رؤية جديدة في العلاج السمعي اللفظي

سنتطرق في هذا العدد لأخر جزء في أجزاء العلاج السمعي اللفظي وسيتمحور حول فوائد زراعة القوقعة و المبادئ الأساسية للطريقة السمعية الشفوية وإجراءات التدريب، مراحل تأهيل الأطفال زارعي القوقعة الصناعية بحسب الأسلوب السمعي الشفوي و المقترحات والتوصيات بشأن العلاج السمعي اللفظي

أولاً – ميزات برنامج التأهيل السمعي الشفوي من خلال دراسة حالة أجريت لها عملية زراعة القوقعة الالكترونية
ومن خلال خبرتي الشخصية على مدار ثلاثين سنة مع الصم وأخيرا مع زارعي القوقعة الالكترونية فإنني أقدم دراسة حالة حول طفلة أجريت لها عملية زراعة القوقعة :

الطفلة ( ف . ع ) عمرها في ذلك الوقت 6 سنوات ولدت الطفلة بفقدان سمع عميق في كلتا الأذنين – أي بخسارة اكثر من 95 ديسيبل ولديها ما يسمى Corner audiogram – تأخرت الطفلة في تلقي التأهيل السمعي و اللغوي إلى جيل ثلاث سنوات ، وفي السنة الأولى من التدريب تلقت الطفلة تدريب سمعي مكثف و تدريبات لغوية و صوتية و في نفس الوقت كانت في روضة أطفال خاصة بالصم و كانت تستعمل سماعتين خلف الأذن من النوع الحديث المصمم لفقدان السمع الشديد و العميق و كانت تخضع مرة كل شهرين لفحص سمع و تقيم نطقي لغوي ، و بالرغم من التدريب المكثف إلا أن التحسن كان ضئيلا جدا ( لا يذكر ) من ناحية قدرات نطقية تمكنت من إخراج أصوات بسيطة ( أصوات علة في معظمها ) و بعض المقاطع اللفظية البسيطة مثل باء – تا ء و من ناحية سمعية كانت هناك استجابة بسيطة لأصوات مرتفعة مثل صوت الدف بعد عدة محاولات ( تحس بحركة الهواء )

بعد سنة من التدريب المكثف السابق ذكره بدأنا التفكير في عملية زرع القوقعة ، وبعد الحديث مع الأهل حول هذه العملية وشرح جميع الجوانب و التوقعات و الإجراءات وافق الأهل وبدأت مرحلة الفحوصات السابقة للعملية وتبادل التقارير بين مركزنا و مركز زرع القوقعة وخصوصا فحوصات السمع و تقارير النطق و اللغة ، و تم إجراء عملية زرع القوقعة ، وبعد 27 يوم من العملية كانت خلالها الطفلة بدون الأجزاء الخارجية من الجهاز وبدأت عملية برمجة معالج الكلام ومتابعة عملية التأهيل وكان التدريب منصباً على المبادئ الأساسية للتدريب والتمييز السمعي الكلامي من استقبال الصوت وتمييزه وصولاً إلى الكلمات البسيطة وتمييز اسمها وأسماء أفراد أسرتها مع تمارين تنفس وصوت وفهم للأوامر البسيطة والاهتمام في مبنى الكلمة ومبنى الجملة وكان تعاون الأهل ممتازاً في البيت والمركز وكانت النتائج كبيرة من ناحية اكتساب المفردات التي صار عددها بعد خمسة أشهر من التدريب أكثر من 50 كلمة وصار لديها قدرة على فهم مجموعة كبيرة من المفاهيم والوصول إلى مستوى المحادثة البسيطة والقدرة على قراءة الشفاه لجميع الأصوات والكلمات التي دربت عليها وهذه المفردات من المجموعات الضمنية كالتي تتحدث عن هوية الطفل وأجزاء الجسم والحيوانات الأليفة والملابس والخضار والفواكه وبعض الأطعمة والألعاب القريبة إلى مفهوم الطفلة وانتقلنا معها نحو تدريبها على تنفيذ تعليمات بسيطة من خطوة واحدة مثل (افتحي الباب_هاتي تفاحة) ثم تدريبها على جملة تلغرافية من اسمين مثل (وردة حمراء-عصير مانجو ) ثم تدريبها على مفاهيم المكان مثل: فوق……..تحت…..بعيد…قريب ثم تدريبها على تقليد أصوات مختلفة مثل صوت السيارة والقطة والبكاء وغيرها وتابعنا التدريب معها للوصول إلى الجملة التامة من خلال التأكيد على مفهوم الفعل وقمنا بتمارين لتحسين مهارات النطق و تصحيح المشكلات النطقية مع تدريبات متنوعة على مبنى الكلمة وما يتعلق بأمور الصرف من تذكير وتأنيث وإفراد وجمع ثم تدريبها على استعمال الضمائر البسيطة مثل( أنا –أنت –نحن )

ثم التدريب على استعمال أدوات الربط وظروف الزمان وفهم التنغيم في الجملة مع تدريبات على سماع قصة صغيرة ووصف حدث معين بصورة مبسطة واستعمال صيغ متنوعة في الكلام ، وهكذا بدأت الخطوة الأولى بتنبيه لحاسة السمع بتعويد الطفلة على سماع وتمييز الاصوات البيئية واللغوية من اتجاهات مختلفة ودرجات شدة مختلفة مع تمارين لفهم الكلمات البسيطة التي هي من مقطع واحد مثل كلمات النفي( لا-لا) وكلمات ( هات – باي) – وأسماء بعض المأكولات مثل (موز – تفاح – حليب ) ثم تدريبها على تنفيذ تعليمات من خطوة واحدة وبعد ذلك تم تدريبها على مفاهيم ظروف المكان كما اسلفنا مع إجراء تمارين للتنفس وأعضاء النطق وتقليد اصوات مختلفة ثم دربت على الجملة البسيطة والجملة التامة مع تصحيح المشكلات الفنولوجية ثم دربت على مفهوم الفعل من خلال الممارسات العملية وإضافة عناصر أخرى للجملة مثل الصفات والأحوال والضمائر وأدوات الربط ثم استخدام ظروف الزمان مثل صباحاً ومساءاً الأمس والغد واستعمال صيغ الجمع والمفرد والمذكر والمؤنث مع التدريب بعد ذلك على سماع قصة قصيرة ومحاولة إعادة أجزاء منها بالاعتماد على الصور والذاكرة كما بينا من قبل ، وهكذا يثبت بالدليل القاطع أن استخدام زراعة القوقعة من جهة والتدريب السمعي المقنن من جهة ثانية يؤديان إلى نتائج كبيرة في تطوير الكلام وتحسين التواصل الشفوي والتحصيل الدراسي والمعرفي والاجتماعي والنفسي وهذا ما أوضحته الدراسة من خلال الاستبيانات الميدانية وإجابات أولياء الأمور وشهادته أصحاب الخبرة والرأي المشهود له بالنزاهة العلمية وكذلك من خلال التجارب والممارسات العملية والتي امتدت إلى سنين عديدة والمثل يقول عش دهراً وتعلم دهراً .

وتأكيدا لأهمية الطريقة السمعية الشفوية في إكساب زارعي القوقعة الالكترونية القدرة على التمييز السمعي واكتساب المفردات المناسبة والقدرة على التواصل الاجتماعي فقد ثبتت إمكانية الدمج في مدارس السامعين وبنتيجة متابعتي لهذه الحالات المدموجة فقد تبين لي تقدمها في التعليم العام والتفاعل الاجتماعي وزيادة الثقة بالنفس فقد بلغ عدد الحالات التي قمنا بدمجها 17 حالة منهم 7 ذكور و عشر إناث توزعوا على 3 مدارس حكومية و 10 مدارس أهلية وجميعهم انضموا سنة دراسية على الأقل في روضة الأمل بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ولديهم معينات سمعية مناسبة وقدرات لغوية شفوية جيدة ومعتمدين على سمعهم بدرجة كبيرة وأسرهم لديهم قناعة في تحقيق عملية الدمج وكانت أغلب الصعوبات التي واجهتهم هي في تبدل الكادر التعليمي وارتفاع عدد طلاب الصف الدراسي الواحد وانخفاض مستوى حماس بعض العاملين في التعليم العام غير أن نتائج تحصيلهم الدراسي كانت متوسطة عدى طالب واحد كان متفوقاً وطالبة واحدة كان تحصيلها دون الوسط ومن الناحية التكيفية فإن جميع هؤلاء كان لديهم علاقات طيبة مع زملائهم ومدرسيهم ولهم مشاركات مدرسية لا منهجية كثيرة وهكذا نرى أنه من خلال الاستبيان التجريبي والخبرة العملية والدراسات الميدانية والبحوث المختلفة أن برامج زراعة القوقعة الصناعية والتدريب السمعي الشفوي المنظم لهما أكبر الأثر في تحسين القدرة على الإنصات والاستماع وتطوير الكلام والتقدم التحصيلي والأكاديمي وتحقيق مزيد من التكيف النفسي والاجتماعي وهكذا يتبين أنه من خلال تفهم الإجراءات والآليات للتدريب السمعي يصبح تطبيق هذه الإجراءات والآليات سهلاً وسوف تأتي النتائج المتوقعة إيجابية إلى حد بعيد بإذن الله.

ثانياً – الخاتمة ونتائج الدراسة :
بالرغم من أن عملية زرع القوقعة لا تعيد السمع العادي أو الطبيعي ، و بالرغم من ارتفاع تكلفة هذه العملية ، إلا إنها تبقى واحدة من انجح الحلول حتى الوقت الحالي لمشكلة فقدان السمع العميق . فجميع نتائج الأبحاث التي أجريت على أشخاص خضعوا لهذه العملية أشارت إلى وجود استفادة من هذه العملية على عدة أصعدة و مجالات و خصوصا فيما يتعلق باللغة و النطق و العيش في بيئة سمعيه و ان كانت هذه الاستفادة متفاوتة من شخص أو طفل إلى آخر و نظرة إلى تقارير النطق و اللغة و فحوصات السمع قبل و بعد إجراء العملية ، و كتابات و رسائل الأشخاص البالغين الذين خضعوا لهذه العملية تؤكد ذلك

وتتمثل مبررات زراعة القوقعة في إيقاظ منطقة السمع في اللحاء الدماغي وتحسين القدرة على الكلام والنطق والتفاعل الاجتماعي وإكساب زارعي القوقعة وأسرهم القواعد والأساليب الأساسية للاستماع والإنصات والقواعد الأساسية لتنمية الكلام الصوتي الفونيمي بحيث يصبح بمقدور هؤلاء الاعتماد على سمعهم وتنمية لغتهم والاندماج في أسرهم ومجتمعهم بدلا من تحولهم مرة ثانية إلى معوقين سمعيا غير مستفيدين من عملية الزراعة إذا لم تتوفر لهم مثل هذه البرامج التدريبية السمعية وقد أكدت الدراسات أن الأطفال زارعي القوقعة السمعية والذين لا يجيدون فن الإنصات و الاستماع ستحصل لديهم مشكلات لغوية ونفسية واجتماعية أشد وطأة وأثرا.

ويعد برنامج تدريب الأطفال زارعي القوقعة بحسب الطريقة السمعية الشفوية من أكثر البرامج تطورا في وقتنا الراهن حيث أثبتت التجارب الوصول إلى النتائج الطيبة والرائعة وحل المشكلات النفسية والاجتماعية لأولئك التلاميذ الذين استفادوا من هذا الأسلوب وهذا البرنامج ومن خلال التكامل والتناغم بين زراعة القوقعة وأساليب التدريب السمعي الشفوي نستطيع الوصول إلى هدفنا المحوري في تنمية لغة شفوية ثرية تمكن أطفالنا الصم من تحقيق تواصلهم الفعال ومشاركتهم الكبيرة في مسيرة التنمية والبناء .

ثالثاً – المقترحات والتوصيات :
السعي لإجراء عمليات زرع القوقعة منذ سن مبكرة وعدم زراعتها إذا فقدت المراكز العصبية المركزية مرونتها وفاعليتها .
البدء بالتأهيل السمعي الشفوي الزراعي القوقعة منذ وقت مبكر والسعي لتنمية مهارة والإنصات والاستماع والتحدث .
أيجاد برامج ومعايير محددة ومتقنة في إطار تنمية مهارتي الاستماع والتحدث .
أن نجاح زراعة القوقعة مرتبط بالتأهيل السمعي الشفوي فلا بد من تقنية حقيقية إرشادية للأهل والمعلمين .
دمج الأطفال زراعي القوقعة في الروضات العادية منذ وقت مبكر .
إقناع الأهل بالتحدث مع الطفل زراع القوقعة باستمرار واشراكه في كافة الفعاليات والمناسبات .
إصدار قوانين ملزمة بدمج كل طفل تجري له عملية زرع قوقعة مع توفير خدمات مساندة .
بما أن الدول العربية متشابهة في مناهجها وبرامجها المقدمة للمعوقين سمعياً لذلك أوصي بما يلي أن تتبنى الدول العربية والجامعات العربية مشروعاً بحثياً حول بناء حقيبة إرشادية موجهه إلى أسرة الطفل المعوق سمعياً وإلى معلمي هذا الطفل وجزءاً منها إلى الطفل نفسه على ان تتألف هذه الحقيبة من مجموعة من الكتيبات والصور والأفلام وشرائط الفيديو والألعاب وجميع الأدوات المطلوبة للتأهيل السمعي الشفوي .
وفي النهاية أتمنى أن أكون قد أسهمت بوضع حصوه صغيرة في جدار البرامج المقدمة للأطفال زارعي القوقعة وضعاف السمع لتنمية قدراتهم السمعية والكلامية واندماجهم الفاعل في مجتمعنا العربي العزيز

وأخيراً فإن من اجتهد وأصاب فله أجران ومن لم يصب فله أجر واحد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

انتهى
المراجع والمصادر العربية والأجنبية:

د. الخطيب جمال، إعادة النظر في برامج إعداد معلمي الصم (بحث مقدم للمؤتمر الثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة في رعاية الصم).
د. الخطيب جمال، المدخل إلى التربية الخاصة مكتبة الفلاح 1997.
د. إجرار ربحي، برنامج التأهيل اللغوي المبكر (بحث منشور في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
د. السيد محمود، علم النفس اللغوي منشورات جامعة دمشق 1993.
د. أخضر فوزية، تعليم المعاقين سمعياً في مفترق الطرق (مكتبة الملك فهد الوطنية الرياض 1999).
د. دميتي دورنان، نظرة حديثة للعلاج السمعي الشفوي (بحث منشور في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
داير جلبرت، قواعد تصحيح النطق بطريقة اللفظ المنغم (بحث منشور في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
جوليا نابرا أنطوني، التربية النفس حركية ترجمة عبد الفتاح حسن (مكتبة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
الطباع إلياس، طريقة اللفظ المنغم (بحث منشور في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
دورنان دميتي، لنسمع ونقول نظرة حديثة للعلاج السمعي الشفوي (مترجم في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
جين كيلي، الإصغاء والإنصات للحياة والعلم (مترجم في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
الطباع إلياس، مشروع التدخل المبكر لتنمية التواصل مع الأطفال الصم (بحث منشور في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).
د. عبد الحي فتحي محمد، دار الكتاب الجامعي العين.
Introduction to Communicative Disorders 1 M.N hedge 1991 BRO – Ed.
Cochlear Implant for Kids، Estabrook’s W(Ed) 1998 Washington DC
Cochlear Implantation for Infants and Children 1997 GRAEME M. Clark R. Chard C. Dowell

مياسه معجب بهذا

بـآآقـة..مـن..أرق..ع ـبـآآرآت..الششكر
لهـذآآ..الع ـطـآآء..المتميـز..والأنتقـآآء..الرآآقي
أنتـظر..ج ـديـدكـ
لقلبكـ..طـوـوق..يـآآآسميـــن

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

الف شكر لكم على الروعة وجمال الانتقاء
سلمت يداكم على طرحكم الاكثر من رائع
و الله يعطيكم الف عافيه
وفي انتظاااار جديدكم
دمتم بسعاده لاتغادر روحكم

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

يسلمو ع المرور

انتقـآءْ رآئــع, وطرح جميــل كجمآل روحك

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

أنرتم سَمانا بـ جَمال العَطاء
سَلمت الأنامل وَدام وهج التَألق
كل الود والإحترام