ديوان الشاعرة / ينابيع السبيعي

"الإرادة علمتني"




شرف لحرفي أن يخاطب أنجما
ويصير قافية ترتلها السما
تأبى معاني الشعر إلا أن ترى
هذي الوجوه على القلوب تبسما
شرف وأي مكانة قد حزتها
ولسان شكري لم يزل متلعثما
يأتي على جنح الورود معطرا
بلقاء من صاغ التحية مبسما
مرحى لساعات الصباح توشحت
زهرا فكانت للتحايا برعما
وتقيم أعراس القوافي حفلة
فيها الربيع مع النسيم ترنما
كم وردة ماست لها أنشودتي
لما عزمت على القصيد مكلما
وتوسعت كل الدروب بناظري
ودخلت من باب النهار لأرسما
نبضا كنخل الود أسمع بيننا
من لحنه ثغر العيون تبسما
وهنا وجدت الحب يرعى محفلا
ولمست فيه الصدق قد جاز اللمى
ورأيت أغراس المبادئ أعشبت
والنور في ظل السماء تنعما
وهنا الإرادة علمتني أنها
تبني من العقل السليم الأنجما
وهنا عرفت الفكر أسمى نعمة
وخلاف من قالوا : الإعاقة بالعمى
إن الإعاقة أن نطأطئ فكرنا
للجهل ،أو نرضاه دربا مظلما
فالبدر تحسده الغيوم لأنه
صلى على الرسل الكرام وسلما

"عشقت الضاد"

عشقت الضاد فانطلق الكلام
وأمليت الطروس بما يلام
وهل بالعشق فتوى غير حل
إذا ربط القلوب به الهيام؟
أعيدوا للنخيل هديل صبري
وأطيارا لها رقص المقام
فقد هزمت أيادي الريح جيلا
وشاخ الود واكتهل الوئام
وكنت على مقاربة الحنايا
وشعري يرتوي منه الملام
ولم يكمل عبور النبض قلب
نمى لجناح خفقته اليمام
فللكلمات شريان ودمع
وعين لا تجف لها سهام
وللألفاظ في عتب جروح
بنفس لا يقاربها الحسام
إذا الأصداء عانقها شعور
فإن الحرف للرؤيا غمام
إلى سهل المودة خذ عيوني
وفي سير الوريد لك الزمام
فكن أنت المليك لكل ورد
حبيبي ، والربيع لنا غلام
وخاطب بالمعاني طيف سطري
فقد وصل الخيال بنا التمام
ولا تنس الوعود ففي بلادي
نخيل الشوق ترعاه المدام
على صدر البراري شامخات
بيوت الشمس يحرسها الكرام
هناك أبي وإخواني وأهلي
وأشجار لها يأتي الحمام
ودين والشريعة بين قومي
سبيل والنبي لنا إمام
فقل إن جاهرت بالفسق نفس
على الأيام يا دنيا السلام

"للجود أنت مليكة"

ويل السحاب من الطرق
إن غمنا فصل القلق
في روضنا النخل ارتدى
ثوب الشموخ على نسق
وعليه آثار السما
كالنجم ترصده الحدق
للنخل يسرح بالنا
وعيوننا ترعى الفلق
يا نخلة الإحساء يا
نعم السفير إلى الأفق
أنت العطاء ورمزه
تاج على رأس الشفق
منذ الولادة كنت لي
أما وأمي بالمؤق
أهواك يا نخل الطها
رة منذ ميلادي فثق
هاتي يديك فقد وصل
ت إليك من باب الرمق
وأنا متيمة الكفو
ف وفي عيوني أنت حق
يا نخلة فرحت بنا
ما لاعب البال الحبق
منك الحصيرة والطعا
م وجنة حول الطرق
للجود أنت مليكة
كالحرف يملكه الورق
السلم أهديت الورى
لكن طبع الناس عق
يا نخلتي قطعوك وار
تفعت مبان بالأفق
ويح الفقير طعامه
أضحى بأنياب الغسق
من أين يأخذ حقه
ونفوسنا باتت فرق ؟
عودي إلينا نخلة ال
أحساء إن الدمع رق
هذي يدي بريئة
ودمي حواليك احترق

"خذني بقايا جرح"

ما همني التهديد والصد
أو لامني بعد النوى الرد
، سيان عندي أن ترى جبلا
ينهار ، أو يبكي الهوى وعد
، إن شئت فالنيران تأكلني
سأريك عن صبرين ترتد
أو شئت فالأقمار في مدني
سوداء ذابلة الهنا تبدو
خذني بقايا الجرح في هدبي
تطفو ونزف الروح لايبدو
حبي سما نورا على مقلي
مني يراه القرب والبعد
ما فارقتني دمعة ، قدري
وصل وهجر والنوى سد
فارحم شعوري ذلني جسدا
والسقم تحت الضلع يمتد
ما قلت من شعر نما بدمي
إن الحبيب لعيدنا سعد
روحي به تسعى ، وذا قسمي
والحب في مقلي له يعدو
يا من أقمت النار في كبدي
فالجمر بالنكران تشتد
صدوه عن هجرانه ، حلمي
يشكو القذى ما مر بي العهد
أسري له والريح تنقلني
روحا ،فلا قطع ولا ضد

"قل لي أحبك"

