الصديقان

كان هنالك فأر صغير، يعيش في قرية نائية، وفي أحد الأيام، دعا عنده فأر صغير من سكان المدينة. وعندما جلس فأر المدينة الى مائدة العشاء، اندهش كثيرا، عندما اكتشف أن فأر القرية ليس لديه شيء للأكل باستثناء الشعير والبقول. عندها قال مخاطبا صديقه: صدقني انك لا تعيش بشكل جيد يا صديقي. يجب أن ترى حياتي.
انني لا أتناول الا الأطعمة اللذيذة.
تعال لزيارتي، لتكتشف كم هي جميلة حياتنا في المدينة.
سر فأر القرية كثيرا لهذه الدعوة وعزم على تلبيتها، وبعد فترة قصيرة، ذهب الى المدينة لزيارة صديقه.
كانت خزانة المطبخ في البيت الذي يعيش فيه صديقه، هي أولى الأماكن التي زاراها، وهناك وعلى الرف السفلي، بجانب بعض جرار الفخار، كان يوجد كيس كبير مملوء بالشمندر، فأقبلا عليه، يأكلان بنهم.
أكل الفأران كثيرا، واعتقد فأر القرية أنه لم يأكل شيئا شهيا كهذا طوال حياته، وغبط صاحيه كثيرا على هذه الحياة ... ولكن وقبل أن يسترسل في أفكاره، انفتح الباب بقوة، ودخل الطباخ ليأخذ بعض الطحين.
اركض.
همس فأر المدينة، في أذن صديقه وانطلق الاثنان بأقصى سرعة، ليدخلا حجرا صغيرا في الجهة المقابلة من الباب. كان فأر القرية يرتجف من رأسه حتى قدميه، فنظر اليه صديقه مطمئنا وهو يقول: لا تخف، سوف يذهب سريعا، عندها يمكننا أن نعود ثاينة .
بعد قليل، ذهب الطباخ، وأغلق الباب وراءه، عندها تسلل الاثنان خارج الحجر مرة أخرى، وفي هذه المرة، أخذ فأر المدينة صديقه باتجاه زاوية الخزانة الى الرف الأعلى، حيث توجد جرة كبيرة مفتوحة، ومملوءة بالخوخ المجفف. كان الخوخ، ألذ بكثير من الشمندر، الأمر الذي أعجب فأر القرية كثيرا، فبدأ بالأكل وكأنه يسابق نفسه، ولكن، وفجأة وفي وسط انشغالهما بالتهام الخوخ اللذيذ، سمعا خربشة قوية عليالباب، وصوتا حادا وعاليا، يصيح: ميساو..... سأل فأر القرية: ما هذا؟! ولكن صديقه أشار اليه أن يصمت، ويتبعه، وانطلق بأقصى سرعة ممكنة باتجاه الحجر، يلحق به فأر القرية.
عندما أصبحا بأمان، قال فأر المدينة: تلك هي القطة العجوز، انها أفضل صائدة للفئران، في المدينة باكملها.
ان حدث وأمسكت بك، فلن تبقى على قيد الحياة.
هذا مخيف، دعنا لا نعود الى الخزانة مرة أخرى.
ولكن فأر المدينة طمأنه قائلا: لا تخف يا صديقي، ولكن لا عليك، هذه المرة سوف آخذك الى القبو، وهنالك سوف أريك شيئا مميزا، لم تره طوال حياتك.
أخذ فأر القرية صديقه ، وهبطا الدرج باتجاه القبو، وهناك كانت توجد خزانة كبيرة من الرفوف التي تحتوي على جرار مملوءة بالزبدة والأجبان المحفوظة داخل الأكياس وخارجها، وفوق رأسيهما تماما، تتدلى عناقيد، النقانق اللذيذة، وكان هنالك أيضا مربى التفاح، موضوع في براميل كبيرة.
لعبت الروائح اللذيذة برأس فأر القرية، فجعلته يتقافز هنا وهناك، يأكل قطعة جبنة من هنا، ثم يقضم قليلا من الزبدة هناك، وفجأة شاهد قطعة فاخرة ولذيذة من الجبنة، تقبع في زاوية الخزانة بشكل غير مألوف.
كان على وشك أن يضع أسنانه على قطعة الجبنة لقضمها، عندما لمحه صاحبه، مضاح به: توقف!! توقف!! انها مصيدة!!! توقف فأر القرية، عن محاولة أكل الجبنة وسأل صاحبه: مصيدة! وما هي المصيدة؟!! قال فأر المدينة: هذا الشيء، انه مصيدة، وفي اللحظة التي تلمس فيها قطعة الجبنة بأسنانك، ينزل شيء على رأسك بقوة، وتموت في لمح البصر.
نظر فأر القرية الى المصيدة، ثم الى قطعة الجبن، ومي ثم نظر الى صديقه، وقال: أرجوا أن تسمح لي يا صديقي بالمغادرة، فأنا سوف أعود الى بيتي.
صحيح أنني لا أملك هناك سوى الشعير والبقول لآكله، ولكنني مرتاح، وآمن على حياتي.
أنا لا أستطيع أن أتناول الشمندر والخوخ المجفف والجبن، وأنا خائف من الموت في كل خطوة أخطوها.