استراتيجيات إدارة الغضب لتظل مشاعرك تحت السيطرة

تشير أحدث الأبحاث وفق مؤسسة غالوب العالمية (شركة تحليلات واستشارات أمريكية معروفة باستطلاعاتِ الرأي العام أن مستويات الغضب العالمي خاصة بين الشباب وصلت إلى مستوى قياسي في عام 2020، ومازال منحنى الغضب يواصل ارتفاعه مع نهاية 2023، يصاحبه كثير من التوتر والقلق، وحيث أن بعض الامور قد تبدو خارجة عن سيطرتنا فنواجهها بمزيد من القلق التوتر، إلا أننا بالطبع نمتلك القدرة على تحسين سلوكنا العاطفي ومحاولة إدارة هذه المشاعر السلبية - وخاصة الغضب، بالسياق التالي التقت د. أروى عبد الجواد استشاري تنمية بشرية وصحة نفسية لتخبرك عن استراتيجيات لإدارة الغضب لتظل مشاعرك تحت السيطرة

• كيف يؤثر الغضب على حياتك؟

إذا كنت تميل إلى الهجوم والصراخ فسيؤدي الغضب لتوتر علاقاتك مع الآخرين (المصدر: pexels by gaspar-zaldo)
تقول د. أروى لسيدتي: يعتمد تأثير الغضب على حياتك على مدى قدرتك على التحكم فيه. إذا كنت تميل إلى الهجوم والصراخ بوجه أحبائك أو زملائك، فسيؤدي الغضب بالتأكيد إلى توتر علاقاتك مع الآخرين، ولكن إذا كنت قادرًا على أخذ بعض الأنفاس العميقة، وتهدئة نفسك، والتعبير عن إحباطاتك، فإن الغضب سيساعدك على تحسين ذكائك العاطفي ووعيك الذاتي، لأن الغضب هو استجابة للضغط النفسي.
تؤكد د. أروى أن الشعور بالإحباط أو الانزعاج المستمر يعني زيادة وجود هرمونات التوتر هذه في جسمك، مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية والمزيد، وهذه الطرق التي يؤثر بها الغضب على جوانب مختلفة من حياتك.
- الغضب يؤثر في صحتك وعافيتك، فقد يصيبك بالأمراض.
- الغضب يقلل من احترامك لذاتك والشعور بقيمتك الذاتية.
- الغضب يدمر العلاقات مع أفراد الأسرة والأطفال والأصدقاء.
- الغضب يجعل الناس خائفين أو متوترين في وجودك.
- الغضب يخلق مجالات من الطاقة الفكرية السلبية.
- الغضب يجعل من الصعب العمل بشكل تعاوني مع الآخرين.

• للغضب جوانب إيجابية أيضًا..!

الغضب غير المنضبط يمكن أن يطغى على نظامك ويضر بصحتك (المصدر: pexels by gaspar-zaldo)
تقول د. أروى: في حين أن هذه كلها سمات سلبية للغضب، إلا أن للغضب المنضبط بعض الجوانب الإيجابية:
فالغضب يعمل على تحفيزك على الالتزام بالموعد النهائي
والغضب يحثك على التفكير في الحدود والسلوكيات
والغضب يعمل على زيادة الوعي الذاتي
والغضب يساعدك في تحديد قيمك وقيمتك

• كيف تكون إدارة الغضب مفيدة؟
في حين أن الغضب غير المنضبط يمكن أن يطغى على نظامك ويضر بصحتك الجسدية والاجتماعية والعقلية كما ذكرنا، فلا بد أن تعلم أن كيفية إدارة الغضب لا يعني أنك لن تشعر بالغضب بعد الآن؛ فليس من السهل بالطبع تعلم كيفية التهدئة عند الغضب. ولكن بدلاً من ترك مشاعرك تتدفق أو تتراكم في غضبك، فإن تعلم إدارة الغضب يمكن أن يساعدك على تحويل هذا الشعور إلى شيء منتج، وفيما يلي سبع نصائح لإدارة الغضب :

1. فكر قبل أن تخرج الكلمات من فمك
التفكير في كلماتك قبل أن تقولها يساعدك على إدارة الغضب بطريقة صحية ومحترمة. ماذا سيحدث إذا قلت الكلمات التي تقفز إلى ذهنك أولاً؟ ما هو شعورك إذا قال لك شخص ما نفس الكلمات؟ إن التفكير في مشاعر الشخص الآخر وعلاقتك به ستقول السيل العرم الذي أنت على وشك إطلاقه.

2. ابتعد عن الحدث
إذا أصبح غضبك خارجًا عن السيطرة، أو كنت بحاجة إلى وقت للتفكير بمفردك، ففكر في الابتعاد، حيث تتزايد وتيرة الأمر بسرعة لا يمكن إبطاءها، وتحتاج إلى التراجع خطوة إلى الوراء، ولذلك خذ وقتك لتتنفس بعمق، وفكر في خطوتك التالية. هذا لا يعني أنه يجب عليك الهروب مما يثير غضبك، ولكن التوقف للحظة سيمنحك وضوحًا أكبر عندما يهدأ غضبك.

3. مارس تقنيات الاسترخاء
إن انتشار مشاعر الغضب في جميع أنحاء الجسم يجعل من الصعب عليك تهدئة نفسك، على أن هناك الكثير من أساليب وتمارين الاسترخاء المختلفة التي يمكنك تجربتها، لذا التزم بالطريقة التي تناسبك أكثر، فحاول الاستماع إلى الموسيقى أو ممارسة التأمل أو استخدام تقنيات استرخاء العضلات التدريجي. قد يستغرق الأمر بعض التجربة والخطأ، لكن تعلم كيفية استرخاء جسمك أثناء الغضب سيساعدك على العودة إلى حالة يمكنك فيها استعادة السيطرة على نفسك.

4. تحديد المحفزات الخاصة بك
هل فكرت يوما ما الذي أغضبك؟ قد يبدو الأمر واضحًا - كأن يقول شخص ما شيئًا فظًا أو يكسر بعض أشيائك المفضلة، ولكن ما المعنى الحقيقي وراء ذلك؟ إن فهم محفزات غضبك سيساعدك على التخطيط للمستقبل، وستتعلم ما إذا كانت أماكن أو ظروف أو أشخاص معينين هي مصدر غضبك وما الذي يجب أن تحاول تجنبه لتتمكن من إدارة الغضب الذي يتملكك

5. حرك جسمك
مشاعر الغضب تندفع من خلال جسمك. لديك كل هذه الطاقة، ولكن ماذا ستفعل بها؟ لقد وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لديهم سيطرة أعلى على غضبهم من أولئك الذين لا يمارسونها.

6. أدخل بعض الفكاهة في الموقف
بعض المواقف ترحب بالضحكة الجيدة. تساعد الفكاهة على تخفيف التوتر وتمنحك منظورًا مختلفًا للموقف، ولكن انتبه وتذكر أنك ستحتاج إلى توخي الحذر عند اختيار هذه الاستراتيجية، فالضحك والنكات لا يمثلان دائمًا ردود الفعل الأكثر ملائمة أو احترامًا لمواقف معينة.
وبالنهاية فمن أفضل استراتيجيات إدارة الغضب ما حثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلمنا " إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه" ويقول: " إذا غضب أحدكم فليسكت"، وكذلك "ليس القوي بالصرعة ولكن القوي من ملك نفسه عند الغضب"