تأملات في ملكوت الخالق (هل الأمر مجرّد "كيمياء")

هل الأمر مجرّد "كيمياء" ؟!..

عند النظر بمنطق علمي تجريبي بحت لما "يحدث" في الدماغ .. فالأمر "كما يبدو" مجرد "إشارات عصبية – كهربية" .. نواقل "كيميائية" تحفّز انتقال هذه الإشارات الكهربية .. و"مناطق" معيّنة من الدماغ يزيد فيها هذا "النشاط" الكيميائي – الكهربي" ..

ماسبق هو صحيح بالمنطق العلمي المُشاهد والمُلاحظ .. وهذا يعني أيضاً (بالمنطق) أن البشر متساوون في امتلاكهم لهذه النواقل العصبية .. مما يعني بالتالي أن المشاعر والأحاسيس والسلوك والذكريات .. هي مجرّد انعكاس لنشاط "...كيميائي – كهربي" .. وفي هذه الحالة أين المسؤولية عن التصرفات ؟؟..
تأمّل معي هذا المثال البسيط ..

عالم أعصاب .. يُلاحظ و"يقيس" النشاط الكهربي لمناطق معيّنة في دماغ شخص ما تحت ظروف معيّنة .. الأسلاك وأقطابها تتصل برأس الشخص .. والعالِم يلاحظ في شاشات الأجهزة .. إنه "يؤمن" أن ما يحدث في خلايا الدماغ مجرد "كيمياء" تعكس الحالة الذهنية والنفسية للشخص .. أياً كانت .. وهذا يعني (في التصور المادي) أن هذا "خارج" عن إرادة الشخص .. تماماً كسلوك أي كائن تحت التجربة (كفأر التجارب) .. وفجأة .. ينهض الشخص .. وينزع الأسلاك عن رأسه .. ويقترب من العالِم .. وبكل "وقاحة" يوجّه له صفعة على وجهه !.. سينسى العالم حينها كل "تفسير" مادي للأمر .. "سيتجاهل" كون الموضوع مجرّد نواقل عصبية وزيادة في نشاط منطقة معينة من الدماغ أدّت إلى هذا السلوك العدواني (مع أن هذا صحيح تماماً بمنطق علم الأعصاب) .. سيتجاهل كل ذلك .. وسيطالب بمعاقبة هذا الشخص العدواني الوقح !..


إن كان الأمر مجرد "كيمياء" تحفّز "إشارات كهربية" تنتقل عبر الخلايا العصبية .. فأين الاختيار .. وكيف تُفسّر "المسؤولية" .. ومناط التكليف .. لعل السرّ (غالباً) يكمن فيما "يحفّز" بداية أي سلوك .. والتفكير والنظر والسمع يلعبان دوراً هاماً في هذا التحفيز (أو قدح زناد الاستجابة السلوكية).. ومرة أخرى .. كيف يُفسّر ذلك على ضوء المنطق "المادي" لمجرّد نشاط جزيئات كيميائية بالدماغ .. المنطقي أنها (وهذا صحيح إلى حد بعيد) متساوية في كل البشر ؟؟؟!!!..
كيف تفسّر "المسؤولية الفردية" للسلوك (التي ستكون "مسؤولاً" عن تصرفاتها .. وستحاسب عليها) ؟؟.. أين "الاختيار" في ذلك لكي تحاسب عليه ؟؟؟..


الماهية الحقيقية لذلك هي خارج نطاق القدرة البشرية .. الأمر أعقد من أن "نحاول" فهمه .. ففهمه يستوجب "وضعه" في إطاره التكاملي .. الإطار الذي تتداخل فيه الذاكرة والوعي والإدراك والتفكير مع "نفحة الروح" التي تجعل منك فلانا أو علانا .. على اختلاف مشاربنا..
ولذا من العبث البحث عن منطق "مادي" في خلية عصبية لخبرات وذاكرة (وبالتالي تصرفات) كل منا ..

وهذا لعمري من جوانب العظمة في خلق الإنسان .. فالكل لديه نفس "المنطق المادي" لبناء الدماغ .. نفس المواد الكيميائية بنفس الكميات (إجمالاُ) .. ومع ذلك تتفاوت النفسيات .. والخبرات .. والمشاعر .. والسلوك تبعاً لذلك ..
كيف ؟؟؟..
الجواب في رأيي في الآية الكريمة: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ..



سبحانك ربي .. كما ينبغي لجلالك ولعظمتك ..
سبحانك في عدلك .. وقضائك ..
سبحانك .. ما أحكمك .. وأرحمك ..
سبحانك يا إلهي ..

.. في أمان العظيم

كل عام وأنتم بخير

نواف