الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصــــــايـــد ليـــــــل 】✿.. > …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«…
 

…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. }

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-23-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي ذات مقيدة حول عنق إمرأة /29



بسم الله الرحمن الرحيم


تَوكلتُ على الله


،



الجزء التاسع و العشرون

جاءها الصُبح بنسماته المُغدَقة بفيض حَنان تَشعُر روحها بانتعاش لذيذ من وَقع لمساته الرَقيقة..خَدَرُ النُعاس استعصى عليها انتشاله من بين أطرافها و هي التي وَقعَت كُل حَواسَها رَهن خَدَره المُحَمَّل بدفئ أوزعتهُ على أرضها سَحابته السَمحة التي تُسَيّرها رياح ابتسامة باتت خلاياها ترتعش منها غَصباً كُلَّما رأتها تَغفو على شفتيه..و ها هي تَراها من انعكاس المِرآة،أخفضت رأسها بخَجَل هو عَقَد صُلحه مع مدئانها الأنثوية و هي التي كانت لا تُظهره خشية انهيار سفوح كبرياءها..،أرخت الفوطة الصغيرة على كتفها فاسحة المجال لخصلاتها الباقي فيها ماء استعصى على خيوطها تُلامس جانب وجنتيها و عُنُقها،مَرَّرت لسانها على شفتيها و هي تستمع لسؤاله و صوته الهادئ يصلها عن قُرب لوقوفه على يمينها،:بتتغدين عندها ؟
تناولت إحدى الفرش الخاصة بمساحيق التجميل و هي تُجيب بعينان تعلقتا على العُلبة التي التقطتها يدها الأخرى،:مادري للحين "ابتسامة ناعمة ارتسمت على شفتيها" بس اكيد امها ما بتخليني اطلع بدون غدا "رفعت عينيها و هي تستدير إليه تُقابل عينيه مُتسائلة" عادي يعني لو تغديت عندهم ؟
زادت ابتسامته المُحتكرة شفتيه و كَفُّه بمُسايرة ارتفعت لوجنتها الصافية ليمسَّها بخفَّة بطرف سَبَّباته و إبهامه مُجيباً بهمس مبحوح،:أكيد عــادي
استدار هو و هي أفرغت زَفرة هامسة تَعَلَّقت بأذيالِها مشاعر مُتَخبّطة،تَبِعَتهُ عيناها حيثُ استقرَّ عند حاسوبه المَحمول المَركون فوق الطاولة الجانبية مُنذُ البارحة بعد أن أنهى عمله قبل النوم..ارتجفت نبضة وسط قلبها مُسترجعة ما سَكَبهُ من أحاسيس تتعرف عليها للتو و تخشى أن تَظَل تنتظرها و تشتاق لانعقادها بعروقِها..تَيَقَّنت فَجراً أنَّها "تَحتَاجُه" و من هذه الكلمة تتفرع احتياجات شَتَّى تَشعر و كأنَّ لها ثُقوب تُختَزل من خلالها قواها..و عَجباً أنَّها تفقد هذه القوَّة كُلَّما احتدمت مشاعرها به لتستعيدها بجمالية أكبر..،خائفة هي من استمرارية تَخَبطها بين أمواجه النقيَّة،تخافُ كَسراً جديداً،لا حيلة لها لعقد رِباط ثقة يُنتَزع قِسراً من بين أضلاعها..كما انتُزعت فحَوى رسائل ذاك من ذاكرة قلبها المُتَهَضّم،أخفَضَ الأسى جفنيها و رائحة تَصدُّعات أحلام باغتت أنفاسها،تحتاج فعلاً كما قال ذاك أن تتخلص من الرسائل..و لكن هل سيقوى قلبها على دثر ما رقصت على ألحان حروفه نبضاتها ؟
،:حنيـن تبين شي قبل لا أروح ؟
رَمَشَت بخفَّة مُنتبهة لسؤاله،رفعت بصرها إليه و هو واقف قٌرب الباب و على كتفه حقيبة حاسوبه المحمول،تساءلت بتردد و أناملها تعبث بشُعيرات الفرشاة،:يصير بعد ما اطلع من عند صديقتي اروح بيت ابوي ؟
أجابها بذات الابتسامة،:اي يصير اخذي راحتش بس عاد بشرط
تساءلت بفضول،:شنــو ؟
،:اعزمش على العشا
حَرَّكت رأسها بنعومة هامسةً بابتسامة صغيرة،:اوكــي



ماضٍ

ارتوى قَلْبُها من نسيم البحر و الروح تنهل بلا شَبَع من رائحته المتسللة من بين تراقصات أمواجه..كان الجو أقرب للبرودة،على الرغم من انقضاء أشهر الشتاء..أمام البحر تجلس بميلان على الرمال ناحتة أطرافها لتُغدق حديث نفسها المُنعَمة بهذا السُكون،من خلفها "الشاليه" الكبير المحجوز بإسم عائلتها لقضاء بضعة أيامٍ فيه قبل انتهاء العُطلة..،عيناها تطوفان على الإبداع المُتجلي أمامها و الجارف حواسها لشعورٍ عذب تعشقه،الشمسُ اقتربت من موضع ابتلاعها هُناك حيث تلتقي مع البحر ليكوّنا بامتزاجهما الرقيق لوحة كم تَمنَّت عدد سنوات عمرها السبعة عشر أن تُبصِر سِحرها و رأسها مُرتَخٍ على صدره،أُذناها تُطرَبان بدقاته المُتهدهدة على أوتار أنفاسه..،أغمضت عينيها و خَجَلٌ عارم يُستكان فوق صفحة وجهها الناعم،فخيالها المُراهق أودى بها إلى تَمنيات تُلهِب شعورها المعقود اضطرابه بذكره..،أنهت عمل جفنيها لتُبصِر عدستاها الشُعاع القوي الملتوي بخيوط زهرية رقيقة تسلب اللُّب،رَمَشَت بخفَّة مُحرّكة عينيها للجهة اليُسرى ليستقبل قلبها من كان قبل لحظات سَيّد خيالها،باغتتها رعشة لذيذة تُسيطر على أطرافها كُلَّما أقبل عليها،و كأن بين أصابعه تستقر عصاة سحرية بها هو يتلاعب بسكون روحها ليُصيّره ضجيج لا يهدأ يتردد على إثره صدى هِتافات نبضاتها المُنادية باستحكامه لمملكتها العاشقة..،استنشقت نفس عميق و هي تراه يقترب منها بهدوء و بخطوات غير مستقيمة ،زَفرت بارتجاف بعينان تتأملان طَلَّته المميزة،على الرغم من فوضويته إلا أنَّها تجعله مُختلفاً عن غيره،بنطاله الأزرق الفاتح مرفوع حتى أسفل رُكبتيه ليسهل عليه المشي في البحر،مالت شفتاها بابتسامة و هي ترى قميصه الأسود،شعره نامت بين خصلاته الناعمة بضع قطرات ماء لامست أعلى جبينه و الأخرى مُبعثرة بعفوية تُرغّب أناملها في العبث بها..،تَوَقَّف أمامها حاجباً عنها ضوء الشمس يُظلّلها بطوله الفارع مُفرِغاً عليها فيض نظرات جواها يعلم يَقيناً أنَّها لها وحدها،لا لغيرها..،رَفَعَت كفَّها لرأسها تُعيد ما تلصص من خصلات أسفل حجابها..هَمَس و ابتسامة خفيفة على شفتيه،:يصير اقعد ؟
اعتدلت في جلوسها رافعة رُكبتيها مُحيطةً ذراعيها بساقيها،أجابته و هي تُخفِض بصرها بنفس همسه،:يصيــر
موسيقى البحر ترتفع أمامها و من الخلف تصلها غوغاء أهلها و ضحكاتهم..أصابعها مُتشابكة أسفل رُكبتيها تُحيك بهما خيوط رداء يَستر فضائح فِكرها السابح في سماء لا تعرف نجومها سوى مسير الحُب..ضَمَّت شفتيها للداخل مُحاولة السيطرة على اضطراب أنفاسها و شعورها بنظراته الصامتة عليها بدأ يستل ثباتها،فهي قريباً و قريباً جداً تأكدت بأن وطيس الحرب المُحتدمة في روحها ليست إلا أهازيج قلبها المُعلِن نصره،فهي تيقنت أن ما ينمو ناحيته في جوفها هو حُب بَريىء تَرجو أن لا يُلَوَّث و لو بهذا الجلوس..تصافقت أهدابها بخفَّة و صوته الهامس يصلها عن يسارها مكان جلوسه باستنكار مُضحِك،:ليش مستحية ! أول مرة تشوفيني ؟!
التفتت إليه و حرارة تشعر بها تشتعل في وجهها،عَقَّبت ببصر مُنخفض تنظر لأصابعها التي بدأت بنثر توترها بين الرمال،:مــوو مستحية عااادي
بتأكيد قال،:بــلى مستحية "رفع يده يُشير لوجهها مُردِفاً" حتى وجهش صار أحمر
رفعت عينيها للمسافة التي بينهما الكافية لجلوس شخص بالغ لتقول مُحاولة تغيير الموضوع و رأسها يُشير لقميصه،:يعني متى بتعرف تزرر قميصك ؟!
عُقدة خفيفة بانت بين حاجبيه من سؤالها الساخر،أخفض رأسه و هو يلتقط طرف قميصه عند صدره و من الأسفل،ابتسم عندما رأى كُل زرار يقبع في غير مكانه،أعاد بصره إليها لتلتقي عيناه بعينيها الضاحكتين و هو يقول،:تصدقين ما انتبهت !
رفعت أحد حاجبيها مواصلة سُخريتها،:اللحين اذا تزوجت و جاك ولد و قال لك بابا تعال لبسني القميص بتقول له ما اعرف ؟ فَشــلة !
استدار للبحر مُرخياً ساقيه أمامه و من خلف ظهره يستقر باطن يداه على الرمال،قال ببساطة و هو يتأمل المجال من حوله،:عــادي امه تلبسه
مَدَّدت ساقيها مُغيرة جلوسها كجلوسه،مال برأسه ناحيتها و وجهه أصبح ملاذاً لأشعة الشمس،نطق بسؤال أراد بهِ الظفر بردة فعل مُعيَّنة و عيناه مُتعلقتان بجانب وجهها،:و لا انتِ بعد ما تعرفين تزررين القميص ؟
أجابت بتلقائية،:بلى اعــرفــ ـ
تلعثمت عند آخر حرف بعد أن استقبل عقلها ما اجتذبتهُ خلاياها من إشارات هو كان مُرسلها،قشعريرة اخترقت بنصلها عظامها لتنحت كلماته وسط نُخاعها،بَلَّلت شفتيها بتوتر قبل أن تزدرد ريقها،الحرارة عادت أضعاف ناشرة لهيبها بين طبقات جلدها المُضطربة،قبضت كفَّها على الرمل مُترجمة قوتها التي أحنتها كلماته الطارقة باب قلبها..لم تستطع الالتفات إليه فعُنقها وقع رهينة قيود التَصَلَّب كما ذوت عضلات بطنها من الانقباضات المُفاجئة..أَيُصارحها بحُبٍ ضَجُرت خلجاتها من شكٍ انعقد بوجعٍ في خاطرها يهمس لها بأنهُ تعَلُّق بطفلة رَبَت أمام عينيه ؟ هل هي الآن امْرَأة في نظره ؟ امْرَأة أحاك في عقله قَرانهما الأبدي و اختار و هو مُدثر على وسادته أسماء أبناءهما..اذاً نَسِيَ الطفلة التي صالت و جالت وسط حظنه ؟ تهفو إليه كُلَّما عانقها شوقها لحديثه و لَعبه،كانت تُسيّره على هواها و هو يستجيب بابتسامة بلا كلل،كان ذات زمن ابنها و هي جدته العجوز،و تحت شجرة منزلهم كان الذئب و هي ذات الرداء الأحمر،و في الذاكرة قَبَعت صورتها بفستان العيد الأبيض يدها الصغيرة غافية وسط كفّه و كلمات والدها المُخالطها ضحكة تتردد في مسامعها
،:ماشاء الله كأنكم معاريس !
تذكر أنَّها مالت بخجل تُخفي وجهها الذي ابتلعهُ احمرار طفيف خلف ساقه قبل أن ترفع رأسها لتُحفَر ابتسامته الواسعة وسط عدستيها..هو حتى أصبح مريضها الأول حسب قوله،و هي طبيبته التي لطالما عالجته بأساليبها الطفولية..عُقدة خفيفة بعثرت السكون بين حاجبيها..استدارت إليه بتردد،كان مُشيحاً وجهه للبحر و عدستاه ألبسهما المَغيب لوناً تُختَزل لسحره أنفاسها،أخفضت بصرها لذقنه تبحث عن جُرحٍ عمره تجاوز الاثنى عشر عاماً،لكن أثره لم ينحنِ للزمن و بَقي بُغرزاته الأربع غافياً أسفل شفتيه،كُلَّما سألته عن علاجها لهذا الجرح كان جوابه ضحكة طويلة لا تعرف سببها ! كانت ابنة الرابعة و ذاكرتها لا تسعفها لتذكر الحدث بتفاصيله،لم يُطبَع في باطن عقلها سوى منظر الدماء و هي تجري بغزارة أرعبت قلبها الصغير..،
،:تجين لداخل البحر ؟
انتبهت لصوته و بهدوء انتشلت حواسها من صندوق الذكريات الجميل بألوانه الزاهية..حتى الآن،رفعت عينيها لعينيه مُتسائلة،:وياك ؟
هَزَّ رأسه بإيجاب صامت،أفصحت عن سؤال آخر،:بروحنا ؟
أعاد الكرَّة بالصمت نفسه،مال رأسها و خيوط سُخرية تَلَقَّفت ملامحها لتقول،:لا والله ! و شلون بنروح بروحنا ؟!
رفع كتفه بلا مُبالاة مُجيباً،:عادي بعتبر نفسي خاطفش،احنا نستانس و هم يدورون عليش
أنهى جُملته بابتسامة مائلة على مُنحَدر الخباثة،بها هو يُؤَكّد لها أنَّ بموافقتها سيقوم بهذا الجنون..همست لهُ بما في خاطرها،:مجنــون
استدار بكامل جسده فجأة مُتحركاً جهتها شاطباً المسافة بينهما..فَزَّت هي بخوف لتقف مُبتعدة عنه،تراجعت للخلف و يدها ترتفع بتهديد خرجت كلماته من بين أسنانها،:بلا جنون لا والله اشتكي عليك عند ابوي
اعتلت ضحكته مُثيرةً جَلبة قهر في صدرها،تعشق جنونه لا شك في ذلك،لكنها تكره كيف يُسيطر هذا الجنون حتى على دينه و مبادئه،هي مُتيقنة لو أنَّها قَبلت بعرضه سيتلقف جسدها بذراعيه ليلتحمان بين الأمواج ضارباً الحرام بعرض الحائط ! هذه إحدى عيوبه التي رفض عقلها و فِكرها غض البصر عنها،و لو بُحَّ صوت قلبها..،
صوت أرجحة الأمواج شَكَّل مع زقزقة طيور النورس لحناً ينثر استرخاءً بين العروق..همسه شارك اللحن و عيناه تطوفان على ملامحها المُتسيدها غضب زادها جمالاً في عينيه،:خَـــوَّافة
استقرَّ ظاهر يُمناها على خصرها ناطقة باستفسار حانق،:متى بتعقل ؟ شيبت و انت ما عقلت !
التقطت أسنانه زاوية شفته السُفلية و يده ارتفعت لوجهه ماسَّاً شعيرات لحيته التي نالت الرمادية من ثلاث منها،عانقت نظراته نظراتها المعقودة بجديَّة،هو يعلم و هي تعلم أن العُمر بريئاً من شَيبه،فالقهر كانت لهُ سطوته باصقاً عليه رماده الخانق..،ابتسم لها ليقول بمُسايرة،:الجنون ما يعرف عمر "تساءل" ها بتجين ؟
بتصميم قالت،:أكيد لا مابجي،"رفعت ذراعها تنظر للساعة مُردِفة" و اصلاً صار وقت الصلاة
هَزَّ رأسه بتفهم مُعَقّباً و هو يستدير ليعود لجلوسه الأولي،:على راحتش
زَفَرت حَنقها برجفة و هي تتأمله من الخلف،أمال الأسى شفتاها، فعيبه الثاني وجعه يفوق الأول أضعافاً و أضعاف،خنجر يطعن قلبها مُسَيّلاً دماء هي ليست إلا بُكاء على ذنوبٍ تُكبله..استهتاره بصلاته لا تدرِ كيف ستُمحيه من قاموس حياته..،



حاضر
ساعات الفَجر السابقة

الصوتُ آتٍ من خلفه..بمسامعه المُتشربة تدريباتاً قَسرية حاول بها أن يُسبِر نبرات أغواره..هو بالتأكيد رَجُل،لكن ثخانة النَبرة تَرمز لهُ بعُمرٍ لا يَقل عن الثلاثون عاماً..اذا صحَّت نتائج تدريبات آستور ! كان مصباحه اليدوي مُوَجَّه ضَوؤه للمكتب وسط انحشار الظلام في الغرفة،حتى أنَّ الستائر الناجية بغرابة من الحَريق أحجبت التماع القَمر سوى من بضع رفيف ضوء تسلَّلَ من أسفلها مُجابِهاً هذا الليل المُتربّع فوق سواده حقائق يرجو أنَّها قد شارفت على التَعري أمامه..، تلقائيا ارتفع إبهامه بخفَّة غالقاً الضوء و حواسه تستشعر خطوات هذا الداخل المُقتربة منه..استدار بكامل جسده ليُواجهه تحت عباءة الظلام دون أن يتقدم خطوة..ذاك تَوَقَّف عن اقترابه،و هو قدَّر المسافة بينهما و التي يعتقد أنَّها لا تتجاوز الثلاث خطوات..ثوانٍ و ابتسامة بميلان سنين عُمره العوجاء طالت شفتيه و صوت الزناد يرتفع قاطعاً حبل السكون المُلتف بغرابة حول عُنقيهما..لو أنَّهُ هَرَب فقط لَرُبما لن يرسم حول شخصيته المُبهمة شُكوك لن تَبرح عَقله إلا بعد أن يَلقى أجوبتها..هو اعتقد فَور دخوله و كلماته الحـادة أنَّهُ سيواجه هُجوم،فالمكان يبدو مثلما تَيَقَّن ضحية لمؤامرة أسفاً أن مَنبتها بعيد عن أرضه..لو أنَّ هذا الداخل ادَّعى شخصيةً غير التي هو عليها لرُبما اقتنعت نفسه الهاوية للراحة،لكن النَفْس لا تُريد الشفاء من داءٍ تختنق منه الدماء تَعباً سَرمدياً..فعليه أن يرتدي الإرهاق و يتدثر بالوجع قبل أن يتحلل في بحرٍ من ضياع..تَرَدَّدَ سؤال في جوفه،ما الخطوة التالية مُحَمَّد؟ لا يدرِ هل سيتلقى تهديد أم أنَّ الذي أمامه غير مُتعاقد مع أساليب المُفاوضة..القتل قَراره و لا تَراجُع عنه..،مع نَبضاته بدأ عدّه التنازلي مُبتَدِئاً من العشرة..بعد أن اعتاد بصره على الظلام أصبح قادِراً على تمييز الواقف قُبالته و الذي بان لهُ رسم جسده المُمسك بالسلاح باحترافية أيقنته باقتراب هَلاكه تحت أنقاض هذا المصرف المَذبوح ائتمانه بأيدٍ اقتاتت على الاحتيال..وَصَل بعدّه للثانية الرابعة و خطواته الماسَّة الأرض بهمس تَحَرَّكت يساراً ..أنهى ثوانيه مُجتَذِباً جَسَدَه بسرعة خاطفة للأمام جهة هذا الداخل و بالتوالي وَطَأ بباطن يده بقوَّة مرفقه من الداخل مُربِكاً توازن ذراعه التي استجابت استقامتها للألم الذي اخترق عضلاته مُواصِلاً المسير لمفاصل يده التي انحسرت أصابعها عن السلاح..هُو بحركة سريعة مَرَّرَ ذراعه في الهواء مُعتمداً على بصره المُلاحق خيال السلاح المُستسلم لجاذبية الأرض الراغبة باحتضان دويّ سُقوطه لكن كفه الواسعة التقطته بالتزامن مع حَركة قدماه اللتان تجاوزتا المسافة القصيرة الفاصلة بين مكان وقوفهما و باب المكتب..ذاك لَحِقه بعد أن استوعب الوضع و لسانه بدأ بإطلاق شتائمه بالسرعة نفسها لجَريه..مَدَّ يَده يُناشد التقاطاً لقميصه من الخلف لكن مُحَمَّد كان مثل سَهمٍ مُنطلق بسرعة تَتَزايد كٌلَّما تَوَسَّع الفراغ أمام حواسه،و هو الذي خارت قواه لأشهر تحت أشعة الشمس المُستَلَّة راحته مُبصِقة مكانها تعَب أنهك عضلاته المحكوم عليها بالركض لمائة متر ثلاث مرات كُل يوم !استمر ذاك بالجَري،بكفَّان مَقبوضتان بتصميم هَدفه الظَفر بهذا الغَريب المُلتَفّة حول وجوده قُيودٌ من أسرار لها أنياب خَفِيَّة قد تقتطع ما تم إنمائه من لَحمٍ نَتن فوق جُلودهم..تلك الجُلود المُصطبغة بسوادٍ تُصَيّره الخباثة بياض مسموم يتراءى للأعيان براءة نَقيَّة تستولي على المشاعر بدمٍ بارد..لتستحكم على البؤرة التي تُدَر منه عاطفة البَشَر..،
مُحَمَّد..ذاك الذي خَطَّط أن يكون ذهابه للمصرف سيراً على الأقدام حتى لا تكون لوحة سيارته مَصيدة له.. و ليكون الفِرار الذي تَوقعه أسهل..واصل طريقه و سُرعته لم تنخفض،برشاقة يُباغته ذات اليمين و ذات الشمال،يُمارس "تكنيكـ"ـه الخاص كمن يَجعل مُطارده كمن يلحق بخيط الغَسق، لا هو الذي يَنتهي إليه فيَمسَّه، و لا هو الذي يَكف عن البحث عنه..،عيناه بتركيز تلتقطان زوايا الطريق و أزقته،على جانبه الأيمن متاجر و مصارف و محلات مُتنوعة،و على يُسراه تَطوف السيارات القليلة في هذا الفجر الحامل على أكتافه فَحوى أجوبة لأسئلة سيسطرها على مكتبه عند عودته..،خَفَّفَ سُرعته عندما وَجَد ضالَّته و بخفَّة دَلفَ إلى أحد الأزقة الضيقة مُفرِغاً زفراته المشحونة من إشارات سلبية اجتذبتها نفسه من ذاك المصرف و دخيله..انحنى مُستنداً بكفيه على رُكبتيه مُستنشِقاً أنفاس عَميقة تُعيد تجديد مَسير نبضاته المُضطربة،لو أنَّهُ أخطأ و تَحركاته غَرَقت في بحرٍ من ثقة شائبة لأصبح مع مطلع الغد حَديث العامّة مع استهلال أهم الصُحف بعناوين يتفنن كُتاَّبها في صفَّ حُروفها للفت أكبر عدد من الأنظار "قتيل المَصرف المُرمَد ! "ضَعَّفَ من انحنائه ناقلاً ذاته لموضع التَذَلُّل حيث تتحرر النفس من كبريائها و يُنهَب من الحواس تَشتتها لتذوب انشداهاً في سجدة شُكر للواحد الأحد،عادته التي لم و لن يتركها بعد كُل موقف يَكون فيه هو و الموت خطان مُتقابلان حكمة الإله تجعلهما لا يتقابلان..،اعتدل واقفاً بعدما ذَرفَ غيث شُكره..بَسَطَ يده مُخفِضاً بصره للسلاح الصغير نسبياً،قَلَبَهُ للجهة الأُخرى و هو يَزم شفتيه بأفكارٍ تحتاج لجُرعة راحة لتنفجر..،بحركة سريعة فَتَح أزرار قميصه الأسود كاشِفاً عن بلوزته الخضراء الداكنة أسفله،خَلعه بيده الحُرَّة ثُمَّ رفع البلوزة حاشراً السلاح بين بنطاله و خاصرته..رفع يده لشعره مُواصلاً مُسلسله المَحفوظ في ذاكرة القَمر رغم اختلاف الأزمان و الأراضي،و بأصابعه بعثر خصلاته مُزعزعاً تصفيفته الأنيقة..و بهدوء يُناقض ضجيجه قبل دقائق تَقدم خارِجاً من الزقاق يَمشي بخطوات واثقة،بظهر مُستقيم و رأس مَرفوع يُتيح لعينيه تأمل صَمت الطريق أمامه..مَشى مُتناسياً ذاك الذي قد يكون قطع المنطقة ذهاباً و إياباً باحثاً عنه،تحرَّرَ من هَربه و تجاهل ملمس السلاح لخاصرته..و عند أقرب زبالة ألقى بقميصه المُتشبع بعرق تلك اللحظات المُعَقَّدة..،



الوقت الحالي
الثامنة و الرُبع صباحاً

ارتفع سَقفُ السماء مانحاً الشَمس طَريقها بعد أن ابتلع النجوم تَبجيلاً لعظمة ضوؤها المُنعَكس ظَلاماً على أرواحٍ كان الأســى سُقياها..نَحيبٌ طويــل ذَوت منهُ حَنجرتها و دَمعٌ مثل حد سكين نَحَت جِراح دَمٍ شفاف على وجنتيها المَنبوذة فيهما الحياة..على قارعة الزمن وَقَفت رافعة يد رجاها تُناشد الساعات أن اجترعيني و عودي بي إلى رَحم السنين ليلدني الماضي طفل أُحادث ابنتي بلُغة برائتها،أُشاركها تَخبُّط النظر بعجائب الدُنيا و ألتحف معها تحت غطاء الراحة،حيث النَوم يكون لُعبتنا،نومٌ نَقي لم تخدش صفاؤه آلامٌ قَسرية..،على سِرير جود بات جسدها الليل كُلَّه..بَياتٌ يخلو من استلقاءٍ بهِ يُعاد ترتيب عضلاتها وعظامها الواقعة تحت رحمة الصدمة،رافعة ساقيها حتى لامست رُكبتيها ذقنها المُهترئ من ارتعاشات..،كانت تتحرك برتم يُسيّره الضَجَر للأمام و للخلف تُعيد إحياء اهتزازت مَهد افتقرَ منهُ حضنها..هذا الحُضن الذي خُلِقَ قالباً يتسع لجسد ابنتها الضئيل ليرثه بعد أن تنتهي أعمال رَحمها المُخَلَّد نَزفُه إلى الحين الذي لا تَعلمُه..يبكي دَماً على ثَمَرة خُطِفَت من أرضه عَبثاُ،لشن هُجومٍ مُضاد مَبني على أساس ركَيك مَنبعهُ الكبرياء المقيت..إلى الحين الذي قد تُضَمَّد انكسارتها و تُستَرجع أنفاسها المنهوبة براحتي الفَقد..،الدقائق تَمضي تحت أنظارها المُصَوبَّة للساعة المُعَلَّقة..حركة العَقرب تشعر بها تنعقد وجعاً بدموعها حاجبَين عنها الرؤية،ذراعاها تُحيطان بساقيها و الكفَّان لازلا يعيشان انقباضهما،عباءتها لم تسقط عن جسدها السابح في حُمم تَكاد تَجزم أنَّ روحها اختنقت من رائحة كيّه لجلدها الخَمري..ليصبح الخَمرَ عَلقماً لا يستسيغه لسانه المغرور..،خــواءٌ مُوحش يتسرب إلى دواخلها،مُبصِقاً شعور أليم اسمهُ الوِحدة..نعم تَشعر بالوحدة و الغُربة رداء خانق يُحيط بروحها..غَريـبة هي عن كائن احتواه جَوفها،و اخترقت نبصاته حُجيرات قلبها..كيف لها أن تُقابلها و هي التي هُجّرت ظُلماً عن وطنها ؟ بأي اللُغات ستُحادثها..بلُغة الحِرمان ؟ أم بلُغة الأمومة المَسلوبة ؟ أسينطُق لسانها مُعترفاً بجُرم والدها ؟ سيقول أن الذي احتواك لخمسةِ أعوام كان الذي شَوَّه فِطرتي..و سَرق أحاسيسٍ هي إكليل من زَهرٍ أبيض يُحيط برأس كُل أنثى..،بأي الوَجوه سأقابلكِ أخبريني ؟!
،:جــنان
تَصافق وَهن لأهداب عينها اليُسرى نَتَجَ عنها تَحرير لدمعة أُخرى أبت أن تَسكن قنوات دمعها دون أن تُشارك أخواتها العَويل..حَرَّك البؤس عدستيها لتصطدم الرؤية بوجه نُـور التي للتو تنتبه لوجودها..نُور التي نَسَت ما نَفثتهُ بقسوة على قلب عبدالله عندما استقبلت الخبر فور عودتها من المشفى،و كأن لَوحة جنـان المرسومة على مقصلة الإعدام كفيلة بمَحو ساعاتها الماضية التي قضتها تعض أصابعها نَدماً على ماضٍ بعيد لم تظفر من سنواته سوى الانكسار و الألم..وماضٍ أقرب ألبسها رداءه المُبهَم،هامساً لها بتشويش عن ارتباط عوامل الماضي البعيد بنتائج القريب..لكنَّها تُشيح بمسامعها خشية اختراق رصاصة الحقيقة ضميرها لتُصيره أشلاء يُحال تَجميعها..،
هي اقتربت من جنان حاطَّة بيدها على كَتفها المَحنيه أثقال تكالبت مابين وَجعٍ،انكسار و أسـى..بيدها الأخرى احتضنت بَلل وجنتها و ازِعةً نظرات تُريد بها الامتزاج مع نظراتها المَسلوبة الفَرح..نَطَقت هامسِةً بحنان تَقَوَّسَ لهُ فَمها و ارتعشت منهُ شفتيها الذابلتين،:جنان يا عُمري بس وقفي دموع،من جيت للحين هذا حالش
اقتربت جود تُشاركهما السَرير مُعَقّبة،:و من قبل لا تجين،صار لها ساعات و هي على هالحال "أكملت بابتسامة و بنبرة رقيقة أرادت بها أن تجذب انتباه قلب جنان" تبني تقابلين جَنـى وانتِ بهالحالة ؟
شهقة مَبحوحة معدومة الصوت غادرت صدرها المُتشعبة فيه تَحَطُّمات شهقات..نبضاتها أصابها وابلٌ من صَيبٍ بعد قَحطٍ أودى بينعها و أحالهُ إصفرار أشبه بالسُقم،بَلَّلَت شفتيها و تصافق الأهداب أجَّجَتهُ رياح الاسم الذي نطقته جُود..أنفاسها ازدردت ثقلٌ صَعَّب مسيرها من رئتيها لأنفها حتى تعالى صوت تَنشقها..نَطَقت و الحُروف تلذع لسانها المُر،:جَنــى !
أكَّدَت نور و أناملها تتشرب فيض عينيها،:أي جَنى،اسم بنتش جَنى و مشتــاقة لشوفتش
استنشقت نَفَس عَميق يُعينها على احتواء اضطراب حَواسها لهذا الحديث،فهذا الكَم الهائل من الاعترافات المُغدَقة بمشاعر تَوق تُعانق عُنقي الأم و ابنتها قُدرتها المشروخة لا تقوى على حَمله..،أحلَّت عُقدة ذراعيها فاتحةً المجال لساقيها لتخفضان في جلوسٍ مُتأهب لسماع المَزيد و لو إعوَجَّ كاهل قلبها..بظاهر يديها مسحت دمعها الغافي وسط عينيها و المُتسلل حتى وجنتيها،تساءلت ببحَّة مجروحة و عدستاها تتحركان بتخبط على وجهي نور و جود،:تعرفني ؟
احتضنت جود ذراعها مُجيبة بشقاوة بها تُزيح الأتربة عن جراح جنان عَلَّ التِئاماً مُستحيلاً يَعقدها،:قولي الا حافظتش،تعرف كل صغيرة و كبيرة عنش و ما ترضى احد يقول شي مو زين في حقش
أكملت نـور و هي تُعانق ذراعها الأخرى،:ما تنام الا بعد ما تتأمل صورتش و من تقوم من النوم أول وجه تصبح عليه وجهش
ضَمَّت شفتيها للداخل تُخفي فصل الارتعاش الواصل لذروته،لكن الدمع كان لهُ كلمته الكُبرى ناشِراً أجنحته الضخمة على سفوحها القاحلة..أخفض اليأس رأسها تَطارادً مع إعتلاء البُكاء..لتبدأ سنين نَوحٍ جَديدة،سنون لها بدايات لَهيب لَوعات و منتصفها شتاءٌ سُحبه لا تُفرِغ سوى جليد الغَصَّات المُلتفة حول عُنُقِها..لتنتهي بتصدعات لا يُمحى أثرها،تُنحَت في ذاكرة القلب لتستفيق مع ارتفاع أي نبضة..،قالت جود باستنكار،:جنــان احنا قاعدين نقول هالكلام عشان تفرحين مو عشان تصيحين مرة ثانية !
أمال الضعف رأسها و كتفها أرفعهُ الضياع،:مو ذنبـ ـي،هالكلام يحزني أكثر مما يفرحني،كل هاللي تذكرونه انا انحرمت منه "شَهقة اقتطعت مسير حروفها ناشِرةً القهَر فوق سماءِ ملامحها المَبهوتة،أردفت بتقطع مَرير"خَمـ ـس سنين مو شويه جود خَمس سنين انحرمت من إحساسي كأم "أصابعها تَخللت خصلاتها عند أعلى رأسها ضاغطةً مُحاولة امتصاص أفكارها الجارفة روحها لغَرقٍ قاتل،أكملت بأسف أوجع قلبيهما" ما حملتها على صدري أول ما ولدتها،ما شفتها أول مرة انقلبت،أول مرة حبت و مشت،مادري شنو أول كلمة نطقتها،شنو تحب شنو تكره "واجهتهما بعينيها المذبوحتين لتقول" بدل ما يكون ذكر بنتي مرتبط بساعدتي اخوكم خلاه سبب لتعاستي
مشاعر نور الواقفة على مُنحَدر الانفجار أسرعت بها لاحتضان جسد جنان المسلوب رداء سعادته كما هي تقول و كما هم يعلمون..شَدَّت من ذراعيها تجتذب ما قد غفى من إشارات سلبية بين حناياه..هَمسَت لها مُستلَّة ضيقها،:حبيبتي احنا ما نطلب منش تنسين او تسامحين فيصل،ابداً ما بنكون انانيين و اتأكدي احنا واقفين في صفش مهما صار "ابتعدت عنها تسمح لعينيهما بالإلتقاء مُواصلة بابتسامة ناعمة" بس لا تواصلين الحرمان بحرمان،الحمد لله بنتش اللحين قريبة منش،صحيح ما يتعوض اللي راح بس اللحين تقدرين تسوين كل اللي تبين لها،عيشي الأمومة لحظة بلحظة و لا تتركين الماضي يصير عائق بينكم،انتِ محتاجة بنتش،و جنى بعد تحتاجش "ضَغطَت على كتفها بقوَّة و من عينيها أطلقت سهام تشجيع" صيـري قَويَّــة عشانها
بَصرها ينتقل مسكيناً بين عيني نـور،مادةً يَدُ روحها تطلب عَوناً لتمزيق عباءة الضعف التي ألبسها إياها فيصل،مُحاكة بخيوط ذُل لها مَلمس قاسٍ يُعجِب كبريائه الأحمق..هي تُريد هذه القوَّة التي يتكلمون عنها،تَقَرَّحت يداها بَحثاً عنها مُنذُ أن قَطَع حَبل الوِصال بينهما،أسفاً أنَّها عثرت عليها بين كفي أحمد غافية،ارتدتها بزهو و فَخر لاستقامتها بعد نبذه..لكن عَودة واحدة كَسَرت عُنُقِها المُعتاد على مُحادثة الأرض..فالسَمـاء لم تَكن دارها أبداً..،
حَرَّكت عينيها جهة جُـود التي نطقت،:اتصلت لعمتي خبرتها،شوي و هي جاية ويا علي،قلت لها تجيب حقش ملابس
أيَّدتها نور و هي تقول،:ايـــي قومي حبيبتي تسبحي على ماتجي امش عشان تغيرين ملابسش و تقابلين جَنى بأحلى طلة
هَزَّت رأسها باستجابة و هي تقف بتعب وَضحَ من انحناء جسدها و ذُبول ملامحها..خَلعَت عباءتها كاشفة عن ملابسها البسيطة،بنطال "جينز" أزرق فاتح و قميص بيجي من الشيفون الثقيل بأزرار ذهبية أنيقة..تَركتها على السرير ثُمَّ خَطَت بخفَّة جهَة المرآة..اقتربت حتى التصق بطنها بطرف التسريحة،بباطن أناملها لامست بشرتها الغائبة خلف ستارٍ من إصفرار يُثير الشفقة..قابلت عيناها المُتخذ الانتفاخ و الاحمرار حيزاً كبير فوق جفنيهما..بتنهيدة مُشبَّعة ضَجَر قالت،:اعتقد حتى مكياج خفيف يبي لي لا اصدم البنت
عَقَبَّت جود،:اللي تبينه سويه بس اللحين دخلي تسبحي عشان تجي عمتي انتِ مخلصة
تراجعت عن المرآة لتستدير مُتوجهة لدورة المياه..فور إغلاقها للباب التفتت جُود لنور التي غَطَّت وجهها بتعب نصفه نُعاس زافرةً إرهاقها و هي تقول،:وضعها صعب "أخفضت يديها مُردفة" الله يهديك يا فيصل
،:نـور
نَظرت لها مُهمهمة لتنطق جود بهمس مُتردد،:جنان قالت كلام و هي مو في وعيها
عُقدة عدم فهم بانت بين حاجبيها مُتسائلة،:كلام شنو ؟ ما فهمت !
ألقت نظرة جهة دورة المياه ثُمَّ استدارت لها و هي تقترب مُجيبة،:كلام عن المُشكلة اللي بينهم "انكمشت ملامحها بقلق مُردفة" شكله الشي كبيــر نور
تساءلت باستفسار،:امي و ابوي كانوا موجودين يوم تتكلم ؟
هَزَّت رأسها بالإيجاب لتقول،:كلنا كنا موجودين بس ما كان الموقف يسمح ان نتكلم في هالموضوع و لا حتى حالتها كانت تسمح
بتفكير قالت،:و لا اتوقع انهم يتكلمون،على الأقل خلال هالفترة " وبحدَّة مُحَذّرة أكملت" و انتِ بعد لا تجيبين طاري الموضوع و لا انا ابي اعرف شي عنه
باعتراض،:بس نــو
قاطعتها و هي تستلقي على السرير،:خلاااص جود قلت مابي اعرف،خليني اغط شوي على ما تطلع من الحمام
زَمَّت جود شفتيها بقهر و هي ترى كيف تجاهلتها و أغمضت عينيها..أرخت شفتيها و عيناها تنحفضان لأصابعها بشرود..فأحمد ذاك الذي نطقت جنان باسمه أعادها لهاتفها فوق تسريحة غُرفة نومهما هي و علي،تلك الليلة التي قرأت فيها المُحادثة..،

