|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
فِي آخرُ الليل ، السماءُ صافيـة و الجوُ مُعتدِل مائِل للبرُودة. وهذا لايهُم ما يهُم جسدٌ بارد و قلبٌ مائِل للحُرقة و الأجواءِ بين أجزاءِ جسده ليست بصافية وجدًا. سلَّم على خالِها الأصغر : السلام عليكم : وعليكُم السَلام .. حياااك تفضَل يوسف دخَل مُتنهِدًا ليجلس في غيابْ الكثير ، الهدُوء يخيِّم على هذا البيتْ. الخالُ الصغير يسكبُ له من القهوة ليمدُها له : شلونك ؟ بشِّرنا عن أحوالك يُوسف بإبتسامة : الحمدلله أحوالنا تسرِّك ، أنتم بشرونا ؟ : أبد بخير ، بعد دقائِق طويلة تبادلُوا بها الأحاديثِ الوديـة حتى هبط الصمتُ عليهُم ، ليقطعه الشابُ الثلاثيني بحسبِ توقعات يُوسف : أنادي مُرتك ؟ يُوسف : ياليت والله لأني برجع الرياض : أفآآ يا ذا العلم .. أنت ريِّح اليوم وبُكرا إن شاء الله تسرِي يُوسف ويبحث عن حجَّة : مقدر والله عندي ظرف في البيت مقدر أطوِّل بإستسلام : بيزعلون عليك *قاصِدًا أخوانه الكبار* أبتسم : البركة فيك وقف بإبتسامة : بروح أناديها لك دخَل لتسقُط عيناه عليها خارجة من المطبخ : مُهرة ... يوسف بالمجلس شعرت وكأن قلبُها يسقط في بطنها و يُجاور جنينها ، أخذت نفسًا عميق : طيب ، لم تتوقع بهذه السرعة سيأتيها ، لم تتوقع أبدًا بأنه يتنازل ويأتيها. : وشو طيب .. يالله لا تصيفين عليه وأنا بصعد أشوف أمك ولا مجال حتى للنقاش وهي تراهُ يصعد تاركها في ليلةٍ كهذه لا أحد هُنا ينظرُ لفضيحة عينيْها. أقتربت من باب المجلس ، وضعت كفَّها على المقبض ، بلعت ريقها بل بلعت كلماتٌ متراكمة. تخاف؟ لا أكذبُ على نفسي وأخدعها بغير ذلك ! فتحتهُ لتلتقي عينه بعينها. يُوسف وقف و سُرعان ما أستقرت نظراتُه على بطنها الذِي لايتضحُ به معالم الحمل ولكن الشعُور النفسي فوق أيّ إعتبار. مُهرة بهدُوء : السلام عليكم يُوسف : وعليكم السلام . . بدأت أصابُعها مُتشابكة و بينهما خطواتِ مُرتبكة ، يُوسف بتنهيدة : روحي حضرِي نفسك بنمشي الرياض الحين مُهرة أخفت ربكتها لتُردف : عندي مواعيد كثيرة هنا .. مقدر يُوسف بحدة : عسى بس الرياض تشكِي فقر العيادات ؟ لا تأخريني أكثر مُهرة بهدُوء : مـ ... قاطعها دخُول أم مُهرة ، لا إراديًا أبتسم .. " هلا هلا " أقترب منها وقبَّل رأسها : هلا والله .. مشتاق لك أم مُهرة : هلابك ، والله عاد العتب عليك مخلي مرتك هنا ومعشعش عند أهلك يُوسف ضحك ليُردف : بشريني عن أحوالك ؟ أم مُهرة : الحمدلله حالنا يسرِّك يُوسف جلس ليُردف : جايْ آخذ مُهرة أم مُهرة : حلالك محنا بقايلين شي يُوسف أبتسم ليرفع عينه : بسولف مع طويلة العمر ماعلى تجهزين نفسك مُهرة بضيق : يمه تدرين أنه عندي مواعيد و مقدر .. يعني قاطعتها والدتها : تشوفين مواعيدتس بالرياض مُهرة : مقدر يمه والدتها بعصبية : وش اللي ماتقدرين عليه !! مُهرة خرجت لتغلق الباب بقوة مُعبرة عن غضبها ، صعدت للأعلى وهي تشتمُ كل شيء في هذا الكون. والدتها بتغيُر النبرة الفظيع : وشلون أختك المعرسة ؟ ، يمرُ الوقت ، يمرُ العُمر ونحنُ العُشاق ننتظِر على مشارِف الموت. من يُطلقنا للحياة و يثقبُ ما بقيَ منَّـا ؟ يثقبُه إننا لا نُريد بعضُنا الملتصق بنا. المُتشبثُ بلا رحمة يجرُّنا للهاويـة. تمُر الأيام و سماءُ الرياض على حالها لا تبكينا ، تمُر الأيام و باريس لا تعطفُ علينا ، تمُر الآيام و مثل الأيام. لا شيء يُخبرنا أننا بخير. لا شيء يعنينا ولا شيء بات يهمُنا. نحنُ نُفكِر الآن كيف نمُوت بطريقةٍ سلمية ؟ في إحدى مُستشفياتِ الرياض ، الطابقُ الأول حيثُ يستديرُ القلبُ يسارًا و من ثُم ممرٌ موحش حتى تلتقي الأعيُن بزُجاجٍ فاصِل يهمسُ لنا قبل الدخول " أنتبه! هُناك أحدٌ يهمُه أمرك " مُمسكِ يدّ والده الباردة بين يديْه الدافئة وعيناه تتأملُه بضعفٍ شديد ، أُفكِر كيف الحياة دُون والدِي ؟ أشعرُ بالجنُون ! حياتِي تشعرُ بالخواء لمُجردِ التفكير بأن لا أحد بقيْ سوَى والدِي و عبدالعزيز. وهذا هو عبدالعزيز يرحلُ لجهنمِ الدُنيا بإبتسامة واسعة. لا أحد يرحمُني من هذا الغياب ! أُريد أن أصرخ إن حياتكم لا تعنيكم وحدكم ، إن حياتكم تعنيني أنا أيضًا ، تعني من يُحبكم ! إن نويتُم الرحيل فكرُوا بنا ، نحنُ المُعلقين على مشجبِ حياتكم ، وأنا أشهدُ بالثلاثة أنَّ نيتكُم فاسِدة لاتمتُ للعقلِ بصلة يا أنتم يا من أحببتُهم وكانوا أناسًا متهورين متذبذبين أنانيين. يالله أرحمنِي من غباءِ عبدالعزيز إنِي لا أتحملُ غيابه ، وأرحمنِي من إستسلام والدِي إني لا أتحملُ فقده. أخبرته مرارًا أنك كبرت يا والدِي ، كبرت على القيادة ويجب أن يأتيك سائِقًا كجميع الرجال في عُمرك ، إن أمتنعت عن القيادة أخبرنِي أنا أقُودك ، أنا أفعلُ كل شيء تريده. إنه إبنك الذي يجلس أمامك الآن ، إنه إبنك التي تُناديه بين ضحكاتِك " نويصر ووجع " ما عاد له قوة حتى يتحمل أكثر تهوراتِ من يُحب. حتى " الوجع " الذي تقوله بعد إسمِي أشعرُ بأنه أتى كُدعاء وألتصق بيْ ، حياتِك يا أبِي لاتعنيك وحدِك ، من خلفك إبنٌ يبكِي حضُورك وأنت أمامه. أرجُوك يالله لا ترني به مكروهًا. ، لم تراه منذُ أن أستنشقتْ به هواء باريس ، في المقهى يجتمعن ثلاثتهن وسط أحاديثُ رتيل و ضي و هدُوء عبير. لا تُخفي إشتياقها و لهفتها لرؤيته ولكن كانت تُخطط كيف تُهينه باولِ حديثٍ لها ، تخجلُ من أنها تُخطط على الإهانة قبل وقوعها في وقتٍ تجد أن عبدالعزيز لا يُخطط وهو الذِي يكسبُ دائِمًا في حصارها بشتائمه المُبطنَّـة. ضي : لآ بـ كَانْ بتكون ، بس لازم نخليها تزورنا هنا إذا ما طلعنا من باريس رتيل : أنا قلت لها أصلاً إذا خلصتِي بدرِي تعالي باريس ولاتجلسين هناك ضي بإبتسامة : طيب وش رايكم نطلع ، طفشت من الجلسة رتيل تنظرُ للباب الذِي يُدلف : أبوي جاء ضي ألتفتت لتضحك عيناها بمُجرد أن رأته ، أقترب منهم : خلصتُوا ؟ رتيل : كلها كم محل بس عبدالرحمن يتأملُ الأكياس الكثيرة بدهشة : كل هذا وكم محل !! رتيل أبتسمت : لا تنسى أن أسواق الرياض ما طبيناها صار لنا قرن عبدالرحمن أبتسم : طيب ، بتكملون يعني تسوّق ؟ لأن عندي شغل الحين عبير : أنا ودي أرجع الشقة تعبت وأبي أنام ضي : دام كذا خلاص نرجع كلنا ونطلع العصر رتيل : أنت بتطوّل يبه ؟ عبدالرحمن : لآ مو مرة بس أوصلكم وبعدها ماتطلعون رتيل تنظرُ لنافذة المقهى الزُجاجية لتقع عيناها عليه ، هذا ظهرُه وطوله. على بُعدِ مسافةِ طويلة واقف ومُعطي المقهى ظهره. تعلقت عيناها حتى أنتبه لها والدها و ليس هو فقط. بل ضي وعبير أيضًا. عبدالرحمن تنهَّد : يالله خلونا نمشي رتيل بلعت ريقها لتأخذُ حقيبتها وبعضُ الأكياس ، خرجُوا ليلتفت عبدالعزيز لهُمَا وهو الذِي يحسب بأنَّ الخارج عبدالرحمن فقط بعد أن أخبره بأنه سيتطمئن عليهم ويتجهون للتخطيط للعمل. تعلقت عيناه بعينِ رتيل ، تجاهل والدها وغضبه الذِي سيحدثُ من وقع نظراته ، أطال نظره لتُشتت الأخرى نظراتها ، أعطتهُ درسًا في شراسةِ العيُون ، أعطتُه جوابًا للحُبِ من نظراتٍ حادة عنيفة لا تخرجُ من رقيقة كـ رتيل ولكن خرجت بعنفوان ولا أحد يجرؤ أن يسأل عن أسبابها. في جهةٍ كانت نظراتُ عبدالعزيز تحملُ شيئًا مُبهم كأنه رأى قطعةً بعد أن فقدها لفترةٍ زمنية طويلة ، كأنه رأى شيئًا غريبًا يتملك قلبه اللهفة بأن يُطيل النظر ويفهمه. مُقاطعًا كل تصوراته : نوصلهم وبعدها نروح . . عبدالعزيز لم ينطق بكلمة ، تنفس بعُمق ليخرُج بخارٌ أبيض من بين شفتيْه يُبرهن على برودةِ الأجواء في مثل هذا الوقت من السنة. سارُوا على الرصيف والفندق قريبٌ جدًا ، كانت خلفه تماما ، يشعرُ بخطواته ، يكاد يتعلمُ فراسة الخطواتِ أيضًا من صخبِ هذه الأقدام ، هي تسيرُ بين جسديْن ، بين ضيء و عبير ، يفهمُ جيدًا طريقة عبدالرحمن في التناقض ، لا يرضى بأحدٍ مهما كان أن يرى بناته والآن زوجته ولكن يرضاها عليْ ، يعتبرني إبنه لدرجة أخجل بها من نفسِي ، أخجل والله أن أرى هذا اللطف بعد أن أعتدتُ الجفاف. نفث أفكاره ليقف أمام الفندق وينظرُ لسيرها المُرتبك للداخل. ، دخَل مبنى عملِه بثوبِه الأبيض الأنيق و الشماغ الأحمر يأخذُ وضعيته في الجمال الشرقي ، عوارِضه الخفيفة تتكاثرُ حول فمِه لتكُن سكوكة " تسرُ الناظرين " ، كل من يمرُ بجانبه يُصبِّح عليه ليُبادره بإبتسامة و يدخل مكتبه : وين أحمد ؟ متعب يضع الملف على الطاولة : راح يشوف المتدربين الجدد ، أمس رائد الجوهي سافر ومعه ولده بس غيَّر وجهته ، راح باريس رفع حاجب الإستنكار : غريبة ! هالولد اللي مستتر عليه من عيوننا دايم ليه يبي يظهره الحين ! متعب : فيه شخص ثاني ماكان واضح شكله لأن معطي الكاميرا ظهره بس كان يقُول أنه أبوه يبي يعرِّف فارس على صالح سلطان شد على شفتيْه : يعرفه ؟ متعب : إيه كذا سمعته يقول ، بس أكيد فارس مايدري عن شي لأن عازله بشكل كلي سلطان : طيب أرسل صورته لعبدالعزيز و انا بكلم بوسعود متعب : إن شاء الله .. تآمر على شي ثاني ؟ سلطان : لأ .. خرج متعب من جهة و بدأ هو بالتفكير بموضوع فارس ، لِمَ في هذا الوقت بالذات يُقحمه بعمله ؟ ماذا يُريد أن يصِل إليْه ؟ فارس شاب والأكيد أنه لايعرفُ الكثير عن عمل والده ! بماذا يُفكِر هذا الرجل ؟ أريد ان أفهم فقط بماذا يُفكر !! مجنون حتى تصرفاته باتت تُصبح محل غباء. أشتغلت أصابعه الموسيقية بالطرق على الطاولة و أفكارُه تتداخل ، لو جعلنا رائِد يشكُ في رجاله ماذا سيفعل ؟ إن جعلناه يُفكر بوسوسة إتجاه إبنه !! بالطبع سيلجأ لصالح بأنه الرجُل المناسب ومحلُ الثقة ضحك ليُردف : جبتها يا ولد بدر ..... وقف مُتجهًا لغُرفة المراقبة و تخطيطات كثيرة تلتهمُ عقله في مثل هذه اللحظات ، متعب وقف بمُجرد أن رآه سلطان : شغِّل الكاميرات اللي حول بيت رائد متعب فتح هذه الكاميرا على الشاشة الرئيسية التي تتوسطُ بقية الشاشات : هذا البيت اللي قدامه مين له ؟ متعب : أظن تابع له سلطان : شف أبيك تتأكد لي من البيت اللي قدامه و كل خدمه تجيب لي أسمائهم ، خصوصا الحرس اللي عند الباب أبي أعرفهم واحد واحد. متعب : إن شاء الله سلطان أخذ ورقة و قلم ليكتب : شغل مخك شوي معي أبيك تحفظ كل كلمة متعب بتوتر وهو من النوع الذِي إذا قيل له " ركِّز " يفقد كل تركيزه : طيب سلطان : عند الباب الرئيسي أبيك تحذف من كاميرات المراقبة الصغيرة ، أبيها محروقة بس بدون لحد ينتبه لك ، وبعدها بتروح لأيّ بقالة وتطلب منه تكلم من تليفونه .. إلى الآن فاهم ؟ متعب : إيه سلطان : تتصل على هالرقم *كتب له بالورقة رقم مُحدد* و تقول بالحرف الواحد روسيا ما تصلح لك .. وش تقوله ؟ متعب بربكة كبيرة : روسيا ما تصلح لك سلطان : بعدها تقول لأحمد يكلِّم الشباب هناك أنهم يراقبون رائد ويصيرون له مثل ظله بتمتمة أردف : أنا أخليه برجوله يجينا ، بردٌ يا أسطنبُول و رقصُ لا يهدأ على أوتارِ فتنتِك ، الغيمُ يثقل في سماءِك و أنباءٌ عن أمطارِك الملوَّنة ، اللغةِ تتغنجُ من المارَّة و تسلبُ السمع لينحصِر به ، هذه المدينـة مُتخمة بالأثار المُمتدة لثلاثِة عصُور عاصرتها بإختلافاتها وتناقُضاتها ، هي التي تملكُ التفرد وتجمعُ بين قارتين بجسرِ البوسفور ، مدينة عملاقة و فخمة منذُ سلالات العهدُ الروماني حتى أتى محمدُ الفاتح. تسيرُ بجانبه في إحدى أكثر شوارع أسطنبُول إزدحامًا " شارعُ إستقلال " ، لم تُناقشه بشيء مُهم أو حتى حديثٌ مطوَّل تشعرُ بأنه مغصُوب رُغم انه يغيِّر رأيها بسرعة إن باغتها بسؤالٍ ودِي أو حديثٍ حميمي يكسرُ أفكارها. أحاولُ جاهدةً أن أفهمك يا ريّـان ، صبيةٌ مثلي لم تعتاد أن ترى الرجال كثيرًا حين أخبروها أنَّ هُناك رجلاً سيتزوجها وقعت في حُبه دون أن تراه لأنها كانت في حاجةٍ ماسة بأن تكسُر عينها برجلٍ غير أقرباءها. رُبما أنا لا أُحبك ولكن . . لا أفهم حتى شعُوري إتجاهُك ولكن الحياةُ معك ستجعلني أعرفُ تحديدًا من أنا و ماهو قلبي. ريـان : بردتي ؟ ريم : لا بالعكس الجو حلو ريان غرقت عيناه في جنباتِ الطريق حيثُ الرسامُون و العازفُون و حتى الواشمُون ومن فوق المحلاتِ الموسيقى تصخبُ بالأندية الليلية. مرّ شابٌ سكران بجانبها جعلها تمسكُ ذراع ريـان بشدَّة ، ألتفت عليْها بعد ان قطعت سرحانه : وش فيك ؟ ريم بحرج أبعدت يدها : لآ بس مر واحد شكله شارب ... ماأحب الأماكن الضيقة ريّان خلخل أصابع كفِّه الأيمن بكفِّها اليُسرى ليخرُج من الطريق : نجلس يومين هنا ونروح بورصة ؟ وش رايك ؟ ريم : ما قد جيت تركيا ماأدري اللي تشوفه ريَّان : بورصة أهدى و طبيعة أكثر ريم بإبتسامة : اللي تشوفه ريّان أقترب من إحدى الدكاكين ليشتري قارورتيْن مياه : تبين شي ؟ ريم هزت رأسها بالنفي ، ليخرجان على الساحةِ العريضة ، أتى على بالها هيفاء تُحب هذه الأجواء المُزدحمة والصاخبة في وقتٍ تكرهها كثيرًا. يالله لم يمُر سوى أيامٌ قليلة وأشتقت بها لهيفاء و يُوسف و منصُور و حتى مزاجية نجلاء. الأهم من كل هذا أنها أشتاقت لوالدها و والدتها. جلسَا على إحدى الكراسي الخشبية ، والصمتُ يُدار بينهُما ، تمرُ الدقائِق الطويلة الخافتة لتضيق على ريم التي ملَّت من هذا الهدُوء ، هي تُحب الهدُوء ولكن لا يعني أن تتأمل وفقط دُون أيّ حديثٍ يُذكر. أهذا أيضًا طبيعي في بداية الزواج ؟ ، جالِسـة دُون أن تنطق بحرف ، في الجهة المُقابلة يسألها و تتجاهله تماما لتغرق في صمتها ، مازالت مقهورة منه ، يُريدها فقط من أجلِ هذا الجنين ! لو لم تكُن حامل لَمَا أتى لحائل ، كل شيء يفعله من أجل إبنه ليس من أجلي ، لو لم أُرسل له الصُورة لَمَا قال أُريدك ، رجل إستغلالِي وضيع !! يُوسف : أكلم جدار ؟ مُهرة رفعت حاجبها : ماأبغى أكلمك ولا غصب بعد ! يُوسف بعصبية : لما أسألك تجاوبيني ماهو تسكتين مُهرة بتصرفات طفولية : لآ كيفي ماأبغى أجاوبك يُوسف عض شفته : بزر والله بزززززر مُهرة تنهَّدت : على الأقل ما يجيني إنفصام بالشخصية من مزاجي يُوسف : وش قصدِك ؟ يعني أنا مزاجي ؟ مُهرة : مدري أنت تعرف نفسك يُوسف بحدة : لآ أنا أبيك تعلميني مُهرة بعد صمتٍ لثوانِي رفعت عينها :أتخيل وش بتسوي بعد ما أولد ؟ بتآخذ ولدك وتقول تبين الطلاق ؟ ماطلبتي شي من عيوني يُوسف أبتسم بدهشة : هذا ظنك فيني ؟ مُهرة : إيه هذا ظني ، ولا تخدعني بكلامِك .. أنا عندي عقل وأفكر .... لو ما أرسلت لك الصورة ماجيت حايل يُوسف : يا شناعة تفكيرك بس الله يصبرك على روحك مُهرة بعصبية : دام الله يصبرني على روحي وش تبي فيني !! إيه قولها أنك تبيني عشاني حامل ولو أني ماني حامل كان رامي طلاقك عليّ من زمان يُوسف عقد حاجبيْه : تبين تقولِّيني شي ما قلته !! مُهرة : أفعالك تقوله ماهو أنا يُوسف ببرود يسخر : إيه أفعالي وش قالت لك ؟ مُهرة تُقلد نبرته بمثل سخريته : أنا والله مشغول ماعندي وقت لناس مثلك .. أنتِ أصلا مين ؟ يوسف أتسعت محاجره بصدمة : الحين أنا كذا ولا أنتِ ؟ ولا أنتِ حلال وأنا حرام !! إيه عادِي أنتِي تصرفِّين وتسبين وكل شيء منك عادي لكن أنت يا يوسف تآكل تراب وما تتصرف كذا عشان ماأطلع أنا الظالم مُهرة بغضب : متى صرّفتك ولا سبيتك ؟ أنت تبي تقوّلني شي ما قلته .. وواضح أصلا تدوِّر الزلة بس أنا غلطانة يوم كلمتك لأنك عمرك ماراح تتغير يُوسف بسُخرية لاذعة : أرحميني تكفين الله يخليك ..كان عُمري راح يضيع لو ما كلمتيني مُهرة و لم تكُن يومًا حساسة ولكن هذا الحمل يملكُ سطوته عليها ، أردفت برجفة أهدابها : الشرهة علي ماهي عليك ... وقفت لكن يُوسف بعدم سيطرة أجلسها بقوة ليصطدم ظهرها بظهرِ الكُرسي ، شعرت بوخزٍ مؤلم ولكن كابرت لتُردف والدمعة تلمعُ من بين هدبيْها و بنبرةٍ تُسايره : خلاص لا تكلمني أنا غلطانة وأنت ماغلطت بأي شي .. أنا آسفة يُوسف ببرود : إيه طبعا غلطانة لأن ماهو من الذوق أني صار لي ساعة أكلمك وتسفهين فيني .. ماني بزر عندِك !! أعرفي مين جالسة تكلمين فاهمة مُهرة شتت أنظارها لتعُود لصمتها ، تكتمُ قهرها و ضيقها في أوقاتٍ كانت تنفجر به أمامه ولا تخشاه أبدًا. ، #158 18-10-12, 08:20 PM لامارا مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام ، مُستلقية على السرير بتعبٍ شديد ، تشعرُ بأن قوَّاها كلها أنهارت وأندثرت. هذا " الحيل " أنقطع والله أنقطع منِّي ولم يبقى شيئًا يُهدأ سكينة قلبِي ، لم يبقى شيئًا من هذا العالم. فقط هذا القرآن يطمئنني في وقتٍ أرى به الجميعُ يتخلى عنِّي. لم تستطع منذُ أيام أن تطرد صوتُه من عقلها ، من حقده و قهرِي وهو يقُول " أنتِ عارفة أنه من بعد الله محد قادر يفصل بيننا إلا أنا و بمزاجِي ، سواءً برضا أبوك أو برفضه أنتِ راح تبقين عندِي لكن الأمر يرجع لك تبين أبوك يكون راضي ولا رافض وضايق " مسكها من يدِها التي تؤلمها ، تعرف جيدًا أنَّ كلمةٌ من والدِي ستُحرجه وتجعلني أذهب ، لكن لم اتجرأ بالمغامرة حتى يصدمني سلطان بقلةِ ذوقه عند أبي ، كنت أثق بأن سلطان من المستحيل أن يتفوه بكلمة عناد أمام شخص يكّن له كل التقدير لكن خشيْت ، صرتُ أتوقع منه مالايتوقع ، أجبرنِي كعادة هؤلاء الرجال في بلدِي. كما أجبرني تُركي على الصمت لسنوات و الضحكة في عزِّ بُكائي ، مثله تماما يجبرني أن أكذب و أُخبر أبِي عن الحياة الوردية التي أعيشها مع سلطان. يالله كيف ينخدع أبي بسهولة ، شعرتُ بنظراته أنه يشكك بكلامي ولكن لم يقُول شيء ، لِمَ الجميع يتخلى عني بسهولة ، كان واضحٌ عليّ وأنا أخبره بأنني لا أرضى العيش ، الآن لا جدوى من الندم ، أعترف بأني نادمة ولو يعود الزمن للوراء لصرختُ في وجه سلطان وركضت لوالدِي. و أعوذ بالله من " لو " ومن أبواب الشيطان التي تُفتح منها. يا رب أرحمنِي. طلَّت برأسها : عادي أدخل ؟ الجوهرة جاهدت أن تبتسم والدمُوع تبللها : حياك حصة حصة أقتربت منها لتجلس على السرير بجانبها : مين مزعِّل القمر ؟ أستعدلت بجلستها لتمسح دمُوعها : تعبانة شويْ حصة بتشكيك : والتعب يبكيك ؟ الجُوهرة بضيق : مشكلتي ماأعرف أكذب حصة أبتسمت : وهذا الأحسن ، مزعلك سلطان ؟ الجُوهرة : كنت أبي أروح الدمام مع أهلي بس عيَّا حصة : تبيني أكلمه لك تروحين كم يوم ؟ الجُوهرة بإندفاع : لألأ .. لاتقولين له بعدين يحسب أني أشكي لك حصَّة مسحت على شعرها : والله مدري وش أقولك يالجوهرة بس سلطان أحيانا والله يقول كلام وفي قلبه كلام ثاني ، صعب عليه أنه يبدأ المبادرة ، أنتِ بادري بالرضا يالله كيف أُفهمك يا عمته ما بيننا ! كيف أصِف لكِ أنَّ الذُل مرتبط بالرضا والله مرتبط به بشكلٍ رخيص جدًا ، لستُ أفهم الجميع حين يطلب مني المُبادرة رُغم أنَّ الأحقية معي. نسيت أننا مُجتمع شرقي والأحقيةُ مع الرجل دائِمًا. حصَّة : أتركي كل خلافاتكم ورى ظهرك وأبدي من جديد ، أفتحي صفحة جديدة معاه وصدقيني سلطان بيبدأ معك الجوهرة أخفظت نظرها لتنساب دمُوعها بإنسيابية الوجع بين احشائها. حصة بإبتسامة حانية : نبي نشوف عيالكم الجوهرة وكأن هذه الكلمة شطرتها نصفيْن ، يا نقاءُ الأحلام البيضاء ، طفلٌ يسيرُ أمام عيني و ضحكات لاتنتهي ، طفلٌ أنام بجانبه حتى لا يستيقظُ فزعًا و أُطعمه لأني أخشى على ملابسه بأن تتسخ ، طفلٌ طاهر يُشبهني أو يُشبهه لا يهُم. طفلٌ هذا أيضًا من أحلامِ الصِبَا التي أندثرت وماتت. حصَّة بخجل شديد : أعتبريني أمك وأسمعي نصيحتي ، أحيانًا نص الخلافات تنحل من العلاقة الزوجية .. أقصد يعني.. أنتِ فاهمتني صح ؟ الجوهرة دُون أن تنظر إليْها هزت رأسُها بالإيجاب حصَّة أكملت : بالنهاية هو رجَّال وأكيد له رغباته ، لاتخلينه يبعد عنك وبعدها يدوِّر عند غيرك ، عند اللي تشبع رغباته وتخسرينه ، الحُب مهم لكن العلاقة اللي بينكم أهم ، الحُب لازم تترجمه هالعلاقة ! إذا ماترجمته ماراح يفيد الحُب والإحترام المتبادل ! صحيح أهم شي العشرة وبيننا إحترام لكن بعد لازم العلاقة تكون في أحسن حالاتها .. هو قالك عن سعاد ؟ الجُوهرة رفعت عينها : لأ سألته مرَّة وعصب .. بس أدري أنه زوجته حصَّة : سعاد الله يرحمها كـ . . ، يشعرُ بأن النوم يهربُ منه من ضخامة ما يُفكر به ، كلامُ أخيه أوجعه ، جعل عقله يتوقف عن التفكير ، كيف يعترف أمامه بهذه الدناءة ؟ كيف يقهره ؟ شعر بأن العالم كله يتوقف أمامه و أن هذا الكون يعلقُ في حنجرته ، شعَر بأن الحياة هُنا تقف وهُنا تنتهي. تُركي الذي من لحمِي ودمي يغدرني هكذا !! يالله يالله يالله ثلاثًا على ما يحصُل فينا ، يالله كيف تجرأ ؟ كيف تجرأ على إنتهاكِ حدُود الله !! يارب لا تخسف بنا أرضك بشرِ أعمال عبادِك. تُركي المُصلي الصائِم يفعل هذا ماذا بقي لغيره ؟ كيف مرَّت هذه الـ 7 سنوات دُون أن أشك للحظة بما حدث !! يالله أعفُ عنِي إني أبُوء لك بذنبِ تقصيري بتربية أماناتِك ، يالله أرحمنا من فتن هذه الدُنيا. وددتُ لو أقتله ولا أسمع ما قال. لو أنّني تخيلتُ عن إيماني للحظة وقتلته ولكن خشيْت ، خشيْت عذابٌ من ربٍ عظيم. ولكن يا تُركِي أني أبرأ نفسِي منك ، لا أعرفُ أخًا يغدُر بيْ. لا أعرفُ أبدًا و جزاءُك عند الله أما أنا فأني نفضتُ يدايْ منك. و رُغم رفضي في البدء من أن سلطان يجدك قبلِي ولكن الآن أنا راضٍ تمامًا بأن يفعل بك سلطان ما شاء وحتى لو سلَّمك وجلب الفضيحة لنا أنا عنك لستُ مسؤول ولكنِي أثق بأن سلطان لن يذهبُ بك إلى الشرطة هكذا ، رُبما يجد طريقة بأن يسجنك أو غيرها فهذا لا يهُمني ، ما يهُمني كيف غدرتني يا أخي يا إبن أمي وأبي ؟ قاطعهُ صوتها : ماهو من عادتِك تنام هالوقت ؟ ألتفت لزوجته ، لايُريد أن يتخيَّل لو أنها تعرفُ بالموضوع ! أن إبنتها التي تفهمُ سرّ نظراتها فشلت بأن تُفكِك شفراتها ، لا يعرفُ كيف ستنام لو أنها تعرف ! كيف ستستوعب أنَّ تُركي الذِي أصبح كإبنها هو خائِن وغدرها في إبنتها ؟ والله هو لا يكادُ يستوعب كيف قلبُ الأم ؟ أخشى عليك من الموت في حسرتك لو تعلمين ما يحدثُ بإبنتك. ، أكتئب من هذه الأجواء التي يُمسي عليها و يُصبح بها ، من الإتصالات الكثيرة ، الأصوات الصاخبة المُزعجة ، التخطيطات الغبية السخيفة ، الأشياء العظيمة التي يتناقلونها ، القتل و التهريب ، التفاصيل المروِّعة التي تتناقلُ بين أفواههم ، تنهَّد بعُمق ليجذبُ انظار والده إليْه و بنبرةٍ ساخرة :أرسم ماعلى أخلص فارس إبتسم ليُجاريه بالشماتة : حالف أني ماأرسم غيرك رائِد : بالله !! طيب يا حبيبي فارِس : جد طفشت ، ممكن أطلع أتمشى شويْ رائِد : وش يخليني أثق أنك بترجع ؟ فارِس بسُخرية : ركِّب لي جهاز تتبع رائِد : ههههههههههههههههههههههههه تعال .. عاد أنا آخذ هالأمور بجدية فارس أقترب منه ليُخرج من درجه قطعةٌ سوداء ، وضعها على ذراعه ليصرخ فارس بألم لأن مسمارًا صغيرًا نسيَهُ ألتصق بجلدِه. بانت الكدمةُ على ذراعه ليتقاطرُ الدمُ منها. رائِد عقد حاجبيْه وبنبرةٍ حانية : بسم الله عليك فارس سحب ذراعه وبغضب : خلاص ماني رايح بلصق فيك رائِد أبتسم : خلاص روح ولا تزعل .. بس قبل الساعة 9 أنت هنا فارس بقهر سحب معطفه وخرج من الشقـة التي تصخبُ بأقدام الخارجين و الداخلين. تنفس بعُمق عندما خرج من العمارة بأكملها ، وبتنفسه يخرجُ البياضُ من بين شفتيْه ، أدخل يداه بجيُوبه وهو يتأملُ الطريق ، على بُعدٍ قليل تسكنُ عبير ، سيعبرُ هذا الشارع و من ثم الشارع الآخر ليلتف يمينًا و يدخلُ في تلك المنطقة المُزعجة التي في زاويتها الفندق ذاك. ليس بعيدًا أبدًا ، أخرج هاتفه وهو يعرف تماما أنَّ والده يُراقبه عن طريق هذه الجوال. أتجه قليلاً لإحدى المحلات ليُطفىء هاتفه ويُصبح آخر تحديثاته في هذه المنطقة ، لاتُوجد حيلة للهرب من أعين والده المنتشرة في كل مكان إلا هذه الحيلة. يشعرُ حتى الجُدران تُخبر والده بخطواته. ، أشترت أثير من الكعك الفرنسِي المشهُور وأفكارُها لا يمرُها سوَى أن تُراضيه. بالنهاية هي قادرة أن تُقنع عبدالعزيز بوجهات نظرها ، أنا أثقُ بقدراتِي بإرضاءه ، سارت حتى ألتقت عيناها بها ، رمشت كثيرًا بل أكثر من كثيرًا ، تسارعت نبضاتها وهي تتمتم : أستغفر الله .... سبحان اللي يخلق من الشبه أربعين .. أبتعدت عن هذا الطريق بعد نظراتِ تلك الغريبة التي تُشبه غادة ، سارت بخطواتٍ سريعة للعمارة التي تعشقها وكيف لا تعشقها وشقته بالطابق الرابع حيثُ حبيبها. في جهةٍ أخرى تسللت للخرُوج بعد أن رأت أن الجميع غرق في نومه و والدها بالتأكيد مع عبدالعزيز ولن يرجع باكِرًا ، أخذت جاكيتها وخرجتْ بهاتفها دُون حقيبتها ، خرجت من الفُندق وبمثل اللحظة دخل والدها من الباب الآخر ، لو تأخرت قليلاً لرآها وهي خارجة من المصعد الكهربائي. رتِيل تنهَّدت من برودة الأجواء ، لتُدخل يديْها في معطفها وتسيرُ بجانب الفندق و عينها أمتدَّت للعمارة التي في نهاية الشارع ، " أكيد إلى الآن ما سكنت عنده !! " . . . أكملت سيرها و . . . . . . أنتهى |
12-27-2023 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
سجني وسجّاني .. قيدي وقضباني
أححيت أشجاني ، والشوق يكويني ! لا آعرف الدربَ ، لا آشتهي الحبَّ لم ابتدئ حربا ، و رضاك يكفيني ! عزباء مغتصبة ، في بيتي مغتربة بالله معتصمة ، والله يحميني ! مأساتنا زادت ، وحقيقتي بانت والروح لو فاضت ، فالموت يرويني ! أوما رأيت أساي ، في الليل طول بكاي والخوف من ظلي ، والطيف يبكيني ! بالله لاتقسى ، والعطف لاتنسى وعلي لا تأسى ، فالله يحميني ! شاعرتنا : ترف :$() تقُول أنها كاتبته على لسان الجُوهرة وسلطان :"$ السَلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، عساكم بخير وصحة وسعادة () رواية : لمحت في شفتيْها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ ! الجُزء ( 51 ) رتِيل تنهَّدت من برودة الأجواء ، لتُدخل يديْها في معطفها وتسيرُ بجانب الفندق و عينها أمتدَّت للعمارة التي في نهاية الشارع ، " أكيد إلى الآن ما سكنت عنده !! " . . . أكملت سيرها مُتجاهلة تفكيرها ، مايهمني! هو وحده من سيأتِيني ، وحده من سيتنازل في هذه الحرب! لستُ أنا والله من أقبل أن أأتيه! سأُجعلك تعلم أنَّ إهتمامي بك في أولِ مرةٍ سقطت بها في المستشفى كان إهتمامًا عابرًا وستُدرك جيدًا أنك لا تهمُني حين تسقط في المرةِ الثانية. دخلت السُوبرماركت القريبة وهي تفتحُ هاتفها وتكتبُ رسالةٍ لوالدها بعد أن شعرت بتأنيب الضمير " يبه أنا رحت السوبرماركت اللي تحتنا وماراح أتأخر بس دقايق وأرجع " أقتربت من البائع العجُوز لتطلب منه بطاقة شحن لهاتفها ، أنتظرته بدقائِقٍ باردة ترتجفُ بها وهو يُخرج العلبْ ويبحث بطريقةٍ مملة. على بُعدِ خطوات كان يسير على الرصيف مُتجهًا لشقته ، مرَّ من عندِ السوبرماركت و تعدَّاها بهدُوء ليقف وكأنهُ رأى شيئًا غريبًا ، عاد بُضعِ خطوات للخلفْ وتجمَّدت عيناه عليْها. رتيل بالإنكليزية : أيوجد أم لأ ؟ العجُوز : I don't speak english رتيل فتحت هاتفها على تطبيق الترجمة لتكتب له بالإنكليزية ومن ثُم تحوِّله له للفرنسية ، مدَّت هاتفها أمامه العجُوز يقرأ بضعف نظر ، هز رأسه بالإيجاب و أشار لها بإصبعيْه أن تنتظر قليلاً رتيل تنهَّدت لتخرجُ انفاسها البيضاء و تتلاشَى بأجواءِ باريس المُزدحمة بزخَّاتِ المطر ، من خلفها يهمس : ما أشتقتِ ؟ ألتفتت برُعب لتأخذ شهيقًا ولم يُدركها الزفير ، تصنَّمت لتستوعب مُتأخرًا ، شتت أنظارها وهي تأخذ البطاقة من العجُوز وتخرج من جيبها المبلغ المطلُوب ، حاولت أن تخرج من الباب المُتهالِك و يتقاطرُ منه بقايا المطر المُتجمع فوقه ولكن وقف أمامها ، بعينٍ حادة ومازالت حاقدة : وش تبي ؟ عبدالعزيز بإبتسامة : طيب أسألي عنِّي و عن أخباري يمكن ماني بخير رتيل : عساك بهالحال و أردى .. دفعته قليلا لتخرج مُتجهة للفندق بخطواتٍ سريعة لأنها أيقنت أن والدها عاد. شدَّها من يدها : أبوك دايخ وراح ينام رتيل رفعت حاجبها : طيب ؟ عبدالعزيز : خلينا نجلس شوي رتيل ضحكت بسُخرية : انا الوقت اللي أحط فيه مناكير أثمن بكثير من الوقت اللي أقضيه معك عبدالعزيز بإبتسامة تُسقط رتيل بضعفها : طيب عطينا من هالوقت دقايق رتيل بحدة : لأ .. وأترك إيدي عشان مايدري أبوي وأخليه يتصرف معك عبدالعزيز ترك يدها ليُدخل كفوفه بجيُوبه : شوي يالمغرورة من وقتك رتيل : لأ ... وأعطته ظهرها ليقف أمامها مُجددًا وبنبرة جادة : رتيل بس شوي رتيل : هالشوي خذها من وقت حبيبتك عبدالعزيز بعبط : وهذا أنا بآخذها رتيل بلعت ريقها لتُردف : روح لأثيرك ... وتجاهلته تمامًا مُقتربة من الفندق عبدالعزيز سحبها مرةً أخرى من معصمها ، رتيل بمحاولة تهديد أخرجت هاتفها : بتصل على أبوي وأقوله عبدالعزيز : قلت لك نايم .. بس عطيني شوي من وقتك ودي أقولك موضوع مهم رتيل : ما بيننا مواضيع مهمة !! عبدالعزيز : إلا بيننا رتيل بحدة : أيوا صح نسيت مافيه أحد تمارس رجولتك عليه الا أنا عبدالعزيز عقد حاجبيْه ، تنهَّد : طيب يا رتيل تكلمي وأشبعي بكلامك رتيل بشماتة : أشبع ليه مااشبع !! عبدالعزيز عض شفته والغضب بدأ يجري في تعرجات جبينه : تتشمتين فيني ؟ رتيل بإبتسامة : وبكل فخر في وقتٍ آخر نزلت من السلالِم لتكتب رسالةٍ نصية لـه " جيت الشقة بس ما لقيتك ومقدر أتأخر اليوم ، المهم حبيبِي كلمني ضروري بس تفضى " سَارت بخطِ العودة ، مارةً من الدكاكين الصغيرة المُنتشِرة على هذا الشارعْ الممزوج بين الهدُوء ليلاً وصخبًا نهارًا ، أحاطت رقبتها بالـ " سكارف " بعد أن أشتَّد عليْها البرد. كانت أعينها تتأمل الطريق وأفكارها مُنحصِرة في زاويـة عبدالعزيز! كيف تُقنعه ببعضِ وجهات نظرها الغير قابلة للتغيير. تعرف جيدًا يا عبدالعزيز أني أُحبك منذُ سنوات ولأجلِك أستغني عن الكثير ولكن حُبك لايجعلني أتنازل عن قناعتنِي ، الحُب لايعني أن أسيرُ خلف كظلِك بكل أراءِك ، أنا لي شخصية مُختلفة و قناعات مُختلفة و الحُب يتوهَّج بالإختلاف وليس بالتشابه يا عزيزِ. ليتك تفهم ذلك و . . . تجمَّدت عيناها وهي تراه بمُقابل فتاة لاتتضح ملامِحها من بعيِد. عبدالعزيز : ماهو ذنبِي إذا أبوك رفض يعلمك ! تذكري هالشي دايم رتيل بسخرية : تكفى أرحمني يالمطيع! ما كأنك عصيته كثييير وكثيير وأنت عارف هالشي بتجي على هالزواج ! دوِّر لك عذر ثاني وأصلا ليه تدوِّر لك عذر مو أنا ماأهمك ! مو أنت قلت لي أنتِ مين ؟ وأنتِ شي زائد وماله أهمية !! خلاص وش لك فيني !!! أنا بعيش حياتي وأنت عيشها مالنا علاقة في بعض ! متى ماتبي طلِّق أو لا تطلق هذا شي راجع لك لأنك ماتزوجت وحدة راضية فيك فأكيد أمر طلاقها ما راح يرجعون فيه لها ... بالنهاية تصرف على راحتك بس حط في بالك أنك منت وصي علي ولا لك حق تكلمني بأي شي وبعتبرك إنسان غريب عليْ لأني ماوافقت على هالزواج ! بس الـ ..*كانت على وشك الشتيمة ولكن صمتت لتُردف بعدها* بس أثير فهذي زوجتك وحلالك وأنت حر فيها ! وأنا بنتظر طلاقِي بكل سعادة لأن فيه غيرك ينتظرني عبدالعزيز بحدة : ومين إن شاء الله اللي ينتظرك ؟ رتيل وملامح الإنتصار تُضيئها لتبتسم : أسأل أبوي عن حاتم . . أنتبهت لأثير الواقفة من بعيد ، أطالت نظرها بها حتى تعرَّفت عليْها ، لا تُشبه الصورة كثيرًا ولكن هي تماما بل هذا شعرُها الأسود التي يتلاعبُ به هواء باريس. عبدالعزيز ألتفت للمكان التي تنظرُ إليْه ، تعلقت عيناه في أثير ، كانت نظراته غريبة لأثير كانت نظرات تشتعلُ منها غيرة ، نظرات تُوحي عن العشق الذِي بينهُما. هذه تفسيراتْ قلبُ رتيل. أقتربت أثير منه ليُلصقها عبدالعزيز به حين تشابك ذراع عبدالعزيز بذراع أثير : هذي رتيل اللي كلمتك عنها أثير نظرت إليْها بنظرة من أقدامها حتى رأسها ، أبتسمت : أهلا كلمتها عني ؟ لم تشعر بالغيرة حتى منِّي ؟ هذا يعني أنني فعلاً لاشيء بالنسبة لك. تبًا لك ولها وللعالم هذا بأكمله. عبدالعزيز بإبتسامة : طبعًا أكيد تعرفينها .. أثير رتيل ببرود ولا تُجامل : طيب ؟ أشبع فيها ... أثير ضحكتْ لتُردف بدلع : إيه طبيعي يشبع فيني ... ماهو حبيبي وزوجي عبدالعزيز بهدُوء يتأمل عينُ رتيل : ما يصير كذا! تعرفين بالذوق أكثر مني رتيل ألجمته بحدةِ كلماتها : متعوَّدة أجامل ناس يهموني بس ناس ماتهمني ليه أجاملها !! أيه أشبعوا في بعض ما غرت عشان أخفف غيرتي وأمثِّل أني باردة وماتهمني ! أنت فعلا ماتهمني يا حبيبي وإذا بغار صدقني بتكون آخر شخص ممكن أغار عليه عندي غيرك كثييير ... تصبح على خير .... وأعطته ظهرها لتدخل للفندق. أثير بتقرُف : عوبااااء !! ترك ذراعها المُتشابك فيه ، عاقد حاجبيْه ومُلتزم الصمتْ تمامًا أثير : طيب ماعلينا منها !! كنت أحسبك بشغلك مع أبوها .. عبدالعزيز بهدُوء : رجعت قبل شوي بثوانِي قليلة صعدتْ لغُرفتها ، تأكدت أن والدها فعلاً نام ولم يأتيهم. نزعت معطفِها وأبعدت حجابها ليسقط على الأرض ، حررت شعرها ذُو الإلتواءاتِ العنيفة لتمُر خصلة بُندقية على عينها الداكنة ، " وعدتُك ، أن لا أكونَ ضعيفاً... وكُنتْ. وأن لا أقولَ بعينيك شِعراً وقُلتْ.. وعدتُ بأَنْ لا ...وأَنْ لا. وأَنْ لا .. وحين اكتشفتُ غبائي.. ضَحِكْتْ. " وعدتُك يا عزيز بالكثير وأمامك جبنت. أخذت نفسًا عميقًا تلألأت بها عيناهُا بلؤلؤٍ شفاف. لن أبكِي! لن أبكي! لن أبكي! أرجُوكِ يا عيني لا تسخرين مني هكذا ، أرجوكِ لا تبكِين وتتشمتُ دمُوعي بيْ! أرجوكِ يا عيني. سقطت دمُوع الغيرة التي فتت قلبُها عندما رأتها ،عندما تلامس ذراعُها بذراعه ، كأنها تمتلُكه. لِمَ أفترض ؟ هي فعلاً تمتلكُ قلبه، أصبحت زوجته والله يعلمُ ما تُخبي نفسهُ لها ، كان الجميع يعرفُ عن حُبهم ؟ لمْ يخجل من هذا الحُب! قالتها أخته في ذاك المشهد الذي رأيتهُ مع عبير ، قالتها بكُل وضوح " أنت لأثير " حتى وإن بيَّنت الأخت الأخرى رفضها ولكن كان واضحًا جدًا أنَّ إسمك مرتبط بها منذُ زمن. أنا النزوة التي حضرت في المنتصف ، أنا المعصية التي قتلت نفسها ، أنا الكذبة التي أنكشفت قبل أبريل ، أنا كل الأشياء السيئة التي لن تنجذبُ لها عيناك يومًا. حتى عيناك حينما رأيتها واقفة بعيدًا ، كانت غير! غير والله ، إلهي كيف يكُون صوتُ عيناك مؤذيًا هكذا ؟ كيف تكُون عيناك جارحة ؟ أنا لا أعرفُ كيف أتحمل رؤيتك مع غيري ! لستُ أعرف كيف أقوَى وأنا أرى القصائِدُ من عينيْك لها ، لستُ أعرف والله كيف " أحبك " تنطقها عيناك في وقتٍ لم أسمعها منك. أنت تُحبها وأنا ؟ " طيب وأنا ؟ " من كل هذه الحياة ألا أستحق أن أعانق كفِّك كما عانقتها ، ألا أستحق أن أُقبِّلك بكامل رضايْ ؟ ألا أستحق أن أُحبك بطريقةٍ مُهذبة كأيّ زوجيْن. لِمَ تزوجتها ؟ أُريد أن أعرف كيف تزوجتها ؟ أنا من حقِي أن أبكي في داخلي ! أبكِي كثيرًا حتى يأتي الصباح مُثقلاً بشتيمتك! وعدٌ يا عبدالعزيز أن لا أصدقُ معك في شعُوري أبدًا. لستُ أوَّلِ العاشقين ، في مدينتي نصف العُشاق يفترقون. وأنت منهم أقصد أنا منهم لأنك لم تحبني يومًا كما تُحب " التافهة " تلك. ، تنظرُ لعينيْ حصـة بضياع ، لم تتوقع ولو لحظة أنّ لسعاد قصة كهذه! لم تتوقع ولو قليلاً أن هذه حياته سابقًا ، كان كُل ما يدُور في بالها من تخمينات حول زوجته الاولى أنهُ يُحبها غير قادِر على طردِ ذكراها من حياته. كانت تخمينات ساذجة وأنا أشهدُ على ذلك الآن. تُكمل بصوتٍ موجوع : كانت صديقة العنود مررة ، تصير بنت ولد خالِي ، يعني من بعيد .. بس سلطان مقدر يخليها في بيته كِذا لأن أكيد الناس بعد بتتكلم فتزوجها عشان يخليها قدام عيونه ، الجُوهرة بهمس : قالت عايشة أنها كانت .. يعني ماهي في وعيْها دايم حصة : أنهبلت الله يرحمها .. ربي رحمها وخذآ آمنته .. كانت بنتها عمرها سنة وزوجها حسبي عليه طلقها بس عرف أنها بنت .. تعرفين يالجوهرة التخلف اللي في هالرجال !! يتزوج ويطلق يبي الولد والله مارزقه وكانت آخر حريمه سعاد ... بس حصلت مشاكل في ذيك الفترة في شغل سلطان و تقاعدُوا ناس لهم مكانتهم في شغله .. كانت الفترة حيل متوترة .. أردفت وهي تُخفض نظرها ودمعةٌ تقتل كل قلب أم : ماتت بنتها قدامها الجوهرة أتسعت محاجرها والغصة تتراكم في حنجرتها ، أرتجفت أطرافها من فِكرة أن تمُوت إبنة أمام والدتها. حصة : أنهارت وماعاد تفيد الأدوية .. في شهادة الوفاة كتبوا أنها سكتة قلبية الجوهرة : كانت صورها مع سلطان كثيرة ... صمتت لتشعُر بخجلها من هذا السؤال .. آسفة مو قصدِي بس ... خلاص خلاص ولا يهمك حصة أبتسمت : صدقيني ما كان بينهم شي ! حتى الصور هذِي قديمة .. يمكن في أول زواجهم لأن وقتها كانت إختبارات بنات بوسعود وكان عندهم شغل برا وقرر سلطان هو اللي يسافر بدال بوسعود .. وخذاها معه الجُوهرة : الله يرحمها ويغفر لها حصَة : آمين .. و العنود كانت منزعجة أنه سعاد ماهي مرتاحة حسب ماهي فاهمة وأنه مفروض سلطان يبعدها عنه لأن شغله حساس وسعاد ماهي بحالة تسمح أنها تتوتر أو تتضايق .. ولما ماتت بنتها لقتها حجة عشان تتمشكل مع سلطان ... يووه يالجوهرة خلينا من هالموضوع اللي يجيب الهم ، يسيرُ و عيناه ترتكزُ أمام الفندق الذِي تسكنُه من سلبت عقله و قلبه وكله والله كله. أخذ نفسًا عميقًا تلاشت به ضبابية مؤقتة خرجت من فمِه المُثقل بقصائِد الشوق ، أنِي أُحبكِ بلا منطق ولا داعِي ، أُحبكِ هكذا لأنِي رجلاً أمامِك شعرتُ بحاجتي لأن أكتمل. أُحبك رغبةً بأن أبتسم ، أسعد ، أحيا. إنِي أُصلي من أجل أن يُصلحني الله لقلبك ، أنِي أدعُو الله بأن يحفظكِ ليحفظني ، إنَّ قلبي يا عبيرِ هُناك ! في يسارِك ، أنا والله لا أتزن دُونك ، انا لا أعرفُ عن عُمرِي شيئًا الذِي مضى دُونك ، أنتِ ميلادِي ، أرأيتِ مجنونًا يعشقُكِ من صُورة ! أرأيتِ مجنونًا مارس العشق دُون أن يعرف إسمك ؟ أريتِ مجنُونًا بقيَ أشهرًا يُفكِر بك كمجهولٍ سلب له عقله لا يُصبِّر جوعه سوى تلك الصور ، أرأيتِ مجنُونا مثلِي يُحبك و فعل المستحيل حتى يصِل إليك ؟ أرأيتِ مجنُونًا حتى في بُعدِك يحاول أن يحميك ، أنتِ حياتِي و عُمرِي منك إبتدأ. جلس في المقهى المُقابل وهو يعرف بأنها نائمة ، هذا الأكيد. ليتكِ تلتفتين إليْ ، أُريد أن أتشرفُ بسلامِ عينيْكِ ! أُريد وبشدة أن تضحك عيناكِ ليْ. أنا والله العظيم أُحبك. ، يمرُ يومْ و إثنان ، قلبٌ يتفرعُ منه حزنٌ وشك و صباحُ إسنطبُول طويل ولا يحملُ نسمةَ فرحٍ عابرة ، أهذا أيضًا طبيعي ؟ لِمَ عريس يكُن بهذا البؤس ؟ ماذا يشغلُ بالِك ويُشتت إنتباهك عنِّي ؟ أُريد أن أعرف كيف أخبرت والدتِك بأن تخطبني ؟ أم هو كعادة هذا المُجتمع الذِي يُلصقنا رغمًا عنا ليقُول " حبُّوا بعض " أم هي طريقة " أكشط وشف حظك " أكنت متخيلنِي بهيئة وأتيتُك بعكس خيالاتِك ؟ أأنا أقلُ جمالاً مما تُريد ؟ أم أنا لستُ جميلة بما يكفِي لك ؟ أُريد أن أعرف مالذِي لا يعجبك فيني ؟ إلهِي كيف أصبحت ثقتي في هيئتي هشَّة والبركةُ نظراتِك التي لا تحملُ ذرة إعجاب. لم أُحرِّك بك خلية منذُ ان أتينا! نظرت له وهو يُغلق آخر أزارير قميصِه ، توقعته أن يُخبرها بأننا سنذهب سويًا لمكانٍ ما ولكن بمُجرد ما أن سمعت صوت الباب عرفتُ أنني غير مُرحَّب بها في حياتِه. أهتَّز هاتفها لتُجيب : ألو هيفاء بصوتٍ شغُوف مشتاق : نسيتينا بهالسرعة يا كلبة ؟ ريم بضيق : وين أنساكم بس ، دخَل بخطواتٍ خافتة لم تشعُر بها ، طلّ بعينه عليها لم يرى سوى ظهرها المُستلقي جانبًا على السرير وشعرُها الطويل مُتبعثرٌ حولها ، نظر لحركةِ أصابعها المتمللة على السرِير وأدرك بأنها مُستيقضة ، بصوتٍ هادىء : مُهرة . . ألتفتت عليْه دُون أن تنطق حرفًا ، أردف : ليه ما قمتِي للحين ؟ .. تعبانة ؟ مُهرة : لأ .. مالي مزاج أقوم يُوسف : كليتي شي ؟ مُهرة : ماني مشتهية يُوسف بتنهيدة : طيب أكلي لك شي عشان صحتك !! مُهرة بقهر : عشان صحتي ؟ ماهو عشان ولدك يُوسف : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. أنتِ ليه تدورين علي الخطأ عشان تمسكينه وتذلين أم أمي فيه مُهرة أعطته ظهرها لتُردف : طيب خلاص لا تكلمني دام أنا أدوِّر عليك الغلط يُوسف أتجه نحوها على الجانب الآخر من السرير بالقُرب منها : إلى متى يعني ؟ مشكلتك معي ولا مع اللي ببطنك ؟ دام معاي خلاص ماله داعي تهملين صحتك عشان تحسسيني بالذنب !! مُهرة أبتسمت بسخرية : إيه صح أنا أهمل نفسي عشانك !! طبعًا لأ .. أنا أخاف على نفسي أكثر منك ولا محتاجة منك إهتمام يُوسف عض شفتِه السُفلى : طيب .... وقف ... اهملي نفسك وسوِّي اللي تبينه بس والله يا مُهرة لو يصير في اللي ببطنك شي ماتلومين الا نفسك مُهرة بغضب أستعدلت : على وش تهددني إن شاء الله !! تبي تمشي حياتي على كيفك ! إيه صح أنا نسيت أنه حياتي تمشي تحت رحمة مزاجك .. تجي تكلمني بمزاجك وتضحك بمزاجك ولما اكلمك ترد عليّ بحقارة تشبهك يُوسف : نعععم يا روح أمك!! تبيني أوريك رسايلك المحترمة لزوجك .. حتى ذوق مافيه مُهرة : وش فيها رسايلي ؟ طول ما كنت بحايل ما رسلت لك شي يضايق بس أنت ودِّك تمسك عليّ الزلَّة يُوسف يخرج هاتفه ليفتح الواتس آب ويصعد لمُحادثتها .... قرَّبها من وجهها حيثُ أحاديث تقرأها لأولِ مرَّة بدهشة صمتت لتُردف بخفُوت : ما كتبت هالحكي يوسف بسخرية : الجني الأزرق كاتبه مُهرة رفعت عينها وأفكار كثيرة تتصادم بها : والله ما كتبته يوسف : أجل مين ؟ كيف أجل كلمتيني بعدها !! مُهرة غاب عنها أن تنتبه بأن الرسالة مقروؤة : ما أنتبهت أنه الرسالة مفتوحة .. يُوسف بشك : ماأنتبهتي !! مُهرة قولي حكي يدخل المخ مُهرة وأتى في بالها " غالية " ، أخذت هاتفها لتتصل على والدتها يُوسف بصمت ينظرُ لها ، ردَّت : هلا يمه والدتها : هلابتس مُهرة : يممه غالية في البيت ؟ والدتها : إيه وش تبين في ذا الهبلة ؟ مُهرة : عطيني إياها ضروري والدتها : أول أعرف وش عندتس معها مُهرة تُشتت أنظارها بعيدًا عن يُوسف وبصوتٍ يميلُ للخفوت : يمه موضوع صغير أبي أعرفه منها والدتها بتنهيدة : طيب طيب. .. وخرجت من المطبخ مُتجهة للصالة .. غاليية رفعت عينها : هلا أم فهد : دوتس مهرة غالية : وش تبي ؟ أم فهد تمدُ لها الهاتف دُون أن تُجيبها ، : ألو مُهرة وقفت لتتجه بعيدًا عن يُوسف الذِي يُراقب كل خطوة وكل نظرة. أردفت : لو أعزمكم ع الرياض تجون ؟ غالية بضحكة : وش عندك ؟ مُهرة : كِذا ودي أشوفك غالية : ما ظنتي المدارس راح تبدأ وتعرفين خوالتس مُهرة : خسارة!! عاد تدرين توّ أتناقش مع يوسف وقالي أعزميهم هنا غالية بتوتر : يوسف هو اللي يبينا نجي ؟ مُهرة : إيه خصوصًا بعد مشكلتنا الأخيرة غالية : أي مشكلة ؟ مُهرة : ما تدرين !! غريبة أنتِ حتى مشاكل النمل تعرفينها غالية بضحكة مُرتبكة : وش دعوى عاد لا تبالغين يا حييّ مُهرة : حتى قالي أنه في ناس من أهلي راضونا على بعض وقلت أكيد هذي غالية أعرفها تحبني وتحب لي الخير يُوسف جلس مُندهش من الحوار الذِي لا يفهمُ أوله ولا آخره. غالية بتوتر : ههههه وش فيك مهرة ؟ وش يدريني عن مشاكلكم عشان أراضيكم مُهرة : والرسالة ؟ غالية بلعت ريقها لتصمت. مُهرة بحدَّة : آخر شي ممكن أتوقع أنك تسوين هالحركة معي !!! والله يا غالية هالحكي راح أوصله لخالي وهو يتصرف معك .. أغلقته بوجهها ، ألتفتت على يُوسف : كان مفروض تكلمني تستفسر ! يعني مستحيل كنت برسلك شي بهالوقاحة !! بس أصلا أنت ماتثق حتى فيني يوسف رفع حاجبه : أخذي العقال بعد وأضربيني !!! تكلمي معي زي الناس ماني أصغر عيالك لا يجيك كف يخليك تعرفين تتأدبين معي... تروحين تتهاوشين مع حريم خوالك مدري بناتهم وتغلطين وبعدها تحطين اللوم عليّ .. والله عجيب أمرك .... وخرج ليتركها في كومة غضبها. أتصلت بسُرعة على خالها وهي تشتعلُ حقدًا من إبنته المُستفزة ، خالها الأوسط الرحُوم أحيانًا وأحيانا كثيرة هو الشديد. رد عليها لترتبك بعد صوته ولكن لن يردعها شيئًا بمثل ما فعلت ستُعاقب : السلام عليكم ، فِي – كان – الفرنسـية ، بعضُ الأمطار تهطل بخفُوت على الأرض. جالِسة في محطة إنتظار الحافلات ، تنتظرُ سيارة الأجرة لا قوة لها بأن تسيرُ تحت هذه الأمطار. تُراقب بعينها الداكنة كيف السماءُ تتزاحمُ بغيمها ، كيف يتكهربُ السكر وينسابُ منه الشراب العذب ، سُبحان الله العظيم القادر الحي القيُوم ، سُبحانه ومن لهُ الملك سوَاه ؟ وهو الذِي يأمرُ السماء فتُسكِرنَا حلالًا بها. أنشدَّت أنظارُها حول صبـيةُ ناعمة ذات شعرٌ بني غامق تسيرُ رقصًا مع رجلٌ بجانبها وضحكاتهم تنتشرُ و المطرُ يُبلل لباسهم على الرُغم من أنها ترتدِي فُستان قصير بلا أكمام ولكن يبدُو أن الحُب يُدفئها ، أبتسمت لتُعيد عدّ القطراتِ على الأرض بمللٍ كبير رُغم إستمتاعها بالأمطار ، لم تجعل دعوة تفرُ منها أبدًا في وقت إستجابة كهذا ! أولُ من أتى في بالي " الجُوهرة " أنا أدرك أنَّها المظلومة الوحيدة بيننا كُلنا في عين ريَّان ، لا أعرفُ كيف مشاكل تمرُ لسنوات دُون أن تنتهي ، كيف مشاكل كهذه أن تُبعد أحدُنا عن الآخر ، كيف فتَرت علاقتها مع ريَّان و أيضًا تُركي ، كيف بعدت كل هذا البُعد ؟ منذُ أول مرةٍ قالت بها " لا " لـ وليد و ضحكت بمُزاح منى التي تكدَّست في هاتفها عشرات الرسائل المجهولة التي تركت في نفسِ ريَّان شك بأنها ليست بمجهولة ! بل هو عاشق و هي خائنة! يالله يا ريان كيف نطقتها بوجهنا جميعًا وأنت تصرخ بالجحيم و أنها خائنة. كيف صوَّبت سهامك على الجوهرة بأنها تعرف وصامتة لأنها تُفضِّل منى عليك ، كانت هذه أولُ شرارات حقدك على أختك .. أختك يا ريان لا أعرفُ كيف لهذه السنين أن تجري ومازلت بحقدك وكأنه ماحصل كان بالأمس. كل من تقدَّم لخطبتها كنت تُحلل فيه بحسب تفكيرك المريض أنها ترفضه لأن هُناك عاشقٌ آخر و أنَّ صمتها على منى لأن منى تعرف عن علاقات الجوهرة !! أتهمت أختك وهي الأكثرُ دينًا بيننا ، أنا لا أنزهها ولكن حفظت كتابُ الله ولسنوات وهي تحفظُ وتحلمُ بحفظه و تأتِي تُشكك في أخلاقها ؟ متى تعُود ريَّان أيامُ منى ؟ متى تعُود ريَّان الذِي نُحب ؟ الذِي يغرقنا بلطفه والذِي لا يخجل بأن يقُول لنا عن حُبه العظيم لزوجته ؟ متى تعُود ريَّان الذِي جلسنا في مرحلة من مراحل عُمرنا نُسمِّي أبنائنا ومن سيحملُ إسم الآخر. قُلتها والله أمامنا " أحب إسم الجوهرة عشان كِذا بيكون إسم أول بنت لي " مالذِي حصل الآن ؟ ليتَك يا ريَّان تحسنُ الظن بها و أيضًا بيْ! ليتك تعُود وما أشدُ حُزني عندما أقُول " ليتك تعُود " وأنت هُنا بالقُرب منَّا ولكن ماتت بك الأشياء التي أحببناها بِك. رفعت عينها عندما نظرت للحذاء الأسود المُبلل : نواف !! .. آآ أقصد إستاذ نواف نواف :وش مجلسك هنا ؟ أفنان : أنتظر تاكسي نواف رفع حاجبه : شقتك قريبة أفنان : ماأبغى أتبلل ويدخلني برد نواف مد لها الأمبريلا السوداء : طيب خذيها وروحي لأن مايجون تكاسي هالمنطقة يجون من الشارع الثاني أفنان بحرج : لآ .. نواف بضحكة : لا تخافين بترجعينها ليْ بكرا أفنان أشتدت حُمرة وجنتيْها ومعها أرنبة أنفُها بهذه الأجواء الباردة : لا جد والله يعني خلاص بمشي .. وقفت وأخذت حقيبتها نواف بهدُوء : أفناان خذيها أفنان بخجل أخذتها : شُكرًا نواف : عفوًا .. وسار بجانبها حيثُ إتجاه شقته ، أفنان أنفاسُها العميقة تُؤخذ بربكة ، إلى الآن ترنُ في ذاكرتها الكذبات الي أطلقتها تشعرُ بانها يومًا ستُفضح و حبلُ الكذب قصير ولحظتُها ستقتنع بأنها " إنسانة لا تساوي شيئًا " لا يكذب إلا الناقص. ، في مكتبه الذِي ينحصرُ في زاويـة بيته ، وضع الهاتفُ الثابت على " السبيكر " ، ليُراجع بعض التفاصيل مع ذاك الصوت. فتح الملف الآخر : إيه : البند الثالث ، في حال أنسحب طرف مؤسس يتم بيع الأسهم دُون الرجوع إليْه تحت مُسمى الوكالة التي أُخذت منه. سلطان : أيه هذا العقد السويسري .. بس أنتظر بدوِّر على نسخ العقد الثاني أنا متأكد أنه عندي نسخ منه بدأ بالبحث في رفوفه و الدرُوج .. ملفات كثيرًا أنتشرت على مكتبه الذِي تعمُه الفوضى الآن بكل جهاتِه ، أخرج بعضُ الأوراق : هذي حقت صالح العيد !! .. شف لي ملف التهريب حق سبتمبر 2008 : إن شاء الله طال عُمرك ... قليلاً حتى أتاهُ الصوت مرةً أخرى ... اللي حقق معه عبدالله اليوسف .. بو منصور سلطان : إيه داري .. أقرأ لي وش أقوال هشام ؟ : تم التمويل من قبل صالح العيد تحت إسمٍ مزوَّر بإسم صالح يعقوب ... سلطان يُقاطعه : لحظة لحظة ... في وقتها كان رائد ماهو في الرياض صح ؟ الآخر يتفصحُ ملف عمليات رائد الجُوهي : إيه نعم كان في باريس سلطان تنهَّد : رائد هو اللي كان المسؤول عن هالعملية بس وين الدليل ؟ : بحسب أقوال هشام انه اللي خلفها صالح العيد .. اللي طبعًا كان يحمل جواز مزوَّر قدر يعبر فيه الحدود .. مافيه أي أثر للجوهي بهالعملية سلطان : تذكر لما راح عز له .. لقى ورقة صالح العيد عنده .. مستحيل مايكون وراها !! لازم نجيب أوراق من مكتبه تثبت تورطه في هالعملية بضحكة : ما يجيبها إلا عز سلطان أبتسم : خله مشغول في باريس !! بكرا نشوف هالموضوع : تآمر على شي ثاني سلطان : لا مع السلامة .. وأغلقه ليرفع عينه للواقفة أمامه. حصة : صار لي ساعة أنتظر مكالمتك تخلص .. وش هالحوسة !! سلطان وهو يُغلق بعض الملفات : نادي لي عايشة ولا عليك أمر حصة : وليه عايشة ؟ أنا أرتب معك سلطان : لا ماأبيك ترتبين ولا شي .. حصة أبتسمت وهي تتقدم له : أنا متمللة وأبي أرتب سلطان بإبتسامة : دام كِذا براحتك ... إيه وش بغيتي ؟ حصة : فيه واحد متقدم للعنود سلطان بضحكة : هذي الساعة المباركة حصة بضيق : لا تتمصخر بالنهاية بنتي اللي يهينها يهيني سلطان بـ وِد : وأنا أهنتها !! بالعكس مبسوط حصة : بس أنا ماني راضية سلطان : ماهي بزر !! كبرت وخلها تتزوج وتركد في بيت رجلها حصة : مو قصدي كِذا بس أنا ماني راضية على الرجال و ابوها راضي ماتشوفها صار لها كم يوم عند أبوها وزعلانة سلطان : مين يكون ؟ حصة : ماتعرفه كان معها بالجامعة إسمه ماجد بس .. يعني بدون لا أتبلى عليهم لكن ناسهم وعايلتهم ماتعجبني سلطان : وش يطلع إن شاء الله ؟ حصة : ماجد الجخيم ( إسم وهمي ) سلطان بهدُوء : ولد فايز ؟ حصة : إيه سلطان عقد حاجبيْه : أنا أكلم محمد وبعدين كيف تفكر بنتك !! حصة : قلت لها والله أنه ما يصلح لك هم ناس غير عنَّا مافيه أي توافق بيننا لا عادات ولا حتى تقاليد تجمعنا معهم وحتى عايشين في دبي !! سلطان : أنهبلت بنتك حصَة : كلِّم أبوها يمكن يركد لأنها تقول أنه وافق سلطان تنهَّد : مدري متى تهجد هالبنت !! .. خليها تجي البيت حصة : تعرف ماأحب أغصبها سلطان بإنفعال : وش تغصبينها! أجل مخليتها عند أبوها اللي مايدري عنها !!! ربِّيها على الشدة ماهو كل شي تبيه توصله .. لازم تعرف أنه لكل شي حدّ ... طرقت عائشة الباب مفتُوح لتلتفت حصَة إليْها ، : أنُود فيه يجي ! سلطان ترك الأوراق وخرج ليأتيه صوت حصة : لا تكلمها أنا أعرف أقنعها العنُود التي كانت على وشك الإتجاه لغُرفتها أنتبهت لهُما ، تقدَّمت لوالدتها وقبَّلت رأسها ، سلطان : حلَت لك الجلسة هناك ؟ العنُود رفعت حاجبها وبدلع : إيييه عندك مانع ؟ سلطان عض شفتِه السُفلى : إيه عندي مانع !! ولا أنتِ تمشين على المصلحة متى ماأشتهى مزاجك سويتي نفسك البارَّة في أبوك ومتى ماتبين جيتي عند أمك العنُود بصوتٍ ناعم : أنت مالك شغل أمي أشتكت لك ولا أبوي أتصل وقالك تعال خذ بنتي سلطان : أمك أشتكت لي ! وأصلا الكلام معك ضايع لازم أرجع كم سنة لورى عشان أقدر أحاكيك بمستوى عقليتك العنود بسخرية : تكفى عاد تواضع وكلمني.. يقال ميتة عليك حصة بحدة : العنود تكلمي زين مع ولد خالك سلطان بإبتسامة : لأا خليها تكمِّل عشان أخليها تتشهد قبل زواجها العنُود بضحكة : آهآآ ! قول كذا أجل وصلك الخبر سلطان بهدُوء : وش تبين فيه ؟ كِذا مزاج بعد بتتزوجين العنود : مالك دخل في حياتي الخاصة وماراح أبرر لك إختياراتي !! أنا إنسانة وموافقة وولي أمري موافق ماأظن مكتوب في شروط الزواج لازم موافقة عيال الخال والعم سلطان بحدة : شوفي لا تلعبين معي عشان ماأنسِّيك سنين عمرك الجاية ! وترى أسويها .. العنُود فهمت قصده وبإنفعال : يوم تدخلت بحياتك مع سعاد الله يرحمها قلت أسكتي ومالك دخل والحين عادي تتدخل فيني ! اللي ما ترضاه على نفسك .. لا ترضاه عليْ لو سمحت سلطان : لا يا بنت عمتي يوم تدخلتي بسعاد كان تدخلك ماله مبرر بس أنا الحين عندي تبريراتي ودام قادر أوقف هالزواج فأنا بوقفه بدون لا أسأل عنك .. أجل ناوية تتزوجينه كِذا إستهبال ولعب عيال العنُود بجرأة : لا بتزوجه عشاني أحبه و أحب عقله .. ماأحبه بناءً على شهوات .. وأنت فاهم بعد وش أقصد هذا الإتهام الصريح لسلطان من شأنه أن يفيضُ بالبراكين في نفسِه وفي نفسِ حصَة أيضًا. حصة أتجهت لإبنتها : أدخلي غرفتك حسابك بعدين سلطان بغضب : لحظة خليها !! وش يعني شهوات !! توِّك ما طلعتي من البيضة وجاية تحاضرين عليّ !! يوم تزوجت سعاد ما كنت ميت على جمالها ولا حتى جسمها !! وأنتِ أكثر وحدة تعرفين كيف صار زواجي منها فعشان كذا أبلعي لسانك ولاتقولين كلام منتِ قدَّه و أقسم لك بالله أنك راح تندمين على كل كلمة وزواج من ماجد تحلمين فيه لو يجيني ويقول أنه حافظ القرآن العنُود بإنفعال أكبر : ليه ما طلقتها يوم طلبت منك ؟ أنت أصلاً تفكيرك محدود تفكير حيواني حصة بغضب : العنووود ووجع !! سلطان أقترب ونيته لا تُبشِر بالخير . . هذه الإتهامات الرخيصة التي ترميها ولا تعرفُ حجم ما تحكِي تجعلهُ يمدُ يده للمرةِ الألف ولن يشعرُ بتأنيب ضميرٍ أبدًا. العنُود وجنّ جنُونها : إيه هذا الشاطر فيه تبرهن رجولتك على الحريم لأنك حـ ... لم تُكمل من صفعة والدتها ، و النادر يحصلُ الآن تحت أنظار الجوهرة الواقفة خلفهم في مُنتصف الدرج، مدَّت يدها الأم الحنُونة التي بقيْت طوال عُمرها ترمي لومها على يدها القصيرة عندما تتجاوز إبنتها الحدُود ، هذه المرَّة لم تتنمَّل ذراعُها من تأنيب الضمير فهي تستحقُ ذلك. العنُود بدهشة تنظرُ لوالدتها : تضربيني عشانه ؟ تجمَّعت دمُوعها في محاجرها لتصرخ : أنا غلطانة أني رجعت لأنكم ناس متخلفة إلى الآن ما تطوَّرت عقولها !!!! سلطان بهدُوء : إيه متخلفين وش عندك ؟ وغصبًا عليك بترجعين لنا !! و التطور يا حلوة أنك ما تشتمين وتتهمين على باطل !! كانك تبين التطوِّر ولا أنتِ عندك الأسلوب الرخيص والكلام الوصخ هو التطوِّر ؟ تطوَّري بأقوالك يا ماما قبل أفعالك حصة بضيق ويبدُو من عينيها المُحمَّرة أنها على وشك البُكاء . العنُود :أنت بالذات مالك دخل !! يخي كيفي وش دخلك فيني !! روح لمرتك وطبِّق أساليبك عليها بس عليّ أنا لأ وألف مرة بقولها لك لأ !!! وراي أبو قادر يحط لك حد سلطان بسخرية : تفكين خوفتيني بهالأبو !! أسمعيني وللمرة المليون أقولها لك نظام المصخرة اللي ماشية عليه تقطعينه ولا بتشوفين شي مايرضيك !! العنُود بحدة : ماراح أقطعه ! ومالك حق تتدخل فيني .... وأتجهت نحو غرفتها لتضج البيت بصوتِ إغلاق الباب. سلطان ينظرُ لعينِ عمته : تبكين عشانها !! خليها عنك ماعندها غير هاللسان .. أقترب منها ودمُوعها تنهمر سحبها لصدره ليُقبِّل رأسها وبهدُوء : الحين كل هالبكي عشان كلامها ؟ أنا الحين أكلم أبوها وأخليه يوقفها عند حدَّها ... حصة ... طالعيني .. مسح دمُوعها بكفِّه الباردة حصَة بإختناق : ماأبي تتجدد المشاكل بينكم .. كان ممكن نقنعها بهدُوء أنها ترفض هالماجد .. بس مو كذا !! يعني قهرتك وقهرتني سلطان : خلها ترجع لعقلها ساعتها ماراح تصير مشاكل بس دامها بهالتفاهة اللي عايشة فيها فأنا بوقفها عند حدها ولا تكسر خاطرك بكم كلمة .. أعرف قلبك بسرعة يرحمها !! خليها تتعلم من أخطائها ما خرَّبها غير دلعك أنسحبت بهدُوء للأعلى قبل أن يُلاحظونها ، تكرهُ هذه العنُود بل تشتدُ كرهًا ناحيتها ، تشعرُ بإهتمام سلطان لها ؟ رُغم كلامه لكن رُبما كان يُحبها سابقًا ، لِمَ يرفضُ ؟ لِمَ يتدخلُ بحياتها إلا إذا كانت مُهمة بالنسبة له أو . . فعلا يُحبها! هذا ليس إهتمام بسيط، حتى في غيابها يفتقدها ويسألُ عنها ؟ الجميع يحظى بإهتمامه إلا أنا ، الجميع مُغلَّف بحبه بجميع الأشكال حتى وإن بيَّن بروده أفعاله تفضحه إلا أنا !! ويُريدني ؟ يُريد أن يقهرني ، يستهزأ بعقل والدِي وهو يُخبره " ببدأ حياة جديدة " ، يعلمُ في قرارة نفسه أنه لن يبدأ معي ولكن هكذا ! ليقهرني ، ليُذيقني من عذابه و من سياطِ حُبي له. سأجهض حُبك عن قريب وسترى من هي الجوهرة التي أستصغرتها في كل أفعالك. تبًا لك يا سلطان. ،
|
|
|