أَيْ الِاخْتِيَار "مِنْ أَمْرهمْ" بِخِلَافِ أَمْر اللَّه وَرَسُوله نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأُخْته زَيْنَب خَطَبَهَا النَّبِيّ لِزَيْدِ بْن حَارِثَة فَكَرِهَا ذَلِكَ حِين عَلِمَا لِظَنِّهِمَا قَبْل أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَضِيَا لِلْآيَةِ "وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" بَيِّنًا فَزَوَّجَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ ثُمَّ وَقَعَ بَصَره عَلَيْهَا بَعْد حِين فَوَقَعَ فِي نَفْسه حُبّهَا وَفِي نَفْس زَيْد كَرَاهَتهَا ثُمَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيد فِرَاقهَا فَقَالَ : "أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجك"
{37} وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"وَإِذْ" مَنْصُوب بِاذْكُرْ "تَقُول لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ" بِالْإِسْلَامِ "وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ" بِالْإِعْتَاقِ وَهُوَ زَيْد بْن حَارِثَة كَانَ مِنْ سَبْي الْجَاهِلِيَّة اشْتَرَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الْبَعْثَة وَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ "أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجك وَاتَّقِ اللَّه" فِي أَمْر طَلَاقهَا "وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه" مُظْهِره مِنْ مَحَبَّتهَا وَأَنْ لَوْ فَارَقَهَا زَيْد تَزَوَّجَتْهَا "وَتَخْشَى النَّاس" أَنْ يَقُولُوا تَزَوَّجَ زَوْجَة ابْنه "وَاَللَّه أَحَقّ أَنْ تَخْشَاهُ" فِي كُلّ شَيْء وَتَزَوَّجَهَا وَلَا عَلَيْك مِنْ قَوْل النَّاس ثُمَّ طَلَّقَهَا زَيْد وَانْقَضَتْ عِدَّتهَا "فَلَمَّا قَضَى زَيْد مِنْهَا وَطَرًا" حَاجَة "زَوَّجْنَاكهَا" فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ إذْن وَأَشْبَعَ الْمُسْلِمِينَ خُبْزًا وَلَحْمًا"لَكَيْ لَا يَكُون عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَج فِي أَزْوَاج أَدْعِيَائِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْر اللَّه" مَقْضِيّه
{38} مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا"مَا كَانَ عَلَى النَّبِيّ مِنْ حَرَج فِيمَا فَرَضَ" أَحَلَّ "اللَّه لَهُ سُنَّة اللَّه" أَيْ كَسُنَّةِ اللَّه فَنُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِض "فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل" مِنْ الْأَنْبِيَاء أَنْ لَا حَرَج عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ تَوْسِعَة لَهُمْ فِي النِّكَاح "وَكَانَ أَمْر اللَّه" فِعْله "قَدَرًا مَقْدُورًا" مَقْضِيًّا
{39} الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا"الَّذِينَ" نَعْت لِلَّذِينَ قَبْله "يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلَّا اللَّه" فَلَا يَخْشَوْنَ مَقَالَة النَّاس فِيمَا أَحَلَّ اللَّه لَهُمْ "وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا" حَافِظًا لِأَعْمَالِ خَلْقه وَمُحَاسَبَتهمْ
{40} مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا"مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ" فَلَيْسَ أَبَا زَيْد : أَيْ وَالِده فَلَا يَحْرُم عَلَيْهِ التَّزَوُّج بِزَوْجَتِهِ زَيْنَب "وَلَكِنْ" كَانَ "رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ" فَلَا يَكُون لَهُ ابْن رَجُل بَعْده يَكُون نَبِيًّا وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ التَّاء كَآلَةِ الْخَتْم : أَيْ بِهِ خُتِمُوا "وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا" مِنْهُ بِأَنْ لَا نَبِيّ بَعْده وَإِذَا نَزَلَ السَّيِّد عِيسَى يَحْكُم بِشَرِيعَتِهِ
{42} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا"وَسَبِّحُوهُ بُكْرَة وَأَصِيلًا" أَوَّل النَّهَار وَآخِره
{43} هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ" أَيْ يَرْحَمكُمْ "وَمَلَائِكَته" يَسْتَغْفِرُونَ لَكُمْ "لِيُخْرِجكُمْ" لِيُدِيمَ إخْرَاجه إيَّاكُمْ "مِنْ الظُّلُمَات" أَيْ الْكُفْر"إلَى النُّور" أَيْ الْإِيمَان
{44} تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا"تَحِيَّتهمْ" مِنْهُ تَعَالَى "يَوْم يَلْقَوْنَهُ سَلَام" بِلِسَانِ الْمَلَائِكَة "وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا" هُوَ الْجَنَّة
{45} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا"يَا أَيّهَا النَّبِيّ إنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا" عَلَى مَنْ أَرْسَلْت إلَيْهِمْ "وَمُبَشِّرًا" مِنْ صِدْقك بِالْجَنَّةِ "وَنَذِيرًا" مُنْذِرًا مَنْ كَذَّبَك بِالنَّارِ
