الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصــــــايـــد ليـــــــل 】✿.. > …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«…
 

…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. }

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-15-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 2 يوم (06:13 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11618
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي ذات مقيدة حول عنق إمرأة /44



بسم الله الرحمن الرحيم
تَوَكَّلتُ على الله

الجزء الرَّابع و الأَرْبعون

الفَصْل الأَوَّل

اطْمَأَنَّت على خُروج ابْنتها للعَمَل ثُمَّ أَسْرَعَت صاعِدة للأعْلى..حَيْثُ اتَّجَهت إلى غُرْفة نَوْم ابْنها و زَوْجته..دَلَفت بملامح اكْتَساها إرْهاقٌ كَئيب،يَبْعَثُ الوِحْشة في نَفْسِ كُل عَيْنٍ تُبْصِر وَجْهها..اقْتَرَبت من السَّرير المُحْتَضِن جَسَد ابْنها السَّاكِن،جَلَسَت بجانبه مع امْتداد يَدَها الحَنون لرأسه،لتُكْمِل أَناملها نَوْحَها الصَّامت المَبْثوث بين خصلاته..،أتاها هَمْسُ حُور المَبْحوح،:عَمّتي روحي نامي،عيونش ما غَطَّت من أمس
نَطَقَت تَسْرد لها حَكايا أَوْجاعٍ نَمَت و تَكَاثَرَت في رُوحها قُيودٌ تَمْنَعُ الرَّاحة من الْتباسها..،:وين يجيني النُّوم و عيوني الثّنتين عمتهم الدّنيا من بلاويها
عَقَّبَت حُور و التي كانت تَجْلُس على الجانب الآخر من السَّرير،:الحمد لله عَمّتي..هذي هي مَلاك تحَسَّنت و رجعت لشغلها "حَرَّكَت بَصرها لزَوْجها الغافي مع وَجَعه لتُرْدِف بتَهَدُّج" ووإن شاء الله يُوسف يقوم بالسَّلامـ ـة
تَمْتَمَت و هي تَتَشَرَّب دَمْعها المَثْكول بمنديل أَبْيَض تَمَنَّت لو يُزيح السَّواد الغاشي حَياتهم،:إن شاء الله..الله يسمع منش
وَقَفَت حُور ثُمَّ خَطَت لجِهة جُلوس عَمَّتها قائلة بلُطف،:عَمَّه قومي ارتاحي عشان خاطري "أَمْسَكَت بكَتفها شادَّةً عَليه بمَلَق و هي تُكْمل" مو ضروري تنامين..بس تمددين جسمش و تريحين راسش
غادَرَت يَدُها شَعْرَ يُوسف حتَّى اسْتَقْرَّت في حظْنها لتُعَقّب بتَرَدّد احْتَكَرَ حَواسها و عَيْناها تُلازِمانِه،:ابي اتطمن عليه..ابي اكون عنده اذا قعد
ابْتسامة صَغيرة شَدَّت شَفَتيها لتَنْثر بضع زَخَّات اطْمئنان على قَلْب أُمومتها المُثْقَل من قَلَق،:تطمني أنا وياه..و أوَّل ما يوعى بناديش..بس إنتِ روحي ريحي و لو لساعة
هَزَّت رأسها باقْتناع و هي التي نال من عَضَلاتها أَلَمٌ أَثْقَلَ حَرَكَتها،و كَأنَّ شَلَلٌ نَفْسي يُهَدّد أَطْرافها..هي فعلاً تَحْتاج لِراحة بها تَسْتَعيد قُوَّتها التي ذَوَت بل نُحِرَت عندما أَقْبَل والد حُور و معه حارس المَنْزل و بين ذراعيهما يُوسف بلا حَوْل و لا قُوَّة..و كأَنَّهما مُقْبِلان ببقايا يُوسف..بجِثَّة هامِدة انْفَصَلَت عنها الرُّوح..،انْحَنَت عَليه لاثِمة جَبينه المُغضَّن،و لَيْتَها بقُبْلَتِها تَهْديه مَلامح ابْتسامة ليَرْتَديها وَجْهه المَأهُول بَشعْبٍ من تَعَب..،وَقَفَت و هي تَقول بتَذْكير،:يُمَّه حُور من يفتح عيونه ناديني..ابي اتأكد إنه بخير
هَزَّت رأسها بأدَب،:ما عليه عَمّتي..بناديش لا تحاتين