غزلت فيك حروف الشوق فاتسمت
فيك المعاني ونادى طرسها القلم
وكنت فيه مليك القلب فاتسعت
في مقلتي حروف كلها قمم
في لحظة من بيان الشعر يعتقني
حب إلى نسمة بالنور تزدحم
أدنو إلى روضة تسقى بآنية
فيها الرحيق وفيها الطهر والشيم
إليك تسمو حروف الشكر هائمة
فيها المعاني كعقد الشعر تبتسم
يا منصف الحرف هل تدري بأن لنا
قلب على نسق الميعاد ينتظم
مهلا فديتك لا شيء يفرقنا
إن المحبة روح والوصال دم
والبعد موت وهجر النفس يقتلها
والقرب منك ربيع نبضه ديم
مالي سواك ، حبيبي خذ بزورقنا
إن السكون شتات الروح يلتهم
والبحر بين هدوء ثم موجته
تأتي وضربتها بالصخر تصطدم
ربان ليلتنا همس ومركبنا
شعر ومجدافه بالحرف ينسجم
قل لي أحبك فالدنيا بلا غزل
مثل الخريف جفاف , والربيع فم
واكتب من القلم المعسول قافية
ما طالها الهجر أو حفت بها الظلم

"ويبقى الحب"

رسمت الحب منبثق الشعاع
إلى قلبي يناديه يراعي
ألا فاكتب بأن الفجر آت
وأن الحب يقتل بالوداع
فلا تبخل بحب الروح إنا
بود لا يعادل بالصواع
تذكر أننا بالحب نحيا
ونسيان الهوى مرالضياع
حبيبي كن قريب الوجد مني
علاج الروح من شوق مطاع
نداء القلب بالذكرى خفوق
وحين يزوره همس المساع
نمد الحبل في وصل لنحيا
على أمل نقاوم في صراع
ويبقى الحب مبتسم الأماني
وخافقة الصدور على اجتماع

"وقفة التوديع"



ذهبت حشاشة قلبي المصدوع
بين السلام ووقفة التوديع
ورأيت أن الكون ضاق بمقلتي
وتسابقت يوم الفراق دموعي
لما مررت على الطلول بنظرة
ذاب الفؤاد وزاد وقد ضلوعي
وحسبت ان ستقل عصف جوانحي
أو أن أداري بالرحيل نزوعي
لكن حب الراحلين يردني
ويزيد أحزاني (أوان )هجوعي
هانت علي وجائعي بديارهم
وتخاذلت قدماي حين رجوعي
عيناي أبدت بالمودة دمعها
وتلقف الجفنان وبل خضوعي
وتلعثمت لغة الكلام وعاتبت
ما للجواب وقد هوى بصدوع
فأشرت بالكف المحطم أي متى
تخضر من ديم اللقاء ربوعي
فأعود للعهد الجميل وليس لي
غير البكاء وغير نحر دموعي

"أحب حرفك"

أحب حرفك، لا أدري أيكتبني
شعرا أم الشوق يغريني للقياكا ؟؟
أم جنة نشرت في روضتي أملا
حين استقيت من الميعاد ذكراكا
يا خافقي ، هل تناجيني مشاعره
أم نغمة ؟ لست أدري ما سوى ذاكا
أمشي وعيناي في دمع ، وموعدنا
يسري به الليل مشدودا لمسعاكا
والنجم يرعى شغافي ، والجوى لهب
يغلي وبركانه من موج مرساكا
شطري وسادة ريح فوقها حلمي
ينام في نصف أجفان لرؤاياكا
والحب يعصف بي من غربة رصفت
في أضلعي سبلا تجري للقياكا
والليل يحملني طيفا إلى مدن
الحب فيها مشاد من مزاياكا
أرجو من الوصل وجها دار في مقلي
في ليلة طالع العيدين يلقاكا
ما للنوى بيمين الآه يشعلني
والروح ترصد باليسرى محياكا

"هذي نصيحة"

ماذا دهاك أخيتي ماذا أرى؟!
لهو ولعب واستماع أغان
كوني مثال صبية تدعو إلى
دين وإصلاح بذي إيمان
وتقلدي درر المكارم جنة
صوني عفافك مثل حسن جمان
وخذي شموع ثقافة وتعلمي
أن العلوم تعيش بالإنسان
العلم أفضل مسرح ترتاده
بنت الشريعة في مدى الأزمان
الدين والدنيا إذا اجتمعا معا
فالدرب لا يهفو إلى الأوثان
هذي نصيحة من مشت وعيونها
مفتوحة ، ترجو رضا الديان
أن الحياة قصيرة فتعلمي
يا أخت ، وانتبهي من الشيطان
فغدا إلى فوز يكون مسيرنا
يارب جنات من الرضوان
يارب واغفر فالذنوب كثيرة
واكتب لنا كاسا من الريان

"لا ترحل"
حمامات السلام بكت
هديل البوح يشجينا
وأشواق الفؤاد غدت
تسامرها مآقينا
هواك.. القلب يسعده
وسهم البين يدمينا
فما نقوى على هجر
ولا نرضى تجافينا
يخط الشعر قصتنا
وهذا الشعر يحكينا
ويكتبنا على وتر
فيسعدنا ويشقينا
فيا نغما أعيش به
بناي السحر يشجينا
حواك القلب أغنية
نلحنها مجانينا
شربنا من ينابيع
تذكرنا بماضينا
على أركان شرفتنا
زرعنا العشق نسرينا
وتلك رمال شاطئنا
بها تذكارنا حينا
هنا تذكار جلستنا
هنا يوما تلاقينا
هنا حينا تمازحني
وذاك الوجد يغوينا
أتدفن ما سعدت به
بعهد بات يبكينا
فلا تبعد ولا ترحل
فنار البعد تكوينا
فلا ترحل أقول كفى
فقربك بات يعنينا
ألا يا ساكنا قلبي
كفى بعدا وتهوينا
فبعدك كم يؤرقنا
وقربك كم سيحيينا
تعال إليك ضم يدي
همس البوح يدفينا
فنار البعد تحرقنا
وجمر الشوق يدنينا