منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=12)
-   -   إشتغل في صنعة أبيك- (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=113671)

فزولهآ 01-24-2017 08:03 PM

إشتغل في صنعة أبيك-
 
يُحكى أنه كان هناك شابّ زاهد متعبّد يرتدي ثياب الزاهدين ، من ثوبٍ أبيض وعمامة خضراء وغيرها ، وكان هذا الشاب هو الذي يعيل أمه وإخوانه بعد وفاة والده ، وفي ذات يوم ضاقت في وجهه سبل العيش ولم يجد عملاً ، أو أي شيء يرتزق منه ، وكان يتمشّى في أحد الأيام في سوق البلدة والحزن يخيّم عليه وعلامات اليأس والقنوط ترتسم على وجهه ، فرآه شخصٌ من معارفه ، وسأله ما الذي بك يا فلان ؟ أراك على غير وضعك الطبيعي ، فأخبره عن حاله وعن الوضع الماديّ الصعب الذي يعيشه . فقال له : إعمل يا أخي في صنعة أبيك وتوكّل على الله . ولما كان الشابّ لا يعرف ما هي صنعة أبيه لأن والده مات وهم صغار توجّه إلى أمه وسألها قائلاً : ماذا كان أبي يعمل يا أمي ، وما هي صنعته ؟ فتغيّر وجه الأمّ وأصابها شيء من الوجوم وقالت بشيءٍ من عدم المبـالاة : كان أبوك يعمل في التجارة يشتري ويبيع ويربح ويرتزق من ذلك ، غير أن الشابّ لم يقتنع بهذا الكلام فقال لأمه : والله إن لم تخبريني عن صنعة أبي لأتركنّ هذا البيت ولن أعود إليه مرة أخرى . ولما رأت الأمّ الإصرار في نبرات ابنها وفي نظرات عينيه ، وأيقنت أنه يعني ما يقول تنهدت وهي تقول : وماذا كان يصنع أبوك يا ابني ؟! كان لصاً يحمل عَتَلَةً(1) ونَبُّوتَاً(2) وهذه هي أدوات صنعته ، فيفتح أبواب الناس خلسـة في الليل بالعتلة ، ويضرب بالنبوت من يجيء في وجهه من الناس ، لقد قضى أبوك أكثر أيام حياته هائماً على وجهه في الجبال مطارداً من الناس ومن الحكومة ، وقضى بقيّة أيامه في السجون ، وكنت لا أراه في السنة إلا لأيام قليلة ، وصدّقني إني كنت أتمنى له الموت حتى يريحني ويريح نفسـه . وسكتت الأم بعد أن أفرغت ما لديها من كلامٍ طالما كتمته ولم تُصرّح به ، ولكن دمعات خفيفة كانت تتدحرج من مقلتيها .

أما الشابّ فذهب إلى السوق وإشترى عتلة ونبوتاً ، وقرّر أن يشتغل في
صنعة أبيـه ، وبعد منتصف الليل سار لوحده يحمل أدواته المذكورة حتى وصل إلى قرية مجاورة ، وكان الظلام حالكاً والليلة غير مُقمرة مما يُسهِّل مثل هذه الأعمال ، وتوجّه إلى أول بيتٍ صادفه في طرف البلدة ، وبالعتلة الحديدية فتح الباب الخشبي بخفة ورشاقة دون أن يُحدث صوتاً أو ضجّة ، ونظر داخل الغرفة وإذا برجل وامرأة ينامان على سريرهما ، فأغلق الباب وقال : أعوذ بالله من أعمال الشيطان ، وأخذ يلوم نفسه ويقول : من أعطاني الحقّ في فتح بيوت الناس وكشف أسرارهم وعوراتهم ، ثم ترك البيت وذهب للبيت المجاور ، وبخفة ورشاقة فعل به كما فعل بالبيت الأول ، وإذا بفتاة وحيدة تنام على سريرها ، فتعوّذ بالله من الشيطان مرة أخرى وأغلق الباب ، وقال لنفسه : إنّ هذه الأعمال التي أقوم به هي أعمال لا يرضاها الله ، فترك هذا البيت وسار إلى البيت الذي يجاوره ، وفتح بابه بعتلته كما فتح سابِقَيه ونظر داخله وإذا به يرى بضعة جِرَار ، فقال الآن أصبح الوضع أحسن مما كان عليه في الأوّل ، ثم دخل وفتح جرّةً من هذه الجرار وإذا بها مليئة بالقطع الذهبية والنقديّة ، وفتح بقية الجرار ، ونظر داخلها وإذا بها مثـل الجرّة الأولى ، فقال لنفسه : إن هذا المال له أصحاب ادَّخروه ووفّروه وتعبوا من أجله ، فمن أعطاني الحقّ في سرقته ، والله لن أسرقه ولكنني سآخذ منه الزكاة ، سأقسمه وآخذ منه العُشْر ، فأشعل سراجاً كان هناك وأفرغ واحدة من هذه الجرار ، وبدأ يعدّ ويخرج تسعة قطع ويضعها في ناحية ، ويضع قطعة واحدة في ناحية أخرى ، وهكذا وهو على هذه الحالة يعدّ تسعة هنا وواحدة هناك أذَّنَ مؤذّن البلدة لصلاة الفجر ، فترك العدّ وفَرَشَ عباءته وأخذ يصلّي الفجر ، ومرّ الناس إلى المسجد فرأوا البيت مفتوحاً والسراج مضيئاً فتنافروا وأتوا بهراواتهم وعصيهم ، وتحلّقوا حول الرجل ، ولكن عندما رأوه يصلّي تركوه حتى يكمل صلاته ، وبعد أن فرغ من الصلاة أحاطوا به وقالوا له : ما الذي تعمله هنا ؟ وكيف تفتح بيوت الناس وتأخذ أموالهم ؟ وما الذي تعمله في هذا المال حتى جعلته كومين : فقال لهم : أتركوني وسأخبركم بالحقيقة ، ثم سرد عليهم قصته بكاملها ، فقال أحدهم وكان أكثر الناس لغطاً : أما البيت الأوّل الذي فتحته ورأيت به الرجل والمرأة وسترتهم وأغلقت عليهم الباب ، فهذا بيتي والرجل الذي رأيته هو أنا والمرأة زوجتي ، أما البيت الثاني الذي فتحته ورأيت به الفتاة وسترتها وأغلقت عليها الباب فهذا بيتي أيضاً والفتاة هي ابنتي الوحيدة ، أما البيت الثالث الذي به المال وهو هذا البيت ، والذي لم ترضَ أن تسرق منه المال بل اكتفيت منه بالزكاة فهو بيتي أيضاً وهـذا مالي ، ولأنك شابّ مؤمن وتقيّ فقد زوجتك ابنتي الوحيدة التي رأيتها وقاسمتك في مالي هذا الذي بين يديك ، وأعطيتك بيتاً من هذه البيوت تعيش فيه مع زوجتك ، فخرَّ الشابُّ راكعاً لله يشكره ويحمد فضله ، على أن هداه وأبعد عنه إغواء الشيطان ، ثم ذهب إلى بلده وأتى بأمه وإخوانه ليعيشوا معه في هذا العزّ الذي لم يكن يحلم بـه

وهكذا نرى مدى تأثير الإيمان على النفوس ، وعلى الأخلاق السامية النبيلة ، وكيف تقود الإنسان إلى عمل الخير ونبذ الشر والفساد .















نجم الجدي 01-24-2017 08:14 PM

موووضوعك رووووعة

واختيااااارك ذووووق وكله حلااااا
ابدااااع

يعطيك العااافية

نجمكم

نظرة الحب 01-24-2017 09:23 PM

طرح رائع قلبي

الرروح 01-24-2017 09:25 PM

روعه ياقلبي

تسلم يدك ويعطيك العافيه

لاعدمناك

مجنون قصايد 01-24-2017 11:21 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن

ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي

مجنون قصآيد

http://www.gsaidlil.com/vb/

لا أشبه احد ّ! 01-24-2017 11:23 PM






آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

إرتواء نبض 01-24-2017 11:44 PM

لا جديد سوى رائحة التميز
تثور من هنا ومن خلال هذا المتصفح
الجميل والمتميز ورقي الذائقه
في استقطاب ما هو جميل ومتميز
تقديري وودي

ورده 01-25-2017 12:04 AM

سلمُ لنا هذُآ الذوُوُق ..الذُي يقطفُ لنا..
آجمًل العبارات وٌآروعهـــاآ..||
ماأننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ..
لآحرمنـــآآك...

عـــودالليل 01-25-2017 02:52 AM

١٠٠
اختيار جميل جدا
يدل على ثقافه عاليه

شكرا من القب
على هكذا طرح




احترامي
محمد الحريري

RioO 01-25-2017 03:44 AM

طرح متميز
وانتقاء زاد به التميز
دوما يحتل صفحاتك عنوان الرقي والابداع
كلنا بشغف لمزيد مما يأتي من اناملك
سلمت بحجم هدا الكون واكتر
لا حرمناك ابدا
مودتي


الساعة الآن 06:36 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية