الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«…
 

…»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… { .. كل مايختص بأمور ديننا ودنيانا و يتعلق بأمور الدين الحنيف لأهل السنة و الجماعة فقط .. }

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-03-2017   #11


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الشجــــــــــاعة


في إحدى الليالي سمع أهل المدينة صوتًا عاليًا،
ألقى الخوف في قلوبهم، فانطلق الناس ناحيته،
فقابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق عائدًا،
وكان قد سبقهم إلى مصدر هذا الصوت،

فقال لهم:
(لم تُرَاعوا..لم تراعوا (أي لا تفزعوا))
[متفق عليه].


*يروى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
وزَّع على الناس أثوابًا، وكان الثوب يكفي الرجل حتى ساقيه،
ولا يغطِّي سائر رجليه، وأخذ عمر ثوبًا مثل عامة الناس،
وصعد المنبر فرآه الناس في ثوب طويل،
ولما افتتح خطبته قال: أيها الناس، اسمعوا وأطيعوا،
فقام أحد الحاضرين، وقال: لا سمع ولا طاعة.
فسأله عمر: ولماذا؟
فأجاب الرجل: لأنك أعطيتنا تلك الثياب القصيرة،
واستأثرت لنفسك بهذا الثوب الطويل،
فأمر عمر بن الخطاب ابنه عبد الله أن يرُدَّ على هذا الرجل
ويبين له الحقيقة، فقام عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-
ليعلن أنه قد تنازل عن ثوبه لأبيه حتى يكمل به جلبابه،
فقال الرجل: الآن قل، نسمع ونطع.



*ما هي الشجاعة؟

هي جرأة القلب وقوة النفس عند مواجهة الأمور الصعبة.



شجاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم:

كان الصحابة -رضي الله عنهم-
إذا اشتدت الحرب يحتمون خلف
ظهر النبي صلى الله عليه وسلم،
ويجعلونه في المقدمة
، وفي هذا يقول علي -رضي الله عنه:
كنا إذا اشتدت البأساء (الحرب)
احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم،
فما يكون أحد منا أقرب إلى العدو منه.

ويقول البراء -رضي الله عنه-:
ولقد كنا إذا حمي البأس نتقي بالرسول صلى الله عليه وسلم،
وإن الشجاع الذي يحاذَي به.
وفي غزوة حنين حين اضطرب المسلمون،
وفرَّ عدد كبير منهم، وقتل وأصيب آخرون،
ظل النبي صلى الله عليه وسلم ثابتًا في مكانه لا يتزحزح،
يضرب بسيفه يمينًا ويسارًا،
مناديا بأعلى صوته: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)،
وما إن سمع المسلمون هذا النداء حتى عادت إلى قلوبهم الشجاعة
، والتفوا مرة أخرى حول الرسول صلى الله عليه وسلم يقاتلون
حتى تحقق لهم النصر.
وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشجع الناس،
فتعلم الصحابة الشجاعة منه،
وكانوا قادة أَكْفَاء وقدوة في التضحية والفداء.


شجاعة الصحابة:

ضرب الصحابة أروع الأمثلة في الشجاعة،
ومن هؤلاء الصحابة:
عمرو بن الجموح: منعه أبناؤه من الاشتراك في ميدان القتال؛
لأنه لا يستطيع السير على ساقه العرجاء،
فقال لهم: والله، إني أريد أن أطأ بعرجتي هذه الجنة.
واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال فأذن له
وذهب إلى ميدان المعركة فقاتل بشجاعة؛
حتى نال الشهادة في سبيل الله.



علي بن أبي طالب:

تربى على الشجاعة والإقدام منذ صغره،
وضرب لنا وهو صغير مثلا رائعًا في الشجاعة عندما نام في فراش
الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة؛ فعرَّض نفسه للموت
بسيوف المشركين، ليُسَهِّل مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في هجرته إلى المدينة سالـمًا.



عبد الله بن رواحة: صحابي جليل جاهد في سبيل الله،
واستشهد في معركة مؤتة،

وقبل أن ينال الشهادة أخذ يخاطب نفسه
ويحثها على القتال،
فيقول:

أقسمتُ يا نَـفْسُ لتَنْـزِلِـنَّــهْ
ما لـي أراك تكرهيـن الجنَّــةْ
يا نفـسُ إلا تُقْتَلـِـي تمـوتـي
هـذا حِمامُ الموت قد صَلِيــتِ
وما تمنيـتِ فـقـد أُعْطِيــتِ
إن تفعلي فِعْلَهُمَـا هُـدِيـــتِ

وكان عبد الله يتمنى الشهادة،

ويريد أن يلحق بصاحبيه زيد بن حارثة
وجعفر بن أبي طالب -شهداء مؤتة-، وبالفعل خاض المعركة،
وأبلى في تلك الغزوة بلاءً حسنًا حتى فاز بالشهادة في سبيل الله،
ولحق بصاحبيه في الجنة.



خالد بن الوليد:

أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم
على خالد بن الوليد سيف الله المسلول لشجاعته واستبساله
في الحروب، وعند موته كان حزينًا لأنه لم يمت شهيدًا
في ميدان القتال، وقال: ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف
أو طعنة برمح أو رمية بسهم،
وها أنذا أموت على فراشي حَتْفَ أنفي كما يموت البعير،
فلا نامت أعين الجبناء.



أبو ذر الغفاري:

عرف بشجاعته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛
حيث كان يدافع عن الفقراء،
ويطلب من الأغنياء أن يتصدقوا ويخرجوا زكاة أموالهم
التي هي حق الفقراء، وكان يقول: بَشِّر الكانزين
الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار تُكْوَى
بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة.


نساء الصحابة:

اتصفت نساء الصحابة -رضي الله عنهن-
بالشجاعة والإقدام، فكن يشتركن مع المسلمين في المعارك
ويقمن بإعداد الطعام للمقاتلين،
وتجهيز الماء لسقي الجنود، ومداواة الجرحى والمرضى،
حتى اشتهر من هؤلاء النساء السيدة أم عمارة نسيبة بنت كعب
والسيدة أم عطية الأنصارية، والسيدة أم سليم، والسيدة ليلي
الغفارية، وغيرهن -رضي الله عنهن-.

وذات مرة قابلت الصحابية الجليلة خَوْلَة بنت ثعلـبـة -رضـي الله
عنها- أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
وظلت تنصحه، وتعظه، وهو واقف لا يتحرك من أمامها،
وينصت لكلامها حتى انتهت من نصيحتها.



أطفال الصحابة: أظهر كثير من الأطفال
حزنهم لعدم اشتراكهم في المعارك مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فيحكى أن عمير بن أبي وقاص -وكان صغيرًا
- اختبأ في صفوف الجيش حتى لا يراه الرسول صلى الله عليه وسلم
فيرده لصغر سنه، وحينما طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم
أن يرجع بكى؛ فسمح له الرسول صلى الله عليه وسلم
بمصاحبة الجيش.



أنواع الشجاعة:
الشجاعة لها أنواع كثيرة، منها:

الشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب
إلا إذا انْتُهِكَتْ حرمة من حرمات الله،
أو ارتكب أحد الناس منكرًا بأن فعل معصية،
فيأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالخير،
وينهاه عن المنكر والمعصية،
وقد تعلم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه.

وقد أمر الله -سبحانه- بهذا النوع من الشجاعة
، إذ وجهنا سبحانه إليها في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
، فقال:
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة
وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور
[الحج: 41]

، وقال كذلك:
وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة
منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم
إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
[التوبة: 122].

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
(قل الحق، ولو كان مرًّا)
[أحمد].
وقال صلى الله عليه وسلم:

من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه،
فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان
[مسلم].

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل الذي يعظ
ولي الأمر وينصحه في لين ورفق له أجر عظيم
وجزاء وفير من رب العالمين،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب
، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه فقتله
[الحاكم].



الشجاعة في طلب العلم:
المسلم يسعى دائمًا إلى طلب العلم، ويسأل ويستفسر
عما لا يعرفه؛ لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة
، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه
، ويستفسرون منه عما لا يعرفونه دون خجل؛
وكان الرجل منهم والمرأة -رضي الله عنهم-
في ذلك الأمر سواء.



الشجاعة في الاعتراف بالخطأ:
المسلم دائمًا يميل إلى الحق والصواب
، وإذا أخطأ يسارع بالاعتراف بخطئه والندم عليه
والتوبة إلى الله منه. ومن ذلك موقف سيدنا آدم -عليه السلام-
حينما أكل من الشجرة المحرَّمة وعصى ربه،
فسارع بالاعتراف بخطئه واستغفر ربه
حتى تاب الله عليه.



كذلك نبي الله يونس -عليه السلام-
حينما التقمه الحوت، لجأ إلى ربه ذاكرًا مستغفرًا،
حتى نجَّاه الله مما هو فيه، وكان يدعو ربه،
ويقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

وهكذا المسلم دائمًا يرجع ويعود إلى الحق،
فإذا صدر منه ذنب أو خطأ فإنه يتوب ويعتذر
ويعترف بخطئه.
الشجاعة في القتال: أمر الله المسلمين
أن يستعدوا لمواجهة أعدائه،

فقال تعالى:
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل
ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم
لا تعلمونهم الله يعلمهم
[الأنفال: 60].

وأمر الله المسلمين أن يقاتلوا المشركين بقوة وثبات
وهم يد واحدة،



فقال الله تعالى:
إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا
كأنهم بنيان مرصوص
[الصف: 4]

وقال الله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا
واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون}
[الأنفال: 45].

وقال الله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا
زحفًا فلا تولوهم الأدبار}
[الأنفال: 15].

والمسلم لا يخشى الموت في سبيل الله
، فهي منزلة عظيمة عند الله -سبحانه-.

يقول الشاعر:
وإذا لـم يَكُـنْ للمــوتِ بُــدٌّ
فَمِنَ الْعَجْزِ أنْ تموتَ جَبـَـانَــا



وحث النبي صلى الله عليه وسلم على القوة،
فقال:
(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن
الضعيف،

وفي كلٍّ خير. احرص على ما ينفعك
واستعن بالله ولا تَعْجَزْ، وإن أصابك شيء

فلا تقل: لو أني فعلتُ كذا كان كذا وكذا،
ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان
[مسلم].

فعلى المسلم أن يجعل الشجاعة
صفة لازمة له على الدوام.




رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #12


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الشــــــــورى



قبل معركة بدر، استشار النبي صلى الله عليه وسلم
أصحابه في الخروج للقتال فشجعوه،
حتى إن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه-
قال: يا رسول الله،
إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون،
ولكن امض ونحن معك.
فانشرح صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأمرهم بالخروج للقتال.


وفي الطريق إلى مكان المعركة،
نزل الجيش في مكان قريب من بئر بدر،
فقال الحُباب بن المنذر -رضي الله عنه-: يا رسول الله،
أهذا منزل أَنْزَلَكَهُ الله، فليس لنا أن نتقدم عنه ولا نتأخر،
أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(بل هو الرأي والحرب والمكيدة).

فقال الحباب: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل.
وأشار الحباب على النبي صلى الله عليه وسلم
أن يعسكر الجيش عند بئر بدر،
فيشرب منه المسلمون ويمنعوا منه الكفار،
فرضي النبي صلى الله عليه وسلم برأيه وعمل به.

وبعد أن انتهت المعركة، وانتصر المسلمون انتصارًا رائعًا،
ووقع في الأسر سبعون رجلا من المشركين،

طلب النبي صلى الله عليه وسلم
مشورة أصحابه فيم يصنع بهؤلاء الأسرى؟

فكان رأي أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-
أن يعفو عنهم ويطلب منهم
الفداء،
وكان رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
أن تُضرب أعناقهم ويقَتَّلُوا،

فاختار الرسول صلى الله عليه وسلم
رأي أبي بكر الصديق.



كانت بلقيس ملكة على مملكة سبأ
في عهد نبي الله سليمان -عليه السلام-
وكانت معروفة عند قومها بالعقل والحكمة،
وكان قومها يعبدون الشمس من دون الله،
فَبَعث إليها نبي الله سليمان -عليه السلام-
رسالة يدعوها فيها إلى الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له،
فقالت بلقيس لقومها:
{يا أيها الملأ إني ألقي إلى كتاب كريم . إنه من سليمان
وإنه بسم الله الرحمن الرحيم .
ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين
. قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرًا
حتى تشهدون}
[النمل: 29-32].
وهكذا طلبت ملكة سبأ مشورة قومها،
ثم ذهبت إلى نبي الله سليمان،
فشرح الله صدرها للإسلام.


ما هي الشورى؟

الشــــورى
هي أن يأخذ الإنسان برأي أصحاب العقول الراجحة والأفكار
الصائبة، ويستشيرهم حتى يتبين له الصواب فيتبعه،
ويتضح له الخطأ فيجتنبه،
والحكم في الإسلام
يقوم على ثلاثة أركان أساسية،
هي: العدل والمساواة والشورى،
مما يبين أن الشورى لها مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي،
وقد سمى الله -تعالى-
سورة في القرآن الكريم باسم الشورى.

وأمر الله -تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم
بأن يشاور المسلمين،
ويأخذ آراءهم،
فقال سبحانه:
{فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}
[آل عمران: 159].
وجعل الله -تعالى- الشورى صفة من صفات المسلمين،
وجعلها في منزلة الصلاة والإنفاق،
قال تعالى:
{والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى
بينهم ومما رزقناهم ينفقون}
[الشوري: 38].

والشورى في الإسلام تكون في الأمور التي ليس فيها أمر من الله،
أو أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم،
إذ إنه لا شورى مع وجود نص شرعي،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم المشاورة لأصحابه
في كل أمر يقدم عليه ما لم ينزل فيه قرآن،
فإذا كان هناك وحي من الله طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم
دون تأخير.

قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: ما رَأَيْتُ أحدًا قَطُّ كان
أكثر مشورة لأصحابه
من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فضل الشورى:

الذي يستشير الناس لا يندم أبدًا،
والله -سبحانه- يوفقه للخير، ويهديه إلى الصواب.
قال الله صلى الله عليه وسلم:
(من أراد أمرًا، فشاور فيه امرءًا مسلمًا وفقه الله لأرشد أموره) [الطبراني].
والمشاورة هي عين الهداية،
وهي دليل على الحزم وحسن التصرف والتدبير.
وبالشورى يستفيد الإنسان من تجارب غيره،
ويشاركهم في عقولهم،
وبذلك يتجنب الخطأ والضرر، ويصبح دائمًا على صواب.

وقال أحمد شوقي مخاطبًا
عمر -رضي الله عنه-:
يا رافعـًا رايــة الشُّـورى وحـارسَهـا
جزاك ربُّكَ خيـرًا عـن مُحِبِّــيـهَا
رَأْي الجماعةِ لا تَشْقَى البـــلادُ بـــهِ
رَغْـَم الخـِلاف ورَأْي الْفَـرْدِ يُشْقِيهَا
وقد قيل: نعم المؤازرة المشاورة.

وقال الشاعر:
وإنْ نـَاصِـحٌ منـك يومـًا دَنَــا
فلا تَنْأَ عنــه ولا تُقْـصـِـــهِ
وإن بَـابُ أَمْــرٍ عَلَيـــكَ الْتـَـــوَي
فشـاورْ لَبِيـبـًا ولا تَعْصِــــهِ

تنأ عنه (تبتعد عنه)،
وتقصه (تبعده)،
واللبيب (الفطن الراجح العقل).


الاستخارة:

وإذا كان المسلم يأخذ آراء العقلاء من الناس
ويستشيرهم في أموره، فإن
الله -سبحانه- أقرب من نلجأ إليه حين تختلط علينا الأمور؛
فنطلب منه الهداية والرشاد،
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الاستخارة،
فإذا أقدم المسلم على أمر فليصلِّ ركعتين،
ثم يدعو الله بدعاء الاستخارة:
اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ،
وأسألك من فضلك العظيم،
فإنك تعلم ولا أعلم، وتَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ،
وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر
(ويذكر حاجته) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
فاقدره لـي، ويـسره لي،
ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر
(ويذكر حاجته)
شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني،
واصرفني عنه،
واقْدِرْ لي الخيرَ حيث كان ثم رضِّني به
[البخاري]



فعلى المسلم أن يحرص على تلك الصلاة
ويستخير ربه في كل أموره.





رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #13


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الإخلاص


يحكى أنه كان في بني إسرائيل رجل عابد، فجاءه قومه، وقالوا له: إن هناك قومًا يعبدون شجرة، ويشركون بالله؛ فغضب العابد غضبًا شديدًا، وأخذ فأسًا؛ ليقطع الشجرة، وفي الطريق، قابله إبليس في صورة شيخ كبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟
فقال العابد: أريد أن أذهب لأقطع الشجرة التي يعبدها الناس من دون الله. فقال إبليس: لن أتركك تقطعها.
وتشاجر إبليس مع العابد؛ فغلبه العابد، وأوقعه على الأرض. فقال إبليس: إني أعرض عليك أمرًا هو خير لك، فأنت فقير لا مال لك، فارجع عن قطع الشجرة وسوف أعطيك عن كل يوم دينارين، فوافق العابد.
وفي اليوم الأول، أخذ العابد دينارين، وفي اليوم الثاني أخذ دينارين، ولكن في اليوم الثالث لم يجد الدينارين؛ فغضب العابد، وأخذ فأسه، وقال: لابد أن أقطع الشجرة. فقابله إبليس في صورة الشيخ الكبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟ فقال العابد: سوف أقطع الشجرة.
فقال إبليس: لن تستطيع، وسأمنعك من ذلك، فتقاتلا، فغلب إبليسُ العابدَ، وألقى به على الأرض، فقال العابد: كيف غلبتَني هذه المرة؟! وقد غلبتُك في المرة السابقة! فقال إبليس: لأنك غضبتَ في المرة الأولى لله -تعالى-، وكان عملك خالصًا له؛ فأمَّنك الله مني، أمَّا في هذه المرة؛ فقد غضبت لنفسك لضياع الدينارين، فهزمتُك وغلبتُك.
***


هاجرت إحدى الصحابيات من مكة إلى المدينة، وكان اسمها أم قيس، فهاجر رجل إليها ليتزوجها، ولم يهاجر من أجل نُصْرَةِ دين الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصِيبُها أو امرأة ينكحها (يتزوجها)؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه) [متفق عليه].
ما هو الإخلاص؟
الإخلاص هو أن يجعل المسلم كل أعماله لله -سبحانه- ابتغاء مرضاته، وليس طلبًا للرياء والسُّمْعة؛ فهو لا يعمل ليراه الناس، ويتحدثوا عن أعماله، ويمدحوه، ويثْنُوا عليه.
الإخلاص واجب في كل الأعمال:
على المسلم أن يخلص النية في كل عمل يقوم به حتى يتقبله الله منه؛ لأن
الله -سبحانه- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه تعالى. قال تعالى في كتابه: {وما أمروا إلا يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة: 5]. وقال تعالى: {ألا لله الدين الخالص} [الزمر: 3]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابْتُغِي به وجهُه) [النسائي].
والإخلاص صفة لازمة للمسلم إذا كان عاملا أو تاجرًا أو طالبًا أو غير ذلك؛ فالعامل يتقن عمله لأن الله أمر بإتقان العمل وإحسانه، والتاجر يتقي الله في تجارته، فلا يغالي على الناس، إنما يطلب الربح الحلال دائمًا، والطالب يجتهد في مذاكرته وتحصيل دروسه، وهو يبتغي مرضاة الله ونَفْع المسلمين بهذا العلم.


الإخلاص صفة الأنبياء:

قال تعالى عن موسى -عليه السلام-: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصًا وكان رسولاً نبيًا} [مريم: 51]. ووصف الله -عز وجل- إبراهيم وإسحاق ويعقوب -عليهم السلام- بالإخلاص، فقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار . إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار . وإنهم عندنا من المصطفين الأخيار} [ص: 45-47].



الإخلاص في النية:
ذهب قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: يا رسول الله، نريد أن نخرج معك في غزوة تبوك، وليس معنا متاع ولا سلاح. ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعينهم به، فأمرهم بالرجوع؛ فرجعوا محزونين يبكون لعدم استطاعتهم الجهاد في سبيل الله، فأنزل الله -عز وجل- في حقهم قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا ما نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم . ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون}.
[التوبة: 91-92].
فلما ذهب صلى الله عليه وسلم للحرب قال لأصحابه: (إن أقوامًا بالمدينة خلفنا ما سلكنا شِعْبًا ولا واديا إلا وهم معنا فيه (يعني يأخذون من الأجر مثلنا)، حبسهم (منعهم) العذر) [البخاري].
الإخلاص في العبادة:
لا يقبل الله -تعالى- من طاعة الإنسان وعبادته إلا ما كان خالصًا له، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشركَه) [مسلم].
فالمسلم يتوجه في صلاته لله رب العالمين، فيؤديها بخشوع وسكينة ووقار، وهو يصوم احتسابًا للأجر من الله، وليس ليقول الناس عنه: إنه مُصَلٍّ أو مُزَكٍّ أو حاج، أو صائم، وإنما يبتغي في كل أعماله وجه ربه.



الإخلاص في الجهاد:

إذا جاهد المسلم في سبيل الله؛ فإنه يجعل نيته هي الدفاع عن دينه، وإعلاء كلمة الله، والدفاع عن بلاده وعن المسلمين، ولا يحارب من أجل أن يقول الناس إنه بطل وشجاع، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله، إني أقف مواقف أبتغي وجه الله، وأحب أن يرَى موطني (أي: يعرف الناس شجاعتي). فلم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا}.
[الكهف: 110].
وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر (يشتهر بين الناس)، والرجل يقاتل ليرَى مكانه (شجاعته)، فمن في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العُليا فهو في سبيل الله) [متفق عليه].
جزاء المخلصين:
المسلم المخلص يبتعد عنه الشيطان، ولا يوسوس له؛ لأن الله قد حفظ المؤمنين المخلصين من الشيطان، ونجد ذلك فيما حكاه القرآن الكريم على لسان الشيطان: {قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين} [الحجر: 39-40]. وقد قال الله تعالى في ثواب المخلصين وجزائهم في الآخرة: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرًا عظيمًا} [النساء: 146].






رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #14


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الصبر


ذات يوم مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبر، فرأى امرأة جالسة إلى جواره وهي تبكي على ولدها الذي مات، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقي الله واصبري). فقالت المرأة: إليك عني، فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي.
فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن المرأة تعرفه، فقال لها الناس: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسرعت المرأة إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم تعتذر إليه، وتقول: لَمْ أعرفك. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) [متفق عليه]. أي يجب على الإنسان أن يصبر في بداية المصيبة.
***
أسلم عمار بن ياسر وأبوه ياسر وأمه سمية -رضي الله عنهم- وعلم الكفار بإسلامهم، فأخذوهم جميعًا، وظلوا يعذبونهم عذابًا شديدًا، فلما مرَّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لهم: (صبرًا آل ياسر! فإن موعدكم الجنة)
[الحاكم]. وصبر آل ياسر، وتحملوا ما أصابهم من العذاب، حتى مات الأب والأم من شدة العذاب، واستشهد الابن بعد ذلك في إحدى المعارك؛ ليكونوا جميعًا من السابقين إلى الجنة، الضاربين أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى.
ما هو الصبر؟
الصبر هو أن يلتزم الإنسان بما يأمره الله به فيؤديه كاملا، وأن يجتنب ما ينهاه عنه، وأن يتقبل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد، والمسلم يتجمل بالصبر، ويتحمل المشاق، ولا يجزع، ولا يحزن لمصائب الدهر ونكباته. يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} [البقرة: 153].
الصبر خلق الأنبياء:
ضرب أنبياء الله -صلوات الله عليهم- أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله، وقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاق في سبيل نشر الإسلام، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام ويسبونه، ولا يستجيبون له، وكان جيرانه من المشركين يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته، فلا يقابل ذلك إلا بالصبر الجميل. يقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن صبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتحمله للأذى: (كأني أنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي (يُشْبِه) نبيًّا من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- ضربه قومه فأدموه (أصابوه وجرحوه)، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) [متفق عليه].
وقد وصف الله -تعالى- كثيرًا من أنبيائه بالصبر، فقال تعالى: {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين . وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين} [الأنبياء: 85-86].
وقال الله تعالى: {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} [الأحقاف: 35]. وأولو العزم من الرسل هم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد -عليهم صلوات الله وسلامه-.
وقال تعالى: {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وآذوا حتى أتاهم نصرنا} [الأنعام: 34].
وقال تعالى عن نبيه أيوب: {إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب}
[ص: 44]، فقد كان أيوب -عليه السلام- رجلا كثير المال والأهل، فابتلاه الله واختبره في ذلك كله، فأصابته الأمراض، وظل ملازمًا لفراش المرض سنوات طويلة، وفقد ماله وأولاده، ولم يبْقَ له إلا زوجته التي وقفت بجانبه صابرة محتسبة وفيةً له.
وكان أيوب مثلا عظيمًا في الصبر، فقد كان مؤمنًا بأن ذلك قضاء الله، وظل لسانه ذاكرًا، وقلبه شاكرًا، فأمره الله أن يضرب الأرض برجله ففعل، فأخرج الله له عين ماء باردة، وأمره أن يغتسل ويشرب منها، ففعل، فأذهب الله عنه الألم والأذى والمرض، وأبدله صحة وجمالا ومالا كثيرًا، وعوَّضه بأولاد صالحين جزاءً له على صبره، قال تعالى: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب} [ص: 43].


فضل الصبر:



أعد الله للصابرين الثواب العظيم والمغفرة الواسعة، يقول تعالى: {وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 155-157]. ويقول: {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10].
ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أُعْطِي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر)
[متفق عليه]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نَصَبٍ (تعب) ولا وَصَبٍ (مرض) ولا هَمّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غَمّ حتى الشوكة يُشَاكُها إلا كفَّر الله بها من خطاياه) [متفق عليه].


أنواع الصبر:


الصبر أنواع كثيرة، منها: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على المرض، والصبر على المصائب، والصبر على الفقر، والصبر على أذى
الناس.. إلخ.
الصبر على الطاعة: فالمسلم يصبر على الطاعات؛ لأنها تحتاج إلى جهد وعزيمة لتأديتها في أوقاتها على خير وجه، والمحافظة عليها. يقول الله -تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28]. ويقول تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} [طه: 132].
الصبر عن المعصية: المسلم يقاوم المغريات التي تزين له المعصية، وهذا يحتاج إلى صبر عظيم، وإرادة قوية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل المهاجرين من هجر ما نهي الله عنه، وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات
الله -عز وجل-) [الطبراني].
الصبر على المرض: إذا صبر المسلم على مرض ابتلاه الله به، كافأه الله عليه بأحسن الجزاء، قال صلى الله عليه وسلم: (من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده، وكتمها ولم يشْكُهَا إلى الناس، كان حقًّا على الله أن يغفر له).
[الطبراني].
وصبر المسلم على مرضه سبب في دخوله الجنة، فالسيدة أم زُفَر -رضي الله عنها- كانت مريضة بالصَّرَع، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها بالشفاء. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيكِ). فاختارت أن تصبر على مرضها ولها الجنة في الآخرة. [متفق عليه]. ويقول تعالى في الحديث القدسي: (إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر، عوضتُه منهما الجنة) [البخاري].
الصبر على المصائب: المسلم يصبر على ما يصيبه في ماله أو نفسه أو
أهله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضتُ صَفِيهُ من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) [البخاري]. وقد مرَّت أعرابية على بعض الناس، فوجدتهم يصرخون، فقالت: ما هذا؟ فقيل لها: مات لهم إنسان. فقالت: ما أراهم إلا من ربهم يستغيثون، وبقضائه يتبرمون (يضيقون)، وعن ثوابه يرغبون (يبتعدون).
وقال الإمام علي: إن صبرتَ جرى عليك القلم وأنتَ مأجور (لك أجر وثواب)، وإن جزعتَ جرى عليكَ القلم وأنت مأزور (عليك وزر وذنب).
الصبر على ضيق الحياة: المسلم يصبر على عسر الحياة وضيقها، ولا يشكو حاله إلا لربه، وله الأسوة والقدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين، فالسيدة عائشة -رضي الله عنها- تحكي أنه كان يمر الشهران الكاملان دون أن يوقَد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، وكانوا يعيشون على التمر والماء. [متفق عليه].
الصبر على أذى الناس: قال صلى الله عليه وسلم: (المسلم إذا كان مخالطًا الناس ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) [الترمذي].

الصبر المكروه:


الصبر ليس كله محمودًا، فهو في بعض الأحيان يكون مكروهًا. والصبر المكروه هو الصبر الذي يؤدي إلى الذل والهوان، أو يؤدي إلى التفريط في الدين أو تضييع بعض فرائضه، أما الصبر المحمود فهو الصبر على بلاء لا يقدر الإنسان على إزالته أو التخلص منه، أو بلاء ليس فيه ضرر بالشرع. أما إذا كان المسلم قادرًا على دفعه أو رفعه أو كان فيه ضرر بالشرع فصبره حينئذ لا يكون مطلوبًا.
قال الله -تعالى-: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرًا} [النساء: 97].
الأمور التي تعين على الصبر:
* معرفة أن الحياة الدنيا زائلة لا دوام فيها.
* معرفة الإنسـان أنه ملْكُ لله -تعالى- أولا وأخيرًا، وأن مصيره إلى الله تعالى.
* التيقن بحسن الجزاء عند الله، وأن الصابرين ينتظرهم أحسن الجزاء من الله، قال تعالى: {ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
[النحل: 96].
* اليقين بأن نصر الله قريب، وأن فرجه آتٍ، وأن بعد الضيق سعة، وأن بعد العسر يسرًا، وأن ما وعد الله به المبتلِين من الجزاء لابد أن يتحقق. قال تعالى: {فإن مع العسر يسرًا. إن مع العسر يسرًا} [الشرح: 5-6].
* الاستعانة بالله واللجوء إلى حماه، فيشعر المسلم الصابر بأن الله معه، وأنه في رعايته. قال الله -تعالى-: {واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال: 46].
* الاقتداء بأهل الصبر والعزائم، والتأمل في سير الصابرين وما لاقوه من ألوان البلاء والشدائد، وبخاصة أنبياء الله ورسله.
* الإيمان بقدر الله، وأن قضاءه نافذ لا محالة، وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله
يسير . لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} [الحديد: 22-23].
الابتعاد عن الاستعجال والغضب وشدة الحزن والضيق واليأس من رحمة الله؛ لأن كل ذلك يضعف من الصبر والمثابرة.




رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #15


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الصدق


يحكى أن رجلا كان يعصي الله -سبحانه- وكان فيه كثير من العيوب، فحاول أن يصلحها، فلم يستطع، فذهب إلى عالم، وطلب منه وصية يعالج بها عيوبه، فأمره العالم أن يعالج عيبًا واحدًا وهو الكذب، وأوصاه بالصدق في كل حال، وأخذ من الرجل عهدًا على ذلك، وبعد فترة أراد الرجل أن يشرب خمرًا فاشتراها وملأ كأسًا منها، وعندما رفعها إلى فمه قال: ماذا أقول للعالم إن سألني: هل شربتَ خمرًا؟ فهل أكذب عليه؟ لا، لن أشرب الخمر أبدًا.
وفي اليوم التالي، أراد الرجل أن يفعل ذنبًا آخر، لكنه تذكر عهده مع العالم بالصدق. فلم يفعل ذلك الذنب، وكلما أراد الرجل أن يفعل ذنبًا امتنع عن فعله حتى لا يكذب على العالم، وبمرور الأيام تخلى الرجل عن كل عيوبه بفضل تمسكه بخلق الصدق.
ويحكى أن طفلا كان كثير الكذب، سواءً في الجد أو المزاح، وفي إحدى المرات كان يسبح بجوار شاطئ البحر وتظاهر بأنه سيغرق، وظل ينادي أصحابه: أنقذوني أنقذوني.. إني أغرق. فجرى زملاؤه إليه لينقذوه فإذا به يضحك لأنه خدعهم، وفعل معهم ذلك أكثر من مرة.
وفي إحدى هذه المرات ارتفع الموج، وكاد الطفل أن يغرق، فأخذ ينادي ويستنجد بأصحابه، لكنهم ظنوا أنه يكذب عليهم كعادته، فلم يلتفتوا إليه حتى جري أحد الناس نحوه وأنقذه، فقال الولد لأصحابه: لقد عاقبني الله على كذبي عليكم، ولن أكذب بعد اليوم. وبعدها لم يعد هذا الطفل إلى الكذب مرة أخري.

ما هو الصدق؟



الصدق هو قول الحق ومطابقة الكلام للواقع. وقد أمر الله -تعالى- بالصدق، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119].
صدق الله:
يقول الله تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا} [النساء: 122]، فلا أحد أصدق منه قولا، وأصدق الحديث كتاب الله -تعالى-. وقال تعالى: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله} [الأحزاب: 22].

صدق الأنبياء:



أثنى الله على كثير من أنبيائه بالصدق، فقال تعالى عن نبي الله إبراهيم: {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقًا نبيًا} [مريم: 41].
وقال الله تعالى عن إسماعيل: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًا} [مريم: 54].
وقال الله تعالى عن يوسف: {يوسف أيها الصديق} [يوسف: 46].
وقال تعالى عن إدريس: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقًا نبيًا} [مريم: 56].
وكان الصدق صفة لازمة للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان قومه ينادونه بالصادق الأمين، ولقد قالت له السيدة خديجة -رضي الله عنها- عند نزول الوحي عليه: إنك لَتَصْدُقُ الحديث..

أنواع الصدق:




المسلم يكون صادقًا مع الله وصادقًا مع الناس وصادقًا مع نفسه.
الصدق مع الله: وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله، فلا يكون فيها رياءٌ ولا سمعةٌ، فمن عمل عملا لم يخلص فيه النية لله لم يتقبل الله منه عمله، والمسلم يخلص في جميع الطاعات بإعطائها حقها وأدائها على الوجه المطلوب منه.
الصدق مع الناس: فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) [أحمد].
الصدق مع النفس: فالمسلم الصادق لا يخدع نفسه، ويعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، فهو يعلم أن الصدق طريق النجاة، قال صلى الله عليه وسلم: (دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة) [الترمذي].

فضل الصدق:



أثنى الله على الصادقين بأنهم هم المتقون أصحاب الجنة، جزاء لهم على صدقهم، فقال تعالى: {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [البقرة: 177].
وقال تعالى: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} [المائدة: 119].
والصدق طمأنينة، ومنجاة في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: (تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهَلَكَة، فإن فيه النجاة) [ابن أبي الدنيا].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليَصْدُقُ؛ حتى يُكْتَبَ عند الله صِدِّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل لَيَكْذِبُ، حتى يكْتَبَ عند الله كذابًا) [متفق عليه].
فأحرى بكل مسلم وأجدر به أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقه، وأن يجعل الصدق صفة دائمة له، وما أجمل قول الشاعر:
عليك بالصـدق ولــو أنـــه
أَحْـرقَكَ الصدق بنـار الوعـيـد
وابْغِ رضـا المـولي، فأَشْقَـي الوري
من أسخط المولي وأرضي العبيــد
وقال الشاعر:
وعـوِّد لسـانك قول الصدق تَحْظَ به
إن اللسـان لمــا عـوَّدْتَ معــتـادُ




رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #16


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الإحسان



مرَّ عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- على غلام يرعى أغنامًا لسيده، فأراد ابن عمر أن يختبر الغلام، فقال له: بع لي شاة. فقال الصبي: إنها ليست لي، ولكنها ملك لسيدي، وأنا عبد مملوك له. فقال ابن عمر: إننا بموضع لا يرانا فيه سيدك، فبعني واحدة منها، وقل لسيدك: أكلها الذئب. فاستشعر الصبي مراقبة الله، وصاح: إذا كان سيدي لا يرانا، فأين الله؟! فسُرَّ منه عبد الله بن عمر ، ثم ذهب إلى سيده، فاشتراه منه وأعتقه.

ما هو الإحسان؟



الإحسان هو مراقبة الله في السر والعلن، وفي القول والعمل، وهو فعل الخيرات على أكمل وجه، وابتغاء مرضات الله.
أنواع الإحسان:
الإحسان مطلوب من المسلم في كل عمل يقوم به ويؤديه. وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيحد أحدكم شَفْرته، فلْيُرِح ذبيحته) [مسلم].


ومن أنواع الإحسان:



الإحسان مع الله: وهو أن يستشعر الإنسان وجود الله معه في كل لحظة، وفي كل حال، خاصة عند عبادته لله -عز وجل-، فيستحضره كأنه يراه وينظر إليه.
قال صلى الله عليه وسلم: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) [متفق عليه].
الإحسان إلى الوالدين: المسلم دائم الإحسان والبر لوالديه، يطيعهما، ويقوم بحقهما، ويبتعد عن الإساءة إليهما، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء: 23].
الإحسان إلى الأقارب: المسلم رحيم في معاملته لأقاربه، وبخاصة إخوانه وأهل بيته وأقارب والديه، يزورهم ويصلهم، ويحسن إليهم. قال الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} [النساء: 1].
وقال صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن يُبْسَطَ له في رزقه (يُوَسَّع له فيه)، وأن يُنْسأ له أثره (يُبارك له في عمره)، فليصل رحمه) [متفق عليه]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فَلْيَصِل رحمه) [البخاري].
كما أن المسلم يتصدق على ذوي رحمه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة)
[الترمذي].
الإحسان إلى الجار: المسلم يحسن إلى جيرانه، ويكرمهم امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه).
[متفق عليه].
ومن كمال الإيمان عدم إيذاء الجار، قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤْذِ جاره) [متفق عليه]. والمسلم يقابل إساءة جاره بالإحسان، فقد جاء رجل إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال له: إن لي جارًا يؤذيني، ويشتمني، ويُضَيِّقُ علي. فقال له ابن مسعود: اذهب فإن هو عصى الله فيك، فأطع الله فيه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن حق الجار: (إذا استعان بك أعنتَه، وإذا استقرضك أقرضتَه، وإذا افتقر عُدْتَ عليه (ساعدته)، وإذا مرض عُدْتَه (زُرْتَه)، وإذا أصابه خير هنأتَه، وإذا أصابته مصيبة عزَّيته، وإذا مات اتبعتَ جنازته، ولا تستطلْ عليه بالبناء، فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذِه بقتار قِدْرِك (رائحة الطعام) إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهدِ له منها، فإن لم تفعل، فأدخلها سرًّا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده) [الطبراني].
الإحسان إلى الفقراء: المسلم يحسن إلى الفقراء، ويتصدق عليهم، ولا يبخل بماله عليهم، وعلى الغني الذي يبخل بماله على الفقراء ألا ينسى أن الفقير سوف يتعلق برقبته يوم القيامة وهو يقول: رب، سل هذا -مشيرًا للغني- لِمَ منعني معروفه، وسدَّ بابه دوني؟
ولابد للمؤمن أن يُنَزِّه إحسانه عن النفاق والمراءاة، كما يجب عليه ألا يمن بإحسانه على أصحاب الحاجة من الضعفاء والفقراء؛ ليكون عمله خالصًا لوجه الله. قال تعالى: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم} [البقرة: 263].
الإحسان إلى اليتامى والمساكين: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأيتام، وبشَّر من يكرم اليتيم، ويحسن إليه بالجنة، فقال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بأصبعيه: السبابة، والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا.
[متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) [متفق عليه].
الإحسان إلى النفس: المسلم يحسن إلى نفسه؛ فيبعدها عن الحرام، ولا يفعل إلا ما يرضي الله، وهو بذلك يطهِّر نفسه ويزكيها، ويريحها من الضلال والحيرة في الدنيا، ومن الشقاء والعذاب في الآخرة، قال تعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} [الإسراء: 7].
الإحسان في القول: الإحسان مطلوب من المسلم في القول، فلا يخرج منه إلا الكلام الطيب الحسن، يقول تعالى: {وهدوا إلى الطيب من القول}
[الحج: 24]، وقال تعالى: {وقولوا للناس حسنًا} [البقرة: 83].
الإحسان في التحية: والإحسان مطلوب من المسلم في التحية، فعلى المسلم أن يلتزم بتحية الإسلام، ويرد على إخوانه تحيتهم. قال الله -تعالى-: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} [النساء: 86].
الإحسان في العمل: والمسلم يحسن في أداء عمله حتى يتقبله الله منه، ويجزيه عليه، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) [البيهقي].
الإحسان في الزينة والملبس: قال تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31].


جزاء الإحسان:


المحسنون لهم أجر عظيم عند الله، قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن: 60]. وقال: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} [الكهف: 30]. وقال: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}
[البقرة:
195]




رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #17


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الامانة




فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل المسجد الحرام فطاف حول الكعبة،

وبعد أن انتهى من طوافه دعا عثمان بن طلحة -حامل مفتاح الكعبة-

فأخذ منه المفتاح، وتم فتح الكعبة، فدخلها النبي صلى الله عليه وسلم،

ثم قام على باب الكعبة فقال:

(لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده...).

ثم جلس في المسجد فقام على بن أبي طالب وقال: يا رسول الله،

اجعل لنا الحجابة مع السقاية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

(أين عثمان بن طلحة؟) فجاءوا به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

(هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم برٍّ ووفاء) [سيرة ابن هشام].

ونزل في هذا قول الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}

[النساء: 58].

وهكذا رفض النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء المفتاح لعلي

ليقوم بخدمة الحجيج وسقايتهم، وأعطاه
عثمان بن طلحة امتثالا لأمر الله بردِّ الأمانات إلى أهلها.



ما هي الأمانة؟




الأمانة هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه؛

يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويرد الودائع... إلخ.

وهي خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة

حملها الإنسان، بينما رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها،

يقول تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنا

وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً}
[الأحزاب: 72].


وقد أمرنا الله بأداء الأمانات، فقال تعالى:

{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}

[النساء: 58].

وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الأمانة دليلا على إيمان المرء وحسن خلقه،

فقال صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)
[أحمد].



أنواع الأمانة:




الأمانة لها أنواع كثيرة،منها:







الأمانة في العبادة:





فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي،

ويحافظ على الصلاة والصيام وبر الوالدين، وغير ذلك من الفروض

التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين.


الأمانة في حفظ الجوارح:



وعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها،

ولا يستعملها فيما يغضب الله -سبحانه-؛ فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن

الحرام، والأذن أمانة يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام، واليد أمانة،

والرجل أمانة...وهكذا.


الأمانة في الودائع:




ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي، مثلما

فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين، فقد كانوا يتركون ودائعهم

عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم؛ فقد عُرِفَ الرسول صلى الله عليه وسلم

بصدقه وأمانته بين أهل مكة، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين،

وحينما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة،

ترك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليعطي المشركين الودائع

والأمانات التي تركوها عنده.


الأمانة في العمل:



ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه

بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات، ويجتهد في تحصيل

علومه ودراسته، ويخفف عن والديه الأعباء، وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد.



الأمانة في الكلام:




ومن الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها؛

فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى، كما قال الله تعالى:

{ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء}

[إبراهيم: 24].


وقد ينطق الإنسان بكلمة الكفر فيصير من أهل النار، وضرب الله -سبحانه-

مثلا لهذه الكلمة بالشجرة الخبيثة، فقال:

{ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار}

[إبراهيم: 26].

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الكلمة وأثرها، فقال:

(إن الرجل لَيتَكَلَّمُ بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ،

يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله،

ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) [مالك].

والمسلم يتخير الكلام الطيب ويتقرب به إلى الله -سبحانه-،

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والكلمة الطيبة صدقة) [مسلم].


المسئولية أمانة:




كل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه، سواء أكان حاكمًا أم والدًا أم ابنًا،

وسواء أكان رجلا أم امرأة فهو راعٍ ومسئول عن رعيته، قال صلى الله عليه وسلم:

(ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ

وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم،

والمرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم،

والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه،

ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه].



الأمانة في حفظ الأسرار:




فالمسلم يحفظ سر أخيه ولا يخونه ولا يفشي أسراره،

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة)

[أبو داود والترمذي].


الأمانة في البيع:




المسلم لا يغِشُّ أحدًا، ولا يغدر به ولا يخونه، وقد مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم

على رجل يبيع طعامًا فأدخل يده في كومة الطعام، فوجده مبلولا، فقال له:

(ما هذا يا صاحب الطعام؟). فقال الرجل: أصابته السماء (المطر)

يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

(أفلا جعلتَه فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غَشَّ فليس مني) [مسلم].


فضل الأمانة:




عندما يلتزم الناس بالأمانة يتحقق لهم الخير، ويعمهم الحب،

وقد أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة، فقال تعالى:

{والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون}

[المعارج: 32].

وفي الآخرة يفوز الأمناء برضا ربهم،

وبجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين




رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #18


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



بر الوالدين



كان إسماعيل -عليه السلام- غلامًا صغيرًا،
يحب والديه ويطيعهما ويبرهما.
وفي يوم من الأيام جاءه أبوه إبراهيم -عليه السلام-
وطلب منه طلبًا عجيبًا وصعبًا؛ حيث قال له:
{يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى}
[الصافات: 102]
فرد عليه إسماعيل في ثقة المؤمن برحمة الله، والراضي بقضائه:
{قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}
[الصافات: 102].
وهكذا كان إسماعيل بارًّا بأبيه، مطيعًا له فيما أمره الله به،
فلما أمسك إبراهيم -عليه السلام- السكين،
وأراد أن يذبح ولده كما أمره الله، جاء الفرج من الله -سبحانه-
فأنزل الله ملكًا من السماء، ومعه كبش عظيم فداءً لإسماعيل، قال تعالى:
{وفديناه بذبح عظيم}
[الصافات: 107].
يحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة رجال اضطروا
إلى أن يبيتوا ليلتهم في غارٍ، فانحدرت صخرة من الجبل؛
فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل إليه
بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا؛ حتى يفرِّج الله عنهم ما هم فيه،
فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران،
وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل
أن يشرب أحد من أولادي، وتأخرت عنهما ذات ليلة،
فوجدتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدًا من أولادي قبلهما،
فظللت واقفًا -وقدح اللبن في يدي- أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر،
وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والدي وشربا اللبن،
اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه،
فانفرجت الصخرة، وخرج الثلاثة من الغار.
[القصة مأخوذة من حديث متفق عليه].

ما هو بر الوالدين؟


بر الوالدين هو الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما،
وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة،
فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم،
وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه:
{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا}
[الإسراء: 23].
وقال تعالى:
{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}
[النساء: 36].
وقال تعالى:
{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين
أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير}
[لقمان: 14].

بر الوالدين بعد موتهما:


فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما؛
بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما.
يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال:
(نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما
من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما)
[ابن ماجه].
وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات، فقال:
{ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}
[إبراهيم: 41]،
وقال: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات}
[نوح: 28].



فضل بر الوالدين:


بر الوالدين له فضل عظيم، وأجر كبير عند الله -سبحانه-،
فقد جعل الله بر الوالدين من أعظم الأعمال وأحبها إليه،
فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال:
(الصلاة على وقتها).
قال: ثم أي؟ قال: (ثم بر الوالدين). قال: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) _
[متفق عليه].
ومن فضائل بر الوالدين:
رضا الوالدين من رضا الله: المسلم يسعى دائمًا إلى رضا والديه؛
حتى ينال رضا ربه، ويتجنب إغضابهما، حتى لا يغضب الله.
قال صلى الله عليه وسلم:
(رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)
[الترمذي]،
وقال صلى الله عليه وسلم:
(من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله)
[البخاري].
الجنة تحت أقدام الأمهات: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الجهاد،
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه، فأعاد الرجل رغبته في الجهاد،
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه. وفي المرة الثالثة،
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ويحك! الزم رِجْلَهَا فثم الجنة)
[ابن ماجه].
الفوز بمنزلة المجاهد: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
إني أشتهي الجهاد، ولا أقدر عليه. فقال صلى الله عليه وسلم:
(هل بقي من والديك أحد؟). قال: أمي. قال:
(فاسأل الله في برها، فإذا فعلتَ ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمر ومجاهد)
[الطبراني].
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد،
فقال صلى الله عليه وسلم: (أحي والداك؟). قال: نعم.
قال صلى الله عليه وسلم: (ففيهما فجاهد) [مسلم].
وأقبل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
أبايعك على الهجرة والجهاد؛ أبتغي الأجر من الله،
فقال صلى الله عليه وسلم: (فهل من والديك أحد حي؟).
قال: نعم. بل كلاهما. فقال صلى الله عليه وسلم:
(فتبتغي الأجر من الله؟). فقال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم:
(فارجع إلى والديك، فأَحْسِنْ صُحْبَتَهُما) [مسلم].
الفوز ببرِّ الأبناء: إذا كان المسلم بارًّا بوالديه محسنًا إليهما،
فإن الله -تعالى- سوف يرزقه أولادًا يكونون بارين محسنين له،
كما كان يفعل هو مع والديه، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(بِرُّوا آباءكم تَبرُّكم أبناؤكم، وعِفُّوا تَعِفُّ نساؤكم) [الطبراني والحاكم].

الوالدان المشركان:



كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- بارًّا بأمه، فلما أسلم قالت له أمه:
يا سعد، ما هذا الذي أراك؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت
فتُعَير بي، فيقال: يا قاتل أمه. قال سعد: يا أمه، لا تفعلي،
فإني لا أدع ديني هذا لشيء. ومكثت أم سعد يومًا وليلة لا تأكل ولا تشرب
حتى اشتد بها الجوع، فقال لها سعد: تعلمين -والله-
لو كان لك مائة نَفْس فخرجت نَفْسًا نَفْسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء،
فإن شئتِ فكُلِي، وإن شئتِ فلا تأكلي.
فلما رأت إصراره على التمسك بالإسلام أكلت. ونزل يؤيده قول الله تعالى:
{وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما
في الدنيا معروفًا} [لقمان: 15].
وهكذا يأمرنا الإسلام بالبر بالوالدين حتى وإن كانا مشركين.
وتقول السيدة أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-:
قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إن أمي قَدِمَتْ وهي راغبة
(أي طامعة فيما عندي من بر)، أفَأَصِلُ أمي؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
(نعم، صلي أمَّكِ) [متفق عليه




رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #19


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



القناعة



يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي،
وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا،
وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته
نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام،
وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط،
ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم..
وهكذا تكون نهاية الطامعين وعاقبة الطمع.
*أُهْدِيَتْ إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- سلالا من عنب، فأخذت تتصدق بها على
الفقراء والمساكين، وكانت جاريتها قد أخذت سلة من هذه السلال وأخفتها عنها،
وفي المساء أحضرتها، فقالت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها-:
ما هذا؟ فأجابت الجارية: ادخرتُه لنأكله. فقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-:
أما يكفي عنقود أو عنقودان؟

*ذهب الصحابي الجليل حكيم بن حزام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله
أن يعطيه من الأموال، فأعطاه. ثم سأله مرة ثانية، فأعطاه. ثم سأله مرة ثالثة،
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال له مُعلِّمًا:
(يا حكيم، إن هذا المال خَضِرٌ حلو (أي أن الإنسان يميل إلى المال كما يميل إلى
الفاكهة الحلوة اللذيذة)، فمن أخذه بسخاوة نفس (بغير سؤال ولا طمع) بورك له فيه،
ومن أخذه بإشراف نفس لم يبَارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا
(التي تعطي) خير من اليد السفلي (التي تأخذ). [متفق عليه].
فعاهد حكيم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يأخذ شيئًا من أحد أبدًا حتى يفارق الدنيا.
فكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يطلبه ليعطيه نصيبه من المال،
فيرفض أن يقبل منه شيئًا، وعندما تولى عمر -رضي الله عنه-
الخلافة دعاه ليعطيه فرفض حكيم، فقال عمر: يا معشر المسلمين،
أشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسمه الله له في هذا الفيء (الغنيمة)،
فيأبى أن يقبله.
وهكذا ظلَّ حكيم قانعًا، لا يتطلع إلى المال بعد نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
التي تعلَّم منها ألا يسأل أحدًا شيئًا؛ حتى إنه كان يتنازل عن حقه، ويعيش من عمله وجهده.
*كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- واليا على إحدى المدن، وكان راتبه خمسة آلاف درهم
يتصدق بها جميعًا، وكان يشتري خوصًا بدرهم، فيصنع به آنية فيبيعها بثلاثة دراهم؛
فيتصدق بدرهم، ويشتري طعامًا لأهله بدرهم، ودرهم يبقيه ليشتري به خوصًا جديدًا.

ما هي القناعة؟


القناعة هي الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا، وهي عدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين،
وهي علامة على صدق الإيمان. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقَنَّعه الله بما آتاه) [مسلم].

قناعة الرسول صلى الله عليه وسلم:


كان صلى الله عليه وسلم يرضى بما عنده، ولا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يتطلع إلى ما عند غيره،
فكان صلى الله عليه وسلم يعمل بالتجارة في مال السيدة خديجة -رضي الله عنها-
فيربح كثيرًا من غير أن يطمع في هذا المال، وكانت تُعْرَضُ عليه الأموال التي يغنمها
المسلمون في المعارك، فلا يأخذ منها شيئًا، بل كان يوزعها على أصحابه.
وكان صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير، فرآه الصحابة وقد أثر الحصير في جنبه،
فأرادوا أن يعدوا له فراشًا لينًا يجلس عليه؛ فقال لهم:
(ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها).
[الترمذي وابن ماجه].

لا قناعة في فعل الخير:


المسلم يقنع بما قسم الله له فيما يتعلق بالدنيا، أما في عمل الخير والأعمال الصالحة
فإنه يحرص دائمًا على المزيد من الخيرات، مصداقًا لقوله تعالى:
{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197].
وقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
[آل عمران: 133].

فضل القناعة:


الإنسان القانع يحبه الله ويحبه الناس، والقناعة تحقق للإنسان خيرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة،
ومن فضائل القناعة:

القناعة سبب البركة:


فهي كنز لا ينفد، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أفضل الغنى، فقال:
(ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس) [متفق عليه].
وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده،
عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) [الترمذي وابن ماجه].
فالمسلم عندما يشعر بالقناعة والرضا بما قسمه الله له يكون غنيا عن الناس، عزيزًا بينهم،
لا يذل لأحد منهم.
أما طمع المرء، ورغبته في الزيادة يجعله ذليلاً إلى الناس، فاقدًا لعزته،
قال الله صلى الله عليه وسلم: (وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)
[الترمذي وأحمد].
والإنسان الطماع لا يشبع أبدًا، ويلح في سؤال الناس، ولا يشعر ببركة في الرزق،
قال الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُلْحِفُوا (تلحوا) في المسألة، فوالله لا يسألني أحد
منكم شيئًا فتُخْرِجُ له مسألتُه مِنِّي شيئًا، وأنا له كاره، فيبارَكُ له فيما أعطيتُه)
[مسلم والنسائي وأحمد].
وقال الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول،
وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعففْ يعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يغْنِهِ الله) [متفق عليه].

القناعة طريق الجنة:


بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلم القانع الذي لا يسأل الناس ثوابُه الجنة، فقال:
(من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)، فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. [أبو داود والترمذي وأحمد].

القناعة عزة للنفس:

القناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون، أما الطمع فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين.
وقد قال الإمام علي-رضي الله عنه-: الطمع رق مؤبد (عبودية دائمة).
وقال أحد الحكماء: من أراد أن يعيش حرًّا أيام حياته؛ فلا يسكن قلبَه الطمعُ. وقيل:
عز من قنع، وذل من طمع. وقيل: العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع.


القناعة سبيل للراحة النفسية:


المسلم القانع يعيش في راحة وأمن واطمئنان دائم، أما الطماع فإنه يعيش مهمومًا،
ولا يستقر على حال. وفي الحديث القدسي: (يابن آدم تفرغْ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى،
وأَسُدَّ فقرك. وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغْلا، ولم أسُدَّ فقرك) [ابن ماجه].
وقال أحد الحكماء: سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق،
وصدق القائل:
هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا
فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها
هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ






رد مع اقتباس
قديم 01-03-2017   #20


الصورة الرمزية فخآمه

 عضويتي » 29143
 جيت فيذا » Dec 2016
 آخر حضور » 07-17-2020 (04:59 AM)
آبدآعاتي » 27,303
الاعجابات المتلقاة » 5
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » فخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond reputeفخآمه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

افتراضي



الكرم






بعث معاوية -رضي الله عنه- إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- بمال قدره مائة وثمانون ألف درهم، فأخذت -رضي الله عنها- تقسم المال، وتوزعه على الناس حتى تصدقت به كله، وكانت صائمة، فأمرت جاريتها أن تحضر لها الطعام لتفطر، فأحضرت لها الجارية خبزًا وزيتًا، وقالت لها: أما استطعتِ فيما قسمتِ اليوم أن تشتري لنا لحمًا بدرهم؛ لنفطر عليه، وهكذا تصدقتْ بهذا المبلغ الكبير، ونسيتْ أن تبقي درهمًا تشتري به طعامًا لإفطارها.






***


ذات يوم، أحضر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مالا كثيرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: (ماذا أبقيتَ لأهلك يا عمر؟)، فيقول: أبقيتُ لهم نصف مالي.

ويأتي أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- فيحضر ماله كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم: (ماذا تركتَ لأولادك يا أبا بكر؟)، فيقول: تركتُ لهم الله ورسوله.


***


ما هو الكرم؟





الكرم يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق.


وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: (فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله) [البخاري].


فالرسول صلى الله عليه وسلم وصف يوسف -عليه السلام- بالكرم لأنه اجتمع له شرف النبوة والعلم والجمال والعفة وكرم الأخلاق والعدل ورياسة الدنيا والدين، وهو نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي.




كرم الله سبحانه:






من صفات الله -سبحانه- أنه الكريم، وهو الكثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه.



كرم النبي صلى الله عليه وسلم:





كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس شرفًا ونسبًا، وأجود الناس وأكرمهم في العطاء والإنفاق، فقد أتاه رجل يطلب منه مالا، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأخذها كلها، ورجع إلى قومه، وقال لهم: أسلموا، فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. [أحمد].


كما تروي عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة: (ما بقي منها؟) فقالت: ما بقي إلا كتفها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بقي كلها غير كتفها) [الترمذي].


أي أن ما يتصدق به الإنسان في سبيل الله هو الذي يبقي يوم القيامة، ولا يفنى إلا ما استعمله في هذه الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال عبد من صدقة) [الترمذي].




أنواع الكرم:





بما أن الكرم يطلَق على ما يحمد من الأفعال؛ فإن له أنواعًا كثيرة منها:




الكرم مع الله:

المسلم يكون كريمًا مع الله بالإحسان في العبادة والطاعة، ومعرفة الله حق المعرفة، وفعل كل ما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه.




الكرم مع النبي صلى الله عليه وسلم:

ويكون بالاقتداء بسنته، والسير على منهجه، واتباع هديه، وتوقيره.

الكرم مع النفس: فلا يهين الإنسان نفسه، أو يذلها أو يعرضها لقول السوء أو اللغو، وقد وصف الله عباد الرحمن بأنهم: {وإذا مروا باللغو مروا كرامًا} [الفرقان: 72].




الكرم مع الأهل والأقارب:

المسلم يكرم زوجه وأولاده وأقاربه، وذلك بمعاملتهم معاملة حسنة، والإنفاق عليهم، فخير الإكرام والإنفاق أن يبدأ المسلم بأهله وزوجته. قال الله صلى الله عليه وسلم: (دينار أنفقتَه في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (إعتاق عبد)، ودينار تصدقتَ به على مسكين، ودينار أنفقتَه على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقتَه على أهلك) [مسلم]. وقال الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها (أي ينوي عند إنفاقها أنها خالصة لوجه الله)، كانت له صدقة) [متفق عليه].


فالصدقة على القريب لها أجر مضاعف؛ لأن المسلم يأخذ بها ثواب الصدقة وثواب صلة الرحم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم (القريب) ثنتان: صدقة، وصلة) [الترمذي والنسائي وابن ماجه]






إكرام الضيف:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) [متفق عليه].




الكرم مع الناس:

طرق الكرم مع الناس كثيرة؛ فالتبسم في وجوههم صدقة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق) [مسلم].

وقد قال علي -رضي الله عنه- وهو يحث على العطاء وإن قَلَّ: لا تستحي من عطاء القليل؛ فالحرمان أقل منه، ولا تجبن عن الكثير؛ فإنك أكثر منه.


وقال الله صلى الله عليه وسلم: (كل سُلامَي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته؛ فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة) [متفق عليه]. وقال الله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة) [البخاري].






الكرم والإنفاق في حوائج المسلمين:

المسلم يجب عليه أن ينفق في حوائج المسلمين، فمثلا في وقت الحروب يجب عليه أن يكثر من الإنفاق لتجهيز جيش المسلمين، وفي أزمات التعليم ينفق في تيسير التعليم، وإن كان هناك وباء أو مرض مثلا، فعليه أن يتبرع بالمال مساهمة منه في القضاء على هذا المرض، ولو علم المسلم بحاجة أخيه المسلم في بلد إسلامي معين إلى دواء أو غذاء، فعليه أن يسارع إلى معاونته.



فضل الجود والكرم:




* ثواب الجود والإنفاق عظيم، وقد رغَّبنا الله فيه في أكثر من موضع من القرآن الكريم، قال الله -تعالى-: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} [البقرة: 261].


وقال تعالى: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} [البقرة: 272].


وقال تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [البقرة: 274].

* الكرم يقرب من الجنة ويبعد عن النار، قال الله صلى الله عليه وسلم: (السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار) [الترمذي].

* الكرم بركة للمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا) [البخاري]. وقال الله في الحديث القدسي: (أنْفِقْ يا بن آدم أُنْفِقْ عليك) [متفق عليه].

* الكرم عِزُّ الدنيا، وشرف الآخرة، وحسن الصيت، وخلودُ جميل الذكر.

* الكرم يجعل الإنسان محبوبًا من أهله وجيرانه وأقاربه والناس أجمعين.


لكل هذه الفضائل فإن المسلم يحب أن يكون كريمًا، قال الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها) [البخاري].

وعلى المسلم أن يدرب نفسه على خلق الكرم، ويعودها عليه منذ صغره، وعليه أن يعلم أن المال مال الله، وأنه نفسَه مِلْكٌ لله، وأن ثواب الله عظيم، وأنه يثق في الله، فلا يخشى الفقر إذا أنفق، وأن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته في إنفاقهم، وعليه أن يكثر من الجود والكرم في جميع أوقات العام، وخاصة في شهر رمضان، وفي الأعياد والمناسبات التي تحتاج منه إلى ذلك




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
.., متــكامـل, آخـــلاق, مــلـف, المسلــم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية