الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… > الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
 

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-23-2024
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (11:11 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11617
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تفسير سورة التوبة (الحلقة السابعة) ﴿ إِلَّا ‌تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]



تفسير سورة التوبة (الحلقة السابعة)
﴿ إِلَّا ‌تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]



بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.



قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ ‌عِدَّةَ ‌الشُّهُورِ ‌عِنْدَ ‌اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ* إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 36-41].




كان الصراع السياسي العقدي والتلاحم العسكري في فجر النبوة المحمدية شرسًا بين القوتين الوحيدتين في الأرض؛ قوة الروم البيزنطيين المسيحيين، وقوة الفرس الوثنيين في فارس، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مضيَّقًا عليه في قريش، يكادون يسطون عليه، أو يخرجونه، أو يقتلونه، وصحابته الكرام، كالأغنام في الليلة الماطرة، يتتبعون أخبار حرب الروم والفرس في أدنى الأرض منهم -الشام وأغوار الأردن- قلوبهم مع الروم لكونهم نصارى أهل كتاب، وعلى الفرس لأنهم مشركون وثنيون كأهل مكة الميالين للفرس، فلما رجحت كفة النصر لقائد الفرس "سابور"، ولجأ ملك الروم للانسحاب من الشام، والاعتصام بالقسطنطينية عاصمة ملكه؛ فرح المشركون من أهل مكة، وحزن المسلمون فنزل قوله تعالى: ﴿ الم * ‌غُلِبَتِ ‌الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴾ [الروم: 1-3]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما إنهم سيغلبون))، ثم لما مالت رياح النصر في بضع سنين للروم فانتصروا، وأحكموا سلطتهم على الشام، وتمكن هرقل [1] من عرش بيزنطة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة، ومكن الله له فيها، وتوالت انتصاراته على جيوش المشركين في بَدْر، والأحزاب، والخندق، وتبوك، وغيرها، وظهرت ملامح دولة الإسلام الرائدة الأولى؛ فبدت في الأفق بذلك أعراض صراع عقدي سياسي عسكري، بينها وبين الإمبراطورية البيزنطية التي كانت لها أطماع توسعية في جزيرة العرب، ومحاولات خفية لتجنيد المنافقين، وبقايا اليهود والنصارى الناقمين، وأعراب المشركين، وبعض ضعفة الإيمان ممن تضايقوا بحملات الجهاد المتوالية، ويودون التفرغ للكسب والتجارة، ورعاية الأهل والولد، مصحوبة بمخاوف من تأثير واضح للإسلام في عرب الشام، ظهر في إقبال بعضهم تلقائيًّا عليه، واعتزازهم به من غير أن تبلغهم دعوته مباشرة، كما كان حال والي الروم على الشام الأدنى- من فلسطين إلى معان جنوب الأردن- فروة بن عمرو النفاثي رضي الله عنه، وقد كتب مبادأة منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وبعث إليه- كما قال ابن إسحاق- رسولًا، يقال له: مسعود بن سعد من قومه بكتاب مختوم فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد رسول الله النبي، إني مقر بالإسلام مصدق به، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، والسلام عليك)، فعلم بذلك هرقل، وأمر بقتله، فطلبه والي الروم على دمشق أبو الحارث الغساني، واعتقله، وقتله، وصلبه، وحال واليهم على أيلة، وواليهم على دومة الجندل، إذ أسلما اختيارًا ورضاءً؛ بل وزوج أمير دومة الجندل بنته من الصحابي عبد الرحمن بن عوف رسول النبي صلى الله عليه وسلم إليه، فأخذها معه إلى المدينة.



كل هذه الظروف، وهذه التطورات كانت تشير إلى اصطدام جديد متوقع، بين الإمبراطورية البيزنطية المنتصرة بميولها التوسعية، وأطماعها في جزيرة العرب، وبين الدولة الإسلامية الناشئة؛ لذلك بعد أن تم بما نزل من سورة براءة تحرير بيت الله الحرام من الشرك، فحرم على المشركين دخوله، والعبادة فيه، وأعيد ضبط العلاقات تصورًا وعهودًا، ومواقف مع غير المسلمين؛ مشركين وأهل كتاب، اتجهت آياتها الكريمة إلى معالجة الصف الداخلي، وما فيه من ثغرات سلبية؛ كان من أبرزها تهرُّب بعض ضعفة الإيمان والمنافقين من الجهاد، ملتمسين الأسباب الواهية، ومعتذرين في كل حال بحال، بدءًا بتلاعبهم بالأشهر الحُرُم تقديمًا وتأخيرًا وترتيبًا، وتحريمًا واستحلالًا، فقال تعالى تثبيتًا لأصلها الذي خلقها الله عليه، وتقريرًا لعددها وحجيتها وحرمتها، وإبطالًا لما أدخله المشركون فيها من النسيء الذي غير أوقاتها، وقطعًا لأسباب التلاعب بها: ﴿ إِنَّ ‌عِدَّةَ ‌الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾، واستهل عز وجل حديثه عنها بتقريره حقيقة خلقه للشهر وحدة قياسية ثابتة صارمة لا تخطئ، وفضاء زمنيًّا جعله للناس ضابطًا لتصرفاتهم، وميزانًا لأقوالهم وأعمالهم، وحركاتهم وسكناتهم؛ كيلا تتسيب أو تضطرب أو تبور، وإطارًا زمنيًّا يحصرهم ويحاصرهم، ويشهد عليهم، وظرفًا مظروفه الجن والإنس محاطًا بهما فيه، مربوطًا حسابه بحركة الشمس والقمر، مبينة علته والحكمة فيه بقوله عز وجل: ﴿ هُوَ الَّذِي ‌جَعَلَ ‌الشَّمْسَ ‌ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 5-6]، والشهر بذلك مركب صعب غير ذلول، وقطر من أقطار الله في الكون، أُقيم فيه الإنسان بسلطان الله، ويُخرَج منه بسلطان الله، إلى أقطار الآخرة بعثًا وحسابًا ونشورًا، ثم جنة أو نارًا -نسأل الله العفو والعافية- قال تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ ‌الْجِنِّ ‌وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ [الرحمن: 33].



