12-11-2011 | #301 |
|
{1} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌسُورَة التَّحْرِيم [ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَا عَشْرَة آيَة ] "يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك" مِنْ أَمَتك مَارِيَة الْقِبْطِيَّة لَمَّا وَاقَعَهَا فِي بَيْت حَفْصَة وَكَانَتْ غَائِبَة فَجَاءَتْ وَشَقَّ عَلَيْهَا كَوْن ذَلِكَ فِي بَيْتهَا وَعَلَى فِرَاشهَا حَيْثُ قُلْت : هِيَ حَرَام عَلَيَّ "تَبْتَغِي" بِتَحْرِيمِهَا "مَرْضَاة أَزْوَاجك" أَيْ رِضَاهُنَّ"وَاَللَّه غَفُور رَحِيم" غَفَرَ لَك هَذَا التَّحْرِيم {2} قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"قَدْ فَرَضَ اللَّه" شَرَعَ "لَكُمْ تَحِلَّة أَيْمَانكُمْ" تَحْلِيلهَا بِالْكَفَّارَةِ الْمَذْكُورَة فِي سُورَة "الْمَائِدَة" وَمِنْ الْأَيْمَان تَحْرِيم الْأَمَة وَهَلْ كَفَّرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ مُقَاتِل : أَعْتَقَ رَقَبَة فِي تَحْرِيم مَارِيَة وَقَالَ الْحَسَن : لَمْ يُكَفِّر لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغْفُور لَهُ "وَاَللَّه مَوْلَاكُمْ" نَاصِركُمْ {3} وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ"وَ" اذْكُرْ "إذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إلَى بَعْض أَزْوَاجه" هِيَ حَفْصَة "حَدِيثًا" هُوَ تَحْرِيم مَارِيَة وَقَالَ لَهَا لَا تُفْشِيه "فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ" عَائِشَة ظَنًّا مِنْهَا أَنْ لَا حَرَج فِي ذَلِكَ "وَأَظْهَرَهُ اللَّه" أَطْلَعَهُ "عَلَيْهِ" عَلَى الْمُنَبَّأ بِهِ "عَرَّفَ بَعْضه" لِحَفْصَةَ "وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْض" تَكَرُّمًا مِنْهُ "فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَك هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير" أَيْ اللَّه {4} إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ"إنْ تَتُوبَا" أَيْ حَفْصَة وَعَائِشَة "إلَى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبكُمَا" مَالَتْ إلَى تَحْرِيم مَارِيَة أَيْ سَرَّكُمَا ذَلِكَ مَعَ كَرَاهَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَذَلِكَ ذَنْب وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف أَيْ تَقَبُّلًا وَأَطْلَقَ قُلُوب عَلَى قَلْبَيْنِ وَلَمْ يُعَبِّر بِهِ لِاسْتِثْقَالِ الْجَمْع بَيْن تَثْنِيَتَيْنِ فِيمَا هُوَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة "وَإِنْ تَظَاهَرَا" بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل فِي الظَّاء وَفِي قِرَاءَة بِدُونِهَا تَتَعَاوَنَا "عَلَيْهِ" أَيْ النَّبِيّ فِيمَا يَكْرَههُ "فَإِنَّ اللَّه هُوَ" فَصْل "مَوْلَاهُ" نَاصِره "وَجِبْرِيل وَصَالِح الْمُؤْمِنِينَ" أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَعْطُوف عَلَى مَحَلّ اسْم إنْ فَيَكُونُونَ نَاصِرِيهِ "وَالْمَلَائِكَة بَعْد ذَلِكَ" بَعْد نَصْر اللَّه وَالْمَذْكُورِينَ "ظَهِير" ظُهَرَاء أَعْوَان لَهُ فِي نَصْره عَلَيْكُمَا {5} عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا"عَسَى رَبّه إنْ طَلَّقَكُنَّ" أَيْ طَلَّقَ النَّبِيّ أَزْوَاجه "أَنْ يُبَدِّلهُ" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف "أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ" خَبَر عَسَى وَالْجُمْلَة جَوَاب الشَّرْط وَلَمْ يَقَع التَّبْدِيل لِعَدَمِ وُقُوع الشَّرْط "مُسْلِمَات" مُقِرَّات بِالْإِسْلَامِ "مُؤْمِنَات" مُخْلِصَات "قَانِتَات" مُطِيعَات "تَائِبَات عَابِدَات سَائِحَات" صَائِمَات أَوْ مُهَاجِرَات {6} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ" بِالْحَمْلِ عَلَى طَاعَة اللَّه "نَارًا وَقُودهَا النَّاس" الْكُفَّار "وَالْحِجَارَة" كَأَصْنَامِهِمْ مِنْهَا يَعْنِي أَنَّهَا مُفْرِطَة الْحَرَارَة تَتَّقِد بِمَا ذُكِرَ لَا كَنَارِ الدُّنْيَا تَتَّقِد بِالْحَطَبِ وَنَحْوه "عَلَيْهَا مَلَائِكَة" خَزَنَتهَا عُدَّتهمْ تِسْعَة عَشَر كَمَا سَيَأْتِي فِي "الْمُدَّثِّر" "غِلَاظ" مِنْ غِلَظ الْقَلْب "شِدَاد" فِي الْبَطْش "لَا يَعْصُونَ اللَّه مَا أَمَرَهُمْ" بَدَل مِنْ الْجَلَالَة أَيْ لَا يَعْصُونَ أَمْر اللَّه "وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" تَأْكِيد وَالْآيَة تَخْوِيف لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ الِارْتِدَاد وَلِلْمُنَافِقِينَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ دُون قُلُوبهمْ {7} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"يَا أَيّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْم" يُقَال لَهُمْ ذَلِكَ عِنْد دُخُولهمْ النَّار أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعكُمْ "إنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" أَيْ جَزَاءَهُ00 {8} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّه تَوْبَة نَصُوحًا" بِفَتْحِ النُّون وَضَمّهَا : صَادِقَة بِأَنْ لَا يُعَاد إلَى الذَّنْب وَلَا يُرَاد الْعَوْد إلَيْهِ"عَسَى رَبّكُمْ" تَرْجِيَة تَقَع "أَنْ يُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَيُدْخِلكُمْ جَنَّات" بَسَاتِين "تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار يَوْم لَا يُخْزِي اللَّه"بِإِدْخَالِ النَّار "النَّبِيّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورهمْ يَسْعَى بَيْن أَيْدِيهمْ" أَمَامهمْ "وَ" يَكُون "بِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ" مُسْتَأْنَف "رَبّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورنَا" إلَى الْجَنَّة وَالْمُنَافِقُونَ يُطْفَأ نُورهمْ "وَاغْفِرْ لَنَا" رَبّنَا {9} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار" بِالسَّيْفِ "وَالْمُنَافِقِينَ" بِاللِّسَانِ وَالْحُجَّة "وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ" بِالِانْتِهَاءِ وَالْمَقْت "وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير" هِيَ {10} ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ"ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَة نُوح وَامْرَأَة لُوط كَانَتَا تَحْت عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا" أَيْ فَخَانَتَاهُمَا فِي الدِّين إذْ كَفَرَتَا وَكَانَتْ امْرَأَة نُوح وَاسْمهَا وَاهِلَة تَقُول لِقَوْمِهِ : إنَّهُ مَجْنُون وَامْرَأَة لُوط وَاسْمهَا وَاعِلَة تَدُلّ قَوْمه عَلَى أَضْيَافه إذَا نَزَلُوا بِهِ لَيْلًا بِإِيقَادِ النَّار وَنَهَارًا بِالتَّدْخِينِ "فَلَمْ يُغْنِيَا" أَيْ نُوح وَلُوط "عَنْهُمَا مِنْ اللَّه" مِنْ عَذَابه "شَيْئًا وَقِيلَ" أَيْ وَقِيلَ لَهُمَا "اُدْخُلَا النَّار مَعَ الدَّاخِلِينَ" مِنْ كُفَّار قَوْم نُوح وَقَوْم لُوط {11} وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن" آمَنَتْ بِمُوسَى وَاسْمهَا آسِيَة فَعَذَّبَهَا فِرْعَوْن بِأَنْ أَوْتَدَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَأَلْقَى عَلَى صَدْرهَا رَحًى عَظِيمَة وَاسْتَقْبَلَ بِهَا الشَّمْس فَكَانَتْ إذَا تَفَرَّقَ عَنْهَا مَنْ وُكِلَ بِهَا ظَلَّلَتْهَا الْمَلَائِكَة "إذْ قَالَتْ" فِي حَال التَّعْذِيب "رَبّ ابْن لِي عِنْدك بَيْتًا فِي الْجَنَّة" فَكُشِفَ لَهَا فَرَأَتْهُ فَسَهُلَ عَلَيْهَا التَّعْذِيب "وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْن وَعَمَله" وَتَعْذِيبه"وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ" أَهْل دِينه فَقَبَضَ اللَّه رُوحهَا وَقَالَ ابْن كَيْسَان : رُفِعَتْ إلَى الْجَنَّة حَيَّة فَهِيَ تَأْكُل وَتَشْرَب {12} وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ"وَمَرْيَم" عَطْف عَلَى امْرَأَة فِرْعَوْن "ابْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ "فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى فَعَلَهُ الْوَاصِل إلَى فَرْجهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا" شَرَائِعه "وَكُتُبه" أَيْ وَكُتُبه الْمُنَزَّلَة "وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ" مِنْ الْقَوْم الْمُطِيعِينَ |
|
12-11-2011 | #302 |
|
{1} تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌسُورَة الْمُلْك [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا ثَلَاثُونَ آيَة ] "تَبَارَكَ" تَنَزَّهَ عَنْ صِفَات الْمُحَدِّثِينَ "الَّذِي بِيَدِهِ" فِي تَصَرُّفه "الْمُلْك" السُّلْطَان وَالْقُدْرَة {2} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت" فِي الدُّنْيَا "وَالْحَيَاة" فِي الْآخِرَة أَوْ هُمَا فِي الدُّنْيَا فَالنُّطْفَة تَعْرِض لَهَا الْحَيَاة وَهِيَ مَا بِهِ الْإِحْسَاس وَالْمَوْت ضِدّهَا أَوْ عَدَمهَا قَوْلَانِ وَالْخَلْق عَلَى الثَّانِي بِمَعْنَى التَّقْدِير "لِيَبْلُوكُمْ" لِيَخْتَبِركُمْ فِي الْحَيَاة "أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا"أَطْوَع لِلَّهِ "وَهُوَ الْعَزِيز" فِي انْتِقَامه مِمَّنْ عَصَاهُ "الْغَفُور" لِمَنْ تَابَ إلَيْهِ {3} الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ"الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات طِبَاقًا" بَعْضهَا فَوْق بَعْض مِنْ غَيْر مُمَاسَّة "مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَانِ" لَهُنَّ أَوْ لِغَيْرِهِنَّ "مِنْ تَفَاوُت" تَبَايُن وَعَدَم تَنَاسُب "فَارْجِعْ الْبَصَر" أَعِدْهُ إلَى السَّمَاء "هَلْ تَرَى" فِيهَا "مِنْ فُطُور" صُدُوع وَشُقُوق {4} ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ"ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ" كَرَّة بَعْد كَرَّة "يَنْقَلِب" يَرْجِع "إلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا" ذَلِيلًا لِعَدَمِ إدْرَاك خَلَل "وَهُوَ حَسِير" مُنْقَطِع عَنْ رُؤْيَة خَلَل {5} وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ"وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا" الْقُرْبَى إلَى الْأَرْض "بِمَصَابِيح" بِنُجُومٍ "وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا" مَرَاجِم "لِلشَّيَاطِينِ" إذَا اسْتَرِقُوا السَّمْع بِأَنْ يَنْفَصِل شِهَاب عَنْ الْكَوْكَب كَالْقَبَسِ يُؤْخَذ مِنْ النَّار فَيَقْتُل الْجِنِّيّ أَوْ يَخْبِلهُ لَا أَنَّ الْكَوْكَب يَزُول عَنْ مَكَانه "وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاب السَّعِير" النَّار الْمُوقِدَة {6} وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَاب جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير" هِيَ {7} إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ"إذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا" صَوْتًا مُنْكَرًا كَصَوْتِ الْحِمَار "وَهِيَ تَفُور" تَغْلِي {8} تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ"تَكَاد تَمَيَّز" وَقُرِئَ تَتَمَيَّز عَلَى الْأَصْل تَتَقَطَّع "مِنْ الْغَيْظ" غَضَبًا عَلَى الْكَافِر "كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْج" جَمَاعَة مِنْهُمْ "سَأَلَهُمْ خَزَنَتهَا" سُؤَال تَوْبِيخ "أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير" رَسُول يُنْذِركُمْ عَذَاب اللَّه تَعَالَى {9} قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ"قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِير فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّه مِنْ شَيْء إنْ" مَا "أَنْتُمْ إلَّا فِي ضَلَال كَبِير" يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام الْمَلَائِكَة لِلْكُفَّارِ حِين أُخْبِرُوا بِالتَّكْذِيبِ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام الْكُفَّار لِلنَّذْرِ {10} وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ"وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَع" أَيْ سَمَاع تَفَهُّم "أَوْ نَعْقِل" أَيْ عَقْل تَفَكُّر {11} فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ"فَاعْتَرَفُوا" حَيْثُ لَا يَنْفَع الِاعْتِرَاف "بِذَنْبِهِمْ" وَهُوَ تَكْذِيب النَّذْر "فَسُحْقًا" بِسُكُونِ الْحَاء وَضَمّهَا "لِأَصْحَابِ السَّعِير" فَبُعْدًا لَهُمْ عَنْ رَحْمَة اللَّه {12} إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ"إنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهمْ" يَخَافُونَهُ "بِالْغَيْبِ" فِي غَيْبَتهمْ عَنْ أَعْيُن النَّاس فَيُطِيعُونَهُ سِرًّا فَيَكُون عَلَانِيَة أَوْلَى "لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْر كَبِير" أَيْ الْجَنَّة00000 {13} وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"وَأَسِرُّوا" أَيّهَا النَّاس "قَوْلكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إنَّهُ" تَعَالَى "عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" بِمَا فِيهَا فَكَيْفَ بِمَا نَطَقْتُمْ بِهِ وَسَبَب نُزُول ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَسِرُّوا قَوْلكُمْ لَا يَسْمَعكُمْ إلَه مُحَمَّد {14} أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ" مَا تُسِرُّونَ أَيْ أَيَنْتَفِي عِلْمه بِذَلِكَ "وَهُوَ اللَّطِيف" فِي عِلْمه "الْخَبِير" فِيهِ {15} هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض ذَلُولًا" سَهْلَة لِلْمَشْيِ فِيهَا "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا" جَوَانِبهَا "وَكُلُوا مِنْ رِزْقه" الْمَخْلُوق لِأَجَلِكُمْ"وَإِلَيْهِ النُّشُور" مِنْ الْقُبُور لِلْجَزَاءِ {16} أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ"أَأَمِنْتُمْ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا وَبَيْن الْأُخْرَى وَتَرْكه وَإِبْدَالهَا أَلِفًا "مِنْ فِي السَّمَاء" سُلْطَانه وَقُدْرَته "أَنْ يَخْسِف" بَدَل مِنْ مَنْ "بِكُمْ الْأَرْض فَإِذَا هِيَ تَمُور" تَتَحَرَّك بِكُمْ وَتَرْتَفِع فَوْقكُمْ {17} أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ"أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يُرْسِل" بَدَل مِنْ مَنْ "عَلَيْكُمْ حَاصِبًا" رِيحًا تَرْمِيكُمْ بِالْحَصْبَاءِ "فَسَتَعْلَمُونَ" عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب"كَيْفَ نَذِير" إنْذَارِي بِالْعَذَابِ أَيْ أَنَّهُ حَقّ {18} وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ"وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" مِنْ الْأُمَم "فَكَيْفَ كَانَ نَكِير" فَكَيْفَ كَانَ إنْكَارِي عَلَيْهِمْ بِالتَّكْذِيبِ عِنْد إهْلَاكهمْ أَيْ أَنَّهُ حَقّ {19} أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ"أَوَلَمْ يَرَوْا" يَنْظُرُوا "إلَى الطَّيْر فَوْقهمْ" فِي الْهَوَاء "صَافَّات" بَاسِطَات أَجْنِحَتهنَّ "وَيَقْبِضْنَ" أَجْنِحَتهنَّ بَعْد الْبَسْط أَيْ وَقَابِضَات"مَا يُمْسِكهُنَّ" عَنْ الْوُقُوع فِي حَال الْبَسْط وَالْقَبْض "إلَّا الرَّحْمَانِ" بِقُدْرَتِهِ "إنَّهُ بِكُلِّ شَيْء بَصِير" الْمَعْنَى : أَلَمْ يَسْتَدِلُّوا بِثُبُوتِ الطَّيْر فِي الْهَوَاء عَلَى قُدْرَتنَا أَنْ نَفْعَل بِهِمْ مَا تَقَدَّمَ وَغَيْره مِنْ الْعَذَاب {20} أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ"أَمَّنْ" مُبْتَدَأ "هَذَا" خَبَره "الَّذِي" بَدَل مِنْ هَذَا "هُوَ جُنْد" أَعْوَان "لَكُمْ" صِلَة الَّذِي "يَنْصُركُمْ" صِفَة الْجُنْد "مِنْ دُون الرَّحْمَانِ"أَيْ غَيْره يَدْفَع عَنْكُمْ عَذَابه أَيْ لَا نَاصِر لَكُمْ "إنْ" مَا "الْكَافِرُونَ إلَّا فِي غُرُور" غَرَّهُمْ الشَّيْطَان بِأَنَّ الْعَذَاب لَا يَنْزِل بِهِمْ {21} أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ"أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقكُمْ إنْ أَمْسَكَ" الرَّحْمَن "رِزْقه" أَيْ الْمَطَر عَنْكُمْ وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله أَيْ فَمَنْ يَرْزُقكُمْ أَيْ لَا رَازِق لَكُمْ غَيْره "بَلْ لَجُّوا" تَمَادَوْا "فِي عُتُوّ" تَكَبُّر "وَنُفُور" تَبَاعُد فِي الْحَقّ {22} أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا" وَاقِعًا "عَلَى وَجْهه أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا" مُعْتَدِلًا "عَلَى صِرَاط" طَرِيق "مُسْتَقِيم" وَخَبَر مِنْ الثَّانِيَة مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ خَبَر الْأُولَى أَيْ أَهْدَى وَالْمَثَل فِي الْمُؤْمِن وَالْكَافِر أَيّهمَا عَلَى هُدَى {23} قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ"قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ" خَلَقَكُمْ "وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة" الْقُلُوب "قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" مَا مَزِيدَة وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة مُخْبِرَة بِقِلَّةِ شُكْرهمْ جِدًّا عَلَى هَذِهِ النِّعَم {24} قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ" خَلَقَكُمْ "فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" لِلْحِسَابِ {25} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"وَيَقُولُونَ" لِلْمُؤْمِنِينَ "مَتَى هَذَا الْوَعْد" وَعْد الْحَشْر "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِيهِ {26} قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ"قُلْ إنَّمَا الْعِلْم" بِمَجِيئِهِ "عِنْد اللَّه وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير مُبِين" بَيِّن الْإِنْذَار00000000 {27} فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ"فَلَمَّا رَأَوْهُ" أَيْ الْعَذَاب بَعْد الْحَشْر "زُلْفَة" قَرِيبًا "سِيئَتْ" اسْوَدَّتْ "وُجُوه الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ" أَيْ قَالَ الْخَزَنَة لَهُمْ "هَذَا" أَيْ الْعَذَاب "الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ" بِإِنْذَارِهِ "تَدَّعُونَ" أَنَّكُمْ لَا تُبْعَثُونَ وَهَذِهِ حِكَايَة حَال تَأْتِي عَبَّرَ عَنْهَا بِطَرِيقِ الْمُضِيّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعهَا {28} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّه وَمَنْ مَعِيَ" مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِعَذَابِهِ كَمَا تُقْصَدُونَ "أَوْ رَحِمَنَا" فَلَمْ يُعَذِّبنَا "فَمَنْ يُجِير الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب أَلِيم" أَيْ لَا مُجِير لَهُمْ مِنْهُ {29} قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"قُلْ هُوَ الرَّحْمَانِ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب "مَنْ هُوَ فِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن أَنَحْنُ أَمْ أَنْتُمْ أَمْ هُمْ {30} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَح مَاؤُكُمْ غَوْرًا" غَائِرًا فِي الْأَرْض "فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين" جَارٍ تَنَالهُ الْأَيْدِي وَالدِّلَاء كَمَائِكُمْ أَيْ لَا يَأْتِي بِهِ إلَّا اللَّه تَعَالَى فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ أَنْ يَبْعَثكُمْ ؟ وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَقُول الْقَارِئ عَقِب "مَعِين" : اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيث وَتُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَة عِنْد بَعْض الْمُتَجَبِّرِينَ فَقَالَ : تَأْتِي بِهِ الْفُؤُوس وَالْمَعَاوِل فَذَهَبَ مَاء عَيْنه وَعَمِيَ نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الْجَرَاءَة عَلَى اللَّه وَعَلَى آيَاته |
|
12-11-2011 | #303 |
|
سورة القلم اياتها 52 آية {1} ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ "ن" أَحَد حُرُوف الْهِجَاء اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ "وَالْقَلَم" الَّذِي كَتَبَ بِهِ الْكَائِنَات فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ "وَمَا يَسْطُرُونَ" أَيْ الْمَلَائِكَة مِنْ الْخَيْر وَالصَّلَاح {2} مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ"مَا أَنْتَ" يَا مُحَمَّد "بِنِعْمَةِ رَبّك بِمَجْنُونٍ" أَيْ انْتَفَى الْجُنُون عَنْك بِسَبَبِ إنْعَام رَبّك عَلَيْك بِالنُّبُوَّةِ وَغَيْرهَا وَهَذَا رَدّ لِقَوْلِهِمْ إنَّهُ مَجْنُون {3} وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ"وَإِنَّ لَك لَأَجْرًا غَيْر مَمْنُون" أَيْ أَجْرًا غَيْر مَقْطُوع {4} وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"خُلُق" دِين {6} بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ"بِأَيِيِّكُمْ الْمَفْتُون" مَصْدَر كَالْمَعْقُولِ أَيْ الْفُتُون بِمَعْنَى الْجُنُون أَيْ أَبِك أَمْ بِهِمْ {7} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"إنَّ رَبّك أَعْلَم بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ" لَهُ وَأَعْلَم بِمَعْنَى عَالِم {9} وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ"وَدُّوا" تَمَنَّوْا "لَوْ" مَصْدَرِيَّة "تُدْهِن" تَلِينَ لَهُمْ "فَيُدْهِنُونَ" يَلِينُونَ لَك وَهُوَ مَعْطُوف عَلَى تُدْهِن وَإِنْ جَعَلَ جَوَاب التَّمَنِّي الْمَفْهُوم مِنْ وَدُّوا قَدْر قَبْله بَعْد الْفَاء هُمْ {10} وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ"وَلَا تُطِعْ كُلّ حَلَّاف" كَثِير الْحَلِف بِالْبَاطِلِ "مَهِين" حَقِير {11} هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ"هَمَّاز" عَيَّاب أَيْ مُغْتَاب "مَشَّاء بِنَمِيمٍ" أَيْ سَاعٍ بِالْكَلَامِ بَيْن النَّاس عَلَى وَجْه الْإِفْسَاد بَيْنهمْ {12} مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ"مَنَّاع لِلْخَيْرِ" بَخِيل بِالْمَالِ عَنْ الْحُقُوق "مُعْتَدٍ" ظَالِم "أَثِيم" آثِم {13} عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ"عُتُلّ" غَلِيظ جَافٍ "بَعْد ذَلِكَ زَنِيم" دُعِيَ فِي قُرَيْش وَهُوَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة ادَّعَاهُ أَبُوهُ بَعْد ثَمَانِي عَشْرَة سَنَة قَالَ ابْن عَبَّاس : لَا نَعْلَم أَنَّ اللَّه وَصَفَ أَحَدًا بِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِنْ الْعُيُوب فَأَلْحَقَ بِهِ عَارًا لَا يُفَارِقهُ أَبَدًا وَتَعَلَّقَ بِزَنِيمٍ الظَّرْف قَبْله {14} أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ"أَنْ كَانَ ذَا مَال وَبَنِينَ" أَيْ لِأَنَّ وَهُوَ مُتَعَلِّق بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ {15} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ"إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتنَا" الْقُرْآن "قَالَ" هِيَ "أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ" أَيْ كَذَّبَ بِهَا لِإِنْعَامِنَا عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ وَفِي قِرَاءَة أَأَنْ بِهَمْزَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ |
|
12-12-2011 | #304 |
|
{16} سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ "سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُوم" سَنَجْعَلُ عَلَى أَنْفه عَلَامَة يُعَيَّر بِهَا مَا عَاشَ فَخُطِمَ أَنْفه بِالسَّيْفِ يَوْم بَدْر {17} إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ "إنَّا بَلَوْنَاهُمْ" امْتَحَنَّا أَهْل مَكَّة بِالْقَحْطِ وَالْجُوع "كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَاب الْجَنَّة" أَيْ أَصْحَاب الْبُسْتَان "إذْ أَقَسَمُوا لِيَصْرِمُنَّهَا" يَقْطَعُونَ ثَمَرَتهَا "مُصْبِحِينَ" وَقْت الصَّبَاح كَيْ لَا يَشْعُر بِهِمْ الْمَسَاكِين فَلَا يُعْطُونَهُمْ مِنْهَا مَا كَانَ أَبُوهُمْ يَتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْهَا {18} وَلَا يَسْتَثْنُونَ "وَلَا يَسْتَثْنُونَ" فِي يَمِينهمْ بِمَشِيئَةِ اللَّه تَعَالَى وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة أَيْ وَشَأْنهمْ ذَلِكَ {19} فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ "فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِف مِنْ رَبّك" نَار أَحْرَقَتْهَا لَيْلًا {20} فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ "فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ" كَاللَّيْلِ الشَّدِيد الظُّلْمَة أَيْ سَوْدَاء {22} أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ "أَنْ اُغْدُوَا عَلَى حَرْثكُمْ" غَلَّتْكُمْ تَفْسِير لِتَنَادَوْا أَوْ أَنْ مَصْدَرِيَّة أَيْ بِأَنْ "إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ" مُرِيدِينَ الْقَطْع وَجَوَاب الشَّرْط دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله {23} فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ "فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ" يَتَسَارُّونَ {24} أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ "أَنْ لَا يَدْخُلَنهَا الْيَوْم عَلَيْكُمْ مِسْكِين" تَفْسِير لِمَا قَبْله أَوْ أَنْ مَصْدَرِيَّة أَيْ بِأَنْ {25} وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ "وَغَدَوْا عَلَى حَرْد" مَنْع لِلْفُقَرَاءِ "قَادِرِينَ" عَلَيْهِ فِي ظَنّهمْ {26} فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ "فَلَمَّا رَأَوْهَا" سَوْدَاء مُحْتَرِقَة "قَالُوا إنَّا لَضَالُّونَ" عَنْهَا أَيْ لَيْسَتْ هَذِهِ ثُمَّ قَالُوا لَمَّا عَلِمُوهَا {27} بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ "بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ" ثَمَرَتهَا بِمَنْعِنَا الْفُقَرَاء مِنْهَا {28} قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ "قَالَ أَوْسَطهمْ" خَيْرهمْ "أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا" هَلَّا "تُسَبِّحُونَ" اللَّه تَائِبِينَ {29} قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ "قَالُوا سُبْحَان رَبّنَا إنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ" بِمَنْعِ الْفُقَرَاء حَقّهمْ {31} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ "قَالُوا يَا" لِلتَّنْبِيهِ "وَيْلنَا" هَلَاكنَا {32} عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ "يُبْدِلنَا" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف "خَيْرًا مِنْهَا إنَّا إلَى رَبّنَا رَاغِبُونَ" لِيَقْبَل تَوْبَتنَا وَيَرُدّ عَلَيْنَا خَيْرًا مِنْ جَنَّتنَا رُوِيَ أَنَّهُمْ أُبْدِلُوا خَيْرًا مِنْهَا {33} كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "كَذَلِكَ" أَيْ مِثْل الْعَذَاب لِهَؤُلَاءِ "الْعَذَاب" لِمَنْ خَالَفَ أَمْرنَا مِنْ كُفَّار مَكَّة وَغَيْرهمْ "وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" عَذَابهَا مَا خَالَفُوا أَمْرنَا وَنَزَلَ لَمَّا قَالُوا إنْ بَعَثَنَا نُعْطَى أَفَضْل مِنْكُمْ {35} أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ "أَفَنَجْعَل الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ" أَيْ تَابِعِينَ لَهُمْ فِي الْعَطَاء {36} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ "مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" هَذَا الْحُكْم الْفَاسِد {37} أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ "أَمْ " أَيْ بَلْ أَ "لَكُمْ كِتَاب" مُنَزَّل "فِيهِ تَدْرُسُونَ" أَيْ تَقْرَءُونَ {38} إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ "إنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ" تَخْتَارُونَ {39} أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ "أَمْ لَكُمْ أَيْمَان" عُهُود "عَلَيْنَا بَالِغَة" وَاثِقَة "إلَى يَوْم الْقِيَامَة" مُتَعَلِّق مَعْنَى بِعَلَيْنَا وَفِي هَذَا الْكَلَام مَعْنَى الْقَسَم أَيْ أَقْسَمْنَا لَكُمْ وَجَوَابه "إنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ" بِهِ لِأَنْفُسِكُمْ {40} سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ "سَلْهُمْ أَيّهمْ بِذَلِكَ" الْحُكْم الَّذِي يَحْكُمُونَ بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ فِي الْآخِرَة أَفَضْل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ "زَعِيم" كَفِيل لَهُمْ {41} أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ "أَمْ لَهُمْ" أَيْ عِنْدهمْ "شُرَكَاء" مُوَافِقُونَ لَهُمْ فِي هَذَا الْقَوْل يَكْفُلُونَ بِهِ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ "فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ" الْكَافِلِينَ لَهُمْ بِهِ {42} يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ "يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق" هُوَ عِبَارَة عَنْ شِدَّة الْأَمْر يَوْم الْقِيَامَة لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاء يُقَال : كَشَفَتْ الْحَرْب عَنْ سَاق : إذَا اشْتَدَّ الْأَمْر فِيهَا "وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُود" امْتِحَانًا لِإِيمَانِهِمْ "فَلَا يَسْتَطِيعُونَ" تَصِير ظُهُورهمْ طَبَقًا وَاحِدًا |
|
12-12-2011 | #305 |
|
[SIZE=20px]القلم [/SIZE] {43} خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ "خَاشِعَة" حَال مِنْ ضَمِير يَدْعُونَ أَيْ ذَلِيلَة "أَبْصَارهمْ" لَا يَرْفَعُونَهَا "تَرْهَقهُمْ" تَغْشَاهُمْ "ذِلَّة وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ" فِي الدُّنْيَا "إلَى السُّجُود وَهُمْ سَالِمُونَ" فَلَا يَأْتُونَ بِهِ بِأَنْ لَا يُصَلُّوا {44} فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ "فَذَرْنِي" دَعْنِي "وَمَنْ يُكَذِّب بِهَذَا الْحَدِيث" الْقُرْآن "سَنَسْتَدْرِجُهُمْ" نَأْخُذهُمْ قَلِيلًا قَلِيلًا {45} وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ "وَأُمْلِي لَهُمْ" أَمْهِلْهُمْ "إنَّ كَيْدِي مَتِين" شَدِيد لَا يُطَاق {46} أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ "أَمْ" بَلْ أَ "تَسْأَلُهُمْ" عَلَى تَبْلِيغ الرِّسَالَة "أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَم" مِمَّا يُعْطُونَكَهُ "مُثْقَلُونَ" فَلَا يُؤْمِنُونَ لِذَلِكَ {47} أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ "أَمْ عِنْدهمْ الْغَيْب" أَيْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي فِيهِ الْغَيْب "فَهُمْ يَكْتُبُونَ" مِنْهُ مَا يَقُولُونَ {48} فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ "فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك" فِيهِمْ بِمَا يَشَاء "وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت" فِي الضَّجَر وَالْعَجَلَة وَهُوَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام "إذْ نَادَى" دَعَا رَبّه "وَهُوَ مَكْظُوم" مَمْلُوء غَمًّا فِي بَطْن الْحُوت {49} لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ "لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ" لَوْلَا أَنْ أَدْرَكَهُ "نِعْمَة" رَحْمَة "مِنْ رَبّه لَنُبِذَ" مِنْ بَطْن الْحُوت "بِالْعَرَاءِ" بِالْأَرْضِ الْفَضَاء "وَهُوَ مَذْمُوم" لَكِنَّهُ رُحِمَ فَنُبِذَ غَيْر مَذْمُوم {50} فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ "فَاجْتَبَاهُ رَبّه" بِالنُّبُوَّةِ "فَجَعَلَهُ مِنْ الصَّالِحِينَ" أَيْ مِنْ الْأَنْبِيَاء {51} وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ "وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ" بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْحهَا "بِأَبْصَارِهِمْ" يَنْظُرُونَ إلَيْك نَظَرًا شَدِيدًا يَكَاد أَنْ يَصْرَعك وَيُسْقِطك مِنْ مَكَانك "لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْر" الْقُرْآن "وَيَقُولُونَ" حَسَدًا "إنَّهُ لَمَجْنُون" بِسَبَبِ الْقُرْآن الَّذِي جَاءَ بِهِ {52} وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ "وَمَا هُوَ" أَيْ الْقُرْآن "إلَّا ذِكْر" مَوْعِظَة "لِلْعَالَمِينَ" الْجِنّ وَالْإِنْس لَا يَحْدُث بِسَبَبِ جُنُون [SIZE=20px]الحاقة [/SIZE] {1} الْحَاقَّةُ سُورَة الْحَاقَّة [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَة ] "الْحَاقَّة" الْقِيَامَة الَّتِي يَحِقّ فِيهَا مَا أُنْكِرَ مِنْ الْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْجَزَاء أَوْ الْمُظْهِرَة لِذَلِكَ {2} مَا الْحَاقَّةُ "مَا الْحَاقَّة" تَعْظِيم لِشَأْنِهَا وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَر الْحَاقَّة {3} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ "وَمَا أَدْرَاك" أَعْلَمَك "مَا الْحَاقَّة" زِيَادَة تَعْظِيم لِشَأْنِهَا فَمَا الْأُولَى مُبْتَدَأ وَمَا بَعْدهَا خَبَره وَمَا الثَّانِيَة وَخَبَرهَا فِي مَحَلّ الْمَفْعُول الثَّانِي لِأَدْرَى {4} كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ "كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ" الْقِيَامَة لِأَنَّهَا تَقْرَع الْقُلُوب بِأَهْوَالِهَا {5} فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ "فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ" بِالصَّيْحَةِ الْمُجَاوِزَة لِلْحَدِّ فِي الشِّدَّة {6} وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ "وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَر عَاتِيَة" قَوِيَّة شَدِيدَة عَلَى عَادٍ مَعَ قُوَّتهمْ وَشِدَّتهمْ {7} سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ "سَخَّرَهَا" أَرْسَلَهَا بِالْقَهْرِ "عَلَيْهِمْ سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام" أَوَّلهَا مِنْ صُبْح يَوْم الْأَرْبِعَاء لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّال وَكَانَتْ فِي عَجُز الشِّتَاء "حُسُومًا" مُتَتَابِعَات شُبِّهَتْ بِتَتَابُعِ فِعْل الْحَاسِم فِي إعَادَة الْكَيّ عَلَى الدَّاء كَرَّة بَعْد أُخْرَى حَتَّى يَنْحَسِم "فَتَرَى الْقَوْم فِيهَا صَرْعَى" مَطْرُوحِينَ هَالِكِينَ "كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز" أُصُول "نَخْل خَاوِيَة" سَاقِطَة فَارِغَة {8} فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ "فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة" لَا تَرَى لَهُمْ بَاقِيَة |
|
12-12-2011 | #306 |
|
{9} وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ "وَجَاءَ فِرْعَوْن وَمَنْ قَبَله" أَتْبَاعه وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الْبَاء أَيْ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة "وَالْمُؤْتَفِكَات" أَيْ أَهْلهَا وَهِيَ قُرَى قَوْم لُوط "بِالْخَاطِئَةِ" بِالْفِعْلَاتِ ذَات الْخَطَأ {10} فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً "فَعَصَوْا رَسُول رَبّهمْ" أَيْ لُوطًا وَغَيْره "فَأَخَذَهُمْ أَخْذَة رَابِيَة" زَائِدَة فِي الشِّدَّة عَلَى غَيْرهَا {11} إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ "إنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء" عَلَا فَوْق كُلّ شَيْء مِنْ الْجِبَال وَغَيْرهَا زَمَن الطُّوفَان "حَمَلْنَاكُمْ" يَعْنِي آبَاءَكُمْ إذْ أَنْتُمْ فِي أَصْلَابهمْ "فِي الْجَارِيَة" السَّفِينَة الَّتِي عَمِلَهَا نُوح وَنَجَا هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا وَغَرِقَ الْآخَرُونَ {12} لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ "لِنَجْعَلهَا" أَيْ هَذِهِ الْفَعْلَة وَهِيَ إنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ "لَكُمْ تَذْكِرَة" عِظَة "وَتَعِيهَا" وَلِتَحْفَظهَا "أُذُن وَاعِيَة" حَافِظَة لِمَا تَسْمَع {13} فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ "فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور نَفْخَة وَاحِدَة" لِلْفَصْلِ بَيْن الْخَلَائِق وَهِيَ الثَّانِيَة {14} وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً "وَحُمِلَتْ" رُفِعَتْ "الْأَرْض وَالْجِبَال فَدُكَّتَا" دُقَّتَا {15} فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ "فَيَوْمئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة" قَامَتْ الْقِيَامَة {16} وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ "وَانْشَقَّتْ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ وَاهِيَة" ضَعِيفَة {17} وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ "وَالْمَلَك" يَعْنِي : الْمَلَائِكَة "عَلَى أَرْجَائِهَا" جَوَانِب السَّمَاء "وَيَحْمِل عَرْش رَبّك فَوْقهمْ" أَيْ الْمَلَائِكَة الْمَذْكُورِينَ "يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة" مِنْ الْمَلَائِكَة أَوْ مِنْ صُفُوفهمْ {18} يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ "يَوْمئِذٍ تُعْرَضُونَ" لِلْحِسَابِ "لَا تَخْفَى" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "مِنْكُمْ خَافِيَة" مِنْ السَّرَائِر {19} فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَيَقُول" خِطَابًا لِجَمَاعَتِهِ لِمَا سُرَّ بِهِ "هَاؤُمُ" خُذُوا "اقْرَءُوا كِتَابِي" تَنَازَعَ فِيهِ هَاؤُمُ وَاقْرَءُوا {20} إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ "إنِّي ظَنَنْت" تَيَقَّنْت {21} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ "فَهُوَ فِي عِيشَة رَاضِيَة" مَرْضِيَّة {23} قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ "قُطُوفهَا" ثِمَارهَا "دَانِيَة" قَرِيبَة يَتَنَاوَلهَا الْقَائِم وَالْقَاعِد وَالْمُضْطَجِع {24} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ فَيُقَال لَهُمْ "كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا" حَال أَيْ مُتَهَنِّئِينَ "بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّام الْخَالِيَة" الْمَاضِيَة فِي الدُّنْيَا {25} وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ "وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِشِمَالِهِ فَيَقُول يَا" لِلتَّنْبِيهِ {27} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ "يَا لَيْتَهَا" أَيْ الْمَوْتَة فِي الدُّنْيَا "كَانَتْ الْقَاضِيَهْ" الْقَاطِعَة لِحَيَاتِي بِأَنْ لَا أُبْعَث {29} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ "هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ" قُوَّتِي وَحُجَّتِي وَهَاء كِتَابِيَهْ وَحِسَابِيَهْ وَمَالِيَهْ وَسُلْطَانِيَهْ لِلسَّكْتِ تَثْبُت وَقْفًا وَوَصْلًا اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ الْإِمَام وَالنَّقْل وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا وَصْلًا {30} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ "خُذُوهُ" خِطَاب لِخَزَنَةِ جَهَنَّم "فَغُلُّوهُ" اجْمَعُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقه فِي الْغُلّ {31} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ "ثُمَّ الْجَحِيم" النَّار الْمُحْرِقَة "صَلُّوهُ" أَدْخِلُوهُ {32} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ "ثُمَّ فِي سَلْسَلَة ذَرْعهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا" بِذِرَاعِ الْمَلَك "فَاسْلُكُوهُ" أَدْخِلُوهُ فِيهَا بَعْد إدْخَاله النَّار وَلَمْ تَمْنَع الْفَاء مِنْ تَعَلُّق الْفِعْل بِالظَّرْفِ الْمُتَقَدِّم |
|
12-12-2011 | #307 |
|
[SIZE=20px]الحاقة [/SIZE] {35} فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ "فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْم هَاهُنَا حَمِيم" قَرِيب يَنْتَفِع بِهِ {36} وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ "وَلَا طَعَام إلَّا مِنْ غِسْلِين" صَدِيد أَهْل النَّار أَوْ شَجَر فِيهَا {37} لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ "لَا يَأْكُلهُ إلَّا الْخَاطِئُونَ" الْكَافِرُونَ {38} فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ "فَلَا" زَائِدَة "أُقْسِم بِمَا تُبْصِرُونَ" مِنْ الْمَخْلُوقَات {39} وَمَا لَا تُبْصِرُونَ "وَمَا لَا تُبْصِرُونَ" مِنْهَا أَيْ بِكُلِّ مَخْلُوق {40} إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ "إنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "لَقَوْل رَسُول كَرِيم" أَيْ قَالَهُ رِسَالَة عَنْ اللَّه تَعَالَى {42} وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ "وَلَا بِقَوْلِ كَاهِن قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء فِي الْفِعْلَيْنِ وَمَا مَزِيدَة مُؤَكَّدَة وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ آمَنُوا بِأَشْيَاء يَسِيرَة وَتَذْكُرُوهَا مِمَّا أَتَى بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَيْر وَالصِّلَة وَالْعَفَاف فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا {43} تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ بَلْ هُوَ "تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ" {44} وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ "وَلَوْ تَقَوَّلَ" أَيْ النَّبِيّ "عَلَيْنَا بَعْض الْأَقَاوِيل" بِأَنْ قَالَ عَنَّا مَا لَمْ نَقُلْهُ {45} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ "لَأَخَذْنَا" لِنَلِنَا "مِنْهُ" عِقَابًا "بِالْيَمِينِ" بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَة {46} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ "ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِين" نِيَاط الْقَلْب وَهُوَ عِرْق مُتَّصِل بِهِ إذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبه {47} فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ "فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد" هُوَ اسْم مَا ومِنْ زَائِدَة لِتَأْكِيدِ النَّفْي ومِنْكُمْ حَال مِنْ أَحَد "عَنْهُ حَاجِزِينَ" مَانِعِينَ خَبَر مَا وَجُمِعَ لِأَنَّ أَحَدًا فِي سِيَاق النَّفْي بِمَعْنَى الْجَمْع وَضَمِير عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَا مَانِع لَنَا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْعِقَاب {48} وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ "وَإِنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن {49} وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ "وَإِنَّا لَنَعْلَم أَنَّ مِنْكُمْ" أَيّهَا النَّاس "مُكَذِّبِينَ" بِالْقُرْآنِ وَمُصَدِّقِينَ {50} وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ "وَإِنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "لَحَسْرَة عَلَى الْكَافِرِينَ" إذَا رَأَوْا ثَوَاب الْمُصَدِّقِينَ وَعِقَاب الْمُكَذِّبِينَ بِهِ {51} وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ "وَإِنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "لَحَقّ الْيَقِين" أَيْ الْيَقِين الْحَقّ {52} فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ "فَسَبِّحْ" نَزِّهْ "بِاسْمِ" الْبَاء زَائِدَة "رَبّك الْعَظِيم" سُبْحَانه [SIZE=20px]المعارج [/SIZE] {1} سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ سُورَة الْمَعَارِج [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا أَرْبَع وَأَرْبَعُونَ آيَة ] "سَأَلَ سَائِل" دَعَا دَاعٍ {2} لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ "لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِع" هُوَ النَّضْر بْن الْحَارِث قَالَ "اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ" الْآيَة {3} مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ "مِنْ اللَّه" مُتَّصِل بِوَاقِعِ "ذِي الْمَعَارِج" مَصَاعِد الْمَلَائِكَة وَهِيَ السَّمَاوَات {4} تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ "تَعْرُج" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "الْمَلَائِكَة وَالرُّوح" جِبْرِيل "إلَيْهِ" إلَى مَهْبِط أَمْره مِنْ السَّمَاء "فِي يَوْم" مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ أَيْ يَقَع الْعَذَاب بِهِمْ فِي يَوْم الْقِيَامَة "كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة" بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَافِر لِمَا يَلْقَى فِيهِ مِنْ الشَّدَائِد وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيَكُون أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة مَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث {5} فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا "فَاصْبِرْ" وَهَذَا قَبْل أَنْ يُؤْمَر بِالْقِتَالِ "صَبْرًا جَمِيلًا" أَيْ لَا جَزَع فِيهِ {6} إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا "إنَّهُمْ يَرَوْنَهُ" أَيْ الْعَذَاب "بَعِيدًا" غَيْر وَاقِع {7} وَنَرَاهُ قَرِيبًا "وَنَرَاهُ قَرِيبًا" وَاقِعًا لَا مَحَالَة {8} يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ "يَوْم تَكُون السَّمَاء" مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيره يَقَع "كَالْمُهْلِ" كَذَائِبِ الْفِضَّة {9} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ "وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ" كَالصُّوفِ فِي الْخِفَّة وَالطَّيَرَان بِالرِّيحِ {10} وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا "وَلَا يَسْأَل حَمِيم حَمِيمًا" قَرِيب قَرِيبه لِاشْتِغَالِ كُلّ بِحَالِهِ |
