البسوس لا تزال حيّة

إنها تلك الشمطاء التي أشعلت الحرب بين بكر وتغلب أربعين عاماً
حتى لتسمى الحرب باسمها (حرب البسوس) ، وأصبح يُضرب المثل
الشؤم باسمها أيضاً فيقال :( أشأم من البسوس ) وأما ما كان من أمر
الحرب التي دارت بسبب ناقة !! ، قال الثعالبي : " إن البسوس زارت
أختها أم جساس بن مرَّة ، ومعها جار لها من جرم، أسمه سعد بن
شمس، وعندما أناخ راحلته، رماها كليب حين شاهدها في مرعى
حماه، فأقبلت الناقة إلى صاحبها وهي ترغو، وقد اختلط شخبها لبناً
ودماً، فلما رأى ما بها انطلق إلى البسوس فأخبرها، فصرخت الصرخة
الشهيرة ( وا ذلاه وا عيباه ) ثم أنشدت أبياتاً سمتها العرب فيما بعد
بأبيات الفناء لما أفنت في تلك الحرب من خلق كثير.

لعَمْرُكَ لَوْ أَصْبَحْتُ في دَارِ مُنْقِذ
لَمَا ضِيْمَ سَعْدٌ وَهْوَ جَارٌ لأَبْيَاتِي
ولكِنَّنِي أَصْبَحْتُ في دارِ غُرْبَةٍ
مَتَى يَعْدُو فِيها الذِّئبُ يَعْدُو على الشاتي

فما إن سمعها ابن أختها جساس حتى قال اهدئي. فو الله لأقتلن
براحلة جارك كليباً، ثم خرج إلى كليب، فطعنه طعنة مات بسببها .
لتقع أطول حرب شهدها التاريخ بين بكر وتغلب، دامت أربعين سنة .
وسار شؤم البسوس مثلاً..وبما ان هذه المرأة عاشت في الجاهلية ،
وبينما نحن في العام 1438 من الإسلام ،إلا أن البسوس لا تزال حية
بيننا ففي كل بيت نجدها قد أناخت رحلها المشؤم. وقد أشعلت فتيل
الحرب بين الأب وأبنائه .. بين الأخوة .بين الأقارب نجد هناك مشؤمة
اسمها البسوس.ولعل أسوأ بسوس على وجه الأرض هي تلك المتربعة
بين الابن وأمه.