#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
مقاصد سورة الأنبياء _ سورة المؤمنون
سورة (الأنبياء) هي السورة الحادية والعشرون في ترتيب المصحف العثماني، والحادية والسبعون في ترتيب النـزول، نزلت بعد {حم} (فصلت:1) السجدة، وقبل سورة النحل، فتكون من أواخر السور النازلة قبل الهجرة. وآياتها اثنتا عشرة ومائة آية، وهي مكية بالإجماع.
اسمها سماها السلف "سورة الأنبياء"، ففي "صحيح البخاري" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "بنو إسرائيل -الإسراء-، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء، هن من العتاق الأُوَل، وهنَّ من تلادي"، أي: من أول ما نزل من القرآن، أو المراد بالعتيق الشريف، أي: مما حُفِظ قديماً، والتلاد: قديم المُلْك، وهو بخلاف الطارف. ولا يعرف لهذه السورة اسم غير هذا الاسم. سبب تسميتها وجه تسميتها (سورة الأنبياء) أنه ذُكِرَ فيها أسماء ستة عشر نبيًّا، و مريم ، ولم يأتِ في سور القرآن مثل هذا العدد من أسماء الأنبياء في سورة من سور القرآن عدا ما في سورة الأنعام. فقد ذُكِرَ فيها أسماء ثمانية عشر نبيًّا. قال ابن عاشور: "فإن كانت سورة (الأنبياء) هذه نزلت قبل سورة (الأنعام) فقد سبقت بالتسمية بالإضافة إلى الأنبياء، وإلا فاختصاص سورة (الأنعام) بذكر أحكام الأنعام أوجب تسميتها بذلك الاسم، فكانت سورة الأنبياء أجدر من بقية سور القرآن بهذه التسمية، على أن من الحقائق المسلمة أن وجه التسمية لا يوجبها". فضائل السورة رويت في فضائل هذه السورة بعض الأحاديث، نذكر منها: - ما رواه أبو نعيم عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه، أنه نزل به رجل من العرب، فأكرم مثواه، وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه الرجل، فقال: إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وادياً، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة، تكون لك، ولعقبك من بعدك، قال عامر: لا حاجة لي في قطيعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} (الأنبياء:1). - روى الترمذي -واللفظ له-، والنسائي، والإمام أحمد -قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة-، والحاكم ، وقال: صحيح الإسناد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت، {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} (الأنبياء:87)، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له). ولفظ الحاكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (هل أدلكم على اسم الله الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعى به أجاب: الدعوة التي دعا بها يونس عليه السلام، حيث نادى في الظلمات الثلاث: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، فقال رجل: يا رسول الله! هل كانت ليونس عليه السلام خاصة، أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تسمع إلى قول الله عز وجل: {ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} (الأنبياء:88). ولفظ ابن السني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إِلا فرج عنه، كلمة أخي يونس عليه السلام : {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}. مقاصد السورة تضمنت سورة الأنبياء جملة من المقاصد نجملها على النحو التالي: - الإنذار بالبعث، وتحقيق وقوعه، وإنه لتحقق وقوعه كان قريباً. - إقامة الحجة على البعث بخلق السماوات والأرض عن عدم، وخلق الموجودات من الماء. - التحذير من التكذيب بكتاب الله تعالى ورسوله. - التذكير بأن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم ما هو إلا كأمثاله من الرسل، وما جاء إلا بمثل ما جاء به الرسل من قبله. - ذِكْرُ كثير من أخبار الرسل عليهم السلام. - التنويه بشأن القرآن الكريم، وأنه نعمة من الله على المخاطبين، وشأن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وأنه رحمة للعالمين. - التذكير بما أصاب الأمم السالفة من جراء تكذيبهم رسلهم، وأن وعد الله للذين كذبوا واقع لا يغرهم تأخيره فهو آتٍ لا محالة، كما قال سبحانه: {إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين} (الأنعام:134). - تحذير الخلق من أن يغتروا بتأخيره، كما اغتر الذين من قبلهم حتى أصابهم بغتة، وذكر واحد من أشراط الساعة وهو فتح يأجوج ومأجوج. - التذكير بما في خلق السماوات والأرض من الدلالة على الخالق. - التنبيه إلى أن وراء هذه الحياة الفانية حياة أخرى أتقن، وأحكم، وأبقى؛ لتجزى كل نفس بما كسبت، وينتصر الحق على الباطل، كما قال سبحانه: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} (العنكبوت:64). - التنبيه إلى ما في الخلق من الدلائل على وحدانية الخالق؛ إذ لا يستقيم هذا النظام بتعدد الآلهة، {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون} (الأنبياء:22). - تنـزيه الله تعالى عن الشركاء وعن الأولاد والاستدلال على وحدانية الله تعالى. - أنه سبحانه لا يقع في ملكه إلا ما يريد، ولا يكرهه أحد سبحانه على فعل ما لا يريد. - أن جميع المخلوقات مصيرها إلى الفناء. - تذكير العباد بالنعمة الكبرى عليهم، وهي نعمة الحفظ، {وكنا لهم حافظين} (الأنبياء:82). - الإخبار عن عدد من الرسل والأنبياء، ومقارنة أحوالهم وأحوال أممهم بأحوال محمد صلى الله عليه وسلم وأحوال قومه. وكيف نصر الله رسله على أقوامهم واستجاب دعواتهم. - أن الرسل كلهم جاؤوا بدين الله، وهو دين واحد في أصوله، قطعه الضالون قطعاً. - ثناء الله سبحانه على الرسل وعلى من آمنوا بهم، واهتدوا بهديهم. - أن العاقبة للمؤمنين في خير الدنيا وخير الآخرة، وأن الله سيحكم بين الفريقين بالحق ويعين رسله على تبليغ شرعه. |
03-30-2018 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
سورة المؤمنين هي السورة الثالثة والعشرون بحسب ترتيب المصحف الشريف، وهي السورة السادسة والسبعون في عداد نزول سور القرآن الكريم، نزلت بعد سورة الطور، وقبل سورة تبارك الذي بيده الملك، وآياتها ثماني عشرة ومائة آية، وهي مكية بالاتفاق.
تسميتها يقال: سورة المؤمنين، ويقال: سورة المؤمنون؛ فالأول على اعتبار إضافة السورة إلى المؤمنين؛ لافتتاحها بالإخبار عنهم بأنهم أفلحوا. ووردت تسميتها بمثل هذا فيما رواه مسلم عن عبد الله بن السائب، قال: (حضرت رسول الله يوم الفتح، فصلى في قَبَل الكعبة، فخلع نعليه، فوضعهما عن يساره، فافتتح سورة المؤمنين...) الحديث. والثاني على حكاية لفظ (المؤمنون) الواقع أولها في قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} (المؤمنون:1)، فجعل ذلك اللفظ تعريفاً للسورة. ومما جرى على الألسنة أن يسموها سورة (قد أفلح) ويسمونها أيضاً سورة الفلاح. مقاصد السورة سورة المؤمنين تدور حول محور تحقيق الوحدانية، وإبطال الشرك، ونقض قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه، ويمكن تلخيص مقاصدها وأهدافها في التالي: أولاً: تقرير الفلاح للمؤمنين، وبيان الصفات التي حازوا بها الفلاح، وتقرير أن هذا الفلاح خاص بهم دون غيرهم؛ لما تحلوا به من أصول الفضائل الروحية والعملية، التي بها تزكية النفس واستقامة السلوك. ثانياً: بيان دلائل الإيمان في الأنفس والآفاق؛ وذلك من خلال عرض أطوار الحياة الإنسانية منذ نشأتها الأولى إلى نهايتها في الحياة الدنيا؛ والغرض من كل ذلك الدلالة على تفرد الله تعالى بالألوهية؛ لتفرده بخلق الإنسان ونشأته؛ وذلك بقصد اعتبار الإنسان في كيفية بدء خلقه، ثم موته وانتهاء حياته، ودلالة ذلك الخلق على إثبات البعث بعد الممات، وأن الله لم يخلق الخلق سدى ولعباً. ثالثاً: بيان حقيقة الإيمان وأنه إفراد العبودية لله وحده دون سواه، وهي الحقيقة التي تَوَافَق عليها الرسل دون استثناء: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (المؤمنون:23). ثم بيان تفرق الناس بعد الرسل، وتنازعهم حول تلك الحقيقة الواحدة: {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون} (المؤمنون:53). رابعاً: بيان غفلة كثير من الخلق عن ابتلاء الله لهم بالنعمة، واغترارهم بما هم فيه من متاع، بينما المؤمنون مشفقون من خشية ربهم، يعبدونه ولا يشركون به، وهم مع ذلك دائمو الخوف والحذر: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} (المؤمنون:60). خامساً: لفت نظر الإنسان إلى الاعتبار بخلق السماوات ودلالته على حكمة الله تعالى، وإلى الاعتبار والامتنان بمصنوعات الله تعالى التي أصلها الماء الذي به حياة ما في هذا العالم من الحيوان والنبات، وما في ذلك من دقائق الصنع، وما في الأنعام من المنافع، ومن تسخير المنافع للناس وما أوتيه الإنسان من آلات الفكر والنظر. سادساً: التذكير بدعوة الرسل للهدى والإرشاد إلى التوحيد والعمل الصالح، وما تلقاها أقوامهم من الإعراض والطعن والتفرق، وما كان من عقاب المكذبين، بغرض وعظ المعرضين عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم. سابعاً: الدعوة إلى أكل الطيب الحلال، ونبذ الخبيث الحرام، والإكثار من العمل الصالح {كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} (المؤمنون:51). ثامناً: استنكار القرآن لموقف المشركين العجيب من رسولهم الأمين، وهم يعرفونه ولا ينكرونه، وقد جاءهم بالحق لا يسألهم عليه أجراً، فماذا ينكرون منه ومن الحق الذي جاءهم به؟ وهم يسلمون بملكية الله لمن في السماوات والأرض، وربوبيته للسماوات والأرض، وسيطرته على كل شيء في السماوات والأرض. وبعد هذا التسليم هم ينكرون البعث، ويزعمون لله ولداً سبحانه! ويشركون به آلهة أخرى {فتعالى عما يشركون} (الأعراف:190). تاسعاً: أَمْرُ النبي صلى الله عليه وسلم أن يغض عن سوء معاملة المشركين له ولأصحابه، ويدفعها بالتي هي أحسن، وجاء الأمر بالتعوذ من وسوسة الشياطين وحضورهم. عاشراً: ذكَّرت السورة بمشهد من مشاهد القيامة، يلقى فيه المكذبون عاقبة التكذيب، ويؤنبون على ذلك الموقف المريب، ويُختم المشهد بتعقيب يقرر التوحيد المطلق والتوجه إلى الله بطلب الرحمة والغفران، وذلك هو الفلاح الذي ابتدأت به السورة.
|
|
|