{46} وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا"وَدَاعِيًا إلَى اللَّه" إلَى طَاعَته "بِإِذْنِهِ" بِأَمْرِهِ "وَسِرَاجًا مُنِيرًا" أَيْ مِثْله فِي الِاهْتِدَاء بِهِ
{47} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا"وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا" هُوَ الْجَنَّة
{48} وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا"وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ" فِيمَا يُخَالِف شَرِيعَتك "وَدَعْ" اُتْرُكْ "أَذَاهُمْ" لَا تُجَازِهِمْ عَلَيْهِ إلَى أَنْ تُؤْمَر فِيهِمْ بِأَمْرٍ "وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه" فَهُوَ كَافِيك "وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكَيْلًا" مُفَوِّضًا إلَيْهِ
{49} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ" وَفِي قِرَاءَة تُمَاسُّوهُنَّ أَيْ تُجَامِعُوهُنَّ "فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا" تُحْصُونَهَا بِالْأَقْرَاءِ وَغَيْرهَا "فَمَتِّعُوهُنَّ" أَعْطُوهُنَّ مَا يَسْتَمْتِعْنَ بِهِ أَيْ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُنَّ صَدَقَة وَإِلَّا فَلَهُنَّ نِصْف الْمُسَمَّى فَقَطْ قَالَهُ ابْن عَبَّاس وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ "وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا" خَلُّوا سَبِيلهنَّ مِنْ غَيْر إضْرَار
{50} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"يَا أَيّهَا النَّبِيّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورهنَّ" مُهُورهنَّ "وَمَا مَلَكَتْ يَمِينك مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْك" مِنْ الْكُفَّار بِالسَّبْيِ كَصَفِيَّة وَجُوَيْرِيَة "وَبَنَات عَمّك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك" بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْنَ"وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ إنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحهَا" يَطْلُب نِكَاحهَا بِغَيْرِ صَدَاق "خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ" النِّكَاح بِلَفْظِ الْهِبَة مِنْ غَيْر صَدَاق "قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ "فِي أَزْوَاجهمْ" مِنْ الْأَحْكَام بِأَنْ لَا يَزِيدُوا عَلَى أَرْبَع نِسْوَة وَلَا يَتَزَوَّجُوا إلَّا بِوَلِيٍّ وَشُهُود وَمَهْر "وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ" مِنْ الْإِمَاء بِشِرَاءٍ وَغَيْره بِأَنْ تَكُون الْأَمَة مِمَّنْ تَحِلّ لِمَالِكِهَا كَالْكِتَابِيَّةِ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيَّة وَالْوَثَنِيَّة وَأَنْ تَسْتَبْرِئ قَبْل الْوَطْء "لِكَيْلَا" مُتَعَلِّق بِمَا قَبْل ذَلِكَ "يَكُون عَلَيْك حَرَج"ضِيق فِي النِّكَاح "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" فِيمَا يُعْسِر التَّحَرُّز عَنْهُ "رَحِيمًا" بِالتَّوْسِعَةِ فِي ذَلِكَ
{51} تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا"تُرْجِي" بِالْهَمْزَةِ وَالْيَاء بَدَله : تُؤَخِّر "مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ" أَيْ أَزْوَاجك عَنْ نَوْبَتهَا "وَتُؤْوِي" تَضُمّ "إلَيْك مَنْ تَشَاء" مِنْهُنَّ فَتَأْتِيهَا"وَمَنْ ابْتَغَيْت" طَلَبْت "مِمَّنْ عَزَلْت" مِنْ الْقِسْمَة "فَلَا جُنَاح عَلَيْك" فِي طَلَبهَا وَضَمّهَا إلَيْك خَيْر فِي ذَلِكَ بَعْد أَنْ كَانَ الْقَسْم وَاجِبًا عَلَيْهِ "ذَلِكَ" التَّخْيِير "أَدْنَى" أَقْرَب إلَى "أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَن وَيَرْضَوْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ" مَا ذَكَرَ الْمُخَيَّر فِيهِ"كُلّهنَّ" تَأْكِيد لِلْفَاعِلِ فِي يَرْضَيْنَ "وَاَللَّه يَعْلَم مَا فِي قُلُوبكُمْ" مِنْ أَمْر النِّسَاء وَالْمَيْل إلَى بَعْضهنَّ وَإِنَّمَا خَيَّرْنَاك فِيهِنَّ تَيْسِيرًا عَلَيْك فِي كُلّ مَا أَرَدْت "وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا" بِخَلْقِهِ "حَلِيمًا" عَنْ عِقَابهمْ
{52} لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا"لَا تَحِلّ" بِالتَّاءِ وَبِالْيَاءِ "لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد" بَعْد التِّسْع الَّتِي اخْتَرْنَك "وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ" بِتَرْكِ إحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأَصْل "بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج" بِأَنْ تُطَلِّقهُنَّ أَوْ بَعْضهنَّ وَتَنْكِح بَدَل مِنْ طَلَّقْت "وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنهنَّ إلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك" مِنْ الْإِمَاء فَتَحِلّ لَك وَقَدْ مَلَكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدهنَّ مَارِيَة وَوَلَدَتْ لَهُ إبْرَاهِيم وَمَاتَ فِي حَيَاته "وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء رَقِيبًا" حَفِيظًا
{53} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوت النَّبِيّ إلَّا أَنْ يُؤْذَن لَكُمْ" فِي الدُّخُول بِالدُّعَاءِ "إلَى طَعَام" فَتَدْخُلُوا "غَيْر نَاظِرِينِ" مُنْتَظِرِينَ"إنَاهُ" نُضْجه مَصْدَر أَنِيَ يَأْنِي "وَلَكِنْ إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا" تَمْكُثُوا "مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ" مِنْ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ "إنَّ ذَلِكُمْ" الْمُكْث "كَانَ يُؤْذِي النَّبِيّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ" أَنْ يُخْرِجكُمْ "وَاَللَّه لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقّ" أَنْ يُخْرِجكُمْ أَيْ لَا يَتْرُك بَيَانه وَقُرِئَ يَسْتَحْيِ بِيَاءٍ وَاحِدَة "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ" أَيْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَتَاعًا فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب" سِتْر "ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ" مِنْ الْخَوَاطِر الْمُرِيبَة "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّه" بِشَيْءٍ "وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجه مِنْ بَعْده أَبَدًا إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْد اللَّه" ذَنْبًا
{54} إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا"إنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ" مِنْ نِكَاحهنَّ بَعْده "فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا" فَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ
{55} لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا"لَا جُنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء إخْوَانهنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتهنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ" أَيْ الْمُؤْمِنَات "وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهنَّ" مِنْ الْإِمَاء وَالْعَبِيد أَنْ يَرَوْهُنَّ وَيُكَلِّمُوهُنَّ مِنْ غَيْر حِجَاب "وَاتَّقِينَ اللَّه" فِيمَا أَمَرْتُنَّ بِهِ "إنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا" لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء
{56} إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"إنَّ اللَّه وَمَلَائِكَته يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ" مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" أَيْ قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد وَسَلِّمْ
{57} إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا"إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّه وَرَسُوله" وَهُمْ الْكُفَّار يَصِفُونَ اللَّه بِمَا هُوَ مُنَزَّه عَنْهُ مِنْ الْوَلَد وَالشَّرِيك وَيُكَذِّبُونَ رَسُوله "لَعَنَهُمْ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" أَبْعَدَهُمْ "وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا" ذَا إهَانَة وَهُوَ النَّار
{58} وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا"وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا" يَرْمُونَهُمْ بِغَيْرِ مَا عَمِلُوا "فَقَدْ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا" تَحَمَّلُوا كَذِبًا "وَإِثْمًا مُبِينًا"بَيِّنًا
{59} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ" جَمْع جِلْبَاب وَهِيَ الْمُلَاءَة الَّتِي تَشْتَمِل بِهَا الْمَرْأَة أَيْ يُرْخِينَ بَعْضهَا عَلَى الْوُجُوه إذَا خَرَجْنَ لِحَاجَتِهِنَّ إلَّا عَيْنًا وَاحِدَة "ذَلِكَ أَدْنَى" أَقْرَب إلَى "أَنْ يُعْرَفْنَ" بِأَنَّهُنَّ حَرَائِر "فَلَا يُؤْذَيْنَ" بِالتَّعَرُّضِ لَهُنَّ بِخِلَافِ الْإِمَاء فَلَا يُغَطِّينَ وُجُوههنَّ فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْك السِّتْر "رَحِيمًا" بِهِنَّ إذْ سَتَرَهُنَّ
{60} لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا"لَئِنْ" لَام قَسَم "لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ" عَنْ نِفَاقهمْ "وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض" بِالزِّنَا "وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة" الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِمْ قَدْ أَتَاكُمْ الْعَدُوّ وَسَرَايَاكُمْ قُتِلُوا أَوْ هُزِمُوا "لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ" لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ "ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك" يُسَاكِنُوك "فِيهَا إلَّا قَلِيلًا" ثُمَّ يَخْرُجُونَ
