الله يحييك معنآ هـنـا


 
العودة   منتديات قصايد ليل > ..✿【 قصايدلــيل الإسلامية】✿.. > …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«…
 

…»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… { .. كل مايختص بأمور ديننا ودنيانا و يتعلق بأمور الدين الحنيف لأهل السنة و الجماعة فقط .. }

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-08-2023
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 4 أسابيع (06:13 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11619
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي خُلُق الأمانة



خُلُق الأمانة


1- أهمية الأمانة وتعريفها.

2- فضائل وثمرات خُلُق الأمانة.

3- خطورة تضييع الأمانة.

4- صور من الأمانات التي يجب حفظها.

5- صور مضيئة في حفظ الأمانات.



الهدف من الخطبة:

التذكير بهذا الخُلُق العظيم وبيان فضل الأمانة وثمراتها والمجالات التي تكون فيها الأمانة.



مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، إننا على موعد مع خُلُق مِن أخلاق الأنبياءِ والمرسَلين؛ خُلُق عظيم، وفضيلة من فضائل المؤمنين؛ إنه خُلُق الأمانة؛ فإننا بحاجةٍ كبيرة لأن نتحدَّث عن الأمانة؛ لأن التفريطَ فيها انتشر، ولأنَّ كثيرًا من الناس لا يبالون بتضييعها.



فقد عظَّم الله تعالى أمرَها، ورفع شأنها، وأعلى قَدْرَها؛ فبها تُحفَظ الحقوق، وتُؤدَّى الواجبات، وتُصان الدماء والأموال والأعراض، وبها تُعمر الديار والأوطان، ويُقام الدين، ويُعبَد الله في أرضه، وبها ينال العبد رِضا ربِّه، وثناء الناس له من حوله، فلا يستغني عنها الأفراد ولا الدول ولا الشعوب والمجتمعات، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].



وقد أمر الله تعالى بها؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقال تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾ [البقرة: 283]، ونهى عن ضدِّها وهي الخيانة؛ كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].



وأثنى على أهلها ممن يحافظون عليها؛ كما قال الله تعالى في وَصفِ عبادِه المفلحين المؤمِنين: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].



ومعنى أداء الأمانة كما ذكر العلماء: توصيلها إلى أصحابها كما هي من غير بخس أو تطفيف أو تحريف أو غير ذلك؛ فهيَّا بنا نقف مع الأمانة هذه الوقفات:



الوقفة الأولى: فضائل وثمرات خُلُق الأمانة:

1- إن الأمانة لهي علامة من علامات إيمان العبد؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم))؛ [سنن الترمذي، وقال: حسن صحيح].



وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ))؛ [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].



2- إن الأمانة وحفظها هي سِرُّ السعادة في الدنيا والآخرة؛ فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربعٌ إذا كُنَّ فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وحُسْن الخُلُق، وعِفَّة مطعم))؛ [صحيح الترغيب].



3- إن حفظ الأمانة وعدم تضييعها سبب من أسباب نيل محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَرَّه أن يحبَّه الله ورسوله فليصدُق حديثه إذا حدَّث، وليُؤدِّ أمانته إذا ائتمن))؛ [رواه البيهقي وحسَّنَه الألباني].



4- إن الأمانة مَن حفظها وأدَّاها ولم يُضيِّعها كانت سببًا من أسباب دخول الجنة؛ بل ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اضمنوا لي سِتًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم))؛ [رواه أحمد، وحسَّنَه الألباني في صحيح الجامع].



5- الأمانة يكفيها أهمية وفضلًا أنها من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد عُرِف بها صلى الله عليه وسلم، ولُقِّبَ بها قبل البعثة؛ ولذلك لما نزل عليه الوحي قالت له خديجة رضي الله عنها وهي تطمئنه: (فواللهِ إنك لتؤدِّي الأمانة، وتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصدُق... الحديث).



وقصة وضع الحجر الأسود مشهورة؛ حيث فرح القوم بمقدِمِه صلى الله عليه وسلم وقالوا: هذا الأمين، وفي قصَّة هرقل مع أبي سفيان رضي الله عنه، لما قال له هِرَقل: سألتُك عن ماذا يأمركم؟ فزعمتَ أنه يأمُر بالصلاة، والصِّدق، والعفاف، والوفاءِ بالعهد، وأداء الأمانة، وهذه صِفَة نبيٍّ؛ [متفق عليه].



أمَّا أمانته بعد البعثة: فقد أدَّى الرَّسول صلى الله عليه وسلم الأمَانَة الكبرى التي تكفَّل بها وهي الرِّسالة أعظم ما يكون الأداء، وتحمَّل في سبيلها أعظم أنواع المشقَّة.