أَلْقَت عَليه نَظْرة حَنُونة مُشَبَّعة بكمَدٍ مُخْتَنِق قَبْلَ أن تَتَرك الغُرْفة ليَخْلو جَسَدَهُ النَّائِم مع زَوْجته..تِلك الحُور التي أَغْرَقَها حالهُ المُفْزِع..عادت للسَّرير و بخفَّة اسْتَلْقَت بجانبه..بالْتصاقٍ أَشْبَه بالإلْتجاء..طَيْرٌ هي و هو مَدينة الدّفء التي تُذيب جَليد الخَوْف المُتَكَلّس في رُوحها..و هي أَيْضاً كانت دِفْؤه..شَمْسُ أَمَله المُطِلّة عليه من ثُقْبٍ صَغير مَنْسي في ذاته..نَسَته مصائب الدُّنيا و لم تَرْدمه..بَقيَ مَعْبَراً يَلِج منهُ ضَوْءَها المُشِع و نَسائم رَبيعها السَّرْمَدي..لكن أَسَفَاً أنَّ ذاته المُقَيَّدة ببلاءٍ لا يُسْتراح منه تُشَوّه جَمالها الفِطْري..تَقْتَلعه بمَخالب أَمْراضها،تُقَطّعه و تَنْحت فيهِ جِراحاً لا تُشْفى..ذاته و بجُنون تَفْني ذاتها المُتَسَرْبِلة بأمَلٍ هَش..،كانت مُضَّجِعة على يَمينها سامِحة لعَيْنيها أن تَتَأَمَّلانه بوُضوح..هُو كان مُسْتَلْقِياً على ظَهْره و وَجْهُه يُطالع ناحيتها..يَدُها المُحْتَفِظة ببقايا ارْتعاشات الأَمْس ارْتَفَعت إلى صَدْره..مَسَحت عليه بخفَّة كأَنَّما تُقَبّله بأناملها،و تُزيح عَنه غُبار آلامٍ صَعَّبت عَليه جَرَّ النَّفَس..أَغْمَضَت و هي تَسْتَنْشق نَفَسَاً مُتَخَبّط امْتَزَجَت معهُ ذِكْريات السَّاعات الماضية..اسْتَنْشَقَت ليَتَضَخَّم قَلْبُها من صُور باغتت نَبَضاتها..كيف كان يَرْتَجِف و العَرَقُ يُغْرقه..ضَياعُ عَدَسَتيه و تَصَدُّعات الأَلم على جَبينه..تِلك الدَّمعة التي هَرَبَت من عَيْنه..لا زالَ وَجَعُها مَحْشوراً بين خُطوط يَدها..لا تدري كيف اسْتطاعت أن تَقِف على قَدَميها بعد أن نَطَقَ بكلماته..تلك الكَلمات التي مَرَقَت غِشاء صَبْرها حتى أَمْسَت عارِية من صَبْر..نالَ منها الهَلَع و فَرَّت كما طَيْر يَبْحَثُ عن طَريق نَجاة من طُوفانٍ مُبْهَم...."مو قادر اتحرك"..."ما شــوف"..كيف لا يَرَى ؟ بل لماذا لا يَرى ! عَيْناه سَليمتان..عَيْناكَ سَليمتان يُوسف لم تُحاربهما دُنياك الظَّالمة..كيف لكَ أن لا ترى ؟ قَدَماها حَمَلَتها لخارج المَكْتب حيثُ بدَأت تُنادي بصَوْت مَثْقوب..تُخْتَزَل منهُ أَنْفاسها..تُنادي مُطالِبةً بمُعين..يَنْتَشِل زَوْجها من مُحيطٍ أَسْود تَفُوح من مياهه رائحة مُريبة..تُحَذّر رُوحها من بلاءٍ خَفَي..،لا تَدري كيف سَمعها والدها و ظَهَر مُلَبّياً نِداءها..رَفَع جَسَد يُوسف بمُساعدة يَداها المُنْتَحِبَتَيْن و هي تَهْمس لهُ بجَزَع،:يُبـ ـه عيونـ ـه..عيونــه ما يشـ ـوف !
الدّقائق التي حَمَلتهم للمَنْزل كانت طَويـلة و مُوْحِشة..يَحُفَّها القَلَق من كُل حَدْبٍ و صَوْب..وَصَلوا ليَقْتَرب الحارس مُساعداً أباها لنَقْل يُوسف للغُرْفة..حُيْثُ على سَريره عايَنهُ طَبيبٌ حادَثَهُ والدها و هم في الطَّريق..قالَ كَلمات أثارت غَيْظها لأنَّها لم تُصْمِت زَعيق خَوْفها..بهُدوء هُو أَقْرَب للبرود،:عيونه سليمة و مافيها خلل..قد يَكون آثار جانبية من الدوا..فترة و تروح
فقط..هذا الذي نَطَقَ بهِ قَبْل أن يُغادر المَنْزل بحَقيبته التي لم يَفْتَحها ! و كأنَّها تَقْليدٌ هَرِم لا يَسْتطيع الأطِبّاء أن يَثوروا عليه..،أَعْصابُ حِسّها الواعية بين طَيّات كَفّها اسْتَشْعَرَت حَرَكة خَفيفة مِنه..فَتَحَت عَيْنَيْها بلَهْفة رَفْرَفَت وَسَطَهُما..لَهْفَةٌ تُنادي صَحْوَته و تَدْعو سِرّاً أن يَكُون السُّقْم قد حَرَّره..،رَفَعت جَسَدها قَليلاً لتَقْتَرِب أَكْثَر مما جَعَل خُصْلاتها تُداعب كَتِفه و جانب من عُنُقِه..هَمَسَت و هي تُراقب تَصافق أَهْدابه الأَشْبه برَفْرفة سَعفُ نَخْلة مُدَمَّرة،:يُوســف
ارْتَفَعت يَدُها لخَدّه المُشْعر،حَرَّكت أَناملها بخفَّة و كأنَّها تُنْعِشه..بَصَرُها من خَلْف ضَباب الدَّمع كان يُراقب عَيْناه بدِقَّة،مُنَبّشاً عن ذلك الضَّرر الذي أَفْزَعه و أَفْزَعها..ارْتَفَعَ جِفْناه ببطء،و بارْتفاعهما حَيّا وَجْهها المَشْدوه لسَكَناته..حَرَّكَ عَدَستاه بهُدوء حتى اسْتَقَرَّتا على ذِقْنها..بَقِي لثَوانٍ يُناظره و هي تَشْعُر بنَبَضاتها تَكاد تَمْرق حجرات قَلْبها..رَمَشَت مَرَّتان مُتتاليتان تُقاوم الدَّمْع الذي وَخَزَ مُقْلَتيها،بانَ قَوْسَ البُكاء على شَفَتيها..كانت أَلْوانه السَّبْعة سَوادٌ مُطْمَس و بعضاً من الرَّمادية الكَئيبة..قَوْسٌ يُنْذِر بأمْطار مالِحة تُسَمّم الأَرْض و تُحيلها جَفافاً تَمُوت منهُ الحَياة..غَشاوة الدّمع لم تَمْنَع بَصَرها الحَديد من رُؤية عَدَستاه اللتَّان حَطَّتا على شَفَتيها..لَحَظات و عانَقَتهما إبْهامه عِناق قُبْلة آسِفة..و بِبحَّة مُرْهَقة حَدَّ تَمنّي المَوْت،:حَــ ـرام تظلين مسجونة مع واحد ما يعرف يرسم البَسْمـ ـة على شفايفش
لم تَحْتَمِل و القُوَّة الهَشَّة التي كانت تُمْسِك بها تَناثَرت تُراباً لا يُلْتَقَط..انْهارت بلا قُدْرة على صَدْره و صَوْتُ بُكاؤها يَعْلو بِشَجَنٍ الْتوى منهُ عِرْق في قَلْبه..بُكاء تَعَب و ساعات خَوْف كانت كما مقْصلة إعْدام..شَهَقَاتها تَقْتَطِع أَنْفاسه..تَصْفَع وَعْيه المُهْتَرئ و تَنْغَرِس سِهام وَسَط جِراح رُوحه المَفْتوحة..آهٌ من بُكائكِ حُور..يَزْرعُ فيّ أَشْجاراً لها ثِمارٌ طَلْعها كما ابْتسامات عابِسة..تُوَشْوش لذاتي أن كَفاني مآسي..اكْتَفَيتُ حُزْناً..و شابَ فَرَحي من كَمَدٍ عَجُوز أَثْقَل كاهلي..،بكفّه المَريضة مَسَحَ على شَعْرها و هُو يُدير وَجْهه لوَجْهها المَدْفون في كَتِفه،حَيْثُ هُناك سَكَبَت مُعَلَّقات لَوْعاتها و أَسَاها عَليه..بكفّه الأخْرى أَزاح خُصلاتها عن جانب وَجْهها قَبْلَ أن يَسْمَح لشَفَتيه بمُلامسة فَيْضها..بخُفوت نَطَق راجِياً،:خَلاص حُور..بس..عَوَّرتين قلبي
تَنَشَّقَت بتَقَطُّع و هي تَرْفَع رأسها قَليلاً و يَدُها تُجَفّف صَبيبها المُتواصل..هَمَسَت بملامح مُنْكَمِشة،:غصْباً عـ ـلي..والله "مَسَّت أَسْفَل عَيْنه بخفَّة مُطالبة بتأكيد" تشوفني عدل يوسف ؟
ابْتسامة صَغيرة لاحت لها على شَفَتيه الجافَّتين و هو يُجيب بخُمول،:ايــه اشوف..اشوفش عدل
زَفَرتَ بارْتعاش و من عُمْق جَواها ارْتَفَع هَمْسُها و الدُّموع هَلاهل تَزُفّه،:الحمْد لله..الحمْد لله ياربي
كما طِفْلة اسْتَقَرَّت يَدَها على عَيْنها و الإرْتعاشات تَشْخَب من ذِقْنها..كانت طِفْلة و هو الذي نَهَبَ سَعادتها..ثَلاثُ سَنوات حُور..ثَلاثُ سَنوات لو قَضَتها أُنوثتكِ مع رَجُلٍ غَيْري لرُبَّما كَنْتِ الآن ماما ! لكنّكِ أَسَفاً سُجِنتِ بين مَتَاهات ذاتي المُشَوَّهة..،أَفْرَغَ تَنْهيدة من صَدْره المُثْقَل بكُل معاني الحُزْن المَوْجود في هذه الدّنيا..هَمَسَ يَبُوح لها بأُمْنيته،:يا ليت ياخذني المُوت عشان تقدرين تعيشين ويا اللي يسعدش
شَهْقة خافِتة فَرَّت من حَنْجرتها و من عَيْنيها فَرَّ عِتابٌ مُحِب..هَمَسَت من بين غَصَّاتها،:اسم الله عليك و حـ ـرام عليك..يعني عادي يمتلكني غيـ ـرك ؟
أَجابها يَنْكأ جِرْحه قَبْلَ أن يَفْتَح وَسَطَ رُوحها جِراحا،:ايــه..إذا عشان سعادتش ايــه عادي
أَخْفَضَت يَدها مُعقّبة بحدّة وَهِنة،:بس انا مابي غيرك يُوسف..أرجوك لا تقول هالحجي مرة ثانية
تَصَدَّعت مَلامحه ناطِقاً بغموض،:ما كنت ابي ابهذلش معاي..بـــس !
ابْتَعَدت عنه لتَقُول بضيق بانت آثاره حَوْل عَيْنيها الرَّطبتين،:يُوسف أرجوك لا تكمل..اذا ما تبي تضايقني لا تقول هالحجي مرّة ثانية
مَرَّت دَقيقة صَمْت احْتَفَظَ فيها يُوسف ببقيّة بَوْحه الذي تَضيق منهُ نَفْس حُور الرَّاضية بَقَدرها..بابْتسامة راضية به..رَتَّبَت شَعْرها و هي تقف ليَتساءل،:وين بتروحين ؟
وَضَّحت،:بروح لأمّك..المسكينة من أمس قاعدة تحاتيك..بالغصب من شوي رضت تقوم ترتاح
أَمْسَكَ ذراعها و هو يَقول،:خَلّها ما دام توها رايحة..خل تريّح و بعدين تشوفني "جَلَسَت ليُرْدف باسْتفسار" قولي لي شلون جبتيني البيت ؟



