التعريف لشاعر الخليج - ابن جدلان

لك الشعر و المعنى و الوصف و تعظيم الله و ترجمان المعاناة و صديق العشاق !

بيشة نيوز ـ خاص ـ إبراهيم الشمراني

رحل سعد بن شارع بن جدلان السعدي الاكلبي شاعر الخليج و ملك الشعر النبطي و المعنى و الموسيقى عاشق البرو الإبل و الصيد .
و من هناك .. من قرب جبل خشيم الذيب تنطلق المعاني الساحرة و تحلق في كل سموات الإبداع .. الرجل الذي استطاع قراءة القلوب و أسرارها رغم انه لم يستطع القراءة و الكتابة !
وفي شمال بيشة في قرية الشقيقة التي نشأ بها مع جماعته بني سعد اكلب ثم انتقل الى قرية الجنينه أجريت معه لقاء صحفيا بمساعدة الصديق محمد حمود الشهراني قبل حوالي عشرين عاما و كان أثناء الحوار و لا زال حتى رحل شاعرا بسيطا جدا في تعامله آية في تواضعه لا تعكس بساطته ما وصل إليه من شهرة , صورناه مع جيبه البترول الأحمر و بيته المتواضع و هو يبتسم كعادته دوما و كان لقاء مميزا نشرته مجلة عالم الرياضة التي كان يشرف على صفحاتها الإعلامي المتميز سعد زهير !

بيشة التي أنصتت لقصيدته الأخيرة و تنهيدته الأصعب ودعته صباح اليوم حزينة مثله لكن محبيه و جماهيره لا زالوا و سيظلون يتذكرون فرداته و تميزه و سيظل العشاق يستشهدون بقصائده و تلميحاته !
حتى الدعاة و طلبة العلم لا يترددون في ترديد قصائده التي تلهج بذكر الله و تقديسه و تعظيمه !

يا ذا الجلال اللي عروشك فوق واملاكك حدر
..............................مهماً تسامت به عروشه مستحيل يطولها

يا حي يا قيّوم يا ذات الأنافة والكبر
..............................ما نافسك في عظمتك مكر العباد وهولها

ولانافسك من عمّر بيوته على سطح القمر
..............................واللّي ترسي فوق أقاليم المياه اسطولها

ولا انته بحاجة من عبد ولا بحاجة من كفر
..............................ولا بحاجة ثابت الدنيا ولا منقولها

أنت السميع لمن حمد وأنت المزيد لمن شكر
..............................واللي ما يشكر نعمة المنعم عليه تزولها

ياذا الجبروت العظيم ويا القدير المقتدر
..............................تفزع لنا في معضلات ما نريس حلولها

تلعب بنا خلاّن فرغتنا كما لعب الكور
..............................أن دبّرت صاحوا لها واليااقبلت صاحوا لها

وان هبنا الطايف بعض الأحيان في فية عصر
..............................شهب الليالي من ورانا يسحبن ذيولها

أنت السلام اللي لك الإسلام وانت المشمخر
..............................اللي عجايب قدرتك في المعجبين ذهولها

سلام يا محمد رسول الله راعي الوجه الأغر
..............................وسلام يا روح ملائكة السما صلّوا لها
سلام يا بو بكر يا عثمان يا علي وعمر
..............................وسلام يا سبع الآفاق أطلالها وسفولها

وسلام يا شمس الضحى تشرق على بر وبحر
..............................تشرق على كل الديار جبالها وسهولها

سلام يا صدق النوى سلام يا وسع الصدر
..............................سلام يا مفتاح بيبان الفرج وقفولها

**
بن جدلان رحمه الله عاش حياته يحمل روح الفنان التي تبحث عن الجمال و منذ انتقل إلى المنطقة الشرقية في صغره والتحق بالحرس الوطني هناك كان ينظم الشعر لكنه لم يبرز إلا في سن العشرين.
و بدايته كانت مع شعر القلطة أولاً و في هذا الشأن يقول الشاعر سلطان الهاجري «كنت أذهب لأي محاورة يشارك فيها ابن جدلان في الدمام أو في الخفجي أو في الرياض.» و لعب بن جدلان مع عمالقة الشعر من أمثال مطلق الثبيتي - جار الله السواط - رشيد الزلامي - فيصل الرياحي - سيف ابن كليفيخ الجروي - عبد الرحمن الشهراني - حبيب العازمي - سلطان الهاجري - محمد السناني - فلاح القرقاح - ابن شايق وغيرهم .
و نشرت قصائده كل مجلات الشعر و استضافته غالبت القنوات المعتمة بالشعر الشعبي !

بل صارت قصائد بن جدلان امثالا تضرب و يستشهد بها أكثر مما يرسلها العاشقون لبعضهم و أهل المعاناة !

يقول ( أبومحمد ) رحمه الله :
ودنا بالطيب مير الدهر جحاد طيب
كلما تخلص مع الناس كنك تغشها

يدك لا مدّت وفا لا تحرّى وش تجيب
كان جاتك سالمه حب يدك وخشّها

كلما شبيت نار المحبه مع حبيب
قام يسحل في مشاهيبها ويرشها

وكلما واجهت لك في الزمن وجه غريب
مثل ماقال المثل دام تمشي مشها

وذمة ماهيب تندار للحق المصيب
جعل قشاش الحطب لا سرح يقتشها

و من نوادره :