6- وحفظ الأمانة وعدم تضييعها من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: ((ألا ومن كانت عنده أمانة فليُؤدِّها إلى من ائتمنه عليها)) وبسط يده، فقال: ((ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟))، ثم قال: ((ليبلغ الشاهد الغائب؛ فإنه رُبَّ مبلغ أسعد من سامع))؛ [رواه أحمد وأبو داود].



7- ومما يبين عظمها وأهميتها أنها تؤدَّى حتى للبرِّ والفاجر؛ قال ميمون بن مهران: (ثلاثة يؤدين إلى البرِّ والفاجر: الأمانة، والعهد، وصِلة الرحم).



ولما جاء الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة ترك عليًّا رضي الله عنه في مكة لأداء الأمانات، ورد الودائع إلى أهلها، برغم ما فعلوه معه ومع أصحابه الكِرام من اضطهاد وإيذاء؛ ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعلِّمنا هذا الخُلُق العظيم؛ فأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث ليالٍ وأيامها، حتَّى أدَّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لَحِق برسول الله صلى الله عليه وسلم.



8- الأمانة بها يعلو شأن الإنسان إذا اتَّصَف بها، فقد رفع بها النبي صلى الله عليه وسلم شأنَ أبي عبيدة رضي الله عنه، فلَمَّا أتى صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: "ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، ولا تَبْعَثْ مَعَنَا إلا أَمِينًا"، فقالَ: ((لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ))، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: ((قُمْ يا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ))، فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((‌هَذا ‌أَمِينُ ‌هذهِ ‌الأُمَّةِ))؛ [رواه البخاري].



وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ))؛ [رواه البخاري].



9- الأمانة من صفات صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين، فما من نبيٍّ إلا وقد قال لقومه وهو يدعوهم: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 107، 108].



واتَّصَف بها موسى عليه السلام؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، واتَّصف بها هودٌ عليه السلام؛ كما قال الله تعالى عنه وهو يخاطب قومه: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68]، ولما اتَّصف بها يوسف عليه السلام؛ جعلت الملك يقول له: ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف: 54]، وقد وصف الله تعالى بها جبريل عليه السلام؛ كما قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193]، وقال تعالى: ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [التكوير: 21].



10- حفظ الأمانة وعدم تضييعها من أعظم أسباب تفريج الكربات؛ ففي خبر الثلاثة الذين آوَاهُمُ الْمبِيت في الغار وانطبقت عليهم الصخرة؛ فتوسَّل كل منهم بصالح الأعمال فقال أحدهم: ((.. اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجرَاءَ وَأَعْطَيْتُهمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذي له وَذَهبَ فثمَّرت أجْرَهُ حَتَّى كثرت منه الأموال، فجاءني بَعدَ حِينٍ، فَقالَ: يَا عبدَاللهِ، أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَى منْ أَجْرِكَ: مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَم وَالرَّقِيق، فقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَسْتهْزئ بي، فَقُلْتُ: لا أَسْتَهْزئ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْه شَيْئًا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فخرَجُوا يَمْشُونَ)).



الوقفة الثانية: خطورة تضييع الأمانة:

1- تضييع الأمانة علامة على نقص الإيمان، وآية من آيات المنافقين؛ كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آيةُ المنافقِ ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان))؛ [البخاري].



ويقول صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))؛ رواه أحمد في مسنده، وفي الصحيحين عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا: ((أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ (أي: في وسطها)، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ))، وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: ((يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ....، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا! وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ)).



2- تضييع الأمانة من صفاتِ اليهود؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75].



3- ولخطورة تضييع الأمانة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من ضدِّها وهي الخيانة.



فتأمَّل هذا الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهُمَّ إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة)).



4- وتضييع الأمانة علامة من علامات الساعة؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: ((أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟))، قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ))، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: ((إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَة)).



وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الزمن الذي تُقلَب فيه الحقائق وتُزوَّر الوقائع، وتُغيَّر العناوين، فقال: ((سيأتي على الناس سنوات خدَّاعات يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل: وما الرويبضة؟ قال: ((الرجل التافه يتكلَّم في أمر العامة))؛ [ابن ماجه في سننه، وصحَّحه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه].



5- خائن الأمانة مفضوح يوم القيامة على رؤوس الأشهاد؛ ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْغَادِرَ يَنصِبُ اللهُ لَهُ لِوَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: أَلَا هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ)).



نسأل الله العظيم أن يهدينا لأحسن الأخلاق، وأن يرزقنا الأمانة في الأقوال والأفعال.



الخطبة الثانية


صور من الأمانات التي يجب حفظها؛ (مجالات الأمانة)

فإن الأمانة مفهومها واسع في دين الإسلام؛ فهي لا تقتصر على حفظ ودائع الناس فقط كما يظن البعض؛ وإنما هي تشمل كل ما ائتُمن عليه العبد من الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله تعالى أو للعباد، وسواء أكانت في الأفعال أو الأقوال، ويمكن تقسيم المجالات للأمانة التقسيم التالي:



أولًا: الأمانة التي تتعلق بحقوق الخالق جل جلاله؛ وهي أمانة التكليف، وأمانة القيام بالعبادات والواجبات:

وأعظم أمانة هي أمانة التوحيد؛ بحفظه من شوائب الشرك؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172].



والصلاة أمانة في عنقك، تؤدِّيها في أوقاتها كاملة الشروط والواجبات والأركان، والصيامُ أمانةٌ بينك وبين الله، والزكاةُ أمانة، والله مُطَّلِعٌ عليك في أدائها كاملةً أو ناقصةً، وَالْمُؤَذِّنُ أَمِينٌ عَلَى الوَقْتِ؛ كما قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ))؛ [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].



ثانيًا: الأمانة التي تتعلَّق بحقوق الخلق؛ وذلك في المعاملات وغيرها:

ومنها الأمانة في البيع والشراء والتجارة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا))، وقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ، مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))؛ [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه، وَقَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ: حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ].



ومنها الأمانة في العهود والمواثيق والمواعيد والوفاء بالديون؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283].



ومنها الأمانة في حفظ الأسرار؛ كما قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ((إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ))؛ [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ].



ومنها الأمانة التي تتعلَّق بحقوق الجيران، ومنها الأمانة في بذل النصيحة لِمَن استنصحك، وإبداء الرأي السديد لمن استشارك؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ))؛ [رواه أبو داود والترمذي]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ؛ فَقَدْ خَانَهُ))؛ [رواه أبو داود].



ثالثًا: الأمانة التي تتعلَّق بحقوق الأسرة، فهناك أمانة تتعلَّق بحق الوالدين؛ ببرِّهما والإحسان إليهما، والدعاء لهما في حياتهما وبعد موتهما.



وأمانة تتعلَّق بحق الزوجة؛ وذلك بالنفقة عليها، وحسن معاشرتها، وحفظ أسرار الزوجية؛ ففي صحيحِ مسلمٍ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا)).



وأمانةٌ تتعلَّق بحق الأبناء؛ وذلك بحسن تربيتهم، وأمانة تتعلَّق بذوي القربى والأرحام؛ وذلك بصلتهم وتعاهدهم.



رابعًا: الأمانة التي تتعلَّق بحفظ النفس؛ فهذه النفس التي أودعها الله تعالى فيك أمانة، والصحة أمانة، والجوارح أمانةٌ عندك، وسوف تسأل عنها يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].



خامسًا: الأمانة التي تتعلَّق بالوظائف العامة؛ فكُلٌّ في مجاله مؤتمن، فقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم الوظائف أمانات، ونصح الضعفاء عن عدم طلبها والتعرُّض لها؛ ففي صحيح مسلم أن أبا ذَرٍّ رضي الله عنه سأله أن يستعمِلَه فضرب بيده على منكبه، وقال: ((يا أبا ذَرٍّ، إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلَّا مَنْ أخذها بحقِّها، وأدَّى الذي عليه فيها)).



والله سبحانه تعالى سائلٌ كلًّا عمَّا ائتمنه عليه؛ ففي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسئولٌ عن رعيَّتِه))، وفي الصحيحين عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلَّا حرَّم اللهُ عليه الجنة))، وفي رواية: ((فلم يحطها بنصحه، لم يرح رائحة الجنة)).



الوقفة الخامسة والأخيرة: صور مضيئة في حفظ الأمانات:

قال ابن جرير: لما قدم بسيف كسرى مع بقية الكنوز، قال عمر رضي الله عنه: (إن أقوامًا أدَّوا هذا لذوو أمانة)، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنك عففت يا أمير المؤمنين فعفَّت الرعية)، فدفعوا الأموال لعمر رضي الله عنه، فلما رآها بكى، فقال: (والله الذي لا إله إلا هو، إن قومًا دفعوها إليَّ لأمناء).



وهذا رجل بينما هو يسير بجانب بستان إذ وجد تفاحةً ملقاةً على الأرض، فتناول التفاحة وأكلها، ثم حدَّثَتْه نفسُه بأنه أتى على شيء ليس من حقِّه؛ فأخذ يلوم نفسه وقرَّر أن يرى صاحب هذا البستان، فإمَّا أن يُسامحه، أو أن يدفع له ثمنها، وذهب الرجل لصاحب البستان وحدَّثَه بالأمر فاندهش صاحب البستان لأمانة الرجل، وقال له: ما اسمك؟ قال له: ثابت، قال له: لن أسامحك في هذه التفاحة إلا بشرط؛ أن تتزوَّج ابنتي، واعلم أنها خرساء عَمْياء صَمَّاء مشلولة؛ إما أن تتزوَّجَها، وإمَّا لن أسامحك في هذه التفاحة، فوجد ثابت نفسه مضطرًّا؛ يوازي بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فوجد نفسه يوافق على هذه الصفقة، وحين حانت اللحظة التقى ثابت بتلك العروس، وإذ بها آية في الجمال والعلم والتُّقَى؛ فاستغرب كثيرًا لماذا وصفها أبوها بأنها صمَّاء مشلولة خرساء عَمْياء؟! فلما سألها قالت: أنا عمياء عن رؤية الحرام، خرساء صمَّاء عن قول وسماع ما يغضب الله، ومشلولة عن السير في طريق الحرام.



فكان من ثمرة هذا الزواج الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، فنشأ أبو حنيفة وتربَّى على الأمانة، فيوم أن جاءت امرأة إلى أبي حنيفة تبيع له قطعة من قماش فقال لها: كم ثمنها؟ قالت: مائة درهم، فقال: كلا، إنها تساوي أكثر من ذلك، فقالت المرأة: أتهزأ بي، قال: لا، فأحضَرَ رجلًا آخر يُسعِّرها فقال: إنها تساوي خمسمائة درهم.



وكان لأبي حنيفة رحمه الله شريك في التجارة، يقال له بِشْر، فخرج بِشر في تجارته بمصر، فبعث إليه أبو حنيفة سبعين ثوبًا من ثياب خَزٍّ، فكتب إليه: إن في الثياب ثوبَ خَزٍّ معيبًا بعلامة كذا، فإذا بِعْتَه فبيِّن للمشتري العيب، قال: فباع بِشْر الثياب كلها، ورجع إلى الكوفة، فقال أبو حنيفة: هل بيَّنت ذلك العيب الذي في الثوب الخزِّ؟ فقال بِشْر: نسيت ذلك العيب، قال: فتصدَّق أبو حنيفة بجميع ما أصابه من تلك التجارة، (الأصل والفرع جميعًا) قال: وكان نصيبه من ذلك ألف درهم، وقال: مالٌ قد دخلَتْ فيه الشُّبْهة، فلا حاجة لي به.



وهذا ابن المبارك رحمه الله يعود من مَرْو في خراسان إلى الشام ليرد قلمًا استعاره من صاحبه، ومكث في هذه الرحلة شهرًا كاملًا.



وهذا العالم الجليل عقيل رحمه الله يقول عن نفسه: حججت عامًا فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ ينشده، ويبذل لمن وجده مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، ثم وصلت إلى حلب وبِتُّ في مسجد وأنا بردان جائع، فقدَّموني، صليت بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا تُوفِّي فصلِّ بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا بنت فزوَّجوني بها، فأقمت معها سنة، وولدت ولدًا بكرًا، فمرضت في نفاسها، فتأملتُها يومًا فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلت لها: من أين لك هذا العقد؟ فقالت: إنَّ أباها كان له مال وفير وقد اشترى هذا العقد عندما ذهب إلى الحج وضاع هناك فوجده شاب وأبى أن يأخذ مكافأته من أبي؛ قال: فحكيت لها، فبكت وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزق ابنتي مثل الذي رد العقد عليَّ وقد استجاب الله منه.



نسأل الله العظيم أن يرزقنا الأمانة والأخلاق الفاضلة



 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مَن خَلَق الله؟! (1) ضامية الشوق …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 27 11-15-2022 03:32 AM
مَن خَلَق الله؟! (2) ضامية الشوق …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 25 11-15-2022 03:31 AM
الأمانة في كل شيء بوزياد …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 14 02-20-2019 09:10 AM
أسباب الارتقاء وموانع السقوط : قراءة في خُلُق النَّبِيِّ وصَاحِبِهِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ إرتواء نبض …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… 30 02-06-2018 06:11 AM
الدينُ بلا خُلُق، كالجسدِ بلا رُوح جنــــون …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… 23 08-05-2016 08:25 AM

Loading...


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية