![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… { .. حكاية تخطها أناملنا وتشويق مستمر .. } |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]() .:الجزء التاسع (9):.
تأنقت منال وبدت في منتهى الجمال حتى إن والديها نظرا إليها, وقالا: - ماشاء الله تبارك الله طالعة قمر اليوم. وهي همست لليال: - يارب بسام يشوفني مثلهم. فردت: - لا والله أحلى من القمر. بسم الله عليك. نزلتا إلى الحديقة. لم يختلف اثنان في ذلك اليوم على حسن منال. وعندما رآها بسام لم يسعفه الكلام للتعبير عن إعجابه بها, فقبل يدها وأفصح لها: - ماكنت أعرف أن الملايكة تمشي على الأرض. فعلا كان هذا هو الوصف الصائب. كان جاسر هو أيضا يريد أن يعبر عما تراه عيناه من جمال, لكن عيني منال لم تفارقا بسام. خلال الغداء, نادت السيدة نوارة ابنتيها. وإذا بالجد عادل يقول لحفيدته منال: - تعالي جنبي. أنتي اليوم ملكة. أنا بأكلك بيدي. لبت منال رغبته, وكانت تتصبب عرقا من الحياء. فهي في الرابعة عشرة من العمر ويطعمها جدها كأنها طفلة في الرابعة. وفيما الجميع يأكلون ويتبادلون الأحاديث القصيرة والتعليقات العابرة, وجه زوج السيدة سارة الكلام إلى السيد عادل: - وش ذا الدلع كله يا عمي؟ ترى بديت أغار منها, وليه ماتقعد بسام الجهة الثانية وتأكلهم هم الاثنين؟ ضحك الجد وقال: - ما أعتقد بسام غاير. أحب ما على قلبه أني أدلع منول, مو صح يا بسام؟ بدا ما جرى كأنه موافقة جماعية على حب منال وبسام. عندئذ أيقن جاسر أن منال ضاعت من يده, فانسحب وراحت غيوم الثأر تتلبد في صدره. انضم السيد أحمد إلى المجلس متأخرا لانهماكه بإنهاء صفقة مهمة. وما إن وصل حتى لاحظ اختفاء جاسر, فسأل عنه فأجابه السيد تركي بأنه مريض منذ الصباح, وقد ذهب ليأخذ قسطا من الراحة. لكن جاسر كان كالصقر يتابع فريسته من نافذة غرفته. وعندما حان موعد المغادرة همت السيدة سارة بالدخول إلى المنزل لتلقي التحية على والدها. في هذه الأثناء, تمنت منال على ليال أن تذهب إلى المنزل, وهي سترافق بسام إلى سيارته ثم تلحق بها. رفضت ليال, لكنها بعد إلحاح شقيقتها, خضعت لرغبتها وغادرت وهي تخطو خطوات متألمة كأنها تسير على الشوك. تمشي قليلا وتقف. ظل يدور في رأسها أن هناك شيئا نسيته, وأن عليها العودة إلى حيث أختها, لكنها أحست أنها تختلق الأعذار, فذهبت إلى المنزل وبقيت جالسة قرب النافذة منتظرة عودتها, وقلبها يدق كأنها ركضت عشرة كيلومترات خلال عشر ثوان. في الجانب الآخر, كانت منال تودع بسام: - أبي أطلب منك طلب. - سمي. - أحلف أنك بتوقف دايم جنب ليال وبتعقلها إذا انجنت كثير. أنت عارفها طيبة لكن متسرعة وعصبية. - وليه, أنتي غسلتي يدك منها خلاص؟ - لا والله صدق أحلف ريحني يا بسام. فحلف وقبل رأسها, وقال الكلمة التي ذهبت بها إلى البعيد: - أحبك يا منول. لم ترد من شدة الحياء ووقع المفاجأة, لكن عينيها كانتا تصرخان أنها هي أيضا متيمة به. في طريق العودة, أحست أن قلبها يرقص من شدة الفرح. كان منظر الشلال والأنوار المضيئة أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع. وقفت تتأمل المشهد البديع. لم تشعر أن أحدا واقف خلفها يتأمل جسدها, كأنه يلتهمه بعينيه, أو يهيء نفسه للانقضاض عليه. وإذا بصوت خافت يهمس "منال". كانت متأكدة أن هذا الصوت صوت أختها, فأحبت أن تلعب. فهرولت إلى الجهة الأخرى من الشلال, منادية "ليال". وفوجئت بجاسر يقف قبالتها وعيناه تقدحان شهوة حارقة, وقال بنبرة هي مزيج من الود المفتعل والمكر الخفي: - مانتي لحد في هالدنيا غيري. ولو فكرتي تكونين لغيري فموتك أهون. نظرت منال إليه وهي ترتعد خوفا: - بسم الله, أنت وش جابك هنا؟ أيش تبي مني؟ خليني أروح البيت واتعوذ من إبليس. - إبليس هو اللي يتعوذ مني الحين, ما حتكونين لبسام. فيكون بكيفك أحسن ما يكون غصب عنك. ما إن سمعت التهديد المباشر حتى رفعت يدها وصفعته: - غصب عني! أنت مجنون ... مجنون وخر عن طريقي. لم يرحمها جاسر, فحاول معانقتها وتقبيلها مدفوعا بالرغبة التي كانت تموج في عينيه الحمراوين وجسده. ![]() ![]() |
![]() |
#2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
•√♥ بقاياحلم ♥√•
|
![]() لم تستطع الإفلات من بين يديه القويتين, لكنها لم ترضخ, واستمرت في الممانعة.
وعندما عصيت عليه, طرحها أرضا, فأحست عندئذ, أن صوتها احتبس في صدرها, وبدأت حبيبات عرقها الغزير تغسل جسدها الذي أرغم على الاستسلام. شعرت أن مطرقة تدق على بطنها, وأن سكينا حادا يشق أحشاءها. وما هي إلا لحظات حتى ساد المشهد لون أحمر اختلط بمياه الشلال. كان كل شيء يتحرك تحركا قويا, والظلام يجري في عينيها, فتتعذر عليها الرؤية, والشلال يتدفق غامرا يدها اليسرى المتدلية إلى مجراه, كأنه يحاول جذبها إليه لاستكمال مهمة ذلك الوغد. تجمد جسدها الضعيف في مكانه, وظلت عيناها معلقتين بالسماء, ولبث الهواء يداعب فستانها الأبيض الممزق, ووجنتيها الشاحبتين إلى أن استعادت الوعي متأوهة بصوت خافت: - وخر عني ... وخر عني يا حيوان. خاف الجبان وفر هاربا إلى منزله وهو يحاول إنزال ثوبه, فاصطدم بجده الذي صرخ به: - من سوى كذا بثوبك؟ وش ذا الدم؟ أنت وش سويت؟ - سويت اللي أنت قلت لي عليه. - وش اللي قلت لك عليه؟ - أخذت من منال اللي أبيه. قال عبارته الأخيرة, وهو يشير نحو الشلال مستكملا لملمة ثوبه ومعاودة الفرار. لحق به الجد وأمسك بذراعيه وأخذ يهزه كي يفيق, وأمره: - أطلع غرفتك. أنت نايم من أكثر من ساعتين. فهمت. وأتحمم ولا تخلي أحد من الشغالين يشوفك. وغير ثوبك ولا تخليهم يغسلوه. ركض تركي صوب الشلال وهو يمشط المنطقة بعينيه كي يتأكد أن المكان خال وآمن. رأى منال ملقاة أرضا والدماء تنساب حولها, وسمع تمتمتها: - "جاسر ... جاسر". ثم بدأ صوتها يعلو شيئا فشيئا. عندما دنا منها, لفتته حركة مريبة في الحديقة, أو هكذا خيل إليه, فحدق جيدا فلم ير شيئا. وفيما يضع يده على فمها ويردد: "اسكتي ما هو بجاسر", وعاود استطلاع المكان بعينين حذرتين جاحظتين لعل أحدا رأى أو قد يرى وقائع الاعتداء الخسيس. كان متيقظا, ومضطربا, كما لو أنه يضمر أمرا, أو رغبة, أو شرا. وعندما سكتت تماما, انتبه إلى أنها لم تعد تتحرك, فأخذ يهزها من كتفيها, وينادي: - منال ... منال . ردي علي. ثم أفلتها, فهوت. استطلع المكان مجددا ثم أسرع إلى البيت, كأنه لم ير شيئا. لم يعرف شيئا. لم يفعل شيئا. هذا كله حدث, وليال تنتظر منذ أكثر من ساعة, عودة منال, والقلق يساورها, وألم شديد يجتاح بطنها. كانت تتطلع من النافذة نحو الحديقة عندما جاءت أمها, وسألتها: - حبيبتي وينها منال؟ فاستدارت والدموع على خديها: - ما أدري. راحت توصل بسام من ساعة ولسه ما رجعت. انقبض قلب الأم وهرولت إلى الخارج تنادي زوجها: - إلحق منال يا أحمد, إلحق منال. ركض الأب وراءها: - وش فيها منال؟ لكنها لم ترد, وأخذت تجري مسرعة ويلحق بها أحمد وليال, حتى وصلت إلى حيث ابنتها مسجاة والدماء على ساقيها, فجلست إلى جوارها واحتضنتها: - منال ... منال. ردي علي. مين اللي عمل فيك هيك؟ وأخذت تبكي وتولول وتسأل زوجها: - ليش ماعم ترد علي. كان أحمد قد أمسك بيد منال, فإذا هي باردة ثم جس رقبتها حتى يتحسس النبض. حين تأكد له أنها فارقت الحياة, غمر ابنته وزوجته معا. لم تصدق ليال ما يجري. ظنت أنها في كابوس. فكيف ستمضي بقية العمر وحيدة, بعد غياب نصف روحها, وشقيقتها التوأم؟ راحت تتحسس أختها, وتصرخ: - منال, منال ردي علي. أنا ليال. نظرت أمها إليها وقالت: - اسكتي. منال ما حترد علينا بقى. منال ماتت. مالت الأخت المفجوعة إلى أبيها, وقالت: - قول لي إنه مو صحيح. قول لي إنها تعبانة وبتطيب. لم ينطق الأب بكلمة. لقد أفقدته الصدمة القدرة على الكلام. علا النحيب وملأ أرجاء الحديقة وساد الحزن والدموع في مشهد جنائزي مفجع.
|
|
![]() ![]()
|