والأنانية وحب الذات سوت فوضويّه
في طلوع وفي نزول وفي عمار وفي قضاضي

والآدمي ما يستريح إلا يعيش بواقعية
لا رضيت بواقعيك صح كل عنك راضي

وإما أنا حقي على الطيب وله حقٍ عليه
نحوهم لا أحطّ تأييدي ولا أحطّ اعتراضي

‏و تلك الروح التي تمتلك إيمانا قويا لا تعبر عنه طريقته النزقة في ممارسة حياته اليومية
قالت شعرا لم يقله أحد في تاريخ البشرية في تعظيم الله :


يا الله وحنا لك عبيدٍ ملاكا
ولمن يسالك مع رواق السما فكّ

يا مهلك العزّا معزّ الهلاكا
والمبتدا والمنتهى كلها لك

يا مالكٍ مالك بملكك شراكا
افرج لجاشٍ حطّ فيه الدهر حكّ

أبغى اتحاكا ما عرفت آتحاكا
من همّي اللي قاطعٍ له علي صكّ

ضيم الدهر منه النشاما تشاكا
التكّ خلاها دبل والدبل تكّ

عطى ضعيف العقل ياكا وياكا
وإلا حكيم العقل ما يلحقه شكّ

و إذا تغزل بن جدلان رحمه الله فكانك ترا ربيعا و مطرا و تسمع لحونا و جريان نهر

أنت مطغيك البها لين حدّد مستواك
يعني أكبر مجرمة حب وأكبر طاغيه

أنا يوم أغليك وأجيك وأدور رضاك
باغيه نفسي ولا أدري وشنهي باغيه

‏

و هو خير من يعبر عن المعاناة :

الوضع مزري ويؤسف له ويرثى له
حاول على وضع يصلح لك ويصلح لي

إما اعتبرني ذكي ما أنت بعلى باله
وإلا اعتبرني غبي مرّه ووضح لي


و اسمع لهذه القصيدة التي لو قراتها كاملة لقرات ديوان الحكمة و العتب :

الا ياالله ياللي تحت هيبـة سلطنتـــــك اسلمـت
لك المسلم يسبح لك بحمـدك ولـك الاســـلامـي

احمدك واشكرك واثني عليك بما علـي انعمـت
تزودني وفا قـدر العشيـر ووصـــل الارحامـي

ولجك الفجر ياليل الذهول اللي علـي اضلــمـت
بعرضك واقع الماضي بعيني عـرض الافلامـي

ولهتك يالنديم اللي على صافي وفـاك اضرمـت
بصفحة ذكريات العام واللـي مـن ورا العــامـي

بعد تقرير مشوار التجـارب نجحـك واجــــزمـت
بان السيف سيفي والعصا والمحـزم احـزامـي

عطتني عزلة اخلاصي معك نسيان من نادمـت
كتبتك وانطوت صحفي عليك و جفـت اقلامـي

اباهـي لا ابالـي واتبيسـط كــل ماقـــــــدمـت
اشـب النـار قـدام العـرب واشيـد اخيـــــــامـي

نهاري حر شمسه يستحي منها لسـان الشمـت
وليلي ترقب نجومـه ملامـة كـل مـن لامـــــــي

على ضو الكلام اللي كشف عنا ستار الصمـت
عرفت اني تحت برق الامل في روض الاحلامي

احسب انك تيمم با اتجاهـي ويـن مـا يممـــت
واثر ما انت بورايه في الطريق ولانـت قدامـي

مصيبه لاتدنت قيمتك فـي عيـن مـن قيمــــــت
يشوفك بالسهل وانته تشوفه بالسمـا السامـي

كثر ماحن قلبي للونيـس وكثـر مـا درهــمـت
فجر صدري حنيني واتعـب الاقـدام درهـامـي

عيون الصد وعيون التجافي حول مهما اكرمـت
تشـوف المجتهـد كسـلان والبنـاي هـــــدامـي

مدام ان جانبك شام لجنابي وانت عنـي شمـت
كثر خيـرك وانـا مانيـب لاجــــايـع ولاضامـي

اشوف انه علي واجـب ليـا مريتكـــــــم سلمـت
مرور اكرام تربطـه الكرامـه عنـد الاكــــرامـي

على شان الخفوق اللي على عرشه قعدت وقمت
حجب عنك الدجى لين اشرقت لك بيض الايامي

ختام السالفه ياطيب العشـره كرمـت ودمــــت
هذا حقك علي وحق شرهاتـي علـى اوهامـي

مصير الوقت يشرح لك دروسه وان غفلت ونمت
يصحيك الزمان اللي يصحـي كــــل مـن نامـي

تذكرني لامنها خابـت اوهــامـك فمـن وهمـت
وشفت الفرق في حب الخشوم وحـب الاقدامـي

‏و عندما يخيط سعد الجرح تتألم لكنك تشفى تماما :

من يحط إذنه على كل سماعه
جاه فرقى ما بعدها تجمّاعي

إن تجمّعنا على العزّ والطّاعه
وإن تفرّقنا فجوج الله وساعي

فاقدٍ لي سلعهٍ وأغلى بضاعه
سلعةٍ تشرى ولا هي بتنباعي

رفقه الطيب ليّا غيّر طباعه
أشهد إنها كيّة توجع اوجاعي

و مهما حلق الشاعر سعد بن جدلان في سموات الحب و بين غيم الغزل إلا انه يعود لتلك الروح البيضاء المؤمنة
كما يعود الآن إلى ربه تسابقه رحماته بإذن الله و دعواتنا التي تخفف علينا ألم فقد سعد و شعرا لن يأتي به احد بعد سعد بن جدلان !

لا إله إلا القدير المعطي الوهّابي
الخضوع لسلطنته وكبرياه ونوفه

كل ما تحته على وجه التراب تراب
والمعزّه والمذلّه من رجاه وخوفه