المجرور الطائفي أصله ونشأته

المجرور الطائفي أصله ونشأته
ذكر الشيخ محمد سعيد آل كمال رحمه الله بقوله: (إن أول من عرف فن لعبة المجرور هم أهل قرية السلامة ثم انتقلت لعبته إلى أهل وادي قرن) , فقرية السلامة تعرف منذ نهاية العصر الأموي وبداية العصرالعباسي فقد ذكر الهمداني المتوفى سنة 343هـ في صفة جزيرة العرب مانصه : ( وفي قبلةالطائف حائط أم المقتدر الذي يدعى سلامة ) - أي بما يعرف بمسمى بستان وكلمة بستان كلمة فارسية معربة والأولى أن نقول حائط أو مزرعة – أي مزرعة أم الخليفة المقتدرالعباسي بينما أرجح انه كان لأم الخليفة أبي جعفر المنصور الذي عاش بين سنتي (95-158هـ) لأن أم الخليفة المقتدر تسمى غريب وقيل شغب بينما أم الخليفة المنصورتدعى سلامة على ما ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء ص350,240 ثم تحول الحائط إلى قريةفقد ذكر العجيمي المتوفى سنة 1113هـ في إهداء اللطائف من أخبار الطائف عن قريةالسلامة ما نصه : ( قرية السلامة وهي كثيرة البيوت والبساتين وبها عين ولا أعلم متى كان ابتداء عمارتها , إلا أنها كانت معمورة في أوائل القرن التاسع وبها كان ينزل أعيان مكة وفضلاؤها بل غالب أهلها , ثم خربت في حدود الثمانين , وتحول أهلها عنها , ولم يبق منهم إلا القليل , و انهدمت بيوتها في مدة يسيرة وصارت عبرة ولاحول ولاقوةإلا بالله العلي العظيم ) , وفي موضع آخر ص80قال عن مسجد الريع : (مسجد الريع المشرف على السلامة ) وهو ما يعرف الآن بباب الريع والمسجد بمسمى مسجد السنوسي شرق مبنى بلدية الطائف القديم بجبل ابن منديل من الخدام , وفي موضع آخر ص81 قال عن مسجد هبة : ( ومنها مسجد يقال له مسجد هبة في طرف السلامة ) وهو بجوار مزارع ابن حريب وذوي عمر آل كمال سابقاً , وتعرف الآن قرية السلامة بمسمى محلة أو حي السلامة وحدودها في الوقت الحاضر من الشرق الطائف القديم داخل السور ومقبرة ابن عباس التي تعرف باسم(القوز) , ومن الغرب قرية الآبار (قروى) وجبل أم السكارى , ومن الشمال القشلة مجمع الدوائر الحكومية الآن والسهل الأفيح الذي يعرف في السابق بمصلى العيد ثم الآن الجامع الكبير ومن الجنوب وادي وج , ونرى سكان هذه القرية في السابق بني هاشم و قريش مثل آل الشيبي وبلادهم تعرف بالشيبية والمحجوب نسبة إلى السيد عبد الله إبراهيم المرغني المحجوب الحسيني المتوفى سنة 1193هـ وبه زاويته ومسجده المعروف بمسجد المحجوب بجوار العمدة الفتة وغيرهم من أبناء قريش , والنغور من الحمده من ثقيف على ما ذكره العز ابن فهد في بلوغ القرى في حوادث سنة 916هـ جـ3 ص1748 والجزيري في الدرر الفرائد جـ3 ص1798 إذاً نستنتج مما قاله الشيخ محمد سعيد آل كمال رحمه الله أن فن لعبة المجرور بدأت في السلامةعلى يد الشعار الأشراف ومواليهم من أثرياء مكة المكرمة بدليل أسماء هؤلاء الشعار كالشاعر الشريف علي باشا , والشريف عبد الله باشا , والشريف (يحيى عدنان) بن أحمد , والشريف عبد الله بن هزاع من آل عون , والشريف ناصر الغالبي , والشريف حمزة الغالبي , والشريف محمد بن منصور الفعر رحمهم الله جميعاً ثم انتقلت هذه اللعبة إلى جيرانهم من ثقيف على ما ذكره الشيخ محمد سعيد آل كمال رحمه الله حيث قال أنها انتقلت هذه اللعبة إلى أهل وادي قرن (أي قرن المنازل ) وتعرف الآن باسم وادي محرم ونرى سكان هذا الوادي من علوه قريش ثم النمور من ثقيف ثم طويرق من ثقيف .....إلخ , وللشيخ محمد سعيد آل كمال مخطوط حول فن لعبة المجرور وللأسف الشديد أطلع عليه أحد تلامذته المشهورين فنراه بعد موته يكتب ويتحدث عن هذا الفن ولم يشر إلى شيخه لا من قريب ولامن بعيد والشيء نفسه حدث في شعر بديوي الوقداني في المملكة العربية السعوديةوخارجها بل في الطائف ألف أحد أبناء وقدان كتاباً عن شعر بديوي ولم يتطرق هذا المؤلف لمحمد سعيد آل كمال وجهوده في جمع هذا الشعر من الضياع , ولأنس ابن الشيخ محمد سعيد آل كمال كتاب السفينة فيه بعض أشعار هذا الفن حيث ذكر في ص28 رواية عن الشريف محمد بن منصور النجدي ما نصه : (أنني أعتقد أنه من الألعاب الإفريقية التي دخلت الحجاز مع أصحابها الأفارقة منذ القديم – كلعبة المزمار التي دخلت الحجاز من مصر على ما أعتقده وبدليل أن المزمار لا زال معروفاً في مصر حتى الآن وصلت الحجاز بمصر وارتباطه بها في القديم معروفة وترتقي إلى عهد الفاطميين , وأما الذي ذهبت إليه في أصل المجرور ورجحته كما ذكرت آنفاً لإستئناسي بأنه كان لا يلعبه في القديم إلا الموالي من الأفارقة المستعربين ....إلخ) ثم أصبح المجرور من أشهر الألعاب الشعبية في الحجاز ومن أبعدها ذكراً وصيتاً وبالأخص في منطقة الطائف التي تعتبر موطنه ومنطلق شهرته