منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=91)
-   -   سورة الحجر (الآيات 10 : 11) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=210678)

كـــآدي 07-04-2022 05:53 PM

سورة الحجر (الآيات 10 : 11)
 
(الآيات 10 : 11)


قول الله - تعالى ذِكْره -: ï´؟ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ في شِيَعِ الْأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ï´¾ [الحجر: 10 - 11].


"الشِّيَع" جَمْع شيعة، وهي الطَّائفة والجماعة من النَّاس تشايع رئيسًا أو مَتْبوعًا، وتتعصَّب لرأيه ومذهَبِه وطريقته في الدِّين أو السِّياسة، وتتبعه عليه وتنصره، بالعصبيَّة والَهْوى، والتَّقليد الأعمى، لا بالبُرْهان العقلي، ولا بالدليل العِلْمي، تَنْساق بغير تعقُّل ولا بصيرة بسائق الشَّائعات التي يَنْعِق بها الدَّهْماء، وتَجْري وراء الكثرة والجَمْهرة الواقعة تحت تخدير الشُّيوخ والسَّادة، غيْرَ مُقَدِّرة للعواقب، ولا مُفَكِّرة في النَّتائج؛ لأنَّها ليس لها غاية محدَّدة، ولا مَقْصد واضح إلاَّ الطاعة العمياء، والعصبيَّة الرَّعْناء، والتقاليد الحمقاء، مهما نزلَتْ بِها إلى حضيض العُلا والشَّقاء، ومِن ثَمَّ يكون التفَرُّق، والتحزُّب، والتعاون على الإثم والعدوان، والتَّناصُر بالبغي والفساد، وغمط الحق، وإضاعة العلم، الشَّرِهة المتمرِّدة الفاسقة، تَجْترح السيِّئات بأقلِّ دعوة من الشَّيطان، وتَحْتال للاعتداء على حدود الله بِأَدْنَى حيلة، ï´؟ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ï´¾ [النور: 47 - 49].


أنت إذا أشرفْتَ على الناس اليومَ رأيتَهم كُلَّهم كذلك إلاَّ القليل النَّادر، فهأنت تراهم شِيَعًا وأحزابًا، كلُّ حزب بما لديهم فرحون؛ في الدِّين والسِّيادة، والسِّياسة والرِّياسة: شيعةُ عليِّ بن أبى طالب وأبنائِه، وشيعة الزَّيْدية، وشيعة الحنفيَّة، وشيعة الشَّافعية، وشيعة المالكيَّة، وشيعة الحنابلة، وحِزْب فُلان، وحزب فلان، وشِيَع صوفيَّة لا تُعدُّ ولا تُحْصَى، والله العليم الحكيم يبيِّن بهذا الأسلوب الحكيم، لمن يَعْقِل ويفقه، مِمَّن لم يقع في التَّقليد - أصمّ، أبكم، أعمى - أنَّ أقوى أسباب عداوة رسُلِ الله والاستهزاء بِهم ومُحاربتهم، هو هذا التشيُّع والتحزب، وأن تلك سُنَّته التي لا تتبدَّل ولا تتغيَّر؛ ولذلك حذر في مُحْكَم آياته أشدَّ التحذير من هذا التفرُّق والتحزُّب والسِّياسة، ودعا النَّاس إن أرادوا الخَيْر والرَّحْمة، والسَّعادة والعِزَّة - أن يكونوا أُمَّة واحدة، لا يدينون إلاَّ له وحده بالعبادة الخالصة، ولا يهتدون إلاَّ بكتابه، ولا يتَّبعون إلاَّ رسوله إمام المهتدين ï´؟ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ï´¾ [الأنعام: 153] إلاَّ إنْ أردْتُم أن تتَّقوا كُلَّ ما تَخافون، وتَسْلَموا مِن كُلِّ ما تَحْذرون، فلا سبيل لكم إلى ذلك إلاَّ بِلُزومِكم سبيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي عاش ومات عليه، وكان عليه أصحابُه، ولم يكن له -صلى الله عليه وسلم- إلاَّ كتاب الله، وما بيَّن به هو -صلى الله عليه وسلم- بإرشاد الله وتعليمه هذا الكتاب، بيانًا قوليًّا: ((ترَكْتُ فيكم ما إنْ تَمسَّكْتُم به لَنْ تَضِلُّوا بَعْدي؛ كتاب الله وسُنَّتِي))[1]، وقد أنذر الله المتشيِّعين والمُتَحزِّبين، المتفرِّقين في الدِّين، المختلفين فيه المخالفين بأنَّهم ليسوا مِن رسول الله في شيء، مَهْما زعَم لهم غرورُهم وشياطينُهم أنَّهم المسلمون ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ في شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ï´¾ [الأنعام: 159].


