مدونة رمضانيات متجدد

كيف كان يستقبل رسول الله رمضان؟ كان صل الله عليه وسلم- لا يصوم حتى يرى الهلال رؤية محقَّقة أو بإخبار العدل أو بإكمال عدّة شعبان ثلاثين يوماً. وكان صل الله عليه وسلم- يكتفى بشهادة الواحد، وفى هذا حجَّة على قبول خبر الواحد. وثبت أنَّ الأمة صامت برؤية أعرابى جاء من البادية فأخبر النَّبى صل الله عليه وسلم- أنَّه رأى الهلال فأمر صل الله عليه وسلم- بلالاً أن يؤذن بالصيام. وكان صل الله عليه وسلم ينهى أمَّته أن تتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين احتياطاً وتعمقاً إلا أن تكون عادةً لأحدهم؛ لذلك نهى عن صيام يوم الشك. وكان صل الله عليه وسلم يبيُّت النيَّة من الليل قبل الفجر، وأمر أمَّته بذلك. وهذا الحكم من خصوصيات صيام الفريضة، أمَّا صيام النافلة فلا يشمله هذا الحكم. وكان صل الله عليه وسلم- لا يُمسك عن الأكل والشرب والمفطرات حتى يرى الفجر الصادق رؤية محقَّقة عملاً بقول الله تعالى: {وكلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}. وبيَّن صل الله عليه وسلم- لأمته أن الفجر فجران صادق وكاذب، فالكاذب لا يُحرم طعاماً ولا شراباً ولا جِماعاً، ولم يكن صل الله عليه وسلم يُشدِّد على أمَّته فى رمضان ولا فى غيره، فلم يشرع لهم ما يسمى- بغير حق- أذان الإمساك. وكان صل الله عليه وسلم يُعجل الفطور ويؤخر السحور، ويأمر أمَّته بذلك قائلاً: «لا تزال أمَّتى بخير ما عجَّلوا الفطور». وكان بين سحوره صل الله عليه وسلم وقيامه لصلاة الفجر قدر قراءة خمسين آية. أمَّا أخلاقه صل الله عليه وسلم فحدِّث عن حُسنها ورِفعتها ولا حرج؛ فقد كان – صل الله عليه وسلم أحسن الناس أخلاقاً، كيف لا وقد كان خلقه القرآن، كما وصفته أم المؤمنين عائشة. وقد أمر صل الله عليه وسلم- أمَّته بحُسن الخُلق خصوصاً للصائمين منهم فقال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه». وكان يتعاهد أهله ويُحسن عشرتهم فى رمضان أكثر من غيره. وكان لا يمنعه الصيامُ من تقبيل أهله ومباشرتها وكان أملك الناس لإربه. ولم يكن يدع السِّواك فى رمضان وغير رمضان؛ يطهِّر فاه ويُرضى ربَّه. وكان صل الله عليه وسلم قد احتجم وهو صائم، ورخَّص بالحجامة للصائم وكان صل الله عليه وسلم يُجاهد فى رمضان، ويأمر أصحابه بالفطر ليقْوَوا على ملاقاة عدوِّهم. ومن رحمته صل الله عليه وسلم- بالأمَّة أن رخَّص للمسافر بالفطر، وللمريض، والشيخ الفانى، والمرأة العجوز، والمرأة الحامل أو المرضع، فيقضى المسافر، ويُطعم الشيخ الفانى والحامل أو المرضع. وكان يجتهد فى العبادة والقيام فى رمضان ما لا يجتهد فى غيره، خصوصاً فى العشر الأواخر يلتمس ليلة القدر. وكان يعتكف فى رمضان خصوصاً فى العشر الأواخر واعتكف فى العام الذى توفى فيه عشرين يوماً، وكان لا يعتكف إلا صائماً. وأمَّا مدارسته للقرآن: فلم يكن أحد يجتهد اجتهاده، وكان جبريل يلقاه فيدارسه القرآن فى رمضان لأنه شهر القرآن. وأمَّا جوده وكرمه فى رمضان فلا يوصف؛ فقد كان صل الله عليه وسلم- كالريح المرسلة بالخير لا يَخشى من ذى العرش إقلالاً. وقد كان صل الله عليه وسلم- أعظم المجاهدين ولم يمنعه الصيام من المشاركة فى الغزوات، فقد غزا ستُّ غزوات فى تسع سنين سنواتٍ، كلها فى شهر رمضان، والخلاصة: أن شهر رمضان شهر اجتهاد وجهاد وتضحية فى حياة الرسول صل الله عليه وسلم وليس كما يفهم (ويفعل) كثيرٌ من المسلمين زماننا أنه شهر دعةٍ وكسل وخمول وبطالة!! فاللهم وفِّقنا لاقتفاء أثره نبيَّك صل الله عليه وسلم وأحيينا على سنَّته، وأمَّتنا على شريعة.