كان النبي صل الله عليه وآله وسلم يراعي غيرة زوجاته

.*.نفحات إيمانية من أقوالــ السلف ....*. هذي بعض الاقوال والاحاديث..التي لها معناها الكبير في حاضرنا هذا.. كان النبي صل الله عليه وآله وسلم يراعي غيرة زوجاته ما أحوجنا في أيامنا هذه ووسط كل ما نعيشه من مادية الحياة أن نظهر محبتنا لمن حولنا .. أن يعبر كل زوج عن محبته لزوجته، وكل أخ لأخوته، وكل صديق لصديقه، حتى يسود الحب بين الناس جميعًا. وسيدنا محمد صل الله عليه وآله وسلم هو إنسان الكمال، فهو طاقة حب ورحمة وحنان تفيض على الكون كله من حوله، وفي سيرته النبوية وسنته الشريفة التي ضمت مواقفه وأقواله وأفعاله ما إن تمسكنا به لنلنا السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة، فلم يترك الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أمرًا إلا علمنا إياه وأرشدنا إليه. وقد حفلت السيرة النبوية الشريفة بمواقف كثيرة تبين لنا كيف كان يتعامل رسول الله صل الله عليه وآله وسلم مع زوجاته بمودة ورحمة ورومانسية نفتقدها في تعاملتنا المعاصرة مع زوجاتنا، وتظهر لنا سنته كيف كان يراعي نفسية زوجاته وغيرتهن، ويفعل ما يسعدهن ويدخل السرور إلى أنفسهن ولو بأمور بسيطة، ولكنها كانت تجعل البيت النبوي مليئًا بالحب والصفاء. المرأة بطبيعتها تحب من يدللها، وقد فطن الحبيب المصطفى صل الله عليه وآله وسلم لهذا الأمر وراعاه في تعاملاته مع زوجاته، فقد كان يدلل أمنا ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ويقول لها: "يا عائش، يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام". وكان يقول لها أيضا: "يا حميراء"، والحميراء تصغير حمراء يراد بها المرأة البيضاء المشربة بحمرة الوجه. ومن الأفعال التي كانت يظهر بها النبي صل الله عليه وآله وسلم حبه لزوجاته أنه كان يشرب من موضع شربهن ويأكل من موضع أكلهن، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها : "كنت أشرب فأناوله النبي صل الله عليه وآله وسلم فيضع فاه على موضع فيّ، وأتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ". أي يأكل ما بقي من لحم تركته أمنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها على العظم. ولم ينس الحبيب عليه الصلاة والسلام وعلى آله رومانسيته مع زوجاته حتى وقت الشدة والحروب رغم المسئوليات والمشقة، فعن أنس قال: "خرجنا إلى المدينة -قادمين من خيبر- فرأيت النبي صل الله عليه وآله وسلم يجلس عند بعيره، فيضع ركبته وتضع صفية رجلها على ركبتيه حتى تركب البعير"، فلم يخجل الحبيب صل الله عليه وآله وسلم من أن يرى جنوده هذا المشهد وهو يظهر الحب والمودة لزوجته السيدة صفيه. وكان يطيب خاطرها إذا حزنت، فقد كانت أمنا ام المؤمنين صفية رضي الله عنها مع رسول الله صل الله عليه وآله وسلم في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وهى تبكي،وتقول: حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله يمسح بيديه عينيها ودموعها، ويسكتها. وبلغت رقته الشديدة مع زوجاته أنه يشفق عليهن حتى من إسراع الحادي في قيادة الإبل اللائي يركبنها، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وآله وسلم كان في سفر وكان هناك غلام اسمه أنجشة يحدو بهن -أي ببعض أمهات المؤمنين وأم سليم-، فسارت بهن الإبل بسرعة كبيرة، فقال النبي صل الله عليه وآله وسلم: "رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير". ولم ينس النبي صل الله عليه وآله وسلم أن يمازح زوجاته ويسلي عنهن، فتحكي أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عنها كيف دعاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتشاهد كيف يرقص أهل الحبشة بالحراب في المسجد، فتقول إن النبي سمع لغطًا وصوت صبيان، فقام رسول الله صل الله عليه وسلم فإذا قوم من الحبشة يرقصون، والصبيان حولها فقال: "يا عائشة، تعالى فانظري"، فجائت أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ووضعت ذقنها على كتف رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وأخذت تشاهد من ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لها: "أما شبعت، وأما شبعت؟" قالت: فجعلت أقول: لا، لأنظر منزلتي عنده". وكان النبي صل الله عليه وآله وسلم يسابق أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ويتركها تسبقه، ثم يسابقها مرة أخرى فيسبقها ويقول لها ضاحكًا: "هذه بتلك". وتقول أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عنها قدم الرسول صلى الله عليه وآل وسلم مرة من غزوة وفي سهوتي أي مخدعي- ستر، فهبت الريح فانكشف ناحية الستر عن عرائس لي لعب، فقال ما هذا يا عائشة؟ قلت بناتي، ورأى صل الله عليه وآله وسلم بينهن فرسا له جناحان من غير قاع -من جلد- فقال: ما هذا الذي وسطهن؟ قلت فرس فقال صل الله عليه وآله وسلم فرس له جناحان، قلت: أما سمعت أن لسليمان -عليه السلام- خيل لها أجنحة؟ قالت: فضحك -صلى الله عليه وسلم- حتى رأيت نواجذه. بل كان يترك المجال لزوجاته رضي الله عنهن أن يمزحن، فعن أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عنها قالت: زارتنا سودة يومًا فجلس رسول الله بيني وبينها، إحدى رجليه في حجري، والأخرى في حجرها، فعملت لها حريرة فقلت: كلى! فأبت فقلت: لتأكلي، أو لألطخن وجهك،فأبت فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله صل الله عليه وآله وسلم رجله من حجرها لتستقيد منى، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهي، ورسول الله صل الله عليه وسلم يضحك. وتحكي أمنا عائشة أنها كانت تغتسل مع رسول الله صل الله عليه وآله وسلم في إناء واحد، فيبادرها وتبادره، حتى يقول لها دعي لي، وتقول له دع لي. ولم يخجل الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله من أن يظهر حبه لزوجاته فكان يقول عن أمنا ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها رضي الله عنها: "رزقت حبها"، وعندما سأله سيدنا عمرو بن العاص: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة. وكان النبي صل الله عليه وآله وسلم يراعي غيرة زوجاته ويقدر مشاعرهن فقد استضاف مرة بعض أصحابه في بيت أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عنها فأبطأت عليه في إعداد الطعام فأرسلت السيدة أم سلمة طعامًا فدخلت أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لتضع الطعام الذي أعددته فوجدتهم يأكلون، فغارت وغضبت وأحضرت حجرًا ناعمًا صلبًا ففلقت به الصحفة التي أرسلتها أم سلمه، فجمع النبي صل الله عليه وآله وسلم بين فلقتي الصحفة، وقال لأصحابه: "كلوا .. كلوا .. غارت أمكم .. غارت أمكم" وهو يضحك، ثم أخذ رسول الله صل الله عليه وآله وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صحفة أم سلمه لعائشة. وكان الحبيب صل الله عليه وآله وسلم يتجمل لزوجاته ويتطيب لهن، فتقول أمنا ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها : كأني أنظر إلى وبيض المسك في مفرق رسول الله صل الله عليه وآله وسلم. وسُئِلَتْ: "بأي شيء كان يبدأ النبي صل الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك". المواقف الرومانسية للحبيب المصطفى صل الله عليه وآله وسلم مع زوجاته كثيرة، ومن الصعب أن تحصر، فقد فهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله نفسية المرأة، وعلم ما يطيب خاطرها ويجعل البيت واحة للحب والحنان والرحمة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.