بقــايـــا العـــاصفـــه (الجزء الخامس)

من خلال مشاهدة الفتاة الغنيّة في كاميرات المراقبة ما لم تتوقعه
لاحظت حركة غريبه أمام مدخل الإستراحة من أحد السائقين بعد
أن نزل ليفتح باب السيارة لصديقتها وحين نزلت الفتاة وأغلق باب
السيارة حتى وضع يده على ظهرها يحرك يده للأسفل دون أن
يكون هناك ردّة فعل من الفتاة وتتعجّب المضَيِّفه أن والدة الفتاة
في السياره ... أصابها الموقف بصدمة كبيره فالأم زوجة شريك
أبيها في الأعمال التي تنفذها شركات والدها وتذكرت هذا السائق
وهو من جنسية عربيه كان كثيراً ما يتحدث مع خادمات الإستراحة
يطلب ماءً وحين سألتهن لماذا أطِلتنّ حديثكم معه كن يقلن
أنه بحاجة لأكل ونحن نقول له بعد أن تنتهي المناسبه فأخبرنا
بأن الجوع يقتله ... فأرادت إعادة شريط المناسبة السابقة قبل أن
لتنبّه الأم هل يكرر تلك الحركة مع إبنتها فأخذت تراقب وصول
السيارة وأوقف السيارة في نفس المكان ونزلت الفتاة لكنها هذه
المرة نزلت من الباب الخلفي لباب السائق (الطريق) وليس من
جهة الأشجار التي تحجز عيون السائقين عنه ... لكن السيارة
لم تتحرك رغم أن الفتاة نزلت وكانت أول الحضور وما إن دخلت
حتى نزل من السيارة وإتجه لباب الأم وفتح الباب وجلس
ينتظر حتى تُطفأ إنارة السياره ثم أدخل جسده وأطال وكأنه يريد
أخذ شيء ثم شاهدت أنه يندفع لخارج السياره وبرزت يد والدة
الفتاة تدفعه للخارج ثم بدا عليه أنه يضحك ثم أغلق عليها الباب
وركب خلف المقود وتحركت السياره عائدة أدراجها ... ويتميّز
المكان الذي يقف به أنه غير قريب من سيارات السائقين وتحجزه
الأشجار من جانبين حيث تعامد جدار البوابة وجدار الإستراحة
وبدأت صاحبة الإستراحة تستعيد الأحداث التي جمعتها مع تلك
الفتاة فلاحظت غموضاً يكتنف حياة هذه الفتاة وملامح شتات في
عينيها رغم ثورة المرح الذي تبديه حين تدخل الإستراحه ... تذكرت
أنها تهرّبت من كثير من الأسئلة التي يسألونها عنها في مجلسٍ
سابق .. ووجدت أيضاً أنها قد تسحر الشباب بمرحها غير أنهم
لا يعرفون طريقاً إلى قلبها وكلما حاول أحدهم ممازحتها لفظاً
تتركه وكأن الموضوع لا يعنيها ... وقد تسبح معهم وتلعب كرة
الماء لكنها لا تقبل إقتراب أحد منها أو يتحدث إليها بإنفراد ...
ورغم نضج أنوثتها إلا أن ملامحها لا تدل أنها تجاوزت 25 سنه
ثم تذكرت أم الفتاة وكيف أنها غامضة كإبنتها ... وتذكرت أن إبنتها
إشتكت يوماً لإحدى البنات بالإستراحة أن والدها أعطاها جواز
هذا السائق لكي يجدده في سفارة بلاده في الرياض فتصفحته
واكتشفت أن السائق قد زار دبي من بلده في الوقت الذي تواجدت
هناك والدتها ثم رجع لبلده في نفس اليوم الذي عادت فيه والدتها
غير أنها أنكرت لتلك الفتاة أنها تحدثت معها في ذلك ... وتذكرت
صاحبة الإستراحة هذه القصة وتذكرت أشياء كثيره عن الفتاة
وأمها وزوجها وكيف كان والدها ينتقده دائماً أنه مهملٌ لأهل بيته
وما إن أطفأت الجهاز وما إن أخذت تنظر نحو كاميرات المراقبة
حتى رأت شابين يتحدثان مع نوف والوضع يدل على إنسجام في
الحوار فأحبت المشاركه ... وبينما هي متجهة إليهم للمشاركة
قالت في نفسها ... كيف لنا أن نعيش حياة غير تلك التي نمارسها في
واقعنا ... أنا لا ألوم هذا الشتات في عيون الأم والبنت ...
فحياتهم يكتنفها الغموض ... ثم جعلت بقية حديثها صامتاً مع نفسها
حتى لا يسمعها أحد في الإستراحه ... ولما وصلت إلى نوف
وبدأت تسمع حديث الشابين مع نوف ... شاركتهم في النقاش
وتوقفت حين كان الموضوع عن غطاء الوجه وكلا الطرفين يصرّ
على موقفه فالأول يقول إنها تقاليد ظهرت مع الصحوة وانطلقت
توضح أن الدين هو من أمر به وجاء ذكرها في الآيات والأحاديث
لكن الإرتباك والخوف جعلها لا تجيد في الحوار وكان الشابين ممن
يتشبهون بسلوكيات شباب الغرب في اللبس والأساور والتدخين
جلست الفتاة الغنيّة تتأمل حركة اليدين المرتبكه وإهتزاز الأنامل
فخشت على نوف حين إزداد حماسها في الشرح وأوقفت الحوار
ثم طلبت من الشابين التوجّه للعشاء قبل أن يلتهمه الآخرون(تضحك)
أخذت الفتاتين يتناولن العشاء في هدوء وصاحبة الإستراحة تنظر
في عيني نوف وملامحها وعفويتها وبراءتها ... وبدت مشاعر
الفتاة المضيافة تتحرك بقوة نحو نوف وقالت لها: نوف لقد
أحدثتي في وجداني عاصفة من البكاء ... كيف!! وليش؟! قصدي
وش اللي صار !! ... نظرت إليها الفتاة ثم قالت: ماذا ينقصك
حالك ميسور وذكيه وجميله ولديك أب مميّز .... أبي !!(مرتاعة) لقد
نسيته علي أن أذهب كما قلت لك سابقاً لقد تجاوزت الموعد نص
ساعه ... (وهي تلملم أغراضها) أجاد الله عليك من كل خير
واستأذنتها ثم انطلقت لوالدها وكان الشباب والفتيات قد اجتمعوا
لغرض الحوار معها في أسباب تمسّكها بهذه التقاليد ... قالت لهم
صاحبة الإستراحه: تأخرت على أبيها ورحلت ... فعادوا للمجلس
وأسرعت الفتاة الغنية للكاميرات تريد رؤية ما قد يحدث في سيارة
والد نوف فوجدته نائماً في سيارته ينتظرها ... وحتى لا أطيل
عليكم .... موعدنا في الجزء السادس .... تحيتي وتقديري لكم