منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=91)
-   -   تفسير قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=146967)

ضامية الشوق 10-30-2018 07:28 PM

تفسير قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين
 
تفسير قوله تعالى:

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله منزل القرآن، على رسوله سيدِ الرسل الكرام، عليه الصلاة والسلام، وعلى آلِه وأصحابه الأعلام، بحُور التُّقى والعلم وأهل الصلاة والصيام.
وبعد:
فهذه الآية الكريمة مكِّية، رقمها (199) من سورة الأعراف، وتعدُّ من جوامع وأصول الأَخْلاق في القرآن الكريم، التي جاء الدِّين ليتمِّمها؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، قال أكثرُ أهل التفسير: على دينٍ عظيم، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّم مكارِمَ الأخلاق).

قال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف: 199] خذ: فِعل أمر مبنِي على السكون، يفيد وجوب الاتِّصاف بالعفو، وتربية النفس عليه، والفاعلُ ضميرٌ مستتر تقديره: أنتَ، يفيد الخطاب والحضور؛ أي: الخطاب موجَّه لك أيُّها المؤمن، فأحضِر بالك وقلبَك؛ حتى تستوعب ما فيه نفعك وفلاحك، فهذا الأسلوب اللغوي البديع يفيد وجوبَ أن يربِّي المؤمن نفسَه على خلُق العفو؛ وذلك يتطلَّب جهادَ النفس، وكفَّ شهوتها وشرها، فهذا يدل عليه قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف: 199]، كأنك تأخذه بيديك، ففيه شَبَهٌ بالمجهود الذي يبذله المؤمن حتى يتَّصف بهذا الخلُق العزيز، وهذا أبلغ من قوله: اعفُ؛ لأنَّ الإنسانَ قد يعفو مرَّة أو أكثر، ولا يعفو في كثيرٍ من المرات، عكس الذي يتَّصف بالعفو؛ فإنَّه يعفو عن الناس كلَّما سنحَت له الفرصة؛ لأنَّه لا يجد تكلُّفًا فيه.

وقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم مليئةً بالعفو والصَّفح، ومن أكبر أمثلة ذلك: أنَّه عفا عن كفارِ قريش يومَ فتح مكَّة رغم أنَّهم بالَغوا في إذايته، حتى إنهم أخرجوه من بلده، وقَتلوا خيرةَ أصحابه، وقد ضرب لنا سيدنا أبو بكر أروعَ الأمثال في ذلك؛ إذ إن مِسْطَحًا - وهو من قرابته، وكان الصِّدِّيق ينفق عليه - خاض في قصَّة الإفك، فغضب أبو بكر وأمسك عليه النفقة، وبعد تبرِئة الله تعالى لعائشة رضي الله عنها نزل قولُ الله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، فلمَّا سمع بهذه الآية رضي الله عنه وأرضاه، قال: واللهِ أحبُّ أن يغفر الله لي، فرجع.


وينبغي الإشارة إلى أنَّ ضابط العفو: المقدِرة على الانتقام، فمثلاً إذا ادَّعى رجل العفوَ عن إنسان لا يَقدر عليه، لا يسمَّى عفوًا.
﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199] العُرف: قال البخاري: العُرْف: المعروف، ونصَّ عليه عروة والسدي وقتادة وابن جرير)؛ مختصر تفسير ابن كثير (2/ 77)، فمثلاً عندنا في مراكش، تعارَف الناس على أخذ الحناء والتمر والسكر في الخطبة، فهذا العُرْف مستحبٌّ، ولا ينبغي الإخلال به لأهل البلد؛ لأنَّه تعالى أمَر بالعُرْف، وضابط العرف المعتبَر ألاَّ يخالف الشرع؛ فإن خالفه فهو باطل، لا يجوز العمل به، والأمر بالعرف يفيد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإخلاص لله، والعلم بالمأمور به والمنهِي عنه، والحكمة البالغة، قال ابن القيم: الحكمة هي فِعلُ ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي؛ قال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، وقال أيضًا: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].

﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]؛ أي: لا تردَّ أذى وشر الجاهلين الظالمين بأذًى وشرٍّ مثله من غير مذلَّة؛ لأنَّ مقابلة الشرِّ بالخير فيها دعوة بالغة للظالم، وأجرٌ مضاعَف للكاظم؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35]، وقال أيضًا: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134]، وقال: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

وتفيد الآيةُ وجوب هَجْر مجالس المعصية، ويسمى بهجر الوقاية؛ قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].


نسأل الله تعالى أن يجعلنا في خدمة كتابه الكريم، وأن يستُر عيوبَنا، ويغفِر ذنوبنا، إنَّه هو السِّتِّير الغفور الحليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

دلع 10-31-2018 12:22 AM

تألق وتميز
جمال في الطرح وروعة في الاختيار
اشكرك واشكر قلمك المميز
يسعدني التواجد هنا
وانتظر جديدك الشيق
تسلم يمينك

ضامية الشوق 10-31-2018 12:32 AM

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
دلع

روح الندى 10-31-2018 01:08 AM

تسلم الأيادي الذهبيه على الطرح الرآئع
تحية عطرة لِ روحكَ النقيه
شكراً لكَ من القلب على هذآ العطاء
لكَ ارقى الود و أجزلْ الشكرْ
دمت بِحفظ الله ورعآيتـه

ضامية الشوق 10-31-2018 12:27 PM

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
روح الندى

ملكة الجوري 10-31-2018 10:05 PM


إرتواء نبض 11-01-2018 12:32 AM

سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنه
مودتي

نجم الجدي 11-01-2018 12:34 AM

الله على اختيارك للموضوع الروووعه
شكرآ على المجهووود

بالتووفيق ان شاء الله

نجمكم

مجنون قصايد 11-01-2018 02:34 AM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

سَرمَد 11-01-2018 02:38 AM

جزاك الله خيراً
و جعلهُ في ميزان
حسناتك
و أثابك الفردوس ..


الساعة الآن 08:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية