المرأة التي حكمت الهند بقبضة من حديد

" يجب أن تتعلم كيف تكون راسيا في خضم الحركة وأن تنبض بالحياة وسط السكون " هي مقولة شهيرة للزعيمة الهندية أنديرا غاندى الملقبة بالمرأة الحديدية. التي تميّزت بالقوة والدهاء منذ طفولتها، و شبّت فيها سيماء الزعامة، حيث نشأت مشبعة بمبادئ النضال ضد الاحتلال البريطاني، متأثرة حد النخاع بالمهاتما غاندي و اعتبرته الأب الروحي لها حتى بات تلقّب بأنديرا غاندي. مولدها ونشأتها ولدت غاندي في شيني نهرو في 19 نوفمبر سنة 1917 بمدينة الله آباد وترعرعت بين أفراد عائلة عريقة عرفت بالنضال الوطني، فهي اِبنة الزعيم الهندي المعروف جواهر لال نهرو، وزاولت تعليمها في معهد "سانتينيكيتان" الذي أسّسه الشاعر الهندي الكبير طاغور، وأكملت دراستها في العلوم السياسية بسويسرا ثم في كلية سومر وجامعة إكسفورد ببريطانيا، وهناك تزوجت عام 1942 فيروز غاندي أحد ناشطي الحركة الوطنية الهندية ورزقت منه بولدين هما سنجاي وراجيف .. نشاطها السياسي وإنجازاتها وفي عام 1939م انتسبت إلى حزب المؤتمر الهندي وكانت تدعو من خلاله إلى التسامح ونبذ الطائفية، والوحدة الوطنية. وبعد استقلال الهند سنة 1947 م تم تعيين والدها كأول رئيس للوزراء، فكانت هي الساعد الأيمن له، ورافقته في معظم رحلاته الداخلية والخارجية وخاصة الرحلات التاريخية إلى الصين والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. واشتهرت بمواقفها الموالية للسوفييت والمعادية لأمريكا، وتطبيقها لمبادئ حركة عدم الانحياز، كما نجحت في إقامة علاقات حميمة مع العالم العربي وترفض باستمرار ومبدئية الاعتراف بإسرائيل. وفي عام 1966م وبعد وفاة مات رئيس الوزراء لال باهادور شاشتري ، خليفة نهرو، قرّر حزب المؤتمر الحاكم تعيينها رئيسة الوزراء، فكانت أول امرأة تصبح رئيسة للوزراء بالهند، وتزامن ذلك مع ظهور حركات المرأة فى العالم، فاعتبروا وصولها لهذا المنصب دليلا على كفاءة المرأة وقدرتها على القيادة، وشهدت فترة حكمها الممتدة على ثلاث عهدات متتالية العديد من الانجازات، أهمها؛ إنتاج القنبلة النووية الهندوسية، التي أرعبت الزعماء والدول المجاورة، تأميم للبنوك، مخططا للقضاء على الفقر، وأدخلت تعديلا على الدستور يلغى النفقات التى تدفعها الحكومة للأمراء. وعلى صعيد آخر اهتمت بتكوين جيش قوي و بدأت تمارس نفوذها على غرار زعماء الأقطاب البارزة، حيث قامت بغزو باكستان الشرقية سنة 1971، وأقامت فيها دولة بنغلاديش، وأحرزت أول نصر ضد باكستان. وفاتـــها لكنّ سياسة غاندي لم تبق حالها، بل كشفت عن وجه دكتاتوري صارم اتجاه معارضيها، بعد أن قوت شوكتها، وفرضت الرقابة على الصحف، فانتشر الفساد الإداري والمالى، وفى الثمانينات اِحتدم الخلاف بينها وبين الطوائف المعارضة على رأسها طائفة السيخ بزعامة سانت جارنيل سينغ، فأمرت باقتحام منطقتهم المقدسة أمريتسار، ووقعت معركة كبيرة سقط ضحيتها مئات القتلى، وآلاف الجرحى، فكانت هذه الحادثة آخر مسمار يدق في نعش غاندي، حيث قام أحد حراسها من المنتسبين إلى السيخ باغتيالها فى 31 أكتوبر عام 1984، ليسدل الستار على حياة أقوى امرأة فى العصر الحديث.