{61} مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا"مَلْعُونِينَ" مُبْعَدِينَ عَنْ الرَّحْمَة "أَيْنَمَا ثُقِفُوا" وُجِدُوا "أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا" أَيْ الْحُكْم فِيهِمْ هَذَا عَلَى جِهَة الْأَمْر بِهِ
{62} سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا"سُنَّة اللَّه" أَيْ سَنَّ اللَّه ذَلِكَ "فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل" مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة فِي مُنَافِقِيهِمْ الْمُرْجَفِينَ الْمُؤْمِنِينَ "وَلَنْ تَجِد لِسُنَّةِ اللَّه تَبْدِيلًا" مِنْهُ
{63} يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا"يَسْأَلك النَّاس" أَهْل مَكَّة "عَنْ السَّاعَة" مَتَى تَكُون "قُلْ إنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه وَمَا يُدْرِيك" يُعْلِمك بِهَا : أَيْ أَنْتَ لَا تَعْلَمهَا"لَعَلَّ السَّاعَة تَكُون" تُوجَد
{64} إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا"إنَّ اللَّه لَعَنَ الْكَافِرِينَ" أَبْعَدَهُمْ "وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا" نَارًا شَدِيدَة يَدْخُلُونَهَا
{65} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا"خَالِدِينَ" مُقَدَّرًا خُلُودهمْ "فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا" يَحْفَظهُمْ عَنْهَا "وَلَا نَصِيرًا" يَدْفَعهَا عَنْهُمْ
{66} يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ"يَوْم تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار يَقُولُونَ يَا" لِلتَّنْبِيهِ
{67} وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ"وَقَالُوا" أَيْ الْأَتْبَاع مِنْهُمْ "رَبّنَا إنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا" وَفِي قِرَاءَة سَادَاتنَا جَمْع الْجَمْع "وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا" طَرِيق الْهُدَى
{68} رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا"رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَاب" أَيْ مِثْلَيْ عَذَابنَا "وَالْعَنْهُمْ" عَذِّبْهُمْ "لَعْنًا كَبِيرًا" عَدَده وَفِي قِرَاءَة بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَظِيمًا
{69} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا" مَعَ نَبِيّكُمْ "كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى" بِقَوْلِهِمْ مَثَلًا : مَا يَمْنَعهُ أَنْ يَغْتَسِل مَعَنَا إلَّا أَنَّهُ آدَر "فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا" بِأَنْ وَضَعَ ثَوْبه عَلَى حَجَر لِيَغْتَسِل فَفَرَّ الْحَجَر بِهِ حَتَّى وَقَفَ بَيْن مَلَأ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل فَأَدْرَكَهُ مُوسَى فَأَخَذَ ثَوْبه فَاسْتَتَرَ بِهِ فَرَأَوْهُ وَلَا أُدْرَة بِهِ وَهِيَ نَفْخَة فِي الْخُصْيَة "وَكَانَ عِنْد اللَّه وَجِيهًا" ذَا جَاه : وَمِمَّا أُوذِيَ بِهِ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَسَم قَسْمًا فَقَالَ رَجُل هَذِهِ قِسْمَة مَا أُرِيد بِهَا وَجْه اللَّه تَعَالَى فَغَضِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ : ( يَرْحَم اللَّه مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا فَصَبَرَ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيّ
{70} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا" صَوَابًا
{71} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"يُصْلِح لَكُمْ أَعْمَالكُمْ" يَتَقَبَّلهَا "وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" نَالَ غَايَة مَطْلُوبَة
{72} إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة" الصَّلَوَات وَغَيْرهَا مِمَّا فِي فِعْلهَا مِنْ الثَّوَاب وَتَرْكهَا مِنْ الْعِقَاب "عَلَى السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال" بِأَنْ خَلَقَ فِيهِمَا فَهْمًا وَنُطْقًا "فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ" خِفْنَ "مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان" آدَم بَعْد عَرْضهَا عَلَيْهِ "إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا"لِنَفْسِهِ بِمَا حَمَلَهُ "جَهُولًا" بِهِ
{73} لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"لِيُعَذِّب اللَّه" اللَّام مُتَعَلِّقَة بِعَرَضْنَا الْمُتَرَتِّب عَلَيْهِ حَمْل آدَم "الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات" الْمُضَيِّعِينَ الْأَمَانَة "وَيَتُوب اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات" الْمُؤَدِّينَ الْأَمَانَة "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِلْمُؤْمِنِينَ "رَحِيمًا" بِهِمْ
|
|
|
| | | |