لقد خلق الله تعالى الشهر للإنسان في الأرض، وجعله تسعًا وعشرين أو ثلاثين يومًا، وجعل من كل اثني عشر شهرًا سنة كاملة[2]، كما جعل لمختلف الأكوان غير الأرض مقادير زمنية تختلف بما تقدره حكمته وإرادته، مقادير قد تكون أكبر أو أقل، كما في قوله تعالى: ﴿ ‌يُدَبِّرُ ‌الْأَمْرَ ‌مِنَ ‌السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [السجدة: 5]، وقال: ﴿ ‌تَعْرُجُ ‌الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4].



واستهل سبحانه الحديث عنها بجملة اسمية موجزة ومركزة لا مجال لتأويلها، مبدوءة بحرف ﴿ إِنَّ ﴾، للتوكيد والنصب، و﴿ عِدَّةَ ﴾؛ أي: عدد، اسم إن منصوب، و﴿ الشُّهُورِ ﴾، جمع شهر، مضاف إليه مجرور، و﴿ عِنْدَ اللَّهِ ﴾، ظرف منصوب متعلق بعدة، ولفظ الجلالة مضاف إليه، و﴿ اثْنَا ﴾ خبر إن مرفوع بالألف؛ لأنه ملحق بالمثنى، ﴿ عَشَرَ ﴾ لفظ عددي مبني على الفتح لا محل له، قرأه أبو جعفر بسكون العين "عشْر"، وقرأه ميسرة عن حفص كذلك، وقرأه الباقون بفتحها ﴿ عَشَرَ ﴾، و﴿ شَهْرًا ﴾ تمييز منصوب، ثم أكد هذه الحقيقة الكونية بقوله عز وجل: ﴿ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾؛ أي: فيما أراده الله، وحكم به لها، وكتبه عليها، وقدره لها وفيها، وكوَّنها به، وأمر بكينونته، كما هي سنته عز وجل في الخلق والتدبير بقوله سبحانه: ﴿ ‌بَدِيعُ ‌السَّمَاوَاتِ ‌وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117]، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا ‌أَرَادَ ‌شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].



ثم بين عز وجل يوم خلق هذا النظام الكوني للزمن، فقال: ﴿ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ [التوبة: 36]؛ أي: في اليوم الذي خلق فيه السماوات والأرض، وجعلهما ظروفًا مكانية للإنسان كما في قوله تعالى: ﴿ ‌وَالْأَرْضَ ‌وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 10-13]، وقوله عز وجل: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ‌الْأَرْضِ ‌جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13].



وكما خلق عز وجل اليوم والشهر والسنة ظروفًا وأوعية، وضع للناس فيها أحكامًا تُتَّقى، ومدارج تُرتقَى، أولها بقوله تعالى: ﴿ مِنْهَا ‌أَرْبَعَةٌ ‌حُرُمٌ ﴾، والحُرُم جمع "حرام"، كسحُب وسحاب، من أصل صحيح واحد هو الحاء والراء والميم؛ معناه: المنع والتشديد، منه الحُرْمةُ: وهي ما لا يَحِلُّ للمرء انتِهاكُه، فتقول: فلانٌ له حُرْمةٌ؛ أي: له ما يستحق به التكريم والوقار؛ كالعلم أو المقام أو القرابة، وحُرَمُ الرجل: نِساؤه وما يَحميه من أهله، والمَحارِمُ كل ما لا يحِل استحلالُه، ومنه الحرام ضد الحلال، قال تعالي: ﴿ ‌وَحَرَامٌ ‌عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ﴾ [الأنبياء: 95]، وسمي الشهر "المحرم" لأنَّهم كانوا يحرمون فيه القتال، والضمير في قوله تعالى: ﴿ مِنْهَا ‌أَرْبَعَةٌ ‌حُرُمٌ ﴾ [التوبة: 36]، يعود للأشهر التي بيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بقوله: ((أربعةٌ حرُمٌ؛ ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعدةِ، وذو الحِجة، والمحرَّم، ورجب مُضَرَ الذي بين جمادى وشعبانَ))؛ أي: أربعة من تلك الأشهر الاثني عشر، وقد اختص الله تعالى هذه الأشهر بالتعظيم والتوقير، وحرم فيها القتال على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ونقلت العرب ذلك عنهما بالتواتر القولي والعملي؛ ولكنهم أخذوا يتحايلون للتخلص من إسارها؛ حتى التبست أسماؤها وترتيبها بكثرة إنسائها، وتغيير أسمائها، وترتيبها وتقديمها وتأخيرها فيما بينهم، فجدد القرآن بهذه الآية الكريمة أحكامها، وفصل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بما رواه أَبو بَكْرَةَ رضي الله عنه [3] قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: ((إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ))، وَقَالَ: ((أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟))، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ: ((أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟))، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: ((أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟))، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: ((أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟))، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ ((فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟))، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: ((أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟)) قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: ((فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بِعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟))، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ)).