ماضٍ

شَيءٌ من حَنينٌ إليها داعبَ جَواه..رُبَّما من الضَّجر الحائِم حَوْل حَواسه..يُريدُ أن يَحْكي لأحَدِهم،أن يَبُوح و يُفْرِغ ما بداخله..يَحْكي دون أن تُقْتَطَع كلماته..و دون أن تُوَجَّه لهُ نَصائح هُو يَعْرفها..ببساطة يُريد من يَسْمعه بصَمْت..أو..ليَكُون صادِقاً مع نَفْسه..يُريد من يُناقشه..لكن نِقاشاً بَريئـــاً..يَخْلو من فَلْسَفة البَشَر..،لذلك اتَّصَل لأبيها يَطْلب منهُ إذْناً لتُرافقه إلى البَحْر..انْتَظَر حتى بَهَتَ ضَيُّ الشَّمْس و خَفَّ لَهيبُها ثُمَّ اتَّجَه لمَنْزِلَهم القَريب مَشْياً على الأَقْدام..تَجَاوزَ البَاب الخارجي قاطِعاً الحَديقة الصَّغيرة ناحية الباب الداخلي..تَوَقَّفَ أمامه ثُمَّ طَرَق الجَرس بملامح مُتَرَقّبة..ثَوانٍ و مالتَ شَفَتاه تَرْسِمان ابْتسِامة صافِية إثْر ارْتفاع صَوْت يَعْشَقه من خَلْف الباب..تَرَاجع خُطْوة للخلف مع انْفتاحه كاشِفاً عن جَسَدها الصَّغير الذي أتاهُ مُسْرعاً بذراعين مُشَرَّعتين..تُطالبان باحْتضان اشْتقاتهُ ذاته المَعْلولة،بَصوْتها الحَبيب صَرَخت فَرِحة،:طَــلاااال وصـــل
تَلَقَّفها بخفَّة و هو يَضُمّها لصَدْره و ابْتسامته صَيَّرها قُرْبها ضِحْكة نَحَّت العُبوس عنه لتَحْتَكِر حَواسه..،قَبَّلَ خَدَّيها ثُمَّ هَمَسَ بمُشاكسة،:وحشتيني يالنتفة..وين إنتِ،مسافرة و أنا مادري ؟
اتَّسَعَت عَيْناها و من بَيْنِهما لَمَحَ نُجوماً تُوْمض بالأَمل..صَحَّحت لهُ ببراءتها التي جاء لأجْلها..،:لااا ما سافرت..أنا اهني في البيـــت
تَساءَلَ بحَماس،:زيــن مستعدة للبحر ؟
هَزَّت رأسها و هي تَضْحَك و السَّعادة تُحَلّق حَماماً أَبْيَضاً بين طَيَّات ملامحها النّاعمة،:ايــــه مستعدة
،:انْتبه لها يا طلال
مالَ رأسه قَليلاً يَنْظُر لناصر الواقف قُرْب الباب ليُجيب بثقة،:في عُيوني..لا تخاف عليها
اسْتدار ناصر للخَلْف للثوانٍ و كأنَّهُ يَسْتَمِع لأحَدهم قَبْل أن يَعود لطلال و هو يَقول بابْتسامة،:أمها تقول لك لا تدخلها البَحر..من بعيد لبعيد
جَنَحَ بجسده للأمام رافِعاً صَوْته ليَقُول بمُزاح،:يا أم فيصل ترى جذي تخوفونها..خلوها تتشَجَّع و تتعود على السباحة
أتاهُ صَوْتها البَعيد بعَدَم اقْتناع،:إذا كبرت تتعود..اللحين لا،توها صغيرة
بإٍسْتئذان،:زيـن يصير بس انَّقِع ريولنا ؟
صَمَتت للحظات ثُمَّ أجابت،:شوي بس..و لا تترك ايدها
أَوْمأ برأسه و كأنَّها تَراه و هو يُجيب بأدَب،:على أمرش
اعْتَدَل في وُقوفه مُسْتَعِدّاً للتَحَرّك،لكن يد ناصر التي امْتَدَّت إليه أَوْقَفَته..قال وهو يُشير برأسه للمفتاح،:خذ روح بسيارتي بدل ما تمشون
هَزَّ رأسه رافِضاً،:لا مايحتاي..البحر قريب،خطوتين بس
باعْتراض،:جذي بتتعب بنتي من المشي
ابْتَسَمَ لهُ و هو يُقَرّب نُور من صَدْره أَكْثَر،:هذا أنا حاملها..ما بتمشي و لا بتتعب
و هو يَسْتَعِد لإغْلاق الباب،:زين تحمَّل "أَرْدَفُ يُحادث صَغيرته" بابا نُور حاسبي و لا تروحين بروحش صوب البحر
هَزَّت رأسها بطاعة،:اووكــي "لَوَّحت لهُ بكَفَّها و بابْتسامة واسِعة" بــاااي بابا
ضَحَكَ لها بحُب عَميـق،:مع السلامة يا عُمري
اسْتَدَار طَلال مُبْتَعِداً بعد أن وَدَّعت الطّفلة والدُها..عَلَّق،:عــاد اللحين و هم يودعونش كأن بنسافر..ما كأن بنروح البحر اللي ورا البيت !
ضَحَكَت و هي التي لم تَسْتَوْعب مَزْحته..أَكْمَل بتساؤل،:شنو بتسوين هناك ؟ بتصيدين سَمج ؟
نَفَت بسُرْعة،:لااا ما اعرف اصيد سمج..بلعب في الرّمل "أَرْجَعَت ذراعيها للخَلْف تَشْرَح كلماتها" ببني بيت كَبيـــــر
،:و حق من هالبيت ؟
ببساطة أَجابت،:حقي "مال رأسها بنعومة مع مَس أناملها لشَفَتيها مُرْدِفة بتساؤل خَجِل" عادي يصير حقك بعد ؟
تَبَاطأت خُطواته مَشْدوهاً لسؤالها البَرَيء..مَنْزلٌ لها و له ؟ لهما وَحْدَهُما ليُغْمرهما بدفءٍ تَطيب منهُ الرُّوح و تُشْفى..مَنزْلٌ يَأويه إذا فَرَّ هارِباً من هُجوم دُنيا غازِية..تَغْزوه مَدى الدُّهور،رافِضةً فَكَّ أَسْر فَرَحه و راحته..هُو مُكَبَّل الفَرح و الحُزْنُ قد جَرى فيهِ دَماً مُلَوَّثَاً..رُبما يا صَغيرتي مَنْزلِكُ الرَّمْلي هُو الخَلاص و الإسْتقلال..،تَوَقَّفَ عندما لاَحَ لهما الشّاطئ الهادئ نِسْبياً من الناس..اقْتَرَب أكْثَر ليَخْتار بُقْعة مُعَيّنة تَحْويهما..أَنْزلها على الرَّمل ثُمَّ اسْتَقَرَّ برُكْبَتيه فَوْقه ليُقابل قامَتها القَصيرة..شَدَّ على كَتِفَيها بوْد و رَمَادِيَّتاه تَطُوفان عَيْناها ذوات الأَهْداب المَعْقوفة..هَمَسَ و اُمْنية تُداعب خَلَجاته،:ايــه يصير..بيتش هو بيتي
ابْتَسَمَت لهُ برِضا قبْلَ أن تَجْلس لتَبْدأ لَعِبها تَحت فَوْجٌ من أَنْظار هائِمة..لطالما تَساءل في داخله...نَبَّشَ و بَحَثَ في جَوْفه عن سَبَبَ تَعَلُّقه بها..كان يَقِف حائِراً بين ابْتسامتها المُنْتَشِية أَمَلاً و بين بَرَاءتها التي تَغْرس الرَّبيع في ذاته..لكن تَأتيه عَيْناها..نافذتا الأَمَل و المَعْبَر إلى جِنانٍ يُحَرَّم على الخَريف اجْتياز أَسْوارها..تأتيه و تُضَعّف حيرته،و تُوَسّع حَجْم الدَّائرة التي تُحيط به..دائرة الهُيام في النُّور..ليَتَيَقَّن أنَّ الْتفات الجَوى إليها سِرٌّ من أَسْرار الحَياة..،نَطَقَ بلا مُقَدّمات،و بصوتٍ الْتَحَفَ برياح شتْوية كَئيبة،:اليوم حفلة تخرّج رائد
نَظَرَت إليه للحظات قَبْل تَعود لانْدماجها و هي تَتَساءل،:يعني شنو ؟
ابْتَسَم بخفَّة و هي يَعْتَدِل في جُلوسه..مَدَّد ساقيه مُتَّكِئاً على جانبه الأيْسر مع اسْتقرار مِرْفقه على الرّمال ليَسْتقِر بيده على خَدّه..أَجاب يَشْرَح لها،:يعني بس خَلَّص مدرسة
تَوَقَّفَت يَداها عن الحَرَكة و هي تَرْفَع رأسها إليه بفم فاغِر و حَدَقَتان تَتَلألَلآن ذُهولا..اسْتَفْسَرَت باهْتمام،:يعني بس خلاص ما يروح المدرسة ؟
حَرَّكَ رأسه بالنّفي،:لا ما يروح..اللحين بيروح الجامعة
اَطْبَقَت شَفَتيها من هذا المُصْطَلح الغَريب..تَعْتَقِد أَنَّها سَمِعَتهُ من قَبْل،لكن عَقْلها لا يَجِد بين مَعْلوماته البَسيطة تَفْسيراً له..هُو الذي رأى الحيرة تَطوف مَدائِنها الجَميلة أَكْمَلَ بتَوْضيح يَسْتوعبه عَقْلها،:هذي الجامعة نفس المدرسة بس كَبيــرة..يعني إذا هو يبي يصير رَسَّام،الجامعة تعلمه عشان يشتغل
مالَ رأسها مُسْتَفْسِرة باهْتمام،:إنت بعد بتروح الماجعة ؟
اعْتَلَت ضِحْكته لنُطْقها الخاطئ و اللَّطيف،ابْتَسَمت بحَرَج و هي تَضرب كَتفه تُريده أن يَتَوَقَّف عن الضَّحِك،:طــلااال ما يضحـــك
اسْتَجاب لها مُصَيّراً الضّحكة ابْتسامة واسِعة و هو يُصَحّح لها،:اسمها جامعة..مو ماجعة
تَجاهلت سُخريته مُعيدةً سُؤالها،:انزيــن إنت بتروح بعد ؟
تَقَلَّصَت البَسْمة و في العَيْن لَوَّحَت دَمْعة..أَبْعَدَ عَدَسَتيه عَنها للبَحْر المُمْتَد بإسْهاب خَلْفَها..كانت أَمْواجه هادِئة،تَعزِف مُوسيقى بألْحان حَزينة..و كأنَّها تَسْرد قصَّته المَعْقودة بالخَسَارة..أغْمَضَ للحظات و من صَدْره تَشَعَّبَت تَنْهيدة طَويلة مُذَيَّلة بآه مُخْتَنِقة..مُذ حُرِمَ من العِلْم مُخْتَنِقة..نَظَرَ لها و الأسَى تَبَنَّى من البَحْر أَمْواجه لتُلازم عَيْنيه،و بهَمْسٍ آسِف،:لا ما بروح
و اهْتمامها يُريد جَوابا،:ليش ؟
لماذا ؟ أَطْبَقَ شَفَتيه و الكَلِمات تَتَطاير بفِرارٍ من حَنْجَرته الصَّدِئة..نَقَلَ بَصره على ملامحها المَشْدوهة إليه،المُنْتَظِرة جَواب يُشْبِع عَقْلها البَريء..ماذا أُخْبركِ صَغيرتي ؟ أَخْشى أن تُشَوّه مآسي طُفولتي طُفولتكِ الحَديثة..و أن يَطْمِسَ غَبَشُ رُوحي رُوحكِ المُتَسَرْبِلة بالبياض..،أَيَتّسع بَحْرُ عَيْنَيكِ لبُكائي الصَّامت ؟ لنَوْحي و أَنَّاتي التي أَبْكَمها ظُلْم أُخْتي..تَوَسَّلتُ لها،قَبَّلتُ يَدَها و اَفْرَغتُ عَباباً من دُموع راجِية..أُريدُ مَدْرَستي..اُريدُ أن أُداوي ذاتي الفاقِدة أُمّي..أُريدُ أن أَمْضي نَحَو مُسْتَقْبَلٍ أَنْقى،هُو طاهِرٌ من سُموم دُنيا قاسية..لكنَّها رَفَضَت..بقَلْبٍ مَيّت قَطَّعَت كُتبي..كَسَّرَت أَقْلامي و لم تُزَرّر قَميصي..هي صَمَّت ضَميرها عن حَديثٌ سَماوي يُحَذّر،فأمَّا اليَتيم فلا تَقْهر..لكنَّها أَطاعت شَيْطانها و قَهَرت أَحْلامي..،رَمَشَ بخفَّة مُسْتَشْعِراً بملئ حَواسه لمْسَة رَقيقة لخَدّه لم تَكُن سوى يَدَها الصَّغيرة..نَطَقَت بحاجبان عَرَّجهما القَلَق،:طلال ليش تصيـح؟
انْقَبَضَ قَلْبه لسُؤالها..إلهى لقد بَكى..دُون أن يَشْعر بَكى ! و كأنَّ الدَّمْعة كانت تَرْجُمان لنَوْحه الأبْكَم،المُنْطَوي في زاوية ذاته الفاقِدة..،اعْتَدَلَ في جُلوسه مما جَعَلها تُخْفِض يَدَها لتَرْتَفع كَفّه إلى خَدّه يتَحَسَّس آثار انْكساره..حاول أن يَبْتَسِم ليُزيح الضّيق الذي نال منها..و بضِحْكة قال،:هذا رمل دخل في عيوني و دمَّعَت "أَرْدَفَ و هو يُبَعْثِر الرّمال بيَدَيه" بساعدش عشان نخلّص و نروح انَّقع ريولنا في البحر
شاركَها بناء البَيْت الصَّغير المَرْكون على ضِفاف بَحْرٍ يَعْشقه..كم هُو مَحْظوظ،فأنامل صَغيرته تُحيك لهُ مَأوى يُولّي وجهه شَطْر رَفيق دَرْبه و حافظ أَسْرار جُروحه..،أَنْهيا بناءَهما البَسيط بعد دقائق، و من ثُمَّ اقْتَرَبا من البَحْر لتُداعب أَمْواجه أَقْدامهما الحافية..ضَحَكَت بسعادة و صَوْتُها يَصْدَح في الأَرْجاء،:الماي يَدَلْدِغ طَـــلااال
تَرَدَّدت ضِحْكته من بين تَصَدُّعات ضَجَره..اعْتَلَت و شارَكَت الشَّمْس نُورها،و الْتَقَطَها الهَواء ليَشْدو بها و البَحْرُ ابْتَلَعها مُتَذَوّقاً سَعَادتها المُؤقَّتة..،تَلَقَّفَ نُور ليُسْكِنها بين ذراعيه و هو يقول بحماس مُشيراً برأسه جِهَة مَغيب الشَّمْس،:شوفي الشمس بتروح بيتهم..أودّيش لها ؟
الإنْبهار أَحاط بوجْهها و هي تَتساءل،:ِشلووون ؟
أجاب،:جــذي
بخفَّة قَلَبها على بَطْنها مُهَدْهِداً جَسَدَها ناحِية الشَّمْس و كأَنَّهُ سيُلْقِها إليها و صَوْتُ ضِحْكَتها قَد تَبَسَّمَت لهُ السَّماء و هَتَفت لأَجْله نُجوماً مُطْفَأة..بين بَحْرٍ..أَرْضٍ..سَماء و رِمال كان يَدور بجَسَدها و الذّكْرى تَلْتَقِط رَفَرَفة خصلاتها النّاعمة..ضحكاتها و بَريق عَيْنيها السَّاحرتين..و لم تَنْسَ أن تَلْتَقط معهم تلك الفَرْحة التي نَبَتَت بين روحه و قَلْبه..أَتاها و هو مُتَيَقّن بأنَّهُ سَيَجِد النِسيان بين سَكَناتها البَريئة..فهذه الطّفْلة قُدّر لها أن تَمْسَح بطُهْرها شوائب حُزْنه السَّرْمدي..،تَوَقَّفَ أَخيراً بأنْفاس لاهِثة..مال رأَسها على كَتِفه بإعياء بَسيط و بضِحْكة ،:طلاال المكان يدوور
رَفَع رأسها ليُناظرها و بتساؤل،:تبين بعد ؟
حَرَّكَت رأسها بالنفي ،:لا خلاص تعبت
داعَب أَنْفها الصَّغير بأنفه و هو يهمس بحَنان رَقيق،:يا عُمري التعبانين "قَبَّل جَبينها قَبْلَ أن يُرْدِف بحُب تَمَكَّن من كيانه و عَيْناه تُناغي عَيْنيها" سلامتش من التعب يا بعد قَلْبــي

،

انْتَهَت الذّكْرى العابرة مَسالك رُوحها و هي واقفة أمام حَقيبة السَّفَر،بين يَدَيها القارب الذي أَبْحَرَ بها لذلك اليَوم..كانت ابْنة السَّابعة حينها،و عَقْلُها المُقْتات على اللَّعِب صَدَّقَ كِذْبة الرَّمل المُباغت عَيْنه،لكن بعد سَنين عَلِمَت أنَّ الدَّمْعة تلك كانت بداية لبُكاءٍ مُصْمَت على أَحْلامٍ تَهَشَّمَت بين يَدي أَخوات..،هُو كان يَكْبُر رائد بعامان..فَلو كانت حَياته تَسيرُ إلى بَرّ الأمان لكان أَنْهى دراسته قَبْله و الْتَحَقَ بالجامعة..لكن أَسَفاً أنَّهُ حُكِمَ عَليه بالسّجن مَدى الدّهر مع الأَعْمال الشَّاقَّة..لطالما تَساءَلت..هل رَسَمَ في مُخَيّلته مِهْنة يَحْلُم بتَقَلّدها مُسْتَقْبَلاً ؟ أم أنَّ البَحْر و الخَوْض فيه هو حُلْمه الأزَلي ؟ زَمَّت شَفَتَيها و الضَّيق يَعْتَريها..اكْتَشَفَت أنَّها لا تعلمُ شَيء عنه،كُل الذي احْتَفَظَت فيه ذكريات بَسيطة لا تُشْبِع اهْتمامها..و تلك الجِراح التي دَرَسَتَها و عايَنَتها عن قُرب،أتَى اليَوم الذي تَنْكَأها و تَذر الملح فَوْقها..سامحكِ الله يا نُور..و كأنَّ قَلْبهُ مَرْتَع لسَفْك الدّماء و نَحْت جِراح أَبَديَّة..لا تُضَمَّد..،رَمَشَت بخفَّة لصَوْت سارة المُتداخل مع حَديث نَفْسها..أَدْخَلَت القارب في الكيس القُماشي الذي احْتوى لُعْبة الطَبيب و هي تَسْمعها تَقول باسْتعجال،:يله نُوور الكل تجمَّع في اللوبي
قالت و هي تُغْلِق الحَقيبة المَحْشورة فيها ملابسها،:أنا جاهزة "أَرْدَفَت و هي تَقْتَرب من المرآة لتَرتدي حجابها" أهم شي جَهَّزت أغراضي..ما بيمديني بعد المُؤتمر
عَقَّبَت بنَبْرة مُبَطَّنة و هي تَرْتَدي حذاءها،:احسش تنتظرين الرجعة على نار
نظَرَت لها من المرآة لتُبْصِر ابْتسامتها الكاشِفة عن مَقْصَدها..بَلَّلت شَفَتيها و هي تُحَرّك عَيْنيها لوَجْهها الجامِد..و بصَوْت ابْتَلَعهُ الغُموض،:ايـــه مستعجلة..ابــي ارْتاح



البَحْرين

جَسَدُها يَرْتَعِد..كأنَّما السَّماء أَرْسَلَت لها سَحَابة سَوْداء لتُعيد إزْهاق أُنُوثتها..تَرتَعِش و اللسان قد شُلَّ من فَزِعها..أَحْداث تلك الليلة بدأت تَحُوم حَوْلها،تُطارد رُوحها التي دَعَت لو يَنْقذها المَوْت من مُصيبة أُخْرى تُحيلها كائناً بكيانٍ مُدَمَّر..،أَدارَ وَجْهها لهُ بالكامل و الصَّدْمة قد اكْتَسَحت وَجْهه..ليس قادِراً على اسْتيعاب وُجودها..هي بين ذراعيه تَكاد أن تَقْتُلها سِهام الخَوف..و هي التي أَتَت لطَعْن ظَهْره..هَمَسَ و حاجباه عَلَّاهما عَدَم التَّصْديق،:ليـــش !
أَغْمَضَت عَيْنيها بإعْياء عندما صَفَعها هَمْسهُ الجَليدي..ارْتَعَشَت شَفاهها و الدَّمع منها قَد اسْتوى نيران أَشْعَلت وَجْنَتيها..هَمَست و هي تُشيح وَجْهها عنه و بوَهْن تُحاول أن تَتَحَرَّر من ذراعيه،:لا تلمسـ ـنـ ـي
اسْتَجَاب بَشَكِل عَكْسي لطَلَبِها شادّاً بذراعيه على خِصْرها ليَرْفَعها أكْثَر إليه..نَطَقَ و عَيْناه تَتَخَبَّطان على مَلامحه تَبْحَثان عن سَببٍ يَجْتَرعه عَقْله..سَببٌ تُبَرَّر به الجَريمة التي كانت تَنْوي خيانته بها..،:كنتِ تبين تذبحيني ؟ ليـــش ؟ "حَرّكَ رأسه بلا اسْتيعاب مُرْدِفاً" كنتِ مُشْفق عليش..و قلت بساعدش..هذا جزاي !
حَرَّكَت رأسه بالنّفي رافِضة حَديثه..هَمَسَت بغَصَّة عَقَدَت حَنْجَرَتها و لم تُحَل،:إنْت مثلهـ ـم..مُجْرم "ضَرَبَت صَدْره بقَبْضَتها الضَّعِيفة مُرْدِفة" اتركنـ ـي
أَطْبَقَ شَفَتَيه لثَوانٍ مع انْحراف عَيْنيه لمَواضِع يَعْلمُ جَيّداً مَدَى تَأثيرها على الأُنْثى..كيف و إن كانت أُنوثتها مُشَيَّعة حَديثاً ! هي انْتَبَهَت لنظراته التي طالتها بجُرْأة صَعَقَت قَلْبها..نَبَضاتها اَصابها مَسٌّ أَجَنَّها.. و أَنْفاسُها اسْتَوَت صَياخيد تَفُر من صَدْرها بَعْد أن تَضْرم نيراناً لها رائحة نَتِنة..تُنْذِرها باحْتراق الرُّوح ثانيةً..ظَلَّت تُوَجّه لهُ ضَرَباتها المَسْلوبة القُوى دُون أن تُحَرّك منهُ شَعَرة..كان صَلْداً كما جَبَل يَحْجِب عنها طَريقُ النَّجاة..،لا يَدْري كيف مالت شَفَتاه لتُرْسِمان ابْتسامة شَيطانية تُهَدّد بجُرْمٍ قَريب..ارْتَفَع حاجبه و هو يَهْمس بكلمات مَرَق مَعْناها صَدْرها حتى خُيّلَ لها أنَّ قَلْبها انْشَطَر نِصْفان،:ايـــه أنا مثلهم..و لأني مثلهم ما بتركش تروحين بدون مُقابل
تَجَمَّدَ الدَّمُ في عُروقِها حتى تَصَلَّبَت أَطْرافها..لم تَعُد تَشْعُر بشيء..تُحاول أن تُحَرّك قَدَميها..يَديها و رأسها..لكنَّها فَقَدت السَّيْطَرة على جَسَدها..حتَّى أنَّ أُذنها صُمَّت و لم تَسْتَمِع لأصْوات السَّيارات التي تَوَقَّفَت أمام المَرْأب..،هُو كان مُنْتَبِهاً لكُل حَرَكة و صَوْت من حَوْله..كما أَنَّهُ كان مُنْتَبِهاً لاضْمِحْلال القوَّة من جَسَدها الذي بات هُلامياً بين ذارعيه..يَسْتَطيع التَّحَكُّم بهِ كيف يَشاء..يَدَهُ اقْتَرَبت من عُنُقِها..حاولَت هي أن تُحَرّكه لتَنْجو منه لكنَّها لم تَقْدِر..و كأنَّ الشَلَل نالَ من وُجودها..شَهْقَة حادَّة و مُتَهَدّجة اخْتَرقَت حَلْقها عندما اسْتَشْعَرَت لَمْسة كَفّه لعُنقها..قَشْعَريرة باغَتَتها اسْتَلَّت معها فُتات رُوحها..يَدُها القابِضة على صَدْره ارْتَخَت باسْتِسْلام،و أَهْدابها قَد أُسْبِلت لتُنْقِذان عَيْنيها من إبْصار أَعْلامُ الفَجيعة المُرَفْرِفة..أَنْفاسها ذَوَت و خَبَأت نيرانها..ثَوانٍ و مالَ جَسَدها ليَصْطَدِم بصَدْره..و بسُرْعة حَمَلَها بين ذراعيه و هو يُراقب الخُطوات التي بَدأت تَقْتَرب من المَرْأب..كانت نصف دَقيقة تِلك التي فَصَلَت بينه و بين الفَضَيحة..قَبْلَ أن يَدْلف معها إلى الباب القَريب..حيث من خَلْفه يَقْبَع السُلّم الذي يُقودُ إلى شِقّته..،




يتبع




 توقيع : إرتواء نبض




آخر تعديل إرتواء نبض يوم 12-15-2019 في 09:50 PM.
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
/43, مقيدة, الثَّاني, الفَصْل, ذاب, يوم, عنق, إمرأة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضل يوم عرفة εϊз šαđέέм εϊз …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 14 02-15-2009 11:47 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية