|
…»●[مثاليــة أفلاطــون للمجتمـع الواحد]●«… { .. المجتمع احواله كل مايدور حولنا .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
الضمير
قد نتساءل أحياناً ونحن في خِضمّ انشغالنا في تيار الحياة الذي يقودنا ويتقاذفنا من جهة لأخرى؛ عن ماهية وعن معنى الضمير ...
هل الضمير أحد الأعضاء الصمّاء في كيان الإنسان شأنه شأن الأعضاء الأخرى التي تؤدي وظيفتها وفق نظام مُبرمج دقيق؛ وذلك بموجب قدرة الله تعالى الذي جعل لكل من تلك الأعضاء وظيفته؛ بحيث يتسبب أي خلل في أداء تلك الأعضاء لوظيفته المحددة في خلل في كامل جسم الإنسان؟ وهل يتناغم الضمير في أداء وظيفته بموجب ذلك النظام الميكانيكي لباقي الأعضاء؟.. إن كان الضمير كذلك فلِم كان؟ ولماذا سوف يكون له دوماً ذلك التأثير الكبير الفعال على أفعالنا؟ .. والإجابة التي تطرح نفسها هي أن الضمير ليس بالعضو الأصمّ في كيان الإنسان؛ وإنما هو صوت الحق والعدالة والصواب في أنفسنا البشرية ... _ الضمير محكمة من أكثر المحاكم تشدداً، فهو الرادع الذي يُهذب طباعنا، والذي يوجّه أفعالنا وتصرفاتنا، والذي يقف حائلاً أمام نقاط ضعف النفس البشرية، وهو بذلك ما يرقى بالإنسان وما يُميّزه عن جميع مخلوقات الله تعالى. _ الضمير محكمة سريّة مَخفية غير منظورة، وصوت الضمير الذي هو صوت الحق والعدل والصواب هو صوت خافت لا يسمع دفوعه وحججه وتبريراته سوى الشخص الذي يقف أمام تلك المحكمة ... ومهمة الضمير هي المحاسبة والردع واللوم، وحتى مجرد التنبيه إلى ما قد نقع فيه من أخطاء قبل ارتكابها؛ خاصة في هذا العصر الذي يتكالب فيه البشر على المصالح الشخصية بصرف النظر عن المبادئ الأخلاقية ... هذا العصر الذي يسعى فيه كل شخص إلى تحقيق المكاسب التي قد تكون في كثير من الأحيان على حساب الغير، أو بوسائل الغش والتدليس، أوبتزوير الحقائق... والحقيقة التي ليس بإمكاننا أن نتجاهلها هي أن لذلك الصوت الخفي دويا أقوى من دوي الصواعق ومن قوة الجبابرة، كما أن المعاناة من تأنيب الضمير أكثر مَضاء من تأثير النيران الحارقة، ومن أشد الآلام. فكثيرًا ما تتحول الحياة إلى جحيم بسبب تأنيب الضمير والشعور بالندم، وكثيراً ما تتحول رغبة المرء في التخلص من معاناته من الندم على ما ارتكبه من آثام ومن معاص، أو من الأفعال التي تُسيء للآخرين؛ إلى هاجس يُنغّص حياته ويلفّها بالكآبة، ما يجعله آخر الأمر يتخلى عن كل ما حققه بتلك الوسائل غير المشروعة وينشد الراحة والسكينة بمحاولة مستميتة لإصلاح ما تسبب به و ما ارتكبه من أخطاء... وقد يصل الأمر إلى اعترافه بما ارتكبه، حتى لو أدى ذلك إلى خسارته لما حققه من مكاسب، وحتى لو أدى ذلك إلى خسارته تقدير واحترام الآخرين... وبإمكاننا أن نورد العديد من الأمثلة على التأثير الكبير لمحكمة الضمير: فقد يعترف مجرم بجريمته نتيجة معاناته من تأنيب الضمير؛ كان قد جعل جريمته تلاحقه وتقضّ عليه مضجعه كلما عاد بذهنه إلى ما ارتكبه. ولسنا نبالغ إن قلنا إن الأمر قد يصل به إلى الانهيار العصبي وإلى عدم التوازن النفسي ... وقد يؤدي الندم في حالات الاختلاس والتدليس والغش إلى الكثير مما نشهده في هذا العصر؛ من لجوء البعض إلى أسلوب تبييض الأموال بمشاريع يعتقد من يقوم بها أنه بذلك قد يتخلّص نهائياً من ثقل الوزر الذي يحمله.. وقد يؤدي الندم في حالات الاستيلاء على الأموال وفي حالات الإثراء غير المشروع إلى أن يقوم الشخص بإعادة ما استولى عليه عن طريق الهبات والمشاريع الخيرية، إلخ.. وقد يؤدي ندم المرء على ما ارتكبه من معاص إلى محاولة التكفير عن ذلك بالاعتزال عن المجتمع، وبالتوجه إلى الله تعالى طلباً للغفران . وبإمكاننا أن نستخلص مما أوردناه أن للضمير دوره الكبير في حياة كل منا... صحيح أن هذا الدور قد يختلف من شخص لآخر؛ لكن الضمير الحيّ يجعل المرء يعيش في سلام داخلي، ويجعله ينعم بالسكينة طوال حياته. وأود أن أضيف إلى ما أوردته أن محكمة الضمير يجب ألا تقتصر على محاسبة المرء لنفسه؛ وإنما هناك أيضاً ما يجب أن يفوق جميع القوانين والأحكام التي تحكم المجتمعات والدول؛ ألا وهو الضمير العالمي الذي أصبحنا في أمسّ الحاجة إليه في هذا العصر بالذات؛ كي يسود التراحم في المجتمعات ويسود السلام بين الدول، وكي تتوقف تلك الحروب الجائرة التي تنشر الدمار، والتي تُشرد البشر، والتي تجعل الظلم يحل محل العدل والإنصاف ... |
04-27-2024 | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد
|
|
|