03-12-2009
|
#11
|

مع المحقق
من أنت؟ .. دحرجه "المحقق"، عَبْرَ همهمةٍ ، سؤالا !
وعلى "مكدّسة" من الأو- راق بين يديه .. مالا
وحسبته .. لم يُلقِ لي "ولصرتي" البيضاء بالا
ووقفتُ .. ناحيةَ الجدار .. ألوح من تعبي خيالا !
من أنت ؟ .. ما العمل الكريم ؟ وغاص في الورق انشغالا
وبلفظتين أجبتُ .. لم يترك لثالثة .. مجالا !
أنا شاعر ، ومدرّسٌ يُرضي البلاغةَ حيث صالا
وقريع كأس في المسا وقصيدةٍ .. وكفى جلالا !
أما الوِهاد .. فانها أدنى - لمن يهوى - منالا
وأشاح عني لم يتح لي أن أسوق له مثالا
ولمحتُ .. خلف عبوسه شيئاً يهمُّ بأن يُقالا !
وإذا المراد : عقيدتي ! يا للضحى .. نسَخَ الظلالا !!
خذها إذاً .. أرجوعةً سحراً ، على وتري ، حلالا !
أنا للعروبة .. مذ رأيت النور .. كنتُ ولن أزالا
أنا للحياة .. لأمتي رَشَداً تراني .. أم ضلالا !
أفَيُجرم الوردُ النضير .. إذا اكتسى الوردُ الجمالا ؟!
أيُدان بالألَق الصباحُ إذا تموّج .. أو تَلالا ؟!
أنا وحدةٌ .. يا سيدي عربية .. تأبى انفصالا !
في الشوك عشناها وفوق الصخر ، أعواماً طوالا
وعلى الحصير .. حصير آبائي .. تلقنتُ النضالا
بغداد .. في صدري كتونس خفقةٌ حرّى .. تَوالى !
كالشام .. يقطر في "الجنوب*" دمي .. وقد خضَبَ "الشمالا*"
أنا شهقة المتضورين طوىً .. وأناتُ الثّكالى
ودموع قومي الضائعين .. على الدروب غدوا عيالا !
ما كنتُ إلا زفرةً تُستَلّ من وطني استلالا
ما كنتُ إلا صيحةً للثأر .. تشتعل اشتعالا !
أعرفتَ من أنا ؟ .. واقفاً أبدو بزاويتي خيالا !
|
|
|
03-12-2009
|
#12
|

في غرافة الجناياتِ
حجرة أدخل إليها الشاعر لتؤخذ صورته.. وبصمات أصابعه، على طريقة المجرمين.
_____________
وصَمتُّ .. وانطلقت "محاضرتي" ..دخاناً في الفضاءِ !
ما حرّكت سقفاً ، ولا اختلج الجدار لها إزائي
حتى أخونا "الطابع*" الجاري بأحرفه ورائي
ضرب السطورَ .. كما ترقِّم بالحصا .. موجاتِ ماءِ
أين انتفاضُ حميتي ؟ وبلاغتي .. عند الأداءِ !
أين انطلاقة فكرتي كالنور .. في كبد السماءِ !
والشعر .. أين الشعر؟ سلني عنه في "القسم الجنائي"!
...
هي غرفة .. ساد الظلام بها على نُتف الضياءِ
تنساب رائحة الجريمة من مقاعدها الوِِطاءِ
ويدبّ من "شباكها" نور .. كمخنوق الرجاءِ
نُثرت بها قِطَعٌ ، وأشياءٌ تدق على ذكائي
أدخلت فيها "كالذبيح".. وفي دمي رعشُ استياءِ
وجمدتُ ثمّةَ .. لا أحسّ سوى اللزوجة في الهواءِ
أمعَ الجُناة ، المجرمين ، يُزَجّ روح "أبي العلاءِ"؟!
و "ابن الحسين*" ، ومن اليه ، وسيبويهٍ ، والكسائي !
وتراثُ أمتي التعيسةِ من أغانيها الوِضاءِ !!
يا للظلام .. إذا استبدّ .. ويالجرحِ الكبرياءِ !!
...
وأشار "قائديَ" الكريم ، ومنْ لِكُرهي ، أو رضائي ؟!
أمدُد يديك "لبصمةٍ" ، ولأخذ "رسم" كهربائي !
وأمالني فوق الزجاج ، كمن تمرّغ في الدماءِ
وبصمتُ .. عشرَ أصابعٍ ، واسوّدّ كميَ بالطلاءِ !
وشُنِقت فوق "مُقيعدٍ" ورُسِمتُ "نصفاً" باعتناءِ
وخرجتُ .. أشعر بالوجود وقد أحيلَ إلى غُثاءِ !
______________
|
|
|
03-12-2009
|
#13
|

بين الجدران من جديد
يا حلوةَ الرنَوات .. يا حُلُماً أطاف بمقلتيا !
أنا من جديدٍ عند وحيكِ يرتمي سحراً علِيّا !
ها أنتِ .. والغزَل المجنّح ! والجريدةُ .. في يديّا
ووجومُ جدراني الغلاظ ، ومعطفي الساجي عليّا
وسحابةٌ في الليل .. تهوي فوق "نافذتي" .. هويا
غضبى .. أحست كل شيء حولنا زُوراً وغيا !
وخطىً .. تمر على الطريق ، أرى لها وقعاً شهيا !
ومقاطعٌ من عابرين .. يظل مُعظَمها خفيا
ودبيبُ صرصورٍ على رجلي .. يداعبني حييا !
وطيوف آلهةِ العذاب .. تُصِمُّ أسماعي دويا !
وخيالُ "معنٍ" في السرير، وثورةُ الأجيال فيّا !
ورؤى (ملاكٍ) ساهرٍ نَبراته في مسمعيا
ألقى الملالة للكتاب .. فهل أطاق به مضيّا ؟!
ما كان أدناه إلى روحي غَضوباً ، أو رضيا !
ما كان أعذَبه ، وقد لجّ (الجدالُ) بنا عتيا !!
سأراه يوماً .. عاصفاً من نشوةٍ .. في ساعديا !
...
ها نحن يا حوراء .. والصمتُ المَقيتُ .. بجانبيا !!
ما أمتعَ الأحلام .. تُطلق في الكواكب جانحيا !
وتشد آفاق السماء .. بهمسةٍ نشوى إليا !
وتدوِّم الساعات فوقي ، بكرةٌ تحكي عشيا
وأفيق ( مقبرةٌ) وموقوفون .. آخِرُ ما لديا
وطنٌ تجسده (النظارةُ ) مشهداً للبؤس حيا !
أتُرى أزور السجن وحدي .. لا أرى فيه شقيا ؟!
...
يا حلوةَ الرنَوات ، والبسماتِ زُهراً .. والمحيّا !
أنا لستُ من يخشى الظلام ، ولو أناخ بنا مليا !
سيزول .. وثبةُ أمتي أقوى .. هبيه بدا قويا !
سنعيش ، رغمَ الموت ، روضاً ضاحكا ، وشذىً نديا !
بَشّرتُ بالفجر القريب على الذرى غِدقاً ، سخيا
ولمحتُ ماردنا الرهيب وقد أفاق .. يريد شيا
هيا .. إلى غدنا الرحيب ، نُعِدّه للنور .. هيا ،
|
|
|
03-12-2009
|
#14
|

سجن المزّة العسكري
المهجع السادس والثلاثون
_________
وطويت زمجرتي على ألم يجلجل كالعبابِ
وانداح باب "القبر" خلفي عن "زبانية غضابِ
خنقوا نشيدي الحلو ، خفاقاً بأحلامي العِذابِ
وبنظرةٍ .. ضمرَ الحياءُ بها ، أشير إلى جنابي :
إنهض ! .. ولذتُ بصرتي البيضاء .. أودِعها ثيابي !
ونهضتُ .. أعلم أن دربي دربُ إخوتي الشبابِ
درب الشعاع ، الصامد ، اللمّاح في حلَك الضبابِ
دربُ الحياة .. تُغَلّ ، ثم تُزَج في أحد "الجِبَابِ"
دربُ العقيدة .. ترتمي مِزَقاً على سوط العذابِ
ومضيتُ .. بين ثلاثةٍ لحراستي .. أبداً غِضابِ
أبداً .. بوجه كالح أبداً بحملقة ارتيابِ
للبغي تاريخ يعيش على التربص ، والخلاب
...
هذي طريق "المزة" السوداء ، واجمةَ الرحابِ !
هذي سلاسل أمتي نُثرت على تلك الشعابِ
هذا هو السجن .. الملفّع بالحديد ، وبالحرابِ
في هذه الظلمات يرقد من تركتُ من الصحابِ
في هذه الظلمات .. كم جسدٍ تمزّقَ ، كم إهابِ !
كم جبهةٍ .. روّت هنا بنجيعها ظمأ التراب !
لم تختلج تحت السياط ، ولا شكت هول المصابِ
جيلٌ من الأحرار ، خلف القيد ، ينهدُ للغلابِ
...
هذا هو السجن الرهيب ، فهل تُراه أحسّ ما بي ؟!
أتُراه أبصرَ سَوْرةً حمراء تومئ بالحسابِ
إني لأُنذره - وسوطُ الموت فوقي
إني لأنذره .. وأجهل كم يطول به غيابي !
للموت .. ما رفع الطغاة من السدود .. وللتبابِ !
...
وأدرتُ طرفي .. تاركاً في مسمع الريح اصطخابي
وإذا الرفاق يصفقون .. وقد أحاطوا "بالركابِ"
ودخلت "مهجعيَ" الجديد بمهرجان من دُعابِ
هذا ينط ، وذا يصيح ، وذا يرحّب .. بالسبابِ
ودلفت بينهمُ .. أرى ضوضاءهم عين الصوابِ
ونسيتُ بين القهقهات سماجةَ الجُدر الرطابِ
وتجهُّمَ الجنديّ .. يُو عدنا بتحطيم الرقابِ !
والبردَ ، والضجر المَقيت ، ووحشتي ، وحديدَ بابي !
...
هيهات .. تنطفئ الحياة ، ونبضها بدم الشبابِ
|
|
|
03-12-2009
|
#15
|

نحن الطريق
يا مهبط الأحرار .. زان جباههم لقبُ العصاةِ !
يا قلعةَ المتمردين .. على العصور البالياتِ
يا منزل الصم ، الصلاب ، من الصخور المؤمنات !
يا معقل الصمت الأبي ، يهد أعصاب الطغاةِ
يا سجنُ .. يا دار العقيدة تستخفُ بكل عاتِ !
هيهات .. يهدأ فوق رأس البغي زأرُ العاصفاتِ !
هيهات .. تنطفئ الحياة ، ونحن أنفاس الحياةِ !
هيهات! .. إن الفجر - ولتهزأ بنا الظلماتُ - آتِ
...
قل "للرقيب*" ، وقد تقنّع وجه سادته العتاةِ
ومضى يوزع في الرواق شتائماً .. متلاحقاتِ !
ويدقه بحذائه دقاً يهز النافذاتِ
مهلاً أبا السطَوات .. بعضَ الكبر ، وأذن بالتفاتِ !
بعضَ العبوس .. فلستَ إلا من أقاربنا العُفاةِ
من هذه الفِلذ الطحينة بين أشداق البغاةِ !
من شعبنا المتمزق ، المسحوق تحت النائباتِ
بعضَ التجهم ، يا رقيب ، لتفهمنّ غداً شكاتي !
نحن الطريق .. ولو وعَيت - إذاً لكنت مع المشاةِ
نحن الطريق .. ولو نأت ، وتراكمت بالأضحياتِ !
