عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2011   #143


الصورة الرمزية المشعـل

 عضويتي » 493
 جيت فيذا » Oct 2009
 آخر حضور » 03-03-2022 (10:20 PM)
آبدآعاتي » 27,968
الاعجابات المتلقاة » 93
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في » الطائف
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » المشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond reputeالمشعـل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

мч ѕмѕ ~
COLOR=Blue][/COLOR][/FONT]

افتراضي



يوسف

{44} قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ "قَالُوا" هَذِهِ "أَضْغَاث أَحْلَام" أَخْلَاط
{45} وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي "
وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ الْفَتَيَيْنِ وَهُوَ السَّاقِي "وَادَّكَرَ" فِيهِ إبْدَال التَّاء فِي الْأَصْل دَالًا وَإِدْغَامهَا فِي الدَّال أَيْ تَذَكَّرَ "بَعْد أُمَّة" حِين حَال يُوسُف "أَنَا أُنَبِّئكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي" فَأَرْسَلُوهُ فَأَتَى يُوسُف فَقَالَ :
{46} يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ
يَا "يُوسُف أَيّهَا الصِّدِّيق" الْكَثِير الصِّدْق "أَفْتِنَا فِي سَبْع بَقَرَات سِمَان يَأْكُلهُنَّ سَبْع سُنْبُلَات خُضْر وَأُخَر يَابِسَات لَعَلِّي أَرْجِع إلَى النَّاس" أَيْ الْمَلِك وَأَصْحَابه "لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ" تَعْبِيرهَا
{47} قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ "
قَالَ تَزْرَعُونَ" أَيْ ازْرَعُوا "سَبْع سِنِينَ دَأَبًا" مُتَتَابِعَة وَهِيَ تَأْوِيل السَّبْع السِّمَان "فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ" أَيْ اُتْرُكُوهُ "فِي سُنْبُله" لِئَلَّا يَفْسُد "إلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ" فَادْرُسُوهُ
{48} ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ "
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْد ذَلِكَ" أَيْ السَّبْع الْمُخْصِبَات "سَبْع شِدَاد" مُجْدِبَات صِعَاب وَهِيَ تَأْوِيل السَّبْع الْعِجَاف "يَأْكُلْنَ مَا قَدِمْتُمْ لَهُنَّ" مِنْ الْحَبّ الْمَزْرُوع فِي السِّنِينَ الْمُخْصِبَات أَيْ تَأْكُلُونَهُ فِيهِنَّ "إلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ" تَدَّخِرُونَ
{49} ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ "
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْد ذَلِكَ" أَيْ السَّبْع الْمُجْدِبَات "عَام فِيهِ يُغَاث النَّاس" بِالْمَطَرِ "وَفِيهِ يَعْصِرُونَ" الْأَعْنَاب وَغَيْرهَا لِخِصْبِهِ
{50} وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ
وَقَالَ الْمَلِك" لَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول وَأَخْبَرَهُ بِتَأْوِيلِهَا "ائْتُونِي بِهِ" أَيْ بِاَلَّذِي عَبَّرَهَا "فَلَمَّا جَاءَهُ" أَيْ يُوسُف "الرَّسُول" وَطَلَبَهُ لِلْخُرُوجِ "قَالَ" قَاصِدًا إظْهَار بَرَاءَته "ارْجِعْ إلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ" أَنْ يَسْأَل "مَا بَال" حَال "النِّسْوَة اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيهنَّ إنَّ رَبِّي" سَيِّدِي "بِكَيْدِهِنَّ عَلِيم" فَرَجَعَ فَأَخْبَرَ الْمَلِك فَجَمَعَهُنَّ
{51} قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ "
قَالَ مَا خَطْبكُنَّ" شَأْنكُنَّ "إذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُف عَنْ نَفْسه" هَلْ وَجَدْتُنَّ مِنْهُ مَيْلًا إلَيْكُنَّ "قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوء قَالَتْ امْرَأَة الْعَزِيز الْآن حَصْحَصَ" وَضَحَ "الْحَقّ أَنَا رَاوَدْته عَنْ نَفْسه وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ" فِي قَوْله : "هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي" فَأَخْبَرَ يُوسُف بِذَلِكَ فَقَالَ
{52} ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ "
ذَلِكَ" أَيْ طَلَب الْبَرَاءَة "لِيَعْلَم" الْعَزِيز "أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ" فِي أَهْله "بِالْغَيْبِ" حَال ثُمَّ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فَقَالَ :
{53} وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ "
وَمَا أُبَرِّئ نَفْسِي" مِنْ الزَّلَل "إِنَّ النَّفْس" الْجِنْس "لَأَمَّارَة" كَثِيرَة الْأَمْر "بِالسُّوءِ إلَّا مَا" بِمَعْنَى مَنْ "رَحِمَ رَبِّي" فَعَصَمَهُ
{54} وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ "
وَقَالَ الْمَلِك ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصهُ لِنَفْسِي" أَجْعَلهُ خَالِصًا لِي دُون شَرِيك فَجَاءَهُ الرَّسُول وَقَالَ : أَجِبْ الْمَلِك فَقَامَ وَوَدَّعَ أَهْل السِّجْن وَدَعَا لَهُمْ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثِيَابًا حِسَانًا وَدَخَلَ عَلَيْهِ "فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ" لَهُ "إنَّك الْيَوْم لَدَيْنَا مَكِين أَمِين" ذُو مَكَانَة وَأَمَانَة عَلَى أَمْرنَا فَمَاذَا تَرَى أَنْ نَفْعَل ؟ قَالَ : اجْمَعْ الطَّعَام وَازَرْع زَرْعًا كَثِيرًا فِي هَذِهِ السِّنِينَ الْمُخْصِبَة وَادَّخِرْ الطَّعَام فِي سُنْبُله فَتَأْتِي إلَيْك الْخَلْق لِيَمْتَارُوا مِنْك فَقَالَ : وَمَنْ لِي بِهَذَا ؟
{55} قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ "قَالَ" يُوسُف "اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِن الْأَرْض" أَرْض مِصْر "إنِّي حَفِيظ عَلِيم" ذُو حِفْظ وَعِلْم بِأَمْرِهَا وَقِيلَ كَاتِب حَاسِب
{56} وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "
وَكَذَلِكَ" كَإِنْعَامِنَا عَلَيْهِ بِالْخَلَاصِ مِنْ السِّجْن "مَكَّنَّا لِيُوسُف فِي الْأَرْض" أَرْض مِصْر "يَتَبَوَّأ" يَنْزِل "مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء" بَعْد الضِّيق وَالْحَبْس وَفِي الْقِصَّة أَنَّ الْمَلِك تَوَجَّهَ وَخَتَمَهُ وَوَلَّاهُ مَكَان الْعَزِيز وَعَزَلَهُ وَمَاتَ بَعْد فَزَوَّجَهُ امْرَأَته فَوَجَدَهَا عَذْرَاء وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدَيْنِ وَأَقَامَ الْعَدْل بِمِصْرَ وَدَانَتْ لَهُ الرِّقَاب
{57} وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ "وَلَأَجْر الْآخِرَة خَيْر" مِنْ أَجْر الدُّنْيَا وَدَخَلَتْ سُنُو الْقَحْط وَأَصَابَ أَرْض كَنْعَان وَالشَّام
{58} وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ "
وَجَاءَ إخْوَة يُوسُف" إلَّا بِنْيَامِين لِيَمْتَارُوا لِمَا بَلَغَهُمْ أَنَّ عَزِيز مِصْر يُعْطِي الطَّعَام بِثَمَنِهِ "فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ" أَنَّهُمْ إخْوَته "وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ" لَايَعْرِفُونَهُ لِبُعْدِ عَهْدهمْ بِهِ وَظَنّهمْ هَلَاكه فَكَلَّمُوهُ بالعبرانية فَقَالَ كَالْمُنْكِرِ عَلَيْهِمْ : مَا أَقْدَمَكُمْ بِلَادِي ؟ فَقَالُوا لِلْمِيرَةِ فَقَالَ لَعَلَّكُمْ عُيُون قَالُوا مَعَاذ اللَّه قَالَ فَمِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا مِنْ بِلَاد كَنْعَان وَأَبُونَا يَعْقُوب نَبِيّ اللَّه قَالَ وَلَهُ أَوْلَاد غَيْركُمْ ؟ قَالُوا نَعَمْ كُنَّا اثْنَيْ عَشَر فَذَهَبَ أَصْغَرنَا هَلَكَ فِي الْبَرِّيَّة وَكَانَ أَحَبّنَا إلَيْهِ وَبَقِيَ شَقِيقه فَاحْتَبَسَهُ لِيَتَسَلَّى بِهِ عَنْهُ فَأَمَرَ بِإِنْزَالِهِمْ وَإِكْرَامهمْ
{59} وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ "
وَلَمَّا جَهَزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ" وَفَّى لَهُمْ كَيْلهمْ "قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ" أَيْ بِنْيَامِين لِأَعْلَم صِدْقكُمْ فِيمَا قُلْتُمْ "أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْل" أُتِمّهُ مِنْ غَيْر بَخْس
{60} فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ "
فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْل لَكُمْ عِنْدِي" أَيْ مِيرَة "وَلَا تَقْرَبُونِي" نَهْي أَوْ عَطْف عَلَى مَحَلّ فَلَا كَيْل أَيْ تُحْرَمُوا وَلَا تَقْرَبُوا
{61} قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ "قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ" سَنَجْتَهِدُ فِي طَلَبه مِنْهُ "وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ" ذَلِكَ
{62} وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "
وَقَالَ لِفِتْيَتِهِ" وَفِي قِرَاءَة لِفِتْيَانِهِ غِلْمَانه "اجْعَلُوا بِضَاعَتهمْ" الَّتِي أَتَوْا بِهَا ثَمَن الْمِيرَة وَكَانَتْ دَرَاهِم "فِي رِحَالهمْ" أَوْعِيَتهمْ "لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إذَا انْقَلَبُوا إلَى أَهْلهمْ" وَفَرَّغُوا أَوْعِيَتهمْ "لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" إلَيْنَا لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ إمْسَاكهَا
{63} فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "فَلَمَّا رَجَعُوا إلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْل" إنْ لَمْ تُرْسِل أَخَانَا إلَيْهِ "فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ" بِالنُّونِ وَالْيَاء
{64} قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "قَالَ هَلْ" مَا "آمَنَكُمْ عَلَيْهِ إلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ" يُوسُف "مِنْ قَبْل" وَقَدْ فَعَلْتُمْ بِهِ مَا فَعَلْتُمْ "فَاَللَّه خَيْر حَافِظًا" وَفِي قِرَاءَة حِفْظًا تَمْيِيز كَقَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرّه فَارِسًا "وَهُوَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ" فَأَرْجُو أَنْ يَمُنّ بِحِفْظِهِ
{65} وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ "
وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعهمْ وَجَدُوا بِضَاعَتهمْ رُدَّتْ إلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي" مَا اسْتِفْهَامِيَّة أَيْ أَيّ شَيْء نَطْلُب مِنْ إكْرَام الْمَلِك أَعْظَم مِنْ هَذَا وَقُرِئَ بالفوقانية خِطَابًا لِيَعْقُوب وَكَانُوا ذَكَرُوا لَهُ إكْرَامًا لَهُمْ "هَذِهِ بِضَاعَتنَا رُدَّتْ إلَيْنَا وَنَمِير أَهْلنَا" نَأْتِي بِالْمِيرَةِ لَهُمْ وَهِيَ الطَّعَام "وَنَحْفَظ أَخَانَا وَنَزْدَاد كَيْل بَعِير" لِأَخِينَا "ذَلِكَ كَيْل يَسِير" سَهْل عَلَى الْمَلِك لِسَخَائِهِ
{66} قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ "
قَالَ لَنْ أُرْسِلهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِي مَوْثِقًا" عَهْدًا "مِنْ اللَّه" بِأَنْ تَحْلِفُوا "لَتَأْتُنَنِّي بِهِ إلَّا أَنْ يُحَاط بِكُمْ" بِأَنْ تَمُوتُوا أَوْ تُغْلَبُوا فَلَا تُطِيقُوا الْإِتْيَان بِهِ فَأَجَابُوهُ إلَى ذَلِكَ "فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقهمْ" بِذَلِكَ "قَالَ اللَّه عَلَى مَا نَقُول" نَحْنُ وَأَنْتُمْ "وَكِيل" شَهِيد وَأَرْسَلَهُ مَعَهُمْ
{67} وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ "
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا" مِصْر "مِنْ بَاب وَاحِد وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة" لِئَلَّا تُصِيبكُمْ الْعَيْن "وَمَا أُغْنِي" أَدْفَع "عَنْكُمْ" بِقَوْلِي ذَلِكَ "مِنْ اللَّه مِنْ" زَائِدَة "شَيْء" قَدَّرَهُ عَلَيْكُمْ وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَفَقَة "إِنِ" مَا "الْحُكْم إلَّا لِلَّهِ" وَحْده "عَلَيْهِ تَوَكَّلْت" بِهِ وَثِقْت
{68} وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "
وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ" أَيْ مُتَفَرِّقِينَ "مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ اللَّه" أَيْ قَضَائِهِ "مِنْ" زَائِدَة "شَيْء إلَّا" لَكِنَّ "حَاجَة فِي نَفْس يَعْقُوب قَضَاهَا" وَهِيَ إرَادَة دَفْع الْعَيْن شَفَقَة "وَإِنَّهُ لَذُو عِلْم لِمَا عَلَّمْنَاهُ" لِتَعْلِيمِنَا إيَّاهُ "وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس" وَهُمْ الْكُفَّار "لَا يَعْلَمُونَ" إلْهَام اللَّه لِأَصْفِيَائِهِ
{69} وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف آوَى" ضَمَّ "إلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إنِّي أَنَا أَخُوك فَلَا تَبْتَئِس" تَحْزَن "بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" مِنْ الْحَسَد لَنَا وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُخْبِرهُمْ وَتَوَاطَأَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ سَيَحْتَالُ عَلَى أَنْ يُبْقِيه عِنْده
{70} فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ "فَلَمَّا جَهَزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَة" هِيَ صَاع مِنْ الذَّهَب مُرَصَّع بِالْجَوْهَرِ "فِي رَحْل أَخِيهِ" بِنْيَامِين "ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّن" نَادَى مُنَادٍ بَعْد انْفِصَالهمْ عَنْ مَجْلِس يُوسُف "أَيَّتهَا الْعِير" الْقَافِلَة
{71} قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ "قَالُوا وَ" قَدْ "أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ" مَا الَّذِي "تَفْقِدُونَ" ـهُ
{72} قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ "قَالُوا نَفْقِد صُوَاع" صَاع "الْمَلِك وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْل بَعِير" مِنْ الطَّعَام "وَأَنَا بِهِ" بِالْحَمْلِ "زَعِيم" كَفِيل
{73} قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ "قَالُوا تَاللَّهِ" قَسَم فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّب "لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِد فِي الْأَرْض وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ" مَا سَرَقْنَا قَطُّ
{74} قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ "قَالُوا" أَيْ الْمُؤَذِّن وَأَصْحَابه "فَمَا جَزَاؤُهُ" أَيْ السَّارِق "إنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ" فِي قَوْلكُمْ مَا كُنَّا سَارِقِينَ وَوُجِدَ فِيكُمْ
{75} قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ "قَالُوا جَزَاؤُهُ" مُبْتَدَأ خَبَره "مَنْ وُجِدَ فِي رَحْله" يَسْتَرِق ثُمَّ أُكِّدَ بِقَوْلِهِ "فَهُوَ" أَيْ السَّارِق "جَزَاؤُهُ" أَيْ الْمَسْرُوق لَا غَيْر وَكَانَتْ سُنَّة آل يَعْقُوب "كَذَلِكَ" الْجَزَاء "نَجْزِي الظَّالِمِينَ" بِالسَّرِقَةِ فَصَرَّحُوا لِيُوسُف بِتَفْتِيشِ أَوْعِيَتهمْ
{76} فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ "فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ" فَفَتَّشَهَا "قَبْل وِعَاء أَخِيهِ" لِئَلَّا يُتْهَم "ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا" أَيْ السِّقَايَة "كَذَلِكَ" الْكَيْد "كِدْنَا لِيُوسُف" عَلَّمْنَاهُ الِاحْتِيَال فِي أَخْذ أَخِيهِ "مَا كَانَ" يُوسُف "لِيَأْخُذ أَخَاهُ" رَقِيقًا عَنْ السَّرِقَة "فِي دِين الْمَلِك" حُكْم مَلِك مِصْر لِأَنَّ جَزَاءَهُ عِنْده الضَّرْب وَتَغْرِيم مِثْلَيْ الْمَسْرُوق لَا الِاسْتِرْقَاق "إلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه" أَخْذه بِحُكْمِ أَبِيهِ أَيْ لَمْ يَتَمَكَّن مِنْ أَخْذه إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّه بِإِلْهَامِهِ سُؤَال إخْوَته وَجَوَابهمْ بِسُنَّتِهِمْ "نَرْفَع دَرَجَات مَنْ نَشَاء" بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِين فِي الْعِلْم كَيُوسُف "وَفَوْق كُلّ ذِي عِلْم" مِنْ الْمَخْلُوقِينَ "عَلِيم" أَعْلَم مِنْهُ حَتَّى يَنْتَهِي إلَى اللَّه تَعَالَى
{77} قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ "قَالُوا إنْ يَسْرِق فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْل" أَيْ يُوسُف وَكَانَ سَرَقَ لِأَبِي أُمّه صَنَمًا مِنْ ذَهَب فَكَسَرَهُ لِئَلَّا يَعْبُدهُ "فَأَسَرَّهَا يُوسُف فِي نَفْسه وَلَمْ يُبْدِهَا" يُظْهِرهَا "لَهُمْ" وَالضَّمِير لِلْكَلِمَةِ الَّتِي فِي قَوْله قَالُوا "قَالَ" فِي نَفْسه "أَنْتُمْ شَرّ مَكَانًا" مِنْ يُوسُف وَأَخِيهِ لِسَرِقَتِكُمْ أَخَاكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ وَظُلْمكُمْ لَهُ "وَاَللَّه أَعْلَم" عَالِم "بِمَا تَصِفُونَ" تَذْكُرُونَ مِنْ أَمْره
{78} قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "قَالُوا يَا أَيّهَا الْعَزِيز إنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا" يُحِبّهُ أَكْثَر مِنَّا وَيَتَسَلَّى بِهِ عَنْ وَلَده الْهَالِك وَيُحْزِنهُ فِرَاقه "فَخُذْ أَحَدنَا" اسْتَعْبِدْهُ "مَكَانه" بَدَلًا مِنْهُ "إنَّا نَرَاك مِنَ الْمُحْسِنِينَ" فِي أَفْعَالك
{79} قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ "قَالَ مَعَاذ اللَّه" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر حُذِفَ فِعْله وَأُضِيفَ إلَى الْمَفْعُول أَيْ نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ "أَنْ نَأْخُذ إلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعنَا عِنْده" لَمْ يَقُلْ مَنْ سَرَقَ تَحَرُّزًا مِنَ الْكَذِب "إنَّا إذًا لَظَالِمُونَ" إنَّ أَخَذْنَا غَيْره
{80} فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ "فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا" يَئِسُوا "مِنْهُ خَلَصُوا" اعْتَزَلُوا "نَجِيًّا" مَصْدَر يَصْلُح لِلْوَاحِدِ وَغَيْره أَيْ يُنَاجِي بَعْضهمْ بَعْضًا "قَالَ كَبِيرهمْ" سِنًّا روبيل أَوْ رَأْيًا : يَهُوذَا "أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا" عَهْدًا "مِنَ اللَّه" فِي أَخِيكُمْ "وَمِنْ قَبْل مَا" زَائِدَة وَقِيلَ مَا مَصْدَرِيَّة مُبْتَدَأ خَبَره مِنْ قَبْل "فَلَنْ أَبْرَح" أُفَارِق "الْأَرْض" أَرْض مِصْر "حَتَّى يَأْذَن لِي أَبِي" بِالْعَوْدِ إلَيْهِ "أَوْ يَحْكُم اللَّه لِي" بِخَلَاصِ أَخِي "وَهُوَ خَيْر الْحَاكِمِينَ" أَعْدَلهمْ
{81} ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ "ارْجِعُوا إلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إنَّ ابْنك سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا" عَلَيْهِ "إلَّا بِمَا عَلِمْنَا" تَيَقُّنًا مِنْ مُشَاهَدَة الصَّاع فِي رَحْله "وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ" لِمَا غَابَ عَنَّا حِين إعْطَاء الْمَوْثِق "حَافِظِينَ" وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ يَسْرِق لَمْ نَأْخُذهُ
{82} وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ "وَاسْأَلِ الْقَرْيَة الَّتِي كُنَّا فِيهَا" هِيَ مِصْر أَيْ أَرْسِلْ إلَى أَهْلهَا فَاسْأَلْهُمْ "وَالْعِير" أَصْحَاب الْعِير "الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا" وَهُمْ قَوْم مِنْ كَنْعَان "وَإِنَّا لَصَادِقُونَ" فِي قَوْلنَا فَرَجَعُوا إلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ
{83} قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ" زَيَّنَتْ "لَكُمْ أَنْفُسكُمْ أَمْرًا" فَفَعَلْتُمُوهُ اتَّهَمَهُمْ لِمَا سَبَقَ مِنْهُمْ مِنْ أَمْر يُوسُف "فَصَبْر جَمِيل" صَبْرِي "عَسَى اللَّه أَنْ يَأْتِي بِهِمْ" بِيُوسُف وَأَخَوَيْهِ "جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الْعَلِيم" بِحَالِي "الْحَكِيم" فِي صُنْعه
{84} وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ "وَتَوَلَّى عَنْهُمْ" تَارِكًا خِطَابهمْ "وَقَالَ يَا أَسَفَى" الْأَلِف بَدَل مِنْ يَاء الْإِضَافَة أَيْ يَا حُزْنِي "عَلَى يُوسُف وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ" انْمَحَقَ سَوَادهمَا وَبُدِّلَ بَيَاضًا مِنْ بُكَائِهِ "مِنْ الْحُزْن" عَلَيْهِ "فَهُوَ كَظِيم" مَغْمُوم مَكْرُوب لَا يُظْهِر كَرْبه
{85} قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ "قَالُوا تَاللَّهِ" لَا "تَفْتَأ" تَزَال "تَذْكُر يُوسُف حَتَّى تَكُون حَرَضًا" مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاك لِطُولِ مَرَضك وَهُوَ مَصْدَر يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَغَيْره "أَوْ تَكُون مِنَ الْهَالِكِينَ" الْمَوْتَى
{86} قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ "قَالَ" لَهُمْ "إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي" هُوَ عَظِيم الْحُزْن الَّذِي لَا يَصْبِر عَلَيْهِ حَتَّى يُبَثّ إلَى النَّاس "وَحُزْنِي إلَى اللَّه" لَا إلَى غَيْره فَهُوَ الَّذِي تَنْفَع الشَّكْوَى إلَيْهِ "وَأَعْلَم مِنَ اللَّه مَا لَا تَعْلَمُونَ" مِنْ أَنَّ رُؤْيَا يُوسُف صِدْق وَهُوَ حَيّ ثُمَّ قَالَ
{87} يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُف وَأَخِيهِ" اُطْلُبُوا خَبَرهمَا "وَلَا تَيْأَسُوا" تَقْنَطُوا "مِنْ رَوْح اللَّه" رَحْمَته فَانْطَلَقُوا نَحْو مِصْر لِيُوسُف
{88} فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيّهَا الْعَزِيز مَسَّنَا وَأَهْلنَا الضُّرّ" الْجُوع "وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاة" مَدْفُوعَة يَدْفَعهَا كُلّ مَنْ رَآهَا لِرَدَاءَتِهَا وَكَانَتْ دَرَاهِم زُيُوفًا أَوْ غَيْرهَا "فَأَوْفِ" أَتِمَّ "لَنَا الْكَيْل وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا" بِالْمُسَامَحَةِ عَنْ رَدَاءَة بِضَاعَتنَا "إنَّ اللَّه يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ" يُثِيبهُمْ فَرَقَّ لَهُمْ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّحْمَة وَرَفَعَ الْحِجَاب بَيْنه وَبَيْنهمْ
{89} قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ثُمَّ "قَالَ" لَهُمْ تَوْبِيخًا "هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُف" مِنْ الضَّرْب وَالْبَيْع وَغَيْر ذَلِكَ "وَأَخِيهِ" مِنْ هَضْمكُمْ لَهُ بَعْد فِرَاق أَخِيهِ "إذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ" مَا يَئُول إلَيْهِ أَمْر يُوسُف
{90} قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "قَالُوا" بَعْد أَنْ عَرَفُوهُ لِمَا ظَهَرَ مِنْ شَمَائِله مُتَثَبِّتِينَ "أَإِنَّك" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ "لَأَنْتَ يُوسُف قَالَ أَنَا يُوسُف وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ" أَنْعَمَ "اللَّه عَلَيْنَا" بِالِاجْتِمَاعِ "إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ" يَخَفِ اللَّه "وَيَصْبِر" عَلَى مَا يَنَالهُ "فَإِنَّ اللَّه لَا يُضِيع أَجْر الْمُحْسِنِينَ" فِيهِ وَضْع الظَّاهِر مَوْضِع الْمُضْمَر
{91} قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ "قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَك" فَضَّلَك "اللَّه عَلَيْنَا" بِالْمُلْكِ وَغَيْره "وَإِنْ" مُخَفَّفَة أَيْ إنَّا "كُنَّا لَخَاطِئِينَ" آثِمِينَ فِي أَمْرك فَأَذْلَلْنَاك
{92} قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "قَالَ لَا تَثْرِيب" عَتْب "عَلَيْكُمْ الْيَوْم" خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَظِنَّة التَّثْرِيب فَغَيْره أَوْلَى وَسَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ فَقَالُوا ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ :
{93} اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ "اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا" وَهُوَ قَمِيص إبْرَاهِيم الَّذِي لَبِسَهُ حِين أُلْقِيَ فِي النَّار كَانَ فِي عُنُقه فِي الْجُبّ وَهُوَ مِنْ الْجَنَّة أَمَرَهُ جِبْرِيل بِإِرْسَالِهِ وَقَالَ إنَّ فِيهِ رِيحهَا وَلَا يُلْقَى عَلَى مُبْتَلًى إلَّا عُوفِيَ "فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْه أَبِي يَأْتِ" بَصِيرًا
{94} وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ "وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِير" خَرَجَتْ مِنْ عَرِيش مِصْر "قَالَ أَبُوهُمْ" لِمَنْ حَضَرَ مِنْ بَنِيهِ وَأَوْلَادهمْ "إنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف" أَوْصَلْته إلَيْهِ الصِّبَا بِإِذْنِهِ تَعَالَى مِنْ مَسِير ثَلَاثَة أَيَّام أَوْ ثَمَانِيَة أَوْ أَكْثَر "لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ" تُسَفِّهُونِ لَصَدَّقْتُمُونِي
{95} قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ "قَالُوا" لَهُ "تَاللَّهِ إنَّك فِي ضَلَالك" خَطَئِك "الْقَدِيم" مِنْ إفْرَاطك فِي مَحَبَّته وَرَجَاء لِقَائِهِ عَلَى بُعْد الْعَهْد