#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾
﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾
﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 37، 39]. ﴿ فَتَلَقَّى ﴾؛ التلقي: استقبال إكرام ومسرة، قال تعالى: ﴿ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [الأنبياء: 103]، ووجه دلالته على ذلك أنه صيغة تفعل من لقيه، وهي دالة على التكلف لحصوله وتطلبه، وإنما يتكلف ويتطلب لقاء الأمر المحبوب بخلاف «لَاقَى» فلا يدل على كون الْمُلَاقَى محبوبًا؛ بل تقول: لاقى العدو، واللقاء الحضور نحو الغير بقصد أو بغير قصد، وفي خير أو شر، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا ﴾ [الأنفال: 15] الآية، فالتعبير بتلقي هنا مُؤذِن بأن الكلمات التي أخذها آدم كلمات نافعة له. ﴿ آدَمُ ﴾ ولم تذكر توبة حواء هنا مع أنها مذكورة في مواضع أخرى؛ نحو قوله: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾ [الأعراف: 23]؛ لظهور أنها تتبعه في سائر أحواله، وأنه أرشدها إلى ما أُرشد إليه؛ وإنما لم يذكر في هذه الآية؛ لأن الكلام جرى على الابتداء بتكريم آدم، وجعله في الأرض خليفة، فكان الاعتناء بذكر تقلباته هو الغرض المقصود. ﴿ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾ هي قوله: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. وقول الإنسان: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ سبب لقبول توبة الله على عبده؛ لأنها اعتراف بالذنب، وفي هذا القول أربعة أنواع من التوسُّل: الأول: التوسل بالربوبية، الثاني: التوسل بحال العبد: ﴿ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾؛ الثالث: تفويض الأمر إلى الله؛ لقوله: ﴿ وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا... ﴾ إلخ؛ الرابع: ذكر حال العبد إذا لم تحصل له مغفرة الله ورحمته؛ لقوله تعالى: ﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾. ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ وفقه للتوبة فتاب وقبل توبته؛ فيكون في ذلك منَّتان؛ الأولى: التوفيق للتوبة، حيث تلقَّى الكلمات من الله، والثانية: قبول التوبة، حيث قال تعالى: ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾. فلله تعالى على عبده في التوبة منتان: الأولى: قبل توبة العبد؛ وهي «التوفيق للتوبة»، والثانية بعد توبة العبد؛ وهي «قبول التوبة»، وكلاهما في القرآن؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118]. فقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ﴾؛ أي: وفقهم للتوبة، وقوله تعالى: ﴿ لِيَتُوبُوا ﴾؛ أي: يقوموا بالتوبة إلى الله، وأما توبة القبول ففي قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25]. ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ ﴾ صيغة مبالغة من "تاب"؛ وذلك لكثرة التائبين، وكثرة توبة الله تعالى عليهم. ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ جارٍ مجرى العلة للتواب؛ إذ قبوله التوبة عن عباده ضرب من الرحمة بهم وإلا لكانت التوبة لا تقتضي إلا نفع التائب نفسه بعدم العود للذنب حتى تترتب عليه الآثام، وأما الإثم المترتب فكان من العدل أن يتحقق عقابه لكن الرحمة سبقت العدل هنا بوعد من الله. ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا ﴾ الواو ضمير جمع، وعبَّر به عن اثنين؛ لأن آدم وحواء هما أبَوَا بني آدم كافة؛ فوجه الخطاب إليهما بصيغة الجمع باعتبارهما مع الذرية. ﴿ مِنْهَا ﴾ أنزلوا من الجنة إلى الأرض لتعيشوا فيها متعادين ﴿ جَمِيعًا ﴾ آدم وزوجه، وهو توكيد. ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى ﴾ شرع ضمنه كِتابٌ وبينه رسولٌ، وفيه أن من تعبد لله بغير ما شرع فهو على غير هدى؛ فيكون ضالًّا كما شهدت بذلك السنة؛ فقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خطبة الجمعة يقول: ((وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)). ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ ﴾ أخذ بشرعي فلم يخالفه، ولم يحد عنه، ﴿ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾؛ أي: فيما يستقبل؛ لأنهم آمنون، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾؛ أي: على ما مضى؛ لأنهم قد اغتنموه، وقاموا فيه بالعمل الصالح؛ بل هم مطمئنون غاية الطمأنينة. ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾؛ أي: بالآية الشرعية، وإن انضاف إلى ذلك الآية الكونية زاد الأمر شدة؛ لكن المهم الآية الشرعية؛ لأن من المكذبين الكافرين من آمنوا بالآية الكونية دون الشرعية؛ فمثلًا كفار قريش مؤمنون بالآية الكونية مقرون بأن الله خالق السماوات والأرض، وأنه المحيي، وأنه المميت، وأنه المُدبِّر لجميع الأمور؛ لكنهم كافرون بالآية الشرعية. ﴿ أُولَئِكَ ﴾ أشار إليهم بإشارة البعيد لانحطاط رتبتهم لا ترفيعًا لهم، وتعلية لهم. ﴿ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾؛ أي: الملازمون لها؛ ولهذا لا تأتي "أصحاب النار" إلا في الكفار؛ لا تأتي في المؤمنين أبدًا؛ لأن المراد الذين هم مصاحبون لها؛ والمصاحب لا بد أن يلازم من صاحبه. ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾؛ أي: ماكثون؛ والمراد بذلك المكث الدائم الأبدي؛ ودليل ذلك ثلاث آيات في كتاب الله؛ قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 168-169]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 64-65]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [الجن: 23]. وفيه: انحطاط رتبة من اتصفوا بهذين الوصفين: الكفر، والتكذيب |
09-13-2023 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي
|
|
|