|
12-12-2011 | #308 |
|
[SIZE=20px]المعارج [/SIZE] {11} يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ "يُبَصَّرُونَهُمْ" أَيْ يُبْصِر الْأَحْمَاء بَعْضهمْ بَعْضًا وَيَتَعَارَفُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة "يَوَدّ الْمُجْرِم" يَتَمَنَّى الْكَافِر "لَوْ" بِمَعْنَى أَنْ "يَفْتَدِي مِنْ عَذَاب يَوْمئِذٍ" بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْحهَا {12} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ "وَصَاحِبَته" زَوْجَته {13} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ "وَفَصِيلَته" عَشِيرَته لِفَصْلِهِ مِنْهَا "الَّتِي تُئْوِيهِ" تَضُمّهُ {14} وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ "وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيه" ذَلِكَ الِافْتِدَاء وَالْجُمْلَة عَطْف عَلَى يَفْتَدِي {15} كَلَّا إِنَّهَا لَظَى "كَلَّا" رَدّ لِمَا يَوَدّهُ "إنَّهَا" أَيْ النَّار "لَظَى" اسْم لِجَهَنَّم لِأَنَّهَا تَتَلَظَّى أَيْ تَتَلَهَّب عَلَى الْكُفَّار {16} نَزَّاعَةً لِلشَّوَى "نَزَّاعَة لِلشَّوَى" جَمْع شَوَاة وَهِيَ جِلْدَة الرَّأْس {17} تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى "تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى" عَنْ الْإِيمَان بِأَنْ تَقُول : إلَيَّ إلَيَّ {18} وَجَمَعَ فَأَوْعَى "وَجَمَعَ" الْمَال "فَأَوْعَى" أَمْسَكَهُ فِي وِعَائِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّه مِنْهُ {19} إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا "إنَّ الْإِنْسَان خُلِقَ هَلُوعًا" حَال مُقَدَّره وَتَفْسِيره {20} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا "إذَا مَسَّهُ الشَّرّ جَزُوعًا" وَقْت مَسّ الشَّرّ {21} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا "وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْر مَنُوعًا" وَقْت مَسّه الْخَيْر أَيْ الْمَال لِحَقِّ اللَّه مِنْهُ {22} إِلَّا الْمُصَلِّينَ "إلَّا الْمُصَلِّينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ {23} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ "الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتهمْ دَائِمُونَ" مُوَاظِبُونَ {24} وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ "وَاَلَّذِينَ فِي أَمْوَالهمْ حَقّ مَعْلُوم" هُوَ الزَّكَاة {25} لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ "لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم" الْمُتَعَفِّف عَنْ السُّؤَال فَيُحْرَم {26} وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ "وَاَلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّين" الْجَزَاء {27} وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ "وَاَلَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَاب رَبّهمْ مُشْفِقُونَ" خَائِفُونَ {28} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ "إنَّ عَذَاب رَبّهمْ غَيْر مَأْمُون" نُزُوله غَيْر مَأْمُون {30} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ "إلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ" مِنْ الْإِمَاء {31} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ "فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ" الْمُتَجَاوِزُونَ الْحَلَال إلَى الْحَرَام {32} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ "وَاَلَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ" وَفِي قِرَاءَة بِالْإِفْرَادِ : مَا ائْتَمَنُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْر الدِّين وَالدُّنْيَا "وَعَهْدهمْ" الْمَأْخُوذ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ "رَاعُونَ" حَافِظُونَ {33} وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ "وَاَلَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ" وَفِي قِرَاءَة بِالْجَمْعِ "قَائِمُونَ" يُقِيمُونَهَا وَلَا يَكْتُمُونَهَا {34} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ "وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتهمْ يُحَافِظُونَ" بِأَدَائِهَا فِي أَوْقَاتهَا {36} فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ "فَمَال الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلك" نَحْوك "مُهْطِعِينَ" حَال أَيْ مُدِيمِي النَّظَر {37} عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ "عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال" مِنْك " عِزِينَ" حَال أَيْضًا أَيْ جَمَاعَات حِلَقًا حِلَقًا يَقُولُونَ اسْتِهْزَاء بِالْمُؤْمِنِينَ : لَئِنْ دَخَلَ هَؤُلَاءِ الْجَنَّة لَنَدْخُلَنَّهَا قَبْلهمْ {39} كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ "كَلَّا" رَدْع لَهُمْ عَنْ طَمَعهمْ فِي الْجَنَّة "إنَّا خَلَقْنَاهُمْ" كَغَيْرِهِمْ "مِمَّا يَعْلَمُونَ" مِنْ نُطَف فَلَا يُطْمَع بِذَلِكَ فِي الْجَنَّة وَإِنَّمَا يُطْمَع فِيهَا بِالتَّقْوَى |
|
12-13-2011 | #309 |
مثلي قليل ≈
|
المعارج {40} فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ"فَلَا" لَا زَائِدَة "أُقْسِم بِرَبِّ الْمَشَارِق وَالْمَغَارِب" لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر وَسَائِر الْكَوَاكِب {41} عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ"عَلَى أَنْ نُبَدَّل" نَأْتِي بَدَلهمْ "خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" بِعَاجِزِينَ عَنْ ذَلِكَ {42} فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ"فَذَرْهُمْ" اُتْرُكْهُمْ "يَخُوضُوا" فِي بَاطِلهمْ "وَيَلْعَبُوا" فِي دُنْيَاهُمْ "حَتَّى يُلَاقُوا" يَلْقَوْا "يَوْمهمْ الَّذِي يُوعَدُونَ" فِيهِ الْعَذَاب {43} يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ"يَوْم يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَجْدَاث" الْقُبُور "سِرَاعًا" إلَى الْمَحْشَر "كَأَنَّهُمْ إلَى نُصُب" وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ الْحَرْفَيْنِ شَيْء مَنْصُوب كَعَلَمٍ أَوْ رَايَة " يُوفِضُونَ" يُسْرِعُونَ {44} خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"خَاشِعَة" ذَلِيلَة "أَبْصَارهمْ تَرْهَقهُمْ" تَغْشَاهُمْ "ذِلَّة ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ" ذَلِكَ مُبْتَدَأ وَمَا بَعْده خَبَر وَمَعْنَاهُ يَوْم الْقِيَامَة |
|
12-13-2011 | #310 |
مثلي قليل ≈
|
سُورَة نُوح [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا 28 أَوْ 29 آيَة ] {1} إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "أَنْ أَنْذِرْ" أَيْ بِإِنْذَارِ "قَوْمك مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيهِمْ" إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا "عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة {2} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ"قَالَ يَا قَوْم إنِّي لَكُمْ نَذِير مُبِين" بَيِّن الْإِنْذَار {3} أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ"أَنْ" أَيْ بِأَنْ أَقُول لَكُمْ {4} يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"يَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ" مِنْ زَائِدَة فَإِنَّ الْإِسْلَام يُغْفَر بِهِ مَا قَبْله أَوْ تَبْعِيضِيَّة لِإِخْرَاجِ حُقُوق الْعِبَاد "وَيُؤَخِّركُمْ" بِلَا عَذَاب "إلَى أَجَل مُسَمَّى" أَجَل الْمَوْت "إنَّ أَجَل اللَّه" بِعَذَابِكُمْ إنْ لَمْ تُؤْمِنُوا "إذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّر لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" ذَلِكَ لَآمَنْتُمْ {5} قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا"قَالَ رَبّ إنِّي دَعَوْت قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا" أَيْ دَائِمًا مُتَّصِلًا {6} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا"فَلَمْ يَزِدْهُمْ إلَّا فِرَارًا" عَنْ الْإِيمَان {7} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا"وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتهمْ لِتَغْفِر لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعهمْ فِي آذَانهمْ" لِئَلَّا يَسْمَعُوا كَلَامِي "وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابهمْ" غَطَّوْا رُءُوسهمْ بِهَا لِئَلَّا يُنْظِرُونِي "وَأَصَرُّوا" عَلَى كُفْرهمْ "وَاسْتَكْبَرُوا" تَكَبَّرُوا عَنْ الْإِيمَان {8} ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا"ثُمَّ إنِّي دَعَوْتهمْ جِهَارًا" أَيْ بِأَعْلَى صَوْتِي {9} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا"ثُمَّ إنِّي أَعْلَنْت لَهُمْ" صَوْتِي "وَأَسْرَرْت" الْكَلَام {10} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا"فَقُلْت اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ" مِنْ الشِّرْك {11} يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا"يُرْسِل السَّمَاء" الْمَطَر وَكَانُوا قَدْ مَنَعُوهُ "عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا" كَثِير الدُّرُور
{12} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا"وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّات" بَسَاتِين "وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا" جَارِيَة {13} مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا"مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا" أَيْ تَأْمُلُونَ وَقَار اللَّه إيَّاكُمْ بِأَنْ تُؤْمِنُوا {14} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا"وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" جَمْع طَوْر وَهُوَ الْحَال فَطَوْرًا نُطْفَة وَطَوْرًا عَلَقَة إلَى تَمَام خَلْق الْإِنْسَان وَالنَّظَر فِي خَلْقه يُوجِب الْإِيمَان بِخَالِقِهِ {15} أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا"أَلَمْ تَرَوْا" تَنْظُرُوا "كَيْفَ خَلَقَ اللَّه سَبْع سَمَوَات طِبَاقًا" بَعْضهَا فَوْق بَعْض {16} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا"وَجَعَلَ الْقَمَر فِيهِنَّ" أَيْ فِي مَجْمُوعهنَّ الصَّادِق بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا "نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْس سِرَاجًا" مِصْبَاحًا مُضِيئًا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ نُور الْقَمَر {17} وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا"وَاَللَّه أَنْبَتَكُمْ" خَلَقَكُمْ "مِنْ الْأَرْض" إذْ خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَم مِنْهَا {18} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا"ثُمَّ يُعِيدكُمْ فِيهَا" مَقْبُورِينَ "وَيُخْرِجكُمْ" لِلْبَعْثِ {19} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا"وَاَللَّه جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض بِسَاطًا" مَبْسُوطَة {20} لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا"لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا" طُرُقًا "فِجَاجًا" وَاسِعَة {21} قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا"قَالَ نُوح رَبّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا" أَيْ السَّفَلَة وَالْفُقَرَاء "مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَاله وَوُلْده" وَهُمْ الرُّؤَسَاء الْمُنَعَّم عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَوُلْد بِضَمِّ الْوَاو وَسُكُون اللَّام وَبِفَتْحِهِمَا وَالْأَوَّل قِيلَ جَمْع وَلَد بِفَتْحِهِمَا كَخُشْبِ وَخَشَب وَقِيلَ بِمَعْنَاهُ كَبُخْلِ وَبَخَل "إلَّا خَسَارًا"طُغْيَانًا وَكُفْرًا {22} وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا"وَمَكَرُوا" أَيْ الرُّؤَسَاء "مَكْرًا كُبَّارًا" عَظِيمًا جِدًّا بِأَنْ كَذَّبُوا نُوحًا وَآذَوْهُ وَمَنْ اتَّبَعَهُ {23} وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا"وَقَالُوا" لِلسَّفَلَةِ "لَا تَذَرُونَّ آلِهَتكُمْ وَلَا تَذَرُونَّ وَدًّا" بِفَتْحِ الْوَاو وَضَمّهَا "وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوث وَيَعُوق وَنَسْرًا" هِيَ أَسْمَاء أَصْنَامهمْ {24} وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا"وَقَدْ أَضَلُّوا" بِهَا "كَثِيرًا" مِنْ النَّاس بِأَنْ أَمَرُوهُمْ بِعِبَادَتِهِمْ "وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا ضَلَالًا" عَطْفًا عَلَى قَدْ أَضَلُّوا دَعَا عَلَيْهِمْ لَمَّا أُوحِيَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ {25} مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا"مِمَّا" مَا صِلَة " خَطَيَاهُمْ" وَفِي قِرَاءَة خَطِيئَآتِهِمْ بِالْهَمْزِ "أُغْرِقُوا" بِالطُّوفَانِ "فَأُدْخِلُوا نَارًا" عُوقِبُوا بِهَا عَقِب الْإِغْرَاق تَحْت الْمَاء "فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُون" أَيْ غَيْر "اللَّه أَنْصَارًا" يَمْنَعُونَ عَنْهُمْ الْعَذَاب {26} وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا"وَقَالَ نُوح رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا" أَيْ نَازِل دَار وَالْمَعْنَى أَحَدًا {27} إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا"إنَّك إنْ تَذَرهُمْ يُضِلُّوا عِبَادك وَلَا يَلِدُوا إلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا" مَنْ يَفْجُر وَيَكْفُر قَالَ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِيحَاء إلَيْهِ {28} رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا"رَبّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ" وَكَانَا مُؤْمِنَيْنِ "وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي" مَنْزِلِي أَوْ مَسْجِدِي "مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات" إلَى يَوْم الْقِيَامَة "وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا تَبَارًا" هَلَاكًا فَأُهْلِكُوا |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الفاتحة, تفير, صورة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 0 والزوار 19) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
برامج القران الكريم للجولات | عـــودالليل | …»●[قصايدليل لعالم الجوالات بجميع انواعها]●«… | 6 | 02-10-2009 05:32 PM |
ااسماء الله الحسنى | ضحكة خجوله | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 8 | 01-22-2009 08:13 PM |
هل أنت مؤدبٌ مع القرآن ؟؟ | احاسيس الغرام | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 6 | 11-16-2008 07:17 AM |
تعريف القرآن الكريم ووصفه | a7med | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 7 | 11-05-2008 07:57 AM |
عشرون معجزة من معجزات القرآن الكريم | بقايا الجرح | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 9 | 11-02-2008 09:51 PM |