لقد كان هذا التذكير بحرمة الأشهر الحرم ضروريًّا؛ لتصحيح مفاهيمهم لها، وتركيز فهمهم لحكمة تشريعها، وتحريم القتال فيها؛ صيانةً للدماء والأعراض والأموال، وتوفيرًا للقوة، وإعدادًا للدفاع والمدافعة؛ لذلك عقب الحق تعالى بجملة اعتراضية لبيان أهمية هذا التحريم، وكونه من مقتضيات الالتزام بالإسلام في حياة المسلم، فقال عز وجل: ﴿ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ [التوبة: 36]؛ أي: ذلك التحريم للأشهر الحرم من مقتضى دين الإسلام الذي وضعه الله لكل خلقه بقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ الدِّينَ ‌عِنْدَ ‌اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، وجعله قيمًا مستقيمًا صحيحًا عدلًا مستوفيًا لمصالحهم في الدنيا والآخرة، يطاع به أمره، ويستقيم عليه منهجه، ويرتضيه لعباده، ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا ‌فِيهِنَّ ‌أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]، وضمير ﴿ ‌فِيهِنَّ ﴾، المجرور بحرف الجر "في" يعود إلى الأشهر الأربعة الحرم؛ لأنها أقرب مذكور، وأنسب لسياق التحذير من الظلم، لما قاله الفراء: "الْأَوْلَى رُجُوعُهَا إِلَى الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ فِيمَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ: (فِيهِنَّ)، فَإِذَا جَاوَزَ هَذَا الْعَدَدَ قَالُوا: (فِيهَا)، وخالف ابن عباس، فذهب إلى أن الضمير يعود إلى الأشهر الاثني عشر بقوله: "فلا تظلموا في الشهور الاثني عشر أنفسكم؛ والمراد: منع الإنسان من الإقدام على الفساد في جميع العمر"؛ أي: فلا تسيئوا في هذه الشهور إلى أنفسكم بظلمها، ومخالفة ما شرعه الله لكم فيها، ولا تنتهكوا حرمتها بارتكاب ما حرم فيها من القتل والعدوان والمعاصي، فتضعفوا عن حماية أنفسكم، ونصرة دينكم، ومواجهة عدوكم الداخلي منافقين وبقايا مشركين، وأهل كتاب حانقين، وعدوكم الخارجي بيزنطيين في شمالكم، وفرسًا في شرقكم.



إن الظلم بجميع أصنافه حرام بأي صفة ارتكب، وبأي مخلوق حاق، وفي أي وقت وقع، حرمه الله تحريمًا مطلقًا على نفسه، وجعله محرمًا بين خلقه، فقال فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: ((يا عبادي، إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالموا))، وقال تعالى: ﴿ ‌وَتَرَى ‌الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 44]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لتؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلها حتى تُقادَ الشَّاةُ الجلحاءُ من الشَّاةِ القرناء))؛ ولكنه تعالى حكمة منه جعله أشد حرمة في الأشهر الحرم؛ إشعارًا بخطورة ارتكابه، وتعويدًا للناس على تركه فترة معلومة ومحدودة لعلهم يستأنسون بالتوبة، فيواظبون عليها.



ثم في إشارة واضحة إلى متلازمة العدل والنصر أمرهم عز وجل بالقتال ما كفوا عن الظلم والعدوان، وإراقة الدماء المحرمة فيما بينهم بقوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا ‌الْمُشْرِكِينَ ‌كَافَّةً ﴾، قاتلوا أعداءكم، وأنتم جميع لا يتخلف منكم أحد، وكلمة ﴿ ‌كَافَّةً ﴾ في الآية الكريمة اسم فاعل من "كفَّ" والتاء للمبالغة، نكرة منصوبة على الحال بمعنى: جميعًا؛ أي: قاتلوا بجميع قوتكم البشرية والمادية والمعنوية، جميع من يعاديكم ويقاتلكم من المشركين على اختلاف معتقداتهم الشركية والكفرية، ﴿ كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ﴾، مثلما هم يقاتلونكم بجميع قوتهم البشرية والمادية والمعنوية، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾، وأيقنوا أن الله مع صادقي الإيمان المتقين لغضب الرحمن بالتأييد والنصر والتمكين.



إن القتال المحرم على المسلم خوضه هو القتال العدواني الظالم، أما قتال الدفع للعدو الكامن داخل الأمة أو المتربص خارجها فواجب على كل مسلم، وفي كل زمان ومكان، في الأشهر الحرم وغير الحرم، ما لم يعقه عجز أو مرض أو شرع معتبر؛ لأن وجود الأمة دينًا ووحدة وحرية وأمنًا، وكرامة معلق به، وقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن أيامًا من ذي القعدة؛ لأنهم ابتدأوا المسلمين بالقتال قبله، واستمرت الحرب أثناءه، وقال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ‌قِتَالٍ ‌فِيهِ ‌قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلم محذرًا من الانشغال بغير القتال في سبيل الله دفعًا لصائلة العدو ومكره: ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))[4]، وقال: ((مَا تَرَكَ قَوْمٌ الْجِهَادَ، إِلَّا عَمَّهُمُ اللهُ بِالْعَذَاب))[5]؛ ولكن مرضى القلوب من بقايا المشركين والمنافقين، والذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وبقايا أهل الكتاب الذين لم يركنوا للسكينة والمسالمة والمواطنة السلمية، دأبوا على المكر، والتأويل الباطل، والتشكيك في كل تصرفات المسلمين بالطعن فيها، وتصيُّد الشبهات حولها بما يوهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتهك ما يدعو إليه، كما وقع إذ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة في اثني عشر رجلًا من المهاجرين، وكتب له كتابًا، وأمره ألَّا ينظر فيه حتى يسير يومين، ولما فتحه وجد الأمر بالنزول لهذا الوادي، ورصد أخبار قريش، فقال: سمعًا وطاعة، وسار حتى نزل بنخلة، فمرت قافلة لقريش تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارة، وكان اليوم الأخير من رجب -وهو من الشهور التي كان ينالها النسء عند العرب- فقتلوا عمرو بن الحضرمي، واستأسروا عثمان بن عبدالله، والحاكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبدالله، فشنعت عليهم قريش واليهود، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحاب السرية: ((ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام))،ثم نزل قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ ‌عَنِ ‌الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217].



لذلك حرم الحق تعالى النسء في شهور السنة القمرية؛ كي تعود إلى حالها الذي خُلقت عليه أول أمرها، فلا تبقى ذريعة للتلاعب بأحكام الشريعة، أو التهرب منها، أو تعطيلها، أو خلط مواقيتها، فقال عز وجل: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ ‌زِيَادَةٌ ‌فِي ‌الْكُفْرِ ﴾، وحرف "إنَّ" مشبه بالفعل للتوكيد، بطل عمله لدخول "ما" الكافة عليه، والنسيء مَمْدُودٌ ومَهْمُوزٌ عند أكثر القراء، وَعند ورش عن نافع بإبدال الهمزة ياء، وإدغام الياء فيها، مبتدأ مرفوع، و﴿ ‌زِيَادَةٌ ﴾، خبره مرفوع، و﴿ ‌فِي ‌الْكُفْرِ ﴾، جار ومجرور، و﴿ النَّسِيءُ ﴾ مبتدأ، من: نَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه، وأَنْسَأَه يُنْسِئه؛ أي: أَخَّره، ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نسأً: تأَخَّر حَيْضُها عَنْ وقتِه، وبَدَا حَمْلُها، فَهِيَ نَسْءٌ ونَسِيءٌ، يُقَالُ للمرأَة أَوَّلَ مَا تَحْمِل: قَدْ نُسِئَتْ، ويقال: نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِه، وأَنْسَأَ أَجَلَه؛ أي: أَخَّره، وَالاسْمُ النَّسِيئةُ، والنَّسِيءُ على زنة "فعيل" بمعنى مفعول؛ كقتيل ومقتول، وجريح ومجروح، ونسيء ومنسوء، وكان تحريم القتال في الأشهر الحرم لتأمين الحج وطرقه، والتجارة ومواردها ومصادرها، مما احتفظ به العرب من تعاليم إبراهيم عليه السلام، فلما طال عليهم الأمد صعب عليهم أن يحافظوا عليها، أو يعملوا بمقتضاها، فأخذوا ينتحلون الأسباب والمعاذير للتحلل من أحكامها، وكان أول ما بدلوه في ذلك أن نسؤوا تحريم شهر محرم- أخَّروه- إلى صفر؛ لتبقى الأشهر الحرم أربعة كما كانت، وواظبوا على ذلك؛ فصار لهم نظامًا متبعًا، قيل: إن القَلَمَّسُ الكناني أول من ابتدعه في قبيلته مَعَد[6]، كان يقف في الجاهلية عند جمرة العقبة، فيقول: "اللهم إني ناسئ الشهور، واضعُها مواضعَها، وإني لا أُعاب ولا أُجاب، اللهم إني أحللت أحد الصَّفَرين، حرمت صفر المؤخر"، وكذلك في الرجَبَيْن، شعبان ورجب، ثم يقول: "انفروا على اسم الله"، وقيل: إن أول من أحدثه جنادة بن عوف الكناني، كان يقوم على جمل في الموسم، فينادي: "إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوه"، ثم ينادي من عام قابل: "إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه"، فتتبعه العرب.



هكذا كانوا يجعلون الشهر الحرام حلالًا، والحلال حرامًا، فيُنسِئون كل شهر لشهر غيره يسمونه باسمه، أو كما قال الزمخشري: "يؤخرون حرمة الشهر إلى شهر آخر"، ويضعون لذلك أحكامًا لم يأذن بها الله، فكانت تتغير أسماء الشهور، وأوقات العبادات؛ فتتغير الشريعة، وتضطرب حياة الناس،وهو ما نعاه القرآن عليهم بقوله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ ‌شُرَكَاءُ ‌شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]؛ لذلك وصف الله تعالى عملهم هذا بالكفر الزائد على كفرهم الأصلي الذي هو اتخاذ الأوثان آلهة، أو واسطة بينهم وبين الله، أو شريكًا له- تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- فقال عز وجل: ﴿ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ [التوبة: 37]، كفر تشريع بما لم يأذن به الله يضاف إلى كفر الجحود والتكذيب والإعراض والاستكبار الذي هم فيه ﴿ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التوبة: 37]، فيزيدهم هذا النسء ضلالًا إلى كفرهم الأصلي الذي تلبسوا به من قبل، وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف: ﴿ يُضَلُّ ﴾ بضم الياء وفتح الضاد فعلًا مضارعًا مبنيًّا للمجهول من "أضلَّ" الرباعي، وقرأ يعقوب: "يُضِل"بضم الياء، وكسر الضاد، فعل مضارع من "أضَلَّ" فاعله ضمير مستتر، وقرأ الباقون: "يَضِل" بفتح الياء وكسر الضاد، مضارع الفعل "ضَلَّ" الثلاثي مبنى للفاعل و﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾الفاعل.



﴿ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا ﴾ [التوبة: 37] فيجعلون الشهور حرامًا تارةً وحلالًا تارة، ويسيرون على نفس النهج في الاستحلال والتحريم حتى تتغيَّر أسماء أشهر السنة كلها ويتغير ترتيبها، ﴿ لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 37] من المواطأة وهي الموافقةُ والاجتماع، يقال: تواطئوا على أمر؛ أي: اتفقوا عليه، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يَطَأ حيث يَطَأ الآخر، ويضع رجله حيث يضع الآخر رجله؛ أي: ليوافقوا عدد الشهور دون أوقاتها وأحكامها ﴿ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 37] من الأشهر الحرم وأحكامها ﴿ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ﴾ [التوبة: 37]؛ أي: زين لهم الشيطان والهوى أعمالهم السيئة هذه، وقوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ ﴾ عند الجمهور مبني للمجهول للدلالة على أن أهواءهم المتناقضة وكفرياتهم المختلفة هي التي زينت لهم ذلك، قرأها زيد بن علي[7]: "زَيَّن" ببنائها للفاعل الذي هو الشيطان، و"سوءَ" بالفتح مفعوله.



﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 37]، وإنما يَكِلُهم إلى أنفسهم وشياطينهم إذا أصرُّوا على الكفر أو فرحوا به أو استكبروا.



إن استدارة الزمن أيامًا وشهورًا وأعوامًا ومنازل نظام رباني دقيق، جعله الحق تعالى متماهيًا مع حركة القمر ودورته، ووقَّت به كثيرًا من العبادات، صلاةً وصومًا وحجًّا وزكاةً وصدقةً وعدة وفاة وعدة طلاق وإبراء واستبراء وغيرها، كما تعلقت به مصالح العباد الدنيوية والأخروية وارتبطت به دورة حياة الكائنات الحية، خلقه الله تعالى وجعله وسَخَّره للناس آيات ومنائر في الدنيا، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 5، 6]، وكل إخلال بهذا النظام أو انتحال بديل عنه، أو مُضاهٍ له[8] مخالفٌ لما شرعه الله لعباده، ومخلٌّ بنظام الكون، مصدره الشيطان ومآله الفساد والضلال، كما في قوله صلى الله عليه وسلم إذ وقف بِالْعقبَةِ: ((إِن النسيء من الشَّيْطَان)) [9] وقوله تعالى:﴿ وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 117 - 119].



ولقد دأب كفار قريش على هذا الإفساد بنسء الشهور القمرية وتغييرها عقودًا طويلة، حتى إذا نزلت سورة التوبة في السنة التاسعة للهجرة أعيد لها ترتيبها كما خلقها الله أول أمرها، وعالج القرآن بذلك آفة تغيير ما خلق الله من حُرم للأشهر والأهلة، وآفة التشريع بغير ما أنزل الله، وتلافي ما أخذ يظهر من أثر لها في الصف المسلم عند الدعوة للجهاد كما وقع في غزوة تبوك وقد كانت في الصيف،فتخاذل بعض المسلمين عن الخروج لها، وتخلف البعض واستعفى آخرون، وقال عنها ابن عباس: "كان وقتها زمان شدة الحر، حين طابت ثمار المدينة، واستعظم النَّاسُ غزو الرُّوم وهابوه"، وحين الدعوة للانضمام إلى جيش أسامة [10]؛ إذ جعله صلى الله عليه وسلم طليعة لغزو الروم [11]، فجادل البعض في كفاءة القيادة وسن القائد ومنزلة الجنود ومقامهم في الصف ووقت التنفيذ وظروفه، فشهد صلى الله عليه وسلم لأسامة بالكفاءة والقدرة والإخلاص والفضل بقوله صلى الله عليه وسلم لهم: ((وأيم الله إن كان- أي: والده زيد - للإمارة لخليقًا، وإن ابنه -أي أسامة - من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمَــَـخِيلان[12] لكل خير، واستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم))، وتأخر خروج الجيش بهذا الجدال والتردد إلى ما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.



لهذه الظواهر السلبية في الصف وأمثالها في كل عصر توالت آيات سورة التوبة تعاتب المسلمين مهاجرين وأنصارًا ومسلمةَ فتحٍ، طلقاءَ وعتقاءَ ومن لحق بهم، وتصفهم جميعًا بالإيمان، حفاظًا على وحدة الصَّفِّ وتأليف القلوب، وتعاتبهم لما ظهر في بعضهم من ضعف وميل للراحة والنفور من الجهاد بقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ﴾ [التوبة: 38]، وقوله تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ ﴾ استفهامٌ للإنكارِ والتوبيخ والعتاب والتعجب من حال بعض المسلمين وما بدر منهم عندما استحثهم الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل للخروج معه إلى غزوة تبوك فتباطأ بعضهم ثم استجابوا متثاقلين، وتخَلَّف آخرون في المدينة، وقال فيهم الحق تعالى: ﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [التوبة:86- 87]، وأساء غيرهم القول ﴿ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التوبة: 74]، وأعدوا للخيانة واغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم والانقلاب على النبوَّة نفسها.



ثم وصف عز وجل ما بدا من حالهم وأثار العجب من تصرفاتهم فقال سبحانه: ﴿ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ﴾ إذا قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ وفعل "نفر" من أفعال الأضداد، فيقال: نفر من الشيء إذا ابتعد عنه، ونفر إليه إذا هرع وسارع وهب إليه، ومنه مصطلح "النفير" بمعنى جيش النصرة والنجدة في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾ [الإسراء: 6]، وقوله تعالى في النفور إلى العلم: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]، والنفور إلى الجهاد بمعنى المسارعة إليه والإقبال عليه؛ أي: كلما أمرتم بالنهوض للجهاد في سبيل الله ﴿ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ اثَّاقَلْتُمْ ﴾، أصله: تثاقلتم، من فعل "ثقل يثقل"، أدغمت تاء التفاعل في الثاء الأصلية واجتلبت همزة الوصل لتسهيل النطق بها، والتثاقل إلى الأرض يعني التباطؤ عن الاستجابة، ضُمِّن معنى الإخلاد، فعُدِّي بحرف "إلى"؛ أي: أخلدتم، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الأعراف: 176]؛ أي: تباطأتم عن تلبية الدعوة، لميلكم إلى الدنيا وشهواتها ولذاتها، وركونكم إلى الراحة وجبنكم عن الجهاد ومشاقِّه.



ثم سألهم عز وجل مستنكرًا حالهم وموبخًا: ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ﴾ [التوبة: 38] هل رضيتم بلذَّات الحياة الدنيا ومكاسبها وهي قليلة زائلة غير دائمة ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38] فما لذَّات الحياة الدنيا إلا قليلة ومنقطعة وعابرة تعقبها نار جهنم، ومن يسوي قليلًا بكثير ومنقطعًا بموصول وعابرًا بمستقر دائم؟! قال تعالى: ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 197]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما الدنيا في الآخرة إلا مِثْل ما يجعل أحدكم أُصْبُعَهُ في اليَمِّ، فلينظر بِمَ يَرْجع))[13]، والعتاب في الآية موجَّه إلى كل من ارتكب خطيئة التثاقل عن تلبية دعوة الجهاد أو التخَلُّف عنها من قبل، عندما دعوا للنهوض إلى غزوة تبوك، وإلى من كانوا يُدعَون حينئذٍ إلى الجهاد في جيش أسامة وإلى كل من يدعى إليه في كل عصر فيتثاقل أو يتخَلَّف أو يلتمس المعاذير.



ثم عقب عز وجل على عتابه وتوبيخه ببيان عاقبة المخالفة ونتائجها وعقوبة مرتكبيها، فقال عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [التوبة: 39] إن لم تنفروا إلى من استنفركم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من الجهاد يعذبكم الله تعالى في الدنيا بأشد العذاب ثم يسلمكم إلى أشد منه في الآخرة﴿ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ [التوبة: 39] يستبدل خيرًا منكم نفرة وجهادًا ﴿ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ﴾ [التوبة: 39]، ولا يضره في شيء تثاقلكم أو توليكم عن الجهاد ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التوبة: 39]، لا يعجزه شيء، قادر على تبديل الأقوام والأحوال وتغيير الأسباب والأدوات والوسائط وتوفير النصرة لنبيه صلى الله عليه وسلم بلا مدد ترونه أو قوة تتصورونها، كما هو قادر أيضًا على معاقبتكم واستبدال خير منكم مطيعين له ولرسوله، في السراء والضراء[14].