يتبع




 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس
قديم 09-23-2019   #2


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



عيناها باتساع مَذهول تَعبران مُقدمة رأسها المَثلومة الواضح فيها أثر الغُرز..تابعت مَسيرها المَحفوف بالجراح لتستقر عند عُنُقِها النائمة ضمادة على جانبه تستتر على جُرمه اللاإنساني..أعادت بصرها لرأسَها مُستهِلَّة تأمُلاتها من جديد لتختنق دمعات عَطف وسط مُقلتيها..هَمَست بحَنق،:عَســى ايده الكَسر
أدارت رأسها عنها بمَلل ليستقبل بَصرها الزَرع المُمتد أمتار أمامها..هَمَسَت بضيق تَزاحم غُباره في حنجرتها مُصَيّراً صوتها مَبحوحاً،:خلاص حنين عاد،صار لش ساعة تدعين عليه
أرفع الاستنكار حاجباها الخفيفان ناطِقةً و الذهول لسانها،:بعد كل اللي سواه بعد ما ترضين عليه !
أخفضت رأسها تهرب من تَصيدات عيني حنين المُؤَنّبة،داعبت العُشب القصير بأصابعها مُجيبةً ببعثرة،:لاا مو يعني ما ارضى بس ما يستاهل تدعين عليه
التقطت أصابعها ذقنها المُشيحة به لتُدير وجهها بقوَّة تعاضدت مع حدَّة كلماتها،:يعني شنو حُــور ؟ تبينه يشوهش تشويه كامل عشان يصير يستاهل ادعي عليه ؟! "شدَّت من أصابعها مُردفة بحدَّة أكبر و نظراتها تخترق عدستي حُور المَغشيها ضياع" الى متى بتصيرن خاضعة له ؟ مادام تسكتين عنه فهو بيتمادى،يشوفش ما تخبرين امش وابوش الحقيقة بيسوي أكثر و أكثر،اصلاً انتِ لازم من ليلة العرس تطلبين الطلاق !
إغماض شديدة أحكم قبضته على عينيها،فذكرى تلك الليلة فتحت مصاريع بوابتها المحشور فيها لَمحات رمادية تقتطعها مخالب تستفرغ دماء لها رائحة نتنة يستفيق على إثرها شعورها الغافي هَرباً من سطوة الساعات الخانقة،هاجمها الخوف نفسه و تكالب مُنعَقِداً على صدرها يضغط إلى الحد الذي يُرفَع عنده صوت تَهشُّم قلبها..وَجهها المخطوف عاد لينطبع خلف جفنيها يُعيد إحياء الشفقة..شفقة على ليلة عمرها المنحَورة..لا تدرِ كيف استطاعت أن تحتوي اللحظات بين إطارٍ من بياض عَلَّهُ يُغدِق قيللاً من نقائه على الأحداث المشؤومة ؟ لكن فيضان السواد لم يتوقف مُجاهداً البياض يُريد أن يقتلعه من جذور أرضها المُقتاتة على الحُزن..فكانت الرمادية النتيجة،لونٌ تستطيع أيَّامها اجتراعه لتُكمِل مسيرها..،هي تعلم أنَّ امْرأة غيرها ستقف لهُ مُتصدية لهفواته القاتلة،سترفع أمامه راية الحَرب سالَّة سيف أُنوثتها لتُراوغه حتى تأتي به عند قدميها..لكن هي..حُـور المَغلوب على أمرها،لا تعرف كيف تُصادق طبول الحرب أو كيف تُلَوّح بالسيف،أقصى قساوتها كلمات قَهر تتراشق ببعثرة من حنجرتها المأهولة بالغصَّات..،
،:حـــور ردي علي
تَنهيدة تَفَرَّعت منها أبيات حَسرة و ألم غادرت رئتيها،جفناها كشفا عن الضياع السابح في عينيها و الراسم خَرائط دمع أبت أن تبرح وسع مُقلتيها،استدارت لحنين و ابتسامة تخلو من حياة تربعت فوق شفتيها.. نطقت و السُخرية نبرتها،:شنو تبيني اقول ؟ اللي بقوله ما تبين تسمعينه و في نظرش تافه
شاركتها إفراغ التنهيدات و هي تقترب مُحتضنة كفَّها المُرتخية في حضنها..ضَغَطَت بخفَّة و الصدق ينحشر بين حروفها،:بسمعش و ما بقول شي وبحترم نظرتش،بس لا تخلين شي في قلبش
ازدردت ترددها و بصرها يلمح الصدق طائراً أبيض يحوم فوق ملامح حنين المنتبهة لها..أرجعت خصلاتها خلف أُذنها كاشفة عن جرح عُنُقِها أكثر،أخفضت بصرها تستعد للمضي مع قافلة مشاعرها المسجونة غَصباً في قلبها طيلة ثلاثة أعوام..،:حنين انا اي زوجة مَكاني ما بترضى بهالعيشة و بتسوي المُستحيل عشان تتطلق،كفاية ليلة زواجي اللي قلبها لي ليلة سودا ما اذكر فيها الا ريحة الدم اللي جمد على جسمي "أغمضت عينيها و كأن زيارة هذه الذكرى لعقلها لا يكون الهروب منها سوى بالاعتناق مع العَمى" ما ابي اذكر اللي صار "فتحتهما تنظر للمجال أمامها عاقدةً بَوح آخر مُواصلة" على كل اللي يسويه فيني و على كل الغرابة و التناقضات المجتمعة في شخصيته "أشارت لصدرها بقبضة يدها المحشور وسطها مشاعر مُتَخَبَطة تَخشى إطلاقها" شي داخلي مابي يتخلى عنه،عيونه حنين احس فيها كلام لا هو عارف يطلعه و لا انا قادرة افهمه ! "حاجبها الأيمن اعتلى صهوة أفكارها المُبعثرة و بصرها يتسلق الهواء لإعتلاء السماء بحثاً عن مُلتقى لأسئلتها الحائرة" و كأن كل اللي يسويه غصباً عنه أو أو كأنه شخص ثاني
هَمس حَنين أعاد عدستيها للأرض،:كلامش يقول انه عايش بين شخصيتين يَعنـــ
قاطعتها تنكر ما تَرمي إليه و هي التي تُريد من يقتطع ما زرعته الأحداث شكاً يُمزق جواها،:مو مَــريض حنين مو مريض
أرفع الاستنكار حاجبها و خطوط سُخرية أحاطت بزاوية فمها،:أول مرة اشوف انسان طبيعي يسوي سواته،حور شنو انتِ قاعدة تجذبين على نفسش ؟!
الحنق بصق احمراره على وجهها و هي تقول،:قلت لش مابي اتكلم لان كلامي ما بيعجبش
يداها استقرتا عند صدغيها بأصابع مُتنافرة دون أن تمسسهما مُجيبة و رأسها يُناشد اليمنى و اليُسرى تنبيشاً عن تصديق،:لأن كلامش ما يدخل العقل،مو منطقي يا حور،و الله لو تطلقتين من قبل ثلاث سنوات جان اللحين انتِ على ذمة رجال غيره و عندش بيبي بعد
اختنقت دمعة بين بياض عينها و عدستها مُثيرة احتراق مُوجِع أشعل حواسها..بهمس مُتحشرج تَركَ آثاره على حنجرتها قبل أن يُغادرها قاصداً مسامع حنين،:بس انا مابـ ـي غير يوسف
قابلتها الهَمس بهمسٍ آسف على حالها الأعوج و عيناها تُطلقِان سهام تأنيب،:مجنــونة والله مجنونة
واصلت رحلة الهَمس كاشفة عن ما بدأ يصحو في جوفها،:احسـه ضايع حنين،يدور على نفسه بس مو محصلها
مال رأسها يميناً مُتسائلة و الاستهزاء مُعينها،:و لايكون انتِ اللي بتحصلينها ؟ و الله خوفتي يضيعش وياه
تجاهلت نبرتها و كلماتها التي تعلم فحواها القاصد مصلحتها،أدارت وجهها عنها للجهة التي تستقر فيها النافورة الكبيرة،تأملت قطرات الماء و هي تتساقط من عُلو و كأنها طير دون جنحان،تخترق الهواء جاذبة نفسها للأسفل تعيش المُتعة و هي تغرق بين بنات أترابها في قاعدة النافورة..ليتها طائر أو قطرة ماء في نافورة،تعلو و تطير و تسقط لا تمنعها صلابة أرض و لا بُعد سَماء..ليت الأحلام هكذا ببساطة تُقتَلع من الروح لتُرسَم حقيقة بين أيَّام الحياة،تعيشها و تتذوق من عسلها بعد أن تذبح لظى تَحَطُّم الأمنيات..،
،:شفت راشــد
استدارت لها مُباشرة بعد أن استقر اسمه في أُذنها،تأملت ملامحها الجامدة تحاول استنباط مشاعرها..لكنها لم تجد سوى الصمت..تساءلت تُسايرها و هي تعلم أنَّها لَحِقت بهذه القافلة لتقطع مسير قافلتها الجارفة عربتها للهلاك،:في وين ؟
أجابت و هي تعقد ذراعيها على صدرها و عيناها في عينيها،:في بيت بابا سلمان "ابتسامة سُخرية أمالت شفتيها مُردفة" ينصحني اتخلص من الرسايل لا يكشفني بسام
اعتدلت في جلوسها لتُقابلها بكامل جسدها،تساءلت بانتباه،:شنو قلتين له ؟
أفلتت ضحكة قصيرة و هي تُشيح بوجهها مُجيبةً،:يعني شنو بقول له ؟! غير حقير ما قلت
بتأييد حاقد عَقَّبت،:و هو فعلاً حقير،احد يسوي في بنت خالته هالسوايا ؟!
خيوط استنكار تجاذبت أطراف ملامحها راسمة جهلها الذي عَبَّرت عنهُ بكلماتها،:انا اللي ماني فاهمته ليش سوا جذي ؟ شنو استفاد،يعني لو تشوفينه و هو يكلمني ما كأنه هو صاحب الرسايل "ألمٌ أحاكتهُ حروف ماضية حتى انغرس خنجراً في صدرها بانت أوجاعه على وجهها" انا مانسيت ولا كلمة مكتوبة و ما نسيت ولا إحساس غبي حسيته و انا اقرا كل رسالة، وهو بكل بساطة نسى ! "تهدلت شفتاها بحسرة مُردفة" دليل انه كان ماخذني لعبة يضيع وقته فيها
بثقة نَطقت تُزيح غُبار الانكسار عن روح رفيقة دربها،:ما هو خير لش و لا هو نصيبش،الحمدلله ربي عوضش ببسام " وبتساؤل حذر" ولا للحين ما اقتنعتين فيه ؟
بَلَّلت شفتيها مُشيحة وجهها عن مدار نظراتها،تُريد أن تتستر على الابتسامة التي بدأت بالاعتياد على إقحام نفسها بين شفتيها بعد أن كان للأسى نَومه هُناك..،أحَلَّت عُقدة ذراعيها مُستَقرَّة بباطن يديها على العُشب على جانبيها..أحطَّت بذقنها على كتفها الأيمن وازعةً تأمُلات تَعَلَّقت بنسيم الصباح مُحلّقة على سياج سحابة بيضاء إلى ذاك صاحب المشاعر النادرة..ذو الابتسامة السَمحة..هَمَست و الحواس عبداً ينحني عند نهر مشاعره العَذب،:بسَّـــام انسان غريب
عُقدة عدم فهم قَرَّبت حاجبيها لتتساءل،:شلون يعني ؟
أجابت بعد أن مَسَّت طَرف شتفها السُفلية بأسنانها،:يعني انسان مافي منه،انسان دائماً يفاجئني "تَرك ذقنها وسادة كتفها مُقابلة وجهها وجه حور الواضحة عليه إمارات الاستماع،أكملت و الابتسامة يزداد اتساعها..برقة،نعومة و حب على مشارف النمو" ما اجذب اذا قلت ان الكلام يضيع قدامه "انخفض صوتها مُتوشّحاً بهمس أجش و عيناها أُوقِدَ فيهما شعور جديد" احسه يعرفني اكثر مما انا اعرف نفسي
بابتسامة بانت فيها أسنانها تساءلت،:يعني نقدر نقول حبيتيه ؟
اتساع عانق مُقلتيها مُجيبةً و هي تتراجع للخلف ليحيطها شعاع الشمس القوي،:لااا مو حب مرة وحده،بس يعني
بفضول،:شنو ؟
نَظَرت للسماء من انخفاض مُجيبةً بزهو،:احب تعامله معاي،يحسسني كأني ملكة زماني



،:اكلمش ليش ما تردين ؟!

عيناها مُلتصقتان على الصحيفة بين يديها،ساقٌ على الأخرى و المرفوعة تهتز برتم مُستَفِز،شعرها مُستَقر بأكمله عند قِمَّة رأسها مانعةً الخصلات عن مُعانقة بَدر وجهها الخالي من مساحيق التجميل التي اعتادت أن ترتديها كُلَّ يَوم..ملابسها كانت بسيطة و خفيفة في الوقت نفسه،فستان قطني أصفر تنطوي أكمامه القصير جداً عند بداية ذراعها من الأعلى،يصل حتى أسفل رُكبتيها..و كأنها بخفَّة ملابسها تُريد أن لا تُثقِل جسدها المحموم بتصدَّعات الماضي المُنَجّس حاضرها بذكرياته الدموية..،اقترب من موضع جلوسها على الأريكة ليقف أمامها شاداً الصحيفة من يديها و بحدَّة نطَق،:ليش ما تردين ؟
التقطت الصحيفة من يده و هي تُلقي شذرات جليدية من بين محاجرها وخزت قلبه المُتَوجس،:اسمي وعد،يا ليت تناديني بهالاسم ابي اتعود عليه
عَقَدَ ذراعيه على صدره مُتسائلاً بمُسايرة،:ليش يا آنسة وعد ما داومتين ؟
و هي تعود لتصفحها و البرود لا زال يذوب فوق لسانها،:مالي خلق "امتعضت ملامحها و أنياب حقد تتضح في ابتسامتها الخبيثة،ألقت الصحيفة ناطقة" يوم اللي اقرا اسمك في صفحة الوفيات
زَفَرَ و أصابع يده تتخلل شعره بتماسك هامساً،:استغفر الله يا ربي "أخفضها مُستقراً بها على خصره مُردِفاً باستنكار" يعني ما يمر يوم بدون ما تجيبين طاريه! "عَقَّد حاجبيه مُواصلاً بتساؤل" و بعدين ليش تدورين اخباره ؟! تشترين الجرايد بس عشان تقرين عنه !
وقفت تقترب منه حتى تواجهه مُجيبةً بسُخرية،:رائد حبيبي لا تعيش دور الزوج المهتم،انا وانت ندري ان الزواج ما صار الا عشان اوصل الى هالشخص من خلالك
بابتسامة واسعة لم تصل إلى عينيه بها هو يسخر من نفسه،:ما شاء الله انا المحطة اللي بينكم،انجب و اسكت عشان بس حضرة جنابش توصلين للي تبينه
تجاهلت حديثه و هي تقترب أكثر ماسَّة كتفه بيد و الأخرى تستقر على ربطة عُنُقِه الزرقاء الداكنة هامسةً بنعومة،:كاشخ..رايح الشركة ؟
نَقل بصره بين عينيها،بــاردة هي مثل قطعة ثلج قاسية تغفو بين ذرات الرمال ترفض الانصهار و الخضوع لأشعة شمس عاتية..حيناً تُباغتهُ وازعة خَدراً على مدائنه الباحثة لأعوام عن أنثى تنتشله من غرقه بين الجثث و المُطاردات،و حيناً تأتيه على هودجٍ أعوج،و في يدها سيوف حربٍ بها هي تَجرح فؤاده المُتَيم بها مُنذُ اللقاء الأول..،هَي قرأت حديث نفسه و اجترعتهُ بحواسها،حاولت جاهدة أن تُخفي تَصَدُّعات ملامحها أسفاً عليه،قَرَّ رأسها أكثر و هي تُميله يساراً هامسةً في أُذِنه المُتيقظة لصوتها الآسر مسامعه،:رائـد أرجوك لا تنتظر مني حُب "تنهيـدة عميقة نَثَرت ارتعاشات بين عروقه ارتفعت منها و خدَّها يلتصق بخده مُواصلة" كنت غلطانة يوم خليت علاقتنا تتطور مثل أي زوجين طبيعيين،أرجوك خل بينا حدود،مابي اعشمك و بعدين اجرحك "بضحكة تمايلت على لحن ألم" انا حتى عيال صعب اجيب لك،خلنا بعاد احسن
تراجعت للخلف لتستقبل نظراته الجامدة،أكملت برجاء،:ارجوك لا تجيني الشقة الا اذا طلبتك
ناداها و هو يتقدم خطوة،:لحــظة
قاطعته رافعة يدها تمنعه من الاقتراب و هي تُواصل تراجعها و كلامه البارحة أشعل فتيل الأسى في روحها:ارجوك رائد لا تقرب،لو ما كنت تبي الحب كنت بواصل وياك في العلاقة،بس اللحين ما اقدر،آسفة مابي اعلقك فيني،مابي تعطيني الحُب وانا ما اقدر اقدم لك شي
أنهت حديثها لتتدثر خلف باب غُرفتهما التي ستصبح بعد ما أفرغته مُلكية خاصَّة لها..أغلقت الباب مُستندة عليه بظهرها،يداها مُتعانقتان عند ذقنها و الإغماض كان سلاحها للتجرد من زوبعة مشاعرها..في جوفها تسعر نبضات و القلب يلتوي بانقباضات مُوجِعة تُؤنبها على استغلالها لهذا الرَجُل..و لكن ما حيلتها اذا كانت الحياة قد أشاحت وجهها عنها ؟ تناولتها لتمضغها بقسوة قبل أن تجترعها مُمتصة إنسانيتها لتبصقها كائناً بلا مشاعر..لا تعرف الحب و لا تدرِ أيُّ الطُرق تُؤدي إليه..فالظلم أشبعها حد التُخمة و لم يكن في معدتها مُتسعاً للمزيد..و هي تخشى لو أنَّها سايرته و مَثَّلت الحُب معه أن تستفرغه بقلب لهُ ثُقب تنتحر عنده النبضات..،هي أتته لعلمها بأنَّ صَيدها كصيده،و أنَّ ذاك الذي تتبع أخباره هو يتبع أخباره أيضاً..أتتهُ لأنَّ مركزه يُؤهله على التحقيق في قضايا كلاهما ينبت في داخلهما شك بانَّ ذاك أساساً فيها..قضايا تباينت بين النصب و الاحتيال..القتل و إزهاق الأرواح..،زَفَرت شجونها المسجون مؤبَّداً في روحها و هي تتحرك لسريرها..انحنت للدرج عند رأسها،أخرجت دفتر مُتوسط الحجم مع إنغلاق صوت باب الشقَّة..يبدو أنَّهُ فقد الأمل في عودتها لإكمال النقاش..،جلست على السرير طاوية ساقيها أسفل فخذيها..فتحته لتستقبل كلماتها و نقاطها المشطوب على بعضها،و بعضها رسمت حوله دائرة باللون الأحمر تأكيداً على صلاحيتها..تصفحت الصفحات الأخرى مُسترجعة أفكارها التي دونتها بالأمس أثناء غيابه مع رفيقه في البحر..،تُريد أن تُطلعه عليها لكن ليس الآن بالتأكيد..مالت شفتيها بابتسامة و هي تتخيل نفسها تُناقشه في الأمر بعد الصدمة التي وجَّهتها إليه و كأنَّ شيئاً لم يكن ! و لكن حتماً ستبلغهُ،فالخطة الجديدة تتطلب عمله الاحتياطي كما أطلق عليه من قبل..،



النومُ كان حليفاً معهم،أعلن غضبه رافضاً المُكوث في دار عينيه،هَجَره مثلما هَجَرهُ التأنيب لفترة ظنَّ فيها أنَّه استرد شيئاً من كرامته التي أهدرتها في ذاك اليوم..موقفها فَجراً ابتلعهُ ليُعيده إلى تلك الساعة،هُناك عند الدقيقة التي اعتلت ضحكتها و مَرَّت شُهب لامعة في سماء عينيها..أمام ناظريه كانت تَعيش سعادة بذل من أجلها وقته و مشاعره،سعادة لم تَكن مَعه و لأجله..ارتدى عشرون كاهل فوق كاهله ليستطيع أن يحمل سفينتها المشروخة..أخاط بأنامله شراعها و قَلَّدها إياه لتجوب البحار بلا خوفٍ من غرق جَديد..تزوجها لا لمحبَّة،بل ظَنَّ أنَّهُ لن يُلاقي الحُب معها..فقط من أجل أن يُكمِل قصة حياته..لم يعلم أنَّ لهذه الأُنثى مدائن و مرافئ ينحني عندها القلب..و تتمرغ النبضات بتُرابها الخَمري..لم يَكن يعلم أنَّهُ سيقع فريسة لعينين يَغفو الكحل بسَكر بين جفنيهما..أصابعه لطالما تمنت الغرق وسط أمواج شعرها النائم بعد "جُهدٍ" على صدره..أخبرته ذات ليل أنَّها تخاف الفراق.. وأنَّ صدها له وُلد من رحم فقد أخيها و جليد والدها العائش بين السماء و الأرض..هَمست لهُ و الدمعُ يُصلي في محراب عينيها أنَّها تَخاف الحُب و قلبها لم يُلاقِ قلب رجل قبله..لكن ما قرأه قلبه بين الكُتب،و ما رأتهُ عيناه بين طُرقات لندن نَسف بَوحها و هي بين قلبه و صدره تغفو..،استقرَّ بإبهامه و سّبَّابته فوق أنفه من الأعلى،ضاغطاً بخفَّة يمتص الوجع الحاد الذي سكن هذه المنطقة بعد أن نَطَقَ لها بالاعتراف،كُل الأحداث الماضية تَراكمت غُباراً خانقاً في روحه،نَبَّش بينها يُريد أن يسترجع حجم انكساراته ليترجمها فوق صفحات فعلته،يُريد أن يُقارن حجم انكساره بحجم انكسارها بفعلته لرُبما يكبح صراخ ضميره..،شَعَر بحركة بجانبه،أخفض يده مُلتفتاً لها و ابتسامة حَنونة لم تَزر شفتي جنان ظُلماً بانت على شفتيه..،كيف ستكون ردة فعلها عندما ترى والدتها ؟ تابعها بنظراته الحافظة روتينها البريء و هي تنقلب يساراً جهة الصورة،دعكت عينها بيد و بالأخرى تناولتها،مَسحت بأصابعها على وجهها المطبوع بألوان لا تُشفي غليلها،حاجتها الطفولية تتفاقم يوماً بعد يوم،لا تعرف كيف تشرح لوالدها اشتياقها لوالدتها،لا تملك من سدَّ الشوق طريقاً سوى الأحلام..فعقلها الباطني يُصَوّر لها والدتها في الحُلم،ذاك الحلم "الشرير" الذي يأتي بوالدتها لها و عندما تقترب لاحتضانها يوقظها والدها أو أشعة الشمس الفضولية..تتلاشى والدتها مثل سراب من بين فراغات أصابعها الصغيرة..،أرجعت الصورة مكانها بعد أن قَبَّلتها و استدارت جهته..بادلتهُ الابتسامة و هي تزحف إليه حتى استقرَّت في حضنه،رفعها بخفَّة هامساً و شفتيه تمسان جبينها الناعم،:صباح الخير جناني
طَبعَ قُبلة دافئة و هو يسمع صوتها المُمرغ في النعاس،:صبـاح الخير بابا
أخفض رأسه مُداعباً أنفها الصغير بأنفه مُتسائلاً،:ما شبعتين نوم ؟
هَزَّت رأسها بالإيجاب و هي تُغمض عينيها و تتثاءب بكسل لذيد..ضَحَكَ لمنظرها المُناقض جوابها قبل أن يتساءل من جديد،:زين جوعانة ؟
رَفعت كتفها هامسة و ابتسامة صغيرة تلقفت شفتيها الزهريتين لعلمها بخطوته الثانية،:مادري
نَظَرَ لها بخبث و هو يمددها على السرير و جسده ينحني عليها مُقرّباً رأسه من بطنها..نَطَق ويده ببطئ تتحرك أصابعها عند خصرها،:بنشوف اللحين اذا بطنش جوعان ولا لا
ارتفعت ضحكتها و جسدها ينطوي مُحاولة الفرار من دغدغته..نَطَقَت بصعوبة من بين ضحكتها،:خلاص بــابـ ـا
تَلقفها بين يديه و هو ينزل من فوق السرير مُتوجهاً لدورة المياه..ساعدها في غسل وجهها و تفريش أسنانها وهو يُحادثها مثل كُل صباح..رفعها لتُبصق في المغسلة قبل أن يُنظف فمها عن بقايا المعجون..خرجا لغرفة الملابس لتختار ما سترتديه كالعادة..و هذه المرة وقع الاختيار على تنورة فوشيا منفوشة بنعومة تُليق بها تصل حتى أعلى رُكبتيها،و بلوزة بيضاء بأكمام قصيرة تقتطع بياضها زهور بألوان مُختلفة عند الصدر..،سَمعها تقول و هو يُسَرّح شعرها الذي لم يرث تموجات شعر والدتها،:بابا ابي الوّن
،:على أمرش
توجه لحاجيتها البسيطة في زاوية الغرفة بعد أن انتهى من شعرها ليتناول دفاتر التلوين الطفولية و علبة الألوان الخاصَّة بها..أمسك يدها ليخرجا من الغرفة و الجناح بأكمله متوجها للأسفل..و عند سُلَّم الطابق الأرضي توقف ثُمَّ جَلسَ على قدميه أمامها..بابتسامة لا يعلم بأي شكل ظهرت نَطَق و البحَّة نالت من صوته،:بابا حبيبتي انتِ نزلي لماما ليلى و انا بروح اجهز للشغل و جاي اوكي ؟
أجابت بطاعة،:اوكي
قَبَّل خَدها قبل أن يقف يتأمل نزولها الهادئ..طيلة الخمسة الأعوام ملأت حياته بشعور فَريد غرس بذرته في روحه حتى باتت تنمو يوماً بعد يوم،تُطعمه ثَمراً مكنونه البراءة و تُسقيه عَذباً من جذورها النَقيَّة المنبت..استدار بعد أن غابت للداخل،أكان هو من نَفَثَ سُموماً لا مرئية بين هذه السنوات ؟ للتو يشعر بخواء الحيلة..لو أنَّ يوماً أتته على زهرة النُضج تستفسر منهُ حِرمانها من والدتها..أيُّ الأجوبة سينثرها على بتلاتها ؟ يخشى أنَّ غيثه يُغرقها ويقتلعها من روحه..يخشى أن يشنق نفسه على مقصلة فعاله..أينَ هو من تأنيب الضمير هذا ؟ أين كانت عنه هذه النتائج ؟ أم أنَّ انهيار تلك جَرفَهُ لوحل الندم ؟!

،

غُرفة جود

ارتدت ما أحضرتهُ والدتها،فستان من القطن ماروني لهُ أكمام تتعدى مرفقيها حتى أعلى رسغيها،يضيق حتى خصرها ثُمَّ يتوسع ببساطة مُلامساً أعلى كاحليها..شعرها تخلت عن تموجاته الطبيعية بمكواة الشعر مما أكسبها نُعومـة بالغة..أخفت شُحوب ملامحها بأساس كلون بشرتها،كحل أسفل العين و لم تُضف شيء لشفتيها..،كانت تقف عند باب الغُرفة من الداخل و معصمها واقعٌ في قبضة والدتها التي تُحادثها بهدوء ضَعَّفَ من غرابة المَوقف،مثل كائن هُلامي يتخبط بين الأمواج يبحث عن خلاص ينتشله من غَرقه..يُناشد السماء أن ارسلي لي طيراً يحملني على جناحيه إلى الماضي الجميل لرُبما رَبت الصغيرة بين حضنيهما،لا قُيود فراق و لا سجن افتراءات منبعها ذَّات رَجُل تُوجت مُنذ الأزل بالكبرياء المُقيت..،برجاء يتبعثر على لسانها،:ارجوش يُمه انتظري شوي بس شوي والله خايفة
بالهدوء نفسه قالت و هي تشدها بيد و الأخرى تمسك بمقبض الباب،:يابنتي شنو الفرق اذا اللحين أو بعد شوي ؟ مو متشفقة على شوفة بنتش ؟
أجابت و تَنَشَقها الصعب يتضح لهن،:بلى يُمه بلى بس والله خايفة،مادري شلون بتقابلني
نُور تدخلت،:يا جنان البنت تحبش و تتمنى شوفتش من شنو خايفة ؟!
يَدُ الدموع أحكمت قبضتها على مُقلتيها ناثرة رذاذها الشفاف وسطهما،بغصَّة أجابت و تصدعات الحسرة تغزو ملامحها،:انتوا مو فاهمين شي ما راح تفهمـ ـون
استراحت يد جود على جبينها لتقول بعدم تصديق،:ياربي ما خلصت دموعش ! "أخفضتها لتُمسك بذراع جنان مُردفة" اقول امشي امشي اذا انتظرنا لين ما تنتهي ادموعش ما بتشوفينها الا باجر الصبح
فتحت الباب و هي جنام من خلفها و التي كانت تترجاها بهمس مخنوق أن تُخفف من مشيها وتنتظر لحين الوقت الذي تهدأ فيه الضوضاء المُحتدمة داخلها..كانت ثوانٍ فقط،قصيرة بطول الخمسة أعوام..،شهقات مُتتالية اخترقت بنصلها حنجرتها الشائبة من حِمل غَصَّات..طَيرٌ صغيرٌ خَبَّأتهُ الأيام عنها و اقفرَّ من وجوده عشها المَبني على غُصن شجرة أعرج،استنشقت الهـواء بعُمق تنقذ روحها من الهلاك من عُظم اللقاء..الأريكة تحتضن جسدها الضئيل الغائب عن موطن حضنها قِسراً،كفَّها مَقبوضة على القلم تُحرّكه بخفّة على الورق فوق الطاولة الصغيرة..عيناها قَمَرٌ استتر أسفل جفنيها يمنعها من التَزود من نقائِه عَلَّها به تُطهّر ما تنجست منهُ سنينها..اقتربت تمشي على أوتار فقدها،تقتطعها بخطواتها المُرتدية حذاء شوق مهترئ من تعرية الحياة اللاطمة أمانيها..عاشت الفَقد من والدها مراتٍ و مرات..كان حاضراً بغياب،جسده بينهم و عقله يحوم في سماء أخرى تخلو منهم..تعَلَّقت بأذيال أخيها ناسبة نفسها إليه و لسانها يُطلق عليه "بابا" على الرغم من أنَّ العمر الفاصل بينهما لم يتجاوز الخمس سنوات..ليعود هو و يركلها بقدم غيابه الذي كان وقعه على روحها أعظم..،لم تَكن تعلم أنَّها هي و اللقاء عُنصران لا يمتزجان،هي عُنصر لا يذوب إلا في بحر الفراق و الهَجر..كُلَّما ظَنَّت أنَّها ستعقد روحها بمفاتيح الخلاص باغتتها رياح حالَّة عُقدها لتتلقفها قبل أن تُلقيها بقسوة في صحراء الوحدة..هُناك حيثُ التقت بأحمد..أتتهُ يَتيمة من أبِ وأخ،ثَكلى لم ينضب نزف رحمها..و ها هي الآن تمشي على صفيحٍ من خَوف قد يُلقيها بفقد جديد تحت قدميه..،عيناها مُتعلقتان بسكنات طفلتها و ملامحها الغير واضحة من إخفاضها لوجهها..وَقفَت حينما تَمَلَّك الضعف من قدميها..فتحت فمها تستعين بصوتها..نَطَقت تُناديها و لكن موت صوتها لم يُسعفها..حَرَّكت قدميها من جديد تعبر الخطوتان الفاصلة بينهما..حيث مع اقترابها انتبهت جَنى للظل الواقف عند رأسها..رفعت عينيها للون الفستان الذي لفت نظرها..ابتسمت بنعومة ظانَّة أنَّها إحدى عَمَّاتها،رفعت رأسها لمُحادثتها دون أن تعلم أنَّ الوجه الغافي قُرب رأسها ستسقبلهُ عدستاها البريئتين..،تَقَلَّصت الابتسامة شيئاً فشيء و حَلَّ محلها ثغرة تعجب استكانت بين الشفتين..انسلَّ القلم من بين أصابعها و اتسـاع غَريب يُسيطر على محجريها..قَفَزَ سؤال في عقلها الطفولي..هل نستطيع الحُلم و نحن مستيقظين ؟! ارتعشت أوصالها من الصوت الذي ارتفع و تصافق خائف بدأت أهدابها تعيشه..،جنــان..ترى نفسها طفلة،الملامح نفسها و كأنَّ الزمَن خَبأها ليرسمها على وجه ابنتها..كأنها نسخة مُصغَرة عنها، و لكنها كانت ترى بين طَيَّات ملامحها دَمُ فيصل يجري بغرور..باصماً بحبر أبوَّته انتماءها إليه..،بحشرجة مُنهَكة نادتها و الأسى لَحنُها،:مــامـ ـا جَنـ ـى
عقلها الطفولي رفض التَعَلٌّق بأطياف حُلم لطالما كان شريراً يسرق والدتها منها..انخفض بصرها مُلاحقة حركة التي أمامها..فجنان قد جذبتها الأرض بوهن سيحيلها رُفاتاً ينتظر الدفن..لم تغب عنها نظرات جَنى المُضطربة،لا تدرِ ماذا يجول في خاطرها و فيما تَفَكّر..مَدَّت ذراعها مُتجاوزة الطاولة الفاصلة بينهما تُريد أن تَمس وجنتها المُزهرة بأناملها المُتدثرة بمعطف الارتعاشات..شهقة ألم جَرحت حلقها و هي ترى كيف ارتدَّت ابنتها بخوف تجلَّى على ملامحها رافضة هذا الاقتراب..نادتها بحسرة و الدموع مدرارا،:جَنـى حبيبتـ ـي انا ماما
حَرَّك الخوف عينيها تبحث عن حبل نجاة..ليلتقي بصرها بجدتها القريبة الواقفة بتوجس من الموقف..تَقَوَّسَ فمها و شفتاها عانقهما ارتجاف أضنى قلب جنان الواقف على مُنحدر الموت..فالنبضات رصاصات تصطدم بجواها وازعةً آلاماً تكالبت حتى فَجَّرت براكين دماء تختنق منها الروح..،نادت جدَّتها بنجدة،:ماما ليلى
تركت الأريكة ليتحرك جسدها الصغير جهتها دافنة وجهها في ساقها..انحنت لها لتحتضنها و هي تقول بابتسامة مُتوترة،:حبيبتي جنى هذي ماما جنان مو انتِ تنتظرينها،هذي هي جت عشانش
حَرَّكت رأسها نافية ناطقةً بصوت يُجاهد الشهقات،:لاا حلم حلم مثل كل مرة بتروح
صوت نور شارك والدتها لتقول مُشَجّعة،:حبيبتي انتِ ما تحلمين،هذي ماما جنان شوفيها مثل الصورة
لم تستجب لهما و وجهها يَكاد يحفر صدر جدتها رافضة النظر لكذب الحُلم..،هي اقتربت و الحواس ذَوت بين أمواج بحرٍ لُجّي يغشاها من عاليها حتى أسفلها..كان الكَفن ما ينقصها لنعي موتها...الشحوب تضاعف راسماً خرائط بؤس تحكي فصول عذابها..اقتربت تزحف على قدميها،مسكينة تبحث عن رغيف خُبز يُصمِت غوغاء الجوع الصارخة بين خلجاتها..تأبطت ذراعها و هي تشعر بتصلب جسدها المُعارض لهذا الاقتراب..شَدَّتها بحَنو هامسةً و الدَمعُ ينهمر ناحتاً مشاعرها فوق خديها،:تعالي ماما،تعالي لحضني
استطاعت أن تجتذبها لها لتُقرّبها من قلبها.. أحاطتها بذراعها مُستشعرة حرارة جسدها الصغير بين أحضانها..زُلالٌ عَذب تَفَرَّع من مَنهل اللقاء انسكب بحَنو على صدرها مُطفِئاً سعير النيران المُتآكلة على إثرها أفراحها..شَدَّت ذراعيها عليها مُتمنية أن تُعيدها لرحمها و تُغلق عليها بعيداً عن يد والدها السارقة..تُريد أن تسترجع معها ذكريات التسعة الأشهر..تَقَلُّبها الأول في جوفها و نبضات قلبها الصغير المُعانقة نبضاتها..ليتها تستطيع أن تنطوي معها جنيناً لا تلسعهُ أسواط الحياة الخائنة..دَفَنت وجهها في عُنُقِها مُستنشقة بعُمق عَبقَها الطفولي مُنبشة بين شذاه عن ذكرياتها الخالية من وجودها..،تلك الصغيرة ما أن داعبتها الرائحة الغريبة المُخالطها دفئ لذيذ حتى كان للبُكاء كلمته..ارتفع نحيبها يَحكي عن طفولة سُلَبت من لوحة براءتها ألوانها الزاهية..ألواناً اسمها الأم،هي الابتسامات..هي الفرَح و الضحكات..أطرافها الصغيرة تَمَسَّكت بها بكامل قواها خوفاً من استيقاظ ينهبها فجأة..لا تملك عبارات الشوق لتصفَّها على مسامع والدتها،و لا تعرف أي المواقف تسرد لتُعَبّر عن احتياجها لها..لكن دمعاتها اللؤلؤية..شهقاتها المُتقطعة و لحن بُكاءها المُلتوي..تجمعوا صخراً ذو نتوءات قاسية جَرحت فؤاد الحاضرين..و فؤاد والدها الذي غادر المنزل ينجو بنفسه من دوامة الندم المُبتلعتهُ بشراهة..،
أبعدتها جنان بخفَّة و رأسها يميل طابعة قُبلات مُتفرقة على وجهها..رفعت يديها الصغيرتين تُقَبّلها..عُنُقَها..أنفها و جبينها..تَعَلَّقت عيناهما و كلاهما كان الدَمعُ غشاءهما..هَمَست جنان بحُب فطري يتراقص في قلبها،:يا عُمري قلبي و روحي انتِ
ابتسمت بخجل عارم و عدستاها البريئتان تتحركان بزهو على ملامحها ناطِقةً،:انتِ احلى من الصورة
ضَحَكت و الدَمع يقف حارساً على أهدابها..من جُملتها شعرت و كأنها الجَمال كُلَّه..هَمسَت بصدق و جبينها يستقر على جبينها،:و انتِ احلى بنت في الدنيا
التفتا لصوت جود المَرح و المبحوح من البُكاء،:ها خلاص عرفتين انها صدق مو حلم ؟
ضحكت بفرح و هي تنكمش بين أحضان والدتها التي قَبَّلت قمَّة رأسها قبل أن تهمس من أعماقها،:الحمد لله ياربي

يتبع




رد مع اقتباس
قديم 09-23-2019   #3


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



ماضٍ

المَوت يَرفض اختراق حياته مُزيحاً يده عن عُمره الواقف على أعتاب التاسعة عَشَر..يراه شارهاً سيفه مُهدّداً،يَغمض عينيه و يسبل يديه مُستعداً لارتفاع الروح..لكنُّهُ يُبغاته ليقتطع عِرقاً آخر مُعيداً إحياء معزوفة الألم المُتخذة روحه خِدراً لها..هو يُريد ذاك الموت حقيقة،يُريده أن ينتشله من الحفرة التي يزداد عُمقها مع مرور الأيَّام..الوضع أصبح أكثر بؤساً،فلم يعد يلتحف بغطاء السماء و الشمسُ عن عينه باتت غَريبة..لا يتذكر كم من الأشهر مَضت و عقله غير قادر على حساب ما فاته من أيَّام دراسته..،في خندقٍ أسموه "سجن" كان جسده يقبع..أو لنقول بقايا جسده..فموسم التعذيب و التنكيل و الإرهاب الذي عاشه أنهاه جثَّة تَتَقَلَّب في جوفها الروح بوَهن..رأسهُ مائل على الحائط المُستند عليه..ينظر بعينين تتوشحان غُربة وضياع من بين القُضبان..رجل مرفوعة ركبتها و الأخرى مُرتخية على الأرض حتى لامس جانب قدمها العارية الأرض المُتصلّبة فوق صلابتها من البرد القارس..،دمعٌ تخثَّر وسط عينيه يرفض العودة لمُستقره كما يرفض الانحسار عن موضع عدستيه..و كأنَّهُ ببقائه يُواسيه على بَليَّته التي امتطت الزمن لرسو جَبلاً أمام مُستقبله..ذاك المُستقبل المُنتحرة أحلامه على يد مَخفية لا يعلمها..،كان جسده يغيب أسفل قميص أزرق داكن و سروال له اللون نفسه دون قطعة أخرى تقيه من الهواء المُحَمَّل بشذرات جليدية..،عقله سابحٌ في الخواء و الصَمتُ ما كان يتكلم داخله..لا فكرة و لا حروف تتشابك لتكوين كلمة قد يُحاول لسانه إطلاقها طلباً للخلاص..فهو قد استنزف كُل مُصطلحات النجدة و الإذلال من أجل الفِرار من حُكمٍ وُجّهَ لهُ زوراً..،يداه تغفوان في حضنه و حول رسغيهما نَحَت القَيد آثاره القاسية..،كان يعيش الإجرام بلا جريمة و هذا ما نكى قلبه المُضمحلة نبضاته من الظُلم..،خطوات صوتها الثقيل يمرق السَمع كانت تقترب..لم تصدر منهُ أيُّ حَرَكة حتى أهدابه لم تتصافق..جُمــود حاد يلتبسه..،صوت انفتاح الزنزانة اتبعهُ صوت تشارك مع الأصوات التي غابت عن مسامعه،:كيف حالك موهاميـد ؟
لو كان ذا شعور لغرق في الضَحِك على سؤاله الأرعن..هل هو بهذا السؤال يُريد استفزازه؟ يُريد صَبَّ القهر على جراحه ؟ لماذا أصلاً هو هُنا ؟!..و كأن ذاك كان يسمعه،فهو اقترب حتى جلس أمامه ليقول،:لكَ مني سلام من هاينز،انهُ مُشتاق لك كثيراً
لم يلتفت لهُ حتى،و ذاك لم يكن يتوقع اهتماماً منه،فهو أتى عالِماً بحجم المأساة التي يعيشها..نَطَقَ بهدوء،:لقد مضت ثلاثة أشهر على وجودك هُنا،ألا تُريد الخُروج ؟
صَمْـــت..،ناداه مُتسائلاً،:هل تسمعني موهاميـد ؟أريد أن اسألك عن شيء
انتظر منهُ رد لكن مُحَمَّد كان كمن قد سُلِبَت جميع حواسه..واصل مُتسائلاً،:هل تتذكر عملية السطو على المتجر الذي كُنت فيه بداية قدومك لبرلين ؟ "وقف حاشراً كفيه في جيب بنطاله مُواصلاً حديثه دون أن ينتظر جواب و هو يتحرك ببطئ في أنحاء الزنزانة" رُبما ظَنَنَت أنَّ بقدوم الشرطة قد تم القضاء على العصابة "نَظَرَ لهُ بعيني الصقر الحاذق مُردفاً" لكن الذي لا تعلمه أنَّ لا نهاية لهذه العصابة،هُم قد يفوق عددهم المليون مُتوزعين على بُلدان العالم "بابتسامة قال و حاجبه يرتفع على صهوة ثقته" قد تراهم في بلدك أيضاً
خَطى ليعود إليه جالساً أمامه ليهمس،:موهاميد،لم ينتهِ الأمر بعد قُدوم الشرطة،شُركاءهم يعلمون أنَّك رأيت وجوههم،و يعلمون أنَّك سمعت الحديث كُلّه،هُم استطاعوا القضاء على عامل المتجر،لكن وصول الشرطة منعهم من القضاء عليك "قَبَض على سلاسل القيد الحديدية مُردفاً من بين أسنانه و عيناه تخترقان وجه مُحَمَّد" التجأوا لأسهل الطُرق و لكن أقساها،توريطك بتهمة الإرهاب،و ساعدهم كونك عربي و مُسلم
تَرَك القيد ليتلَقَّف قميصه بكلتا يديه يهزّه بعُنف عَلّهُ يصحو..استدار لهُ ببرود لتتضح لهُ معالم وجهه الكئيبة،الجروح ببعثرة تسكن طيَّاته و شعر لحيته قد أنبتهُ الإهمال..عيناه جاحظتان باحمرار مُفزِع..شعره تتطافر منه شعيرات قصيرة نمت بعد حلقٍ قريب..إمارات القهر و التعذيب قصائد نَعي تسبح فوق ملامحه..كان كمن هُدّم وطنه بيد الحَرب و كان الناجي الوحيد من بين أحبّائه..،نَطَقَ هامساً و العين في العين،:خلاصك بين يدي موهاميـد،أعدك أن احميك منهم و سأجعلت تُعاود إكمال دراستك..بل أنني سأساعدك على لقاء عائلتك،لكن
الدمعة تلتمع حائرة وسط عينه،تنتظر باقي حديثه لتُقرر مصيرها..أكمل هو بهدوء،:لكن عليك أن تعمل لأجلي
،:مُحقق آستــور انتهت الخمس دقائق
استدار للسجَّان وهو يُحرّك رأسه بالإيجاب..عاد ببصره لمُحمَّد مُتسائلاً،:ماذا قُلت ؟
كان جوابه أنَّهُ رَفعَ يديه مُبعِداً كفيه عنه ليعود إلى استناده و تأملاته الميّتة..وقف آستور مُبتعداً بعد أن رأى الجواب..هَمسَ بقهر قبل أن يخرج،:سوف تندم
و مع إغلاق الباب أعلنت الدمعة عن قرارها النهائي عابرةً طريق خدّه البارد الذي أصبحَ بلقعاً يفتق دفئ يد حانية..توالت الدمعات و الحُزن يُجريها عذاباً يُحرقه..غريباً هو تتلقفهُ أيديهم بلا رحمة،يُساومونه من أجل حُريته و يعدونه بخلاصٍ يجعله عبداً تحت أقدامهم..عيناه تسلقتا سماء رجاءاته هامساً من قعر ضُعفه و قِلَّة حيلته،:يـــ ـارب



حاضر

،:والله تبيهم خذهم ما تبيهم اتركهم غيرك يقدر يدفع
بمُحاولة أخرى،:انت بس لو تنقصني دينار
وضع يده على خصره مُعَقّباً ببرود مُستَفِز،:حبيبي شكلك مو مجرب البحر،احنا نشوف الموت عشان نصيد هالسمج،و تجي انت تبيه بنص السعر "أشار بيده بلا مُبالاة نصفها وقاحة" اقول توكل توكل
ابتعد الرَجُل و هو يُتمتم بحنق من هذا البائع الأهوج..،هو جَلسَ على مقعده ماسحاً جبينه بالخرقة المَرخية على كتفه..التفت لصديقه الذي كان ينظر لهُ بتعَجُّب و علامات سؤال تحوم فوق رأسه..نَطَقَ باستنكار،:انت كل اللي يشترون تحاجيهم بهالأسلوب ؟
أجاب ببرود و هو يسند ظهره مُرخياً قدميه على الأرض،:ايــه و شنو فيها يعني ؟!
قال و هو يتكئ بمرفقه على فخذه،:اللي فيها انك جذي ما بتبيع "بنصيحة أكمل" سايسهم، فاوضهم روح مني مناك لين تتفقون على سعر يرضي الطرفين
تَراجع للخلف و هو يُحَرّك رأسه بقلّة حيله و ضحكة صديقه تعتلي بقهقهة ابتسم لها و عيناه تجولان على فوضى الناس الشعواء المشهور بها "سوق السمك" أعاد بصره إليه عندما نطق من بين ضحكاته،:اقول رائد بلا تفلسف علي "ارتفع حاجبه بثقة مُردفاً" ترى اقدر اتفلسف مثلك،سقف الأسعار و الأرضية السعرية محددة سعر السمج "أشار لنفسه و هو يُكمل" و انا انسان امشي على القانون لا انزل و لا ارفع السعر على كيفي
بسُخرية عَقَّب،:ماشاء الله عليك انسان قانوني و نظامي،مادري من اللي قبل شهر دافع له كفالة لأنه بغى يذبح له واحد
وقف و هو يقول،:عاد بدينا اللحين بعايرني "رنا لهُ بحدَّة مُردفاً" لا تخاف اذا صار عندي برجعهم لك
وقف ضاحكاً و هو يضرب كتفه بقبضته مازحاً،:يله عاد لا تسوي فيها حساس
أبعد يده بنفور و هو يستاءل من طرف أنفه،:و بعدين انت ليش جاي لي اهني ؟ "أشار لملابسه باستهزاء" لا وبعد كاشخ و جاي تتبخر بالسمج
بَلَّل شفتيه دون أن يُجيبه و عيناه مُتعلقتان على وجهه بابتسامة مُحبَّة تُناقض أفعال صديقه النافرة منه..أتى لهُ يُريد أن يشكو ضيقه الذي أوزعتهُ كلمات زوجته في صدره..لسانه لا يُطلق شكواه إلا له..و نفسه لا ترتاح في حديثها إلا معه..لكن يبدو أنَّ الوقت و المكان غير مُناسبان..،نَطَق و هو ينظر لساعة معصمه،:بس جذي قلت امر عليك قبل لا اروح الشركة "رفع يده مُلوّحاً و هو يتراجع للخلف" في أمان الله
استدار مُبتعداً خاطياً خطوتان..و قبل أن ينخرط مع أفواج الناس التفت لصوته العالي،:مرني الطرَّاد بعد ما تخلص شغلك
ضَحَكَ و هو يُلَوّح لهُ من جديد قبل أن يواصل طريقه..على الرغم من قساوته و أسلوبه الخالي من اللباقة إلا أنَّهُ يحمل في صدره قلب طفل بريء لا يقوى على ترك أحبّائه في ضيق..،



ارتوت من كأس انتقامها تُصمِت عطشها المُنادي بصُراخ بالذي يُعيد كرامتها المهدورة على يد امْرأة اخترقت حياتها على غفلة منها،لم تَكُن مُقصّرة أبداً، لكن دخولها المُوحش مثل شتاء قارس جعلها كالذي فَقد عَقله تدور حول زوبعة من شكوك وُجّهت سهمامها نحو ذاتها..هي نفسها،رسمت شكوك تقصير حول أنوثتها..حفرت حتى تقَطَّرت الدماء من عينيها قبل أصابعها،مُنَبّشة عن سوء فعال دفَعهُ للتَعلُّق بتلك..،أيُّ جُرأة كانت تملك ابنة الخامسة عَشر لتُلاحق رَجُل يكبرها بعقد كامل؟..تغاضت عن خاتم الزواج المُحاوط بنصره،أشاحت وجهها عن صورة ابنته الأولى الغافية وسط محفظته..أتتهُ بلا خَجَل تخط كلمات امتنان و تقدير و حُب تافه لحروفه..ظَنَّت في البداية أنَّها إحدى الواقعات في غرام قلمه المُناصر الأنثى،و هي منهن كانت أيضاً..لكنَّها تمادت و كلمات التقدير صَيَّرتها الأيَّام شَكوى،بَوحٌ و طَلبُ خَلاص..لا تدرِ هل عاكسها الطريق و بدل أن يُلقيها أمام مكتب طبيب نفسي ألقاها عند مكتب زوجها ؟ أمَّ القَدَر أراد أن يمتحن قلب زوجها ؟ قلبه الخائن الذي انعقد بثوب امْرأة غيرها..نَهلَ من نهرها و صال و جال بين مدائنها الأنثوية دون أن تُكبّله ذكرياتهما و تلك الهَمسات التي لطالما نَثَرها بخدر على مسامعها..،ابتسامة سُخرية تَمَكَّنت من شفتيها و هي ترى رواياته الماضية تسكن زاوية المكتبة مُستسلمة لغُبار النسيان..نَسيها و نَسي ما بَصقه نفاقاُ بين صفحاته..هو المُحارب و المُدافع عن المرأة الخاسرة في معركة الرَجُل رفع رايته مُطالباً برأسها..،بَلَّلت شفتيها و هي تخطو إلى أريكة مكتبه البُنية..جلست عليها و هي تتكئ بمرفقيها على فخذيها مٌتقدمة في جلوسها للأمام شابكة أصابع يديها ليستقر فوقهم ذقنها عائدة بذاكرتها إلى قبل يومان..،

،

لَطَّخت شفتيها بلون ارجواني داكن تناسق مع فستانها الأصفر الضيق على جسدها النحيل قبل أن تقول و هي تنظر لأختها من المرآة،:صراحة مادري متى هو بيفاتح أهله في الموضوع "التوت ملامحها بقلق و هي تستدير مُردفة" و صراحة خايفة من ردة فعلهم،يعني هم كلهم اهل في بعضهم و جنان تصير بنت عمه
اقتربت منها تقف عند المرآة بحانبها رافعة يدها تثبت خصلتها بمشبك الشعر على الجانبين و هي تقول ببرود،:و خير يا طير بنت عمه ؟ ماهو اول واحد يتزوج بعد ما يطلق،يعني يوقف حياته عشان طليقته بنت عمه "بضحكة مُستهزأة أكملت" شهالتفاهة !
قالت بقلَّة صبر و هي تتناول إحدى الفرش المصفوفة بترتيب على التسريحة،:انتِ مو فاهمة يا أنفال " نظرت لها و الحُزن يُحَلّق طائراً فوق جفنيها المُعانقهما كحل مُلتوي" اهله كانوا رافضين الطلاق و بعد ما تطلقوا كلهم حاولوا يرجعونهم لبعض و انا خايفة هالمرة "أخفضَ القلق رأسها هامسةً" خايفة فيصل يطاوعهم
ارتفع حاجبها باستنكار و هي تُعَقّب بحدَّة،:و ليش ان شاء الله يطاوعهم ؟ ليش السالفة هي لعبة ؟ يوعدش بالارتباط و بعدين يروح يرجع طليقته ! لو الأخ يفكر ياخذش زوجة ثانية ؟!
ضَمَّت شفتيها و عدستاها تتخبطان على المساحيق أمامها..أرختهما قبل أن تزدرد ريقها و التَوجس أخذ مأخذه منها..رَمَشَت بطريقة مُتتالية و هي تسمع صوت أنفال الواضحة الشك في نبرته،:ياسمين تحجي في شي ما ادري عنه ؟
بَلَّلَت شفتيها و هي تُدير وجهها بتوتر بعيداً عن شرارات اختها..لكن أنفال بتصميم قَبَضَت على ذقنها مُعيدة وجهها إليها لتتساءل بحدَّة،:شنو خاشة عني ؟ في شي صح ؟!
دَعَكَت خدها بساق الفرشاة و هي تنطق ببحَّة،:فيصل عنده بنت من جنان
شهقة صَدمة انفلتت منها لتتفرع على إثرها أغصان قلق أخرى من بين ملامح ياسمين التي قالت،:أنفال شهالشهقة،ترى عادي يعني و اصلاً جَنـى تحبني و متعودة علي
تساءلت بعدم استيعاب،:و من هي جَنى ذي ؟
ارتفع حاجباها مُجيبة،:بنت فيـــصل !
تساءلت بحنَقَ أثار استغراب ياسمين،:و بعدين وينها ذيك عن بنتها تاركتها ؟
أجابت بتوضيح،:فيصل أوهم جنان ان البنت ماتت و ظل خمس سنين عايش معاها في لندن بدون لا احد يدري بوجودها "تساءلت بذات استغرابها" و بعدين انتِ شلون تدرين انها ما بينها وبين بنتها صلة ؟
بهدوء أجابت تُبعد عنها الشُبهة،:و لامرة سمعت منش ان جنان جاية لندن،و بما ان البنت عند فيصل وهو مستقر هناك فيعني لازم تسافر تشوف بنتها
هَمهمت بتفهم و هي تعود لإنهاء زينتها قبل أن يأتي الناس لحضور العشاء المُقام على شرفها بمُناسبة حصولها على شهادة الماجستير..،أنفال غابت مع اللون الأحمر الذي ضَبغت بهِ شفتيها،امتزجت أفكارها السامَّة به مُتحلّلة مع حدَّته و قسوته..مثل دماءٍ تفيض من القلب نتاج جُرحٍ عميـــق أساسهُ الحِرمان.. وليسَ أيُّ حرمان،ابتسمت لنفسها بخبث و الأفكار تُواصل مسيرها في جوفها..حرمان الأم من ابنتها.. و لا أحد أعلم من الأم نفسها عن شدَّة هذا الوجع..،

،

،:شنو تسوين اهني ؟

أخفضت يديها قبل أن تقف بصمت قاصدة الخارج..مَرَّت من جانبه دون أن تُلقي عليه بنصف نظرة، و قبل أن تتجاوزه امتدت يده حاكمة قبضتها على ذراعها العارية،شَدَّها إليه وسط مُحاولاتها للتملص منه لكنَّ يده الأخرى تَمَكَّنت من ذراعها الثانية..قَرَّبها إليه هامساً،:لين متى بتظلين على هالحال ؟ "فَصَلت بين كلماته تنهيدة مُثقلة بمشاعر تائهة تبحث عن قرار يُعيد لها توازنه،أكمل بهَمس ضَعَّفَ الضنى بحَّته"ادري اني غلطان و ما استاهل الغفران،بس ارجوش لا تعاملني و كأني مو موجود،جذي تزيدين تعبي تعب
أرفع الكبرياء حاجبها و هي تُجيبه بهمس ألبستهُ الارتعاشات لحنٌ كئيب،:رووح لجنـ ـان خلها تشيل التعب عنـ ـك
أرخى جبينه على جبينها هامساً بتأنيب،:أنفــال
أرجعت رأسها للخلف لتحمي حواسها من سطوة أنفاسه العَطِرة،نَطَقت و عيناها تذرفان قصائد الحَسرة و القَهر،:شنو أحمد ؟ اذا انت تعبان انا من زمان مت من التعب و انتهيت "تنَشَّقت عذاباتها الماضية مُواصلة" سنين و انا ساكتة اجمّع في قلبي و متحملة مراهقتك وياها عشان عيالي،لكن موقفها يوم شفناكم انا و بنتي ذبحني،و كأنّك ملكها ما كأنك كنت لي قبلها و هي اخذتك مني
فتح فمه يُريد ينطق لكنَّها لم تسمح لهُ مُواصلة بحرقة بانت مآسيها على وجهها،:يوم رحت لها المكتب من كلمتين عرفت انها للحين تحب طليقها،معقولة انت ما حسيت ؟! "مال رأسها بتساؤل ساخر و هي تُتابع هروب عينيه" ولا داري بس ساكت خايف تخسر ست الحسن و الجمال ؟
نَفَرتهُ للخلف مُبتعدة عن لمساته لتقول بحدَّة اجتذبت حواسه من شدَّة ثقتها،:أحمد بنتهم طلعت عايشة ما ماتت،و اذا تبي تتأكد اسألها،و صدقني،صدقني يا أحمد بتبدأ تتحجج ببنتها و بتجيب ألف حجة و حجة عشان بس تتطلق منك و ترجع له، و قول أنفال ما قالت

استدارت خارجة من المكتب لتتركه يتخبط بين كلماتها و وحل شكوكه التي غَزت روحه مُنذ عودة فيصل..مَشى بثقل للأريكة التي احتوت جسدها قبل دقائق..ألقى بنفسه عليها مُطلِقاً زَفرة طويـــلة مُشبَّعة بضياع أصبح موطنه الأزلي مُنذ أن تداخلت حياة جنان بحياته..كان نصف مُتيقن من أنَّ قلبها ينوي الرضوخ لحُكم ذاك مُجدداً،و الآن بعد ما نفثتهُ أنفال أصبح مُتقيناً بالكامل أنَّها ستُلقيه و ستُلقي سنواته من أجل الظفر بقلب فيصل..،



ماضٍ

السَماء تدور بسرعة فائقة حتى تَكَوَّنت بؤرة سوداء وسطها اجتذبتهُ للغرفة التي يَعتلي فيها صوت الموسيقى..ها هو الآن يغرق بين الألحان نفسها،صوتها يرتفع بإزعاج يُنبهه بارتفاع رائحة دم ضحية جديدة..أدار رأسه و الألمُ يُحيك خيوطه بين خلاياه،كان ضوءٌ أحمر أغمض عينيه بوجع من شدَّته..فتحهما ليُحركهما ببطئ يميناً..وجه حبيبته أشرق أمامه..شَدَّ شفتيه راسماً ابتسامة ذابلة لرؤيتها..اشتاقها طوال غيابه،كانت بلسمه أثناء تعذيبه،هي دواءه و بذكرها يُضّمَد جراحه..انتبه للذين خلفها..طائراه البريئان،حضنه لم يرتوِ من منبعهما الصافي و أسفاً أنَّ الموت قد وصل للتَرَاقِ مُختزِلاً سنينه معهما التي رسمها بأناملهما الصغيرة..،أغمضَ عينيه يبحث عن الحُرية التي أخبره بها ذاك البشري ذو الروح الحيوانية..تَحَرَّر من الأصوات مُنصِتاً بتركيز لصدى نبضاته..يشعر بها تتلاشى شيئاً فشيء..لحظة من هو ذا ؟ اقترب أكثر و ضوءٌ أبيض يرتفع من هذا المَلقي..انحنى ينظر إليه لترتعد أوصاله بفزع..هذا هو مُلقى ! اذاً هذا هو الموت ؟ و لكن قلبه لا زال ينبض..استدار مُتتبعاً الصوت..بدأ يجري باحثاً عنه..الظلام على جانبيه و من أمامه ضوءٌ مع اقترابه يبتعد..،
،:بو يوسف تسمعني ؟
إنَّها حبيبته..يُريد ان يفتح عينيه ليراها لكنهُ لا زال يجري ! هل هي خلف هذا الضوء المُبتعد ؟ هل هي الحُرية التي نادى بها ذاك ؟ تَعثَرت قدماه و سقط على وجهه..تأوه بألم باسطاً كفّه على الأرض ليرفع جسده..شهقة حــادة ارتفعت من صدره حاملة معه نصف أنفاسه اللاهثة..الظلام تَلاشى و أتت الشمس مُحتلَّة مكانه ناشرة أشعتها على الجثث الصريعة أمامه،وجوه غريبة و ملامح نَهَبَ الموت عيشها..تَلَفت بضياع يبحث عن كائناً يَجُر النَّفَس مثله.. و فوق قمَّة التل المُكونته جثثهم رأى أحدهم..وقف مُقترباً منه،كان يرتدي معطفاً أبيض و بين يديه أنابيب اختبار تنضح منها محاليل تسيل على الأجساد لتحرقهم مُخلّفة سواداً و رائحة عَفنة بدأ يسعل منها..مع اقترابه عيناه يزداد اتساعهما،فهو استطاع أن يُمَيّز ساعة معمله الخاص التي أهدتهُ إيّاها زوجته حين افتتاحه..هذه نظارته و حاسوبه..لماذا هو هُنا بين هؤلاء الأموات ؟! استدار يُنَبّش عن جواب لكن يد مُبهمة الهويَّة أحجبت عنهُ النَفَس ليغيب في اختناق مُوجع انقطعت معه أصوات النبضات..صوت حبيبته و وجهي ابنيهما..،

،

هي كانت تنتظر عند غُرفة العمليات،مُستندة على الحائط بإعياء..ذراع تحتضن ابنها و ذراع مُلتفة حول ابنتها..رغبة بالاستفراغ تحوم بالقرب من حلقها..و كأنَّ أطرافها بين السماء و الأرض تنتظر سقوطاً مُدوياً يُحيلها كائناً منزوع الروح..منظره وهو مُضرجاً بدمائه تُعاد شريطاً أمام عينيها..كيف غارت الجراح في جسده و الدَمُ قد أخذ مأخذه من ملامحه..أنَّاته لا زالت ترتفع من حولها صامَّة مسامعها..بأي حال كان أثناء غيبته ؟ أيُّ أرضٍ احتوت تأوهاته و أيُّ ليلٍ احتفظ قمره بآلامه ؟ رعشتها تمازجت مع ارتعاشات طفليها..دمعة سقطت من على مُنحَدر الأسـى عابرة أسمال وجهها المخطوف بهلع..،
،:مريــم
رفعت عينيها للصوت القادم أمامها..احتضنتها لتُفرغ دموعها على صدرها.. بعد أن غاب دفئ أهلها عنها لم يبقَ لها سواها..خَنَقَت الشهقات حتى لا تُرهب طفليها هامسةً،:اخذي ملاك معاش البيت خليها تنشغل ويا حور ابيها تنسى منظر ابوها
ابتعدت عنها تنظر لعينيها المُنهكتين مُجيبة،:اكيد باخذهم انتِ لا تحاتين
أعادت جُملتها بصيغة أخرى،:اخذي ملاك،بس ملاك
عُقدة استنكار بانت بين حاجبيها و هي تتساءل،:ليش بس ملاك ؟! اعطيني يوسف بعيد عن جو المستشفى
استنشقت نفس عَميق قبل أن تُجيب،:ابيه يكون وياي اذا طلعوا ابوه من غرفة العمليات
باعتراض قالت،:حرام عليش يا مريم الجاهل بيتعب و كفاية اللي شافه المسكين
قَرَّبت رأسها لتهمس في أذنها بغصَّة مريرة،:ما اقدر اقعد ويا ابوه بروحنا،صالح طلقني قبل لا يسافر



حاضر
مساءً

كان للمسبح كلمته،احتوى جسده المحموم قهراً و احتضن حركاته المُضطربة،أفرغ بين المياه الإشارات السلبية التي اجتذبتها روحه من اعترافها المُوجِع..ببرود نَطقتها ناحِرة ذكرياتهما المنحوتة في ذاكرة قلبه..تناست مَحبّته و تغاضت عن جُرحه الذي لم ينم على موسيقى الفراق..لا زال يصحو ينتظر منها دواء..لكنَّها نسفته و قَضَت على انتظاراته..اعترفت بالنسيان و تَقلَّدت بوسام القوَّة الذي افتقر منهُ صدره المُشتاق لنومها فوقه..،بين ليلة وضُحاها نَبذت محبّته مُعتنقة حياة أخرى لتعتاد على أيَّامها و كأنّهُ لم يرتبط بها أبداً..تبتسم و تضحك و هو على وسادته يُقلّب جَمر أحزانه..،وَجَّه ضربات عنيفة للماء و هو يسبح بسرعة يُريد بها أن ينسى و لو للحظة وجهها و هي تنطق بكلماتها..صوتها كان يرتدي عباءة البرود التي أغشتهُ بها طيلة الفترة التي انقلب فيها حالها و أصبحت تكرهه و ترفض قربه..،خَفَّفَ سُرعته عندما وصل لبداية المسبح قبل أن يسبح بخفَّة للسُلَّم الجانبي،خَرج منهُ قاصداً المقاعد الجانبية حيثُ تَرك رداء استحمامه..أحاط به جسده و هو يلتفت للصوت الذي أتاه من عند الباب،:عبد الله عسى ما شر شفيك ؟ "اقتربت منه و ذراعاها مُعقودتان على صدرها تتُرجم انعقاد القلق في صدرها،أردفت عندما توقفت أمامه" شفيك تسبح و كأنك تتذابح مع الماي ؟!
حَشَرَ يداه في جيب الرداء ليُجيب بابتسامة تخلو من علامات السعادة..لم تكن سوى ابتسامة سُخرية على حاله،:قاعد احاول انسى،قالت لي انسى،قلت يمكن اذا سبحت انسى
عَقَّدت حاجبيها بعدم فَهم و هي تتساءل،:عبدالله ماني فاهمة شنو تقصد،و من هذي اللي قالت لك انسى ؟!
بقهر يحوم في قلبه أجابها،:بنت عمش،تقول هي نستني و تبيني اللحين انساها
أصدرت صوت مُستنكر من بين شفتيها قبل تقول بتأنيب،:عبدالله ما خلصنا من هالسالفة ؟ اللي باعك بيعه،و مادام بلسانها قالت لك انها نستك انت بعد انساها ليش مألم قلبك
الماء يُقَطّر من شعره فوق وجهه مُتخذاً عمل الدموع التي أبت أن تعبر بوابة عينيه..بخيبة هَمسَ و عيناه تتعلقان بعينيها بألم،:حتى انتِ يا غيداء حتى انتِ،و انا اللي كنت اظنش فاهمة قلب اخوش
رفعت يدها ماسَّة كتفه لكنَّه تراجع للخلف بنفور واضح ناطِقاً بلسان الحسرة،:اذا تبوني انسى علموني،للأسف قلبي ما يعرف ينسى اللي حبهم بصدق
ألقت بنفسها على المقعد الخشبي و زفراتها ترتفع بحيرة و هي تراه يخرج للحديقة..مَسَحَت على خدَّها تُزيح قليلاً من الغُبار الذي تراكم لفترة فوق موضوع طلاقه من نور..الطلاق الغريب الذي طلبته نور باصرار أثار تَعَجُّب الجميع..عدا والدتها ! أخفضت يدها إلى حُضنها..عُقدة تَكَوَّنت بين حاجبيها و هي تلمح سواد بين أصابعها..لانت العُقدة عندما تَذّكّرت الرسمة التي كانت تعمل عليها مُنذُ الصباح..يبدو أنَّ الصابون لم يفي بالغرض..وقفت تُريد الخروج و لكن بعد الخطوة الثانية عادت لتقف و هي ترفع يديها أمام عينيها تنظر باتساع مَذهول من الفكرة التي قفزت فجأة في عقلها..حديث والدها قبل دقائق مع والدتها عاد لينحشر وسط مسامعها..كان يُخبرها بالوليمة التي سيعقدها غداً في منزلهم بمناسبة زواج علي و جود،كعادته يتصيد أي سبب ليجتمع بالعائلة في منزله..اذاً الجميع سيأتي..و نور بالتأكيد..أخفضت يديها و عَزمٌ غريــب لوَّح من عينيها..هَمسَت قبل أن تواصل مشيها،:بنسى علاقتنا يا نور وبمشي ورا كلام امي،بشوفها صداقة و لا قاعدة تظلمش



على جُنح الليل واصل مَسير وحدته،يُعاين ثغرات روحه المشروخة مُنذ الطفولة،كانت والدته ضماده لفترة ثُمَّ انزوى عن علاجها لضيقٍ بدأ بغرابة يتكالب خانقاً حياته..تلك الرغبة التي تزوره حينما تحتدم ذكريات الماضي في روحه،الرغبة في تمثيل دموعه و شَرح مُعاناته على هيأة ضربٍ ينساب كتخدير في عروقه..،حاول مراراً على مدار ثمانية عَشَرَ عاماً ان يتخلص منها لكن دون نتيجة..و حــوره المُحنَّاة بدماء عُنُقِها أكبرُ دليل..،زَفَر ضَجره و هو يُواصل تغيير قنوات التلفاز دون أن يستقر على إحداهن..و حقيقةً أنَّ مزاجه لن يتسيغ أيٌّ منها..في النهاية رَمَى جاهز التحكم بملل على الطاولة أمامه..،أرجع رأسه للخلف رافعاً وجهه لسقف غرفة الجلوس الواســـعة..حَرَّك عينيه على الثُريات الأنيـقة و التي تحكي كريستالاتها اللامعة عن تَرفها..أخفض رأسه طابعاً نظراته على زوايا المَنزل بأكمله..حكاية ثراء فاحش يرويها أب زوجته..ابتسم بسخرية على حاله،فهو لم يُساهم بفلس واحد في بنائه ! التفت لصوت جرس المنزل الذي لَبَّت الخادمة ندائه سريعاً..عَقَّد حاجبيه و هو يقف باستغراب من الداخل..نَطَق و هو يقترب،:عَمي ؟
ابتسم له و هو يُرَتّب غترته البيضاء على كتفه بأناقة..اقترب من مكان وقوف يُوسف ليقول،:شلونك يا ولدي من زمان ما شفتك "بضحكة أضاف و هو يجلس بجانبه على الأريكة البيجية" ما كأن نشتغل في الشركة نفسها لا و زوج بنتي بعد
ابتسم بحرج مُجيباً،:و الله يا عمي انشغلت شوي وو
قاطعهُ بنبرة تَعَلَّقت بمقصد مُعَيَّن،:و بعد انشغلت في حادث حور اللي من جت بيتنا ما شفتك زرتها تتطمن عليها
هَزَّ رأسه هامساً وهو يُشيح وجهه عن نظراته المُتفحصة،:بزورها ان شاء الله
صَمَتَ و عيناه تتأملان أصابعه التي يدعك بها باطن يده بتوتر لم يغب عن بصر والد حور الذي نَطَقَ بهدوء،:مُمكن اسألك سؤال ؟
حَرَّك عينيه إليه،:اي اكيد عمي
و هو مُستقر بعدستيه على وجهه يُريد أن يلتقط ردَّة فعله بدقة،:انت للحين تشرب أدويتك ؟
ابتسـامة واثقة شَدَّت شفتيه و هو يرى التَجَهُّم الذي ابتلع ملامحه..أصابعه جَمَّدها سؤاله و عيناه تكادان تسقطان من محجريهما..ازدرد ريقه و تصافق سريع استولى على أهدابه..صوته عاد،:جاوبني يا يوسف
زَفَرَ بتعب و يده ترتفع لتتخلل أصابعه خصلاته و باعتراف،:صراحة يا عمي من زمان موقف شرب
مال رأسه مع ميلان صوته على مُنحدر التأنيب،:ليش يا ولدي ؟ مو الدكتور حذرك من قطعهم،جذي تخرب على نفسك و على اللي حولك "تساءل بحذر" و حادث حور مو طيحة مسبح صح و لا انا غلطان ؟
زَمَّ شفتيه بإغماض رَسم لهُ صورة النَدم و التي كانت الجواب على السؤال..زَفَرَ و هو يُدير وجهه جانباً مُتمتماً،:استغفر الله،الله يهديك يا يوسف "وَقفَ مُوجّهاً الحديث إليه" انا بتصل للدكتو احجز موعد خل نشوف حل لوضعك،مو كل مرة تقطع الأدوية نقدر نصلح الوضع "وضع يده على كتفه ليقول بهدوء" اذا تبي تكمل حياتك بشكل طبيعي نفذ كلامه..مع السلامة

تَلَقَّفت يداه وجهه بقهر فور خروجه..مَسَح بعُنف عليه يُترجم ضيقه الأكبر..استقرَّ بهما على رأسه ضاغطاً بقوَّة يُعاقب أفكاره الواهية التي أسقطتهُ على سرير المَرض..يَكره ضعفه أمام تلك الأدوية،لا يُريد أن يَكون مُستسلماً لها.. هو طبيعي،فقط يحتاج أن يُقحم عقلاً جديداً مكان عقله،بذاكرة نظيفة لم تُلوثها دماء موت أبيه المُبهم..أغمض عينيه و أصوات تلك الليلة تعود بضوضائها المقززة المُرتفعة لسببها حُموضة معدته..ازداد الأمرُ سوءاً و رائحة الدماء تخترق أنفه بقسوة لينحني بضعف مُستفرغاً ما بجوفه على الأرضية الرُخامية..اجتذبتهُ الأرض لتستقبل حرارة جسده المُسعرة و بطنه لم يتوقف عن إفراغ حمولته..و كأنَّ سكاكين تقتطع أمعائه،الوجوه تتراقص أمام عينيه،الدماء ببطئ قاتل تسري فوق ذراع والده..همسات مُشوشة تداخلت بغوغاء مُثيرة جَلبة مُخيفة في نفسه..بُكاء والدته و صُراخ ملاك التي تَلَطَّخ فُستانها بدم والدهما..صوت سيارات الشُرطة ملأت المكان و الناس بتجمهُر يخلو من رحمة أحاطوا منزلهم..الصُحف وَثَّقت الخَبر،و محطَّات الإذاعة لم تخلو برامجها من مُلابسات "الانتحار"،همسات الجيران كانت خناجر تقتطع مشاعرهم المَسلوبة الفَرح..كُل شخص و كُل شيء كان يتكلم عن جريمة والده..السماء..القَمر و الشمس،الزهور و كُرة القدم التي كان يلعب بها مع الأطفال..حتى المدرسة لم تنسَ ذكره.. و إلى الآن لا زالت روحه تذوي من سكين موته..،

يتبع




رد مع اقتباس
قديم 09-23-2019   #4


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



ماضٍ

مَضَت عشر دقائق كاملة قضتها تعزف ألحان بُكاء انثالت على قلبها مثل غيهبات ليل مُوحش..رأسها مركون على كتفها و ذراعاها النحيلتان تُحيطان بعُنقها بقوَّة سجنتها بين قُضبان تأنيب الضمير..ليتها لم تُوافقه على عرضه..ليتها لم تُشح وجهها عن ابنتها..كيف استطاعت أن تتخلى عنها من أجل حُريتها ؟! لكن هذا التخلي يمنحها فرصة التزود من طفلتها متى شاءت..فبقائها كان ضَربٌ و شتم و إذلال يُشكلون حاجزاً بينها و بين صغيرتها..وضعها أمام خياران أحلاهما مُر لا يستسيغه لسانها الذي فقد المذاق الطيب مُنذ موت والديها..،بصعوبة استطاعت أن تُبعدها عنها..أحاطت وجهها الغارق بالدموع التي بدأت إبهاميها بارتشافها..قالت و هي تنظر لملامحها المُغمضة بقهر،:حبيبتي فاتن فتحي عيونش
حَرَّكت رأسها برفض قاطع و بحدَّة،:مــابــي
بلُطف قالت و هي تُرجع خصلاتها الناعمة خلف أذنها،:ما تبين تشوفين الماما قبل لا تسافرين؟
فتحتهما عندما التقطت أُذناها آخر مانطقته لتصرخ ببحة بُكاء،:مابـــي اسافر ماااابي ماما مابي اسافر
قَرَّبت رأسها منها و أناملها برقَّة مَسَّت ذقنها هامسةً بنعومة،:اشش عيب ماما ما يصرخون "أجلستها في حضنها مُردفة وكفّها تعبر شعرها بحنان" بتركبين الطيارة بتوديش فــووق في السما،و بعدين بتوصلون ألمانيا كبيــــرة و هناك فيها أشجار وايـــد و ورود و حيوانات
رفعت رأسها إليها تُناجيها بعينيها الصغيرتين و كفاها تحتضنان كفّها الدافئة،و برجـاء مُنقطع،:ماما تعالي ويانا،اذا جيتين انا بروح
لانت ملامحها بعَطف،:حبيبتي ما يصير اجي،لازم ارجع بيتنا لزوجي
تَركت يدها عاقدة ذراعيها على صدرها وبقهر،:كله زوجي كله زوجي
قَبَّلت خدّها و التنهيدات تسعر في صدرها،:ماعليه حبيبتي،كلها شهر و انتوا راجعين
،:مدام حنان لازم ناخذ فاتن مشان المطار
ابتسمت لمُربيتها اللطيفة و هي تُومئ رأسها بالإيجاب..تناولت منها معطفها المعقود صوفه الرمادي بلون أرجواني أنثوي تعشقه طفلتها..دثرت به جسدها قبل أن تُلبسها القُبعة ذات اللون نفسه..رَتبت خصلاتها على كتفيها و هي تقول بابتسامة رقيقة،:يله ماما صيري مؤدبة و لا تسوين شطانة،هناك بعد وياش امل تلعبون مع بعض "قَرَّبت فمها من أذنها لتهمس بحماس طفولي" فيها ثلج ألمانيا العبي فيه قد اللي تبين
قَبَّلت خدَّها قبل أن تبتعد و هي تُحادث ابنها ذو الخامسة الجالس بعيداً مُنذ مجيئهم يلعب في سفنيته باندماج،:تعال طلال سلم على اختك
نزل من على الأريكة بطاعة حتى وصل إلى مكان وقوفهما..انحنى لاخته التي تَكبره بعامان لم يشفعا لها لتُجاريه في الطول الذي ورثه عن والده..قَبَّلها على الخدين ثُمَّ قال وهو يمد لها السفينة،:اخذيها عشان اذا تسافرين فيها اذا تبين تجين عندنا
تَبَسَّمت شفتيها الصغيرتين و هي تتناوله منه هامسة،:شُكراً
قَبَّلت باطن يدها و هي تُحادث المُربية،:انتبهي لها يا أم امل،و اذا وصلتون بالسلامة كلموني
بابتسامة طيبة قالت،:أكيد يا مدام ما تاكلي هم،فاتن متل بنتي أمل "وجَّهت حديثها لفاتن" يله حبيبتي لا نتأخر و يعصب البابا
هَزَّت رأسها بالإيجاب قبل أن تضع يدها في يد مُربيتها..لتخرجان معاً من المجلس عن طريق الباب المُطل على حديقة المنزل و من خلفهما والدتها و أخيها..اختنقت دمعة في قلبها التوت منها نبضاتها المُطالبة ببراءة بالعيش في كَنف والدتها..لكن الحياة لم تأبه بصُغر سنها و اقتلعتها غَصباً من أرضها الحنونة..اختفت عن أنظارها عندما دخلت السيَّارة مع طلال بعد أن لوحا لها..ثوانٍ و كانت هي عند النافذة تجلس و بجانبها والدها يتحدث في هاتفه بكلمات لم تسمعها أذنها الغائبة مع غوغاء حديث نفسها المُضطربة من ألمانيا تلك التي لا تعرف ماهي ؟!

،

،:ماما يعني بس خلاص ما بشوف فاتن ؟
التفت لهُ بهلع مُجيبة،:الله لا يقوله،بلى بنشوفها ان شاء الله
زَفَرت و هي تمس صدغها بأناملها تمسح عرقاً وهمي قد تكاثر من الفكرة التي أتى بها طفلها..و هي التي أساساً تعيش توجساً اسلبها النوم مُنذ أن اخبرها طليقها بموضوع السفر..انتبهت لصوت ابنها و هي تقف بالسيارة عند الإشارة،:زين ماما ابي سفينة جديدة
التفت إليه و عُقدة ملل بين حاجبيها،:طلال ماما عندك عشرين سفينة في البيت ماله داعي بعد نشتري وحده جديدة
هَزَّ رأسه مؤكداً،:بلى ماما،ابي مثل الا عطيتها فاتن عشان تصير وحده عندها و وحده عندي،يله ماما خل نروح السوق نشتري
ابتسمت و هي تتحرك،عين على الطريق و عين عليه،:انا ادري اذا ما اشتريت لك ما بتسكت،امري لله نروح السوق "غَمزت لهُ بمُشاكسة مُردفة" يا قُبطان



حاضر
الواحدة و النصف فَجراً

تعاقدت مع الليل للمرة الأولى..لا تدرِ من أين استعارت جُرأتها ؟ أم كيف ارتدت قدماها عَزمهما؟ تَعلم يَقيناً أنَّ ظُنونها كالعادة هي التي رَسمت لها الخريطة،و ها هي بتسليم تتبع مساراتها،مُتجاهلة أن أعين قد تراها تحت جُنح الليل أنثى وحيدة تَجوب الطُرقات،تناست أنَّ الألسن تهوى قدح شرارات السوء و أنَّ النَفس تعشق إحاكة الأباطيل..و لا لوم عليهم إن كانت هي و أمثالها قد شَرعوا لهم أبواب اللهب و حَشروا الخيط في الإبرة يُعينونهم على تفصيل الأكاذيب و الإشاعات..و اذا حان موعد الارتداء أنَكروا تطابق المقاسات و رفعوا رايات تُنادي بالظُلم..و لكن لا مناص،فالزرع أحالهُ الرَماد كائناً مَنبوذاً،يُداس بالأعين قبل الأقدام..،
أركنت السيارة في الشارع المُقابل للمصرف،حَرَّكت عدستيها و هي تُوقف المُحَرّك تنظر للساعة القريبة دقائقها من الثانية..أخفت وجهها بيديها بعد أن أرخت جفنيها..ارتفع صدرها باستنشاق عميـــق،إسكيرها لمُواصلة ما أتى بها إلى هُنا..،أبعدت يديها لتلصق باطنهما قبل أن تستقر بطرفهما على أنفها و إبهاميها فوق فَمها المزموم بشرود،فبصرها قد عانق حقيبتها المُرتاحة على المقعد الجانبي،و العقل يُفَكّر في الذي يغفو داخلها..تناولتها و هي تستخرج ما فيها،أمسكت السكين بيد و المصباح باليد الأخرى و عيناها بتصميم وجهتا سِهام للمصرف تُريد بها أن تخترق أسراره و تستخرج مكنونه المُبهَم..فهمسٌ عابث سَرَق النوم من عينيها يُخبرها بأنَّ ما حَدث مُفتعَل،و أنَّ قاتل والدها طَرفاً فيه..،فتحت الباب بعد أن تَركت الحقيبة في السيارة حتى لا تُعيقها لتخرج مُتقدّمة بخطوات تتعرى من التردد مع كُل تَقدُّم.. عَبرت الشارع الخالي من السيارات،ذراع خلف ظهرها،و الأخرى مُسبَلة جانباً بكف مَقبوضة على المصباح..، أصبحت على بعد ست خطوات عن المصرف..،صوت قرقعة و اصطدام مُدوي اخترق قلبها مُفَجّراً الدماء في عروقها..ارتفعت من صدرها شهقـة حـادة امتزجت مع ذرات الهواء الثقيلة على رئتيها..قيود تَجمُّد أحاطت بكاحليها و الصوت أوقف حركة جسمها بأكمله،عدا ضجيج نبضاتها الذي أصمَّ مسامعها..،بصعوبة أدارت رأسها و تَصَلُّب مُوجِع تشعر به يستحوذ على فكّها..بأنفاس مُضطربة نظرت للخلف تبحث عن مصدر للصوت..بالكاد استطاعت أن تُوازن بصرها المُشَوَّش،ركَّزت على الخيال المُتحَرَّك قُرب الزبالة الكبير المركونة عند بداية الطريق..زَفرة مُرتَعِشَة غادرت جوفها عندما مَيَّزت الكائن..لم يكن سوى قط شوارع يعبث في الأوساخ ! اجترعت خَوفها و استدارت مواصلة مسيرها و السَماء من فوقها قد اصطبغت بلونٍ أرجواني داكن تداخلت معهُ حَمَرة تُثير وَحشة في القلب..أمَّا القَمَر فكان غائباً،يرفض أن يكون شاهداً على جنون هذه الأنثى..، استدارت حول المصرف حيث بابه الرئيسي المخلوع لأعمال الصيانة على ما تعتقد..دَلفت للداخل و الحذر ترتفع إشاراته في خلاياها..كُلَّما ابتعدت عن الباب ابتلع الظلام المكان و الضوء من خلفها يُختَزَل دابَّاً الخوف في أوصالها..استعانت بضوء المصباح عندما أُعْدِمَت الرؤية..،صوتُ أزيز الفجر تعانق مع صوت حذاءها الرياضي بإزعاج أثار حنقها..كان الطابق الأول مَحمي من الضرر بالكامل،و كأنَّهُ ليس جزءاً من المبنى المُرمد..استقَلَّت السلالم للطابق الثاني المُتخلي عن نصفه للنيران..ابتعدت عن بداية السُلَّم قاصدة أحد المَكاتب..بابه كان مفتوح ربعه سامحاً للصوت داخله من الوصول لمسامعها..عَقَّدت حاجبيها و خطواتها واصلت اقترابها البطيء..انفتاح الباب المُفاجئ أرجعها خطوتان للخلف مع اختناق الشهقة في صدرها..أخفضت بصرها للأسفل حيث يستقر ضوء المصباح على حذاء رياضي رجالي.. ضاقت عينيها و هي ترفع ذراعها أمام و جهها مُشيحة بجانب وجهها عن الضوء الكاشح الذي وُجّهَ لها..حَرَّكت رسغ ذراعها المرفوعة تُريد أن تعلم هَويَّة هذا الرَجُل..اتساع مُفزِع استولى على بؤبؤيها و عيناه بسوادهما الحالك تجترعان نبضاتها للمرة الثانية..،






رد مع اقتباس
قديم 09-24-2019   #5


الصورة الرمزية البرنسيسه فاتنة

 عضويتي » 28643
 جيت فيذا » Oct 2015
 آخر حضور » 02-10-2021 (07:44 PM)
آبدآعاتي » 281,584
الاعجابات المتلقاة » 535
الاعجابات المُرسلة » 120
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » البرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond reputeالبرنسيسه فاتنة has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



راقني انتقائك الماسي
تسلم يمينك
ودام عطائك العذب
پآقة ورد


 توقيع : البرنسيسه فاتنة






رد مع اقتباس
قديم 09-24-2019   #6


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



البرنسيسه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥




رد مع اقتباس
قديم 09-24-2019   #7


الصورة الرمزية نجم الجدي

 عضويتي » 134
 جيت فيذا » Feb 2009
 آخر حضور » منذ ساعة واحدة (07:56 PM)
آبدآعاتي » 273,684
الاعجابات المتلقاة » 2155
الاعجابات المُرسلة » 5719
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Male
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 48سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » نجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond reputeنجم الجدي has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   cola
قناتك mbc
اشجع naser
مَزآجِي  »  احبكم

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي


 توقيع : نجم الجدي





رد مع اقتباس
قديم 09-24-2019   #8


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



نجم
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥




رد مع اقتباس
قديم 09-24-2019   #9


الصورة الرمزية ضامية الشوق

 عضويتي » 28589
 جيت فيذا » Oct 2015
 آخر حضور » منذ 53 دقيقة (08:06 PM)
آبدآعاتي » 1,056,077
الاعجابات المتلقاة » 13841
الاعجابات المُرسلة » 8006
 حاليآ في » سلطنة عمان
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Oman
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الفنى
آلعمر  » 22سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » ضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك   7up
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  اطبخ

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 8 CS My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
أحبك وأنت النبض ودقات قلبي كله:066
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



سلمت يمناك
طرح جميل جدا


 توقيع : ضامية الشوق




رد مع اقتباس
قديم 09-24-2019   #10


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ يوم مضى (05:00 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11615
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



ضاميه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
/29, مقيدة, ذاب, يوم, عنق, إمرأة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضل يوم عرفة εϊз šαđέέм εϊз …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 14 02-15-2009 11:47 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية