مشهد صغير

كانت السماء تودع النهار وتستقبل الليل بلوحة فنية بلون العسل...جلس بعد مسافة قصيره قطعها بقدميه وقد شعر كان انفاسه تخرج لامحاله...جلس على اقرب مقعد يقابل البحر الهائج الذي يكمل اللوحه ...استرد انفاسه لتصبح شغلته الشاغله مراقبة المارة ....لتقع عيناه على مشهد اثار الضحك في نفسه تابعه بكل حواسه....واذناه تلتقط حديثهما ..كانا يجلسان بالقرب من بعضهما ...وكانت تمارس هي ادوار الفتيات في مثل قصص الحب الواهمة تلك ببراعه سالته بحزن وعتب :متى ستتقدم لي ...ابي يضغط علي كي اوافق على ابن عمي ....ضحك هو بخفوت حتى لايثير انتباههما ...وردد عبارات كان يجزم بان الشاب الذي يجلس بجوارها سينطقها وعندما أصاب تنبوءه لم يستطع أن يكبح الضحكة الصاخبة التي انطلقت دون توقف ...لم يذكر آخر مرة ضحك بها بهذا الشكل....وفشلت كل محاولاته في عدم اثارة انتباههما لتغادر الفتاة بعدها وينطلق الشاب نحوه ....ليجلس بجواره...ويسترخي على المقعد قائلا :هل هناك مشكله ياعم ....يبدو انك كنت تصغي لحديثنا ..لقد غادرت خطيبتي ...هكذا انتم كبار السن تتدخلون فيما لايعنيكم.....نظر له بعيناه التي نالت منها التجاعيد ....من المفترض أن تشكرني بانني خلصتك من المأزق الذي وضعتك فيه الفتاة...لينظر له الشاب ..قائلا أي مأزق ....ضحك العجوز بشده ....قائلا :أتراهن أنك مفتون بشعرها الاصهب وحدقتاها اللتان بلون الشجر ...وأن لاشئ آخر يجذبك نحوها....صمت الشاب لينطق ..انني احبها حقا وساتزوجها ....ليضحك العجوز من جديد..قائلا لكن الشاب الذي رأيته هناك منذ قليل لم يكن يحب تلك الفتاة أبدا .....لقد كنت بمثل عمرك يفتنني القوام الممشوق والشعر الاصهب والابتسامه الساحره ...وفي نهاية المطاف لم ارتبط باحداهن ..أبدا ....الحب ليس كما تفعل الان وليس كما فعلت سابقا ...ستدرك انك تحب ...عندما تنجذب لروحها ..مهملا كيف هو لون شعرها أو حدقتاها ..أو كيف تبدو ...عندما ترى جوهرها وتنسى خارجها ...وعندما تجدها حقا ..لن يسهل عليك أن يمر أحد بقربك ويرمقها بنظرة إعجاب واحده ....ستشعر .بالبركان الذي يطفح من الداخل..ربما تتمنى لو كانت غير مرئية لاحد سواك ....لكني رايت كم الشباب الهائل الذي كان يمر بالقرب منكما ويرمقها بنظرات الاعجاب وانت تنظر وكانهم يلقون عليكم التحيه.....ليصمت بعد كلماته تلك ...نظر له الشاب ..ولعيناه التي غاصت في البعيد ..وبعد صمت قطعه....جعلتني الان أدرك انني لم احبها قط ....لكن هل لي بسؤال ....هل تزوجت من احببتها ؟
وبعد صمت مؤلم سقطت معه دمعة يتيمه ازالها العجوز بكفه بسرعه:لأ.....كنت الهو وامرح مثلك ..وعندما احببت حقا لم استطع من البوح لها او حتى الاقتراب منها لاخبرها ...ناهيك أن أتزوجها ....ألمحها أحيانا برفقة أحفادها وأبناءها.........و... و..وزوجها . سعيده هي وهذا يكفيني ..انها العداله بني ...لم اكن صادقا مع اي فتاة ....ولذالك لم تكن من نصيبي . فلا تكون مثلي ...والا ستخسرها عندما تجدها .

منقول