ثم ضرب لهم الحق تعالى المثل باستغنائه صلى الله عليه وسلم بنصر الله عن نصرتهم وجهادهم، وذكرهم بخروجه صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرًا مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه، وما كاد يلحقه من أذى قريش فأنجاه الله منهم بقوله عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40] إن تخليتم عن تلبية نداء الجهاد معه صلى الله عليه وسلم ولم تنصروه فقد نصره الله في أشد المواقف ضعفًا وقلة أنصار ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التوبة: 40] حين ضيقت به قريش وحاولت قتله واضطرته للخروج سرًّا من بيته مهاجرًا واتبعت أثره إلى الغار الذي اختبأ فيه ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾ [التوبة: 40]، مع صاحبه الذي كان ثانيه ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾ [التوبة: 40] أبي بكر رضي الله عنه الذي حزن لاحتمال اكتشاف كفار قريش مخبأهما ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40] بستره ونصرته، وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس قال: حدثني أبو بكر قال: كنت مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في الغار، فرأيت آثار المشركين، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا تحت قدمه، فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا أبا بكر، ما ظَنُّك باثنين الله ثالثهما))، ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾ [التوبة: 40]، أنزل الطمأنينة على قلبه صلى الله عليه وسلم فواصَلَ الطريق إلى المدينة محفوظًا آمنًا ومنصورًا ﴿ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 40] هم الملائكة الذين أيَّده الله بهم فقاتلوا معه في غزوة بدر وانكسرت بهم شوكة الكفار فولوا مدبرين ﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى ﴾ [التوبة: 40]، خابت آمالهم وانذلت أحوالهم، وجعل الله شأنهم أقوالًا وأفعالًا وعقائد وقيمًا سفلى ساقطة ﴿ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ [التوبة: 40] وكلمة الله دائمًا وأبدًا هي العليا النافذة، أمرًا ونهيًا وخلقًا وإحياء وإماتة وعطاء ومنعًا وتقديرًا وإقدارًا وأولًا وأخيرًا، لا راد لها ولا معترض عليها، وقد قرأ يعقوب: "وَكَلِمَةَ اللَّهِ" بفتح التاء، معطوفة على ﴿ كَلِمَةَ ﴾ الأولى الواقعة مفعولًا به لفعل "جعل"، وجملة ﴿ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ في محلِّ نصب مفعول ثانٍ. وقرأ الباقون ﴿ وَكَلِمَةُ اللَّهِ ﴾برفع التاء، على الابتداء، وهو الأصوب في نظري، وجملة ﴿ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ في محل رفع خبر المبتدأ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173] وقال: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].



ثم عقب عز وجل بقوله: ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]، واسمه تعالى: ﴿ عَزِيزٌ ﴾، من حرفي العين والزاء أصل صحيح كما قال ابن فارس في معجمه يدل على الشدة والقوة وما ضاهاهما من غلبة وقهر، ومنه "العزة" التي هي لله وحده، متفرد سبحانه بها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [يونس: 65]، وقال: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]، واسمه عز وجل: ﴿ حَكِيمٌ ﴾، من الحكم والإحكام والحكمة، يثبت عز وجل ما يشاء على أحسن إثبات وينسخ ما يشاء على أحسن نسخ، قوله وفعله وأمره ونهيه حكمة مطلقة، لا ينالها العيب أو الخطأ أو النقص أو الجهل، سبحانه وتعالى عما يصفون أو يشركون.



لقد كان عتاب المتثاقلين والمخلفين شديدًا وتوبيخهم وتهديدهم بالاستبدال أشد، لا سيما وقد ذُكِّروا بنصرة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في حالات استضعافه بمكة وحيدًا وحالات الهجوم على دولته وليدة ومحاطة بالأعداء بين فيافي يثرب، كما كان إشعارهم بأن كلمة الله التي يحمل لواءها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي العليا أبدًا، والمنتصرة النافذة في كل حال وحين، خير مقدمة لتصحيح تصورهم إن أراد الله بهم خيرًا؛ لذلك بادرهم الحق تعالى بتأكيد دعوتهم إلى الجهاد أمرًا جازمًا لا محيص عنه، فقال عز وجل: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ﴾ [التوبة: 41] نصبهما على الحال من فاعل ﴿ انْفِرُوا ﴾؛ أي: هُبُّوا كلكم كهبَّة السيف مضاء وهبة الريح سرعة ﴿ خِفَافًا ﴾، بالفتح على الحال من فاعل ﴿ انْفِرُوا ﴾، أي: في أي حال كنتم، سواء كنتم خفافًا من مسؤوليات الحياة الدنيا زوجة أو ولدًا أو تجارةً أو ضياعًا وغيرها ﴿ وَثِقَالًا ﴾ أو مثقلين بهم الأهل والولد والمال وما زين لكم من رغائب النفوس ومثبطات الهمم، وقد روى ابن أم مكتوم أنه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أعَلَيَّ أنَّ أنفر؟ فقال له: ((ما أنت إلَّا خفيفٌ أو ثقيلٌ))، فرجع إلى أهله ولبس سلاحه، ووقف بين يديه، فنزل قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ﴾ [الفتح: 17]، وقال مجاهدٌ: "إنَّ أبا أيُّوب الأنصاري شهد بدرًا مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يتخَلَّف عن الغزوات مع المسلمين، ويقول: "قال الله تعالى: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ﴾، فلا أجدني إلاَّ خفيفًا أو ثقيلًا".



ثم قال عز وجل: ﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [التوبة: 41]، تبذلونها لتوفير آلة الجهاد ومتطلباته وتجهيز رجاله ورعاية أهلهم من خلفهم ﴿ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ بالمشاركة الفعلية في الجهاد؛ إذ لا يغني الجهاد بالمال عن الجهاد بالنفس ولا الجهاد بالنفس عن الجهاد بالمال ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 41] وحده لا شريك له، لا تريدون بذلك جاهًا أو مكسبًا ماليًّا أو رتبة دنيوية أو مدحًا من الناس أو مفخرة بينهم، غايتكم الله وهدفكم إرضاؤه، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَنَّى ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))[15]، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال: ((لا شيء له))، فأعادها ثلاث مرات، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له))، ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي وجهه)) [16]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أدخل الله تعالى عليهم ذُلًّا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم)) [17].