هذا ثرانا يا رقيب ، ومنبت الصيدِ ، الأباةِ
هذي ملاعبنا .. تتيه بما تضم من الرفاتِ
بأريجنا ، بدم الضحايا ، ما تزال معطّراتِ !
إنا لنهواها .. ونعرفها مَواتاً ، في مَواتِ
إنا سنبعثها .. مسا - رجَ للهداية ، والهداةِ
إكليل غار للحياة على جبين الكائناتِ
إنا سنبعثها .. ملاحمَ للبطولة .. خالداتِ !
تاريخي العربي في صدري ي يَدُقّ ، وفي لهاتي
أنا لستُ زفرةَ شاعرٍ أنا لستُ ثورةَ أغنياتِ
نحن الطريق .. وألفَ أهلاً بالخطوب الحالكات
|
|
|
03-12-2009
|
#16
|

يا روابي عمّان
لم يَرُعني الدجى على أسواري منذراً دفقة السنا بالدمارِ
لم يرعني ، أقوى من الموت شعبي ونهاري ملءَ العيونِ نهاري
زَحَفت أمتي ، فمعركةُ المجد غبارٌ نشقّه بغبارِ
من عثَارٍ يُفَجِّرُ الشعب نمضي - والجراحاتُ زادُنا – لعثارِ
بيدينا ، وليصبغوا بدم الأحرارِ منا ملاعبَ الأحرارِ
بيدينا مَصيرُنا ، ولنا الشوطُ ، وأرضي مصارعُ الفُجّارِ
...
لم تَرُعني يا ليلُ قبضَتُكَ السو داء تهوي خضيبةَ الأطفارِ
تعْرِفُ الأرض ان بطشتك الكُبْـ ـرى وداعٌ ، وحشرجاتُ احتضارِ
لم ترعني انقضاضةُ البغي قربي ودمائي مسفوكةً بجواري
قصفاتٍ ، فالعرش ، والحاضن العر ش غُثَاءٌ في زحمة التيارِ
الطواغيتُ للجحيم ، وتبقى لي شموسي ، غداً ، وعرس انتصاري
بيدينا مصيرنا ، ولنا الشوط ، فدقِّي يا عاصفات جداري !
...
يا روابي عمّان ، هل نَقَل الجزّارُ سكِّينه إلى الجزّارِ ؟!
ضحكةُ العرس اطفَأوها بعَيْنيكـ ـكِ ، ولما ننهَلْ وميضَ افترارِ
ضُحكةُ العرس .. كم هزجتُ عليها أمسِ حتى تونحت قيثاري
قصف الحقدُ وردَها ، فأغاني العيد في لمحةٍ فحيحُ ضواري
وربيع الجلاءَ لسعُ صقيعٍ ورؤى المهرجان لَفْح اوَارِ
يا روابي عمّان ، محنةُ فجرٍ لم يجيء مولدٌ بلا إعسارِ
امهليهم يا أرضنا يُترعون الكأس من أحمر الدم الفوارِ
ويصبّون حقدهم فوق رأسي ويكمُّون صيحتي بالنار
رَوّعتْ قبلهم أساطيلُ شطآ ني ، وضاعت بين الحرائق داري
وصمدنا ، وقطّع اللصّ رجليه على درب ذِلةٍ واندحارِ
امهليهم يلملمون بقايا العار ، فالمُلكُ في بقايا العارِ
لَبسَ المسْخُ لبدة الأسد الوَرْ دِ ، وتاه الرقيعُ كالجبّارِ
محنةُ الفجرِ ، لم يُفاجأ بها الفجرُ ، ولا استغلقتْ على الابصار
في دمشقٍ من عارها أثرٌ با قٍ ، وذكرى لمجرمين كبارِ
نَفضَتْهم عنها كما انتفَض الجسم وألقى بعالقٍ الأوضارِ
يا روابي عمان ، للعرب الشو طُ ، وهم صامدون في المضمارِ
...
أنا في الشام ، أي عبءٍ على الشا م ليحلو المساءُ للسمّارِ !
أي عبءٍ ، لنحمي الدوحة الخضـ ـراءَ من شر حاقد الأوكارِ
أي عبءٍ ، ليفتحَ الشعب عينيهِ على أرضه بلا استعمار
أنا في الشام .. موجةٌ من جباهٍ أقسمتْ لا تراجعت عن غمارِ
أقسمت ، لا مشت لغير عظيمٍ عَصّبتها ساحاتُهُ بالغار
أيها الناضحون خلفَ خُطانا بعض ما في نفوسهم من صَغارِ
ما رمينا إلى "الممثل" طَرْفاً هَمّنا مجرمون خلف الستارِ
إسمعوها تدقُ أفئدةً غُلْـ ـفاً ، وزَيفاً ألقى بكل خمارِ :
أنا من كافرين بالسالبي أرضي ، أهذي علامةُ الكفّارِ ؟!
أنا من كافرين بالذابحي قو مي ، وبالناثريهم في القفار
أنا في الهادمين ما دام حولي كبدٌ جائعٌ ، وجسم عاري
أنا في الهادمين ما دام "صهيون" بناء البانين فوق دياري
أنا من كافرين "باللص" يشري ويبيع الإله "بالدولارِ"
أنا من "مارقين" آلَوْا يموتو ن .. لينجوَ شعبٌ من الأخطار
...
أنا في الشام ، أستقي من جراح الضاد لحناً مضرّج الأوتارِ
تركته عمانُ هَدرةَ بركان بصدري ، وغمغماتِ انفجار
وثبتي وثبةُ العروبة لا رو ضي يطيق الدجى ولا أطياري
ودمائي على شواطئ مصرٍ في الميادين ما تزالُ شعاري
لي على النيل ماردٌ عربيّ وحياةٌ تمور كالإعصارِ
وميامينُ من بقايا سيوف الله مسلولةً على الادهار
ساعدٌ لاقتلاع أعمدة الذل ، وزند لشامخات الفخار
لي على الشام قلعةٌ من صمودٍ تتحدى مطامح الأشرارِ
يلطم الغدرُ عن يمينٍ جناحيها فيهوي مغفّراً عن يسار
لي على القدس صامدون ، ولو جُنّ جنونُ المستعمر الغدار
لي غدي .. مثلما تبلّج وجه الصبح عن ألف روضةٍ معطار
لي جمالٌ ، وبور سعيد ، ولي شعـ ـبي ، ودقّي يا عاصفات جداري
...
مصرُ ، يا مصر ، يا حنيني إذا رجَّعتُ يوماً قصيدة الثوار !
يا كفاح الضياء يزرعُ في الأرض شموساً عبر الدجى ودراري !
يا عرين النسور ترتد عنه أضلعُ المعتدي زَرِيّ نثارِ
يا سرايا عمروٍ حداها صباح البعث "عمروٌ"* لمطمح جبّارِ
هذه أمتي ، جناحاك يا مصرُ ، فشدِّيهما على الأخطارِ
يقصرُ الحاقدون عنك فيرمون حواليك باللظى والشرارِ
أنتِ ، أنت الطعين في الشام ، في عمان ، في كل موكبٍ هدّارِ
قهقهي للدجى ، ولُمِّي على النسر فراخ الصقور ، والأثمار
هذه أمتي ، جناحاك للثأر ، وقومي: متى يدمدم ثاري ؟
|
|
|
03-12-2009
|
#17
|

الليل في بكين
الليلُ .. أعماق تناديني ، وصمتٌ يحلمُ
وشرفةٌ يلفني فيها سكون ملهم
وخطواتٌ في الطريق حلوةٌ ، تتمتم
صمتٌ ، كأعماق الحضارات ، وشيء مبهم
يذوب سحراً في دمي ، قصيدةً لا تُنتظَم
يا ليل .. اندى لغةٍ أنت هنا ، وارخم
بكين .. كونٌ حالم وشاعرٌ مستسلمُ
...
أحب هذا العَبَق الساري كعطر الأبد
يهمس في سمعي حكايات الهوى في بلدي
الشارعُ الساجي أمامي، والفضاءُ العسجدي
والصمتُ في "بكين" وشوشات لحن غردِ
يذوبُ في رقته امسي ، ويومي ، وغدي
يا وطنَ الصفاءِ ، يا حلم السماوات الندي
أيّ العيون يَرِدُ الشاعرُ والشعر الصدي !
...
بيني وبين الأهل والديار ليلٌ يزخرُ
ونجمةٌ تضيع في الأفق ، وأخرى تزهرُ
وموجة من الحنين في السكون تهدر
ويرتمي حولي جناحٌ وادع معَطّرُ
يضمني ، فالشرفة السمراء لحن مسكر
بكين .. هذا الصمت ، هذا الليل ، هذا القمرُ
أنت التي سكبته دفقةَ وحْيِ تسحَرُ
...
لُمّي جناحيكِ على السرّ الكبير الوادعِ
للفتنة البكر جناحاك ، وللروائع
إني على الشرفة رفّاتُ خيالٍ ضائع
وأنت يا بكين ملءُ القلب ، ملءُ السامع
يا حلوة المساء ، يا ساحرة المطالع
نحن أليفان هنا .. وهذه مراتعي ،
وللنفوس المظلمات كل بعدٍ شاسعِ
...
إنا أليفان ، تلاقينا ، فكان شاعرُ
وعالمٌ حلوُ الرؤى يعب منه الخاطرُ
وأومأ الحبّ ، فذاب ناظرٌ وناظر
وضمنا في نشوةٍ ركبُ الحياة الظافر
بكين .. هل تنسين ؟ إني أبداً لذاكرُ !
الشرفةُ السمراء ، والليل العميق الساحر
غداً ، إذا لجّ بنا البينُ ، وغاب السامر
قولي : هنا طاف الهوى ومرّ يوماً شاعر
|
|
|
03-12-2009
|
#18
|

نعمة الصبح
إلى الأخوة العرب .. رسل الثورة والوحدة .. من مصر..
....
ألينابيع ، فانعمي بالضياءِ واستقي يا مدارج الشهداءِ !
موجتي .. ألقت الشراع على الشام ، ورفّت على العيون الظماءِ
نعمةُ الصبح أن تلمّ بأرضي خطواتُ الحرية الحمراءِ
والمنى الخضْرُ .. أن أُمدّ جبيني للضحى من عروبةٍ وإخاءِ
ظمئتْ كل حفقةٍ من ضُلوعي وشكت كلّ قطرةٍ من دمائي
وتململتُ .. ألفُ جرحٍ بصدري وتحفّزت .. رحبةٌ أجوائي
بين جنبيّ أمتي ، تزرعُ الدرب جراحاً هدّارة الأصداءِ
وعلى كل مطلعٍ عربيٍ مزقٌ من ضحيةٍ ، ونداءِ
ألسؤال الظمآن .. يحترق الشو قُ حنيناً لرجعه الوضاءِ
والدويّ العنيد .. في فم شعبٍ إسمعيه يا مصرُ دامي الرجاء
أتعودين ؟ والعروبة ترنو قبل إرساءِ وحدتي وبنائي !
...
بالضحايا يا مصر ، بالمزَقِ الحمرِ على كل ساحةٍ للفداءِ !
بدماء الثوار تنزفُ ناراً وضياءً ، بشهقة الأبرياء
بالألوف المنشَّرين على الدرب جُزازات خيمةٍ سوداءِ
بنجيعٍ ، ما زال في بور سعيدٍ أَلقٌ منه عابقٌ في الفضاء
بالصناديد في الجزائر يَلقون دمارَ الجحيم باستهزاء
ببقايا من شِلْوِ حيفا ويافا مدّها المجرمون للأعداء
بعُمانٍ يا مصرُ ، بالجبل الأخضر يُبلي في النار مرّ البلاءِ
لا تعودي .. إلا على الوحدة الكبرى .. مللنا السرى على الأشلاء
...
الينابيع .. هدرة المغرب الدامي تهز العروق في الزوراءِ
موجةٌ ، كل خائنٍ زبَدٌ فيها ، وكل انتكاسةٍ رعناءِ
موجة الثورة المضيئة يا مصر ، وأنتِ الحداء تلو الحداء
يتحدى سناكِ غمغمة الليل ، مجيداً هزيمة الظلماء
إسفحيه ، فالنبع غير ضنين واغمري كلّ جبهةٍ سمراءِ
الكسيح الجبان .. باقٍ على الدرب ، فمرِّي بنا على الجبناء
وعروشُ العبيد .. في حمأة العار دعيها تلْعقْ خُطى الدخلاء
قدرٌ .. أن نطل كالشمس شعباً عربياً موحّد الأرجاء
قَدَرٌ .. أن نَمُرّ فوق الأعاصير ونمشي بالنصر فوق الفناء
...
أيها الوافدون ، والنشوة البِكرُ تهز الدروب قبل اللقاء
نفحةٌ ، في ظلالها ألمح الأجيال رفافةً من الصحراءِ
ألمح النيل .. ماج في كل صدر عربيٍّ دنيا من الكبرياء
ألمح الفارس الذي يصنع التا ريخ نوراً في زحمة الأنواء
بسوادِ العيون طيف جمال والميامين من سيوف السماءِ
زرعوا النصر في شفاه الملايين نشيداً مخضّباً بالإباء
يستبد الدجى ، فتبسم مصرٌ بسمة البعض خالد الألاءِ
...
يا رفاق الكفاح .. والأرض حولي خفقةٌ من محبةٍ ووفاء
التراب الذي يَلُمّ خطانا صرخةٌ تستجير بالأنبياءِ
من فلسطينَ ، من عمان ، من الاهـ راس ، من كل شهقةٍ خرساء
من ضمير التاريخ ، تاريخنا الفذ ، معينِ الأبطال والأنبياء
من غدٍ مشرقٍ كأنّ يمينَ الله تسقيه وحده بالرّواء
صرخةٌ أن نعود ، نعطي رحابَ الأرض ، حنّت رحابها للعطاء
صرخةٌ أن نعود .. فالكون ظامٍ من جديدٍ .. لدفقةٍ سمحاءِ
...
ما لرعد الطغاة يهزم حولي وحشود العبيد تنزو إزائي !
فقدَ اللص رشده حين مَزّقنا قناع الجريمةِ النكراءِ
وتركناه عارياً يتلقّى من شفاه الدنيا سياط ازْدِراءِ
كيف نرضى .. ونحن نجتث جّذْراً إثرَ جّذْرٍ منا بقايا الداءِ !
كيف نرضى ، وقد تفجرت الأر ض حواليه بالشموس الوضاءِ
ليس يؤوي اللصوص إلا ظلامٌ حالك اللون ، أغبر الأجواء
ألضحى للشعوب ينطلق الأحرار فيها كدفقةِ الأضواء
ألضحى .. للمواكب السمر من شعـ ـبي تشقُّ الطريق للعلياء
ألضحى .. للممزقين على الصخر بأرضي مخالب الرقطاءِ
نحن في ساحة النضال صمودٌ عربيّ ، مصمِمٌ كالقضاء
نحن ماضون .. فانعقي يا أعاصير ولمّي العبيد للإصغاء
وطني ، مدرج العبير ، سليه ألف غازٍ طوى ، وألف اعتداء
أللواء الخفّاق في بور سعيدٍ يتحدى على ذرى الشهباءِ
|
|
|
| | | | | | | |