مقاصد سورة هود __ سورة يوسف عليه السلام
سورة هود هي السورة الحادية عشرة بحسب الترتيب العثماني لسور القرآن الكريم. وعدد آياتها ثلاث وعشرون ومائة آية. وهي سورة مكية بالإجماع. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنها مكية إلا آية واحدة، هي قوله تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} (هود:114). اسمها سميت هذه السورة في جميع المصاحف وكتب التفسير والسنة سورة (هود)، ولا يُعرف لها اسم غير هذا الاسم. وسميت باسم (هود)؛ لتكرر اسمه فيها خمس مرات؛ ولأن ما حُكي عنه فيها أطول مما حُكي عنه في غيرها؛ ولأن عاداً وُصِفُوا فيها، بأنهم قوم هود في قوله سبحانه: {ألا بعدا لعاد قوم هود} (هود:60). فضلها روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! قد شبت، قال: (شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)، رواه الترمذي، وقال: حسن غريب. وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رجلاً أصاب من امرأة قُبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فأنزل الله عز وجل: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}، فقال الرجل: يا رسول الله! ألي هذا؟ قال: (لجميع أمتي كلهم). مقاصدها الناظر في آيات هذه السورة الكريمة - كغيرها من سور القرآن - يجد أنها تضمنت العديد من المقاصد، منها: أولاً: وصف القرآن الكريم بـ (الإحكام)، و(التفصيل)، في حالتي البشارة والنذارة. وهذا يقتضي وضع كل شيء في مكانه الأنسب والأقوم، وإنفاذه على الوجه الأفضل والأحكم. ثانياً: العناية بكل دابة في الأرض، والقدرة على كل شيء من البعث وغيره. وهذا يقتضي العلم بكل معلوم، ويلزم منه تفرده سبحانه بالمُلك. ثالثاً: اعتمدت السورة أسلوب الدعوة بالترهيب؛ ولذلك جاءت آياتها متضمنة للوعيد والتغليظ والتهديد، كما في قوله: {ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير} (هود:2)، وقوله عز وجل: {وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير} (هود: 3-4)، وأظهر ما جاء هذا المقصد في قصة قوم هود حين قال الله تعالى: {وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعداً لعاد قوم هود} (هود: 59-60). رابعاً: اشتملت السورة على أصول عقائد الإسلام من التوحيد، والبعث، والجزاء، والعمل الصالح، وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقصص الرسل عليهم السلام. خامساً: بينت سنن الله في الأمم، كبيان عاقبة الظالمين، والمفسدين في الأرض. وأن سبب الظلم والإجرام الموجب لهلاك الأمم، هو اتباع أكثرهم لما أترفوا فيه من أسباب النعيم والشهوات واللذات. وأن المترفين هم مفسدوا الأمم ومهلكوها. ويؤيد هذا أن كل ما نشاهده من الفساد في عصرنا، إنما مرده إلى الافتتان بالترف، واتباع ما يقتضيه الإتراف، من فسوق وطغيان وإفراط وإسراف. سادساً: تحدثت عن صفات النفس وأخلاقها من الفضائل والرذائل، التي هي مصادر الأعمال من الخير والشر، والحسنات والسيئات، والصلاح والفساد. وبينت فضائل الرسل والمؤمنين التي يجب التأسي بها، ومساوئ الكفار التي يجب تطهير الأنفس منها. سابعاً: دأب المفسدين في عداوة المصلحين ورثة الأنبياء، وأشدهم كيداً لهم أهل الحسد والبدع، من لابسي لباس العلماء، وأعوان الملوك والأمراء. ثامناً: الظلم والطغيان والركون إلى الظالمين عاقبته وخيمة، وكل ذلك يودي بصاحبه إلى المهالك. تاسعاً: بيان أن القصد من القصص القرآني تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يستدعي أيضاً تثبيت قلب من سار على هديه، وسلك نهجه في الدعوة إلى الله. عاشراً: أكدت السورة فضيلة (الصبر)، فقد ذُكر (الصبر) في هذه السورة في ثلاثة مواضع، فـ (الصبر) هو الخُلق الذي يستعان به على جميع الأعمال الفردية والجماعية في الشدة والرخاء، والسراء والضراء. حادي عشر: دعت السورة إلى (الاستقامة) كما أمر الله تعالى، وهذا يستدعي النهي عن الفساد في الأرض، ويلزم منه الأمر بالصلاح فيها. ثاني عشر: بيَّن الله سبحانه لعباده ما يُكفِّر سيئاتهم أفراداً، وهو فعل الحسنات التي تمحو السيئات، وبيَّن لهم ما هو منجاة للأمة والأفراد من الهلاك في الدنيا قبل الآخرة، وهو وجود طائفة راشدة فيها، تنهاها عن الفساد في الأرض بالظلم، ، والفسوق وارتكاب الفواحش والمنكرات. ثالث عشر: بيَّن سبحانه أنه سنته في الأمم، أنه لا يهلك {القرى بظلم وأهلها مصلحون} (هود:117) في أعمالهم وأحكامهم، وهذا هو الأساس الأعظم لبقاء الأمم وموتها، وعزتها وذلها. وعبر عن (الأمم) بـ {القرى} وهي عواصم مُلكها; لأنها مأوى الزعماء والرؤساء الحاكمين، الذين تفسد الأمم بفسادهم، وتصلح بصلاحهم. رابع عشر: أوضحت السورة أن أخذ الله {القرى} الظالمة عند استحقاقهم للعذاب في المستقبل، سيكون على نحو أخذه لها في الماضي، أليماً شديداً، لا هوادة فيه، ولا رحمة، ولا محاباة. خامس عشر: أفادت قصة نوح مع ابنه أن محبة الأولاد فطرة إنسانية ، وغريزة مركوزة في النفس البشرية ، وحقوقهم على الوالدين مقررة في الشرع بما يحدد دواعي هذه الغريزة، ويقف بها دون الغلو المفضي إلى عصيان الله سبحانه، أو هضم حقوق عباده. سادس عشر: بيان أن سنن الله تعالى في اختلاف الأمم في (الدين) كاختلافهم في التكوين والعقول والفهوم، فهو سنة كونية. تلك أهم المقاصد التي تضمنتها سورة هود، ويبقى ورائها مقاصد أُخر، لا تخفى على من تأمل هذه السورة، ووقف معها وقفة تدبر. |
سورة يوسف هي السورة الثانية عشرة بحسب الترتيب القرآني العثماني، وآياتها مائة وإحدى عشرة (111) آية إجماعاً. وهي سورة مكية بالإجماع، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إلا ثلاث آيات من أولها. تسميتها الاسم الوحيد لهذه السورة سورة (يوسف)، وقد ذكر ابن حجر في كتابه "الإصابة" في ترجمة رافع بن مالك الزرقي عن ابن إسحاق، أن أبا رافع بن مالك أول من قدم المدينة بسورة يوسف، يعني بعد أن بايع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة. ووجه تسميتها ظاهر؛ لأنها قصت قصة يوسف عليه السلام كلها، ولم تذكر قصته في غيرها. ولم يذكر اسمه في غيرها إلا في سورة الأنعام وغافر. وفي هذا الاسم تميز لها من بين السور المفتتحة بحروف {الر}. فضلها روى أبو يعلى الموصلي في "مسنده"، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في قوله: {نحن نقص عليك أحسن القصص} الآية، قال: أنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم، فتلاه عليهم زماناً، فقالوا: يا رسول الله! لو قصصت علينا، فأنزل الله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} إلى {نحن نقص عليك أحسن القصص} الآية، فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم زماناً، فقالوا: يا رسول الله! لو حدثتنا؟ فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} (الزمر:23)، كل ذلك يؤمرون بالقرآن. قال الشيخ البوصيري: هذا حديث حسن. مقاصد السورة تقصد سور القرآن الكريم في الأساس إلى تقرير الحقائق الدينية الكبرى، وتنفرد كل سورة من سوره ببعض المقاصد التي ترمي إليها، وتقصد لإبرازها، وقد تضمنت سورة يوسف جملة من المقاصد نذكر منها: - وصف القرآن الكريم بـ (الإبانة) لكل ما يوجب الهدى؛ لما ثبت من تمام علم مُنزله غيباً وشهادة، وشمول قدرته قولاً وفعلاً. - إثبات رسالة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وإعجاز كتابه المبين، والاعتبار بقصص الرسل صلوات الله عليهم أجمعين. - بيان أن الرؤيا الحسنة التي يراها المسلم حق، بما تحمله عن نبوءات عن المستقبل القريب، أو البعيد. - بيان أن قدرة الله غالبة، لا يقف في طريقها شيء، وأن الأمور في خواتيمها لا تخرج عن إرادته سبحانه وتعالى. - بيان أن الحاكمية الحقيقية في هذا الكون لله سبحانه، وأن أي حاكمية أخرى لا وزان لها في ميزان الشرع. - بيان أن الكرامة والاعتزاز والإباء ، تدر من الربح حتى المادي أضعاف ما يدره التمرغ والتزلف والانحناء. - تثبيت الوحي الذي سيقت السورة لتثبيته من بين ما تثبت من قضايا هذه العقيدة، وهذا الدين في قلوب المؤمنين. - بيان أن كثيراً من الناس لا يقفون على الآيات التي بثها سبحانه في هذا الكون بقصد الاعتبار والاتعاظ، حين إن أكثر الناس يمرون على هذه الآيات، وهم عنها غافلون، أو معرضون، غير مبالين بما تحمله من دلالات وعبر. - بيان أن الإيمان الخالص يحتاج إلى حسم كامل في قضية السلطان على القلب وعلى التصرف والسلوك، فلا تبقى في القلب دينونة إلا لله سبحانه، ولا تبقى في الحياة عبودية إلا للمولى الواحد الذي لا راد لما يريد. - بيان أن من سنة الله في خلقه معاقبة المكذبين بآياته، والمعرضين عن الاعتبار في آياته الكونية. - بيان أن سنة الله في الدعوات أن تكون مصحوبة بالشدائد، ومحفوفة بالكروب، حتى لا تبقى بقية من جهد، ولا بقية من طاقة. ثم يجيء النصر بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس. يجيء النصر من عند الله، فينجو الذين يستحقون النجاة، ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين، وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون. ويحل بأس الله بالمجرمين، مدمراً ماحقاً لا يقفون له، ولا يصده عنهم ولي ولا نصير. - بيان أن في قصص أهل الفضل دلالة على رحمة الله لهم وعنايته بهم، وفي ذلك رحمة للمؤمنين؛ لأنهم باعتبارهم بها يأتون ويذرون، فتصلح أحوالهم، ويكونون في اطمئنان بال، وذلك رحمة من الله بهم في حياتهم، وسبب لرحمته إياهم في الآخرة. - بينت هذه السورة -وقد ذُكر فيها كثير من الشدائد- أن العاقبة خير للذين اتقوا، وهو وعد الله الصادق الذي لا يخلف وعده. أخيراً، ذكر ابن عاشور أن نزول هذه السورة قبل اختلاط النبي صلى الله عليه وسلم باليهود في المدينة معجزة عظيمة من إعلام الله تعالى إياه بعلوم الأولين؛ وبذلك ساوى الصحابةُ علماءَ بني إسرائيل في علم تاريخ الأديان والأنبياء..... |
جزاك الله خير
|
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
طرح غاية في الجمال والنفع دُمت وسلمت |
سلمت يمناك
طرح جميل جدا |
بوركت
|
الغند
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥ |
نجم
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥ |
محمود
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥ |
الساعة الآن 02:49 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية