منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   الاستجواب الأخير (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=210237)

جنــــون 06-27-2022 02:24 AM

الاستجواب الأخير
 
تغيرت الأحوال، وانقلبت الأمور، وضاقت الصدور، حتى كأننا في غابة اختلط فيها الحابل بالنابل، القويّ يقهر المكلوم، والغني يدمّر المحروم، والظالم ينتقم من المظلوم، وتنوعت في الحياة الدنيا الاستجوابات، واختفت المعلومات، وتراكمت الشدائد، بعضها فوق بعض ظلمات، لكن الحق أحق أن يُتَّبَع، والحق له رجال مهما ضحَّوْا فإنهم ثابتون، أبطال عمالقة يدافعون عن الحق، وعلى درب الصادقين سائرون، نعم، تنوعت الاستجوابات الدنيوية الظالمة، تتغير فيها الحقائق، وتُطمَس فيها المعلومات، وتُزَوَّر فيها الشهادة، لكنَّ الاستجواب الأخير مُفعَم بالقسط لا يصاحبه ظلم، ولا يتخلف عنه من الحقيقة أو الحق مثقال ذرة.

﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾[الأنبياء: 47].

استجواب لكل الخلق؛ الغني والفقير، الصغير والكبير، الخفير والوزير، الأمير والمشير، الأبيض والأسود، الرئيس والمرؤوس، الجميع يُعرَضون لا تخفى منهم خافية، لا جيوب ولا حصالات، لا نتوءات، ولا مفرمات، كيف؟! ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18]، الاستجواب الأخير، كيف؟

يوم تُنصَب الموازين، وتُنشَر الدواوين، ونقف جميعًا أمام الله رب العالمين في محكمة العدل الإلهية، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

يوم ينادي المنادي للاستجواب الأخير!

إن قال المتهم: لم يصلني (إعلان) يوميًّا نُرَدِّد في الصلاة سبع عشرة مرة: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4].

إن قال: لم يأتني أحد (مُحضَر)؛ ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

إن قال: سأُحضِر دِفاعًا (محاميًا)؛ ﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 14].

إن قال: سأُحْضِر من يشهد (شهودًا)؛ ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس: 65]، {حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 20 ،21].

إن قال سنُقَدِّمُ فداءً (كفالة)؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

إن قال سنترافع (سنستأنف)؛ ﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [ق: 29].

إن قال الظالم: إلى أين المصير؛ ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30]، وإذا سأل الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار، يقول ﴿ اخْسَؤُوا فِيهَا ﴾ [المؤمنون: 108]؛ أي: امكثوا فيها صاغرين مُهانين أذلاء، ﴿ وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108]؛ أي: لا تعودوا إلى سؤالكم هذا، فإنه لا جواب لكم عندي، وقيل: ﴿ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108] هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه، ثم قال تعالى مذكِّرًا لهم بذنوبهم في الدنيا، وما كانوا يستهزِئون بعباده المؤمنين وأوليائه: ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ﴾ [المؤمنون: 109، 110]؛ أي: فسخرتم منهم في دعائهم إياي وتضَرُّعِهم إليَّ، ﴿ حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي ﴾ [المؤمنون: 110]؛ أي: حَمَلَكم بغضُهُم على أن نَسِيتم معاملتي، ﴿ وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾ [المؤمنون: 110]؛ أي: من صنيعهم وعبادتهم؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ [المطففين: 29، 30].

قال الصديق أبوبكر وهو يوصي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: إني مستخلفك من بعدي وموصيك بتقوى الله، فإن لله تعالى عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وعملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدَّى فريضة، وإنما ثَقُلَت موازين من ثَقُلَت موازينه يوم القيامة باتِّباعهم الحق في الدنيا وثقله عليهم، وحُقَّ لميزان يُوضَع فيه الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفَّت موازين من خفَّت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخِفَّته عليهم، وحُقَّ لميزان لا يُوضَع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفًا، فإن قَبِلْتَ وصيَّتي فلا يكونَنَّ غائبٌ أحبَّ إليك من الموت، وإن أضَعْت وصيتي فلا يكونن غائبٌ أبغضَ إليك من الموت، ولست بِمُعْجز الله (الحلية 1/36).

الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول: لا تَصْغُرَنَّ هِمَمُكم؛ فإني لم أر شيئًا أقعد بالرجل من سقوط هِمَّته، وقال: أخْوَفُ ما أخاف عليكم إعجابُ المرء بنفسه، فمن قال: إنه عالم فهو جاهل، ومن قال: إنه في الجنة فهو في النار، وقال: من زاغ زاغت رعيته، وأشقى الناس من شقيت به رعيته، وقال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وَزِنُوا أنفسكم قبل أن تُوزَنوا، أَهْوَنُ عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتَزَيَّنُوا للعرض الأكبر ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].

هيّا نستعد للاستجواب الأخير، فنجعل دنيانا مزرعة لأخرانا، ونبني قبورنا بالعمل الصالح في كل المجالات، وبالكلمة الطيبة في كل الاتجاهات، ونُرضِي ربنا قبل اللقاء، قال أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: العقلاء في الدنيا ثلاثة: من ترك الدنيا قبل أن تتركه، ومن بنى قبره قبل أن يدخله، ومن أرضى ربه قبل أن يلقاه، فهل فعلْتَ؟

اختر لنفسك مصيرًا من الآن؛ إما الجنة أبدًا، أو النار أبدًا، وبقدر ما تدفع هنا ستشتري هناك، وبقدر ما تُقَدِّم هنا ستجد هناك، وبقدر ما تزرع هنا ستحصد هناك، وبقدر ما تنفق هنا ستتملك هناك؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].

مياسه 06-27-2022 04:08 AM

.‘
جزاك الله خير ونفع بك
.‘
وجعله في موآزين حسنآتك يارب
..

شموخ 06-27-2022 02:41 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

لا أشبه احد ّ! 06-27-2022 09:37 PM

:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ

ملكة الجوري 06-27-2022 10:59 PM

جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان

دلع 06-28-2022 09:24 PM

كـــ العادة إبـداع رائـع
وطرح يـسـتـحـق المتـابـعـة
بـــــ انتظار الجديد القادم


:
مع التحية والتقدير ..

عازفة القيثار 06-29-2022 01:12 AM

جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن

مجنون قصايد 06-29-2022 08:39 PM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

http://i18.servimg.com/u/f18/12/38/24/05/4afakk10.jpg

كـــآدي 06-29-2022 09:24 PM

أنرتم سَمانا بـ جَمال العَطاء
سَلمت الأنامل وَدام وهج التَألق
كل الود والإحترام

إرتواء نبض 06-29-2022 09:40 PM

قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري


الساعة الآن 06:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية