العقل يصبح مسلوباً لذلك الحب

حين يرقى الحب يرتقي التفكير وحين يرتقي التفكير يرقى الهدف وحين يرقى الهدف يرتقي العمل و يرتقي القول والكلام وحين يرتقوا جميعاً يرقى الإنسان إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم الإنسان عقل و جسد وقلب فغذاء العقل العلم و غذاء الجسد الطعام و الشراب و غذاء القلب الحب " فلنبدأ بغذاء القلب ألا وهو الحب إن القلب بحاجة للحب و هو مركز العواطف والمشاعر في الإنسان و غالباً ما تغلب العاطفة على العقل فإن كانت العاطفة التي يحملها القلب راقية و صالحة فإنها تدفع الإنسان إلى الأمام و إن كانت زائفة و مجرد انفعال فإنها تدفع الإنسان للقيام بأعمال يندم عليها فإن صلح القلب صلح الجسد وأفضل الخلق و حبيب الحق محمد صلى الله عليه و سلم يقول (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) فإذا غلب الحب على القلب فإن العقل يصبح مسلوباً لذلك الحب و نحن نبحث عن أرقى الحب فإن أرقى الحب هو حب الله عز و جل و حب نبيه محمد صلى الله عليه و سلم أنا أتكلم عن الحب بكل معانيه و ليس مجرد كلام أني أحب الله و رسوله فقط ... بل أتكلم عن حبٍ ينغرس في القلب و يصبح قلبك ينبض حباً لله و تبدأ تبحث عن أمور ترضي حبيبك و هو الله عز وجل و تتفانى بأعمال وعبادات ليرضى عنك الباري عز وجل لأنك تحبه قال تعالى (( ..يحبهم و يحبونه.. )) و هذا الحب الراقي يترجمه العقل أفكاراً راقية لتخدم هذا الحب و يترجمه اللسان كلاماً راقيا ليخدم حبه المتأصل في قلبه و تترجمه اليد فعلاً يرضي حبيبه و تترجمه العين دمعة ونظرة متفكرةً في الكون فيرى في جمال الكون خالقه هكذا نجد أن أول من يترجم هذا الحب هو العقل فكلما كان الحب أرقى كان التفكير أرقى وأرقى الحب هو حب الله عز وجل و بالتالي فإن أرقى تفكير هو تفكير من يحب الله فنجد أن الإنسان العارف بالله المحب له يبتعد بتفكيره عن الأمور الثانوية السخيفة و لا يفكر بها هكذا نجد كيف يرقى هدف الإنسان حين يرقى بطريقة تفكيره الناتجة عن رقي حبه فكلماً كان تفكير الإنسان أسمى و أرقى كان هدفه راقياً و كلما كان هدف الإنسان أرقى و أكبر أمده الله بقوة أكثر و طبعاً حين ينشغل العقل بهدف راقي يبدأ بالبحث عن طريقة لتحقيق هدفه ... و كلما كان إيمان الإنسان بهدفه أكبر يبدأ بالبحث عن أعمال تخدم هدفه ويحول العمل العادي إلى عمل راقي يخدم هدفه و بأي المجالات كان يحاول أن يحقق هدفه بشتى الوسائل فتتسم أعماله بالإتقان والإبداع لأن له هدف من وراء ذلك و بالتالي نجد فيه كلامة الدقة والرقي بالألفاظ فلا يتكلم بالأمور التي لا قيمة لها بل يتكلم الكلمة الصحيحة بمعناها الصحيح بوقتها الصحيح بمكانها الصحيح لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أننا كيف نصل لحب الله ؟!.. قال تعالى في الحديث القدسي من تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولةً العبادة.... نعم هي الحل الوحيد التقرب إلى الله بالعبادات كلها وبحسن الخلق وفعل ما يرضي الله والابتعاد عما نهى عنه هذا كله يبعث حب الله في القلب وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكيّس من دان نفسه) علينا ان نحاسب أنفسنا دائماً ونعرف ما السلبيات وما الإيجابيات في شخصيتنا فنعزز الإيجابيات ونحاول القضاء على السلبيات حتى نحصل في النهاية على شخصية راقية بكل معنى الكلمة