وختم الحق تعالى بكلمة فصل في هذه الحالات التي كانت تدب في المجتمع المسلم دبيبًا بطيئًا فقال عز وجل: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [التوبة: 41] ذلكم الجهاد بالمال والنفس هو الخير لكم في الدنيا بالنصر والتمكين، وفي الآخرة بأجر الجهاد أو الشهادة في سبيل الله ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 41] إن كنتم تؤمنون بما أنزل إليكم من ربكم وتفهمون معانيه ومقاصده ومراشده وفضله؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم مُبلِّغًا عن ربِّه ومبيِّنًا ومُعلِّمًا ومعطيًا من نفسه القدوة والأسوة ومخبرًا بفضل الجهاد وأجر المجاهدين فيما أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي: ((انتدبَ اللهُ عزَّ وجلَّ لمن خرجَ في سبيله لا يخرجُ إلا جِهادًا في سبيلي، وإيمانًا بِي وتصدِيقًا برسولِي؛ فهو عليَّ ضامنٌ أنْ أدْخلَه الجنَّةَ، أو أَرجِعَهُ إلى مَسْكنهِ الذي خرجَ منهُ نائلًا ما نالَ من أَجْرٍ أو غنيمةٍ، والذي نفْس مُحَمَّدٍ بيده! ما من كَلْمٍ يُكْلَمُ في سبيل الله إلا جاءَ يومَ القيامةِ كهيئتهِ يومَ كُلِمَ؛ لوْنه لونُ دمٍ، وريحُه ريحُ مسكٍ، والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدِه، لولا أنْ أشقَّ على المسلِمينَ ما قعدتُ خلافَ سَرِيَّة تغزُو في سبيلِ اللهِ أبدًا، ولكنِّي لا أجدُ سَعَة فيتبعُوني، ولا تطيبُ أنفُسُهم فيتخلفونَ بعْدي، والذي نفسُ مُحَمَّد بيدِه، لوددتُ أنْ أغزوَ في سبيلِ اللهِ فأُقْتَل، ثمَّ أغزُوَ فأُقتل، ثم أغزُوَ فأُقتل).


[1] كانت معركة نينوى - شمال غرب العراق - فاصلة فى الحرب الساسانية البيزنطية التي دارت بين عامي 602 و628 الميلاديين، وكان قائد الروم هو الإمبراطور هرقل نفسه، وقائد الفرس فيها راهزاد الذي قتل في مبارزة فردية مع هرقل، فكانت هزيمة الفرس وتحطيم قوة الساسانيين واستعادة الدولة البيزنطية حدودها القديمة في آسيا.

[2] وهي الشهور المعلومة بأسمائها عند العرب، تبدأ سنتها من ظهور أول هلال للقمر بعد انتهاء موسم الحج وهو هلال شهر المحرم.

[3] متفق عليه.

[4] صحيح الألباني.

[5] صحيح الألباني.

[6]مَعَد:من ولد عدنان، قبيلة عربية، كانت شرق نزار، وجنوب طيء وغسان.

[7] زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخو محمد الباقر، قتل ثم صلب أربع سنين.

[8] كما أصبح معمولًا به حاليًّا في ديار المسلمين باعتمادهم التقويم "الغريغوري" الميلادي الذي تم اعتماده بالقرن 16، من قبل البابا غريغوري الـ 13، وإعراضهم عن التقويم الإسلامي المبني على دورة القمر.

[9] أخرجه ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر.

[10]أسامة بن زيد رضي الله عنه يرتفع نسبه إلى قضاعة بن معد بن عدنان، أبوه زيد بن حارثة الذي كان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم، وأول الموالي إسلامًا ومن السابقين الأولين للإسلام، والوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن بقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [الأحزاب: 37]، بعثه الرسول صلى الله عليه قائدًا على عدد من السرايا. واستشهد في غزوة مؤتة وهو يقود جيش المسلمين أمام جيش من البيزنطيين وعملائهم الغساسنة.

[11] أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعداد لغزو الروم يوم الاثنين لأربع ليالٍ بقين من صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة، ثم دعا أسامة بن زيد في اليوم الثاني وأمَّرَه على الجيش وقال له: ((سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش))، وجعل تحت إمرته كبار الصحابة أبا بكر وعمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، فقال بعض المنافقين: "يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين"، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا وصعد المنبر وقد عصب على رأسه عصابة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد، أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في إمارتي أسامةَ، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله إن كان للإمارة لخليقًا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لَمَـــخِيلان لكل خير، واستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم)) ثم نزل فدخل بيته وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودِّعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: ((أنفذوا بعث أسامة))، ولما تأخر خروج أسامة لوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أول ربيع الثاني من السنة الحادية للهجرة خرج أسامة على فرس أبيه "سبحة" فشن الحرب على الروم في البلقاء - الهضبة الشرقية لغور الأردن حاليًّا - وشعاره يومئذ: "يا منصور أمت" فنصره الله عليهم وقتل قاتل أبيه ورجع إلى المدينة منصورًا.

[12] لَمَخِيلان: بفتح الميم وكسر الخاء؛ أي: لمظنة لكل خير، من: خَالَ الشيءَ يخاله خَيْلًا وخِيلَة وخَيْلة وخَالًا وخِيَلًا وخَيَلانًا.

[13] عن المُسْتَوْرِد بن شَدَّاد رضي الله عنه، رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي.

[14] كما في قوله تعالى أيضًا إذ دعوا للإنفاق على الجهاد فأنفق بعضهم وبخل بعضهم وقال تعالى: ﴿ هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، وقد أورد ابن كثير في تفسيره عن أبي هريرة أنه قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هؤلاء الذين إن تولينا اسْتَبْدَلَ بِنَا ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا؟ قَالَ: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا وَقَوْمُهُ وَلَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنَ الْفُرْسِ)).

[15] صححه الألباني.

[16] أخرجه النسائي بإسناد جيد.

[17] صححه الألباني



 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس
قديم 01-23-2024   #2


الصورة الرمزية مجنون قصايد

 عضويتي » 27626
 جيت فيذا » Jul 2014
 آخر حضور » منذ 15 ساعات (07:16 PM)
آبدآعاتي » 265,627
الاعجابات المتلقاة » 1863
الاعجابات المُرسلة » 8778
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 51سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » مجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond reputeمجنون قصايد has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   cola
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  احبكم

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد


 توقيع : مجنون قصايد






رد مع اقتباس
قديم 01-23-2024   #3


الصورة الرمزية شموخ

 عضويتي » 28080
 جيت فيذا » Jan 2015
 آخر حضور » منذ 2 يوم (09:33 AM)
آبدآعاتي » 182,840
الاعجابات المتلقاة » 726
الاعجابات المُرسلة » 1011
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » العام
آلعمر  » 60سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » شموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond reputeشموخ has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مشروبك   water
قناتك mbc
اشجع hilal
مَزآجِي  »  استغفر الله

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
♔شموخ ♔
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك


 توقيع : شموخ






اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥


اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره


رد مع اقتباس
قديم 01-23-2024   #4


الصورة الرمزية عـــودالليل

 عضويتي » 2
 جيت فيذا » Sep 2008
 آخر حضور » منذ 2 يوم (12:07 AM)
آبدآعاتي » 749,998
الاعجابات المتلقاة » 1969
الاعجابات المُرسلة » 3987
 حاليآ في » فوق الكواكب والنجوم
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الادبي
آلعمر  » 28سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » اعزب
 التقييم » عـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond reputeعـــودالليل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك action
اشجع ithad
مَزآجِي  »  استغفر الله

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 8 CS My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
ياهلا باللي ينور

دنيتي صوته



كيف

لوجيتني

وش حالها الدنيا
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



اختيار جميل جدا
يدل على ثقافه عاليه

شكرا من القب
على هكذا طرح




احترامي
محمد الحريري


 توقيع : عـــودالليل




مهم جدآ
قرار بخصوص احتساب المشاركات وتوضيح مفصل
بالاضافة لشروط استخدام الخاص وصندوق المحادثات

تفضلوا بالدخول

طريقة احتساب المشاركات وكيف تحصل على مشاركات اضافيه بنجاح - منتديات قصايد ليل

قوانين استخدام الشات والرسائل الخاصة - منتديات قصايد ليل


رد مع اقتباس
قديم 01-23-2024   #5


الصورة الرمزية نظرة الحب

 عضويتي » 68
 جيت فيذا » Jan 2009
 آخر حضور » منذ 21 ساعات (12:41 PM)
آبدآعاتي » 658,346
الاعجابات المتلقاة » 937
الاعجابات المُرسلة » 352
 حاليآ في » بين قصــائــدهـ
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 27سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » نظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond reputeنظرة الحب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع naser
مَزآجِي  »  استغفر الله

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
ماعلموك ؟
إنه في غيابك
يلف دنياي السكون وفي وجودك
تضحك احزاني وتهون..
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



شكرآ على الاختيار المميز للموضوع
.
.
مودتي


 توقيع : نظرة الحب




رد مع اقتباس
قديم 01-23-2024   #6


الصورة الرمزية نجم الجدي

 عضويتي » 134
 جيت فيذا » Feb 2009
 آخر حضور » منذ 21 ساعات (12:39 PM)
آبدآعاتي » 273,721
الاعجابات المتلقاة » 2162
الاعجابات المُرسلة » 5720
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 48سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » نجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   cola
قناتك mbc
اشجع naser
مَزآجِي  »  احبكم

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي


 توقيع : نجم الجدي





رد مع اقتباس
قديم 02-02-2024   #7


الصورة الرمزية ضامية الشوق

 عضويتي » 28589
 جيت فيذا » Oct 2015
 آخر حضور » منذ 9 ساعات (01:24 AM)
آبدآعاتي » 1,056,178
الاعجابات المتلقاة » 13859
الاعجابات المُرسلة » 8052
 حاليآ في » سلطنة عمان
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Oman
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الفنى
آلعمر  » 22سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » ضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك   7up
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  اطبخ

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 8 CS My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
أحبك وأنت النبض ودقات قلبي كله:066
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



جزاك الله خيرا


 توقيع : ضامية الشوق




رد مع اقتباس
قديم 02-09-2024   #8


الصورة الرمزية روح الندى

 عضويتي » 29723
 جيت فيذا » Jul 2018
 آخر حضور » منذ 3 ساعات (06:45 AM)
آبدآعاتي » 91,210
الاعجابات المتلقاة » 6884
الاعجابات المُرسلة » 8240
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » روح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond reputeروح الندى has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  ابكي

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: Sony

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



جزاك الله خير


 توقيع : روح الندى



رد مع اقتباس
قديم 02-15-2024   #9


الصورة الرمزية ملكة الجوري

 عضويتي » 29073
 جيت فيذا » Sep 2016
 آخر حضور » 03-10-2024 (03:13 PM)
آبدآعاتي » 601,601
الاعجابات المتلقاة » 6636
الاعجابات المُرسلة » 6081
 حاليآ في » فديټ قـ❤ـڵبا اהּـآ فـيـہ
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » العام
آلعمر  » 22سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » ملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond reputeملكة الجوري has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   water
قناتك mbc
اشجع hilal
مَزآجِي  »  لااله الا الله

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
جـميلة
محيا وسمحة خلق ،
ودقيقة عود
غزالن تقود البـيض
ماهيب تنقادي


мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان


 توقيع : ملكة الجوري



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير الآية 5 من سورة الأنعام: ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الْأَ جنــــون الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 7 12-30-2023 05:31 PM
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ إرتواء نبض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 9 12-30-2023 05:28 PM
تفسير قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 25] جنــــون الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 8 10-19-2023 10:05 PM
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الفرقان (1) ﴿ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴾ إرتواء نبض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 10 10-02-2023 02:56 AM
تفسير قوله تعالى: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ ملكة الجوري الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية 17 04-03-2022 10:04 PM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية