مادة علمية في إدارة الوقت ( الجزء الأول )

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا الموضوع مفيد جداً لكل قارئ في حياته اليومية سواءاً في المنزل أو الشارع أو العمل ( وسيتم التركيز على العمل بشكل خاص ) وسأقوم بتقسيمه على النحو التالي :

أولاً : مَدخَل عام

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، وهو يشكل أحد العناصر الهامة داخل أي منظمة ، ويعتبر من أهم الموارد داخل المنظمات لذا علينا التخطيط جيداً لاستثماره والاستفادة منه . ولا ننسى أن الإنسان علاقته بالوقت علاقة دائمة لا تنقطع أبدا ، فالوقت يمضي نحو الأمام دون تأخير أو تقديم ولا يمكن إيقافه .

ثانياً : مدخل إلى إدارة الوقت

عزيزي القارئ فكر معي قليلاً !!!
ماذا لو لديك رصيد في البنك يُقدر ب ( ٨٦.٤٠٠ ) ريال سعودي ، رصيدك هذا لا يضاف لليوم التالي ففي كل ليلة يتم سحب باقي المال الذي لم تستخدمه خلال اليوم ويعود رصيدك صفراً . ماذا ستفعل ؟
بالطبع ستقوم بسحب كل ريال لتستفيد به في يومك .
وكذلك كل منا لديه هذا البنك وله فيه رصيد ، ولكنه رصيده من الوقت .
فالوقت هو سر الحياة ، ففي كل صباح يتم شحن رصيدك ب ( ٨٦.٤٠٠ ) ثانية ، وإذا لم تقم بتنظيم وقتك ستخسر الثروة الهائلة .
عزيزي القارئ إن الوقت لا يُدَّخَر ولا يباع ولايشترى ، فاعمل على أن تستغل وقتك أفضل استغلال . ولتدرك قيمة السنة إسأل موظفاً لم ينتهي من مشروعه في الوقت المحدد . ولتدرك قيمة الشهر إسأل موظفاً غاب كثيراً ولم يحصل على راتبه . ولتدرك قيمة الأسبوع إسأل موظفاً لم ينتهي من أعماله الأسبوعية وعمل في المنزل أيام العطلة . ولتدرك قيمة اليوم إسأل موظفاً تأخر على احتماع هام .
عزيزي القارئ إن الوقت لا ينتظر أحداً ، فالأمس مفقود ، والغد مولود ، والحاضر موجود .
فاعمل على استثمار وقتك بحكمة وحرص ، ولكن كيف نستغل الوقت بشكل صحيح ؟ وماهي خصائصه ؟ وكيف ننجح في إدارته ؟

ثالثاً : تعريف الوقت

حيز من الزمان يتيح لنا أداء الأعمال والانتهاء من مشاغلنا بالشكل الذي يحقق غاياتنا وأهدافنا .

ومعنى هذا أن إدارة الوقت تعني :

عملية الاستفادة من الوقت المتاح والإمكانيات المتوافرة لتحقيق الأهداف والمحافظة على التوازن بين متطلبات العمل والحياة الخاصة .

رابعاً : خصائص الوقت

أ- الوقت هو عمر الإنسان وحياته كلها .
ب- مورد شديد الندرة لأن ما مضى منه لا يعود .
ج- لا يمكن استبداله أو تعويضه .
د- يعتبر مقياساً على مدى إنجازك لفترة معينة .
ه- غير قابل للتخزين ولا يمكن ادخاره أو شراؤه ، فالجميع يمتلكه ولكن لا يحسنون استغلاله .
و- أغلى الموارد التي يمتلكها الإنسان على الإطلاق .

خامساً : أهمية الوقت ( مقسمة على النحو التالي ) :

أ- الوقت في الإسلام :

إن الإسلام وجهنا إلى إدراك أهمية الوقت والاستفادة منه ، وذلك من خلال عدة مفاهيم أساسية عن الوقت ومن أهمها : أن الوقت نعمة من نعم الله على العباد ويجب استثمارها ، قال الله تعالى : ((وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار )) . لقد أقسم الله بالوقت ليدل على عظم مكانته ومنفعته في الدين فقال تعالى : (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر )) . جعل الله سبحانه وتعالى الوقت مسؤولية كبيرة نُسأل عنها يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه ،وعن جسمه فيما أبلاه ،وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به)) .

ب- الوقت والفرد :

عزيزي القارئ تكمن أهمية الوقت بالنسبة للفرد وحياته العملية في أنه (( مورد محدود )) ، لذا يجب استغلال أكبر قدر منه لتحقيق الأهداف المهمة ، فإذا أحسن الإنسان إدارة وقته ونظر للوقت بعين الاهتمام ، أدى ذلك إلى تركيز الجهود نحو أداء الأعمال بطريقة أكثر فعالية وتحقيق الأهداف المرجوة بأقل وقت وجهد مما يضمن له النجاح .

ج- الوقت والمنظمة :

عزيزي القارئ إن للوقت أهمية كبيرة بالنسبة للمنظمة ، حيث يعتبر من أهم الموارد المتاحة التي تتطلب حسن التخطيط والتنظيم لاستغلاله ، إذ ينعكس الوقت بشكل غير مباشر على كل من :

التكاليف : حيث تُحتسب تكلفة الوقت على أساس ساعة عمل الموظف الواحد أو جهاز معين .

تحديد كمية العمل ونوعيته : حيث إن استغلال الوقت اللازم لإنجاز المعاملات في المنظمة واستثمار العناصر المتاحة مثل : الموظفين ، التقنيات ، المواد المستخدمة يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتقليل الهدر في الوقت والتكاليف والحهد .

تحديد الوقت المخصص للعمل : حيث يتم ربط التخطيط بالتنفيذ من خلال جدول زمني معين ، يشمل جميع الأنشطة التي يُفترض أداؤها في وقت العمل الرسمي ، والالتزام التام بهذا الجدول يعني استغلال وقت العمل على أحسن وجه .

تحديد نوع الموظفين القائمين بالعمل : حيث يمكن قياس أداء الموظفين بناء على الوقت المستغرق لإنجاز العمل بدقة وفعالية ، ويمكن بالتالي معرفة مستوياتهم وصولاً إلى الإنجاز الأمثل .

تحديد فاعلية الأجهزة والوسائل المساعدة في أداء الأعمال : حيث يتم تقييم مدى إسهام تلك الأجهزة والوسائل المساعدة مثل : نظم المعلومات وإجراءات العمل والتقنيات المكتبية في رفع إنتاجية الموظفين والتقليل من الوقت اللازم لإنجاز أعمالهم .

د- الوقت والمجتمع :

عزيزي القارئ تكمن أهمية الوقت بالنسبة للمجتمع ، في أن قياس تقدم المجتمعات يتوقف على درجة احترامها لوقتها ، لأن الاستثمار الأمثل للوقت يؤدي إلى استخدام الطاقات المادية والبشرية المتاحة للمجتمع ، وبالتالي يؤدي إلى التقدم والرقي ، لأنه يمنع الهدر في ثروات المجتمع ومقدراته ويمكن من تنمية موارده استعداداً لمواجهة التحديات المستقبلية .

سادساً : فوائد تنظيم الوقت ( مقسمة على النحو التالي ) :

أ- الشعور :

عزيزي القارئ إن شعورك بوجود تحسن عام في حياتك له أمر إيجابي يعطيك دفعة قوية لإدارة حياتك بارتياح كبير ، ولذلك فإن من أهم العناصر التي تنشأ للفرد عند تنظيم وقته ما يلي : الشعور بتحسن في حياتك بشكل عام . قضاء أكبر وقت في التطوير الذاتي . إنجاز الأهداف والطموحات الشخصية . تحسين الإنتاج . التخفيف من ضغوط الحياة الشخصية . قضاء وقت أكبر مع العائلة والاسترخاء والراحة .

ب- التأثير :

عزيزي القارئ إن تأثير التحكم في الوقت يمكن أن يكون هائلاً ، فيمكن لهذا التحكم أن : يؤثر على فاعليتك وكفاءتك وإنتاجيتك ، وهذا في حد ذاته يجعل توجهك إزاء الوقت مهماً جداً ، فهو يؤثر على عملك طوال الوقت . يخفف من الضغوط التي تثيرها أية وظيفة . يخلق رؤية إيجابية أفضل للأمور .

سابعاً : قوانين إدارة الوقت

عزيزي القارئ حتى تحقق الاستفادة القصوى من الوقت فلابد من تنظيمه ، ولا يتم تنظيم الوقت إلا من خلال مجموعة من القوانين المُنَظِّمَةِ لذلك ، ومن هذه القوانين :

١- ( قانون باريتو ) وهذا القانون يسمى ( قانون ٢٠ - ٨٠ ) وهو يعني : أن ٢٠٪ من وقت العمل يُسهم في تحقيق ٨٠٪ من الأمور اللازمة للنجاح .

٢- ( قانون كارلسون ) وهذا القانون يسمى ( قانون التسلسل المتجانس ) وهو يعني : أن كل عمل متقطع هو أقل فعالية ويأخذ من الوقت أكثر مما لو كان متصلاً ، لأنه في كل عودة لابد من إضاعة وقت معين قبل الوصول إلى المعدل العام .

٣- ( قانون فريس ) وهذا القانون يسمى ( قانون البعد الذاتي للزمن ) وهو يعني : أن الزمن يتمتع بِبُعدين : البعد الموضوعي ، البعد الذاتي . فكلما كان العمل مرهقاً أحسسنا بطول الوقت ، وإن كان العمل مهماً أحسسنا بقصر الوقت ، ونرى دائماً أن وقت الانتظار طويل .

٤- ( قانون باركنسون ) وهذا القانون يسمى ( قانون الميل إلى التضخم الذاتي ) وهو يعني : أن الوقت المستثمر في مل معين يتغير بحسب الوقت المتوفر ، فكلما كان لديك وقت مريح للتنفيذ تميل إلى استخدامه كامله دون اندفاع ولا تسرع .

٥- ( قانون إليتش ) وهذا القانون يسمى ( قانون سلبية الإنتاج بعد الوصول إلى حد معين ) وهو يعني : بعد الوصول إلى عدد من الساعات تتناقص إنتاجية الوقت المستثمر بالنسبة للفرد وتصبح سالبة ، فبعد ساعة من العمل الذهني المُركّز تنقص القدرة على التركيز ويتناقص إيقاع العمل إلى ما دون المستوى .

٦- ( قانون سوابودا ) وهذا القانون يسمى ( قانون الإيقاعات البَيولوجية ) وهو يعني : أن كل شخص يتوافر على إيقاعات متعددة بَيولوجية خلال اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو العام ، فالبعض يكون أكثر فعالية في المساء أو يوم الإثنين أو في آخر الشهر أو في الصيف أو الخريف .

٧- ( قانون كوتيه ) وهذا القانون يسمى ( استعمال الوقت الأقصى أو العملي ) وهو يعني : أنه من الممكن إنهاء عدد من النشاطات الثانوية والاستعجالية بصورة سريعة في وقت من النهار مخصص لهذه الغاية وليس بتخصيص زمن مبرمج مستقبلي لما يطلبه التنفيذ الفوري .

ثامناً : مظاهر الإدارة السيئة للوقت

عزيزي القارئ هناك بعض المظاهر إذا تم رصدها داخل منظمتك ، فهذا يعني أن هناك مشكلة في إدارة الوقت ، ومن هذه المظاهر : عدم تحديد الأهداف والأولويات . تعدد المناسبات الاجتماعية . الزيارات المفاجئة أو غير المخططة . العواطف والمجاملات الإجتماعية على حساب الوقت . التأجيل المتعدد للكثير من المهمات . الاشتغال بالأمور الثانوية . إعطاء العمل البسيط فوق ما يستحق من الجهد والوقت . العمل خارج أوقات الدوام للانتهاء من العمل العاجل . زيادة الضغوط سواءً في العمل أو الحياة . زيادة عدد الأخطاء في العمل المنجز .



(( انتهاء الجزء الأول ))


(( همسة خاصة حصرية ))

عدوك وقتك فاختر لنفسك ** إما قاتلاً أو مقتولا
فاجتهد وأمعن في قتله ** باستثمارك له خير استثمارا



إلى الجزء الثاني مع : مضيعات الوقت ، تحليل الوقت ، تحديد مضيعات وقت العمل .