أن نزرع بذور القوة في أطفالنا أسهل من أن نداوي رجالاً محطمين..!

يسيء الأطفال التصرف في بعض الأحيان، وقد يتجاوز سوء التصرف مجرد الأذى والتمرد ليحصل إلى نمط من السلوك العدائي أو الفوضوي ما يدفع الكثير من الأهالي - مع الأسف الشديد - لاتباع وسائل قاسية تحت مسمى العقاب للرد على تصرف الطفل بهدف تعديل سلوكه السيء ..!! دعونا في البدء نلقي الضوء على أكثر المشكلات السلوكية شيوعًا بين الأطفال.. يمر الأطفال بشكل عام بمشاكل سلوكية عديدة عند بداية وعيهم واحتكاكهم بالبيئات المختلفة، كالأسرة، الأصدقاء، والمدرسة فتتطور لديهم سلوكيات طبيعية إلا أنها تنمو في اتجاهات مختلفة كالغيرة، العناد، العدوان، العصبية، الكذب، قضم الشفاه أو الأظافر، السرقة، مص الاصبع، التأتأة في الكلام، نتف الشعر ولفه، تكرار ضرب الرأس في الجدار أو الأرض، الانطواء، التبول أو التبرز اللاإرادي، الخجل، البكاء، المخاوف بمختلف صورها، اللعب بالأعضاء التناسلية، رفض الذهاب للمدرسة، الصمت الاختياري، الصعوبات الدراسية، زيادة الحركة وفرط النشاط .. نأتي للطرق العقابية التقليدية لتقويم سلوك الطفل .. مما مررنا به في سنوات العمر المبكرة .. والتي لا زالت تشاهد في مجتمعاتنا. وهي وسائل خاطئة تستخدمها الكثير من الأسر تؤذي الطفل جسديًا ونفسيًا كالضرب والتعنيف، الصراخ والشتم، التمييز والمقارنة بين الأبناء بعضهم أو بغيرهم من أطفال العائلة أو الجيران، السخرية والاستهزاء والاحتقار، الترهيب والتخويف والتهديد، الحرق والكي … وغيرها وخلافًا للمعتقد الخاطئ بجدوى هذه الطرق وفعاليتها وسرعة نتائجها نجد أن الضرر الناتج عنها هو إضافة جديدة لمشكلاته والتي تتعدى الضرر الجسدي إلى عمق النفس .. زرع الكراهية للوالدين والأسرة والمجتمع والبحث عن وسائل للانتقام اهتزاز الثقة بالنفس وتزلزلها أو ربما انعدامها التشوهات الجسدية كالجروح والكدمات والكسور والحروق تعميق المشكلات السلوكية وظهور التأخر الدراسي المساهمة في ظهور الأمراض النفسية ورفع حدة المخاوف والقلق ما البدائل العقابية التي يمكن اتباعها لتعديل سلوك الأطفال دون إحداث الضرر؟! البدائل العقابية هي الطرق المقبولة لتعديل سلوك الأطفال دون إيذاء جسدي أو نفسي .. ومنها: لنجاح العملية التربوية يلزم امتلاك القدرة لكظم الغيظ أمام ثورة وغضب الطفل أو عند ظهور السلوك السيء، والتظاهر بالانشغال عنه وتجاهله في الأماكن العامة أو عند رغبة الطفل في إحراج والديه لتلبية مطلبه. تقبل الطفل بكل مساوئه والتركيز على الإستياء من الفعل أو السلوك وليس من الطفل نفسه. يتم التدخل خلال فترة التجاهل في حال هم الطفل بإيذاء نفسه الآخرين كالعبث بالكهرباء أو النار، التواجد في مكان غير آمن، لحمايته من الخطر لا قدر الله. الصبر ثم الصبر ثم الصبر .. فلا تتوقع تحسن سلوك الطفل بين ليلة وضحاها .. وإنما التحسن بشكل تدريجي وثابت. تعلم تجاهل تعليقات الآخرين وعدم الالتفاف لما سيقال عنك وعنه. استخدم كلمة ممنوع لمنع الطفل من التصرف الخاطئ وقم بتكرارها مرارًا حتى يتم ربط الكلمة تدريجيًا بالمعنى المراد منها عند الطفل خاصة بعمر السنتين .. وذلك بدل إغراق الطفل بوابل من التوجيهات .. كما يمكن الاستعانة بالرسوم الصورية لتثبيت الفكرة. التعزيز والدعم النفسي والمعنوي كالابتسامة وإبداء الرضا، والمادي بمنح الطفل مكافأة النجمة، وإالالتزام بما تم الاتفاق عليه أو الوعد به، لتجنب حدوث انتكاسة ومعاودة المشكلة من جديد. تخلى عن الحب المشروط كأن تقول لطفلك .. إن لم تأكل فأنا لن أحبك .. أو أن تربط السلوك السيء بالنار والعقاب والخوف من الرب .. وأبدله بربط السلوك الحسن بمحبة الرب وجنته، وقدم لطفلك حبًا خالصًا بلا قيود. استخدم اللغة أو التعابير الإيجابية كربط الانجازات بأشياء يحبها الطفل كاللعب أو الشوكولاته والتزم بتنفيذه. قبّل طفلك احتضنه وعبر له عن حبك واشتياقك بكل سهولة. أسلوب الإقصاء أو العزل وهو إبعاد الطفل أو عزلة لمدة قصيرة - بحسب عمره - كاستخدام زاوية زو جدار زو كرسي العقاب بمدة تتوازى مع سنين عمره ( لكل سنة = دقيقة)، بعد انقضاء المدة أخبر طفلك لما اضطررت لعقابه، وأطلب منه الاعتذار عن خطأه .. ثم كافأه بحضنه وقبله. أسلوب الحرمان وهو منع الطفل من مشاهدة برامجه أو اللعب بلعبته المفضلة لفترة محددة من الزمن، مع الالتزام بالمدة المقررة، يليها الشرح وطلب الاعتذار ومن ثم المكافأة. ينصح باستخدام جدول لمراقبة السلوك اليومي وتسجيل الملاحظات اليومية. وهو مهم للمساعدة في اكتشاف مدى الاستفادة من الأسلوب العقابي وذلك بعد عدة أسابيع من البدء فيه ..وذلك بمقارنة النتائج بشكل أسبوعي. أخيرًا .. فالعادات التي نكسبها للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة هي التي تحدد ما إذا كانو سيعيشون حياة الفقر أو الثراء، أو الإنتاجية أو الخمول، أو الخير أو الشر، فلنعلمهم العادات الجيدة منذ صغرهم لنضمن لهم مستقبلاً آمناً. وكما قيل .. أن نزرع بذور القوة في أطفالنا أسهل من أن نداوي رجالاً محطمين..! د. فهد المنصور