الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«…
 

…»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… { .. كل مايختص بأمور ديننا ودنيانا و يتعلق بأمور الدين الحنيف لأهل السنة و الجماعة فقط .. }

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-19-2024
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
لوني المفضل Azure
 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (03:43 PM)
آبدآعاتي » 3,247,447
الاعجابات المتلقاة » 7390
الاعجابات المُرسلة » 3674
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (4)



المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (4)


الحمد لله، والثناء والصلاة السلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.



أما بعد:

فقد قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].



هذه الآية دليلٌ على أن التقوى تتقدَّم على الصدق في الدين، واعلم أنه لا بد بعد تحقيق العبد التوحيد - بالشروط السابقة من العلم واليقين والإخلاص والمحبة - أن يكتسب المؤمن بذلك تعظيم الله في قلبه وخشيته، ومراقبته في السر والعلن، ثم الصدق في دينه وقبوله والطاعة والانقياد له بالاستسلام الكامل.



فهؤلاءِ الصحابة الذينَ نزلتْ هذه الآية بسببِهم هم كعبُ بن مالك وصحابيان آخران - رضي الله عنهم - وإن كانوا قد ابتلاهم الله بالمقاطعةِ والسكوتِ عنهم حتى حُرِموا من زوجاتهم، وضاقت عليهم الأرض بما رَحُبَتْ - كما وصفهم الله في كتابه - بالذنب الذي وقع منهم، وهو تخلُّفهم عن غزوة واحدة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أراد ملك "غسَّان" في هذه المدة أن ينتهز هذه الفرصة؛ فأرسل رسالةً عاجلة إلى كعب بن مالك يستدعيه عنده، وقال له فيها: لم يجعلْك الله في دارِ هوانٍ، فَالْحَقْ بنا، فلما فرغ من قراءةِ رسالته رَمَاها في النار وأحرقها، وبحمد الله ومنَّته قد ثبَّتهم الله وأنجاهم الله بصدقهم، ولم يجعلهم من جملة المنافقين - الذين كذبوا بأفعالهم وأقوالهم في دينهم - حتى أكرمهم الله بهذه الآية الكريمة الخالدة بأن جعلهم قدوةً للمؤمنين الصادقين كلِّهم من هذه الأمة؛ حيث أمر الله فيها المؤمنين بأن يكونوا مع هؤلاءِ الصحابة الصادقين - رضوان الله عليهم أجمعين - ثم كرامة الله لهم في الآخرة في جناتِ النعيم سوف تكون أعظم وأعلى في يوم ينفع الصادقين صدقهم، وهم بأمسّ الحاجة إليه.



وتأمَّل - أيها القارئ الكريم - عَلاقة التقوى بالصدق، وأهميتها في تحقيق الصدق من خلال طرحي هذا؛ فإن التقوى تحفظ الإيمان من الكذب والخيانة، وتثبت المؤمن على الصراط المستقيم.



أما هذه الاستقامة التي نلهج بها في صلواتنا ليلاً ونهارًا أن نرزقها، فلا بد لنا أن نسعى في تحقيق الأسباب التي ينال بها؛ كالتالي:

1- شروط كلمة التوحيد كلها.



2- الاستغفار والتوبة.



3- الابتعاد عن الطغيان.



4- الابتعاد عن الركون إلى الظلمة؛ ليبعدنا الله من النار؛ ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17]، وهذه بطبيعةِ الحال كانتْ إرهاصة من إرهاصات نبوَّة موسى - عليه السلام - حيث جنح إلى العدل، وكره وابتعد عن الظلم وأهله بقولِه وفعله هذا.



5- الزهد عن الدنيا، ومحبة الآخرة أكثر مما تحب الدنيا.



ولقصة كعبٍ وصاحبيه دروس في الصدق؛ وهي كالتالي:

1- تصميمُهم بألاَّ يكذبوا أبدًا ويصدقوا، ففي هذا علامةٌ لتَقْوَى المرء وإخلاصه وبراءته من النفاق.



2- الصدق العظيم الذي كان في نفوسهم؛ وذلك لصبرهم وثباتهم في المحنة والابتلاء لصدقهم، ولو كان فيهم نفاق لارتدُّوا على أعقابهم، بل حدث أن رفض كعب بن مالك - رضي الله عنه - الإغراءات العظيمة التي عُرِضتْ عليه في خلال هذا الظرف العصيب.



3- فيها دليلٌ على عظيم محبتهم لله ورسوله من أي شيء في هذه الدنيا.



4- فيها زهدهم العظيم، ومحبتهم الآخرة والجنة بدلاً من الدنيا الفانية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.



5- قوة عزيمتهم حتى قرَّر كعب بن مالك - رضي الله عنه - ألاَّ يكذب ما تبقى من عمره؛ فكان كما قال، حتى لقي ربه بذلك، فتالله تلك إذًا الأسرار العظيمة التي جعلتْ هذا الجيل الفريد ينجح النجاحات الباهرة، التي لم تَمُرَّ في تاريخ البشرية مرة واحدة، وقد ذكرتُ كثيرًا من مثل هذه الأسرار في كتابٍ مفرد، سأنشره إن شاء الله وبعونه وتيسره وتيسيره، وأسأل الله أن ينفع به، ويجعله خالصًا لوجه لوجهه وكلَّ أعمالنا.



ثم اعلم - أيها القارئ الكريم / الكريمة - أن الصدقَ يتجلَّى بمعانيه الحقيقية في الوفاء بعهود الله التي أوَّلُها التوحيد؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأعراف: 172]، وهذا العهد أيضًا تتجلَّى معانيه بالفطرة التي فطر الله الناس عليها؛ قال - تعالى -: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]، وفي الحديث: ((خلقتُ عبادي حنفاء؛ فاجتالتْهم الشياطين))، وفي الحديث: ((كل مولودٍ يُولَد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه، أو يمجِّسانه، أو ينصِّرانه))؛ إذًا الأصل في الإنسان الاستقامة، وحب التوحيد، والصدق، والعدالة، والإحسان، والرحمة، والإصلاح، وعدم البغي والفساد والمنكرات، ولكن إذا انحرفَ الإنسان عن الدين وجادَّة الطريق المستقيم، فلا يُمكِن له أن يولي قيمةً لهذه القيم التي يعرفها كل إنسان عاقل - سواء كان له دين، أو لم يكن له أصلاً دين - إلا ما يراه في مصلحته الشخصية، أو عائلته، أو قومه وجنسيته.



بل إنما يعتبر هذه أمارةً عظيمة للجاهلية العمياء متى وجدت وحيثما كانت؛ حيث إن تفكيرَهم هذا يُعَارِض العقل السليم، ناهيكَ عن التعاليم الدينية السامية؛ إذ مصلحة كل شخص ترتبط بالآخر، فإذا كان الأمر كذلك، فلا بدَّ أن تنعكس عليهم وعلى أُسَرِهم وجنسياتهم آثارُ ظلمهم وفسادهم، ويكون ذلك دمارهم وخرابهم، وخراب الجميع.



قال - تعالى -: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ [البقرة: 40].



ويذكر بعض العلماء أنه لما انكشفتِ الصحابةُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة هوازن، وبَقِي هو - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان وعباس - رضي الله عنهم - دعاهم عبَّاس بصوت عالٍ - وكان جَهْوَرِيَّ الصوت - وذكَّرهم بقوله: يا أصحاب السَّمُرَة، وهي الشجرة التي تحتها بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقوله: يا أصحاب سورة البقرة، فُسِّر بذلك؛ لأن فيها قوله - تعالى -: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ [البقرة: 40].



وهكذا قد وعد الله بَنِي إسرائيل جنَّاتٍ تَجرِي من تحتها الأنهار، وتكفيرَ السيئات بعد أخذِهم بميثاقٍ وعهدٍ عُقِد معهم لَمَّا كثر عنادهم واختلافهم على نبيهم - عليه السلام - وبعث منهم اثنَي عشر نقيبًا، ولكن نَقَضُوا العهد؛ فكان جزاء ذنبهم هذا - مع فقدِهم معيَّة الله ومحبته - اللعنة وقسوة القلوب، وأن ينسوا ما ذُكِّروا به، وأن يُغْرِيَ الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.



قال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 12- 14]؛ وهذا جزاء كلِّ مَن كَذَب ولم يَصدُقْ في دينه، ونافق وتزندق؛ فهل من معتبر؟!



ثم اعلم أن الله - سبحانه - ابتلى بَنِي إسرائيل بالصيد والقتال، فكذبوا ولم يصدقوا في الابتلاء؛ فاصطادوا يوم السبت واحتالوا في ذلك، وجَبُنُوا عن القتال، وقالوا: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24].



وابتلى الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بالصيد والقتال؛ كما قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ﴾ [المائدة: 94]؛ فصدقوا في الابتلاء ولم يصطادوا، ثم ابتلاهم الله بالاقتتال؛ كما قال - تعالى -: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]؛ فصدقوا في الابتلاء ولم يَجبُنوا، ولم يقولوا كما قالت بنوا إسرائيل: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24].



فأكرم الله مَن صدق في دينِ الله من هذه الأمةِ، وجعلهم قادةَ البشر، وجعلهم خيرَ أمَّةٍ أُخرِجتْ للناس، كما فتح الله بهم أعينًا غَشِيَها عمى الجاهلية، وأذنًا أصمَّها الطغيان والفساد، وقلوبًا ختمها الكفر والشرك، والظلم والبغي؛ وذلك لصدقهم في الابتلاء، وإيمانهم الراسخ كالجبال، ووفائهم بعهد الله وميثاقه، ووعده الذي وعدهم بالنصر والتمكين؛ فصدقوا فصدقهم الله؛ قال - تعالى -: ﴿ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]، وقال - تعالى -: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 10، 11]، وقال - تعالى -: ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].



ثم اعلم - أيها القارئ الكريم / الكريمة - أن الصدقَ في دين الله يشمل أولاً تحقيقَ التوحيد، ثم يدخل في كلِّ ما ابتلى الله عباده من الأمانات، وهي التكاليف التي وضعها الله على عاتقِ كلِّ إنسانٍ، كما يشتمل على كلِّ ما غاب من أمور الغيب، وما وعد الله عباده المؤمنين من النصر والرزق والتمكين، وما أخبر الله ورسوله من الأمور المستقبلية من أمور الغيب, ويشمل ما ابتلى الله عباده من البأساء والضرَّاء، وكذا ما أمر الله به من الوفاء بالعهود والعقود، وغير ذلك مما يجري في معاملات الناس، حتى أمر الله بالصدق في معاملة الكفار، ومنع المسلمين من الغدر؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58].



أما الوفاء بالعهد، فينقسم إلى وفاءٍ عامٍّ بعهد الله، المتمثِّل في الإيمان والتوحيد والمجاهدة في العمل بالكتاب والسنة، ووفاء بعهدٍ خاصٍّ، أخذه الشخص على نفسه لله؛ كالنذر لنفسه أن ينصر الدين، ويجاهد ما بقي من عمره، ونحو ذلك من العبادات، أو نذر في أمور أخرى أصغر من ذلك.



الفرق بين الصدق والإخلاص:

1- الصدق والإيمان بمعنًى واحد، وإن كان الإيمانُ أبلغَ؛ لاشتقاقه من الأمن، وهو أن يكون لك أمانٌ بما يُلقِي إليك المخاطِب، حتى إنه لا تأتِي صيغتُه من طرف المخاطِب، فبإمكانك أن تقول: اصدقنِي؛ فإني صادق، ولكن لا يمكن أن تقول: ألا تصدقني؛ فإني مؤمن مثلاً، ولكن ورد في الحديث: ((ألا تَأْمَنُونِي، وأنا أمينُ مَن في السماء))، ما يدلُّ على أن هذه الكلمة مشتقَّة من الأمن، كما حكاه الإمام البيهقي في مقدِّمة كتابه "شعب الإيمان" عن شيخه أبي عبدالله الحليمي] - رحمة الله على الجميع - لذا جاء في كلام الله: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17]؛ فلا يُمكِن أن ينعكسَ الصدق والإيمان في هذه الآية كما أشرتُ إليك آنفًا، بل ولا يصح المعنى؛ فتنبَّه لهذا!



2- فالصدقُ يدخل في أمور الإيمان، وينبع من القلب، ويدخل في الأمور التعبدية كلها، سواء كانت قلبية، أو قولية، أو فعلية، أما الإخلاص، فإنه كذلك ينبع من القلب، ويدخل في الأمور التعبدية، ولكنه لا يدخلُ في الأمور الغيبية مثلاً، والأسماء والصفات، وفي توحيد الربوبية، وإنما يدخل في تحرُّكات القلب وفعله؛ كالبراءة من أهل الشرك، وشوائب شركهم، والرجاء، والخوف، والتوكل، والإنابة إلى الله وحده، وغير ذلك، كما يدخل في قول اللسان، أو فعل الجوارح، والله أعلم؛ لذلك لا بدَّ أن يكون للمسلم الجديد مثلُ هذا الإخلاص، وإن قلَّ نسبيًّا بالنسبة لِمَا سيكسبُ في المستقبل؛ لأن هذا هو الفارق والحد الفاصل بين إيمان قريشٍ وإيمان المسلمين؛ كما هو واضح في آيات القرآن الكريم.



لذلك تجد في آيات القرآن الإخلاصَ يدورُ في أمور العبادة، بينما يدور الإيمان والتصديق في الإيمان بالله والرسول؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، وقال - تعالى -: ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [غافر: 14]، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النساء: 136]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.



3- الصدق أو الإيمان عمومهما واسعٌ، وينال في كل أمور الدين كلها؛ لذلك جاء وصفه في حديث جبريل - عليه السلام - في الأمور الباطنة، بينما جاء وصفه في حديث وفد عبدالقيس في الأمور الظاهرة.



أما الإحسان الذي هو كمال الإخلاص، فقد وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفًا واحدًا في أتَمِّ حاله، ولم يصفه بشيء آخر؛ مِمَّا يدلُّ على أنه يخصُّ الأمور التعبدية لا عموم أمور الدين كلها كما وصفتُه لك، وإن كان كلٌّ من الإسلام والإيمان والإحسان هو الدين كله؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هذا جبريل، جاء ليعلِّم الناسَ أمورَ دينِهم)).



ولكنِ اعلمْ أن الإسلام والإيمان إذا كانا في سياق واحدٍ؛ فالإسلامُ في الأمور الظاهرة، والإيمان في الأمور الباطنة، وإن وُجِد أحدُهما في موضع، فهو يأخذ كلا المَعْنَيينِ؛ أي: في الأمور الظاهرة والباطنة؛ كاسمي الفقير والمسكين، والبر والتقوى؛ فمثلاً: دخل إنسان في الإسلام، فلا بدَّ إذًا أن يحصل له إيمان وإسلام معًا وإن قلَّ، والله أعلم.



وقد ذكر عند الإمام ابن حنبل الصدق والإخلاص، فقال: بهذا يرتفع القوم.



ومفهوم كلامه - رحمه الله - الكذب والخانة انتكاسة الناس، وخسارتهم وسفالتهم في الدنيا والآخرة والعياذ بالله.



وأختم المقال بقوله - تعالى -: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23] إلى قوله: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 24].



إذًا الصدق في الدين نقيضُه النفاق في الدين، وخلف الوعد، والخيانة التي هي الكذب كما ترى في هذه الآيات.



ولا نطيل في ذكر سبب نزول الآية، ومَن من الرجال مثل أنس بن النضر؛ فقصصهم مبثوثة في كتب التفاسير والسير، وإنما الذي أختم وأحب أن أوصي نفسي وإخواني، هو أن نكون ممن يصدق في دينه، وينتفع بصدقه وإخلاصه في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم؛ حتى لا نكون من المنافقين الذين هم من جملة جنود إبليس الذين يُكَبْكَبُون في جهنم وبئس المصير، والعياذ بالله.



قال - تعالى -: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ... ﴾ الآية [المائدة: 119]، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (3) جنــــون …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 12 منذ 3 أسابيع 12:16 AM
المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (1) جنــــون …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 8 02-15-2024 03:12 PM
المفهوم الصحيح لكلمة لا إله إلا الله (2) جنــــون …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 7 02-15-2024 03:12 PM
45- شرح حديث ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب / الشيخ : عبدالرزاق البدر إرتواء نبض …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 18 10-12-2021 10:00 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية