09-06-2015
|
|
غيرة النساء من النساء .. ضحاياها العمل
- قد تصل الغيرة من موظفة متميزة حد اغتيال الشخصية وفقا لخبراء وتشعر موظفات وخاصة المتميزات منهن والمتفوقات في مجال اعمالهن بالغيرة القاتلة التي ترسمها نظرة غريبة من احداهن او تصرف مستهجن او كلمة جارحة بقصد النيل منها ومن نجاحها والتي تصدر غالبا ممن عرف عنهن عدم القدرة على الانجاز والابداع وغياب الكفاءة مقارنة بالموظفة المتقدمة التي غالبا ما تثير حفيظة الاخريات ليبدو الحس الانثوي الكامن اكثر وضوحا بالتصرفات المعبرة عن الغيرة .
ويشرن الى ان الغيرة القاتلة بين الموظفات تؤثر بالضرورة على الاداء العام في العمل وتستثير المنافسة غير الشريفة وتؤسس لبؤرة فساد مجتمعي تضر بكل من يكتب لها النجاح خاصة اذا ارتبطت الغيرة المرضية بسلوك عدواني يهدف الى خطف الانظار من الموظفة او حتى الموظف المتميز واقناع المحيطين بهم بانهم لا يستحقون الهالة التي تصاحبهم .
ويعزو خبراء اسباب الغيرة الى التنشئة الاجتماعية والاحساس بالظلم وغياب الكفاءة والشعور بالنقص والفشل والخوف من المستقبل , مؤكدين ان الشخص الغيور يحتاج الى علاج والى احتضان ومساعدة فهو ليس عدوا بقدر ما هو مريض وعلينا مساندته وعدم استفزازه ولابد من التعاون معه لتخطي حالته . تقول عهد حسان الموظفة في احدى الشركات الخاصة انها تشعر بغيرة الاخريات منها ولكنها لا تحاول ابدا اشعارهن بانها قد ادركت حقدهن , بل على العكس فانها تصاحبهن وتحاول قدر الامكان ان تكسبهن لصفها .
وترى ان ميدان العمل رحب ويتسع للجميع وانه اذا تلهت الموظفات بموضوع الغيرة من بعضهن البعض فانه سيتحول بالضرورة الى ساحة معركة بحيث تحاول كل واحدة تصويب سهامها للاخرى على حساب الاداء العام . وتذهب الى ان الثقة بالنفس وتعزيز القدرات والمهارات وعدم الالتفات الى الخلف او الى المحيط بشكل سلبي هي عوامل نتخطى بها أي انسان يحاول النيل منا موضحة انها تتلقى الدعم الايجابي في عملها لانها تخلص له وليس لانها جميلة كما يقولون . وتشاطرها الرأي المهندسة زينة ناصر الدين وتزيد عنها بانها حديثة العهد مع الوظيفة الا ان حسها الانثوي قادها الى وجود من يغرن منها في العمل , وهي متيقظة لهذا الموضوع ولا تريد الخوض في مهاترات , بل انها مترفعة خوفا من انتقال عدوى الغيرة لها فتتحول الى انسانة غيورة من غيرها وهذا ما لا تريده او لا تفكر به , لانها تحب عملها في مجال الهندسة المدنية وتريد ان تبدع به وتركز عليه .
الغيرة من وجهة نظر نساء ..
تقول الصحافية رانيا سابا انه وفي أي مجال عمل يوجد التنافس الايجابي البناء وفي نفس الوقت هناك نفوس تسيطر عليها الغيرة المرضية التي تعكس اثارا سلبية نتيجة الاحباط ومشاعر الحقد التي يحملها ما يؤدي الى الشعور بتميز وانجاز الاخرين. وتتابع : فيما يخلق التنافس الايجابي دافعا اكبر لمزيد من العمل والمثابرة والعطاء موضحة بان الشخص المتميز يتمتع بروح التنافس الايجابي والتعاون والايمان بالعمل وبروح الفريق في حين تغيب تلك الصفات عن الشخص الغيور.
وتقول يسرى سالم الفاضل , موظفة قطاع عام , انها عايشت مشكلة الغيرة اثناء قيامها بالتدريس في احدى الجامعات وعلى الرغم من انها تحمل درجة الماجستير , الا ان الغيرة كانت تصدر من زميلات لها يحملن درجة الدكتوراه , ما ادى بهن الى عدائها دون أي سبب يذكر . وترى ان الغيرة ببعض النساء تتعدى الغيرة من تميز زميلتها الوظيفي بل من شكلها وطريقة لبسها ومكياجها , مشيرة انه لربما ان الاسباب المادية والاجتماعية تلعب دورها في تأجيج مستوى الغيرة عند هذه او تلك . وتعتقد انه من الضرورة بمكان ان تكون المرأة صديقة المراة بعيدا عن الحسد والغيرة وان يتوصلن معا الى صيغ مشتركة تساعدهن على تخطي صعوبات الحياة لا ان تشكل الواحدة منهن للاخرى مصدر ازعاج او توتر . .
ومن وجهة نظر علم الاجتماع والنفس
بدوره يقول استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين محادين انه لابد من القول ان المؤسسات التنظيمية سواء اكانت حكومية او غير حكومية منقادة الى طبائع الناس في المجتمع , اذ انها تشكل تنظيما موازيا ورافدا لحركة المجتمع بالمجمل , ويفترض فيها ان تكون قاعدة وموجهة لحركة المجتمع في مجال اختصاصها , لكن الواقع العلمي يشير الى ان المدخلات الانسانية لهذه المؤسسات قد جلبت معها انماطا من السلوكيات التي لا تستقيم والمعنى العلمي للادارة او الوظيفة العامة لنجد ان العلاقات الاولية المتمثلة في القرابة والجهوية والغيرة كمظهر مواز قد اثر على السلوكيات بشكل عام . من جهة اخرى قد ينحاز مدراء انفسهم الى موظف دون اخر وفقا لها , ما يولد الغيرة او الاحباط من لدن من لا يحظين بذات الاهتمام من قبل الادارة , فيما تمتاز الادارة الجيدة ببقائها على مسافة واحدة من الجميع ومكافأة الموظف المتميز وتحفيز غيره من ذوي الاداء الضعيف دون ان يستثار من خلال التوبيخ او مقارنته بالاكثر قدرة لان الناس في النهاية قدرات مختلفة وليس من العدالة مقارنتهم ببعض اذا لم يتمتعوا بذات الصفات والقدرات والامكانيات .
وعن الموظفات بالتحديد يقول الدكتور محادين ان الموظفة المتقدمة غالبا ما تثير حفيظة الاخريات ليبدو الحس الانثوي الكامن والحالة هذه اعلى حضورا ووضوحا ولا سيما لجهة التأثير السلبي على الموظفة التي تتقدم عنها وتتطور بشكل ملحوظ , لذلك نجد ان العوامل الخارجية او المحيطة تحد احيانا من اندفاع بعض الموظفات المتميزات اللائي يتأثرن بهذه المنغصات مقارنة بغيابها . وعليه تختلف القدرات الفردية بين موظفة واخرى فالمتميزة قادرة على تحمل الضغط والعمل ضمن الفريق الواحد فيما تفتقر غيرها الى حصانة مصاحبات النجاح لتصل احيانا في حقدها الذي يتولد مع الوقت الى حد اغتيال الشخصية الناجحة الذي لا يربط عمليا بين القدرات المتميزة للموظفة المبادرة وبين الخصائص الانثوية في مجتمع ذكوري ما زال جله ينظر للمرأة بحدود الجسد .
ويبين انه ولذلك عندما يرتبط هذا الحكم السلبي من قبل المحيطين بالموظفات الفاشلات فانه يلقى حضورا واذانا صاغية وصدى لدى موظفات يحقدن على الناجحة ما يجعل تلك الممارسات ضدها تشكل تيارا معيقا لتقدم بقية الموظفات الاخريات وممكن ان يرتبك من حيث العمق والقوة بحصانة المتقدمات انفسهن نحو ما يطلق نحوهن من سهام او اتهام او اعاقة لذلك تبدا جماعات التيار العكسي في النخر داخل البناء الاداري المستهدف تحت ستار الغيرة والحسد ما يؤثر بالضرورة على الاداء العام للمؤسسة سواء اكانت عامة او خاصة .
ويشير الى ان الرأي العام المصغر داخل المؤسسة يجب ان يؤخذ بالاعتبار لغايات احباط المحاولات السلبية نحو السيدة الناجحة مبينا ان النجاح الفردي ضمن المؤسسة يحمل ضمنا معنى الاحراج للاخرين الذين لم يتميزوا يوما .
ارتباط الغيرة بتقدير الذات..
ويرى الدكتور محادين انه من الضروري للموظفة المتميزة الاستماع الى الرأي العام ولكن دون الاخذ به على محمل الشمولية , اذ ان الشخص المتميز يتمتع بعقل ناقد ورؤية استراتيجية متفوقة على اقرانه بالعمل والا لما تميز دون ان يعني ذلك غرورا .
يقول استاذ علم النفس الدكتور يوسف ابو حميدان ان الغيرة مرتبطة بشكل وثيق بتقدير الذات فاذا كان تقدير الانسان لذاته عاليا فان مستوى غيرته من الاخرين تكون اخف والعكس صحيح , اذ يشعر الانسان الذي يقدر نفسه ضمن المستوى الضعيف ان الاخرين ينافسونه بل ويأخذون حقوقه الامر الذي ينعكس سلبيا على علاقته بنفسه وعلى الاخرين ويحوله الى انسان متردد وخائف ومبتعد عن التعامل مع الناس بصدق , والادهى من ذلك ان غيرته الوظيفية ترحل معه الى بيته ما ينعكس على افراد اسرته الذين قد لا يفهون سبب عصبيته ومزاجه الحاد .
ويشير الدكتور ابو حميدان الى ان هذا النوع من الاشخاص غير مرتاح لا في بيته ولا بمحيطه بل ان علاقاته الاجتماعية بشكل عام تكون موتورة ومبتورة .
وعلى ذلك يشعر انه مظلوم على الرغم من معرفته بان كفاءته متواضعة واستعداده الوظيفي محدود ولذلك يسقط فشله على الاخرين لان الترويج لفشلهم هو محاولة نجاح له , بل يعمد الى كل السبل التي لا تظهر نجاح الاخرين من خلال انتقادهم والكيل لهم ومحاولات تشويههم باي طريقة ما يؤكد علميا بانه يعاني من غيرة مرضية تحتاج الى تقييم وتشخيص وربما علاج اذا ارتبطت بسلوكيات اجرائية عدائية.
ويتابع : من المفترض ان تكون الغيرة على العمل وليس من العاملين فيه لان الاصل في الموضوع ان يشعر الانسان بواجب الولاء والاخلاص لعمله لا ان يحوله الى ساحة للتنافس غير الشريف على حساب الاداء العام .
ويوضح الدكتور ابو حميدان ان من يغار على العمل يحفز الاخرين ويشد الجميع له ويجعله مثلا يقتدى به , ولكن لابد ايضا ان لا نهمل الشخص الغيور سواء اكان رجلا او امرأة بل نحاول استمالته والدخول الى اعماقه وتعزيز ثقته بذاته بكل الطرق والوسائل لا ان نحاربه لانه في حقيقة الامر هو بحاجة الى الدعم والمساندة الفعلية وعلى ذلك لا يعتبر الغيور عدوا حقيقي , بل هو شخص يحتاج المساندة .
ويرى ان للغيرة اسبابا مختلفة منها التنشئة الاجتماعية الفاشلة والانطواء وغياب الكفاءة وعدم الاستعداد المناسب للعمل والخوف من المستقبل . وفي السياق ذاتع يقول استاذ علم النفس الدكتور نبيل النجار : في كل حياة اجتماعية هناك دوماً تنافس وصراع بين الأفراد خاصة على لقمة العيش, ومصادر القوة والسيطرة, وعلى السعي لتحقيق المكانة العالية في المجتمع , مشيرا الى الصراع من اجل التفوق هو غريزة تؤسس نشوء الغيرة والحسد مبينا ان الغيرة مرتبطة بالحسد وانها تتفاقم في حالات الفشل الموازي لتفوق احدهم . ويوضح : إن الغيرة مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب وقيل ان الغيرة في الأصل هي الحمية والأنفة , ويشترك في هذه الغريزة الرجال والنساء على حد سواء بل قد تكون عند النساء أكثر وأشد . ولا شك ان للغيرة اشكالا وانواعا كثيرة وفقا للنجار فالغيرة الايجابية مطلوبة ويجب تنميتها لدى جميع افراد المجتمع والغيرة الايجابية هي ان نغار ممن نعتقد انهم افضل منا في اي مجال من مجالات الحياة ونعمل على ان نصل الى مستواهم بل ان استطعنا ان نتفوق عليهم وهذه غيرة حميدة ويجب تشجيعها. ويضيف : أما الغيرة السلبية فهي ان نغار ممن هم افضل منا ولا نحاول ان نصل الى مستواهم بل ان نتمنى زوال ما عندهم وهذه غيرة مرضية يجب معالجتها فالغيرة نار تأكل صاحبها..
وفي سياق متصل يقول ان الغيرة هي شعور مثله مثل كثير من المشاعر والأحاسيس ولكنه شعور مؤلم إذا تعدى حده وزاد عنه .
|
|
|