|
…»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… { .. لنصره حبيبنا محمد عليه أفضل الصلاه وأتم التسليم .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
لطائف من زاد المعاد في هدي خير العباد (1)
لطائف من زاد المعاد في هدي خير العباد (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن من أنفس المراجع وأكثرها شمولًا لأدق تفاصيل حياة سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كتاب "زاد المعاد في هدي خير العباد"، الذي حرص مؤلفه العلامة ابن القيِّم -رحمه الله - أن يجعل منه موسوعة في الهدي النبوي، مقتفيًا في ذلك نهج السلف الصالح بتتبع الآثار الواردة عن رسول الله من قول أو فعل، فأكَّد منها وضعَّف، وشرح ووصَّف، فكان كتابه زادًا لا غنى عنه لكل من أراد الاقتداء بهدي خير العباد. وقد أفاض العلماء وطلبة العلم في سبر هذا الكتاب القَيِّم واستخراج ما فيه من فوائد، واختصار ما حوى من فصول، فعمَّ نفعه وذاع، واستفاد به خلقٌ كثير. وفي هذه المقالة جمع وتلخيص لما حواه هذا الكتاب من لطائف ربما قَلَّ تداولها بين الناس، سائلًا المولى النفع والتوفيق والسداد. فصل في شرح معاني أسمائه صلى الله عليه وسلم: الماحي: الذي محا الله به الكفر، ولم يُمحَ الكفر بأحد من الخلق ما مُحِي بالنبي صلى الله عليه وسلم. وأما الحاشر، فالحشر هو الضَّمُّ والجمع، فهو الذي يُحشَر الناسُ على قدمه، فكأنه بُعِث ليحشُر الناس. والعاقب: الذي جاء عقيب الأنبياء، فليس بعده نبي، فإن العاقب هو الآخر، فهو بمنزلة الخاتم. وأما المقفِّي فكذلك، وهو الذي قفَّى على آثار من تقدَّمه من الرسل، فقفَّى الله به على آثار من سبقه من الرسل. وأما نبي التوبة، فهو الذي فتح الله به بابَ التوبة على أهل الأرض، فتاب الله به عليهم توبةً لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله. وأما نبي الملحمة، فهو الذي بُعِث بجهاد أعداء الله، فلم يجاهد نبيٌّ وأمتُه قطُّ ما جاهد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأمته. وأما نبيُّ الرحمة، فهو الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، فرحم به أهلَ الأرض كلَّهم مؤمنهم وكافرهم. وأما الفاتح، فهو الذي فتح الله به بابَ الهدى بعد أن كان مُرْتَجًا، وفتحَ به الأعينَ العُمْيَ والآذانَ الصُّمَّ والقلوبَ الغُلْفَ، وفتح به أمصارَ الكفر، وفتح به أبوابَ الجنة، وفتح به طرقَ العلم النافع والعمل الصالح، ففتح به الدنيا والآخرة، والقلوب والأسماع والأبصار، والأمصار. وأما الضحوك القتَّال، فاسمان مزدوجان لا ينفرد أحدُهما عن الآخر، فإنه ضحوك في وجوه المؤمنين غير عابس ولا مقطِّب ولا غضوب ولا فظٍّ، قتَّال لأعداء الله، لا تأخذه فيهم لومة لائم. وأما البشير، فهو المبشِّر لمن أطاعه بالثواب، والنذير المنذر لمن عصاه بالعقاب. وسمَّاه الله ﴿ سِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: ٤٦]، وسمَّى الشمس ﴿ سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴾ [النبأ: ١٣]، والمنير: هو الذي يُنِير من غير إحراق، بخلاف «الوهَّاج» فإنَّ فيه نوع إحراق وتوهُّج. فصل في مؤذِّنيه صلى الله عليه وسلم: وكانوا أربعةً: اثنان بالمدينة: بلال بن رباح، وهو أول من أذَّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن أمِّ مكتوم القرشي العامري الأعمى، وبقباء: سعدُ القَرَظ مولى عمَّار بن ياسر، وبمكة: أبو محذورة، واسمه أوس بن مِعْيَر الجُمَحي. وكان أبو محذورة منهم يرجِّع الأذان ويثنِّي الإقامة، وبلال لا يرجِّع، ويُفرد الإقامة؛ فأخذ الشافعيُّ وأهل مكة بأذان أبي محذورة وإقامة بلال، وأخذ أبو حنيفة وأهل العراق بأذان بلال وإقامة أبي محذورة، وأخذ الإمام أحمد في أهل الحديث وأهل المدينة بأذان بلال وإقامته، وخالفهم مالك في موضعين: إعادة التكبير وتثنية لفظة الإقامة، فإنه لا يكررها. فصل في حَرَسه صلى الله عليه وسلم: فمنهم: سعد بن معاذ، حرَسه يوم بدر حين نام في العريش، ومنهم محمد بن مَسْلَمة حرَسه يوم أحد، والزبير بن العوام حرَسه يوم الخندق، ومنهم: عبَّاد بن بشر، وهو الذي كان على حَرَسه، وحرَسه جماعة آخرون غير هؤلاء. فلما نزل قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: ٦٧] خرج على الناس، فأخبرهم بها، وصرَف الحرَس. فصل في ملابسه صلى الله عليه وسلم: كانت له عِمامة تسمى: السَّحاب، كساها عليًّا، وكان يلبسها تحت القلنسوة[1]، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتمَّ أرخى عمامته بين كتفيه، كما روى مسلم في صحيحه. ولبس القميص وكان أحبَّ الثياب إليه، وكان كمُّه إلى الرُّسْغ. ولبِس الجُبَّةَ[2]، والفَرُّوجَ وهو شبه القَباء[3] (قالوا: هو القباء المشقوق من خلفه)، والفَرَجيَّة[4]، ولبِس القَباء أيضًا، ولبِس في السفر جبّةً ضيقة الكمَّين. ولبِس الإزار والرداء، قال الواقدي: كان رداؤه بُرْدةً طول ست أذرع في ثلاثة وشبر، وإزاره من نسج عُمَان طول أربع أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر. ولبِس حُلَّةً حمراء، والحُلَّة: إزار ورداء، ولا تكون الحُلَّة إلا اسمًا للثوبين معًا، وغلِط من ظنَّ أنها كانت حمراء بحتًا لا يخالطها غيرها، وإنما الحُلَّة الحمراء: بردان يمانيان منسوجان بخطوط حُمْر مع الأسود. ولبِس الخَميصة[5] المُعْلَمة والساذجة[6]، ولبِس ثوبًا أسود، ولبِس الفروة المكفوفة بالسُّندُس[7]. ولبس الخفَّين، ولبس النعل الذي يسمَّى: التاسُومة[8]. ولبس الخاتم، واختلفت الأحاديث هل كان في يمناه أو يسراه، وكلُّها صحيحة السند. ولبس البيضة التي تسمَّى: الخُوذة، ولبس الدِّرع الذي يُسمَّى: الزَّرْديَّة، وظاهَرَ يوم أحد بين درعين. وكان له صلى الله عليه وسلم بُردان أخضران، وكساء أسود، وكساء أحمر ملبَّد، وكساء من شَعْر. وكان قميصه من قطن، وكان قصيرَ الطول قصيرَ الكُمِّ، وأما هذه الأكمام الواسعة الطِّوال التي هي كالأخراج، فلم يلبَسها هو ولا أحدٌ من أصحابه البتة، وهي مخالفة لسنَّته، وفي جوازها نظر، فإنها من جنس الخيلاء. وكان أحبَّ الثياب إليه القميصُ، والحِبرَةُ وهي ضرب من البرود فيه حمرة. وكان أحبَّ الألوان إليه البياض، وقال: «هي من خير ثيابكم، فالبسوها وكفِّنوا فيها موتاكم». وكان أغلب ما يلبس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما نُسِج من القطن، وربما لبسوا ما نُسِج من الصوف والكتَّان. فصل في هديه وسيرته صلى الله عليه وسلم في الطعام والشراب: كان هديه وسيرته صلى الله عليه وسلم في الطعام: لا يرُدُّ موجودًا، ولا يتكلَّف مفقودًا، فما قُرِّب إليه شيءٌ من الطيبات إلا أكله، إلا أن تعافَه نفسُه فيتركه من غير تحريم، وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، كما ترك أكل الضَّبِّ لما لم يعتَدْه، ولم يحرِّمه على الأمة، بل أُكِل على مائدته وهو ينظر. وأكَلَ الحلوى والعسل وكان يحبُّهما، وأكل لحم الجَزور والضَّأن والدَّجاج، ولحم الحُبارى، ولحم حمار الوحش والأرنب، وطعام البحر، وأكل الشِّواء، وأكل الرُّطَب والتمر. وشرب اللبن خالصًا ومَشُوبًا، والسَّويق، والعسل بالماء، وشرب نقيعَ التمر. وأكل الخَزيرة[9]، وأكل القِثَّاء بالرُّطَب، وأكل الأَقِط، وأكل التمر بالخبز، وأكل الخبز والخلَّ، وأكل الثريد، وهو الخبز باللحم، وأكل الخبز بالإهالة، وهي الودك، وهو الشحم المُذاب، وأكل من الكبد المشويَّة، وأكل القَدِيد، وأكل الدُّبَّاء[10] المطبوخة وكان يحبُّها، وأكل المسلوقة، وأكل الثَّريد بالسَّمن، وأكل الجبن، وأكل الخبز بالزيت، وأكل البطِّيخ بالرُّطَب، وأكل التمر بالزُّبْد، وكان يحبه. فصل في هديه وسيرته صلى الله عليه وسلم في نومه وانتباهه: كان صلى الله عليه وسلم ينام على الفراش تارةً، وعلى النِّطع تارةً[11]، وعلى الحصير تارةً، وعلى الأرض تارةً؛ وعلى السَّرير تارةً برماله، وتارةً عليه كساء أسود، وكان فراشه صلى الله عليه وسلم أَدَمًا حشوُه لِيف[12]. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الركوب: ركِبَ صلى الله عليه وسلم الخيلَ، والإبل، والبغال، والحمير، وركب الفرسَ مسرَّجةً تارةً وعُرْيًا أخرى، وكان يجريها في بعض الأحيان، وكان يركب وحده وهو الأكثر، وربما أردف خلفه على البعير، وربما أردف خلفه وأركب أمامه فكانوا ثلاثةً على البعير، وأردف الرجال، وأردف بعض نسائه. وكان أكثر مراكبه الخيل والإبل، وأما البغال فالمعروف أنه كان عنده منها بغلة واحدة أهداها له بعضُ الملوك، ولم تكن البغال مشهورةً بأرض العرب. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في مشيه وحده ومع أصحابه: كان إذا مشى تكفَّى تكفِّيًا[13]، وكان أسرع الناس مِشْيةً وأحسنَها وأسكنَها. وأما مشيه مع أصحابه فكانوا يمشون بين يديه، وهو خلفهم، ويقول: «دَعُوا ظهري للملائكة». ولهذا في الحديث: وكان يسوق أصحابه، وكان يمشي حافيًا ومنتعلًا، وكان يماشي أصحابه فرادى وجماعةً. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الفطرة وتوابعها: وكان هديه في حلق الرأس تركَه كله أو أخذَه كله، ولم يكن يحلق بعضه ويدع بعضه، ولم يُحفَظ عنه حلقُه إلا في نُسُك. وكان أولًا يَسْدُل شَعره، ثم فَرَقه، والفرق: أن يجعل شَعره فِرقتين وكلُّ فرقة ذؤابة، والسَّدْل أن يسدله من ورائه ولا يجعله فرقتين. وكان له مُكحُلة يكتحل منها كلَّ ليلة ثلاثًا في كلِّ عين. وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُكَّة[14] يتطيَّب منها، وكان أحبَّ الطِّيب إليه المسكُ. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في سجود القرآن: كان صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بالسجدة كبَّر وسجد، وربما قال في سجوده: «سجد وجهي للذي خلقه وشقَّ سمعه وبصره بحوله وقوته»، وربما قال: «اللهمَّ احطُطْ عنِّي بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذُخْرًا، وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلتَها من عبدك داود». ذكرهما أهل «السنن». ولم ينقَل عنه أنه كان يكبِّر للرفع من هذا السجود؛ ولذلك لم يذكره الخِرَقي ومتقدِّمو الأصحاب، ولا نُقِل عنه فيه تشهُّد ولا سلام البتة. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في سفره وعبادته فيه: كانت أسفاره صلى الله عليه وسلم دائرةً بين أربعة أسفار: سفر لهجرته، وسفر للجهاد وهو أكثرها، وسفر للعمرة، وسفر للحج. وكان إذا أراد سفرًا أقرَعَ بين نسائه، فأيَّتُهن خرج سهمُها سافر بها معه، ولما حجَّ سافر بهنَّ جميعًا. وكان إذا سافر خرج من أول النهار، وكان يستحِبُّ الخروجَ يوم الخميس، ودعا الله أن يبارك لأمته في بكورها، وكان إذا بعث سريَّةً أو جيشًا بعثهم من أول النهار، وأمر المسافرين إذا كانوا ثلاثةً أن يؤمِّروا أحدهم. ونهى أن يسافر الرجل وحده، وأخبر أنَّ الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب. وكان هو وأصحابه إذا علَوا الثَّنايا كبَّروا، وإذا هبطوا الأودية سبَّحوا. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المرضى: كان يعود مَن مرِضَ من أصحابه، وعاد غلامًا كان يخدمه من أهل الكتاب، وعاد عمَّه وهو مشرك، فعرض عليهما الإسلام، فأسلم اليهودي، ولم يُسلم عمُّه. وكان يمسح بيده اليمنى على المريض، ويقول: «اللهمَّ ربَّ الناس، أذهِبِ البأسَ، اشْفِ وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا». وكان يدعو للمريض ثلاثًا، كما قال لسعد: «اللهمَّ اشْفِ سعدًا، اللهمَّ اشْفِ سعدًا، اللهمَّ اشْفِ سعدًا». وكان يرقي مَن به قُرْحة أو جُرْح أو شكوى، فيضع سبَّابته بالأرض، ثم يرفعها، ويقول: «بسم الله، تربةُ أرضنا بريقةِ بعضنا، يُشْفَى سقيمُنا بإذن ربِّنا» هذا في «الصحيحين». فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الطفل: وكان من هديه: الصلاة على الطفل، فصحَّ عنه أنه قال: «الطفل يصلَّى عليه». وفي «سنن ابن ماجه» مرفوعًا: «صلُّوا على أطفالكم، فإنَّهم من أفراطكم»[15]. قال أحمد بن أبي عَبْدة: سألتُ أحمد: متى يجب أن يصلَّى على السِّقْط؟ قال: إذا أتى عليه أربعة أشهر؛ لأنه ينفخ فيه الروح، قلت: فحديث المغيرة بن شعبة: «الطفل يصلَّى عليه»؟ قال: صحيح مرفوع، قلت: ليس في هذا بيان الأربعة الأشهر ولا غيره؟ قال: قد قاله سعيد بن المسيِّب. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في اتباع الجنازة والإسراع بها: وكان إذا صلَّى عليه تبعه إلى المقابر ماشيًا أمامه، وهذه كانت سنَّة خلفائه الراشدين من بعده. وسَنّ لمن تبعها إن كان راكبًا أن يكون وراءها، وإن كان ماشيًا أن يكون قريبًا منها إما خلفها أو أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها. وكان يأمر بالإسراع بها حتى إن كانوا ليرمُلون بها رمَلًا، وأما دبيب الناس اليوم خطوةً خطوةً، فبدعة مكروهة مخالفة للسنة، متضمِّنة للتشبُّه بأهل الكتاب اليهود، وكان أبو بكرة يرفع السوط على من يفعل ذلك، ويقول: لقد رأيتُنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرمُل رمَلًا. وكان إذا تبعها لم يجلس حتى توضع، وقال: «إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع». فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الغائب: ولم يكن من هديه وسنَّته الصلاةُ على كلِّ غائب ميِّت، فقد مات خلق كثير من المسلمين، وهم غُيَّب، فلم يصلِّ عليهم، وصحَّ عنه أنه صلَّى على النجاشي صلاته على الميِّت. فاختلف الناس في ذلك على ثلاث طرق: إحداها: أنَّ هذا تشريع منه وسنَّة للأمة: الصلاة على كلِّ غائب، وهذا قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وقال أبو حنيفة ومالك: هذا خاصٌّ به، وليس ذلك لغيره، قال أصحابهما: ومن الجائز أن يكون رُفِعَ له سريرُه، فصلَّى عليه وهو يراه صلاتَه على الحاضر المشاهَد وإن كان على مسافة من البعد. والصحابة وإن لم يروه فهم تابعون للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة. قالوا: ويدل على هذا أنه لم ينقل عنه أنه كان يصلِّي على كلِّ الغائبين غيره، وتركُه سنَّة كما أنَّ فعلَه سنة، ولا سبيل لأحد بعده إلى أن يعاين سرير الميت من المسافة البعيدة، ويُرفَع له حتى يصلِّي عليه، فعُلِم أنَّ ذلك مخصوص به. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصواب أنَّ الغائب إن مات ببلد لم يصلَّ عليه فيه صُلِّي عليه صلاة الغائب، كما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي؛ لأنه مات بين الكفار، فلم يصلَّ عليه، وإن صُلِّي عليه حيث مات لم يصلَّ عليه صلاة الغائب؛ لأنَّ الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على الغائب وترك. وفعلُه سنَّة، وتركُه سنَّة، وهذا له موضع، وهذا له موضع، والله أعلم. فالأقوال الثلاثة في مذهب أحمد، وأصحُّها هذا التفصيل، والمشهور عند أصحابه الصلاة عليه مطلقًا. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في أوقات الدفن واللحد وما يُقال عند الدفن والتثبيت وكان من هديه: ألَّا يُدفن الميِّت عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا حين يقوم قائم الظهيرة. وكان من هديه: اللَّحد، وتعميق القبر، وتوسيعه من عند رأس الميِّت ورجليه. ويذكر عنه أنه كان إذا وضع الميِّت في القبر قال: «بسم الله، وبالله، وعلى ملَّة رسول الله»، وفي رواية: «بسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملَّة رسول الله». ويذكر عنه أيضًا أنه كان يحثو على الميِّت إذا دُفِن التُّراب من قبل رأسه ثلاثًا. وكان إذا فرغ من دفن الميِّت قام على قبره هو وأصحابه، وسأل له التثبيت، وأمرهم أن يسألوا له التثبيت، ولم يكن يجلس يقرأ عند القبر ولا يلقِّن الميِّتَ، كما يفعله الناس اليوم. فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في تعزية أهل الميت وصنع الطعام لهم: وكان من هديه تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يُجتمَع للعَزاء، ويُقرأ له القرآن لا عند القبر ولا غيره، وكلُّ هذا بدعة حادثة بعده مكروهة. وكان من هديه: السكونُ، والرِّضى بقضاء الله، والحمدُ لله، والاسترجاع، وبرِئ ممن خرَق لأجل المصيبة ثيابه، أو رفع صوته بالنَّدْب والنِّياحة، أو حلَق لها شعره. وكان من هديه: أنَّ أهل الميت لا يتكلَّفون الطعام للناس؛ بل أمَر أن يصنع النَّاسُ لهم طعامًا يرسلونه إليهم، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشِّيَم والحملِ عن أهل الميت؛ فإنَّهم في شغلٍ بمصابهم عن إطعام الناس |
08-18-2023 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك
|
|
اللهم احفظ لي أمي حبيبتي اني أخشى عليها من ضرر يمسها فيمسني أضعافه اللهُم أني استودعك إياها في كل حين فاحفظها يارب♥ اللهم أرحم أبي وخالي رحمة تدخلهم بها جنة الفردوس بلا حساب ولا سابق عذاب واجبرنا جبراً انت وليه فالدنياء والأخره
|