يقول الله - تبارك وتعالى - محقِّقًا قوله، ومؤكِّدًا له بالقسَم - أنَّه سُبحانه ما تَرَك النَّاس في زمَنٍ من الأزمنة، ولا في مكان من الأرض، إلاَّ وبعَث فيهم رسولاً أَنزل عليه من الْهُدى والبيِّنات، وأَوحى إليه من العلم والشَّرائع، ما يُخْرِج الناسَ من ظلمات جاهليَّتِهم الفاسدة الْمُفْسِدة، إلى نور العلم الذي به يعرفون ربِّهم، وما له من آيات الرُّبوبية، ونِعَم الرَّحْمانيَّة، وآلاء الرحيميَّة، وما به يُبْصِرون الحقائق الكونية، والحقائق الدِّينية، فيلتزمونَها ويُعطونَها ما ينبغي لَها من التقدير والشُّكر، بوضْعِ كلِّ حقيقة منها في موضعها، والانتفاع بها حيث جعَلَها العليم الحكيم، ويُخْرج الناس من ظلمات التقليد للشُّيوخ والسادة، والآباء والأجداد، إلى نور الْهُدى والبصيرة، بتقدير نعمة الله فيما تفضَّل عليهم من الإنسانيَّة العاقلة التي نفَخَها ربُّ العالمين، الرَّحْمن الرَّحيم في كلِّ فرد من بَنِي آدم، وجعلها مناط الكرامة، ومَهْبط الرَّحْمة، وعلى تقديرها وشُكْرِها، أو غَمْطها وكُفْرها يكون السُّمو في منازل الأبرار، أو الهبوط والنُّزول إلى دركات الفُجَّار، ويخرج الناس من ظلمات الأهواء والشَّهوات التي نشَرَ إبليسُ وجنْدُه فيهم ظلماتِها، وأوقد في نُفوسهم نارَها، وأحاط بهم سُرادِقها في الدنيا والآخرة وفي الآفاق، التي تنادي بأنَّ مِن الْمُحال - كلَّ الْمُحال - أن يَرْضى القويُّ العزيز عن انتهاك حرماته، والإفساد في مَمْلكته، وأن يعفو عن هؤلاء ويرحمهم في الدُّنيا والآخرة، إلاَّ إذا ثابوا إلى رُشْدهم، ورجعوا عن غيِّهم، وأنابوا إلى ربِّهم، وأسلموا له من قبل أن يأتيهم العذاب ثم لا ينصرون، واتَّبَعوا أحسن ما أنزل إليهم من ربِّهم من قبل أن يأتيهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون ï´؟ وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ï´¾ [النحل: 36].


نعَم، اقتضَتْ حِكْمة العليم الحكيم: أن يَبْلو الإنسان ويَمْتَحِنه بكلِّ ما آتاه، مِن خلْقِه الذي سوَّاه في أحسن تقويم، وصوَّرَه في أبدع صورة، وجَمَّلَه بكل ألوان الجمال الصُّوري والمعنوي، وركَّبَه على طبائع وجبِلاَّت مختَلِفة في آماله وأطماعه، ومقاصده وشهواته، وحاجات معيشته، ومن نِعَمه التي يفيضها عليه في كلِّ لحظة وطرفة عَيْن، يُنْزِلها عليه من خزائنه سبحانه من كلِّ شيء بِمقدار مَحْدود معلوم، ومما سخَّر له في السَّموات والأرض من ملائكة ساجدة له، خاضعة تدبِّر كُلَّ أمره، وتَحْفظ عليه كلَّ شأنه، وتتعاقب فيه جَماعاتٌ باللَّيل والنهار، ومما ذلَّلَ له ومَهَّد من الأرض التي مدَّها فأخرج منها ماءَها ومرعاها، والجبال أرساها، متاعًا له ولأنعامه التي ذلَّلَها كذلك وسخَّرَها ساجدة له طائعة غير مستعصية ولا متمرِّدة، ويركب منها، ويَأْكل، وينتفع جَميع ما يَحتاج من منافع، ويَبْلغ عليها ما يقضي كلَّ حاجة في نفسه، وما ذلَّلَ له من خيرات الأرض، يَسْتخرج كُنوزَها من سَطْحِها زروعًا وثِمارًا، ومن بَطْنِها معادِنَ مُختلفة الأشكال والقُوَى يتَّخذ منها ما يَشاء، مِن سفن تشقُّ عباب البحر الخضمِّ، وتَمْخَرُ به حيث يبتغى من رِزْق، ومن قَطْر وسيَّارات وطائرات طوَتِ الأرض طَيًّا، وجعلت له الكرة الأرضية كدارٍ يَمْشي في ركنها الشَّرقي، ويُصْبِح في ركنها الغربي، بدون مشقَّة ولا عناء، كل ذلك وغيره مما سخَّرَه الربُّ العليم الحكيم للإنسان، وذلَّلَه ينتفع به، ويستخدمه في بُلوغ ما في صَدْرِه من حاجات؛ يَفْتِنه الله بها ويبلوه ويمتحِنُه ï´؟ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ في مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾ [الأنعام: 165] ï´؟ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ï´¾ [العنكبوت: 2 - 3].


ثم اقتضت رحمةُ الله الرَّحْمن الرحيم أن يتعهَّد الإنسان في كلِّ مدَّة من الزَّمَن بأن يرسِل إليه رسولاً، يُوحي إليه من العلم والهُدَى ما يَكْشف غواشِيَ الجهل والْهَوى والشَّهوات والزُّور، التي ينشرها إبليس وحِزْبه بين الناس فيعميهم عن حكمة الله ورَحْمَتِه فيما آتاهم، فيكفرون بالآيات والسُّنَن والنِّعَم، ويضعونها في غير موضعها، ويتعدَّون الحدود، ويغيِّرون خَلْق الله، فيُفْسِدون في الأرض التي جعلهم خُلَفاءَه فيها؛ لِيُصلحوا فيها، ويتَّخذون من دون الله الأولياء والأَنْداد، فيُنْذِرهم الرُّسلُ عواقِبَ ذلك البغي والفساد، ويبشِّرون المؤمنين الذين يفيئون إلى الرُّشد والحِكْمة فيعملون الصالحات أنَّ لهم أجرًا كبيرًا في الدُّنيا والآخرة.


ولا تَبْتغي الرُّسل من النَّاس على ذلك أجرًا، ولا تَرْجو من وراء هدايتهم وإنابتِهم إلى ربِّهم، وإسلامِهم له، إلاَّ الخيرَ لَهُم، وسعادةَ الدُّنيا والآخرة، و عفْوَ الله ورَحْمتَه، ونشأ أولئك الرُّسُل في قومهم أبْعَد النَّاس عمَّا في أيدي الناس، وأعفَّهم عن دُنيا الناس الكاذبة الخادعة بِزَخْرفتِها ورِياستها الطَّاغية، وزينتها المُفْسِدة، وأَصْدقَهم في الشَّفقة والرَّحْمة بالناس، وأبَرَّهم بِهم، يَبْذلون لهم كُلَّ ما آتاهم الله من رشد وحِكْمة، ومال وقوَّة في صلاحهم وإصلاحهم الناس، لا يُفَرِّقون بين قريب وبعيد، حتى إذا اختارهم الله لم يَجْرُؤ أحدٌ أن يَتَّهِمهم بِحُبِّ الرِّياسة، ولم يستطع أحدٌ أن يَظُنَّ فيهم الرَّغبة في مالٍ أو شيء من دُنْيا سادَتِهم ورؤسائهم، التي ملَكَت عليهم قلوبَهم، فعَبَدوها من دون الله، واستَعْبَدوا من أجْلِها عباد الله، وتَمرَّدوا في مَرْضاتِها على آيات الله وسُنَن الله وشرائع الله، كان كلُّ ذلك وأعظم منه - مِمَّا لا نستطيع التَّعبير عنه - بارزًا جليًّا في رسل الله - عليهم الصلاة والسلام - بحيث لا يَخْفى شيءٌ منه على واحد من قومهم؛ لا رئيس ولا مرؤوس، ولا رجل ولا امرأة.


وكان ذلك أحقَّ شيء وأجْدَرَه أن يَحْمِل الجميع على الْمُسارعة إلى الإيمان بِهم، وطاعتهم واتِّباعهم، لو سَلِم النَّاس من التشيُّع والتحزُّب، ولو خلصت نفوسهم وقلوبهم من أغلال التَّقليد الأعمى، والعصبيَّة الحمقاء للسَّادة والرُّؤَساء، ولكن ذلك لم يكن، بل كان عكس ذلك ونقيضُه، انقلبت المَحبَّة البالغة للأنبياء؛ لما كان من بِرِّهم وبَذْلِهم ونفْعِهم المادِّي لَهم، عداوةً تَأْكُل القلوبَ، وتُؤَجِّج فيها نار البَغْضاء والْمَقت لأولئك الصَّفْوة من أرحم عباد الله بالنَّاس، وانقلَبَت الْمُلازَمة لَهم والْمُسارعة إليهم لفَضِّ خصوماتهم وإطفاء شُرورهم - بالْجَفاء المقيت، وتحذير العامَّة وتنفيرهم من الدنوِّ منهم، والاستماع إلى ما أُوحِيَ إليهم من الْهُدى والرَّحْمة، وتشويه ما جاؤوا به من العِلْم والحكمة، وتقبيح ما تفضَّل الله به على ألسنتهم من الخَيْر والرَّشاد، والصَّلاح والاستقامة؛ ذلك لأنَّهم جاؤوا واختارهم الله لإِنْقاذ النَّاس من الدجَّالين الذين عَلَوا بالفساد على أشْلاَء العُقول بعد أن مزَّقوها وقتلوها بالْجَهالة والتَّقليد شرَّ مُمَزَّق، جاؤوا لإِحْياء هذه العقول الميتة، وإخراجها من أكْفَان الطَّاعة العَمْياء للنَّاس، والاستسلام الذليل للأوهام والخرافات التي نشَرها مُحْتَرِفو الدِّين الزَّاعمون أنَّهم وُكَلاء الله في الناس، والحفَظَة على عباده، والوُسَطاء الذين على أيديهم - وعلى أيديهم وَحْدهم - تَرْتَفِع إلى الله الأعمال والطَّاعات، فلا تُفتح أبواب السماء إلاَّ بأمرهم، ولا يُرْجَى لِعَملِ عاملٍ قبولٌ إلاَّ برِضَاهم وبِرَأْيِهم، وعلى مَذْهبهم وطريقتهم، ولا يُنتَظر للنَّاس من خير ولا نَفْع في الدُّنيا والآخرة إلاَّ بسياستهم وبأمرهم، فهم - في زَعْمِهم، وزَعْم أتباعهم وشيعتهم الطَّغَام - وُزَراء الله ومستشاروه، وهم شُرَكاء الله ومساعدوه، سبحانَ ربِّنا وتعالى عن ذلك علُوًّا كبيرًا ï´؟ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ï´¾ [التوبة: 31] ï´؟ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ï´¾ [الشورى: 21] ï´؟ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ï´¾ [الشورى: 6] ï´؟ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فيه مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ï´¾ [الشورى: 9 - 10].


أَرسَل اللهُ أرحَمُ الراحمين رسُلَه وصفْوَتَه من خلْقِه - عليهم الصَّلاة والسَّلام - يَردُّون للإنسان كرامتَه، ويُعِيدون إليه رُوحَه وعقله، ويستنقذونه من مَخالب أولئك الدَّجاجلة الْمُجرمين، فصرخ شيخُهم إبليس فيهم: أَدْرِكوا دُنْياكم، ورياستَكم ومَشْيختكم، فكلُّ ذلك سيتلاشى ويَذْهب؛ بِدَعْوة أولئك الرُّسل إذا استجاب النَّاس لَهُم، فلا يَبْقى لكم أحدٌ منهم يُقَبِّل اليَد، ويقف أمامكم خاشعًا راكعًا، ولا يبقى لكم منهم أحدٌ يعرف الثِّقة والطَّاعة العمياء، ولا يبقى لكُم منهم أحد يَبْذل النَّفْس والمال في مَرْضاتكم بدون أن يَسْألكم: كيف؟ ولماذا؟ ولا يبقى لكم منهم أحد يكون آلة مُسَخَّرة في أيديكم ينفِّذ أهواءكم الشريرة، وأغراضكم الْمُجْرمة بهذه الثِّقة والطاعة العمياء، ولن يبقى منهم أحدٌ يراكُم - بعد اليوم - إلاَّ بِعَيْن الحقِّ، فيَزِنكُم بعِلْمِكم وأعمالكم وأخلاقكم، كما يَرى ويَزِن كلَّ إنسان، يُعْطي المُحْسِن حقَّه وإن كان أفْقَرَ النَّاس وأبْعَد الناس عنه، ويُحِبُّ السَّائر في كُلِّ شأنه على بصيرة وهُدًى من ربِّه، ولو كان في أسمال بالية، ومُحْترِفًا لِدُنياه كنْسَ الشوارع وأصغر الصِّناعات، ويعطي المُسِيءَ حقَّه من الاِزْدراء والمَقْت والقطيعة، وإن كان في أوفر الثِّياب، وأرفع القُصور، وأعلى مَنازل الزُّور في دنيا الباطل والكذب، ويعطي الضالَّ الآخِذَ سبيل الغيِّ حقَّه من النَّصيحة والنَّهْي والإنذار، فإن لم يَعُد عن ضلاله ولم يَرْجع إلى سبيل الرُّشد، قطَعَ ما بينه وبينه واتَّخَذه عدُوًّا، وإن كان أباه أو أخاه أو زَوْجَه، نادى شيخُهم إبليس: أدْرِكوا أنفسكم ومكانتَكم، وأَجْمِعوا أمْرَكم على حرب هؤلاء المُرْسَلين؛ بالاستهزاء بِهم، وتحقير شأنِهم، وتنفير العامَّة عنهم، وتَخْويفهم بكلِّ ما تَقْدرون من الاستماع إليهم، وأنا معَكم سَأُوحي إليكم بِزُخْرُف القَوْل تُغْرون به الدَّهْماء والطَّغَام ï´؟ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ï´¾ [يس: 30]، لا يُقابلون دعوتَه ورسالته، وما أَوْحى الله إليه إلا بالسُّخرية والتَّهوين من شأنه، وأنَّه لا شيء فيه مِمَّا يَحْتاجه النَّاس في صلاح دُنْياهم وآخِرَتِهم، وأنَّ ما عندهم وعند شيوخهم وما وَرِثوه هم من الكتب والمُؤَلَّفات فيه الغِنَى كل الغنى بِمَذاهبه وطرقه، وابتداعاته واختلافاته، وإنْ كان ولا بُدَّ فلْتَكن الرِّسالة للبَركة، ولْيَكن الوحي المُنَزَّل للموتى والمقابر، ولْيَكن حِرْفة وصناعة.


يريد الله العليم الحَكِيم أَرْحم الرَّاحِمين التَّسليةَ لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ولكلِّ وارثٍ عن نبيِّه دعوتَه وهُدَاه وجهاده؛ لِيَعلم أنَّ الناس في كلِّ زمان أُمَّة واحدة، وأنَّ إبليس وحِزْبَه من الدَّجاجلة الْمُحترفين للدِّين شأنهم واحد في كلِّ زمان، وعداوتهم واحدة للحقِّ في كلِّ أُمَّة وبلد، فلْيَصبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولْيَصبر ورثَتُه الْمُهتدون؛ فإنَّ العاقبة للمُتَّقين الصابرين، ولْيُقوُّوا من عزائمهم باليُسْر إلاَّ مع الصبر والصِّدق والإخلاص، والثِّقة بالله والتوكُّل عليه ï´؟ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ï´¾ [يونس: 108] ï´؟ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ في ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ï´¾ [النحل: 127 - 128] جعلنا الله من أولئك المُتَّقين الْمُحسنين، وصلَّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] صحيح، رواه مالك بَلاغًا برقم [1594] والحاكم موصولاً بإسناد حسن، مَنْزلة السُّنة في القرآن، وأخرجه الحاكم برقم [319] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنِّي قد تركت فيكم شيئين لن تضلُّوا بعدهما: كتاب الله وسُنَّتِي، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدا عَلَيَّ الحوض))؛ وصحَّحه الألباني في "الجامع الصغير" وزيادته برقم [5248].

جنــــون 07-04-2022 09:47 PM

لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif

مجنون قصايد 07-04-2022 10:32 PM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

http://i18.servimg.com/u/f18/12/38/24/05/4afakk10.jpg

نجم الجدي 07-04-2022 10:40 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

ضامية الشوق 07-04-2022 11:31 PM

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

إرتواء نبض 07-05-2022 01:20 AM

قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري

ملكة الجوري 07-05-2022 03:55 PM

جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان

شموخ 07-05-2022 06:12 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

شموخ 07-05-2022 06:12 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

عازفة القيثار 07-06-2022 08:56 PM

جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن


الساعة الآن 02:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية